الحمد لله والصلاة و السلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد و على آله و صحبة أجمعين، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، آما بعد.
يتناول هذا البحث شخصية الكاتبة والباحثة عائشة عبد الرحمن و التي تعتبر من اشهر الشخصيات الأدبية المعاصرة وذلك لما لهذه الشخصية من مكانة عالية وأثر كبير في عالم الأدب والتأليف، وذلك على مستوى العالم العربي كله.
وقد اختيرت هذه الشخصية كموضوع لهذا البحث وذلك لإبراز الدور الإيجابي للمرأة في المجتمع وأثرها على الحركة الأدبية والذي يجهله الكثيرون من الناس.
وقد تناول هذا البحث حياة الدكتورة عائشة عبد الرحمن من عدة جوانب، ففي البداية تحدثت عن مولدها ونشأتها ثم انتقلت إلى مسيرتها التعليمية وفيها ذكرت أهم الشهادات والدرجات العلمية التي حصلت عليها بنت الشاطئ، ثم تحدثت عن حياتها العملية وقد ذكرت بالتفصيل أهم المراكز التي تبوأتها في حياتها، ومن ثم انتقلت إلى التحدث عن أهم وأشهر مؤلفاتها في عالم الأدب والمنهج الذي سلكته في حلها للقضايا الأدبية ودفاعها عن الإسلام، وتناولت بعد ذلك وصفا لأحد أعمالها الأدبية حيث شرحت أسلوبها في الكتابة، وبعد ذلك انتقلت إلى ذكر أهم الجوائز الدولية التي نالتها تقديرا على عملها، واختتم بحثي بالحديث عن وفاتها. وختاما أرجو من الله التوفيق والنجاح. مولدها و نشأتها:-هي عائشة محمـد عبد الرحمن المكنات ببنت الشاطئ، الكاتبة المصرية والباحثة والمفكرة والأستاذة الجامعية في الأدب العربي، ولدت في السادس من نوفمبر عام 1913 وذلك في مدينة دمياط بشمال دلتا مصر، و هي من بيت علم وعلماء، فقد كان والدها عالماً من علمــاء الأزهر، وقد تربت على يديه تربية إسلامية صحيحة، فنهلت من جلسات الفقه والأدب التي كان يقيمها والدها كما حفظت القرآن الكريم في مدارس القرآن المسماة بالكتاتيب والتي كانت منتشرة في القرى آن ذاك.
: تعليمها
لم يكن تعليم الفتاة متاحاُ في ذلك الوقت، وقليلات هن الفتيات اللواتي استطعن اللحاق بركب التعليم وكانت عائشة واحدة من المحظوظات، على الرغم من أن والدها لم يتقبل الفكرة في البداية إلا أن عائشة استطاعت الالتحاق بمدرسة اللوزي الأميرية للبنات و ذلك بمساعدة جدها لأمها الشيخ إبراهيم الدمهوجي ، ومن هنا بدأت مرحله أخرى من مراحل حياة الكاتبة عائشة بنت الشاطئ حيث أخذت بتخطي مراحل التعليم مرحله تلو الأخرى تنهل من عباب هذا البحر الكبير.
حتى حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929 وذلك بترتيب الأولى على القطر المصري. و من ثم حصلت على الشهادة الثانوية عام 1931م. و لم تتوقف مسيرتها التعليمية عند هذا الحد بل التحقت بجامعة عين شمس وتخرجت من كلية الأدب قسم اللغة العربية، تلا ذلك حصولها علي شهادة الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عام 1941 وفي خلال فترة دراستها الجامعية تزوجت عائشة من أحد فحول الفكر و الثقافة في مصر آن ذاك آلا وهو الأستاذ الجامعي أمين الخولي، وقد أنجبت منة ثلاثة أبناء ، ولم تشغلها مسؤولياتها الجديدة كزوجة و أم عن طلب العلم ، ففي عام 1950م حصلت على شهادة الدكتوراه في النصوص بتقدير ممتاز، وقد نوقشت الرسالة من قبل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.
