Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

 

موقـع المبدع و النــاقد خليفــة بباهـــــواري

موقــع متنــوع و شـــــــامل


 

 
 

الرئيسية

 صاحب الموقع

الإسلامي

FRANCAIS

واحة الأصدقاء

 


شعر

قصة

رواية
نــقد
دراسات
فلسفة
حوارات
مقالة
مسرح
دين

فنون

تراث









 



آليات الكتابة في " لزوم ما يلزم" للقاص محمد ادارغة


 

 

       تتميز الكتابة القصصية عند محمد ادارغة بنوع من الشبقية ومضاجعة اللغة – بشكل حلال- وتطويعها بأشكالها القديمة والحديثة. ويخدم أسلوبه في الكتابة رؤية إبداعية متميزة ببحثها اللامتناهي عن حالات التناص مع الواقع. واقع ينظر إليه القاص المبدع في كثير من أعماله القصصية بسخرية واضحة المعالم تصطحب الكتابة في كل تجلياتها وبنياتها سواء الداخلية أو الخارجية التعبيرية أو السياقية.

     وتشكل لحظات الكتابة عند محمد ادارغة نوعا من التعامل الممنطق حينا والمتلاعب حينا آخر بكل الآليات, حيث يعمل في مجموعة من قصصه التعامل مع الواقع بشكل يضمن له توفير سخرية لاذعة, لكن هادفة, وكذلك عبثية غير مجانية, حتى يؤسس لتطاوله على اللغة وعلى الكتابة وعلى الواقع أيضا.

     والملاحظ في كتابات ادارغة القصصية سيطرته على آليات الكتابة خصوصا في شكلها الكلاسيكي. ونعتقد أن تجربته في المجال النقدي تأثر كثيرا على تعامله بشكل من الروية والضبط مع عناصر وآليات الكتابة الإبداعية.

     وسنحاول من خلال قراءتنا لقصة "لزوم ما يلزم" ( الملحق الثقافي للميثاق الوطني 18/19 يونيو 2000) الانكباب والبحث في هذه الآليات وتجريدها وإبراز مدى سيطرة القاص على مجالات إبداعه.

1- ايهامات الحكي.

     نضطر بعد الانتهاء من قصة "لزوم ما يلزم" أن نتساءل: في أي ركن من أركان التأثيث القصصي سنضع هذه التركيبة الإبداعية التي يقدمها لنا محمد ادارغة، والذي يستفزنا منذ البداية بتناص عنوانه مع عنوان عملاق في التراث الادبي العربي بطريقة متناقضة؟ هل نحن أمام قصة واقعية أم أمام قصة عجائبية تمتطي الواقعية بحثا عن مصداقية عجائبية من الدرجة الأولى؟

     فالقصة تنطلق في فضاء واقعي وبأحداث واقعية مائة بالمائة, غير أنها تجذبنا بشيء من السلاسة نحو حدث خارج عن التوقع في اللحظة التي يظهر فيها " شبح متلفع كليا بإزار أبيض". إلا أن القاص ما انفك يجذبنا لواقعية الحكي عندما يحاول أن يؤكد لنا أن الشبح "اندس في سديم كوابيسه". ونضطر مع هذا للتساؤل: هل نحن أمام كابوس, فيكون الحلم بالشبح جزءا من التجربة الواقعية للإنسان المرتبط بالحلم وبفضاءاته وأبعاده الغير قابلة للقبض؟ لكننا نضطر مرة أخرى لسحب سؤالنا ليس فقط عند وجود حوار بين الشبح والشخصية المحورية في القصة، وليس عند انقطاع التيار الكهربائي –فربما يكون الأمر مجرد صدفة- ولكن عندما تجد الشخصية المحورية نفسها محاصرة من طرف الشبح خارج البيت –في المقهى- وهي في حالة صحو ويقظة تامين.

      وإذا اعتمدنا على مقاربة سوسيو–انتروبولوجية للمجتمع المغربي- والقصة التي بين أيدينا هي نتاج لهذا المجتمع –فسنكون مضطرين- مرة أخرى ! لإعادة النظر في تصنيفنا لهذا النص، خصوصا وأن مقاربة محلية لن تكون –إذا أرادت أن تحترم آليات العمل السوسيولوجي و الانتروبولوجي الحقيقية – مشابهة للرؤية الغربية لموضوع من قبيل ظهور الأشباح أو وجود الجن في حياة الإنسان، فإذا اعتمدنا هذا الطرح إطار واقعي يمكن أن نصفه ب "الواقعية المحلية".

