الصبــر
(( الصبر ضياء ))
إذا استحكمت الأزمات وتعقدت حبالها ، وترادفت الضوائق وطال ليلها ، فالصبر وحده هو الذي يشع للمسلم النور العاصم من التخبط ، والهداية الواقية من القنوط ،و الصبر فضيلة يحتاج إليها المسلم ، في دينه ودنياه ، ولا بد أن يبني عليها أعماله وآماله وإلا كان هازلا ... يجب أن يوطن نفسه على احتمال المكاره دون ضجر ، وانتظار النتائج مهما بعدت ، ومواجهة الأعباء مهما ثقلت ، بقلب لم تعلق به ريبة وعقل لا تطيش به كربة يجب أن يكون موفور الثقة بادي الثبات ، لا يرتاع لغيمة تظهر ، في الأفق ولو تبعتها أخرى و أخرى ، بل يبقى موقنا بأن بوادر الصفو لا بد آتيه ، وأن من الحكمة ارتقابها في سكون ويقين .
وقد أكد الله أن ابتلاء الناس لا محيص عنه ، حتى يأخذوا أهبتهم للنوازل المتوقعة . فلا تذهلهم المفاجآت ويضرعوا لها .
قال الله تعالى " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " .
ويقول تعالى : " وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور " .
والصبر يعتمد على حقيقتين خطيرتين :
أما الأولى فتتعلق بطبيعة الحياة الدنيا ، فإن الله لم يجعلها دار جزاء وقرار ، بل جعلها دار تمحيص وامتحان ، أي أن الإنسان قد يمتحن بالشيء وضده ، ومثلما يصهر الحديد بالنار ثم يرمى في الماء وهكذا .
وكان سليمان عالما بطبيعة الدنيا عندما رزق التمكن الهائل فيها فقال : " هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ، ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم " .
وأما الحقيقة الأخرى فتتعلق بطبيعة الإيمان ، فالإيمان صلة بين الإنسان وبين الله - عز وجل - فالإيمان لا بد أن تخضع صلته للابتلاء الذي يمحصها ، فإما كشف عن طيبها ، وإما كشف عن زيفها .
قال تعالى " أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ؟ ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عودة لصفحة حديث الأسبوع عودة للصفحة الرئيسية