عُلية بنت المهدي
العباسة أخت الرشيد

علية بنت المهدي

المشهورة بالعباسة

(160- 210هـ = 777- 825 م)

 

إعداد وإشراف : خالد خميس فراج

مشاركة الطالبة : فاطمة عبد الرحمن محمد.

 

اسمها ونسبها :

علية بنت المهدي بن المنصور، من بني العباس، أخت هارون الرشيد، أديبة، شاعرة، تحسن صناعة الغناء، كان أخوها إبراهيم ابن المهدي يأخذ الغناء عنها. وكان مولدها ووفاتها ببغداد.[1]

صفاتها :

  كانت علية بنت المهدي ، من ربات الفضل والأدب والجمال ، فهي من أجمل النساء وأطرفهن وأكملهن فضلا ً وعقلا ً وصيانة، وكان في جبهتها اتساع يشين وجهها فاتخذت عصابة مكللة بالجوهر، لتستر جبينها، وهي أول من اتخذها.

 قال الصولي: لا أعرف لخلفاء بني العباس بنتاً مثلها، كانت أكثر أيام طهرها مشغولة بالصلاة ودرس القرآن ولزوم المحراب، فإذا لم تصل اشتغلت بلهوها،أي الغناء ، وكان أخوها الرشيد يبالغ في إكرامها ويجلسها معه على سريره، وهي تأبى ذلك وتوفيه حقه.

أدبها وشعرها :

ولها "ديوان شعر" وفي شعرها إبداع و متعة. 

سنثبت نماذج من شعرها قريبا  إن شاء الله تعالى .

 

زواجها :

  تزوجها موسى بن عيسى العباسي، وهو الثابت عند الثقات من العلماء ، وقد روت بعض الكتب روايات تضطرب مع ما وصف الصولي- العباسة - وهو ثقة ، من انشغالها بالصلاة والقرآن الكريم . ولو رجعنا إلى كتب التراث والمصادر القديمة، لوجدنا فيها الكثير من الحكايات الشبيهة بهذه الحكاية، فالفضل وجعفر ابنا يحيى البرمكي أسقطا كل حاجز نفسي ومادي بينهما وبين الرشيد على اعتبار أنهما أخويه ووزيريه فأمهما هي التي أرضعت الرشيد وتسمت بأم الرشيد، ولكن الرشيد عندما شب عن الطوق وأحس بخطر المؤامرة على الدين والدولة، رجع إلى ربه محتسبا ومعتمدا وابتعد عن مجالس آل برمك المبتذلة، ونادى أبا يوسف القاضي والليث بن سعد وغيرهما من العلماء الثقات قائلا لهم: انصحوني وقوموني، فو الله إن سيرة جدي عبد الله بن عباس ابن عبدالمطلب هي التي يهفو لها قلبي ويسعى بتطبيقها.

إن قصة زواج العباسة أخت هارون الرشيد من جعفر بن يحيى البرمكي، قصة شعوبية مدسوسة، لا أساس لها من الصحة، بالرغم من أنها ذكرت في بعض المصادر البعيدة زمنيا عن عهد الرشيد معتمدة على إشاعة كاذبة راجت بعد مقتل البرامكة، والعجيب أن هذه المصادر التي ذكرتها أضافت عليها حبكة فنية قد تكون مقصودة أو غير مقصودة، وهي أن الرشيد وجعفر والعباسة يجلسون جميعا في مجلس مبتذل فيه طرب وشراب وتهتك. وألف الكتاب المتأخرون حول هذا الزواج المزعوم بين العباسة والبرمكي الكثير من القصص بعضها لمستشرقين أجانب وبعضها لعرب مثل: (قصة العباسة) للكاتب المصري جورجي زيدان (ومسرحية العباسة) للشاعر المصري عزيز أباظة، وأشار لها الأستاذ منير العجلاني في كتابه (عبقرية الإسلام) حيث يقول: (وتغلب جعفر في النهاية على أمر الرشيد، الذي كان يحبه حبا جما حتى زوجه أخته ،العباسة ـ وكان الرشيد يحب مجلسهما كثيرا ـ وذلك لينعم باجتماعهما في مجلس واحد).فهذا المؤرخ القديم أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310هـ) صاحب كتاب (الرسل والملوك) وهذا عبد الرحمن بن محمد بن خلدون (ت 808هـ) صاحب (المقدمة الشهيرة) التي اكتشف أهميتها الأوروبيون قبل أن نكتشفها وصاحب تاريخ (العبر وديوان المبتدأ والخبر) ينفيان هذا الزواج نفيا قاطعا بالأدلة النقلية والعقلية المعروفة والمنقولة عن سيرة هذا الخليفة الهاشمي العربي المسلم ،هارون الرشيد.ولا تنس أن الوجدان الشعبي يختزن الحقيقة والخيال والوهم والخرافة، يصطنع هذه الأمور بعد حدوث الأحداث الجسام فيختلط الواقع بالخيال والماء بالسراب.[2]  .