      وتجدر الإشارة هنا إلى أن التعامل مع هذا النص ك "منزلة بين المنزلتين" سيساعد على إبراز غناه من حيث تشكيل البناء القصصي، حيث سنجد أن هذا التأرجح بين مستويين من العمل القصصي سيعطي أبعادا إضافية لمكوناته ساهمت في تقديم قصة "لزوم ما يلزم" كعمل أدبي في المستوى.

2- البناء السردي.

      تحترم قصة "لزوم ما يلزم" البناء الكلاسيكي للقصة بشكل دقيق لدرجة تمكن من اعتبارها درسا نموذجيا في كتابة القصة القصيرة. فمحمد ادارغة حرص على تقسيم نصه إلى ثلاثة أقسام. ويبدو التقسيم واضحا إن على صعيد الشكل أو من حيث المضمون.

      أ- البداية: تنطلق القصة بالتحديدات البنيوية الضرورية لكينونتها. فتجيب "المقدمة" عن أسئلة: أين؟ ومتى؟ ومن؟ ويستدرجنا القاص خطوة خطوة للتعرف على بنائه من خلال طرح المحيط الذي ستنشط فيه حركية الشخصيات لتصنع أحداث المحكي، في نفس الوقت الذي نتعرف فيه على الزمان الذي ستدور فيه الأحداث، أو تحديدا على بداية هذا الزمان الذي سيتطور –وتلك حتمية الحكي- مع تسلسل هذه الأحداث. وضمن نفس السياق تتجلى لنا الشخصيات التي ستعمل على دفع عجلة الأحداث إلى الأمام. ومن خلال هذه "المقدمة" سنتعرف على شخصيات القصة (كلها تقريبا)، مما يؤكد أن القاص قد ضبط بناءه السردي قبل بداية صياغته وتحويله إلى سرد أدبي، وهو ما يجعله في مأمن من أحد انزلاقات الكتابة القصصية –خصوصا ما يتعلق ب "قصة السرد"- وهو هروب عملية السرد إلى خارج العمود الفقري للقصة.

       ويجب التنصيص أيضا على أن العمل في هذا الاتجاه جنب القاص السقوط في فخ المقدمة التوضيحية التي يلجأ لها بعض القصاصين لإعطاء مشروعية لسرد بعض الحكايات.

      ب- المشكل: ينتقل القاص من "المقدمة" /البداية إلى جوهر النص القصصي. ويسوق المشكل من خلال مقطع يرتبط بقوة بما سبق وبما سيأتي: "... تلكأت أطرافي فتناومت، لا أذكر إن كان النعاس قد أزهر في مقلتي أم أنني ترجحت بين النوم واليقظة، لكنني أذكر أن شبحا متلفعا كليا بإزار أبيض ولج كينونة انزوائي من حيث لم أحتسب، ثم اندس في سديم كوابيسي".

      يبدأ الصراع الذي يقوم عليه الحكي بظهور هذا الشبح. وكما أشرنا سابقا، فحالة اللانوم واللايقظة (ترجحت بين النوم واليقظة) تضعنا في حالة توتر حيال وضعية النص رغم أنه يميل إلى العجائبية أكثر منه إلى الواقعية، خصوصا وأن الصراع سيستمر خارج الفضاءات المرتبطة بحالة النوم.

      ومن خلال عرض المشكل تختفي كل الشخصيات التي نعتبرها عرضية، لتفسح المجال للسارد والشبح ليحققا المواجهة. مما يعود بنا إلى الحديث عن درس القصة القصيرة الذي يؤكد على الاقتصار على عدد محدود من الشخصيات.