:حياتها العملية وعملت عائشة في عدة وظائف وتبوأت عدة مناصب مهمة، فعملت أستاذة للتفسير والدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، وبعد ذلك أستاذ كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس من ( 1962-1972 ) بجمهورية مصر العربية،كما عملت أستاذة زائرة لجامعة أم درمان عام 1967 و لجامعة الخرطوم وجامعة الجزائر عام 1968 ولجامعة بيروت عام 1972 ولجامعة الإمارات عام 1981 وكلية التربية للبنات في الرياض( 1975-1983). ودرست ما يقارب العشرين عاماً بكلية الشريعة في جامعة القرويين بالمغرب في وظيفة أستاذة للتفسير والدراسات العليا. كما شغلت عائشة عضوية مجموعة من الهيأة الدولية المتخصصة ومجالس علمية كبيرة مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر ، و المجالس القومية المتخصصة ، و المجلس الأعلى للثقافة، كما كانت أيضاً أحد أعضاء هيئة الترشيح لجوائز الدولة التقديرية بمصر.: إنتاجها الأدبي
إلى جانب كل هذا كانت الدكتورة عائشة أديبة و ناقدة وهي صاحبة إنتاج أدبي غزير ومتنوع في الدراسات القرآنية مثل ( التفسير البياني للقرآن الكريم) و( الإعجاز البياني للقرآن) و تراجم سيدات آل البيت النبوي ومنها بنات النبي ، نساء النبي ، أم النبي ، السيدة زينب ، عقلية بتي هاشم ، السيدة سكينة بنت الحسين. كما تطرقت لدراسة الغزو الفكري من خلال (الإسرائيليات في الغزو الفكري) و هي إحدى مؤلفاتها ، كما قامت بتحقيق الكثير من النصوص والوثائق و المخطوطات ، ولها أيضاً دراسات شتى في المجالات اللغوية و الأدبية مثل : نص رسالة الغفران للمعري، والخنساء الشاعرة العربية الأولى، ومقدمة في المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي ،وقد نشر لها العديد من البحوث المنشورة ومنها المرأة المسلمة ، و رابعة العدوية، والقرآن وقضية الحرية الشخصية الإسلامية، و من الأدبيات و القصص لها ذخيرة كبيرة مثل: على الجسر، الريف المصري، سر الشاطئ، وسيرة ذاتية وقد سجلت فيه طرفًا من سيرتها الذاتية فتحدثت فيه عن طفولتها على شاطئ النيل ونشأتها و أيضا جاءت على ذكر زوجها الراحل ونعته في هذه السيرة الذاتية بكلمات رقيقة. ولم يتوقف الإنتاج الأدبي للدكتورة عائشة عند هذا الحد بل كانت أيضاً تكتب للصحف والمجلات، فبدأت الكتابة، وهي في سن الثامنة عشر في مجلة النهضة النسائية وقد كانت تكتب تحت اسم (بنت الشاطئ)، وهو اسم مستعار مستمد من ذكرياتها و لهوها علي شاطئ النيل وقد فضلت كاتبتنا آن تستتر ورائه نظراً لشدة محافظة عائلتها آنذاك، وبعد ذلك بعامين فقط بدأت الكتابة في جريدة الأهرام المصرية، وهي تعتبر من أعرق الصحف اليومية العربية، فكانت بنت الشاطئ ثاني امرأة تكتب بها بعد الأديبة مي زيادة، وكانت لها مقالة طويلة أسبوعية حيث بقيت تكتب للأهرام حتى وفاتها فكانت آخر مقالة نشرت لها في تاريخ 26 نوفمبر 1998 وكانت بعنوان (علي بن أبي طالب كرم الله وجه).وقد تبنت الدكتورة عائشة عدة قضايا في حياتها خاضت بسببها العديد من المعارك الفكرية، فأخذة على عاتقها الدفاع عن الإسلام بقلمها فوقفت ضد التفسير العصري للقرآن الكريم ذوداً عن التراث، كما دعمت تعليم المرأة بمنطق إسلامي.التفسير البياني للقرأن الكريم
