Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

المشهد الأول

 

ربع ساعة قبل العرض.

حبل اضاءة مع لامبات ملوَّنة- كتلك التي تستعمل في الاحتفالات والأعراس- يضيء ساحة أمام مقهى علّق عليه آرمة كتب عليها "مقهى يعقوب". باب المقهى مغلق. أمام الباب كرسي يجلس عليه رجل أعمى "حسن" تجاوز  الثلاثين يلبس نظارات سوداء داكنة ويمسك بيده اليمين عصاً من قصب وعلى رجليه وضع عودا. يلبس جلابية وشبشباً.

حسن يضرب بعصاه الارض بايقاع يعود على نفسه يدل على انه منزعج بعض الشيء.

يبدأ الجمهور بالتجمع حوله امام المقهى فيزداد انزعاجاً وتزداد ضربات العصا ويتسارع الايقاع.

نسمع صوتاً من بعيد تظهر اثره "سعديّة النورية" تشق الجمع حتى تصل لحسن... سعدية تلبس ملابس رثة وقبعة... يظهر عليها الذكاء... تحمل شنطة في يدها اليمين...

 

سعديّة: سمع سمع سمع... يا ناس يا هو...

يا هوا تعوا...

يا سامعين الصوت يا عربان...

انا سعديَّة النورية

افتح الطريق يا فهمان...

مرحبا يا حسن...

 

حسن: وينك لاسّا؟!!

 

سعديّة: ليش شو في؟!

 

حسن: علقة غير شكل، فش عندي ضيف  يسلّي  الزبائن الليله... راح يطحيني من الشغل ابو

الشوارب..

 

سعديّة: (تضحك) ولا تهكل هم... راح يكون عندك ضيف من اللي  بحبهم  قلبك... اكلت ولا

لسَّا...

 

حسن: من وين بدي آكل... لسَّاتني على عشا امبارح...

 

سعديّة: ملعون يسطحوا معلمك ابوشوارب... بدو يضعْفك اكثر من هيك؟! انا بورجيه... طول

العود لاقلك...

 

حسن: بلَّشنا لعب... احنا مش قدُّه يا سعديّه.

 

سعديّة: (متجاهلة كلامة... للجمهور بعد ان تقوم بخلع قبعتها)

يا ناس وين الحر بينكم يْعيْنَا على غدرات الزمان... هذا حسن عماه الذل من مهد عيس وعهد لقمان....

وانا سعديّة النورية

بنتا لسعدا

وبنت سعدان

في كل مطرح بتلاقونا

منكون في كل الالوان...

الوطن في خطر والجوع قتال

مد ايدك عجيبك واكرم

فالكرم من شيم النساء... والرجال...

(تقوم بلم النقود من الناس)

 

حسن: ولك يا سعديّة انت شو عم بتساوي...

 

سعديّة: شد اوتارك يا حسن وغني يا ليلي وناجي ليلك... افهمها عاد...

اذا كان دهرك سافل

من السافل اكسب قوتك...

(للجمهور) عفوا يا جماعة الخير... القصد مش لالكم... القصد لابو شوارب يللي حرم حسن من الاكل... شوفو كيف صار... زي قصب الضريط... مْشَغْلُه بالسخرة... انا بورجيه...

يلا يا حسن غنِّي للغلابة اللي زينا واكسح لمفطسين يللي كروشُُُهُم من أَمَامِهَمْ وكُرُوْشُهم من خلفهم... (ضاحكة) "ومن يُشُابه كرشَه ُ ما ظَلَم"... لعن الله الملوك والشيوخ والخدم... (لحسن) اعزف وغني يا بجم...

 

حسن: (يعزف)...

 

سعديّة: (تلف بين الجمهور تجمع النقود وتلعب العابا سحريّة)

قِمَمْ قِمَمْ قِمَمْ

مِعْزَى على غَنَم

جَلاَلةُ الكَبْشِ

على سُمُوِّ عَنْزَةٍ

عَلَى حِمَارٍ بِاْلقِدَمْ

قِمَمْ قِمَمْ قِمَمْ

مِعْزَى على غَنَم

 

حسن: يغني المقطع... (بينما تقوم سعديّة بجمع النقود وصنع السحر).

سعديّة: لا... وَلَنْ... وَلَمْ

وَتَبْدأُ الجَلْسَةُ

وَنَهْيٌ فِدا  خِصَاكُمْ سَيِّدِيْ

والدُّفْعُ كَمْ ؟

لا... وَلَنْ... وَلَمْ

مِعْزَى على غَنَم

 

حسن: يغني المقطع... (بينما تقوم سعديّة بجمع النقود وصنع السحر).

 

سعديّة: وعَنْزةٌ مُصَابةٌ

بِرعْشَةٍ مُصَابةٌ

بالَتْ نَفْسَها بَالتْ

في وَسَطِ القاعَةِ بَالتْ

فأُعجبَ الحُضور...

ونَفَخُوا بالزُّمُور...

