مقدمة
من القضايا التي كانت تواجه الأنبياء في كل زمان ومكان، ولا تزال تواجه المُصلحين الرساليين، قضية تقليد الآباء والأجداد، وتقليد الأشخاص الذين يملكون موقعاً اجتماعياً أو سياسياً أو ما إلى ذلك، فإذا جاء النبيّ بفكرة تختلف عمّا كان عليه الآباء والأجداد فإنهم يواجهونه بأننا نلتزم بعقائد وعادات وتقاليد آبائنا وأجدادنا ونرفض كل ما يخالف ذلك! ولكن ما هي الحُجَّة؟ إنهم لا يقدّمون أي حُجَّة أمام هذه المسألة، ولكنها العاطفة.
إن الله تعالى يقول لكل إنسان: إن عليك أن تقدّم حساب كل فكرك وخطك وعملك وكلامك أمام الله، " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها " [النحل : 111]، وإلاّ لو فرضنا أنك وقفت أمام الله وسألك: لماذا سِرت في هذا الطريق أو أخذت بهذه العادة؟ فتقول: آباؤنا وأجدادنا كانوا هكذا، وهذه عاداتنا! فهل آباؤك وأجدادك هم أنبياء أو أولياء، وهل هم حُجَّة وممّن يجب اتِّبَاعهم؟ " أَوَلَوْ كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون " [البقرة 170]، فكيف يتبع العاقل من لا عقل له، وكيف يسير الضال وراء من لا هُدى له؟ إنها مسألة العصبية التي لا ترى الأشياء إلاّ من خلال ذاتيّة النَّسَب أو العنوان الذي يطبع الناس بطابعه، لتكون القداسة للعنوان بعيداً عن المضمون في قيمته الفكرية والحضارية. وهذا ما يعطّل عملية التجديد والتغيير ويحبس الفكر في دائرة ضيقة تتصل بالماضي وتعيش في ظلّ إرث التاريخ الذي تركه الآباء ولا تنفتح على الحاضر والمستقبل، الأمر الذي يجعل منها سجناً للعقل وللحركة وللحوار وخنقاً للحرية، إنه منطق التعصب الأعمى الذي يواجه الأشياء بالنظرة العمياء. " وإذا قيل لهم اتَّبِعوا ما أنزل الله قالوا بل نتَّبع ما وجدنا عليه آباءنا أَوَلَوْ كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السَّعِير" [لقمان : 21]، فلو كان آباؤكم متَّبِعين الشيطان ودعوكم إلى هذا الخط فهل تقبلون به؟
لذلك، إن الله يريد من الإنسان أن لا يلتزم بأي خط وفكر وموقف إلاّ بعد أن يملك الحُجَّة في ذلك أمام الله، بحيث إذا سأله الله عنه استطاع أن يدافع عن موقفه، والله يريد لنا أن نكون المجتمع المُفكّر والمحاور والسائل، لا المجتمع الذي يغمض عينيه ويمشي. إن الله يريد أن نُحرّر عقولنا ونفتحها للحوار والبرهان، وأن لا نقدّم رِجْلاً ولا نؤخر أخرى إلاّ بعد أن نقدّم الدليل عليه لأن الله يريد للمجتمع أن يكون مجتمع الثقافة والعلم والبرهان.
إن هذا الكتاب يبحث عن الدليل للتأكيدات الواردة في القرآن الكريم لجهة تلاعب أيدي البشر بالكتاب المقدس، ولجهة حرية التصرف الناس في نصوص الكتاب المقدس عبر العصور إمّا بتغيير بعض الكلمات التي لا تتناسب مع العقائد المسيحية الحديثة أو بإضافة آيات غير موجودة في النصوص الأصلية من أجل إضفاء الشرعية على عقيدة ما أو بإزالة آيات من شأنها أن تُعرّض هذه العقائد للبطلان.
إن هذا الكتاب لا يُقدّم رأياً اعتقادياً أو فكراً خاصّاً عن مسألة أُلوهية المسيح، لكنه يعرض نصوصاً صريحة من الكتاب المقدس المُعتمَد لدى المسيحيين توضح المفهوم الحقيقي لهذه المسألة، وتُثبت عدم مشاركة المسيح لله في صفات الألوهية والرُّبُوبية، ويطرح عدة تساؤلات أخرى حول العقائد الجوهرية والأساسية للديانة المسيحية والتي متى أُجيب عنها يصبح عندها الدين المسيحي دين الحق.
هذا الكتاب نهاية رحلة شكّ طويلة بين مختلف الفلسفات والعلوم والأديان، إذ يتدرج القارئ بمراحل عديدة ليصل إلى اليقين المكتمل بالإيمان... وما أصدق الإيمان ما كان بعد رحلة شكّ وانطلاق... إيمان البحث والتمحيص... إيمان العقل والعلم... إيمان الإدراك والاقتناع... لا إيمان الوراثة والتسليم والمجاراة... لا إيمان الآباء الأوَّلُون...
لذلك أحاول في هذا الكتاب أيضاً أن أََفتح بصيرة القارئ على أسرار الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وأُقدّم البرهان القاطع على نزول القرآن وحياً وإلهاماً، وأنه كتاب لا يمكن أن يكون من مصدر آخر إلا الله العليم القدير الذي أحاط بكل شيء علما. ففي إمتاع علمي وديني، يمضي القارئ في رحلة شيِّقة... وينتقل به بين آيات القرآن الكريم كاشفاً الكثير من أسرار الخلق والكون، إلى أن ينتهي به بعد متعة ذهنية إلى برّ اليقين والإيمان الذي يُقبل عليه المفكر المتدبّر، ويَقبله القلب بسكينة واطمئنان.
لا أريد أن أخدع نفسي، فهذا الكتاب لن يُقدّم أبداً الأجوبة الحاسمة على جميع الأسئلة، ولكن على الأقلّ، أتمنى من هذا الكتاب أن يَحُثّ الناس على الاكتراث وقراءة الكتاب المقدس والقرآن الكريم من أجل إعطاء أنفسهم محاكمة عادلة.
إن هذا الكتاب هو هديّة إلى كل شخص يملك عقلاً مُنفتحاً وإلى كل إنسان قَبِل الدعوة إلى رحلة البحث عن الحقيقة الضائعة...
" وتعرفون الحقّ والحقّ يُحرِّركم ". [يوحنا 8 : 33].
“And you shall know the truth, and the truth shall make you free”. [John 8 : 32].
Part I
الإيمان الأعمى؟ أم الإيمان بالبرهان؟
الإيمان، هو بلا شك أحد أهم المقوّمات الأساسية والجوهرية لأي معتقد ديني. ولكن، إذا دعَوْنا أحدهم ليؤمن بعقيدة دينية معينة، لا بد لنا أولاً أن نثبت مصداقية طرحنا. بمعنى آخر، الإيمان هو بالفعل مهم، ولكن لا يجوز تقديمه بأي حال من الأحوال على البرهان. إذا ترسّخ الدليل، عندها يأتي دور الإيمان. فلا التزام من دون إيمان ولا إيمان من دون برهان قاطع يحشر الناس في منطقهم وعقلهم. هذا هو بالفعل ما حاول المسيح تعليمه لأتباعه طوال مدة وجوده معهم. يسوع، لم يعلن عن نفسه أمام اليهود أنه المسيح دون اللجوء إلى البرهان. فلقد أنجز العديد من المعجزات أمام أعينهم، وفي نفس الوقت لجأ إلى الحجة والمنطق السليم لإقناعهم.
" أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون ".
[أعمال2 : 22].
في الكتاب المقدس، رفض الرجال الأثينويُّون شهادة بولس حول قيامة يسوع من الأموات [أعمال 17 : 32]. فبولس لم يقدّم لهم البرهان إنما فقط الكلام.
بولس نفسه رفض شهادة ورؤيا الشهيد استفانوس [7 : 56-60] و [أعمال 8 : 1-3]. استفانوس لم يقدم إلا الكلمات، وبولس وجد أن كلام استفانوس من دون برهان غير مقبول.
" أما توما واحد من الاثني عشر الذي يُقال له التوأم فلم يكن معهم حين جاء يسوع. فقال له التلاميذ الآخرون قد رأينا الرب. فقال لهم إن لم أُبصر في يديه أثر المسامير وأضع إصبعي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أُؤمن ". [يوحنا 20 : 24-25].
توما أحد التلاميذ الاثني عشر الذين عاشوا مع يسوع رفض الإيمان من دون برهان.
حتى التلاميذ أنفسهم رفضوا كلام النسوة عن قيامة يسوع وبدا لهم كلامهنَّ كالهذيان ولم يُصدقوهنَّ وذهبوا بأنفسهم ليبحثوا عن البرهان [لوقا 24 : 9-12]...
وعند سؤالنا عن البرهان لإثبات مفهوم جديد جاء به أحد الأشخاص، فمن البديهي أن نبحث عن هذا البرهان أولاً من خلال كلمات هذا الشخص نفسه. وهكذا، فإن الإيمان والقبول بالعقائد المسيحية الجوهرية يتوقفان على التسليم بها من خلال كلمات يسوع نفسه: إذا ذكرها يسوع مرة واحدة فقط طيلة حياته، فعندها يجوز للآخرين ترديدها آلاف المرات. ولكن يجب أن نعرف أولا: "ماذا قال يسوع فعلاً"؟
" أجاب يسوع وقال له إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا ".
[يوحنا 14 : 23].
في هذه الآية، إشارة واضحة من يسوع إلى أن كلماته هي ما يجب علينا أن نحفظ، وهذه الكلمات فقط ستقودنا إلى حب الله. ولكن يبقى أن نعرف ما هي وصايا وكلمات يسوع التي علينا اتباعها؟
في السنين القليلة الماضية، أصدر العالم المسيحي نسخة مميزة للإنجيل سُمِّيت "طبعة الحروف الحمراء" (Red letter editions) . هذه الأناجيل تتميز عن غيرها بكتابة كلمات ووصايا يسوع باللون الأحمر، بينما كُتبت كلمات الآخرين باللون الأسود. هذا يجعل من عملية تحديد واستخلاص كلمات يسوع مهمة سهلة للقارئ والباحث.
إن هدفنا من هذا الكتاب هو محاولة إيجاد البرهان من خلال الأحرف الحمراء يُثبت ما إذا كان يسوع نفسه هو من علّم البشرية المعتقدات الجوهرية للدين الذي نُسب إليه والذي سُمّي "المسيحية". وفيما يلي، سنرى أنه كلّما حاول أحدهم إضفاء الشرعية على هذه المعتقدات، فإنه يستنجد ويستعين دائماً بالحبر الأسود فقط من دون الحبر الأحمر مطلقاً!
لمحة وجيزة عن العقيدة المسيحية
يؤمن المسيحيون عامة، أن يسوع أُرسل إلى البشرية كافة لتعليمهم دين الله وليريهم طريق الخلاص. ولهذا، فكل إنسان مطالب بأن يتبع رسالة المسيح، وفقط أولئك الذين آمنوا بالصلب سيتمكنون من النجاة. ورغم تعدد طوائفهم، فإننا نجد أن معظم مسيحيي العالم يؤمنون بالخلاص الذي يعتمد على المبادئ الأساسية الأربعة التالية:
· الثالوث الأقدس: إن مبدأ الثالوث الأقدس، والذي تبنَّته الكنيسة بعد رحيل يسوع بثلاثة قرون، هو عبارة عن دمج لثلاث أقانيم هي الآب، الابن، والروح القدس لتصبح أقنوماً واحداً هو الله، وبمعنى أبسط، فإن الله هو عبارة عن إله واحد بثلاثة رؤوس: الآب والابن والروح القدس.
· البُنوّة الإلهية ليسوع المسيح "ابن الله الوحيد": تؤمن المسيحية بأن يسوع هو ابن الله الوحيد لعدة أسباب، أهمها ولادته البتولية أو الحبل بلا دنس.
هذه هي الدعائم الأربعة التي يرتكز عليها البنيان المسيحي. إذا ما اهتزت إحدى هذه الأساسات، انهار البناء المسيحي بأكمله.
ويرى المسيحيون، أن اليهود هم الأكثر أهلية لاتباع المسيحية. ويستندون في هذا الزعم إلى النبوءات العديدة في التوراة والتي تشير إلى أن يسوع هو فعلاً المسيح المنتظر. لكن من جهة أخرى، يدّعي اليهود أن يسوع لم يكن أبداً نبيّاً مُرسلاً إليهم من الله، إنما كان شخصاً دجّالاً وساحراً ومشعوذاً. لذلك فهم ينكرون ويرفضون أي نبوءة تختص به في كتابهم، وينفون كونه المسيح المنتظر؛ فالمسيح المنتظر برأيهم لم يأتِ بعد. لهذا السبب، يُبرّر اليهود قتلهم ليسوع.
1- هل المسيح هو الله؟
تعطي المسيحية سببين لإثبات أن يسوع هو الله أو مشارك في الألوهية هما:
1- "حينما نقول أن يسوع إله، أو حتى أنه الله حقاً، فإننا لا نجعله الآب! إنه واحد مع الآب، لذا فإنه يشاركه طبيعته".
2- "إن يسوع من كل جهة مثل الآب ولكنه ليس هو الآب".
باختصار، وبحسب هذا القول، فإن يسوع هو الله لأنه مشارك في طبيعة الله وهو من كل جهة مثل الله. وهذا يعني أن أي صفة نُلزمها للمسيح يجب أن نُلزمها لله أيضاً لأنه مشارك في طبيعته. وقد أعطينا – كما سيأتي ذكره بعد قليل – أمثلة عديدة من الكتاب المقدس لإثبات أن المسيح لم يشارك طبيعة الله ولا هو من كل وجهة مثل الله. فهو لذلك لا يمكن أبداً أن يكون هو الله. لقد أعطينا هذه الأمثلة من الكتاب المقدس بدون تعليق، حيث أنه في زعم كثير من المسيحيين كتاب يُحاجّ عن نفسه.
101- ميلاد "الله"
- "الله" خُلق من نسل داود: " عن ابنه الذي صار من نسل داود من جهة الجسد ". [رومية 1 : 3].
- "الله" كان من ثمرة صلب داود: " فإذ كان نبيا وعلم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه ". [أعمال 2 : 30].
- أسلاف "الله" سلسلة نسب يسوع: " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم ". [متى 1 : 1].
- جنس (نوع) "الله": " ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع ". [لوقا 2 : 21].
- مريم حبلت "بالله " وولدته: " وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد ". [لوقا 2 : 6].
- "الله" رضع من ثدي امرأة: " وفيما هو يتكلم بهذا رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت له: طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما ". [لوقا 11 : 27].
- بلدة نشأة "الله": " ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك ". [متى 2 :1].
- حِرفة "الله": " أليس هذا هو النجار ابن مريم ".[مرقس 6 : 3] ؛" أليس هذا ابن النجار". [متى 13 : 55].
- تنقل وركوب "الله": " هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا على أتان وجحش ابن أتان ". [متى 21 : 5]؛ " ووجد يسوع جحشا فجلس عليه ". [يوحنا 12 : 14].
- "الله" يشرب الخمر ويأكل: " جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون هوذا إنسان أكول وشريب خمر. محب للعشارين والخطأة ". [متى 11 : 19] ؛ [لوقا 7 : 34].
- فقر "الله": " فقال له يسوع للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار. وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه ". [متى 8 : 20].
- كان "الله" مُتعبّداً ويُصلّي لذاته: " وفي الصبح باكرا جدا قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يصلي هناك ". [مرقس 1 : 35] ؛ " فقال لتلاميذه اجلسوا ههنا حتى أصلي ". [مرقس 14 : 32] ؛ " وقضى الليل كله في الصلوة لله ". [لوقا 6 : 12].
- "الله" لديه الله: "قال لها يسوع…إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم". [يوحنا17:20].
- "الله" أعظم من نفسه: " لأن أبي أعظم مني ". [يوحنا 14 : 28].
201- عائلة "الله"
- "الله" كان ابن يوسف: " فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي في الناصرة ". [يوحنا 1 : 45].
- إخوة وأصهار "الله": " ولما جاء إلى وطنه كان يعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا من أين لهذا هذه الحكمة والقوات. أليس هذا ابن النجار. وأليست أمه تدعى مريم وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا. أوليست أخواته جميعهن عندنا. فمن أين لهذا هذه كلها ". [متى 13 : 54-56].
301- نشأة "الله"
- نشأة "الله" الروحية: " وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئا حكمة ". [لوقا 2 : 40].
- نشأة "الله" العقلية والطبيعية والخلقية: " وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس".[لوقا 2 : 52].
- كان عمر "الله" اثنتا عشرة سنة عندما أخذه أبواه إلى أورشليم: " وكان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح. ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد". [لوقا 2 : 41-42].
- "الله" معدوم القوة: " أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا ". [يوحنا 5 : 30].
- "الله" كان يجهل الوقت: " وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الإبن إلا الآب ". [مرقس 13 : 32].
- "الله" كان يجهل الموسم: " وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع (يسوع) فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء إليها لم يجد شيئا إلا ورقا . لم يكن وقت التين ".
[مرقس 11 : 12-13].
- "الله" لم يكن متعلماً: " ولما كان العيد قد انتصف صعد يسوع إلى الهيكل وكان يعلم. فتعجب اليهود قائلين كيف هذا يعرف الكتب وهو لم يتعلم ". [يوحنا 7 : 14-15].
- "الله" تعلّم من خلال التجربة: " تعلم الطاعة مما تألم به ". [العبرانيين 5 : 8].
401- مهمة "الله"
- "الله" يعترف ويتوب قبل بدء الخدمة العلنية: " جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه ". [متى 3 : 13]؛ "وكان ذلك يدل على الإعتراف بالخطايا".[متى 3 : 6]؛ "والتوبة من الذنوب".[متى 3 : 11].
- "الله" لم يأتِ لينقذ المخطئين: " ولما كان وحده سأله الذين حوله مع الاثني عشر عن المثل. فقال لهم قد أعطي لكم أن تعرفوا سر ملكوت الله. وأما الذين هم من خارج فبالأمثال يكون لهم كل شيء. لكي يبصروا مبصرين ولا ينظروا ويسمعوا سامعين ولا يفهموا لئلا يرجعوا فتغفر لهم خطاياهم ".[مرقس 4 : 10-12].
501- "الله" العنصري
- كان "الله" يهوديا قبليّاً: " الأسد الذي من سبط يهوذا ". [رؤيا 5 : 5].
- جاء "الله" لليهود فقط: " فأجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ". [متى 15 : 24].
- تفرقة "الله" العنصرية: " هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا. إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ". [متى 10 : 5-6].
- الأمميون(غير اليهود) كلاب في نظر "الله":"ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب".[متى26:15].
- مملكة "الله": "ويملك (يسوع) على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية". [لوقا33:1].
- ألقاب "الله": " ملك اليهود ". [متى 2 : 2] ؛ " ملك إسرائيل ".[يوحنا 1 : 49] و [يوحنا 12 : 13].
601- "الله" الذي ليس مثل الإله
- "الله" يجوع: " فبعد ما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة جاع أخيرا ". [متى 4 : 2] ؛ " وفي الصبح إذ كان راجعا إلى المدينة جاع ". [متى 21 : 18] ؛ " وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع ". [مرقس 11 :12].
- "الله" يعطش: " قال (يسوع) أنا عطشان ". [يوحنا 19 : 28].
- "الله" ينام: " وكان هو نائما ". [متى 8 : 24] ؛ " وفيما هم سائرون نام ". [لوقا 8 : 23] ؛ " وكان هو في المؤخر على وسادة نائما ". [مرقس 4 : 38].
- "الله" يتعب: " فإذا كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر ". [يوحنا 4 : 6].
- "الله" ينزعج: " انزعج بالروح واضطرب ". [يوحنا 11 : 33].
- "الله" يبكي: " بكى يسوع ". [يوحنا 11 : 35].
- "الله" يحزن: " وابتدأ (يسوع) يحزن ويكتئب ". [متى 26 : 37] ؛ " فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت ". [متى 26 : 38].
- "الله" يهرع ويندهش: " وابتدأ (يسوع) يدهش ويكتئب ". [مرقس 14 : 33].
- "الله" ضعيف: " وظهر له ملاك من السماء يقويه ". [لوقا 22: 43].
701- "الله" الهارب
- كان "الله" مصاباً بالذعر: " وكان يسوع يتردد بعد هذا في الجليل لأنه لم يرد أن يتردد في اليهودية لأن اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه ". [يوحنا 7 : 1].
- كان "الله" يمشي خائفا بين اليهود: " فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه فلم يكن يسوع أيضا يمشي بين اليهود علانية ". [يوحنا 11 : 53-54].
- "الله" يفرّ فراراً: " فطلبوا أيضا أن يمسكوه فخرج من أيديهم ". [يوحنا 10 : 39].
- "الله" هرب متخفياً: " فرفعوا حجارة ليرجموه أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازا في وسطهم ومضى هكذا ". [يوحنا 8 : 59].
