Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

 

موقـع المبدع و النــاقد خليفــة بباهـــــواري

موقــع متنــوع و شـــــــامل


 

 
 

الرئيسية

 صاحب الموقع

الإسلامي

FRANCAIS

واحة الأصدقاء

 


شعر

قصة

رواية
نــقد
دراسات
فلسفة
حوارات
مقالة
مسرح
دين

فنون

تراث









 



القفز على العتبات في "حلم الطائر الغريب!؟"


 

لم يعد البناء السردي الحديث يعتمد فقط على الحكي و الوصف، و لكنه بدأ يتجاوز في بناءاته هذين العنصرين إلى ما سواهما. ولم يعد الحكي و الوصف يتمتعان بنفس الأهمية في الأعمال السردية الحديثة التي انفتحت، أكثر فأكثر، على أجناس أدبية أخرى و على أشكال تعبيرية أخرى.

و تعتبر القصة القصيرة الجنس السردي الذي فجر كينونة السرد و فتحها على احتمالات متعددة. فلم يعد ترتيب الأحداث (سواء بالتلاحق أو بالاسترجاع) هو البنية الأهم في القصة، حيث دخلت بناءات أخرى على المتن القصصي لتمزيقه، أو لتفعيله، أو لتحويله إلى كينونة تبحث عن ذاتها و عن العالم.

فالحكي في بعض القصص أصبح يحتل مكانة ثانية إن لم نقل ثانوية ليفسح المجال لبنيات خارج-حكائية يجعل منها القاص بؤرة بناءه القصصي. هذه البنيات هي ما سنحاول استخراجه و استخلاصه من قراءتنا لقصة "حلم الطائر الغريب!!!؟" لمحمد عيساوي المرجاني (المنعطف الثقافي، العدد 17،1-2/4/2000).

 

        1- التجنيس

 

يحذرنا القاص محمد عيساوي المرجاني منذ البداية إلى أننا أمام "نص سردي" و كأنه يطلب منا أن لا نطلق اسم "قصة" على إبداعه الذي بين أيدينا. و نتساءل لماذا وصفه "بنص سردي" و لم يقل عنه أنه قصة؟ هل هناك ما ينفي عنه هذه الكينونة؟ أ لم يستطع النص أن يوفر لنفسه ميكانيزمات القصة؟ (و ما هي هذه الميكانيزمات؟) هل تجاوز النص البناء القصصي المتعارف عليه ليؤسس لنفسه فضاء أوسع، خارج التسميات و التصنيفات، و ليبقى منفتحا باعتباره نصا أولا، و سرديا ثانيا، بمعنى أن السرد حالة من حالات الكلام الإنساني/ العادي الذي لا يجنس؟

كل هذه الأسئلة تقودنا حتما إلى استقراء وجهة نظر صاحب النص انطلاقا من النص و من خلال التفرعات التي يصنعها هذا الأخير لا من خلال السرد فقط و لكن أيضا من خلال تجاوز هذا الأخير إلى بناءات خطابية مغايرة و متنوعة.

فعند قيامنا بجرد إحصائي، نجد أن المكون السردي -الإخباري- يشكل أقل من ربع المساحة النصية. و تتكون المقاطع السردية من مقدمة هي عبارة عن "فلاش باك" سريع نتعرف بواسطته على وضعية الوالد الذي يستحوذ على الخطاب باعتباره منتج الرسالة التي يتمحور حولها النص، و من ثلاثة مقاطع قصيرة يصاحب اثنين منها تدخل مباشر للام (رفيقة الوالد في الحكاية و في درب الحياة). فلا يعدو السرد أن يتجاوز في النص ثلاث جمل هي: "فأمسكت الزوجة بقلمه و قالت" و" لكن "البعل" بلا نقطة لم يلتفت و سار كالهائج المجنون في مخاطبة ولده" و "فأخذت القلم برغم أنف الوالد و كتبت".

من هنا يحق لنا أن نتساءل: هل النص سردي فعلا؟ و نعتقد أنه يحق لنا- و لو يبدو الأمر مناقضا- أن نجيب بأنه نص سردي فعلا، و نتفق مع عيساوي المرجاني في تجنيسه هذا.فلماذا إذن؟

كما أشرنا في المقدمة، فالكتابة السردية عرفت تحولا خطيرا جعل منها جنسا يبتلع كل الأجناس الأدبية الأخرى. وهو ما حصل في هذا النص. حيث أن المحيط التداولي هو محيط سردي. فنحن أمام شخصين-كما يسرد لنا ذلك القاص- رجل و امرأة (الوالد و الأم) و كلاهما يقوم بمجموعة من الأفعال، هي التي تعطي للقاص مشروعية السرد، و من خلال هذه الأفعال يطفو فعل الكتابة إلى السطح ليظلل باقي الأفعال الأخرى. بالإضافة إلى وجود زمان و مكان، رغم عدم الإشارة إليهما بشكل واضح. فالمكان لا يمكن أن يكون إلا البيت - بيت العائلة. و الزمان هو يوم من أيام العمر المتقدم بعدما "دارت عقارب الزمن بسرعة".