 

حسن: يغني المقطع ويتابع (بينما تقوم سعديّة بجمع النقود وصنع السحر).

وعَنْزةٌ مُصَابةٌ

بِرعْشَةٍ مُصَابةُ

بالَتْ نَفْسَها بَالتْ

في وَسَطِ القاعَةِ بَالتْ

فأُعجبَ الحُضور...

ونَفَخُوا بالزُّمُور...

َصفََََََََّقُوا وحَلَّقُوا

وحَلَّقُوا وَصفََََََََّقُوا

بَالَتْ ثَانِيَة ً بَالَتْ

واّسْتَعَرَ الهُتافْ

حدَّقُوا وحَلََََّلوا

وأَجَّلُوا وَمَحَّصُوا

وَمَصْمَصُوا

وشَخَََّتِ الذ ٌمَمْ.

قِمَمْ قِمَمْ قِمَمْ

مِعْزَى على غَنَم

 

سعديّة: ( تقوم سعديّة بجمع النقود وصنع السحر وتردد)

قِمَمْ قِمَمْ قِمَمْ

مِعْزَى على غَنَم

 

حسن: (يتابع الغناء)

مَضْرَطَةٌ لَها نَغَمْ

مِنَ المُلُوكِ

        والشُّيُوخ ِ

        والخَدَمْ.

 

مع نهاية الاغنية يفتح باب المقهى ويظهر يعقوب صاحب المقهى, يلبس ملابس النادل ويضع منشفة على كتفه الايسر وكاميرة معلقة في عنقه.

 

يعقوب: شو هذا يابا... شو هالشوشرة يللي عملِّي اياها على باب قهوتي يا حسن...

 

حسن: (يعزف)...

 

سعديّة: انت مالك ومالنا احنا حرين شو نعمل...

 

يعقوب: آها... اسا فهمت... سعديّة النوريّة جاييتها السيعة الرحمانية...

وين ضيفك المصون يا حسن؟!!

 

سعديّة: بيجي كمان شوي...

 

يعقوب: آها... وصار عِنْدَك ناطق رسمي يا حسن... وشو هذا يللي عم تعملية حضرتك؟

شو معبية بها الطقية يا سعديّة؟!

 

سعديّة: شحدت من الزباين شويِّة مصاري على شان اشتري عشا لحسن يا واطي ...

 

يعقوب: هيك لكان... (يهجم عليها ويتعارك معها... يخطف قبعتها ويسلب النقود التي جمعتها  

ويدسها في جيبه ثم يرمي بالقبعة نحوها )

 

سعديّة: (خلال العراك) اتركني يا حرامي... يا واطي... يا كلب...

 

يعقوب: أي بدي ارفش في بطنك يا نوريّة... انت بدك تعمليلي  زي  شحادين  برَّا وتشحدي 

على باب قهوتي يابا؟! اي بدي العن ابو ابوه اللي جابك على بلدنا...

 

سعديّة: (تضحك) يعقوب بسب الجيش... يعقوب سب اليهود...

 

يعقوب: سكري نيعك يا مجنونة... انقلعي قلعة تقلعك... (يهجم عليها)

 

سعديّة: (تهرب منه مردِّدة) يعقوب بسب الجيش... يعقوب سب اليهود...

 

يعقوب: (يعود لحسن) لا  يمك  هيك... بدها  تلبسني  تهمة  امنية صاحبتك... ما  احنا  كافيين

العالم شرنا من 53 سنة... منمشي الحيط الحيط ومنقول يا ربنا السترة... انا ويمتا سبِّيت الجيش يابا... ها؟!

(للجمهور): سمعتوني سبِّيت اليهود يابا؟

(لحسن): سمعتني سبّيْتِ اليَهود؟!

 

حسن: (يتوقف عن العزف) بعرفش؟!

 

يعقوب: (يصفن) اي روح انت الثاني...

(للجمهور): مننهزم من عزرايين بتلقانا قباض الرواح  اتفضلوا يابا...

( لحسن ): فش اتفوت على القهوة بلا ما ييجي ضيفك معك .

(للجمهور): اهلا وسهلا اتفضلوا... المقهى وصاحبه يعقوب برحبوا فيكو...

يا عمي استروا عما شفتو مننا...

اهلاً وسهلاً فيكُم في مقهى الشعراء لصاحبه يعقوب المصور راعي المثقفين والأدب والفكر.

أهلا وسهلا بكم يابا...

كل ما يلزم التفكير والإبداع والشهرة من مشروبات سائلة وغازية... مصٌ، شفط ُ وشمٌ بتلاقوه عند يعقوب المصوّر...

قهوة، شاي وأراغيل وكل شي بخمسة ما عدا الأرغيلة بعشرة... أهلا وسهلا بكم، يابا...

(حسن يبقى خارج المقهى)

 

المشهد الثاني

 

صفحة قصائد للشاعر مظفر النواب

https://www.angelfire.com/mn/modaffar