801- أسْر "الله"
- خيانة الصديق تكشف المكان السري حيث اختبأ "الله": " وكان يهوذا مسلمه يعرف الموضع لأن يسوع اجتمع هناك كثيرا مع تلاميذه فأخذ يهوذا الجند وخداما من عند رؤساء الكهنة والفريسيين وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح ". [يوحنا 18 : 2-3].
- أُلقيَ القبض على "الله" وأُوثق ومُضيَ به: " ثم إن الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع وأوثقوه ومضوا به ". [يوحنا 18 : 12-13].
- "الله" أُهين: " الرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزئون به وهم يجلدونه وغطوه وكانوا يضربون وجهه ". [لوقا 22 : 63-64] ؛ " حينئذ بصقوا في وجهه ولكموه ". [متى 26 : 67].
- كان "الله" لا حول له: " لطم يسوع واحد من الخدام كان واقفا ". قال يسوع: " فلماذا تضربني ".
[يوحنا 18 : 22-23].
- حُكِم على "الله" بالموت: " فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت ". [مرقس 14 : 64] " فأجابوا وقالوا إنه مستوجب الموت ". [متى 26 : 66].
- "الله" كالخراف: " مثل شاة سيق إلى الذبح ومثل خروف صامت أمام الذي يجزه هكذا لم يفتح فاه ". [أعمال 8 : 32].
901- نهاية "الله" المفترضة
- "الله" يموت: " فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح ". [مرقس 15 : 37].
- "الله" الذي افترض موته ووفاته: " لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين ". [رومية 5 : 6] ؛ " لأنهم رأوه (يسوع) قد مات ". [يوحنا 19 : 33].
- رفاة "الله" المفترضة: " فهذا (يوسف الرامي) تقدم إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع فأمر بيلاطس حينئذ أن يعطى الجسد ". [متى 27 : 58].
- كفن "الله": " فأخذ يوسف الجسد ولفه بكتان نقي ". [متى 27 : 59].
- نَعيْ "الله" المرحوم المناح عليه: " فلما رأى قائد المئة ما كان مجَد الله قائلا بالحقيقة كان هذا الإنسان بارا". [لوقا 23 : 47].
10.1- التعديل البسيط
في هذا القسم سنقوم بتعديل بسيط للأسماء لنرى ما إذا كان يسوع هو الله فعلاً. سنستبدل اسم الله بيسوع ونضع اسم الله مكان اسم يسوع ونرى ماذا سيحدث:
" لأن يسوع أعظم من الله ". [يوحنا 14 : 28].
" فأجاب الله وقال لهم الحق الحق أقول لكم لا يقدر الله أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر يسوع يعمل ". [يوحنا 5 : 19].
" فقال الله لهما لماذا تطلباني ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما ليسوع ". [لوقا 2 : 49].
" وأما الجلوس عن يمين يسوع وعن يسار يسوع فليس لله أن يعطيه إلا الذين أُعد لهم من يسوع ".
[متى 20 : 23].
" أنا الله قد أتيت باسم يسوع ولستم تقبلونني ". [يوحنا 5 : 43].
" ونحو الساعة التاسعة صرخ الله بصوت عظيم قائلاً يسوع يسوع لماذا تركتني ". [متى 27 : 46].
" يسوع لم يره أحد قط ". [يوحنا 1 : 18].
" يسوع لم ينظره أحد قط ". [1 يوحنا 4 : 12].
" بيسوع خالق الجميع بالله ". [أفسس 3 : 9].
" منذ الآن يكون الله جالساً عن يمين قوة يسوع ". [لوقا 22 : 69].
" أن يسوع قد أرسل الله إلى العالم لكي نحيا به ". [1 يوحنا 4 : 9].
" وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الله إلا يسوع ".
[مرقس 13 : 32].
" هوذا الله فتايَ الذي اخترته أنا يسوع ". [متى 12 : 18].
" وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند يسوع هو الله ". [1 يوحنا 2 : 1].
" وفي تلك الليلة خرج الله إلى الجبل ليُصلّي وقضى الله الليل كله في الصلاة ليسوع ". [لوقا 6 : 12].
" لأني أنا الله قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة يسوع الذي أرسلني ". [يوحنا 6 : 38].
" قال لها الله لا تلمسيني لأني لم أصعد إلى يسوع ". [يوحنا 20 : 17].
" لذلك رفَّع يسوع أيضاً الله وأعطاه اسماً فوق كل اسم ". [فيلبي 2 : 9].
" لأن يسوع أقام الله من الأموات ". [أعمال 13 : 30].
" لأني أنا الله لم أتكلم من نفسي لكن يسوع الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم ". [يوحنا 12 : 49].
مجرد تبديل بسيط في الأسماء قد يبدو مُنفّراً للمسيحيين... فقط بمجرد تبديل الأسماء!!! لو كان يسوع فعلاً هو الله ما كانت لتبدو عملية التغيير البسيطة هذه غير مستحبة!
1101- هل يمكن لله أن يكون إنساناً؟
" ليس الله إنساناً فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم ". [العدد 23 : 19].
" لأني الله لا إنسان. القدوس في وسطك فلا آتي بسخط ". [هوشع 11 : 9].
" وأيضا نصيح إسرائيل لا يكذب ولا يندم لأنه ليس إنساناً ليندم ". [صموئيل الأول 15 : 29].
بناءً على قول المسيحية، فإن يسوع هو الله لأنه شارك طبيعة الله ولأنه من كل وجهة مثل الله. ولكن طبقاً للاقتباسات المستخرجة من الكتاب المقدس والتي سقناها، فإننا نجد أن المسيح لم يشارك طبيعة الله بأي شكل من الأشكال ولا هو من كل وجهة مثل الله، لذلك فإنه قطعاً ليس هو الله. ما كان المسيح إلا رجلاً عادياً ونبيّاً من الله مرسلاً إلى بني إسرائيل لإعادتهم إلى الطريق الصحيح، إلى ناموس موسى وحفظ وصاياه والعمل بها.
يُقدّم لنا العهد الجديد شخصية يسوع على أنه ابن الله الوحيد نظراً لولادته البتولية. "فالقديس متَّى" يسجل في إنجيله تفاصيل ولادة "ابن الله":
" أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا. لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس. فيوسف رجلها إذ كان بارا ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سرا. ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل. هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا. فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره الرب وأخذ امرأته. ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع. [متى 1 : 18-25].
ولدى قراءة هذه الآيات يقول لنا العديد من الناس: "إن الكتاب المقدس يصرح بوضوح تام أن يسوع هو ابن الله الوحيد! كيف يمكنكم القول عكس ذلك في الوقت الذي يصرح يسوع نفسه أنه ابن الله؟! "
للإجابة على هذه الاتهامات، لا بدّ لنا أولاً أن نجيب على الأسئلة التالية:
102- كم عدد أبناء الله وفقاً للكتاب المقدس؟
§ يعقوب هو ابن الله البكر : " إسرائيل ابني البكر ". [الخروج 4 : 22].
§ سليمان هو ابن الله : " هو يبني بيتا لاسمي وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد. أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا ". [2صموئيل 7 : 13-14].
§ أفرايم هو ابن الله البكر : " لأني صرت لإسرائيل أبا وأفرايم هو بكري ".[إرميا 31 : 9]. (من هو بكر الله : إسرائيل أم افرايم؟).
§ آدم هو ابن الله : " آدم ابن الله ". [لوقا 3 : 38].
§ البشر العاديين هم أبناء الله : " أنتم أولاد للرب إلهكم ". [التثنية 14 : 1]؛ "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله ". [رومية 8 : 14] ؛ " وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه ". [يوحنا 1 : 12]؛ " لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولادا لله بلا عيب في وسط جيل معوج وملتو تضيئون بينهم كأنور في العالم ". [فيلبي 2 : 15]؛ " انظروا أية محبة أعطانا الأب حتى ندعى أولاد الله… الآن نحن أولاد الله". [1 يوحنا 3 : 1-2]؛ " عندما ترنمت كواكب الصبح معا وهتف جميع بني الله ". [أيوب 38 : 7]؛ " وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب ". [أيوب 2 : 1]؛ " وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الله ". [أيوب 1 : 6]؛ "وبعد ذلك أيضا إذ دخل بنو الله على بنات الناس ". [التكوين 6 : 4]؛ " أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسناوات ". [التكوين 6 : 2]؛ " أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم ". [المزامير 82 :6].
§ داود هو ابن الله الوحيد المولود : " إني أخبر من جهة قضاء الرب. قال لي أنت ابني. أنا اليوم ولدتك". [المزامير 2 : 7].
بعد ما رأينا هذا التنافس الشديد في هذه المسابقة على لقب "ابن الله"، نسأل: من هو المرشح السعيد الحظ الذي قررت الكنيسة أن تمنحه هذه المكانة المرموقة يا ترى؟؟؟ أهو يعقوب؟ أم سليمان؟ أم أفرايم؟ أم هو آدم؟ أو هو داود؟ أم يسوع؟ أم قررت الكنيسة أن تهب هذا اللقب لكل البشر حتى "ما حدا يزعل"؟!
حتى نفهم معنى عبارة "ابن الله"، يجب علينا أولا أن نفهم مصطلحات لغة اليهود في زمن يسوع. فكما رأينا في الآيات السابقة، فإن استعمال عبارة "ابن الله" لوصف إنسان عادي كان مألوفاً وشائعاً في وسط المجتمع اليهودي؛ وهي مصطلح بريء كان يعني آنذاك: "خادم لله الوفي". وللتأكد من هذه المسالة، لنرجع إلى النص اليوناني للعهد الجديد: نجد أن الكلمة اليونانية التي تُرجمت إلى "ابن" هي “pias” أو “paida” ، وهي تعني حرفياً باللغة العربية "خادم الرب". ولكن ترجمات العهد الجديد، وخاصة نسخة الملك جيمس (سنعرض لهذه النسخة فيما بعد)، ترجمت لفظة “pias” أو “paida” تارة إلى "ابن"، وتارة أخرى إلى "فتى" بمعنى "خادم". مثلاً:
إن لفظة “pias” تُعطى لإسرائيل في [لوقا 1 : 54]، فتُترجم إلى"فتى" بمعنى "الخادم":
" عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة ". [لوقا 1 : 54].
ونجد نفس اللفظة “pias” تُعطى ليسوع في [يوحنا 5 : 25]، فتُترجم إلى "ابن":
"حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون ". [يوحنا 5 : 25].
لماذا هناك معياران للترجمة؟ لماذا هذه الطريقة المُضلِّلة والخادعة في أسلوب الترجمة؟
202- هل المسيح هو "الله" أو "ابن الله" لأن:
§ الله كان أباه؟
هل يسوع هو "ابن الله" لأنه كان يدعو الله "أبي" ؟ لنرى ما يقوله الكتاب المقدس:
" لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات ". [متى 5 : 45].
" فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل ". [متى 5 : 48].
" فقال لهم يسوع لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني ". [يوحنا 8 : 42].
وفقاً لهذه الآيات، نرى أن كل المؤمنين بيسوع هم مثله: "أبناء الله"!
ونقرأ أيضاً في الكتاب المقدس:
" فالآن ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا بل الله. وهو قد جعلني أبا لفرعون ". [التكوين 45 : 8].
هل هذا يعني أن يوسف هو الأب المادي لفرعون؟!
" أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا ". [يوحنا 8 : 44].
هل إبليس هو الأب أم الله؟!
" أب أنا للفقراء ". [أيوب 29 : 16].
هل أيوب هنا الأب المادي لكل الفقراء؟!
لدى انتهائنا من قراءة كل هذه الآيات، فإننا نبدأ عندها بفهم طريقة استيعاب اليهود لكلمة "أب": إن لفظة "أب" المستعملة من قبل اليهود في ذلك العصر، لها ذات معنى لفظة "أب" التي يستعملها المسيحيون اليوم عند مخاطبتهم كاهن الكنيسة. هذه الكلمة ما كان يجب أن تُترجَم وتُفهم حرفياً دون الأخذ بالاعتبار مصطلحات اللغة في تلك الحقبة من الزمن.
لماذا يخالف المسيحيون اليوم الإنجيل والمسيح ويرتكبون أمراً نهى عنه المسيح كنهيه عن الشرك بالله؟ فقد جاء في إنجيل متّى:
" ولا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد الذي في السموات ". [متى 23 : 9].
فلماذا لا نزال نسمع "الأب فلان" و "الأباء اليسوعيون"؟!
§ كان مُمتلئاً بالروح القدس؟
هل يسوع هو "الله" أو "ابن الله" لأنه كان مُمتلئاً بالروح القدس؟ لنرى:
" وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس ". [لوقا 1 : 67].
" وامتلأت اليصابات من الروح القدس ". [لوقا 1 : 41].
" وامتلأ الجميع من الروح القدس ". [أعمال 2 : 4].
" حينئذ امتلأ بطرس من الروح القدس ". [أعمال 4 : 8].
" وأما شاول الذي هو بولس أيضا فامتلأ من الروح القدس ". [أعمال 13 : 9].
" فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك اليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا. ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته. لأنه يكون عظيما أمام الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب. ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس ". [لوقا 1 : 13-15].
هل يعني هذا أن كل هؤلاء هم "الله" ؟
§ كان صورة الله؟
" المسيح الذي هو صورة الله ". [2 كورنثوس 4 : 4].
إذا كان المسيح هو "الله" لأنه كان على صورته، إذن يجب أن نقرأ:
" فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم ". [التكوين 1 : 27].
هل هذا يعني أننا كلنا "الله"؟!
§ كان من فوق؟
"فقال لهم أنتم من أسفل. أما أنا فمن فوق انتم من هذا العالم. أما أنا فلست من هذا العالم". [يوحنا 8 :23].
إذا لم يكن يسوع من هذا العالم، فهل هذا يعني أنه "الله" ؟ فلنقرأ:
"أما قد أعطيتهم كلامك والعالم أبغضهم لأنهم ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم".[يوحنا 14:17].
" ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم ". [يوحنا 17 : 16].
فوفقاً لم قرأناه، فإننا كلنا لسنا من هذا العالم؛ فهل هذا يعني أننا كلنا "الله"؟
§ أنجز معجزات؟
هل يُعتبر يسوع "الله" لأنه أنجز العديد من المعجزات، كإقامة أليعازر من الموت؟ إذا كان الأمر هكذا لنرى ما يقوله الكتاب المقدس:
- حزقيال قد أقام مدينة بأكملها من الموت:
" كانت علي يد الرب فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاما. وأمرني عليها من حولها وإذا هي كثيرة جدا على وجه البقعة وإذا هي يابسة جدا. فقال لي يا ابن آدم أتحيا هذه العظام. فقلت يا سيد الرب أنت تعلم. فقال لي تنبأ على هذه العظام وقل لها. أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الرب. هكذا قال السيد الرب لهذه العظام. هاأنذا أدخل فيكم روحا فتحيون. وأضع عليكم عصبا وأكسيكم لحما وأبسط عليكم جلدا وأجعل فيكم روحا فتحيون وتعلمون أني أنا الرب ". [حزقيال 37 : 1-9].
- يشوع أوقف الشمس والقمر طيلة يوم واحد:
" حينئذ كلم يشوع الرب يوم أسلم الرب الأموريين أمام بني إسرائيل وقال أمام عيون إسرائيل يا شمس دومي على جبعون ويا قمر على وادي أيلون. فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر. فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل ".
[يشوع 10 : 12-13].
- أليشع يُحي الموتى:
" ودخل أليشع البيت وإذا بالصبي ميت ومضطجع على سريره. فدخل وأغلق الباب على نفسيهما كليهما وصلى إلى الرب. ُم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدد عليه فسخن جسد الولد. ثم عاد وتمشى في البيت تارة إلى هنا وتارة إلى هناك وصعد وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات ثم فتح الصبي عينيه ". [الملوك الثاني 4 : 32- 35].
" وفيما كانوا يدفنون رجلا إذا بهم قد رأوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر أليشع فلما نزل الرجل ومس عظام أليشع عاش وقام على رجليه ". [الملوك الثاني 13 : 21].
- أليشع يشفي البرص:
" فنزل (الأبرص) وغطس في الأردن سبع مرات حسب قول رجل الله (أليشع) فرجع لحمه كلحم صبي صغير وطهر ". [الملوك الثاني 5 : 14].
- إيليّا يحيي الموتى :
" فسمع الرب لصوت إيليا فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش ". [الملوك الأول 17 : 22].
- سليمان كان مع الله قبل الخلق:
" الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القدم. منذ الأزل مسحت منذ البدء منذ أوائل الأرض. إذ لم يكن غمر أبدئت إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه. من قبل أن تقررت الجبال قبل التلال أبدئت. إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار المسكونة. لما ثبت السموات كنت هناك أنا. لما رسم دائرة على وجه الغمر. لما أثبت السحب من فوق لما تشددت ينابيع الغمر. لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه تخمة لما رسم أسس الأرض. كنت عنده صانعا وكنت كل يوم لذته فرحة دائما قدامه. فرحة في مسكونة أرضه ولذاتي مع بني آدم ". [أمثال 8 : 22-31].
- هل أنجز يسوع معجزاته دون اللجوء إلى الله؟
يفاجئنا البعض بادعائهم أن يسوع هو الله لأنه أنجز كل معجزاته بقدراته الشخصية، في حين أن باقي الأنبياء قد أتمّوا معجزاتهم بمساعدة الله. ولاختبار صحة هذا الزعم، لا بد لنا من الرجوع إلى الكتاب المقدس:
" ولكن إن كنت بإصبع الله أخرج الشياطين ". [لوقا 11 : 20].
" ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين ". [متى 12 : 28].
" أنا لا أقدر أن افعل من نفسي شيئا. كما أسمع أدين ودينونتي عادلة لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة (الآب) الذي أرسلني ". [يوحنا 5 : 30].
" الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي ". [يوحنا 10 : 25].
" فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو ولست أفعل شيئا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبي. والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الآب وحدي لأني في كل حين أفعل ما يرضيه ". [يوحنا 8 :28-29].
"أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون".[أعمال22:2].
ولكن، ما الهدف وراء كل هذه المعجزات؟
لنعرف الجواب على هذا السؤال، لا بد لنا أن نقرأ ما سجله يوحنا في إنجيله:
قبل أن يقيم أليعازر من الموت، أكد يسوع أمام الجمع الكبير من الناس، أنه قد أُعطي هذه المعجزات من قبل الله لكي يثبت أنه حقاً نبيّ مرسل من الله:
" ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي. وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي. ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا أنك أرسلتني ". [يوحنا 11 : 41-42].
§ لأنه كان يُدعى في بعض الأحيان "سيّد" (LORD)؟
" …قائلة له يا سيد لو كنت ههنا لم يمت اخي ". [يوحنا 11 : 32].
" قال له يا سيد تعال وانظر ". [يوحنا 11 : 34].
هل كان يسوع هو "الله" لأن الناس كان يدعونه في بعض الأحيان "سيّد"؟
وفقاً للكتاب المقدس، فالجواب هو كلا! ففي الكتاب المقدس نجد أن كلمة "سيّد" كانت شائعة جداً في ذلك العصر، وهي ترمز إلى شخصية مرموقة ومحترمة في مجتمع اليهود:
" وأمرهم قائلا هكذا تقولون لسيّدي عيسو". [التكوين32 :4].
" فضحكت سارة في باطنها قائلة أبعد فنائي يكون لي تنعم وسيّدي (إبراهيم) قد شاخ ".
[التكوين 18 : 12].
وسقطت على رجليه وقالت علي أنا يا سيّدي (داود) هذا الذنب ".[صموئيل الأول 25 : 24].
" كان لإنسان ابنان فجاء إلى الأول وقال يا ابني اذهب اليوم واعمل في كرمي. فأجاب وقال ما أريد. ولكنه ندم أخيرا ومضى. وجاء إلى الثاني وقال كذلك فأجاب وقال ها أنا يا سيّد ولم يمض ".[متى 21 : 28-30].
§ كيف كان الناس ينظرون ليسوع؟
"ولما أراد أن يقتله خاف من الشعب لأنه كان عندهم مثل نبي ". [متى 14 : 5].
" فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل ". [متى 21 : 11].
"وإذا كانوا يطلبون أن يمسكوه خافوا من الجموع لأنه كان عندهم مثل نبي". [متى46:21].
" فقال لهما وما هي. فقالا المختصة بيسوع الناصري الذي كان إنسانا نبيا مقتدرا في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب ". [لوقا 24 : 19].
" قالت له المرأة يا سيد أرى أنك نبي ". [يوحنا 4 : 19].
"فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا أن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم".[يوحنا 6 :14].
" فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النبي ". [يوحنا 7 : 40].
" قالوا أيضا للأعمى ماذا تقول أنت عنه من حيث أنه فتح عينيك. فقال إنه نبي ". [يوحنا 9 : 17].
§ كيف وصف يسوع نفسه؟
" بل ينبغي أن أسير اليوم وغدا وما يليه لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجا عن أورشليم ". [لوقا 13 : 33].