و من خلال الظل الذي يصنعه فعل الكتابة تبرز بنيات النص كأشكال "تحت – جنس" (sous-genre)و بذلك نتوفر على بنيات تجنيسية ثلاث و هي السرد و الرسالة و المقالة أو الإنشاء.   

 

        2- القفز على العتبات

 

إذا كان كل جنس أدبي قد وضع مجموعة من الحواجز التعريفية لضبط ملامحه و تأسيس الاختلاف مع أجناس أدبية أخرى، فإن العصر الحديث قد صير هذه الحواجز مجرد عتبات يسهل "النط" عليها و اختراقها لإيجاد كتابة حداثية. و بما أن القصة كانت أكثر الأجناس قابلية للتمطط و التحول فقد شكلت مجالا خصبا للقفز على العتبات و هذا ما نلحظه في "حلم الطائر الغريب!!!؟".

فكما أشرنا في نهاية الفقرة الأولى فإن هذا النص (السردي) قد حقق مزجا متجانسا لعتبات الكتابة الأدبية. و رغم أننا أكدنا بأنه نص سردي، فذلك لا يمنع من دخوله في مجال الاحتمالات التجنيسية أو على الأقل "التحت – تجنيسية".

فالنص يتكون من ثلاثة أشكال تندمج مع بعضها (على شكل هوائي الراديو) فالشكل الثالث مندمج في الشكل الثاني و الشكل الثاني مندمج في الشكل الأول. و يمكننا وضع هذه التركيبة على الشكل الرياضي التالي (البداية من اليسار) و يعني الرمز> ضمن (كما هو متعارف عليه في الرياضيات):

1>2>3

هذا التضمن هو ما جعلنا نؤكد على الهوية السردية للنص باعتبار أن (1) هو الذي يشكل المحيط الأساسي للنص و هو محيط السرد. أما (2) فيمثل الشكل تحت – أجناسي الثاني الذي يقوم عليه النص، و تمثله الرسالة التي تحتل جل رقعة النص. ويمثل (3) جزءا متعدد الملامح يمكن أن يتجنس كمقالة أو كإنشاء أدبي.

 

أ – الرسالة.

 

يتموقع نص الرسالة بشكل طبيعي داخل النص الأساسي تقدمه عبارة "فكتب إليه يقول: "و هي العبارة – الرابط التي تفتح باب السرد على فضاء الرسالة.

لم نكن لنقف هذا الوقوف التجنيسي لو لم تكن الرسالة تسيطر على المساحة النصية بشكل ملفت للانتباه. مما يدفعنا للقول – بتحفظ، لأن نفس القول سيتكرر فيما بعد – بأن الرسالة هي ذريعة كتابة النص. و من بين العلامات التجنيسية للرسالة يحتوي النص على علامتين و هما تعيين المخاطب، ولدي العزيز، و استعمال ضمير المخاطب، بينما تغيب الإشارة الزمكانية للرسالة بالإضافة إلى التوقيع، رغم أننا نعرف – كقراء للقصة – صاحب الرسالة، غياب يثير الانتباه خصوصا و أن النص ينتهي بنهاية الرسالة. لماذا، إذن، هذا الغياب / التغييب ؟ هل يريد محمد عيساوي المرجاني أن يظهر لنا أن أهمية الرسالة من أهمية نصه السردي، أم هو التداخل بين الجنسين (القصة و الرسالة) الذي جعل إحداهما تندمج في الأخرى فاقدة بعض علاماتها؟

 

ب – الشكل الثالث

 

لم نرد أن نسميه مقالة أو إنشاء، لأنه يتوفر على ملامح هذين الجنسين الأدبيين، و كذلك لتقارب هذه الملامح.