هو أحد مؤلفات عائشة بنت الشاطئ، ويتكون هذا الكتاب من جزأين ظهرت الطبعة الأولى منه سنة 1962م وكان من المؤهلات التي نالت بها أستاذ كرسي اللغة العربية وأدبها بجامعة عين شمس، وقد أهدت بنت الشاطئ هذا الكتاب إلى أستاذها وزوجها الإمام أمين الخولي. تناولت بنت الشاطئ في هذا الكتاب تفسير السور القصار من القرآن الكريم وذلك من وجهة نظر خاصة، حيث فسرت ألفاظ القرآن الكريم من الناحية اللغوية فقد قدرت أن العربية في لغة القرآن فعملت على تلمس الدلالات اللغوية الأصلية التي تعطينا حس العربية لمادة القرآن الكريم في مختلف استعمالاتها الحسية والمجازية، ثم انتهت بتلخيص ملامح الدلالات القرآنية باستقراء كل ما في القرآن من صيغ الألفاظ وتدبير سياقها الخاص في الآيات والصور. وقد تميز أسلوبها في هذا الكتاب بوضوح اللغة وسهولتها، وعملت على الاستشهاد بالكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، وقد قامت بالربط بينها وبين السور القرآنية المذكورة في الكتاب ، كما أوردت آراء بعض علماء اللغة والدين من أمثال الشيخ محمد عبده والحسن البصري والزمخشري.: جوائزها
حصلت الدكتورة عائشة على الكثير من الجوائز منها جائزة الدولة التقديرية للأدب في مصر والتي حازت عليها عام 1978م، كما حصلت أيضا على جائزة الحكومة المصرية في الدراسات الاجتماعية، و الريف المصري عام 1956 م، ووسام الكفاءة الفكرية من المملكة المغربية، وجائزة الأدب من الكويت عام 1988م، وفازت أيضا بجائزة الملك فيصل للأدب العربي مناصفة مع الدكتورة وداد القاضي عام 1994م. كما منحتها العديد من المؤسسات الإسلامية عضوية لم تمنحها لغيرها من النساء مثل مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، والمجالس القومية المتخصصة، وأيضاً أَطلق اسمها علي الكثير من المدارس و قاعات المحاضرات في العديد من الدول العربية.
: وفاتها
وفي الأول من شهر ديسمبر عام 1998 رحلت عنا الدكتورة بنت الشاطئ بعد إصابتها بأزمة قلبية أدت إلى حدوث جلطة في القلب و المخ وهبوط حاد بالدورة الدموية، وقد خلفت خلفها ثروة هائلة من الكتب و المؤلفات ألا دبيه التي و إن عبرت عن شئ فستعبر عن جهاد هذه المرأة المسلمة والتي بذلت في سبيل علمها وقلمها الذي كان كالسيف البتار.لذلك ستبقى كتاباتها وذاكرتها قدوة لمن بعدها وعلماً يشير إلى المكانة السامية التي وصلت إليها المرأة المسلمة. وستبقى ذكراها خالدة في أذهان طلابها المنتشرين في كل بقعة من بقاع عالمنا العربي و الذين صاروا أعلاماً في الفكر و الأدب. كما سيهيم طيفها حول كل طالب علم تصفح كتبها أو تبنى أفكارها.الخاتمة
لقد انتهيت في هذا البحث إلى المساحة الكبيرة التي تشغلها المرأة في كافة المجالات، فقد وقفت على أحد أهم الشخصيات النسائية البارزة ألا وهي عائشة بنت الشاطئ، والتي تعتبر علماً من أعلام الأدب العربي ومثال يحتدا به في حبها للعلم، وقدرتها على إثبات وجودها في مجتمع أغلب أفراده لا يعترفون بالمرأة كعنصر منتج.
ومن الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث، عدم توفر المصادر الكافية وبالرغم من ذلك حاولت جاهدة أن أنتقي من هذه المصادر ما يثري بحثي، يوصل الأفكار في أبسط صورة.
وقد أكملت في هذا البحث ما توصل إليه غيري و أتمني لمن سوف يتناول هذا الموضوع من بعدي أن يكمل النقاط التي سهوت عنها، وأقدم شكري و تقديري إلي كل من ساهم في إتمام هذا البحث و إخراجه إلى النور، و الحمد لله الذي هدانا إلى هذا الطريق.
قائمة المصادر و المراجع
Islam on line)).