" فكانوا يعثرون به. وأما يسوع فقال لهم ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته ". [متى 13 : 57].
§ لأن الناس سجدوا له؟
هل المسيح هو "الله" لأن الناس سجدوا له:
" فقال أؤمن يا سيد. وسجد له ". [يوحنا 9 : 38].
" ولما رأوه سجدوا له ". [متى 28 : 17].
" وأتوا إلى البيت ورأوا الصبي مع مريم أمه. فخروا وسجدوا له ". [متى 2 : 11].
" وفيما هو يكلمهم بهذا إذا رئيس قد جاء فسجد له ". [متى 9 : 18].
" والذين في السفينة جاؤوا وسجدوا له ". [متى 14 : 33].
لنفهم معنى لفظة "السجود" في هذه الآيات، لابد لنا من العودة إلى النص اليوناني لنجد أن الكلمة المترجمة إلى "سَجَدَ" هي“prosekunesan” ، وهي مشتقة من كلمة “proskuneo” والتي تعني حرفياً "أن ينحني، أو أن ينحني ليقبّل يد أحدهم". ونسأل هنا: هل الانحناء لتقبيل يد أحدهم له نفس مدلول السجود بمعنى العبادة؟
لنفهم أكثر معنى السجود في هذه الآيات، سندع الكتاب المقدس يشرح لنا هذه المسألة:
" ولما رأت أبيجايل داود أسرعت ونزلت عن الحمار وسقطت أمام داود على وجهها وسجدت إلى الأرض وسقطت على رجليه وقالت علي أنا يا سيّدي هذا الذنب ". [صموئيل الأول 25 : 23-24].
هل سجدت أبيجايل للملك داود للعبادة؟ وعندما وجّهت له كلمة "سيّد"، هل كانت تعني "الله"؟
" فأتت وسقطت على رجليه (أليشع) وسجدت إلى الأرض ثم حملت ابنها وخرجت ".[الملوك الثاني 4 : 37].
" وأتى إخوته أيضا ووقعوا أمامه وقالوا ها نحن عبيدك ". [التكوين 50 : 18].
" وسقط شمعي بن جيرا أمام الملك عندما عبر الأردن ". [صموئيل الثاني 19 : 18].
إن "السجود" يأتي هنا بمعنى الاحترام والتوقير لا بمعنى العبادة والتأليه. ما فعله المترجمون هنا، هو أنهم ترجموا كلمة“prosekunesan” "تقنياً" بطريقة صحيحة، ولكن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة قد ضاع كلياً!
§ لأنه رُفع إلى السماء؟
" وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان لكي يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحيوة الأبدية ". [يوحنا 3 : 14-15].
إذا كنا سنستنتج من هذه الآيات أن رفْع ابن الإنسان إلى السماء هو إشارة على أنه هو الله، إذن سيكون علينا أن نتساءل كيف سنفسر واقعة رفع إيليّا وأخنوخ إلى السماء في الكتاب المقدس:
" وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء ". [الملوك الثاني 2 : 11].
" وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه ". [التكوين 5 : 24].
§ لأنه وُلد بلا أب؟
إذا كانت هذه الميزة ستجعل من يسوع إلهاً، فلا بدّ وأن نفس هذه الميزة ستجعل من آدم إلهاً أعظم من يسوع!!! علينا أن نتساءل عن آدم الذي لم يُخلق من دون أب فحسب بل بلا أم أيضاً!!!
" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ". [آل عمران : 59].
3- ملكي صادق إله أعظم من يسوع
في الكتاب المقدس نقرأ عن إله آخر يُدعى ملكي صادق:
" وملكي صادق ملك شاليم أخرج خبزا وخمرا. وكان كاهنا لله العلي وباركه وقال مبارك أبرام(إبراهيم) من الله العلي مالك السموات والأرض. ومبارك الله العلي الذي أسلم أعداءك في يدك. فأعطاه عشرا من كل شيء ".[التكوين 14 : 18-20].
هذه الآيات لن يبدو لها معنى إلا إذا قرأنا معها العبرانيين:
" لأن ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلي الذي استقبل إبراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه. الذي قسم له إبراهيم عشرا من كل شيء. المترجم أولا ملك البر ثم أيضا ملك ساليم أي ملك السلام. بلا أب بلا أم بلا نسب. لا بداءة أيام له ولا نهاية حيوة بل هو مشبه بابن الله هذا يبقى كاهنا إلى الأبد ".
[عبرانيين 7 : 1-4].
من هو ملكي صادق يا ترى؟ هل هو أخو الله؟ أم هو ابن عمه؟ هل هذا كليّاً إله آخر؟ وفقاً لما يقوله الكتاب المقدس، فإنه يشبه ابن الله، فلماذا لا يؤلّهونه يا ترى؟ وكيف لا، وهو أفضل من يسوع: بلا أب، بلا أم، بلا بداية وبلا نهاية، أزلي أبدي، لم يلد ولم يولد؟
لاحظ هنا، أنه عندما كان يسوع يُبشّر أنه "الله" (حسب ادعاءهم)، لم يكن هناك أي مشكلة عند المسيحيين، إذ أنهم كانوا عازمين على رؤية الدليل الغير الموجود أصلاً. بينما، عندما يخبرنا الكتاب المقدس وبوضوح أن ملكي صادق هو إله، فإنهم مستعدون لتأويل تلك الآيات في خمسين مليون طريقة مختلفة ليبرهنوا أن ملكي صادق لا يمكن ولا يُعقل أن يكون إلهاً. لماذا؟ لأن الكنيسة لم تطلب منهم تأليه ملكي صادق!
إذا كان الكتاب المقدس كلام الله، فلماذا يضعون كلام الكنيسة فوق كلام الله ؟!
ويذهب البعض في تأويل هذه الآية إلى حدّ القول أن ملكي صادق كان شخصية خرافية! نسأل: هل كان إبراهيم شخصية خرافية؟ هل قابل إبراهيم شخصية اختلقها خياله إبّان رجوعه من "كسرة الملوك"؟ هل كان إبراهيم ممسوساً؟ هل كان إبراهيم مصاباً بالهذيان؟ حاشا وكلا لنبيّ الله.
وتُتحفنا الكنيسة بهذا الجواب الرائع، فتقول لرعاياها: "لا يجب فهم الكلمات حرفياً، إنما يجب فهم المعنى والمغزى من وراء هذه الكلمات"!
يا للعجب!! فمنذ لحظات، فهمت الكنيسة حرفياً معنى "الابن"، ومعنى "الآب"، ومعنى “pias”، ومعنى "سيّد"، ومعنى "صورة الله"، ومعنى "كان من فوق"، ومعنى "مُمتلئاً من الروح القدس"، ومعنى "السجود" ومعنى "رفع إلى السماء" ... فلماذا لم تنصح رعاياها بفهم المعنى الحقيقي من وراء هذه العبارات؟!
آخر ما توصلت إليه الكنيسة المسيحية في محاولاتها لتأويل هذه الآيات، هو ادعاءها أن ملكي صادق هو التجسّد السابق ليسوع!
ولكن هذه الآيات واضحة: "هو مشبه بابن الله" وليس "ابن الله".
وإذا ما سَلَّمنا أن ملكي صادق هو فعلاً التجسّد السابق ليسوع، فلماذا لم يُصلب في حينها ويكون بذلك قد خَلّّص مئات الأجيال من الخطيئة الأصلية ومن الهلاك؟! لماذا انتظر 1850 سنة حتى يقوم بهذه التضحية السامية؟! لماذا حَرَم كل هذه الأجيال من نعمة الخلاص؟!
لا تزال الكنيسة تحاول جاهدة، ومنذ ألفيْ عام، أن تجد حلاًّ وتأويلاً مقنعاً لمعضلة ملكي صادق، إلا أنها لم تُفلح حتى اليوم، وهي تعتقد أن الزمن سيجد حلاًّ لهذه النقطة السوداء في "كتاب الله".
4- هل أُرسل المسيح ليُصلب؟
تدّعي المسيحية أن الله القدير خلق البشرية وهي ضمنياً آثمة ووارثة لخطيئة آدم، وترى أن هذه الخطيئة الموروثة ثقيلة للغاية، إلى حدّ أن خالق السموات والأرض وخالق مفاهيم الذنوب والغفران، لا يستطيع غفرانها. ففي تقدير المسيحية، هذا يتخطى قدرات الله. لذلك، ومن أجل خلاص البشر، ودائماً وفقاً للمعتقد المسيحي، ارتأى الله أن يرسل "ابنه الوحيد" النقي والطاهر من الذنوب وذو الطبيعة الإلهية من أجل أن يُضرب ويُصفع ويُعرّى ويُجرح ويُهان ويُذلّ ليموت أخيراً أشنع ميتة مُعلّقاً على الصليب، ويصبح بذلك لعنة عل كل البشرية:
" المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة ". [غلاطية 3 : 13].
من أجل فحص وامتحان مصداقية هذه الفكرة، لنبحث فيما يقوله الكتاب المقدس في هذه المسألة:
يُسجّل "القديس متَّى" في إنجيله، أن بطرس وابنيْ زبدي كانوا مع يسوع قُبيْل مجيء زعماء القوم والكهنة ليلقوا القبض عليه. في تلك اللحظة تكلم يسوع مع بطرس وابنيْ زبدي وقال:
" ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب. فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت. امكثوا هنا واسهروا معي ".[متى 26 : 37-38].
وبعد ذلك، ابتعد يسوع عنهم قليلاً وبدأ يُصلّي:
" ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت ". [متى 26 : 39].
ويذهب "متَّى" ليؤكد، أن يسوع أعاد هذه الصلاة ثلاث مرات!
الواضح من خلال هذه الآيات، أن يسوع لم يكن لديه النية للموت، ومن الواضح أيضاً، أن يسوع كان يُصلّي بشدة حتى يبعد الله عنه الموت.
إذا كان يسوع مُرسلاً من الله ليُصلب ويموت، فلماذا تَردّد وصلّى ثلاث مرات حتى يُبعد الله عنه "هذه الكأس "؟
تجيبنا الكنيسة: "إن هذا التردد يأتي من الجانب البشري ليسوع، أما روحه فلم تتردد إطلاقاً". ولكن ردّ الكنيسة هذا، يتناقض مع ما جاء في الآية : "فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت"، هذا هو كلام يسوع يؤكد فيه أن نفسه أو روحه هي الحزينة، وليس جسده.
في النص اليوناني، وهي اللغة التي تُرجم منها العهد الجديد، نجد أن لفظة "نفسي" هي “pneuma” وهي تعني روح وهي ذات اللفظة التي تُعطى للروح القدس.
لماذا تردد يسوع وصَلّى إلى الله طالباً منه أن يبعد عنه هذه الكأس؟
ألم تعد مسألة خلاص البشر من الهلاك في غاية الأهمية في نظر يسوع؟! هل أصبح الخلاص ذات أهمية ثانوية في أولوياته؟ هل كان يحاول التملّص من مهمته الأساسية؟!
وإذا كان يسوع مُرسلاً من الله ليُصلب ويموت من أجل خلاص البشرية، وبالتالي تكون هذه مهمته الأساسية، فلماذا سأل الله:
"ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني أي يا إلهي لماذا تركتني ". [متى 27 : 46]؟!
هل يمكن أن تصدر هذه الكلمات عن يسوع؟ ألم يكن مؤمناً بقضاء الله؟ حتى أن شخصاً عادياً كان سيبتسم وسيفرح عند الاحتضار إذا كان يعلم أنه بتضحيته هذه سيُنقذ ويُخلّص كل البشرية من خطيئتها الأصلية ومن الهلاك!
عندما طلب الله من النبيّ إبراهيم أن يُضحي بابنه، لم يعترض ولده على مشيئة وقضاء الله. فلماذا اعترض "ابن الله الوحيد" على مشيئة وقضاء "أبيه"؟!
" ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيداء. وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود. ابنتي مجنونة جدا. فلم يجبها بكلمة. فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح وراءنا. فأجاب وقال لم أُرسل إلاّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعنّي. فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب ".
[متى 15 : 21-26].
وإذا كان يسوع مُرسلاً من الله من أجل خلاص كل البشرية بلا استثناء، فلماذا تكلم بالأمثال الغامضة حتى لا يفهم بعض الناس فلا يرجعوا ولا يُغفر لهم:
" ولما كان وحده سأله الذين حوله مع الاثني عشر عن المثل. فقال لهم قد أعطي لكم أن تعرفوا سر ملكوت الله. وأما الذين هم من خارج فبالأمثال يكون لهم كل شيء. لكي يبصروا مبصرين ولا ينظروا ويسمعوا سامعين ولا يفهموا لئلا يرجعوا فتغفر لهم خطاياهم ". [مرقس 4 : 10-12].
وإذا كان يسوع مُرسلاً من الله من أجل خلاص كل البشرية بلا استثناء، فلماذا لم يرسل تلاميذه إلى طريق الأمم وللسامريين حتى يُغفر لهم:
" هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا. إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ". [متى 10 : 5-6].
"فأجاب وقال لم أُرسل إلاّ إلى خراف بيت إسرائيل الضالة" [متى 15 : 24]، هل كان يسوع مُرسلاً من الله ليُصلب ويموت من أجل خلاص اليهود فقط؟
إذا كان يسوع لم يرَ من المناسب أن يشفي امرأة غير يهودية، ولم يرَ من المناسب أن يفهم كل الناس حتى لا يرجعوا فيُغفر لهم، ولم يرَ من المناسب أن يذهب التلاميذ إلى الأمم الأخرى، فكيف نتوقع منه أن يكون مُرسلاً لخلاص كل البشرية؟! ألم يعلم يسوع منذ البداية أنه مُخلّص جميع البشر أم أنه أدرك هذا الأمر فيما بعد؟! هل تغيرت مهمته لاحقاً؟ ألم يقرر الآب أنه من الضروري "لابنه الوحيد" أن يموت مصلوباً من أجل الخلاص إلا عند نهاية مهمة يسوع؟
" من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه فإنه يسر بالرأفة".[ميخا 7 : 18].
" أما هو فرؤوف يغفر الإثم ولا يهلك وكثيرا ما رد غضبه ولم يشعل كل سخطه. ذكر أنهم بشر. ريح تذهب ولا تعود ". [المزامير 78 : 38-39].
" أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها ". [إشعياء 43 : 25].
" واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا ". [متى 6 : 12].
" واغفر لنا خطايانا لأننا أيضا نغفر لكل من يذنب إلينا ". [لوقا 11 : 4].
ألا تجيب هذه الآيات عن سؤالنا؟ ألا توضح هذه الآيات أن الله هو من يغفر خطايانا؟
304- كيف يغفر الله الخطايا؟
كيف يغفر الله الخطايا؟ هل هو قادر على أن يقول ببساطة "مغفورة لك خطاياك" لكل من يرجع إليه بالتوبة؟ أم يجب أن نتقرّب إليه بذبيحة حتى يقبل توبتنا؟ هل هو بحاجة للتضحية بشخص يكون نقيّاً طاهراً من الذنوب كذبيحة، وبالتالي يكون كفارة لذنوبنا؟ هل فعلاً نحن نحتاج إلى سفك الدماء حتى نحصل على المغفرة وذلك وفقاً لما يقوله "كتاب الله":
" وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة ". [عبرانيين 9 : 22]؟!
للإجابة على هذا التساؤل، لا بد لنا من الرجوع إلى الكتاب المقدس:
" إني أريد رحمة لا ذبيحة ". [متى 9 : 13] ؛ [متى 12 : 7].
" لعل بيت يهوذا يسمعون كل الشر الذي أنا مفكر أن أصنعه بهم فيرجعوا كل واحد عن طريقه الرديء فأغفر ذنبهم وخطيتهم ". [إرميا 36 : 3].
" ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران ".
[إشعيا 55 : 7].
" أعترف لك بخطيتي ولا أكتم إثمي. قلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت أثام خطيتي".[المزامير 32 : 5].
" بالرحمة والحق يستر الإثم ". [أمثال 16 : 6].
" فإذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلّوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فإنني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرىء أرضهم ".[أخبار الأيام الثاني 14:7].
" فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه. في بره الذي عمل يحيا. هل مسرة أسر بموت الشرير يقول السيد الرب. ألا برجوعه عن طرقه فيحيا. وإذا رجع البار عن بره وعمل إثما وفعل مثل كل الرجاسات التي يفعلها الشرير أفيحيا. كل بره الذي عمله لا يذكر. في خيانته التي خانها وفي خطيته التي أخطأ بها يموت. وأنتم تقولون ليست طريق الرب مستوية. فاسمعوا الآن يا بيت إسرائيل. أطريقي هي غير مستوية. أليست طرقكم غير مستوية. إذا رجع البار عن بره وعمل إثما ومات فيه فبإثمه الذي عمله يموت. وإذا رجع الشرير عن شره الذي فعل وعمل حقا وعدلا فهو يحي نفسه. رأى فرجع عن كل معاصيه التي عملها فحياة يحيا. لا يموت. وبيت إسرائيل يقول ليست طريق الرب مستوية. أطرقي غير مستقيمة يا بيت إسرائيل. أليست طرقكم غير مستقيمة ". [حزقيال 18 : 21-29].
" فعل العدل والحق أفضل عند الرب من الذبيحة ". [أمثال 21 : 3].
" إني أريد رحمة لا ذبيحة ومعرفة الله أكثر من محرقات ". [هوشع 6 : 6].
" بم أتقدم إلى الرب وأنحني للإله العلي. هل أتقدم بمحرقات بعجول أبناء سنة. هل يسر الرب بألوف الكباش أو بربوات أنهار زيت هل أعطي بكري عن معصيتي ثمرة جسدي عن خطية نفسي. قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع إلهك ". [ميخا 6 : 6-8].
" لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب. أتخمت من محرقات كباش وشحم مسمنات. وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أسره. حينما تأتون لتظهروا أمامي من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري. لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة. البخور هو مكرهة لي. رأس الشهر والسبت ونداء المحفل. لست أطيق الإثم والاعتكاف. رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي. صارت علي ثقلا. مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم وإن كثرتم الصلوة لا أسمع. أيديكم ملآنة دما. اغتسلوا وتنقوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني كفوا عن فعل الشر. تعلموا فعل الخير. اطلبوا الحق انصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة. هلم نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف".[إشعياء 1 : 11-18].
ألا نقرأ ونتدبر كلمات يسوع في آية [مرقس 2 : 9]:
" أيما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يقال قم واحمل سريرك وامش".
ألا نجده يخبرنا أن غفران خطايا المفلوج هي أسهل إليه من شفائه وجعله قادراً على المشي:
" ثم دخل كفرناحوم أيضا بعد أيام فسمع أنه في بيت. وللوقت اجتمع كثيرون حتى لم يعد يسع ولا ما حول الباب. فكان يخاطبهم بالكلمة. وجاءوا إليه مقدمين مفلوجا يحمله أربعة. وإذ لم يقدروا أن يقتربوا إليه من أجل الجمع كشفوا السقف حيث كان وبعدما نقبوه دلوا السرير الذي كان المفلوج مضطجعا عليه. فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج يا بني مغفورة لك خطاياك. وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون في قلوبهم. لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف. من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده. فللوقت شعر يسوع بروحه أنهم يفكرون هكذا في أنفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم. أيما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يقال قم واحمل سريرك وامش. ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا. قال للمفلوج. لك أقول قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك. فقام للوقت وحمل السرير وخرج قدام الكل حتى بهت الجميع ومجَدوا الله قائلين ما رأينا مثل هذا قط ". [مرقس 2 : 1-12].
إذا كان يسوع قادراً على غفران الخطايا بهذه السهولة، أي بمجرد أن يقول: "مغفورة لك خطاياك"، فما بال الله القدير؟! ألا تدخل المقدرة على غفران الذنوب ضمن قدرات الله، وحتى دون الحاجة إلى لفظ كلمات: "مغفورة لك خطاياك"؟ أو لم يعترف يسوع نفسه بأن الله أعظم منه: "لأن أبي أعظم مني". [يوحنا 14 : 28].
هل الله محتاج إلى التشفي وتبريد القلب بعقاب التائب؟ ألا نرى من خلال هذه الآيات سعة رحمة الله؟ لماذا يُبيح الله الغفور الرحيم إراقة دم يسوع في حين أنه يكفينا أن نطلب منه الغفران بكل بساطة؟ أليس الله هو من يضع القوانين؟ لماذا يجب على أحدنا أن يتألم لخطيئة ارتكبها شخص آخر، حتى ولو كانت خطيئة آدم؟ هل هذا هو عدل الله؟
لو أن إنساناً تمرد عليه عبيده وفعلوا الظلم والفحشاء وهو قادر على عقابهم ولكنه خرج بين الناس ينادي "إني عادل مقدس وعدلي يستلزم عقاب الخاطئ بأشد العقاب ولا يمكن أن أغض الطرف عنه كيف وأنا القدوس العادل"، ثم يرفع يده ويضرب ولده أو يضرب نفسه ثم يقول: "ها إن عدلي قد استوفى حقه ووفيت ما على الخاطئين من الديْن. يا كتابي اكتبوا أن السيد افتدانا من لعنة قانون الشرف والصلاح إذ صار لعنة لأجلنا". هل نقول لهذا الرجل مرحباً بك وبعدلك وقداستك وبغضك للخطيئة ومرحباً وألف مرحباً بعقلك؟ هل يقول له أحد ذلك؟
إذا قبلت محاكمنا اليوم بمعقابة شخصٍ بريءٍ وافتدت به المجرم، فهل نقول أن العدل قد تحقق؟ أم أننا نقول أن ظُلْماً قد أُضيف إلى ظُلمٍ؟ لماذا تُصرّ الكنيسة وتحاول جاهدةً في إقناعنا بالنظرية القائلة أن ظلم + ظلم = العدالة؟!