فيمكننا أن نعتبر هذه الرسالة رسالة مفتوحة خصوصا و أن هذا "الولد العزيز" غير معرف و غير مذكور باسمه الخاص، مما يدعونا إلى اعتباره أي شاب يعاني نفس المشاكل التي يتحدث عنها النص. و الرسالة المفتوحة هي أقرب ما يكون إلى الخطبة (السياسية – الاجتماعية) فكلاهما خطاب مباشر إلى المتلقي، و تعتمدان على الوظيفة الايعازية حسب تقسيم جاكبسون لوظائف الكلام. و تعملان على خلق موقف لدى المتلقي.

أما ما يدفعنا إلى تصنيف هذا الجزء كمقالة فهو تطور النص خصوصا في جزءه الأخير و صيرورته إلى قول سياسي محض يعبر من خلاله القاص عن مواقفه مباشرة من مجموعة من المشاكل (البطالة ،حب التربة، "الوطن")، "الكوبيران" (المتعاون الأجنبي، الكينونة العربية، الضرائب على الهوائيات (البرابول) الموقف الرسمي من مشكلة المعطلين، توظيف المجندين (بأي حق) و الحاصلين الجدد على الباكلوريا و إغفال خريجي الجامعات رغم تقدمهم في السن).

فلنأخذ المقطع الثاني من "حلم الطائر الغريب!!!؟": "و على سبيل المثال، فأنظر تجد أن الذي حصل على الباكلوريا و عمره 17 و 18 سنة يمكن أن يحصل على وظيفة قبل ذلك الذي قضى سنوات في الجامعة و تعدى عمره - ربما – الثلاثين إما بين الدراسة و الانتظار! و ليس الأول بأبرز ذكاء من الثاني!" و لنقارنه بما جاء في مقال صدر تحت عنوان "من أجل تعميم التعليم و جودته.. أية اعتبارات؟" في جريدة المنعطف (عدد 884) "... فإن تحديد سن دخول هذه المراكز (مراكز تكوين المعلمين) في 22 سنة ينبني على اعتبارات غير رحيمة بأولئك الذين يفوق سنهم رقم (22) كما حددته الوزارة المحترمة، خصوصا و أن الآلاف ممن يعيشون اليوم على هامش الحياة من المجازين العاطلين، كانوا أولى من حديثي التخرج من الثانوية فضلا عن كون هؤلاء الخريجين و بالنظر إلى ما يعرف عن مستواهم.. "لنلاحظ وجود نفس الهاجس و نفس الفكرة و نفس الموقف عند صاحب المقال و عند صاحب النص، على أن ما يميز الفكرة في "حلم الطائر الغريب!!!؟" هو قدرتها على التعبير بقوة و بأقل عدد من الكلمات لتحقق سهولة لاندراجها ضمن نص أدبي محض.

أما فيما يخص ملامح الإنشاء في النص فتتجلى بالخصوص في تسلسل مجموعة من الأفكار المقدمة كتشكيل لموقف أساسي و واحد و هو رفض الوضعية الراهنة التي يعيشها الوالد و الولد. و تتجلى أيضا في اعتماد المؤلف على مجموعة من الاستشهادات النثرية و الشعرية للتدليل على مصداقية طرحه. و يبلغ عدد الاستشهادات التي تبناها المؤلف عشر (11) استشهادا من ضمنها سبعة (7) جاءت شعرا.

يلاحظ أخيرا، أن مقاربتنا لقصة أو للنص السردي (حسب المؤلف) "حلم الطائر الغريب!!!؟" لمحمد عيساوي المرجاني، قد اهتمت بالشكل دون المضمون، رغم أن مضمون النص جاء دسما و ثريا، خصوصا و أنه احتوى على مجموعة من الأحكام التي فرضت على واقع الحياة و دمرت طموحات الأجيال، جيل الأب و جيل الابن، حيث لم تتحقق أحلام كل منهما و تكسرت على صخرة الواقع.إلا أن اهتمامنا بالشكل جاء انطلاقا من نقطتين أساسيتين، الأولى اهتمامنا بنظرية الأجناس الأدبية و بالقصة كنوع أدبي متميز فرض وجوده على الساحة الأدبية العالمية و العربية و خلق مجموعة من التفاعلات مع الأجناس الأدبية الأخرى، و الثانية: كون "حلم الطائر الغريب!!!؟" جاءت حبلى بالملامح الشكلية – التجنيسية التي أصبح يتوفر عليها الجنس الأدبي المعروف بالقصة القصيرة مما جعلها حقلا خصبا للبحث على ميكنزمات كتابة القصة القصيرة في فترتنا المعاصرة.

 

 

 

 

 


 

 

 



عنوان المراسلة

kababama@gmail.com

kababama@yahoo.fr



 

 

 


إصدارات
 






مناقشات




ورشات
 


همسات