Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

 

موقـع المبدع و النــاقد خليفــة بباهـــــواري

موقــع متنــوع و شـــــــامل


 

 
 

الرئيسية

 صاحب الموقع

الإسلامي

FRANCAIS

واحة الأصدقاء

 


شعر

قصة

رواية
نــقد
دراسات
فلسفة
حوارات
مقالة
مسرح
دين

فنون

تراث









 



ماهية العلاقة في النص الأدبي


 

 

تمتد كتابات المرحومة نعيمة الحداد لتشمل أجناسا أدبية مختلفة. ورغم التنوع فإن القارئ لأعمالها يجد فيها نفسا شاعريا متوحدا وليس واحدا، إذ تتغير تجلياته من عمل لآخر دون أن يفقد هويته "الحدادية". ويضاف إلى هذا النفس الشاعري تغلغل الحس الموسيقي الذي لا يقتصر على النصوص الشعرية، بل يتجاوزها إلى النصوص النثرية.

وهناك تيمة تحضر بقوة في كتابات نعيمة وتأخذ أبعادا متعددة. فتتنوع تجليات "العلاقة" إلا أنها تحافظ على قوة عنيفة واستثنائية.

1- الأم وبنوها: من أو ما هي الأم؟ هل هي رَحِم؟ أم مربية؟ أم زمان ومكان يضيق ويتسع حسب الظروف؟

"سألتها- أين أبناؤك؟

أجابت –غرستهم قنابل على تخوم البلاد، رميتهم سهاما تؤرق نوم الغافلين. فرحمي لا يتسع لأبنائي والكفار".

ترفض العلاقة المفروضة التي يريد "الكفار" إقامتها غصبا، وتؤسس الأم لعلاقة حميمية مع أبنائها، فهي القوس وهم السهام، وهي المقاتل وهم القنابل. عناصر للعنف الإيجابي، حرب ضد الآخر تتوحد فيها الأم وأبناؤها ليكونوا جسما واحدا، وقلبا واحدا وصوتا واحدا:

"ها أنا سوف أطلق صراخي، عويلي"

في نفس الوقت الذي يكون رد فعل الطفل مشابها، ومتطرفا مثلما تريده أمه:

"هم يسرقون الأحلام، لكن طفلي لا يموت، يصرخ، يبكي، يئن لكنه لا يموت، لقد أرضعته الكبرياء، العناد والصمود".

ليس غريبا، إذن على هذا الإنسان أن يكون إيجابيا لأنه لم يأخذ من أمه سوى "الكبرياء والعناد والصمود"، وكلها صفات إيجابية، جعلته يرى العالم مغايرا، إذ أسس قوانينه الخاصة، ومعاييره الخاصة للحكم عليه، أي العالم:

"ها هنا يتعلم الصبي الغناء على رنين القنابل"

وتمتد مشاكسته إلى أبعد من ذلك عندما يكون مع أمه:

"نسقط ثم ننهض، لا نصل الحياة ولا نموت.. ولا يغادرنا الكبرياء.

فلا تسل كم مات منا اليوم، نحن نقتات من رصاص، فلا نموت.."

هذا الطفل، سمته نعيمة الحداد "الكسيح الجريح" وإن كان في تحرك مستمر للبحث عن ذاته فهو ابن للوطن، "للجيوش المهزومة" "للمدينة التي تستيقظ من نومها اللهيب".

"في كل ساحة يسافر خارج الأحزان ويرحل في دمعه ليرسم حدودا للوطن المغتصب المسلوب".

إن حديث هذه الأم الذي يقدم للقارئ بضمير المتكلمة، يجعلنا نربطه بالذات المبدعة للنص، مما يفرض علينا أن نتبعها في نصوص أخرى ونجدها قد تحولت من أم تعشق أطفالها وبنيها إلى دورها الأول، وهو دور أنثى تعشق فارس أحلامها، أو فارس الحرب التي تبرز في كل النصوص التي قاربناها.