404- من يتحمّل الخطايا؟
إذا كانت مهمة يسوع الجوهرية هي أن نؤمن بموته على الصليب ككفارة للخطيئة الأصلية وهي بالتالي سبب لخلاص البشر، ألا ننتظر منه أن يطبع هذه الفكرة في أذهان أتباعه بالترديد المتواصل ليلاً نهاراً، صيفاً وشتاءً؟ لماذا لا نجد تصريحاً واحداً من يسوع نفسه لهذه المسألة الخطيرة في الإنجيل؟ لماذا لا نجد الخطيئة الأصلية مكتوبة بالأحرف الحمراء؟! لماذا لا نجد الخطيئة الأصلية إلا في كتابات بولس التي هي بدورها انعكاساً للمثرانية الوثنية؟!
ولكن يبقى السؤال: من يتحمّل الخطايا؟ لندع الكتاب المقدس يجيبنا على هذا السؤال:
" وأنتم تقولون لماذا لا يحمل الابن من إثم الأب. أما الابن فقد فعل حقا وعدلا حفظ جميع فرائضي وعمل بها فحيوة يحيا. النفس التي تخطىء هي تموت. الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون ". [حزقيال 18 : 19-20].
" لا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء. كل إنسان بخطيئته يقتل ". [التثنية 24 :16].
" في تلك الأيام لا يقولون بعد الآباء أكلوا حصرما وأسنان الأبناء ضرست. بل كل واحد يموت بذنبه كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه ". [إرميا 31 : 29-30].
ألا يتوضح لنا من خلال هذه الآيات أن لا أحد يتحمّل خطيئة أحد؟ حتى الأب نفسه لا يتحمّل خطيئة ابنه! فكيف يتحمّل يسوع خطيئة أبيه آدم (انظر سلسلة نسب يسوع في لوقا 3 : 38)؟؟ فإذا كان يسوع لا يتحمّل الخطيئة الأصلية، فما الحاجة إلى أن يُصلب؟ ما الحاجة إلى الكفارة والذبيحة؟ ما الحاجة إلى إراقة الدماء؟ ألا نقرأ في الكتاب المقدس:
" لا تدنسوا الأرض التي أنتم فيها لأن الدم يدنس الأرض..". [عدد 35 : 33].
إذا كنا لا نتحمّل خطيئة آدم، فلا حاجة ليسوع أو لأحد غيره أن يُقدّم كذبيحة أو ككفارة. لا حاجة لأن يُصلب أي إنسان.
504- وصية المسيح
" وإذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية. فقال له لماذا تدعوني صالحا. ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله. ولكن إن أردت أن تدخل الحيوة فاحفظ الوصايا. قال له أية وصايا. فقال يسوع لا تقتل. لاتزن. لا تسرق. لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمك وأحب قريبك كنفسك. قال له الشاب هذه كلها حفظتها منذ حداثتي. فماذا يعوزني بعد. قال له يسوع إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال واتبعني ". [متى 19 : 16-21].
لا ندري ماذا حصل لهذا الرجل الذي طلب مباشرة من يسوع نفسه أن يريه طريق الصلاح والكمال. ولكن لنفترض أن الرجل مات في اليوم التالي، فهل سيكون مصيره إلى جهنم لأنه لم يؤمن بالخطيئة الأصلية ولا بالبنوّة الإلهية ولا بالثالوث الأقدس ولا بالصلب ولا بالقيامة؟! لقد تلقّى هذا الرجل وصية الصلاح والكمال والشروط لدخوله إلى ملكوت الله بالأحرف الحمراء، من فم يسوع مباشرة! أمَره يسوع بحفظ وصايا موسى والزهد في هذه الحياة المادية! لماذا لم يأمره بالإيمان بأي من معتقدات المسيحية الحالية؟ أين الخطيئة الأصلية في هذه الوصية؟ أين الثالوث؟ أين الصلب؟ أين القيامة؟
" حينئذ خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلا. على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه. ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون". [متى 23 : 1-3].
" لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس(ناموس موسى) حتى يكون الكل. فمن نقص إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السموات ". [متى 5 : 17- 19].
" ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس ". [لوقا 16 : 17].
لماذا لا نرى أي ذِكْر للخطيئة الأصلية؟ لماذا لا نرى أي أثر لمسألة الصلب؟ فوفقاً لما قاله يسوع: من أجل دخول ملكوت السموات يجب أن نحفظ الوصايا ونعمل بها.
كيف يرضى الله بأن يضع "ابنه الوحيد" على الصليب، وهو القائل:
" وإذا كان على إنسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة. فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم. لأن المعلق ملعون من الله. فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيبا ".
[التثنية 21 : 22-23].
ما هو مصير الأنبياء كإبراهيم وموسى ونوح وغيرهم من الذين عاشوا في فترة ما قبل المسيح؟ ما هو مصير قومهم؟ هل سيُدانون لأن رسالة الخلاص وصلت متأخرة؟ أو لم يكن من المنطق أن يرسل الله "ابنه الوحيد" فور ارتكاب آدم للخطيئة الأصلية، وهكذا تخلص جميع الأمم؟
804- الخطيئة الأصلية في العهد القديم
" واخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. وأوصى الرب الإله آدم قائلاً من جميع شجر الجنة تأكل أكلا. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت... فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تدعى امرأة لأنها من امرءٍ أُخذت... وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان. وكانت الحية أحْيَل جميع الحيوانات البرية... فقالت للمرأة أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة نأكل واما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا فقالت الحية للمرأة لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر...فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها ايضا معها فأكل فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانين... وصنعا لأنفسهما مآزر. [التكوين، الإصحاح 2و3].
كيف يقول الله لآدم "وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" وقد أكل آدم من الشجرة فلم يمت؟ والتوراة تقول أن الحية قالت لحواء "لا تموتان موتاً بل يعلم الله أنه يوم تأكلا من الشجرة تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الحسن والقبح"! والتوراة قد بيّنت صدق الحية وحسن نصيحتها. فلما أكل آدم وحواء من الشجرة انفتحت أعينهما وعلما انهما عريانان. فهل تكون الحية أصدق من الله؟ فهل ينسب العهد القديم منقصة الكذب والخديعة إلى الله وتنسب فضيلة النصيحة والصدق إلى الحية؟
يُعلّل رجال اللاهوت أن الموت الذي خوّف الله به آدم ليس هذا الموت الجسماني بل هو الموت الروحي، فإن آدم لما تعدى الوصية استوجب سخط الله خالقه وهذا هو الموت الروحي.
إلا أن نفس هذه التوراة تبين خطأ هذا الاعتذار البارد. فإنها تقول أن آدم قبل أكله من الشجرة كان لا يعرف الحسن والقبيح ولا الخير والشر، حتى أنه لم يكن يميز أنه عريان ولم يكن يخجل فليس له حينئذ حياة روحية. وأن من يكون على مثل هذه الحال لا يدرك قبح المخالفة ولا يصح السخط عليه ولا يصح معاقبته. وكيف يصح السخط على من لا يعرف الحسن لكي يعرف حسن الطاعة ويرغب فيها، ولا يعرف القبيح والشر لكي يعرف قبح المخالفة للوصية. إن محاكمنا اليوم تنظر بعين الرحمة والتسامح إلى الأشخاص الذين لا يستطيعون التمييز بين الخير والشر كالأطفال والمعوقين عقلياً! فهل محاكمنا هي أعدل من إله سفر التكوين؟
إن أكل آدم من الشجرة أوجب له الحياة الروحية حيث صار كالله عارف الحسن والقبيح والخير والشر وصار قابلاً لأن يشرق في قلبه نور الإيمان والرغبة في الطاعة.
إذا كان آدم لا يستطيع التمييز بين الخير والشر وبين الحسن والقبيح، فبأي حقٍ يعاقبه الله؟ وإذا كان عجز آدم عن التمييز قد أسقط حق الله في المعاقبة، فهل يكون للخطيئة الأصلية أي وجود؟ وإذا كانت الخطيئة الأصلية غير موجودة، فما هو مبرر مجيء يسوع وفقاً للمعتقد المسيحي؟
تذهب الكنيسة المسيحية مذهباً آخر في تعليلها لمعنى " موتاً تموت". فهي تقول أنه يصير ممن يعرض عليه الموت ولا يبقى خالداً وأن أكله من الشجرة يغرس في جسمه بذور الموت ويجعله مستعداً لأسباب الفناء، ومثل هذا التعبير جائز في الكلام.
إن نفس التوراة أيضاً تبيّن خطأ هذا الاعتذار. فالعهد القديم يوضح أن آدم لم يُخلق للبقاء بل قد وقعت المحاذرة والتدابير الاحتياطية لئلا يأكل من شجرة الحياة فيعيش إلى الأبد ولأجل ذلك طُرد من الجنة وأقيمت الحراسة على شجرة الحياة خوفاً من أن يأكل آدم منها فتدوم حياته:
" وقال الرب الإله هوَذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد. فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أُخذ منها. فطرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة ". [التكوين 3 : 22-24].
القرآن الكريم يذكر بعض قصص التوراة، بما فيها قصة آدم وزوجته. إن القرآن لم يذكر أن الله قد خوّف آدم بالموت. ولم يذكر أن الشجرة هي شجرة معرفة الخير والشر ولم يذكر نوعها. ولكن ربما كانت الشجرة المُحرّمة ترمز إلى كل حرام أراد الله للإنسان أن يتركه، فقد أحلّ الله له الطيبات مما يأكل أو يشرب أو يتلذذ أو يلبس، وحرّم عليه الأشياء المتصلة بسلامته المادية والمعنوية. ولقد حدثنا الله في القرآن أنه منح آدم علم الأشياء قبل وقوع عملية النهي [البقرة:31]. وربما نستوحي من آية [طه:115] بأن هناك عهداً من الله لآدم في مهماته ومسؤولياته مما يدخله في نطاق الوعي المعرفي الذي يطل به على آفاق الحياة، فلم يكن آدم جاهلاً بنفسه أو بموقعه أو بمسؤوليته قبل وقوع التحريم.
بعدما أعطاه العلم، حذره الله من إبليس وخوّفه بالخروج من نعيم الجنة والوقوع في شقاء العيش، فإن الجنة له دار نعيم وراحة لا يجوع فيها ولا يعرى ولا يظمأ ولا يضحى. ولم يذكر القرآن أن آدم وامرأته كانا قبل ذلك عريانيْن، بل ذكر في سورة الأعراف الآية 26 أنهما قبل ذلك كان عليهما لباس. والقرآن لا يتحدث عن أية حالةٍ سلبيةٍ للمرأة في إغواء آدم كما في التوراة التي تقول أن حواء هي أصل الإغواء. فليست هناك أية مشكلة في علاقتهما ببعضهما البعض في حياتهما المشتركة، بل يتحدث القرآن عن أن التكليف كان موجهاً إليهما معاً على أساس المسؤولية المستقلة لكل واحد منهما وأباح لهما الأكل من حيث شاءا وخاطبهما معاً بالنهي عن الأكل من الشجرة [الأعراف:19]. وكانت وسوسة الشيطان لهما معاً [الأعراف:20]. فكانا معاً ضحية وسوسته وخداعه. فالقرآن الكريم في قصة آدم ينسب الكذب والخداع إلى الشيطان وأخرج كل خرافة موجودة في التوراة.
وكان نداء الله لهما معاً من خلال أن كل واحد منهما يتحمل المسؤولية في العصيان والاستسلام لخداع الشيطان بشكل مستقل من دون أي ارتباط بالآخر أو أية علاقة له به [الآعراف:22]. ولما شعرا بالموقف الصعب أمام الله، تابا معاً وانقطعا إليه [الأعراف:23]. هكذا نجد القرآن لا يُحمّل المسؤولية عن سقوط آدم أمام التجربة، بل يُحمّل المسؤولية للرجل والمرأة معاً على حد سواء لأن الله خلق لكل منهما عقلاً يدرك به الحسن والقبح. فهما يقفان على قدم المساواة في خط المسؤولية.
" وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم. ونوجد نحن أيضا شهود زور لله لأننا شهدنا من جهة الله أنه أقام المسيح وهو لم يقمه إن كان الموتى لا يقومون. لأنه إن كان الموتى لا يقومون فلا يكون المسيح قد قام. وإن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم ".
[1كورنثوس 15 : 14-17].
يجب أن نُسلّم أولا بأن كلمة "المسيح" ليست إسماً وإنما هي لقب. إنها ترجمة للكلمة العبرية "مسيّاه"(mashiyach) ، بمعنى "الممسوح بالدهن أو الزيت المقدس". والمرادف في اللغة اليونانية للممسوح بالدهن أو الزيت المقدس هي كلمة "خريستوس" (Christos, CRISTOS) التي نحصل منها على كلمة "كرايست" (Christ) الإنجليزية. حتى أن يسوع (Jesus) ليس اسمه الحقيقي؛ فيسوع هو الترجمة اللاتينية للاسم العبري "يشوع" (Yeshua or Joshua) الذي هو أيضاً اختصار لاسم "هيوشع" (Yehoshua).
وقد كان الكهنة والملوك "يمسحون" حينما يرسمون للخدمة (من الرسامة وهو اصطلاح كنسي يعني التكريس أو التعيين بوظيفة مقدسة). ويمنح الكتاب المقدس هذا اللقب حتى للملك كورش الوثني الفارسي:
"هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه… " [إشعياء 45: 1].
يوجد اليوم أكثر من ألف مليون مسيحي يؤمن بأن يسوع الناصري هو المسيح. وهم يُقدّمون ألف نبوءة من كتاب اليهود المقدس (العهد القديم) لإثبات ادعاءهم بأن يسوع كان المسيح الذي وُعد به اليهود.
لندَعْ الألف نبوءة ولنفحص ادعاء يسوع الوحيد الغير قابل للالتباس في الإنجيل ونفحص ما إذا كان قد حقق وعده ليهود.
لم يكن اليهود بالذين يقبلون ادعاء يسوع بأنه هو المسيح المنتظر لمجرّد جرأته عليه، لذا فقد طلبوا منه برهاناً!
يُسجّل "القديس متَّى" أن العالمين من اليهود – الكتبة (جمع كاتب وهو المفسر والمعلم للشريعة والسُّنة الموسوية) والفريسيين (جمع فريس وهو الذي يتبع مذهباً دينياً يهودياً يتميز بالتمسك الشديد بالشريعة وبالتعاليم الدينية) – قدِموا إلى يسوع وسألوه:
" يا معلم نريد أن نرى منك آية ". [متى 12 : 38].
إنما كانوا يطلبون حقيقة شيئاً من قبيل "الخدع السحرية" وضرباً من "خِفّة اليد". فهذه هي نوعية الآيات أو المعجزات التي كانوا يبحثون عنها. فقد حسبه اليهود خطأ ساحراً أو عرّافاً أو مشعوذاً.
ويجيب يسوع:
" جيل شرير وفاسق يطلب آية (أي معجزة) ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي، لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال ".
[متى 12 : 39-40].
إن يسوع لا يستشهد على اليهود "ببارتيماوس" الذي أبرأه، ولا يتحدث عن المرأة التي شفاها بمجرد أن لمست هدب ثوبه، ولا عن الألفيْ خنزير التي أهلكها ليشفي رجلاً مسكونا بروح شريرة، ولا عن الخمسة آلاف أنسي الذين أطعمهم وأشبعهم ببضعة قطع من السمك والخبز...
قال يسوع : لا تعطى له آية إلا آية واحدة وهي آية يونان (يونس) النبيّ!
إن يسوع بذلك يضع كل "البيْض" في سلّة واحدة (كما يقول المثل الإنجليزي). إذن فادعاء يسوع بأنه المسيح يكون رهناً بتحقيق الآية الوحيدة التي كان على استعداد لأن يقدّمها. فهل حقق يسوع الآية الوحيدة التي قدّمها؟ تجيب المسيحية إجماعاً: "نعم". وذلك دون مبالاة للنصيحة الكتابية: أن لا تؤخذ الأمور كقضايا مسلمة ولكن "امتحنوا كل شيء". [تسالونيكي 5 : 21].
ماذا كانت آية (أي معجزة) يونان النبيّ ؟
لا بدّ من رجوعنا إلى كتاب يونان في العهد القديم لكي نعرف الإجابة. لقد أمر الله يونان بالذهاب إلى نينوى لينذر أهلها بأن يتوب كل واحد منهم ويرجع "عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم".[يونان 3 : 8].
ولكن يونان كره الذهاب إلى أهل نينوى منذِراً ولذا ذهب إلى يافا بدلاً من نينوى وأخذ سفينة ليهرب من أمر ربه. وبينما كان في البحر حدثت عاصفة مرعبة. وكان لدى البحارة اعتقاداً خرافياً بأن سبب الاضطراب الذي يحدث بالبحر هو شخص هارب من أمر سيّده. ثم أخذ البحارة يتساءلون. قالوا: " هلم نلقي قرعا لنعرف بسبب من هذه البلية. فألقوا قرعا فوقعت القرعة على يونان ". [يونان 1 : 7].
ورغم تباطىء يونان المؤقت عن تنفيذ مهمته، فقد تطوع برجولة وتقدم بكل شجاعة: " فقال لهم خذوني واطرحوني في البحر فيسكن البحر لأنني عالم أنه بسببي هذا النوء العظيم عليكم ". [يونان 1 : 12].
بما أن يونان قد قدّم نفسه طواعية كضحية فداء، إذن فلم يكن هناك داع لشنقه قبل طرحه في البحر ولا لطعنه برمح ولا لأن يُكسر له عظم ذراع أو طرف. فعيْن كلامه هو: " خذوني واطرحوني ".
والآن ينشأ هذا السؤال: هل كان يونان ميتاً أم حيّاً حينما طرحه قائد السفينة وطاقمها من عليها ؟
أي طفل مسيحي يحضر درس الأحد سيجيب فورا: " حيّاً ! " ثم تسكن العاصفة. هل كان هذا من قبيل الصدفة؟
ثم يبتلع الحوت يونان.
هل كان يونان ميتاً أم حيّاً حينما: " فصلّى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت ". [يونان 2 : 1]؟!
المؤكد هو أن الأموات لا يتضرعون ولا يُصلّون! الإجابة مرة أخرى: " حيّاً ! ".
هل كان حيّاً أم ميتاً حينما كان الحوت يجوب به البحر مدة ثلاثة أيام وثلاث ليال؟
الإجابة: " حيّاً !".
وهل كان يونان ميتاً أم حيّاً حينما ألقى به الحوت على الشاطىء في اليوم الثالث؟
بالطبع كان " حيّاً ! ".
وما هي نبوءة يسوع التي تنبّأ بها عن نفسه؟
قال يسوع: " كما كان يونان… هكذا يكون ابن الإنسان". أي مثل يونان. وكيف كان يونان؟ هل كان ميتاً أم حيّاً مدة ثلاثة أيام وثلاث ليال؟ حيّاً ! حيّاً ! حيّاً ! هي الإجابة التي يُجمع عليها اليهود والمسيحيون والمسلمون!
إذن فلو كان يونان حيّاً مدة ثلاثة أيام وثلاث ليال، فقد كان يجب إن يكون يسوع أيضاً حيّاً في قبره كما سبق وتنبّأ بنفسه!
ولما كانت المسيحية تتعلق بخيط واهٍ مُتمثّلاً في موت يسوع من أجل خدمة فكرة الخلاص، لذا فقد لزمها أن تجيب بأن يسوع كان ميتاً لثلاثة أيام وثلاث ليال. والتناقض واضح بين ما تفوَّه به يسوع (بخصوص النبوّة محل النقاش) وبين ما تحقّق منها في زعْم المسيحيين.
فأما يونان فقد ظل حيّاً مدة ثلاثة أيام وثلاث ليال، وأما يسوع فقد كان ميتاً مدة ثلاثة أيام وثلاث ليال في زعم المسيحيين، وهذا شديد المخالفة لما حدث بالفعل ليونان.
إن يسوع قال: "كما كان يونان" أي مثل يونان، ولم يقل "مخالف ليونان". وإن صدق هذا، فطبقاً لمقياس يسوع الذي أعطاه بنفسه فليس هو مسيح اليهود الحق، وإذا كان سِجِل الإنجيل أََصْلِي، فكيف نلوم اليهود على رفضهم المسيح؟!