      ج- النهاية: "توقفت عن مجاراته..." هكذا تبتدئ الفقرة الأخيرة من نص "لزوم ما يلزم"، وكأن القاص يطلب منا أن نستعد لنهاية الرحلة السردية. وتعتمد قوة هذه العبارة الختامية على ثلاث ركائز: أولاها، كونها جاءت في أواخر النص السردي، وثانيتها، استعمال فعل "توقف" ويفيد الانقطاع. وثالثهما، العبارة كلها "توقفت عن مجاراته" التي تحيل إلى أصل الصراع وهو مجاراة الشبح بالاستهزاء به، فالتوقف عن الاستهزاء والمكابرة يعني في قاموس الشبح نهاية متابعته للسارد ومضايقته مما يفيد أيضا نهاية الأسباب الداعية إلى الحكي.

      ليس هذا وحده هو ما يؤسس لحسن التخلص- كما سمته العرب في قصائدها الطوال- ولكن هناك أيضا التوقف النهائي عن السرد. توقف أحدثته لحظة تفكير جوانية بنيت على شكل تسلسل ممنطق: انقطاع التيار يؤدي إلى حرج مع الزوجة والأولاد، والحرج يؤدي إلى توريم الدواخل المكدودة، التوريم يؤدي إلى المرض، والمرض يستوجب الفحص، والفحص والتطبيب يستلزم المال...

     في هذه النهاية نجد تعليل اتخاذ "لزوم ما يلزم" كعنوان للقصة. فهناك اختيار يجب اتخاذه، وهو اختيار لازم وواجب تفرضه طبيعة الصراع الغير متكافئ بين السارد و الشبح من جهة، ومن جهة أخرى ضرورة إنهاء الحكي على خاتمة تشكل موقفا منزاحا عن الاختيارات الأولى التي أججت الصراع بين الطرفين وأخذته عبر فضاء حكائي يتسم بالواقعية.

3- المكان والزمان: الاشارات العابرة.

      لا يكلف القاص محمد ادارغة نفسه عناء الوقوف عند تحديات فضاءاته، بل يكتفي بالإشارة إلى المكان بشكل عابر، حيث يدمج تحديد المكان في إطار سرد الأفعال، فلنتأمل المقاطع التالية:

"نسغت ضحكات الأطفال- المتعملقة بالحجرة الأخرى- بنايات أحلامي...".

"كما تضايقت زوجتي من اكتساحه ]التلفزيون[ ركنا نديا من غرفة النوم".

"في الطريق استشعرت رغبة في تأويل الحكاية".

"بلغت عتبات المقهى".

"كان الفضاء قد اكتظ بحشود الطلبة الهاربين من جحيم بياض الوقت".

"ارتجل النادل لفائدتي مجلسا مؤقتا".

"أضاء المصباح المطل على مجلسي".

"لاشك أن النادل فسر رغبتي في القيام مبكرا، وخلاف العادة- بالعتمة التي ظللت المكان".

نجد من خلال هذه المقاطع كلها أن الإشارة إلى المكان الذي تجري فيه الأحداث تأتي في أغلب الأحيان مرافقة وتالية للحدث.

      ولا يتحقق العكس إلا في إشارة واحدة، وهي الإشارة الخامسة بين ثمانية إشارات: "كان الفضاء قد اكتظ بحشود الطلبة"، وهي الوحيدة التي يقدم فيها المكان بواسطة فعل الكينونة، ورغم ذلك لا تأتي الإشارة إلى هذا الفضاء (المقهى) إلا مرتبطة بتواجد بشري كما في باقي الإشارات الثمانية.

      أما فيما يخص الزمان، فإن الإشارة إليه تأتي فقط بواسطة مجموعة من الإيماءات الغير مباشرة: "الأطفال يصرخون، فقد فوت عليهم هذا الاقتطاع التعسفي أحداثا شيقة من شيطنة المتمرد "روبن هود" وحوارييه".

"أضاء المصباح المطل على مجلس، لاشك أن النادل فسر رغبتي في القيام مبكرا- وخلاف العادة- بالعتمة التي ظللت المكان".

فسلسلة الرسوم المتحركة "روبن هود" وإضاءة المصباح يحيلان كلاهما على فترة المساء، ويمكناننا من ضبط المساحة الزمنية للقصة، وهي مساحة زمنية قصيرة جدا.

نستنتج من خلال هذه الملاحظات الخاصة بالزمان والمكان في قصة "لزوم ما يلزم" ما يلي:

       أولا: اقتصار القاص على التلميحات الزمكانية مكنه من الاهتمام بالأحداث أكثر من غيرها.