 أما الذين ركزوا على قصة العباسة مع جعفر البرمكي ومواقعتها ، فإنهم أرادوا أن يبعدوا الناس عن حقيقة البرامكة ، وأرادوا تشويه الخليفة الرشيد ، ولم يورد المؤرخون الثقات علاقة بين العباسة وجعفر من خلال الروايات التاريخية المحققة ، على وجه الإطلاق ، ومنهم الطبري وابن خلدون وابن كثير في البداية والنهاية ، وغنما أرجعوا سبب نكبة البرامكة وما دفع الرشيد للتخلص منهم ، إلى الأسباب التالية :

1 ـ حادثة يحيى بن عبد الله الطالبي: الذي خرج إلى بلاد الديلم ودعا لنفسه هناك، وبايعه كثير من الناس، وقويت شوكته، وذلك سنة 176 هـ، فأرسل إليه الرشيد الفضل بن يحيى، واستطاع الفضل أن يستنزل يحيى بالسلام على أمان له عند الرشيد، وذلك من غير أن تهراق نقطة دم، وعد ذلك من أفضل أعمال الفضل، وبعد فترة ظهر من يحيى ما أوجب عند الرشيد نقض الأمان، فأمر بحبسه عند جعفر بن يحيى، وفي ذات ليلة اجتمع يحيى مع جعفر، وما زال به حتى أطلقه جعفر وزوده بالمال اللازم لخروجه من بغداد، فوصل الخبر للرشيد، وكان ذلك يعد خيانة عظمى عند العباسيين لشدة خوفهم من الطالبيين، فخاف الرشيد من تآمر آل برمك مع الطالبيين من أجل إقصاء العباسيين، فأمر بقتل جعفر وحبس باقي الأسرة.

2 ـ الترف الشديد: كان البرامكة يعيشون في ترف شديد جدًا، حتى أنهم كانوا يبنون قصورهم ويضعون على الحوائط بلاط الذهب والفضة، وبنى جعفر بيتًا له كلفه عشرين مليون درهم، وكان الرشيد في سفر ذات يوم، فلم يمر على قصر ولا إقليم ولا قرية إلا قيل له: هذا لجعفر، وعندما عاد الفضل من حربه في الديلم أطلق لمادحيه ثلاثة مليون درهم. وهذا السرف جعل الرشيد يتابعهم في الدوواوين والكتابات، فأكتشف وجود خلل كبير في مصاريف الدولة.

3 ـ الفضل بن الربيع: وكان من موالي العباسيين، وكان شديد العداء للبرامكة، ويقال أنه هو الذي سعى بهم عند الرشيد, وأظهر عيوبهم، وغطى محاسنهم، ووضع عليهم العيون، حتى استطاع أن يرصد حادثة هروب يحيى الطالبي عند جعفر، فأخبر بها الرشيد، وزين له أن البرامكة يريدون الخلافة للطابيين.

4 ـ أصل البرامكة: حاول بعض المؤرخين الربط بين أصل البرامكة وهم مجوس، وبين ما حدث لهم على يد الرشيد، فيما أنهم حاولوا إظهار الزندقة، وإعادة دين المجوس مرة أخرى، وأنهم أدخلوا النار في الكعبة حتى تعبد هناك، والذي ساعد على ترويج هذه الفكرة مصاحبة جعفر بن يحيى لبعض الزنادقة أمثال أنس بن أبي شيخ الذي قتله هارون الرشيد بيده، ولكن هذا السبب بعيد المأخذ، ولا  دليل عليه.