إن تأكيد نبوءة يسوع [متى 12 : 40]، يتعلق بعامل الزمن: "مدة ثلاثة أيام وثلاث ليال". أرجو ملاحظة أن كلمة " ثلاثة " قد كُرِّرت أربع مرات في هذه الفقرة لإثبات أن يسوع سيحقق النبوءة فيما يتعلق بطول الفترة الزمنية التي سيمضيها في القبر. وإذا كان الذي يؤكد عليه يسوع هنا هو عامل الزمن، فدعنا إذن نسأل عمّا إذا كان يسوع قد حقق أيضاً هذا الجانب من وعده الذي أعطاه لليهود؟
سيجيب المسيحي الواثق من عقيدته: "طبعاً".
805- عطلة رسمية
وينشأ هذا السؤال: متى صُلب المسيح؟
العالم المسيحي أجمع يجيب: " يوم الجمعة ". وهذا هو سبب الاحتفال "بالجمعة العظيمة" (Good Friday). وما الذي يجعل "الجمعة العظيمة" بمثل هذه المنزلة الطيّبة؟ يقول المسيحيون: "هو موت المسيح على الصليب في هذا اليوم ليغسل عنا خطايانا".
إذن فهل قُتل يسوع على الصليب يوم الجمعة منذ ألفيْ عام؟ يجيب المسيحيون: " نعم ".
ونخلص من سجلات الإنجيل إلى أن اليهود كانوا يستعجلون التخلص من يسوع. ومن ثم كانت محاكمة منتصف الليل وبعد ذلك إرسالهم يسوع في الصباح إلى بيلاطس. والمستفيدون من ضبْطه كانوا يخافون العامّة، إذ أن يسوع كان بالنسبة إليهم بطلاً وكان أيضا بارّاً بهم. وكان على أعدائه سرعة التخلص منه وقد نجحوا في ذلك. ولكن بقدر ما كانوا متعجّلين في تعليقه على الصليب فإنهم كانوا كذلك متعجّلين في إنزاله من عليه قبل غروب شمس يوم الجمعة من أجل يوم السبت المقدس لديهم. فالسبت يبدأ عندهم حوالي السادسة مساء يوم الجمعة، واليهود قد أُنذروا في [التثنية 21 : 23] من بيَات جثة المصلوب الملعون من الله وبقائها على خشبة الصليب، وبضرورة دفنه في ذلك اليوم حتى لا تتنجّس أرض الله. ولإرضاء الشكوك الدينية لدى الكتبة والفريسيين المرتابين، أُنزل يسوع من على الصليب، ثم غُسل حسب التقاليد اليهودية ولُفَّ بأكفان ووضع الجسد في القبر قبل هبوط الليل.
905- لماذا يُفترض؟
يوجد العديد من الاختلافات بين الطوائف والمِلل المسيحية المتنوعة، إلا أنهم مُجمعون على كل ما تَقدّم. ويُفترض أن يسوع كان في القبر عشيّة يوم الجمعة. كما يُفترض أنه لم يزل في القبر صباح يوم السبت. ويُفترض أيضا أنه لم يزلْ في القبر عشيّة السبت. والمسيحيون متفقون على ذلك من كل قلوبهم. ويُلاحَظ أنني قد ذكرت كلمة " يُفترض " ثلاث مرات. وسبب ذلك هو أن الأناجيل صامتة بخصوص تحديد الوقت الذي خرج فيه يسوع من القبر بالضبط. فيُحتمل أن يسوع قد أُخذ ليلة الجمعة إلى مكان أكثر راحة، ولكن لا يحق لي أن أقول في شأن ما سكت عنه مؤلفو الأناجيل. ولذلك فإنني قد كررت كلمة " يُفترض " ثلاث مرات.
ودعنا ننظر في تحليل أخير ما إذا كان يسوع قد أمضى في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال:
|
|
في القبر |
في القبر |
أسبوع الفصح |
أيام |
ليال |
|
الجمعة: وُضع في القبر قبل غروب الشمس مباشرة. |
صفر |
ليلة واحدة |
|
السبت: يُفترض أن يكون في القبر |
صباح يوم واحد |
ليلة واحدة |
|
الأحد: مُفتقَد قبل شروق الشمس |
صفر |
صفر |
|
المجموع |
صباح يوم واحد |
ليلتان اثنتان |
لا شك أنك ستلاحظ أن المجموع الكلّي هو صباح واحد وليلتان اثنتان وليس ثلاثة أيام وثلاث ليال. ووفقاً للكتب المسيحية المقدسة تكون هذه هي المرة الثانية التي يُخفق فيها يسوع في إثبات النبوءات. فقد كانت المرة الأولى حينما خالف يسوع يونان الذي كان حيّاً في بطن الحوت وهو تماماً عكس ما يدّعيه المسيحيون عما حدث لسيّدهم يسوع، الذي مات ثم قام من بين الأموات. والثانية حينما تكتشف أنه أخفق في تحقيق عامل الزمن أيضاً.
إن أعظم عالم رياضيات سيُخفق في الحصول على النتيجة المرجوّة وهي ثلاثة أيام وثلاث ليال!
10.5- الأربعاء العظيم
لو عَدّ أي شخص راجعاً للوراء من صباح الأحد وطارحاً ثلاثة أيام وثلاث ليال، فيجب أن يحصل على الأربعاء كإجابة لا الجمعة. على هذا فإن يسوع قد صُلب يوم الأربعاء وليس يوم الجمعة كما هو مُفترض لدى المسيحية.
كيف تأتي احتفالات المسيحيين طوال الألفيْ سنة الماضية " بالجمعة العظيمة " بدلاً من "الأربعاء العظيم"؟! ومن ثم فإن أكثر من مليار مسيحي يجهلون اليوم الصحيح للصلب المزعوم! وهذا يعني أن الكنيسة المسيحية التي تدّعي سلسلة غير مقطوعة من البابوات ابتداءاً "ببطرس" وإلى هذا اليوم هي أيضا مُضَلَّلة.
من الذي خدع ملايين المسيحيين طوال الألفيْ عام الماضية: الله أم الشيطان؟
إذا كان بإمكان الشيطان أن ينجح في أن يُلبِس على المسيحيين أمراً من أكثر الأمور الأوَّليّة في عقيدتهم، أيحتفلون بالجمعة العظيمة أم الأربعاء العظيم، فإلى أي مدى يكون أمر إضلاله للمسيحيين في أمور أخرى حول حقيقة وحدانية الله وأُلوهيته وربوبيته أكثر يُسراً؟!
أفلا يمكننا بعد ذلك أن نسأل: أليست هذه أعظم خدعة مضللة في التاريخ؟!
هذه هي المناسبة حينما رجع يسوع إلى تلك العليّة بعد صلبه المزعوم وقال لتلاميذه: "سلام عليكم"، ففزع التلاميذ عندما شاهدوه. ولكن ما الذي يدعوهم (أي التلاميذ) إلى الفزع؟
حينما يشاهد المرء صديقاً أو محبوباً طال افتقاده، فإن ردّ الفعل الطبيعي أن يشعر الإنسان بالسعادة الغامرة وبالابتهاج ويوَّد لو أنه احتضن المحبوب وقبّل يديه وقدميه. فلماذا فزع التلاميذ إذن؟ يجيب المسيحي: " لأنهم (أي التلاميذ) ظنّوا أنهم ينظرون إلى شبح ". فنسأل: هل كان يسوع يشبه الشبح؟ بالطبع لا! إذا فلماذا ظنوا أنهم ينظرون إلى شبح ما دام يسوع لا يشبه الشبح؟
1305- التلاميذ ليسوا شهوداً
إن تلاميذ المسيح لم يكونوا شهود عيان أو شهود استماع على الوقائع الحقيقة خلال الأيام الثلاثة السابقة كما صرّح بذلك القديس مرقس الذي يقول عند أخطر المواقف وأكثرها حرجاً في حياة يسوع: " فتركه الجميع وهربوا ". [مرقس 14 : 50]. وكان إنجيل متَّى أكثر تحديداً حيث جاء فيه: " حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا ". [متى 26 : 56].
إذن فكل معلومات التلاميذ فيما يتعلق فيما جرى لسيّدهم كان من الشائعات. يقول لوقا مؤكداً ذلك في مُستهلّ إنجيله:
" … كما سلّمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدما للكلمة ". [لوقا 1 : 2].
فلقد سمعوا أن سيّدهم عُلِّق على الصليب. وسمعوا أنه أَسلم الروح. وسمعوا أنه مات ودُفن لثلاثة أيام. فإذا واجه المرء إنساناً بهذه السمعة، إذن فلا مفرّ من هذا الاستنتاج: لا بد أنهم كانوا ينظرون إلى شبح. فلا عجب أن هؤلاء التلاميذ قد ذُهلوا حينما رأوه. ويؤكد لوقا أيضاً أن التلاميذ كانوا غير مُصدقين لما وصلهم من أخبار أُشِيعت عن سيّدهم: " فتراءى كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدقوهن. فقام بطرس وركض إلى القبر فانحنى ونظر الأكفان موضوعة وحدها فمضى متعجبا في نفسه مما كان ". [لوقا 24 : 11-12].
فبالله كيف يكون سيّدهم قد تنبّأ وأخبر التلاميذ بما تعجبوا منه؟!
ولكي يزيل يسوع الخطأ من أذهانهم الناشىء عن الخوف الذي استحوذ عليهم، دعاهم إلى استخدام العقل قائلاً: " انظروا يدي ورجلي إني أنا هو ". [لوقا 24 : 39]. كأنه يقول لهم: "ماذا دهاكم أيها الرفاق؟ ألا ترون إنني نفس الإنسان الذي سار معكم وتكلم معكم؟ لماذا تساور عقولكم الشكوك؟".
" جسّوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي ". [لوقا 24 : 39].
وبتعبير آخر فإن يسوع يقول لهم: "إذا كان لي لحم وعظام، إذن فأنا لست شبحاً ولا طيفاً ولا روحاً!"
إن يسوع يخبرهم كما هو مُدَوَّن في هذا النصّ بأبسط لغة، أن ما سُئِل التلاميذ أن يجسّوه وينظروا إليه لم يكن جسداً مُجدّداً (translated body) ولا جسداً محوَّلاً (metamorphosed body) ولا جسداً مُقاماً من الموت (منشوراً) (resurrected body)، لأن الجسد المقام من الموت هو جسد روحاني (spiritualized body). إنه يقول لهم في أوضح الأساليب البشرية الممكنة أنه ليس كما يظنونه. لقد كانوا يظنون أنه روح وأنه جسد مُقام ومُعاد إلى الحياة من الموت. أما يسوع فقد كان في غاية التأكيد على أنه ليس كذلك!
إن الجسد المقام من الموت لا يمكن أن يتجسّد مادياً، كما فعل يسوع كذلك جليّاً، لأن يسوع صرّح شخصياً أن الأجساد المقامة من الموت تتحول إلى طبيعة روحانية.
أنظر إلى الواقعة المُدوَّنة في إنجيل لوقا بالإصحاح العشرين، حيث جاء علماء اليهود (الكهنة والكتبة مع الشيوخ) إلى يسوع بعدد من المسائل المعضلة، ومن بينها مسألة عن المرأة اليهودية التي تزوجت سبعة أزواج الواحد تلوَ الآخر، وفقاً للعادة اليهودية التي تسمح بزواج الأخ بأرملة أخيه ليُقيم لأخيه نسْلاً فلا يُباد اسم أخيه من بني إسرائيل، أنظر [التثنية 25 : 5-10]. وبعد مدة، مات الأزواج السبعة وكذلك المرأة.
إن الفخ الذي نصبه الكهنة اليهود ليستدرجوا إليه يسوع حتى يوقعوه فيه هو هذا السؤال: "ففي القيامة لمن من الأزواج السبعة تكون زوجة؟" حيث أنهم حاجّوا يسوع بأن المرأة كانت زوجة للسبعة جميعاً. ولم تكن هناك مشكلة حينما أدّوا واجبهم نحوها محاولين أن يكون لهم ذرّية منها، لأن كُلاًّ منهم تزوجها، الواحد تلوَ الآخر بالدور، إذ كان بعد وفاة أحدهم يأخذها الآخر زوجة له. ولكن بما أنه، عند القيامة من الموت، سيُعاد كل واحد منهم إلى الحياة في نفس الوقت، فسينشأ صراع في السماء لأن جميع الأزواج السبعة سيريدون أن يحظوا بها في نفس الوقت.
لقد فضح يسوع الزيْف في تصوّرهم الباطل عن القيامة من الموت، بأن قال لهم إنهم عند القيامة من الموت "لا يستطيعون أن يموتوا" [لوقا 20 : 36] بمعنى أن الأشخاص المقامون من الموت سيُخلّدون ولن يكونوا عُرضة للموت ثانية ولا للجوع ولا للعطش ولا للتعب (إذا كان يسوع قد قام من الموت حينما ظهر لمريم المجدلية فلم تعرفه لأنه كان متخفياً فحسبته البستاني وحينما ظهر للتلاميذ وغيرهم بهيئة أخرى. فقد كان يتعيّن ألا يخاف من الموت لأنه حسب الكتب لا يستطيع أن يموت ثانية. فما هو المبرر للتخفي والحذر؟!).
وباختصار فإن جميع أدوات الموت ستتعطل وتفقد قوتها وفاعليتها مع الأجساد المقامة من الموت. ويمضي يسوع في التفسير قائلاً: " لأنهم (أي الأجساد المقامة من الموت) مثل الملائكة " أي أنهم سيصيرون إلى طبيعة ملائكية – طبيعة روحانية، وأنهم سيصبحون مخلوقات روحانية (أي أرواحاً): " لأنهم مثل الملائكة وهم أبناء الله إذ هم أبناء القيامة ". [لوقا 20 : 36].
إن يسوع لم يكن روحاً ولا شبحاً ولا طيْفاً. ولمزيد من التأكيد، بعدما عرض عليهم يديه وقدميه للفحص والتحقق من أن جسده كان مادياً طبيعياً وأن كل اضطرابهم وعدم تصديقهم لم يكن له ما يسوغه، سألهم: "أعندكم ههنا طعام " (يعني شيئا ليأكله). " فناولوه جزءا من سمك مشوي وشيئا من شهد عسل فأخذ وأكل قدامهم ". [لوقا 24 : 41-43].
ماذا كان يحاول يسوع إثباته بكل ما أظهره من رغبة في أن تُلمس يداه وقدماه، وفي أن يمضغ السمك المشوي وشهد العسل أمامهم؟ هل كان ذلك إدعاء أو تظاهر أو مشهد مسرحي؟ يجيب "شلييرماخر" (Schleiermacher, Friedrich Daniel Ernst 1768-1834) (من علماء الكتاب المقدس وصاحب نظرية عن مصدر الأناجيل الأربعة قدمها عام 1832، يفترض فيها وجود مجموعات صغيرة مكتوبة أو فُتات ألَّف منها كاتبو الأناجيل كتاباتهم) عام 1819: "كلا! لو أن المسيح أكل فقط ليُبيّن أن بإمكانه أن يأكل، بينما لم يكن حقّاً بحاجة إلى تغذية، لكان الأمر مجرّد تمثيلية". (من كتاب "في البحث عن يسوع التاريخي" ص 64- ألبرت شفيتزر).
(Albert Schweizer, 1906, “In quest of the historical Jesus”, p.64,).
إن العلماء المسيحيين تشكّكوا منذ أكثر من 200 سنة في موت المسيح على الصليب كما سجّل ألبرت شفيتزر (Albert Schweizer, German theologian, 1875-1965).
إن يسوع يخبركم في أكثر الأساليب اللغوية وضوحاً وخُلوّاً من الغموض، أنه ليس روحاً – لم يتحوّل إلى الطبيعة الروحانية – وأنه ليس إنساناً مُقاماً من الموت. ومع هذا فإن العالم المسيحي بأسره يعتقد أن يسوع أُقيم من الموت – أي تحوَّل إلى طبيعة روحانية.
فمن الذي يكذب أنتم أم هو؟ كيف يمكن أنكم تقرؤون كتابكم المقدس، بلغة قومكم، ومع هذا فإن كل هؤلاء وكل مجموعة لغوية قد أُعدّوا لفهم عكس ما يقرؤونه تماماً؟ فلو أنك كنت تقرأ الكتاب المقدس ولنفرض باللغة العبرية مثلاً وادّعيت أنك لم تفهم ما كنت تقرأ، فإنه يمكنني أن أتقبّل هذه الحقيقة. كذلك لو أنك كنت تقرأه باللغة اليونانية وادّعيت أنك لم تفهم حقاً مدلولات ما هو مكتوب، فيمكنني أن أتقبّل هذه الحقيقة أيضاً. ولكن مخالفة القاعدة كامنة في كونكم تقرؤون الكتاب، كلّ بلغة قومه، وأنكم قد دُرّبتم لكي تفهموا عكس ما هو مكتوب. فكيف تمّ غسل أدمغتكم ؟ أو بالأحرى كيف تمت "برمجتكم"؟ كما يقول الأمريكيون.
أرجو أن تخبروني من هو الذي يكذب؟ هل هو يسوع أم ألف مليون مسيحي في العالم؟ يقول يسوع: "كلا"! عن قيامته من الموت. وأنتم جميعا تقولون: "نعم"!
فمن نصدق نحن؟! يسوع أم تلاميذه المزعومين؟! نحن نُفضّل أن نصدّق المعلم. ألم يقل: " ليس التلميذ أفضل من المعلم ". [متى 10 : 24].
1- الحقيقة الضائعة
تساءل وتحدّى أحد أبرز رجال اللاهوت المتطرفين في الولايات المتحدة، عن السبب الذي من أجله يرفض المسلمون الإعتراف بقيامة المسيح!
بعد قراءة هذه الصفحات الأخيرة، هل يمكننا أن نرى لماذا يرفض المسلمون الاعتراف بقيامة المسيح؟ هل اختلق المسلمون هذه الحقيقة أم هي نتيجة مخيّلتهم الخصبة؟ ألم نقتبس هذه الحقيقة مباشرة من الكتاب المقدس الذي يملكه كل مسيحي في بيته؟
في الواقع، لقد بدأ رجال الدين المسيحيون يدركون شيئاً فشيئاً هذه الحقيقة. ومن أبرز هؤلاء، رجل الدين الأميركي الأسبق دان باركر (Dan Barker) صاحب كتاب "ضياع الإيمان: من التبشير إلى الإلحاد" (Losing faith in faith: From Preacher to Atheist).
ومن المثير أيضاً أن نذكر ما ذكره "القديس متَّى" من أحداث خارقة رافقت "موت" المسيح:
" فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت والصخور تشققت. والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين. وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين". [متى 27 : 50-53].
بالرغم من أن متَّى ذكر هذه الأحداث الخارقة، نجد أن إنجيل يوحنا، والذي كتبه "التلميذ يوحنا ابن زبدي" وفق ما تدّعي الكنيسة المسيحية، قد ارتأى عدم أهمية ذِكر قيام الموتى وتِجوالهم في المدينة ولا ذكر تزلزل وتشقق الأرض ولا ذكر انشقاق حجاب الهيكل ولا ذكر ظُلمة الشمس ولا أي حدث آخر!!! هل أَحسّ "القديس يوحنا" أن هذه الأحداث المذهلة هي ثانوية وغير ذي صلة بالموضوع وبالتالي غير مستحقة لأن تُذكر؟! ألم يلاحظ "القديس يوحنا" تزلزل الأرض تحت قدميه، أو ظلمة الشمس فوق رأسه؟ ألم يلاحظ نُزهة الأموات في المدينة بعيداً عن قبورهم؟! ثم ماذا حدث لهؤلاء الموتى بعد أن تنزهوا في المدينة؟ أين ذهبوا؟
لو افترضنا أن هذه الأحداث العجيبة قد وقعت فعلاً، ألا نتوقع أن نجد لها ذِكراً ليس فقط في نصوص الأناجيل إنما في سجلات التاريخ؟ ولكن يبقى التاريخ صامتاً إزاء هذا الموضوع!
ومن الجدير ذكره أن "حداد الطبيعة" هذا لم يكن حصراً على يسوع فقط. فقبْل نحو أربعين سنة من ولادة يسوع، سجّلت الوثائق الرومانية التاريخية تزامن موت الإمبراطور الروماني الوثني يوليوس قيصر مع نفس الأحداث الخارقة التي رافقت موت يسوع (Julius Caesar 100-44 BC)! هل هذه مجرد صدفة؟ سنرى فيما بعد العلاقة الوثيقة بين المسيحية والوثنية!
1- مسابقة الـ 2000 دولار!
مسابقة الـ 2000 دولار هي عبارة عن تحدّ في غاية السهولة للمسيحيين. هذا التحدّي البسيط هو التالي: " ماذا حصل نهار عيد الفصح؟ ".
أطلب من جميع المسيحيين أن يخبروني ماذا حصل بالتحديد في اليوم الذي وُلِدت فيه إحدى أهم معتقداتهم الدينية ألا وهي قيامة المسيح!!