2- علاقة العشق: لم نقل علاقة الحب لأن ما تطرحه النصوص أمامنا قوي جدا، ويتميز في كثير من الأحيان –كما أشرنا إلى ذلك سابقا- بنبرة من العنف والقوة. ويتشكل هذا العشق أساسا كعملية فاعلة، إذ يظهر لنا عاشق وعاشقة ولا نعتقد أن المبدعة تركت الفرصة للحديث عن معشوقة أو معشوق، الشيء الذي يؤكد ما طرحناه عن الإيجابية عند نعيمة الحداد.

أ- صورة العاشق: يبدو العاشق كبطل حرب بنيت شخصيته بمزيج من القوة والجبروت ورقة الإحساس:

" صعدت الأدراج سعيدة لأجد المسكينة نسيمة تنتظرني هي و"سناء" والتي قالت: -يا لحظك.. حبيبك فارس، جميل وشهم.

(...)

- ومن مثلك تحبين بطلا".

هي شهادات في حق العاشق/البطل، جاءت على لسان شخصيات أخرى مما يجعلها أكثر موضوعية وأقرب إلى التصديق. وعندما يتحدث عن نفسه فإنه لا يبرز ما هو إيجابي، بل لا يفعل سوى أن ينفي عنه صفة سلبية:

"- لن أكون أبدا مثل هؤلاء الأغبياء لأقتل استعراضا لقوتي".

هذا البطل الذي لا يقتل استعراضا لقوته مستعد للقتل دفاعا عمن يحب، ويمكن أن يضحي بكل شيء، وبكل شخص في سبيل حبيبته، يقول:

- اصمت وإلا قطعت لسانك ويدك التي تحمل بها السلاح، أنت صديقي وزميلي على ألا تتخطى حدودك (...)"

- أضحي بك وبكل شيء من أجلها...

وفي رقة إحساسه يبدأ بالبوح، فعندما تسأله هي:

"ما كل هذا التغيير، أنا لا أكاد أصدق، ما كل هذا الاهتمام والحنان؟".

يجيب وقد وضع كل رجولته خلفه كما وضع سلاحه:

- لقد قلت لك يوما "كل إمبراطورية آيلة للسقوط" وقد سقطت إمبراطورتي".

ويستمر في بوجه لا يهمه سوى أن يقول ما بدواخله:

"قال: "تأسرينني يا ألف امرأة في امرأة.

أتعلم عيناك أنني أعشقها؟"

قلت: "ولم صمتك يا رجل؟"

قال: "ما أجمل الحب الصامت، حب تحمله أوراق الشجر المتراقصة، وترددها عصافير مغردة... ما أعذب حب امرأة مثلك".

ب- صورة العاشقة: هي التي تملك الخطاب، وترغب في امتلاك بطلها والحفاظ عليه. هي قوية إلى حد خطير، ولا تصطدم قوتها إلا بعاشقها ! إذ هو الحد الواحد والأوحد لجبروتها.

"أنا ألف امرأة في امرأة.. أتعلم أني جرحت قلوبا وأسلت دموعا، بل أسقطت دولا و إمبراطوريات.. وأتيت أنت، أزلت قناعي، أخضعتني، أنا من لا يليق بها الخضوع.. أنا من عاهدت نفسها على أن لا تنهزم أو تحزن. لكنك أتيت.."

تستمر في التعريف بنفسها دون أن تخالط، وتؤكد على أهمية العاشق وعلى القيمة التي تعطيها إياه:

"قلت: قل ما يحلو لك، لكني لست مراهقة ولا طفلة مشاكسة.. أني والله عاشقة".

 ولا تخشى أن تعترف، وذلك لا يحط من قيمتها، فمن القوة أن يقول الإنسان الحق ولو على نفسه:

"أعترف لك، وهذا ما يميزني عن كل ما تحوم حولك من النساء... تظنني مثلهن.. لكني لست كذلك.."