5 ـ جيش البرامكة: ولعل هذا السبب هو الأوضح والأقوى مع حادثة يحيى الطالبي، وأصل هذا الجيش كما ذكرنا كونه الفضل بن يحيى من جند خراسان (وتلك البلاد معروفة تاريخيًا بولائها للعباسيين، ولكن ميلهم أكثر للطالبيين وآل البيت)، وتعداده خمسين ألفًا جعل ولاءه له مباشرة دون غيره، ثم استقدم منهم عشرين ألفًا لبغداد وسماهم "الكرنبية" مما حرك هواجس الرشيد، غير أنه لم يتحرك حتى جاءه خبر من والي خراسان علي بن عيسى بن ماهان أن السبب في اضطراب خراسان هو موسى بن يحيى من بغداد، فتحقق الظن عند الرشيد، واجتمعت عنده كل ما سبق من الأسباب، وعندها قرر الرشيد عند رجوعه من الحج، وفي آخر ليلة من المحرم سنة 187 هـ بالإيقاع بالبرامكة، فأمر بقتل جعفر وصلبه على جسر بغداد، وحبس باقي البرامكة في السجون، والاستيلاء على أموالهم وقصورهم وكل ما لديهم وساموهم في السجن سوء العذاب، وتبدل نعيمهم بؤسًا، وماتوا واحدًا تلو الآخر في السجون.

ولقد ظهر من يحيى بن خالد صبر عظيم ورضا بقضاء الله وقدره، ومن عجيب ما يذكر في أسباب هذه الحادثة أن يحيى بن خالد كان يحج ذات مرة، فوقف عند باب الكعبة, ودعا قائلاً: "اللهم إن كان يرضيك عني سلب جميع مالي وولدي وأهلي فافعل ذلك" فكان الأمر كما دعا هو بنفسه، والله أعلم بالعاقبة.

المراجع: 1 ـ البداية والنهاية( 10/204) 2 ـ الطبري (ج4). ا3 ـ محاضرات الخضري ص129. 4 ـ الكامل 5/327. 5 ـ المنتظم 9/130.  6 ـ شذرات الذهب 1/311. 7 ـ الصبر 1/298.[3]

 

أما النص الذي أورده الذهبي وعمر رضا كحالة ، وغيرهما من غير تحقيق فهو ما يلي :

" أما العباسة فقد علقت جعفر، فأخذت تحتال عليه، فكتبت إليه رقعة فأزال رسومها وتهددها وعادت، فعاد بمثل ذلك فلما استحكم اليأس عليها قصدت لأمه، ولم تكن بالحازمة، فاستمالتها بالهدايا من نفيس الجواهر والألطاف وما أشبه ذلك، من كثرة المال وألطاف الملوك، حتى إذا ظنت أنها لها الطاعة كالأمة، وفي النصيحة والإشفاق كالوالدة، ألقت إليها طرفاً من الأمر الذي تريده وأعلمتها مالها في ذلك من جزيل العاقبة، ومالها من الفخر والشرف بمصاهرة أمير المؤمنين، وأوهمتها أن هذا الأمر إذا وقع كان به أمان لها ولولدها من زوال النعمة وسقوط مرتبته.

فاستجابة لها أم جعفر وودعتها أعمال الحيلة في ذلك وإنها تلطف لها حتى تجمع بينهما.  فأقبلت على جعفر يوماً فقالت له: يا بني قد وصف لي وصيفة في بعض القصور من تربية الملوك قد بلغت في الأدب والمعرفة والظرف والحلاوة مع الجمال الرائع والقد البارع والخصال المحمودة ما لم ير مثله، وقد عزمت على اشترائها لك، وقد قرب الأمر بيني وبين مالكها.  فاستقبل كلامها بالقبول وعلقت قلبه وتطلعت إليها نفسه، وجعلت تماطله حتى أشتد شوقه وقويت شهوته، وهو في ذلك يلح عليها.  فلما علمت أنه قد عجز عن الصبر واشتد به القلق قالت له: أنا مهديتها إليك ليلة كذا وكذا، وبعثت إلى العباسة فأعلمتها بذلك فتأهبت وسارت إليها تلك الليلة وانصرف جعفر من عند الرشيد وقد بقي في نفسه من الشراب فضلة، لمل عزم عليه فدخل منزله وسأل عن الجارية فخبر بمكانها، فأدخلت على فتى سكران لم يكن بصورتها عالماً ولا على خلقها واقفاً.  فقام إليها فواقعها فلما قضى حاجته قالت له: كيف رأيت حيل بنات الملوك؟ قال: وأي بنات الملوك تعنين؟ وهو لا يرى أنها من بعض بنات الملوك،  فقالت: أنا مولاتك العباسة بنت المهدي.  فوثب فزعاً قد زال عنه سكره وفارقه عقله، فأقبل عليها، وقال: لقد بعتني بالثمن الرخيص، وحملتني على المركب الموعر، وانظري ما يؤول إليه حالي.  وانصرفت منه على حمل ثم ولدت غلاماً، فوكلت به خادما من خدمها يقال له: رياش، وحاضنة تسمى برة.  فلما خافت ظهور الخبر وانتشاره وجهت الصبي والخادم والحاضنة إلى مكة، وأمرتها بتربيته.