يجب على المسيحيين أن يكونوا تَوّاقين ومتلهفين للقبول بهذا التحدي لأنه من دون قيامة، لا وجود للدين المسيحي. يقول بولس الرسول:
" وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم. ونوجد نحن أيضا شهود زور لله لأننا شهدنا من جهة الله أنه أقام المسيح وهو لم يقمه إن كان الموتى لا يقومون. لأنه إن كان الموتى لا يقومون فلا يكون المسيح قد قام. وإن لم يكن المسيح قد قام فباطل إيمانكم. أنتم بعد في خطاياكم ". [1كورنثوس 15 : 14-17].
شروط هذه المسابقة سهلة ومنطقية. في كل من الأناجيل الأربعة توجد قصة قيامة المسيح:
إقرأ [متَّى : الإصحاح 28] ؛ [مرقس : الإصحاح 16] ؛ [لوقا : الإصحاح 24] ؛ [يوحنا : الإصحاح 20-21]. واقرأ أيضا [أعمال 1 : 3-12] ؛ [1كورنثوس 15 : 3-8].
يمكن قراءة هذه الآيات الـ 165 في دقائق معدودة. بعدها، ومن دون إزالة أي تفصيل، أطلب من المسيحيين كافة أن يكتبوا قصة كرونولوجية للأحداث التي جرت بين قيامة المسيح حتى صعوده إلى السماء: ماذا حدث أولاً، ثم ثانياً... أين ومتى جرت هذه الأحداث... من تحدث مع من...الخ...
من أجل المساعدة في كتابة هذه القصة، سنزوِّد المسيحيين بعدد من مفاتيح الحلّ التي من الممكن أن تكون ذات فائدة جمّة في فكّ عِقَد هذه المعضلة:
متى ومن ذهب إلى قبر يسوع؟
1- "وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرا والظلام باق". [يوحنا : 20 : 1].
1- " وبعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطا ليأتين ويدهنه. وباكرا جدا في أول الأسبوع أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس ". [مرقس 16 : 1].
1- " وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر ". [متى 28 : 1].
1- "وكانت مريم المجدلية ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات معهن اللواتي قلن هذا للرسل". [لوقا 24 : 10].
ماذا كان هدف هذه النسوة من وراء هذه الزيارة؟
1- فقط لرؤية القبر [متى 28 : 1].
1- لقد سبق أن رأت القبر [مرقس 15 : 47]، جلبن حنوطاً ليدهنه [مرقس 16 :1].
1- لقد سبق أن رأت القبر [لوقا 23 : 55]، جلبن حنوطاً ليدهنه [لوقا 24 : 1].
1- لقد سبق أن دُهن جسد يسوع بالحنوط قبل أن تأتي النسوة [يوحنا 19 : 39-40].
متى اشترت هذه النسوة الحنوط؟
1- " وبعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطا ليأتين ويدهنه ". [مرقس 16 : 1].
1- " وتبعته نساء كن قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده. فرجعن وأعددن حنوطا وأطيابا. وفي السبت استرحن حسب الوصية. ثم في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه...". [لوقا 23 : 55-56]؛ [لوقا 24 :1].
هل كان القبر مفتوحاً عندما وصلت النسوة؟
1- كلا: "وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر. وإذا زلزلة عظيمة حدثت لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه".
[متى 28 : 1-2].
1- نعم: " وبعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطا ليأتين ويدهنه. وباكرا جدا في أول الأسبوع أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس. وكنَ يقلن فيما بينهن من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر. فتطلعن ورأين أن الحجر قد دحرج لأنه كان عظيما جدا ". [مرقس 16 : 1-4].
1- نعم: " ثم في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهن أناس. فوجدن الحجر مدحرجا عن القبر ". [لوقا 24 : 1-2].
1- نعم: " وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر ". [يوحنا : 20 : 1].
من كان موجوداً عند القبر عندما وصلت النسوة؟ وأين كان موقع "الرسل"؟
1- ملاك واحد: " وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر. وإذا زلزلة عظيمة حدثت لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه ".
[متى 28 : 1-5].
1- شاب واحد: "ولما دخلن القبر رأين شابا جالسا عن اليمين لابسا حلة بيضاء فاندهشن".[مرقس 16 : 5].
1- رجلان: " وفيما هن محتارات في ذلك إذا رجلان وقفا بهن بثياب برَاقة ". [لوقا 24 : 4].
1- ملاكان: " فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحد عند الرأس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعا ". [يوحنا 20 : 12].
ماذا قال الرسول أو الرسل؟
1- " فأجاب الملاك وقال للمرأتين لا تخافا أنتما فإني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب. ليس هو ههنا لأنه قام كما قال. هلما انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعا فيه. واذهبا سريعا قولا لتلاميذه أنه قام من الأموات. ها هو يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه. ها أنا قد قلت لكما ". [متى 28 : 5-7].
1- " فقال لهن لا تندهشن. أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. قد قام. ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه. لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس أنه يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه كما قال لكم ". [مرقس 16 : 6-7].
1- "قالا لهن لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ليس هو ههنا لكنه قام. اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل قائلا أنه ينبغي أن يسلم ابن الإنسان في أيدي أناس خطاة ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم".
[لوقا 24 : 5-7].
1- " فقالا لها يا امرأة لماذا تبكين ". [يوحنا 20 : 13].
هل أخبرت النسوة ما حدث لهن؟
1- نعم: " فخرجتا سريعا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه ". [متى 28 : 8].
1- كلا: " فخرجن وهربن من القبر لأن الرعدة والحيرة أخذتاهن ولم يقلن لأحد شيئا لأنهن كن خائفات ". [مرقس 16 : 8].
1- نعم: " ورجعن من القبر وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله ". [لوقا 24 : 9].
1- نعم: " فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب ". [يوحنا 20 : 18].
عندما رجعت مريم المجدلية من القبر، هل علمت أن يسوع قد قام؟
1- نعم:" واذهبا سريعا قولا لتلاميذه أنه قام من الأموات. ها هو يسبقكم إلى الجليل. هناك ترونه. ها أنا قد قلت لكما. فخرجتا سريعا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا تلاميذه ". [متى 28 : 7-8].
1- نعم: " أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. قد قام ". [مرقس 16 : 6].
1- نعم: "قالا لهن لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ليس هو ههنا لكنه قام".[لوقا 24 : 5-6].
1- كلا: " وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر. فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه ". [يوحنا : 20 : 1-2].
متى رأت مريم المجدلية يسوع "المقام" لأول مرة؟
1- قبل رجوعها إلى التلاميذ: " وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال سلام لكما ".
[متى 28 : 9].
1- قبل رجوعها إلى التلاميذ: "وبعد ما قام باكرا في أول الأسبوع ظهر أولا لمريم المجدلية التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين. فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معه وهم ينوحون ويبكون".
[مرقس 16 : 9-10].
1- بعد رجوعها إلى التلاميذ: " وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر. فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه. فخرج بطرس والتلميذ الآخر وأتيا إلى القبر. وكان الإثنان يركضان معا. فسبق التلمبذ الآخر بطرس وجاء أولا إلى القبر. وانحنى فنظر الأكفان موضوعة ولكنه لم يدخل. ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الأكفان موضوعة. والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعا مع الأكفان بل ملفوفا في موضع وحده. فحينئذ دخل أيضا التلميذ الآخر الذي جاء أولا إلى القبر ورأى فآمن. لأنهم لم يكونوا يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات. فمضى التلميذان أيضا إلى موضعهما. أما مريم المجدلية فكانت واقفة عند القبر تبكي. وفيما هي تبكي انحنت إلى القبر. فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدا عند الرأس والآخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعا. فقالا لها يا امرأة لماذا تبكين. قالت لهما أنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه. ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع واقفا ولم تعلم أنه يسوع. قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين. من تطلبين. فظنت تلك أنه البستاني فقالت له يا سيد إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه. قال لها يسوع يا مريم. فالتفتت تلك وقالت له ربوني الذي تفسيره يا معلم ". [يوحنا 20 : 1-16].
هل يمكن لمس يسوع بعد القيامة؟
1- نعم: " وفيما هما منطلقتان لتخبرا تلاميذه إذا يسوع لاقاهما وقال سلام لكما. فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له ". [متى 28 : 9].
1- كلا: " قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي ". [يوحنا 20 : 17].
1- نعم: " ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا ". [يوحنا 20 : 27].
بعد ظهوره للنسوة، على من ظهر يسوع؟
1- أحد عشر تلميذاً: " وأما الأحد عشر تلميذا فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع. ولما رأوه سجدوا له ولكن بعضهم شكوا ". [متى 28 : 16-17].
1- تلميذان في البرية ثم على الأحد عشر تلميذ: " وبعد ذلك ظهر بهيئة أخرى لإثنين منهم وهما يمشيان منطلقين إلى البرية. وذهب هذان وأخبرا الباقين فلم يصدقوا ولا هذين. أخيرا ظهر للأحد عشر...".
[مرقس 16 : 12-14].
1- تلميذان في عمواس ثم على الأحد عشر: " وإذا إثنان منهم كانا منطلقين في ذلك اليوم إلى قرية بعيدة عن أورشليم ستين غلوة اسمها عمواس. وكانا يتكلمان بعضهما مع بعض عن جميع هذه الحوادث. وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب يسوع نفسه وكان يمشي معهما... فقاما في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم. وهم يقولون أن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان. وأما هما فكانا يخبران بما حدث في الطريق وكيف عرفاه عند كسر الخبز. وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم ". [لوقا 24 : 13-36].
1- عشرة تلاميذ (يهوذا وتوما كانا غائبين): " ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم... أما توما وأحد من الإثني عشر يقال له التوأم فلم يكن معهم حين جاء يسوع ".
[يوحنا 20 : 19-24].
1- ظهر أولاً لصفا ثم للإثني عشر (الإثني عشر؟؟؟ يهوذا كان قد مات!!!): "وأنه ظهر لصفا ثم للإثني عشر". [1كورنثوس 15 : 5].
أين ظهر يسوع لأول مرة على التلاميذ؟
1- في الجبل في الجليل (على بعد 160 كيلومتر من أورشليم): " وأما الأحد عشر تلميذا فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع ". [متى 24 : 16].
1- ظهر لإثنين في البرية ثم على الأحد عشر في العلّية في أورشليم: " وبعد ذلك ظهر بهيئة أخرى لإثنين منهم وهما يمشيان منطلقين إلى البرية... أخيرا ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم ". [مرقس 16 : 12-14].
1- في قرية عمواس (على بعد 11 كيلومتر من أورشليم) في المساء، وللباقين في أورشليم: "وإذا إثنان منهم كانا منطلقين في ذلك اليوم إلى قرية بعيدة عن أورشليم ستين غلوة اسمها عمواس. وكانا يتكلمان بعضهما مع بعض عن جميع هذه الحوادث. وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب يسوع نفسه وكان يمشي معهما... فقاما في تلك الساعة ورجعا إلى أورشليم ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم. وهم يقولون أن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان. وأما هما فكانا يخبران بما حدث في الطريق وكيف عرفاه عند كسر الخبز. وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم ". [لوقا 24 : 13-36].
1- في العلّية في أورشليم: " ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم".
[يوحنا 20 : 19].
ماذا حدث بين يسوع والتلاميذ عند الظهور؟
1- سجد التلاميذ ولكن البعض شكّوا، لم يوبِّخهم يسوع، طلب يسوع منهم أن يبشروا: " ولما رأوه سجدوا له ولكن البعض شكوا. فتقدم يسوع وكلَمهم قائلا. دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر ". ]متى 28 : 17-20].
1- وبَّخهم يسوع، طلب يسوع منهم أن يبشروا: " ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام. وقال لهم اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن بي واعتمد خلص. ومن لم يؤمن يدن. وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيَات وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون ". [مرقس 16 : 14-18].
1- يسوع يتخفّى، يسوع يختفي، يسوع يوبِّخهم، يسوع يتناول العشاء معهم: [لوقا 24 : 13-49].
1- يسوع يمر عبر الأبواب المغلقة، التلاميذ فرحين، يسوع يباركهم، لم يوبِّخ يسوع التلاميذ: "ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت ".
[يوحنا 20 : 19-23].
هل بقيَ يسوع على الأرض لفترة؟
1- كلا: "ثم إن الرب بعد ما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله". [مرقس 16 : 19]. قارن بين [مرقس 16 : 9-19] و[يوحنا 20 : 19] لترى أن كل شيء حصل يوم الأحد.
1- كلا: " وأخرجهم خارجا إلى بين عنيا. ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصعد إلى السماء. فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم ". [لوقا 24 : 50-52]. راجع لوقا 24 لترى أن كل شيء حصل يوم الأحد.
1- نعم، بقيَ يسوع على الأرض على الأقل ثمانية أيام: " وبعد ثمانية أيام كان تلاميذه أيضا داخلا وتوما معهم. فجاء يسوع والأبواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم ". [يوحنا 20 : 26].
1- نعم، بقيَ على الأقل أربعين يوماً: " الذين أراهم أيضا نفسه حيا ببراهين كثيرة بعد ما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوما ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله ". [أعمال 1 : 3].
1- كلا: لقد صعد يسوع إلى السماء في نفس اليوم الذي "صُلب" فيه عندما أخبر اللص الذي صُلب معه أنه سيكون معه في الفردوس في نفس ذلك اليوم: " فقال له يسوع الحق أقول لك أنك اليوم تكون معي في الفردوس ". [لوقا 23 : 43].
أين حصل صعود المسيح؟
1- لا صعود في إنجيل متَّى، ينتهي الكتاب في الجبل في الجليل.
1- في العلّية في أورشليم وفقا لإنجيل مرقس [مرقس 16 : 19]..
1- من بيت عنيا بالقرب من أورشليم وفقاً لإنجيل لوقا [لوقا 24 : 50-51].
1- لا صعود في إنجيل يوحنا.
1- من جبل الزيتون بالقرب من أورشليم: " ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم. وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض. وقالا أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء. أن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء. حينئذ رجعوا إلى أورشليم من الجبل الذي يدعى جبل الزيتون الذي هو بالقرب من أورشليم على سفر سبت ". [أعمال 1 : 9-12].
إمّا أن يخبرني المسيحيون، بالتحديد ماذا حصل نهار عيد الفصح، وإما فليدفنوا خرافة قيامة يسوع بالقرب من "إياستر" إلاهة الربيع الأنجلوسكسونية الوثنية التي منها استمدّ المسيحيون اسم عيد الفصح.
(Eastre: Anglo-Saxon Pagan Goddess of Spring).
1- اختبار المسيحيين الحقيقيين وفقاٌ لإنجيل مرقس
" وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين بإسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيَّات وإن شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون ".
[مرقس 16 : 17-18].
هذا هو الاختبار الذي حدده يسوع في إنجيل مرقس لمعرفة المسيحيين المؤمنين الحقيقيين: لا يموتون من لسعات الأفاعي، ولا يموتون إذا شربوا عصير الزرنيخ أو السيانيد أو د.د.ت.، ولا يحتاجون إلى المستشفيات أو الأطباء لأنهم يضعون أيديهم على المرضى فيشفون!!!
إزالة آيات [مرقس 16 : 9-20] من إنجيل مرقس هي عين العقل لأنها ستنقذ الملايين من إخواننا المسيحيين من الموت المُحتَّم!!!
"… إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يسقط الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة (ومن) المكتوب في هذا الكتاب ". [رؤيا 22 : 18-19].
1- رياضيات النصارى الجديدة: (1+1+1=1)!
انحرفت المسيحية عن مبدأ وحدانية الله إلى عقيدة غامضة ومبهمة تُسمى "الثالوث الأقدس". وهذه العقيدة التي صيغت لأول مرة في القرن الرابع ميلادي تُعرف بعقيدة نِيقية (نسبةً إلى المجمع المسكوني المنعقد في نيقية(iznik) في تركيا عام 325م (Nicene creed 325 AD)).
وتنصّ هذه العقيدة على الفكرة التالية:
" إن الله هو اتحاد لثلاث أقانيم: الآب والابن والروح القدس، ليسوا ثلاثة آلهة إنما إله واحد. الآب أبدي والابن أبدي والروح القدس أبدية (CO-ETERNITY)، ولكن ليسوا ثلاث أقانيم متفرقة إنما أقنوم واحد. الآب متساوٍ والابن متساوٍ والروح القدس متساوية (CO-EQUALITY)، ولكن ليسوا ثلاث أقانيم متفرقة إنما أقنوم واحد. الآب من مادة واحدة والابن من مادة واحدة والروح القدس من مادة واحدة (CONSUBSTANTIALITY)، ولكن ليسوا ثلاث أقانيم متفرقة إنما أقنوم واحد ".
“…we worship one God in the Trinity, and Trinity in Unity…for there is one Person of the Father, another of the Son, another of the Holy Ghost is all one… they are not three gods, but one God… the whole three persons are co-eternal and co-equal and consubstantiality…he therefore that will be saved must thus think of the Trinity…” (excerpts from the Athanasian creed).
عندما تتحدث الكنيسة المسيحية عن الثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس، فهي تعني بذلك إله واحد لأن آيات مثل [إشعياء 43 : 10-11] وغيرها الكثير من الآيات هي صريحة وفي غاية الوضوح في مسألة وحدانية الله:
" أنتم شهودي يقول الرب وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا أني أنا هو. قبلي لم يصوّر إله وبعدي لا يكون. أنا أنا الرب وليس مخلص غيري. [إشعياء 43 : 10-11].
ولكن، عندما تتحدث الكنيسة عن "موت أو صلب الله" فهي تعني يسوع أو الابن فقط وليس الآب أو الروح القدس: الآن الثلاثة قد تفرَّقوا وتبعثر الثالوث!!! فكيف نحلّ هذه المعضلة؟! هل الله واحد أم ثلاثة؟ أم ثلاثة في واحد؟ أم واحد في ثلاثة؟!
لماذا كل هذا الغموض في واحد من أهم المعتقدات المسيحية؟ لماذا كل شيء يجب أن يكون غامضاً؟ ما الذي يمنع الله أن يصرح بوضوح عن الثالوث؟ إذا كانت هذه هي حقاً طبيعة الله، فلماذا لا يقولها علانية: " الله ويسوع والروح القدس ثلاث أقانيم نؤلف إلهاً واحداً "؟ هل هذا صعب جداً؟ هل هذا مستحيل؟ هل يحتاج الله أن يتفلسف حول حقيقة كيانه ويضلّل البشر؟ هل يجب على المرء أن يكون عالم ذَرَّة أو عالم صواريخ ليفهم حقيقة الله؟
لماذا كل هذا الغموض حينما يتكلم "الله" عن حقيقته الثالوثية، بينما نجده واضحاً وصريحاً ودقيقاً عندما يتكلم عن وحدانيته:
" لأني أنا الله وليس آخر. لأني أنا الله وليس إله مثلي ". [إشعياء 46 : 9].
" لتعلم أن الرب هو الإله ليس آخر سواه ". [التثنية 4 : 35].
" أنا أنا هو وليس إله معي ". [التثنية 32 : 39].
" ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الله وليس آخر ". [الملوك الأول 8 : 60].
" هل يوجد إله غيري ". [إشعياء 44: 8].
" أنا الرب وليس آخر. لا إله سواي... لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها أن ليس غيري ". [إشعياء 45: 5].
" أليس أنا الرب ولا إله آخر غيري". [إشعياء 45 : 21].
" لأني أنا الله وليس آخر ". [إشعياء 45 : 22].
" فاعلم اليوم وردد في قلبك أن الرب هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل. ليس سواه ". [التثنية 4 : 39].
لماذا هذا الوضوح التام عندما يأتي الأمر إلى وحدانية الله؟ ليس هناك وجهان، إنما تعبير واضح وحاسم. ولكن عند التحدث عن الثالوث، يجب أن نمدّ ونشدّ و"نَمُطّ" الكلمات والمعاني حتى نصل كيفما كان إلى هذا الثالوث!
ألم يرسل الله أنبياء قبل زمن المسيح؟ لماذا أنبياء العهد القديم لم يخبروا قومهم عن الثالوث؟ لم يخبروهم إلا عن وحدانية الله كما رأينا. لماذا فَضَّلنا الله وحدنا لمعرفة حقيقته الثالوثية بينما حَرَم آلاف الأجيال قبل المسيح من هذه الحقيقة؟ ألم يكن الله ثالوث في زمن النبي إبراهيم؟ ألم يكن ثالوث في زمن النبي موسى؟ هل أصبح ثالوثاً فيما بعد؟ أو لا يعني هذا أن الله كان ناقصاً في حقبة ما قبل المسيح؟ لماذا كل هذا التشويش عندما نتكلم عن الثالوث؟ ألم يقل الكتاب المقدس: " لأن الله ليس إله تشويش ". [1 كورنثوس 14 : 33].