        ثانيا: عدم الوقوف عند الفضاء لوصفه جنب القاص التوقف عن الحكي لتحيين الصراع.

       ثالثا: فرض على القاص على نفسه احترام آليات القصة القصيرة فيما يخص الفضاء، فاستعمل الإيحاء والإيماء لانجاز أكبر عدد من الإشارات في أقل مساحة نصية.

4- بناء الشخصيات

       أ- الشخصيات العرضية: هي شخصيات لا دور لها في صياغة الأحداث. لكن وجودها ذو فائدة لا يمكن إغفالها أو إنكارها. هي عرضية، وفي عرضيتها تتجلى قيمتها. وهذه الشخصيات هي الأطفال والزوجة والطلبة والنادل، ووجودها يضفي على القصة شيئا إضافيا من الحياة.

      ومن الواقعية، بالإضافة إلى أنها تشارك الشخصية المحورية مجموعة من حالاتها المتوترة مما يجعلها عنصرا إضافيا للتأكيد على هوية الشخصية المركزية.

      فحركة الأطفال تناقض سكون الشخصية/السارد في بداية القصة وتدفعها إلى الاستيقاظ مما يجعلها في حالة استعداد لتحمل مصيرها: مقابلة الشبح، ويتأكد التناقض في استعمال الأطفال لجهاز التلفزة الملون مقابل الجهاز بالأبيض والأسود الذي يكتفي به السارد.

      والمرأة/الزوجة توجد هي الأخرى على طرف نقيض من الشخصية المحورية. ويتأكد ذلك من خلال رفضها للتلفزة القديمة التي يتشبث بها السارد بقوة. "فعارضت نزوتها" و"أدركت أنها قد ترميني بالحمق" جملتان تبرزان كيف ينظر أحدهما للآخر: فنزوتها تقابل حمقه.

        أما النادل فيفهم (أو يبدو أنه يفهم) الشخصية المحورية دون أن تتكلم. يتجلى ذلك في حصول هذا الأخير على قهوته دون أن نجد في القصة حديثا عن طلبها، وفي إضاءة المكان بعدما "فسر رغبتي في القيام مبكرا بالعتمة التي ظللت المكان".

       أما الطلبة فوضعيتهم مختلفة. وتتميز بنوع من التشابه مع الشخصية المحورية. فهم أيضا "هاربين من جحيم بياض الوقت إلى بياض المطبوعات والكراريس". وجود هذه الشخصيات وتحركها في إطار النص يضفي المصداقية على كل الأحداث التي تشهدها القصة الواقعية منها و العجائبية.

ب- الشخصيتان المركزيتان.

       تدور أحداث القصة الرئيسية حول الصراع الذي يجمع بين شخصية السادر والشبح الأبيض. صراع يميل فيه ميزان القوى لصالح الشبح. ومن خلال السرد وإشاراته ترتسم ملامح كلتا الشخصيتين.

       * الشخصية/السارد: هو رجل غير محدد العمر والملامح. لكننا نعرف أنه رجل متزوج من امرأة بيضاء كما شاءت ذلك أمه، وله أطفال. كان عند بداية القصة يستفيد من قيلولته المتأخرة يقضي بعض وقته في المقهى. ويبدو أنه من روادها المداومين خصوصا وأن النادل يهتم به بشكل خاص. يحمل معه أدوات اشتغاله إلى المقهى: أوراق، أفلام، كتب (مثله مثل الطلبة) مما يؤكد أنه يمارس فعل الكتابة يبدأ في صراعه مع الشبح بمدافعة هذا الأخير لكنه لا يتمكن من ذلك. ثم يتوج الصراع بالاستهزاء والمشاكسة.

      وبعد إحساسه بقوة خصمه، يهرب خارجا من داره نحو المقهى (هروب يشبه هروب الطلبة). وفي آخر المطاف، يعترف بهزيمته (نسبيا) أمام خصمه ويحاول أن يعلل موقفه الأخير بالانسحاب من الصراع عندما يختلي بنفسه في حوار داخلي ممنطق.