وطالت مدة جعفر وغلب هو وأبوه وإخوته على أمر المملكة، وكانت زبيدة من الرشيد بالمنزلة التي لا يتقدمها أحد من نظرائها، وكان يحيى بن خالد لا يزال يتفقد أمر حرم الرشيد، ويمنعهن من الخدم، فشكت زبيدة إلى الرشيد. فقال ليحيى بن خالد: يا أبت ما بال أم جعفر تشكوك؟!

فقال: يا أمير المؤمنين،  أمتَّهم أنا في حرمك وتدبير منزلك عندك؟

 فقال: لا والله.

 فقال: لا تقبل قولها.

قال الرشيد فلست أعاودك.

 فازداد يحيى لها منعاً وعليها في ذلك غلطة، وكان يأمر بقفل أبواب الحرم بالليل، ويمضي بالمفاتيح إلى منزله.  فبلغ ذالك أم جعفر كل مبلغ فدخلت ذات يوم على الرشيد، فقالت: يا أمير المؤمنين ،

 ما يحملك على ما نراك تفعل من منعه إياي في غير موضعي؟

  فقال لها الرشيد: يحيى عندي غير متهم في حرمي.

 فقالت: إن كان كذلك ليحفظ ابنه مما ارتكبه.

فقال: وما ذاك؟

فخبرته وقصت عليه قصة العباسة مع جعفر.

  فسقط في يده وقال لها: هل لك على ذلك دليل وشاهد؟

 قالت و أي دليل أدل من الولد؟

 وقد  كان ههنا فلما خافت ظهور أمره وجهته إلى مكة.

  فقال لها: أفيعلم هذا أحد غيرك؟

قالت: ما في قصرك جارية إلا وقد علمت به.

 فأمسك على ذلك وطوى عليه كشحاً وأظهر أنه يريد الحج.

فخرج هو وجعفر بن يحيى وكتبت العباسة إلى الخادم والحاضنة أن يخرجا بالصبي إلى اليمن.  فلما صار الرشيد إلى مكة وكل من يثق به بالفحص والبحث عن أمره فوجد الأمر صحيحاً، فلما قضى حجه، ورجع أضمر في البرامكة على إزالة نعمهم،  فأقام ببغداد مدة مديدة ثم خرج إلى الأنبار، فلما كان في اليوم الذي عزم فيه على قتل جعفر دعا بالسندي بن شاهك، فأمره بالمضي إلى مدينة السلام، والتوكيل بدور البرامكة، ودور كتابهم، وقراباتهم وأن يجعل ذلك سراً من حيث لا يكلم أحداً حتى يصل إلى بغداد، ثم يفضي بذلك لمن يثق به من أهله وأعوانه.

  فامتثل السندي ذلك، وقعد الرشيد وجعفر عنده في موضع يعرف في الأنبار بالقمر، فأقاما يومها بأحسن هيئة، وأطيب عيش.  فلما انصرف جعفر من عنده خرج الرشيد حتى ركب مشيعاً له، ثم رجع فمضى جعفر إلى منزله، وفيه فضلة الشراب، ودعا بأبي بكار الأعمى الطنبوري، وابن أبي نجيح كاتبه، ومدت ستارة وجلس جواريه خلفها يضربن ويغنين وابن بكار يغنيه:

ما تريد الناس منا   ما تنام الناس عنا

إنما همتهم أن   يظهروا ما قد دفنا

وأمر الرشيد من ساعته ياسراً خادمه المعروف بوخلة فقال له: إني أندبك لأمر لم أر محمداً ولا القاسم له أهلاً ولا موضعاً، ورايتك به مستقبلاً ناهضاً، فحقق ظني وأحذر أن تخالفني. فقال: يا أمير المؤمنين لو أمرتني أن أدخل السيف في بطني وأخرجه من ظهري بين يديك لفعلت، فمر بأمرك فإني والله مسرع.

 فقال: ألست تعرف جعفر بن يحيى البرمكي؟

فقال: يا أمير المؤمنين، وهل أعرف سواه أو ينكر مثل جعفر.