إذا كان يسوع جزءاً من هذا الثالوث الأقدس، وإذا كان الله إلهاً واحداً وليس ثلاثة آلهة، نسأل: عندما مات يسوع مصلوباً، ماذا حدث لهذا الثالوث؟ هل مات هو أيضاً؟ أم أن ثُلثه هو الذي مات؟ وعندما بقي يسوع يوم وليلتان في قبره، من كان يراقب السموات والأرض؟ هل هو هذا الثالوث المُقطَّع؟ تجيبنا الكنيسة بكل سذاجة: " شكل يسوع البشري هو الذي مات فقط، إنما طبيعته الإلهية لم تمت "!
هذا الجواب يقودنا إلى معضلة أخرى: إذا كان يسوع لم يمتْ، إنما أُريق دمه البشري فقط، فلماذا كل هذه المباهاة بالتضحية الكبيرة الجوهرية التي قام بها يسوع من أجل خلاص البشر؟ ألم نتفق منذ دقائق أن الذبيحة يجب أن تكون شخصاً طاهراً ونقيّاً من الذنوب ذات طبيعة إلهية "كابن الله الوحيد"؟ إذا كانت فقط مسألة إراقة لدم بشري، فلماذا لا نحصل أنا أو أنت على هذا الامتياز والشرف أم هو حق حصري؟ كيف نُفرِّق بين تضحية يسوع السامية وبين تضحية أي شخص آخر إذا كانت المسألة تقتصر على إراقة بعض الدماء البشرية؟ ونعود وندور في هذه الحلقة المفرغة التي أنتجتها الكنيسة.
ولكن، لماذا كل هذا الإصرار على الثالوث؟ لماذا هذا الدفاع المستميت عن عقيدة لم تُبصر النور إلا بعد 400 سنة من رحيل المسيح؟ للإجابة على هذه التساؤلات، تُزوِّدنا الكنيسة بعدة آيات كتابية تدَّعي أنها براهين قاطعة تثبت مصداقية طرحها:
1- " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ". [يوحنا 1 : 1].
هذه الآية قد اقتبسها مؤلف إنجيل يوحنا من كتابات الفيلسوف الهِلِّيني اليهودي فيلو (Philo Judaeus) والتي كتبها قبل سنوات عديدة من ولادة يسوع أو ولادة مؤلف إنجيل يوحنا!
من الواضح عند قراءة هذه الآية أن الأمر يتعلق بثنائية (Duality) وليس بثالوث (Trinity)، إذ أن الروح القدس لا أثر لها.
في المخطوطات اليونانية، نجد أن العبارة المُترجَمة إلى "الكلمة الله" هي “ton theos”. وهذه اللفظة “ton theos” في اللغة اليونانية تعني "الكلمة إلهيّ" ولا تعني "الكلمة الله".
"الكلمة الله" في اليونانية هي “Ho Theos”.
ولذلك، ترجمة هذه الآية يجب أن تكون:
" في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة إلهيّ ".
“ In the beginnig was the word, and the word was with God, and the word was divine ”.
لذلك نجد أن في الترجمات الإنجليزية الحديثة:
- The New Testament, An American Translation, Edgar Goodspeed and J.M. Powis Smith, The University of Chicago Press, p.173.
- The Dictionary of the Bible by John McKenzie, Collier Books, p.317.
- The Holy Bible, Containing the Old and the New Testament, by Dr. James Moffat.
- The Authentic New Testament, by Hugh J. Schonfield.
استبدلت لفظة "الله" بلفظة "إلهيّ"، ولكن فيما تبَقَّى من اللغات، تبقى اللفظة هي "الله"!
ولكن ماذا تعني عبارة "كان الكلمة إلهيّ"؟
سندَع الكتاب المقدس يجيبنا على هذا السؤال:
" أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم ". [المزامير 82 : 6].
" فقال الرب لموسى انظر. أنا جعلتك إلهاً لفرعون ". [الخروج 7 : 1].
" الذين فيهم إله (الشيطان) هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين ". [2كورنثوس 4 : 4].
(في آية [2كورنثوس 4 : 4] وردت لفظة(Ho Theos) للإشارة إلى الشيطان إلا أنها تُرجمت إلى "إله" بدلاً من "الله"، وفي آية [يوحنا 1:1] وردت لفظة (ton theos) للإشارة إلى "الكلمة" إلا أنها تُرجمت إلى "الله" بدلاً من "إلهي"! لماذا؟!)
ماذا يعني هذا كلّه؟ لنشرح هذا الأمر:
في الغرب, إنه من الشائع إذا أراد أحدهم أن يمدح شخصاً أن يقول له: "أنت أمير" أو "أنت ملاك". ولكن هل تعني تلك العبارات أن هذا الشخص هو "ابن ملك إسبانيا" أو هو "كائن روحاني"؟! هناك فرق بسيط في الكتابة، ولكن الفرق شاسع جداً في المعنى.
كذلك نجد في أميركا قول: "أضرب الطريق يا رجل" (hit the road man) والتي تعني: "حان الوقت لترحل". فإذا قلنا هذه العبارة لغير الأميركي، سنجده يضرب الطريق بعصا! هل فهم الكلمات: نعم! ولكن هل فهم المعنى: كلا!
مرة ثانية، تكمن المشكلة في عدم فهم لغة ومصطلحات المجتمع اليهودي في زمن يسوع. لذلك نرى أن المترجمين الذين ليسوا يهوداً، ينظرون إلى مخطوطات يونانية أو لاتينية )مع أن يسوع كان يتكلم الآرامية)، بغضّ النظر ودون الالتفات إلى الحضارات والعادات ولغة البشر في ذلك العصر. ولهذا نرى أن اليهود لم يواجهوا صعوبات ومشاكل عند قراءة آية " أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم ". [المزامير 82 : 6 ]، أو عند قراءة آية " فقال الرب لموسى انظر. أنا جعلتك إلها لفرعون ". [الخروج 7 : 1]، فالرب عندهم لم يزل ولا يزال واحداً!! فلقد كان بالفعل، اعتيادياً وشائعاً بين اليهود استعمال كلمة " إله " (god) أو " إلهي " (divine) للتعبير عن إنسان يملك سلطات ونفوذ عالي كملك أو أمير أو نبيّ. هذا التعبير لم يُستعمل، بأي شكل من الأشكال، للتعبير عن كائن متساوٍ مع الله. ولهذا فهذه الآية لا علاقة لها بالثالوث.
2- وكان يسوع يتمشى في الهيكل في رواق سليمان. فاحتاط به اليهود وقالوا له إلى متى تعلق أنفسنا. إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهرا. أجابهم يسوع إني قلت لكم ولستم تؤمنون. الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي. ولكنكم لستم تؤمنون لأنكم لستم من خرافي كما قلت لكم. خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني. وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي. أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي. أنا والآب واحد ". [يوحنا 10 : 23-30 ].
"أنا والآب واحد" في الأبدية؟ في الثنائية (لا وجود للروح القدس)؟ في الثالوث؟!!!
كلا، إنهم واحد في الهدف والغاية: لا أحد يستطيع أن يقتلع المؤمنين من يد يسوع، وهكذا لا يستطيع أحد أن يقتلعهم من يد الله.
أتحتاجون إلى المزيد من الأدلة والبراهين؟ إذن فلنقرأ الكتاب المقدس:
" ولست أسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضا من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضا واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني. وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدا كما أننا نحن واحد ". [يوحنا 17 : 20 –22].
هل كل البشرية مشتركة في الثالوث؟؟؟
" ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح. أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية. حاشا. أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد لأنه (يقول) يكون الاثنان جسدا واحدا. وأما من التصق بالرب فهو روح واحد ". [1 كورنثوس 6 : 15-17].
" لأنه كما أن الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة وكل أعضاء الجسد (الواحد) إذا كانت كثيرة هي جسد واحد كذلك المسيح أيضا. لأننا جميعا بروح واحد أيضا اعتمدنا إلى جسد واحد يهودا كنا أم يونانيين عبيدا أم أحرارا وجميعنا سقينا روحا واحدا. فإن الجسد أيضا ليس عضوا واحدا بل أعضاء كثيرة ".
[1 كورنثوس 12 : 12-14].
" جسد واحد وروح واحد كما دعيتم أيضا في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد إيمان واحد معمودية واحدة. إله وأب واحد للكل الذي على الكل وبالكل وفي كلكم ". [افسس 4 : 4-6].
كما رأينا، فإن هذه الآيات، وآية "أنا والآب واحد " تتحدث عن وحدة المسيحيين، لا عن شيء غامض يدعى الثالوث!!
3- " وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ". [يوحنا 17 : 3].
يتدبر معظم المسيحيون أمرهم ليروا في هذه الآية معنى غامضاً. فهم عندما يقرؤونها، يسعون دائما لفهم شيئاً مختلفاً كلّياً عن ما هو مكتوب. إنهم دائماً يُؤَوِّلون لفظة "أنت" لتصبح "نحن" أو "أننا"، وهكذا يمكنهم أن يروا أثراً مبهماً للثالوث أو الثنائية!!
ونسأل: ما الذي يمنع الله أن يقول: " أن يعرفوننا أننا نحن الإله الحقيقي وحدنا " إذا كان هذا حقا ما يقصد؟ هل يخجل الله من هكذا تصريح؟
4- " قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب وكفانا. قال له يسوع أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرِنا الآب". [يوحنا 14 : 8-9].
أراد فيلبس أن يرى الله بعينيه، إلا أن هذا الأمر مستحيل لأن لا أحد يمكنه رؤية الله:
" الله لم يره أحد قط ". [يوحنا 1 : 18].
" الله لم ينظره أحد قط ". [1 يوحنا 4 : 12].
لهذا، فقد أجابه يسوع أن الأفعال والمعجزات التي عملها هي دليلاً كافياً للمشكّكين في مسألة وجود الله. ويأتي جواب يسوع هذا مشابهاً تماماً لأجوبته السابقة:
" فقالوا له أين هو أبوك. أجاب يسوع لستم تعرفوني أنا ولا أبي. لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضا ".
[يوحنا 8 : 19].
" فنادى يسوع وقال. الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني ". [يوحنا 12 : 44].
" الذي يبغضني يبغض أبي أيضا ". [يوحنا 15 : 23].
" من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل بالذي أرسلني ". [متى 10 : 40].
إذا أردنا الإصرار على أن فيلبس عندما رأى يسوع فقد رأى الله ماديّاً لأن الآب والابن مجتمعيْن في ثنائية أو ثالوث، عندها سيقودنا هذا الإصرار إلى الاستنتاج أن آيات مثل [1 يوحنا 4 : 12] و [يوحنا 1 : 18] ليست إلا مجرد أكاذيب!
والإصرار على أن فيلبس عندما رأى يسوع فقد رأى الله مادياً يقودنا إلى السؤال التالي:
هل كان فيلبس هو الوحيد الذي رأى الله؟ لنقرأ الكتاب المقدس:
" ليس أن أحدا رأى الآب إلا الذي من الله. هذا قد رأى الآب ". [يوحنا 6 : 46].
ولكن من يكون هذا " الذي من الله " الذي رأى الله؟ لنسأل مرة أخرى الكتاب المقدس:
"الذي من الله يسمع كلام الله. لذلك أنتم لستم تسمعون لأنكم لستم من الله". [يوحنا 8 : 47].
" أيها الحبيب لا تتمثل بالشر بل بالخير لأن من يصنع الخير هو من الله ومن يصنع الشر فلم يبصر الله ".
[3 يوحنا 1: 11].
هل أن كل البشر الذين صنعوا خيراً قد رؤوا الله مادياً؟!
إن آيات [يوحنا 14 : 8-9] لا علاقة لها لا بثنائية ولا بثالوث لا من قريب ولا من بعيد!
5- " قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي ". [يوحنا 14 : 6].
عند قراءة هذه الآية، ولسبب ما، يرى البعض فيها تأكيداً للثالوث الأقدس، ويؤوِّلها البعض الآخر ليرى فيها أن يسوع هو الله وأن لا أحد سيدخل الجنة إلا إذا عبَد وألَّه يسوع!
إلا أنني لا أرى في هذا التصريح أي علاقة أو إشارة أو صلة لا بالثالوث ولا بعبادة يسوع. ولكن، ونظراً "لشعبية" هذه الآية، نرى من المفيد دراستها وتبيان المعنى المقصود:
إذا عُدنا قليلاً إلى الوراء وقرأنا الإصحاح 14 لإنجيل يوحنا من بدايته، سنجد أن يسوع قبيْل تلفّظه بهذه الكلمات، قال:
" في بيت أبي منازل كثيرة. وإلا فإني كنت قد قلت لكم. أنا أمضي لأعدَّ لكم مكانا ". [يوحنا 14 : 2].
هذه الآية واضحة جداً وهي في انسجام تام مع تعاليم القرآن الكريم. فالقرآن يخبرنا أن الله قد أرسل الأنبياء والرسل إلى جميع الأمم برسالة وسُنّة إلهية جوهرية أساسية هي ذاتها لكل هذه الأمم: عبادة الله وحده دون غيره. وكل أمّة أطاعت نبيّها كافأها الله بإدخالها الجنة، فكل أمّة مطيعة أعدَّ الله لها مكاناً في الجنة. هذا بالتحديد ما قاله يسوع في [يوحنا 14 : 2].
قال يسوع أن في "بيت" الله منازل وأماكن كثيرة. وقد أُرسل هو ليقود أمتّه إلى واحد من هذه الأماكن. فالمنازل الكثيرة الأخرى أُعِدَّت للأمم الأخرى التي أطاعت النبي المُرسل لها من الله. قال يسوع أنه ذاهب ليُعدّ لأمتّه مكاناً واحدا فقط، وليس كل المنازل في "بيت أبيه".
أشار يسوع بوضوح أنه الطريق لهذا المنزل. لم يقل أنه الغاية التي هي الله. لم يقل أنه هو المكان الذي تنتهي به الرحلة. لم يقل أنه هو المكان المقصود. ماذا ننتظر من النبي أن يقول لأمّته غير: " أنا الطريق إلى رحمة الله "، " أنا الطريق التي ستقودكم إلى جَنَّة الله "!
لهذا اختار الله يسوع وأرسله ليقود الناس إلى رحمة الله. وهذا ما نقرأه بالفعل في إنجيل يوحنا:
" أنا هو الباب. إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى ". [يوحنا 10 : 9].
إنه الباب إلى المرعى، إنه النبي الذي سيضع الناس على الطريق الصحيح ليقودهم إلى الجنة! ليس هو الله، إنما الطريق والدرب لبلوغ رحمة الله!
" الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني ". [يوحنا 12 : 44].
" ليس كل من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات ". [متَّى 7 : 21].
6- " ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا. أجاب توما وقال له ربي وإلهي ". [يوحنا 20 : 27-28].
عندما قرأت هذه الآية، اعتقدت فوراً أنّي وصلت إلى هدفي. أخيراً، وجدت آية صريحة تدّعي بوضوح أن يسوع هو الله! ولكن، وبعد البحث في الكتابات اللاهوتية المسيحية، وجدت أن المعنى الحقيقي لهذه الآية مختلف تماماً عما أوحت لي النظرة العُجلى الأوّلية.
هذه الآية، في أحسن الأحوال تشير إلى ثنائية غامضة لأنها توحي أن توما ظنّ أن يسوع هو الله. فالكلمات هي كلمات توما وليست كلمات يسوع. هذه الكلمات كتبت بالحروف السوداء لا الحمراء. وعلى أي حال، تواجه هذه الآية العديد من الصعوبات إذا ما حاولنا تأويل المعنى لنصل إلى أن يسوع هو الله!
إن عبارة " أجاب توما " تبدو مضلِّلة لأن توما لم يُسأل أي سؤال قبل هذه الآية حتى يتلفظ بكلمة "أجاب"! إن جملة "أجاب توما وقال له ربي وإلهي"، في جميع لغات العالم إلا اللغة العربية ونسخة الملك جيمس الإنجليزية، تنتهي بعلامة التعجب (!) لتشير إلى دهشة وذهول وجَيَشَان عاطفة توما:
“ Thomas answered and said unto him, my Lord and my God ! ”. [John 20 : 28].
ولكن ما هي أهمية علامة التعجب هذه التي أقلقت الكنيسة إلى حد إزالتها من النسخ العربية ونسخة الملك جيمس الإنجليزية؟ سندع ثيودور الموبسويستيي أسقف مدينة ميسيس (موبسويستيا سابقا) في تركيا يجيبنا على هذا السؤال:(Theodore of Mopsuestia, the Bishop of Mopsuestia 350-428 AD)
يقول الأسقف ثيودور أن عبارة "ربّي وإلهي" لم تكن مُوَّجَهة إلى يسوع إنما إلى الله (الآب)، فالمعنى هنا هو تماماً نفس المعنى عندما يُطلِق أحدنا، تلقائياً ولا شعورياً، عند الدهشة أو الذهول أو الخوف عبارة "يا إلهي!" أو "يا ربي!" أو "يا الله!" (“Oh My God!” or “Oh My Lord”). بمعنى آخر، إن عبارة "ربي وإلهي!" كانت انفجار عاطفي عند توما ليُعبِّر عن موقف المفاجأة وعدم التصديق، ولم تكن تعني أبداً أن يسوع هو الله. لهذا قرّرت الكنيسة التخلّص نهائياً من هذه العلامة التعجّبية المزعجة والفاضحة!
من ناحية أخرى، إذا تابعنا قراءة الإصحاح 20 من إنجيل يوحنا، نجد أن نفس الكاتب الذي صَوَّر المحادثة بين يسوع وتوما، يتابع مباشرة بعد هذه المحادثة فيكتب:
" وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ". [يوحنا 20 : 30-31].
إذا كان كاتب إنجيل يوحنا قد تعرّف على أن كلمات توما هي الشهادة على أن المسيح هو الله، وإذا كان كاتب إنجيل يوحنا قد أوَّل صمت يسوع على أنه الموافقة على هذه الشهادة، فكان الأجدر به أن يتابع فيكتب: "لتؤمنوا أن يسوع هو الله القدير" بدلاً من "لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله (خادم الله الوفي)"!
لقد أمضى التلاميذ، وبينهم توما، سنين عديدة يتعلّمون من يسوع ويتبعونه ويطيعونه ويستمعون إلى بشارته، وفجأة، وفي لحظة واحدة أخيرة، يدرك التلميذ توما بعد كل هذه الأعوام أن معلّمه يسوع هو الله نفسه! يا للمفاجأة! هل من عقل سليم يُقرّ بهذا المنطق
7- " نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم ".
[2 كورنثوس 13 : 14].
يرى البعض في هذه الآية دليلاً على طبيعة الله الثالوثية.
ولكن إذا قلنا: " عبقرية أينشتاين، وفلسفة ديكارت، وقوة شمشوم مع جميعكم "، فهل هذا يقضي أن يكون هؤلاء الأشخاص الثلاثة مجتمعين في أقنوم واحد أو ثالوث؟ هل هذا يستدعي أن يكون أينشتاين هو ديكارت، أو وجه آخر لديكارت؟ هل هذا يستدعي أن يكون ديكارت هو شمشوم، أو وجه آخر لشمشوم؟؟؟
8- " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمِّدوهم باسم الأب والابن والروح القدس ". [متَّى 28 : 19].
إذا قال الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش لجنراله نورمان شوارتزكوف: " فاذهب وتكلم مع العراقيين وعاقبهم باسم الولايات المتحدة، وبريطانيا، وروسيا "، فهل هذا يستدعي أن تكون هذه البلاد الثلاث مجموعة في أقنوم واحد أو ثالوث؟ ربما تكون لهذه الثلاثة هدف واحد وغاية واحدة ولكن هذا لا يعني اتحادهم في أقنوم واحد...
ومن المثير أن المعمودية لم تُسجَّل وفقا لهذه المعادلة إلا في إنجيل متَّى. فإنجيل مرقس لا يذكر لا الآب ولا الابن ولا الروح القدس:
" وقال لهم اذهبوا إلى العالم واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص. ومن لم يؤمن يُدن ". [مرقس 16 : 15-16].
ويسجل إنجيل لوقا وأعمال الرسل غياباً تامّاً للآب والروح القدس:
"وأن يُكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مُبتدأ من أورشليم". [لوقا 24 : 47].
" فقال لهم بطرس توبوا وليتعمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس ". [أعمال 2 : 38].
بينما نجد أن إنجيل يوحنا لا يأتي مطلقاً على ذكر المعمودية وكأنها موضوع ثانوي غير ذي أهمية!
9- " أبوكم إبراهيم تهلّل بأن يرى يومي فرأى وفرح. فقال له اليهود ليس لك خمسون سنة بعد. أفرأيت إبراهيم. قال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن ". [يوحنا 8 : 56-58].