وتعود العاشقة للحديث عن الكرامة والكبرياء لتؤكد على قوة شخصيتها من جهة، وعلى المكانة التي تضع فيها عاشقها من جهة أخرى. مكانة ما بعدها مكانة، لتمتزج صورة العاشق بأغلى ما عندها:

"أحبك لكني أحب أكثر كرامتي ولا أراك تستحق أكثر منها"

وتضيف:

"لن أرفع صوتي المبحوح

في وجه الأقدار والأحداث،

لن احتضر ولن أستغيث،

وبكل كبرياء،

لن أتوقف عن حبك"

وتجب الإشارة إلى أن هناك بوادر ضعف (إيجابي) يخلقه حبها لبطلها، وهو ضعف لا يرتبط بذاتها أكثر مما يرتبط بحبها له وخوفها عليه:

"لكنني اليوم دائمة الخوف، لا أحس بالراحة والأمان إلا حينما أراه، فكلما وضعت رأسي على الوسادة تمنيت ألا أفيق على خبر وفاته في إحدى مهامه".

ج- صورة العشق: هو عشق وهيام، ورغم قوته يبقى واقعيا:

"لن أبوح للكون بعشقي

أو أحدث الناس عن هيامي

لن أبني قصورا

وأركبك صهوة جوادي،

ولن أضع سيفا

لتكون فارس أحلامي".

وواقعية هذا العشق لا تمنعه من أن يكون حبا فوق العادة. وتؤكد المبدعة على أنه لا يمكن أن يكون إلا بين هذا البطل وهذه المتكلمة:

"ما لك عندي لن تجده في قاموس العشق، ولن تراه في عيني أي امرأة".

ويصل الأمر بالعاشقين إلى حد الذوبان في الآخر لدرجة نجح معها التواصل نجاحا تاما ودون استعمال الكلام:

"قلت: "..."

قال: "تماما"

صعقت: "تماما ماذا؟ّ

قال: سمعتك تقولين شيئا مشابها لما كنت أقول !

قلت: ولكني لم أتكلم!

قال: وهل من الضروري أن تخرج الحروف والكلمات من بين شفاهنا حين نتكلم؟

صمت

صمت

وتواصل بوحنا".

يستمر البوح، تحمله قواميس تتميز في نفس الوقت، بتعددها وبتداخلها، مما أعطى لكل النصوص بناءا تشكيليا من ناحية، وموسيقيا من ناحية أخرى. فالعنف مثلا ابتعد تدريجيا عن سلبياته الدموية وحقق ارتباطا مع العاطفة، فزادها قوة وجبروتا جعلا العشق يصل إلى مشارف الإيمان والحلول. والاعتراف تكرر مرارا في نفس الاتجاه فأصبح هو أيضا في خدمة الحب.

واستطاعت الصديقة الحداد أن تجعل الجرس الموسيقي مسيطرا على البناءات الصوتية لنصوصها سواء منها الشعرية أو النثرية، حيث كان تشابك الجمل القصيرة بالجمل الطويلة أداة فعالة لضبط إيقاع "المسيرة النصية" ويضاف إلى هذا استعمال حروف الكاف والسين والشين والتاء وهي كلها حروف مهموسة بكثافة وهو ما ساهم بقوة في همس الخطاب وإيصاله إلى أعماق القارئ/ المستمع كما وصل العشق إلى أعماق العاشق والعاشقة.

 

نصوص المرحومة نعيمة الحداد:

-       الأرض دم،  الميثاق الوطني، 2-1-1999

-       يوميات مغتربة، الميثاق الوطني، 24-2-1999

-       بوح استثنائي، الميثاق الوطني، 27-1-1999

     -  لن، الميثاق الوطني،11-7-1997.

 

 

 

 

 


 

 

 



عنوان المراسلة

kababama@gmail.com

kababama@yahoo.fr



 

 

 


إصدارات
 






مناقشات




ورشات
 


همسات