       * الشبح: يظهر فجأة وبدون سابق إنذار، ويستفز السارد في بداية حواره معلنا صداقة قديمة "أنا خلك الوفي" وعداوة أقدم: "وخصمك العنيد [...] أنت وغيرك تواطأتم على وصفي بالبياض"، يتعامل في البداية مع السارد بنوع من الهدوء والاحترام الذي يتحول فيما بعد إلى صراع مفتوح، يبرز قوته وقدراته من خلال تمكنه من قطع تيار الكهرباء (إذا كان هو المسؤول فعلا عن ذلك).

      ينتهي الصراع باعتراف الشخصية/ السارد بقوته، مما يجعله ينسحب تاركا ه\ا الأخير في حال سبيله.

        ويبدو من خلال نتيجة الصراع الذي انتهى بتوقف الشبح عن المضايقة أن السارد (أو القاص) التزم بالرؤية المحلية لعلاقة الإنسان بالقوى الغيبية والخارقة، والتي تنتمي حسب المفهوم الغربي للعالم الميتافيزيقي، هذه الرؤية التي تعطي الغلبة دائما لعالم الغيبيات والجن والأشباح على عالم الإنس.

5- سيطرة البياض.

        يسيطر اللون الأبيض على القصة سيطرة تامة. فقد تكررت كلمة "أبيض" واشتقاقاتها الصرفية خمسا وثلاثين مرة، بالإضافة إلى الإشارة إلى مجموعة من الأشياء التي تتسم بالبياض. و بدا اللون الأبيض مسيطرا على الشخصية/ السارد في كل مناحي حياته.

- فزوجته بيضاء كما أسلفنا الذكر. وأمه التي أقسمت أن لا يتزوج إلا امرأة بيضاء كانت هي أيضا بيضاء البشرة. و"الأبيض أبي" كما يؤكد ذلك أيضا.

- الشبح الذي هاجمه جاء ملتحفا بازار أبيض، وهو بدوره أبيض.

- الطلبة يهربون من جحيم بياض الوقت إلى بياض المطبوعات والكراريس.

- البياض يسيطر على صفحات كتاب الشعر الذي حاول قراءته دون أن يتمكن من ذلك.

- قرأ مرة أن "البياض ترميز، ترميز الفراغ أو ترميز الجدي".

- الجيب فارغ أبيض والممرض بمبدعته البيضاء لا يرخص بانتهاك خلوة الطبيب البيضاء إلا بصرف القرش الأبيض، وأما ما ادخرت درهما أبيض ليومي الأسود.

ويحتفظ في غرفة نومه بتلفزة قديمة بالأبيض والأسود.

       ويحضر الأسود في مقابل الابيض كجزء مكمل لكينونة الشبح الأبيض –الأسود. ويحضر أيض في قهوته المفضلة التي يريدها "سوداء داسمة حالكة". وهو أيضا لون الشعر والزفت والقطران والكوكاكولا، وكأننا أمام رفض غير معلن للسواد مقابل إقبال متلهف على البياض.

         استطاع القاص محمد ادارغة في قصة "لزوم ما يلزم" أن يجمع بين صلابة البناء القصصي- مؤكدا تمكنه من آليات كتابة القصة القصيرة- وبين فتح المجال لتعامل شخصي مع لغة الكتابة. وفي هذه القصة. كما في كتابات أخرى لنفس القاص، تبرز المعالم الشكلية التي استطاع أن يؤسس بها لنفسه أسلوبه الخاص.

       فبالإضافة إلى تمكنه من خلق جو متكامل البياض لقصته التي يشكل الشبح الأبيض أحد أعمدتها الأساسية، فقد عمد كعادته إلى تشكيل العبارة بطريقة خاصة مكنته من تمرير سخريته المعهودة من جهة، ومن شحن المضمون بإبعاد واقعية صرفة، من جهة أخرى، ونتمنى أن تتاح لنا الفرصة لنعود إلى أسلوب الكتابة عند محمد ادارغة من خلال عدد من قصصه التي رأت النشر للتأكيد على خصوصية أسلوبه في الكتابة.

 

 

 

 


 

 

 



عنوان المراسلة

kababama@gmail.com

kababama@yahoo.fr



 

 

 


إصدارات
 






مناقشات




ورشات
 


همسات