 قال: ألم تر تشييعي إياه عند خروجه؟

قال: بلى.

 قال: فامض الساعة فاتني برأسه على أي حالة تجده عليها.

  فأرتج على ياسر الكلام وأخذته رعدة ووقف لا يحير جواباً.

فقال: يا ياسر، ألم أتقدم إليك بترك الخلاف علي؟

 قال: بلى يا أمير المؤمنين. ولكن الخطب أجل من ذلك والأمر الذي ندبني إليه أمير المؤمنين، وددت لو أني كنت مت قبل أن يجري على يدي منه شيء.

فقال: دع عنك هذا وامض لما قد أمرتك.  فمضى ياسر حتى دخل على جعفر وهو على حال لهوه.

فقال له: إن أمير المؤمنين قد أمرني فيك بكيت وكيت.

 فقال جعفر: إن أمير المؤمنين يمازحني بأصناف من المزاح، فأحسب أن هذا جنس منه.

 فقال: والله ما افتقدت من عقله شيئا.ً ولا ظننته شرب خمراً في يومه، مع ما رأيت من عبارته.

 قال له: فإن لي عليك حقوقاً أما نجد لها مكافأة ووقتاً من الأوقات إلا هذا الوقت.

 قال: تجدني إلى ذلك سريعاً إلا فيما خالفت أمير المؤمنين.

قال: فأرجع إليه فأعلمه أنك قد نفذت ما أمرك به فإن أصبح نادماً كانت حياتي على يديك جارية، وكانت لك عندي نعمة مجددة، وإن أصبح على مثل هذا الرأي نفذت ما أمرت به في غد.

 قال: ليس إلى ذلك سبيل.

 قال: فأصير معك إلى مضرب أمير المؤمنين حتى أقف بحيث أسمع كلامه ومراجعته إياك، فإذا أبديت عذراً ولم يقنع إلا بمصيرك إليه برأسي، خرجت فأخذت رأسي من قرب.

 قال له: أما هذا فنعم.

 فمضيا جميعاً إلى مضرب الرشيد فدخل إليه ياسر فقال: قد أخذت رأسه يا أمير المؤمنين وهاهو ذا بالحضرة.

فقال له: إئتني به، وإلا والله قتلتك قبله.

فخرج فقال: أسمعت الكلام؟

 قال نعم: فشأنك وما أمرت به، فأخرج جعفر من كمه منديلاً صغيراً فعصب به عينيه ومد رقبته فضربها وأدخل رأسه إلى الرشيد. فلما رأى الرشيد الرأس أقبل عليه وجعل يذكره بذنوبه.

 ثم قال: يا ياسر أئتني بفلان وفلان. فلما أتى بهم،

 قال لهم: اضربوا عنق ياسرا فإني لا أقدر أنظر إلى قاتل جعفر.[4]

ونسبوا لأبي نواس في العباسة قوله :

ألا قل لأمين الله      وابن السادة الساسة

إذا ما خالف سرك        أن تفقدوه رأسه

فلا تقتله بالسيــــف وزوجـه بعباسة

 عودة لنساء عربيات



[1] خير الدين الزركلي، الأعلام، الجزء الخامس، الصفحة 35

[2]  مجلة المجتمع الكويتي: http://www.naseej.com/islamic/mujtamaa/1261/p54_1.htm ، وانظر كتاب الدكتور عبد الحليم عويس في كتابة التأصيل الإسلامي لنظريات ابن خلدون وفيه : فصل بعنوان : نمــــــاذج لأخطـــــــــاء وقــــــع فيها المؤرخون بتأثير المناهج التقليدية ، يقول فيه : ومن هذه الأخبار، ما قيل في سبب نكبة البرامكة، وهي العلاقة القلبية بين العباسة أخت الرشيد، وجعفر بن يحيى البرمكي، وزير الرشيد، وأن الرشيد لكلفه بمكانتهما في معاقرته الخمر -حاشاه- أذن لهما في عقد النكاح دون الخَلوة، لكنهما خَلَوَا في ساعة سُكْر فحَمَلت... إلى آخر القصة التافهة.. وأسبابُ نكبة البرامكة معروفة...!!

[3]  نكبة البرامكة  http://www.almufakkera.com/history/history_1/history1_29.htm

[4] عمر رضا كحالة، أعلام النساء، الجزء الثالث، ص228-233

 

Email: farraj17@hotmail.com