إذا كان وجود يسوع قبل إبراهيم سيجعل منه إلهاً أو مجتمعاً في ثنائية أو ثالوث، إذاً علينا أن نتساءل عن سليمان الذي لم يكن موجوداً قبل إبراهيم فحسب، إنّما قبل خلق السماوات والأرض:
" الرب قناني أول طريقه من قبْل أعماله منذ القِدم. منذ الأزل مُسحت منذ البدء منذ أوائل الأرض. إذ لم يكن غمر أُبدئت إذ لم تكن ينابيع كثيرة المياه. من قبْل أن تقرّرت الجبال قبْل التلال أُبدئت. إذ لم يكن قد صنع الأرض بعد ولا البراري ولا أول أعفار المسكونة. لمّا ثبّت السماوات كنت هناك أنا. لمّا رسم دائرة على وجه الغمر. لمّا أثبت السحب من فوق لمّا تشدّدت ينابيع الغمر. لمّا وضع للبحر حدّه فلا تتعدّى المياه تُخمه لمّا رسم أسس الأرض. كنت عنده صانعاً وكنت كل يوم لذَّته فرحة دائما قدَّامه. فرحة في مسكونة أرضه ولذَّاتي مع بني آدم ". [أمثال 8 : 22-31].
في النصّ اليوناني، نجد أن الكلمة المُترجَمة إلى "أنا كائن" هي "إيمي" (eimi)، وهي نفس الكلمة التي استُعمِلت في آية [يوحنا 9 : 9] للإشارة إلى الأعمى، إنّما هذه المرة تُرجِمت إلى "أنا هو":
" آخرون قالوا هذا هو (الأعمى). وآخرون أنه يشبهه. وأما هو (الأعمى) فقال إني أنا هو ".
[يوحنا 9 : 9].
وكلمة "إيمي" هي نفس الكلمة التي استُعمِلت في آية [متى 26 : 22] للإشارة إلى أحد التلاميذ، إنمّا تُرجِمت إلى "أنا هو":
" فحزنوا (التلاميذ) جدا وابتدأ كل واحد منهم يقول له هل أنا هو يا رب ". [متى 26 : 22].
لقد استخدم التلاميذ والأعمى نفس الكلمة (إيمي) التي استخدمها يسوع والتي جعلت منه إلهاً بحسب ادعاء النصارى، فلماذا لم يُؤلِّه المسيحيون التلاميذ والأعمى يا تُرى؟!
لاحظوا كيف أن الناس قد دُفعوا في اتجاه إيماني مُعيّن من خلال الترجمة المُضلِّلة!
لماذا نجد في الكتاب المقدس أنه من الضروري:
- أن يأمرنا الله بوضوح أن نعبده،
- أن يأمرنا يسوع بوضوح أن نعبد الآب؟!
بينما، إنه ليس من الضروري:
- أن يأمرنا يسوع بوضوح أن نعبده،
- أن يأمرنا الله بوضوح بعبادة "ابنه الوحيد"؟!
10- " فإن الذين يشهدون (في السماء) هم ثلاثة (الآب والكلمة والروح القدس) وهؤلاء الثلاثة هم واحد". [1 يوحنا 5 : 7].
هذه هي الآية الوحيدة في الكتاب المقدس، من الغلاف إلى الغلاف، التي تصرح بوضوح وبشكل لا مجال فيه للشكّ أن الله ويسوع والروح القدس مجتمعون في ثالوث أقدس. هذا بالفعل ما كنت أبحث عنه: آية واضحة وصريحة تحسم بشكل جذري مسألة الثالوث الأقدس.
ولكن، سندَع دراسة هذه الآية مؤقّتاً وسنعالجها لاحقاً في جزء "التحريفات الدخيلة على النصوص الأصلية"، وبذلك نعطي فرصة للمسيحيين للاستعداد لتلَقّي أعظم صدمة في حياتهم تُوجِّهها إليهم الكنيسة المسيحية.
7- هل الكتاب المقدس كلام الله؟
" كيف تقولون نحن حكماء وشريعة الرب معنا. حقا إنه إلى الكذب حوَّلها قلم الكتبة الكاذب".
[إرميا 8 : 8].
107- اعترافات ملعونة
يقول عالم نصراني واسع المعرفة، وهو أسقف بيت المقدس، السيد كينيث كراغ في كتابه "نداء المئذنة": "وبعكس القرآن فإننا نجد أن العهد الجديد يحوي بعض التلخيص والتنقيح (بمعنى آخر تحريف وتزييف). هناك اختيار للألفاظ وتجديد وشواهد. إن كتب العهد الجديد قد جاءت من ذهن الكنيسة التي تقف وراء المؤلفين، فهذه الكتب تمثل الخبرة والتاريخ".
(Kenneth Cragg, the Anglican Bishop of Jerusalem, “The Call Of The Minaret, p. 277).
وتقول السيدة ايلين وايت (نبيّة الطائفة السبتيّة) في تعليقها على أصالة وصحّة الكتاب المقدس: "إن الكتاب المقدس الذي نقرؤه اليوم هو نتيجة عمل نُسَّاخ عديدين استطاعوا في معظم الأحيان أن يُنفّذوا عملهم بإتقان مدهش. ولكن النُسّاخ لم يكونوا معصومين من الخطأ، والرب في هذه الأحيان لم يرَ ضرورة حفظه من أخطاء النسخ... لقد رأيت أن الرب قد حرس الكتاب المقدس... ولكن عندما كانت نُسَخُه قليلة، قام بعض رجال الدين في بعض الأحيان بتغيير بعض الكلمات ظَنّاً منهم أنهم كانوا يُبسِّطونها، ولكنهم في الحقيقة كانوا يجعلونها أكثر غموضاً لتسببهم في ميْلها إلى آرائهم التي كان يحكمها التقليد في ذلك العصر..".
(Spiritual Gift, volume 1, The Great Controversy Between Christ and His Angels and Satan and His Angels, 1858, Ellen G. White, prophet of the Seventh-day Adventists 1827-1915).
"إنه من المعروف جداً، أنه في القرون الأولى، كانت الأناجيل المسيحية تُنقَل للبشر بواسطة النقل الشفهي فقط. وهذا التعليم الشفهي أدّى إلى تشويه وتحريف بعض الكلمات. ولكن أيضاً، عندما بدأت المسيحية بتدوين الإنجيل، كان هذا التدوين عُرْضة للتغييرات من قبل الكُتَّاب والناشرين، سواء كان عمداً أم عن غير قصد". (تعليقات بيك حول الكتاب المقدس).
(Peake’s Commentary on the Bible, Thomas Nelson Publishers, p 633).
إن الدكتور فون تيشندورف (Dr. Lobegott Von Tischendorf 1815-1875) وهو من أشرس المدافعين المسيحيين عن عقيدة الثالوث الأقدس وهو مكتشف واحدة من أهم وأقدَم مخطوطتيْن متوفرة اليوم للعهد الجديد (Codex Sinaiticus) قد اضطر أخيراً إلى الاعتراف: "إن كتاب العهد الجديد، وفي العديد من فقراته، قد خضع لعدّة تغييرات خطيرة في المعنى، وهذا يتركنا في شكّ مؤلم حول حقيقة ما كتبه الرسل". (جيمس بنتلي، أسرار جبل سيناء، ص 117). (James Bently, Secrets of Mount Sinai, , p. 117 ).
"في الواقع، إن كل كتاب من العهد الجديد، باستثناء رسائل بولس الأربعة، هو موضع خلاف، وأن التحريفات أصبحت مؤكدة حتى في هذه الكتب". (دائرة المعارف البريطانية، الطبعة 12، المجلد 3، ص 643) (Encyclopaedia Brittanica, 12th Ed. Vol. 3, p. 643).
ويقول الدكتور فريديريك كينيون في كتابه "كتابنا المقدس والمخطوطات القديمة": "إلى جانب العدد الهائل من التناقضات، فإننا بالكاد نستطيع أن نجد آية واحدة تتشابه مع نفس الآية في مخطوطتيْن مختلفتيْ المصدر. لا يستطيع أي شخص أن يقول أن هذه الزيادات أو الحذف أو التغييرات هي مسألة ثانوية غير ذي أهمية".
(Dr. Frederic Kenyon, “Our Bible And The Ancient Manuscripts”, Eyre and Spottiswoode, p. 3).
ويُعتبر الدكتور غراهام سكروجي، عضو معهد "مودي" للكتاب المقدس في شيكاغو، من أكبر علماء البروتستانت التبشيريين، وهو يقول في كتابه "هل الكتاب المقدس كلام الرب؟"، تحت عنوان (كتاب من صنع البشر ولكنه سماوي) ص 17: "نعم إن الكتاب المقدس من صُنع البشر بالرغم من أن البعض جهلاً منهم قد أنكروا ذلك. إن هذه الكتب قد مرّت من خلال أذهان البشر، وكُتبت بلغة البشر وأقلامهم، كما أنها تحمل صفات تتميز بأنها من أسلوب البشر".
(Dr. William Graham Scroggie of the Moody Bible institute, Chicago, “It is human, yet divine”, p. 17).
ويُضيف السيد سكروجي في كتابه في صفحة 29: "ولنكن صريحين حين نناقش موضوع صحّة وأصَالة الكتاب المقدس، فيجب أن نستمع إلى ما يقوله الكتاب المقدس عن نفسه، فعندما نستمع إلى شهادة الشاهد في جلسة قانونية نفترض أنه يقول الحقيقة، وعلينا أن نتقبّل ما يقوله إذا لم يكن لدينا أي دليل يُناقض ذلك. ولذلك علينا أن نعطي الكتاب المقدس نفس الفرصة للدفاع عن نفسه".
هذا الطلب عادل ومعقول، وسوف نفعل ذلك بالضبط ونجعل الكتاب المقدس يتحدث عن نفسه.
" امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر ". [1تسالونيكي 5 : 21].
207- نصوص الكتاب المقدس المختلفة
"هل تؤمن بأن الكتاب المقدس هو كلام الله"؟
وهو عادة ما يكون سؤال في شكل تَحَدّ. فالسائل المسيحي لا يبحث هنا عن تنوير بل عن مناقشة ومناظرة. وهنا يكون لنا الحق أيضاً أن نسأل بنفس الطريقة: "عن أي كتاب مقدس تتحدث"؟
فيردّ مغمغماً: "لا يوجد إلا كتاب مقدس واحد".
فأمسِك نَصّ "دووي" (Douay: region in Flanders in northern Belgium) للرومان الكاثوليك واسأل: "هل تؤمن بأن هذا الكتاب هو كلام الله"؟
فيُفَاجَأ النصراني ويسأل: "أي كتاب هذا"؟
فذكّره قائلاً: "حسبتك قلت بأنه لا يوجد إلا كتاب مقدس واحد".
فيهمس متردداً: "نعم، ولكن أية نصوص هذه"؟
فاسأله: " وما الفرق"؟
المشكلة الوحيدة هي أنه يوجد فرق، والواعظ المحترف يعلم ذلك، ولكنه يحاول أن ينجح بالخداع فيدّعي وجود "كتاب واحد".
طُبع كتاب الرومان الكاثوليك في ريمز (Rheims, north-east France) عام 1582 من اللاتينية، وأُعيد طبعه في دووي عام 1609، وبذلك تكون نصوص الرومان الكاثوليك هي أَقْدَم نصوص مطبوعة يمكن شراؤها اليوم وهي تضم 73 سفراً. وبالرغم من قِدَمِها، إلا أن البروتستانت يرفضون هذه النصوص لأنها تحتوي على سبعة كتب إضافية يسمونها "الأبوكريفا" (Apocrypha) أي الكتب المشكوك في صحتها.
وقد أغفل الجميع ما جاء في رؤيا القديس يوحنا: "… إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يسقط الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة (ومن) المكتوب في هذا الكتاب ". [رؤيا 22 : 18-19].
ولكن من يهتم بذلك! فالبروتستانت كانت لديهم الجرأة بحذف سبعة أسفار من كتاب ربّهم، فبذلك يصبح الكتاب المقدس عند البروتستانت يحوي على 66 سفر فقط. والأسفار المحذوفة هي:
سفر طوبيا، سفر يهوديت، حكمة سليمان، نبوءة باروك، إكليريكوس، وكتابَيْ المكابيون.
ويضاف إليهم [سفر استير 10 : 4-10]، أغنية الرجال الثلاثة [دانيال 3 : 24-90]، سوزانا [دانيال 13]، بِلْ والتنين [دانيال 14]، كتابيْ إيسدراس، وصلاة منسَّى.
الكتاب المقدس لدى الكنيسة اليونانية الشرقية يضم كل الأسفار المعترف بها لدى الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ويضاف إليهم المزامير 151.
والكتاب المقدس لدى الكنيسة الأثيوبية يتألف من 81 سفر (35 سفر في العهد الجديد و46 سفر في العهد القديم).
نسخة الملك جيمس:
وقد قالها السيد ونستون تشرتشل عن نص النسخة المفوّضة التي تُدْعَى نص الملك جيمس عند البروتستانت (King James Version): "طُبعت النصوص المفوضة من الكتاب المقدس عام 1611 بإرادة وأمر من صاحب الجلالة الملك جيمس الأول، الذي نجد اسمه على هذا الكتاب إلى يومنا هذا".
وبالرغم من ذلك، فإن الكاثوليك – مع عدم إيمانهم بهذا الكتاب – يُجبرون معتنقي المسيحية الجُدد على شراء نص الملك جيمس، وذلك لأنها النصوص الوحيدة المترجمة إلى ألف وخمسمائة لغة من لغات العالم، وبذلك فهم يساعدون البروتستانت على انتشار هذه النصوص، والنتيجة أن معظم المسيحيين يستعملون نصوص الملك جيمس أو النصوص المفوّضة كما يَدْعوها البعض.
ولنرى الآن رأيهم في هذه النصوص التي طُبعت لأول مرة عام 1611، ثم عُدّلت عام 1881 فسُمِّيت بالنصوص المُنَقَّحة(standard version S.V.)، ثم نُقِّحت أكثر وسُمّيت (revised standard version R.S.V.) عام 1952، ثم أعيد تنقيحها عام 1971:
- "من أحسن النصوص التي أُنتجت في هذا القرن" (Church of England Newspaper).
- "ترجمة نقيّة حديثة بواسطة علماء من أرفع المقامات" (Times literary supplement).
- "إنها تحوي مميزات النصوص المنقحة المحبوبة متحدة مع ترجمة صحيحة" (Life & Work).
- "كان الأداء في الترجمة أقرب ما يكون إلى الأصل" (The Times).
وتقول دار النشر "كولنز" (Collins) في ملاحظاتها عن الكتاب المقدس ص 10: "إن هذا الكتاب المقدس هو ثمرة جهد اثنين وثلاثين عالماً في علم اللاهوت، ساعدهم فيها هيئة استشارية تُمثّل خمسين طائفة دينية متعاونة".
وإنني أتساءل لم كل هذه المباهاة؟ هل السبب إغراء الجمهور لشراء هذه السلعة؟ كل هذه الشهادات تُعطى للمشتري حتى يعتقد أنه راهن على الحصان الأصلح، وهو لا يدري أنه خاسر هذا الرهان.
إن نسخة الملك جيمس – في الصفحة الثالثة من مقدمة النسخة المنقحة - قد أُطلق عليها: "أنبل إنجاز في النثر الإنجليزي". فمراجعوها عام 1881 أُعجبوا ببساطتها، وسُمُوِّها، وبقوتها ونغماتها المرحة، وإيقاعها الموسيقي وتعابيرها اللبقة.
وهل تتصور إطراء ومديح أروع من هذا؟ أنا شخصياً لا أتخيّل ما يمكن أن يفوقه.
والآن فليستعد القارىء المسيحي لأفظع صدمة ممكن أن يتلقاها من علماء دينه المحبوبين. فهم يقولون في نفس الوقت: "ولكن نصوص الملك جيمس بها عيوب خطيرة جداً... وإن هذه العيوب والأخطاء عديدة مما يستوجب التنقيح".
هذه هي آراء العلماء المراجعين الذين يعتبرهم العالم المسيحي من أرفع المقامات في علم اللاهوت.
307- خمسون ألف خطأ؟
في مجلة "استيقظوا" (Awake)، وهي مجلة مسيحية تصدر في لندن، نجد هذا العنوان المفزع في عددها الصادر في 8 أيلول سنة 1957: " خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس ؟ ".
ففي هذا المقال نقرأ: "خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس؟… هناك ما يقارب خمسين ألف خطأ… وهي أخطاء قد تسلّلت في نص الكتاب المقدس... إنها خمسون ألف خطأ خطير... ولكن النص ككلّ ما زال صحيحاً! إن معظم هذه الأخطاء قد أُزيلت."
وهنا نسأل: إذا أُزيلت معظم هذه الأخطاء، فكم خطأ ما زال موجوداً من الخمسين ألف؟ خمسة آلاف؟ خمسمائة؟ خمسين؟ وحتى لو بقيت خمسون، فهل تنسبون هذه الأخطاء إلى الله؟!
كيف نستطيع أن نتأكد من أن الكتاب الذي يدّعون أنه من الله هو فعلاً كلام الله؟ توجد عدّة اختبارات يمكن التأكد بها من صحة هذا الكتاب. وأحد هذه الاختبارات هو أن أي رسالة تأتي من الله يجب أن تكون متناسقة وثابتة على مبدأ مُعيّن، فلا يمكن أن يوجد بها أي تناقضات أو آراء متضاربة.
ليس لدينا الوقت أو المساحة التي نناقش فيها عشرات الآلاف من هذه الأخطاء والتناقضات -الخطيرة أو البسيطة- التي حاول المصحّحون مراجعتها وتنقيحها، ولكننا سنعرض لبعض الأمثلة عن التناقضات والتحريفات والأخطاء فيما يُسَمَّى بالكتاب المقدس، فلا يستعصي فهمها حتى على الأطفال:
10307- التحريفات الدخيلة على النصوص الأصلية (Interpolations)
1- " ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما يظن ابن يوسف بن هالي" [لوقا 3 : 23].
“And Jesus himself began to be about thirty years of age, being (as was supposed) the son of Joseph, which was the son of He-li” [Luke 3 : 23].
أستلفت النظر إلى الكلمات: " على ما يُظن " (as was supposed) في النصّ الإنجيلي للوقا.
هل ترى أن الكلمات: "على ما يظن" قد كُتبت بين قوسين في الترجمة الإنجليزية بينما لا نجد هذين القوسين في الترجمات الأخرى! لماذا يوجد القوسان هناك؟! ولماذا اختفيا في الترجمات العربية؟! إذا كنت لا تعلم فدعني أخبرك بالغرض من القوسين:
إن في مخطوطات إنجيل لوقا "الأكثر قِدَماً" لا توجد الكلمات "على ما يظن". إن مترجمو الإنجيل شعروا أنه بدون هذه الإضافة التوضيحية الدخيلة فإن الحملان الصغيرة، أي الأتباع، التي لم ترسخ تماماً في العقيدة، يمكنها أن تنزلق إلى خطأ الاعتقاد بأن يوسف النجار كان الأب الطبيعي الفعلي ليسوع. ومن ثم فقد احتاطوا بأن أضافوا تعليقهم الشخصي بين القوسين تجنباً لأي سوء فهم.
إننا لا نسعى لاكتشاف الخطأ في طريقتهم في إضافة الكلمات بين الأقواس لمساعدة القارئ على الفهم الصحيح، ولكن ما يُحيِّرنا هو أنهم في جميع ترجمات الكتاب المقدس في اللغات الأفريقية والشرقية قد أبقوا على الكلمات "على ما يظن" ولكنهم مع هذا أزالوا القوسين.
أفلا يمكن لشعوب الأرض عدا الإنجليز أن يدركوا المعنى والقصد من القوسين؟
لماذا استبعدوا القوسين من الكتاب المقدس؟ لماذا لم يتركوا هذين القوسين كما فعلوا في آية [لوقا 4 : 18]؟ لماذا تعبث جمعية الكتاب المقدس "بكلام الله". فإذا كان الله القدير لم يرَ من المناسب أن يعصم لوقا من الخطأ، فما حقّ أي إنسان في إضافة أو إزالة الكلمات من الكتاب المقدس "كتاب الله". يمكن أن تصبح إضافة المترجم للكلمات الموضوعة بين القوسين وكأنها من كلام القديس لوقا بمجرد إزالة القوسين. وبالتالي فإذا كان لوقا قد أُلهم من الله كتابة ما كتب، فإن التحريفات الدخيلة على النصوص الأصلية ستصبح تلقائياً كلام الله.
" لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تُنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها ". [التثنية 4 : 2].
2- " لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ". [يوحنا 3 : 16].
“For god so loved the world, that he gave his only begotten Son, that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life”. [John 3 : 16]. (copyright 1968)(طبعة 1968 ).
" يسوع هو ابن الله ومولوده الوحيد، مولود لا مخلوق"، وكثيراً ما نجدها في تعاليم الكنيسة.
ولا يستطيع أي قسّيس أن يخطب إلى روّاد الكنيسة بدون أن يقولها. ولكن مراجعو الكتاب المقدس استأصلوا هذه الكلمة “begotten” من الترجمات الإنجليزية بدون أن يُقدّموا عُذْراً واحداً! وهذه الكلمة والتي تعني "مولود"، كانت موجودة في الأناجيل المطبوعة قبل سنة 1971، ولكن في الطبعات المنقحة الحديثة قد اختفت!
وهذه الكلمة هي واحدة من عدّة كلمات محرّفة في الكتاب المقدس. .
وعلى العالم الإسلامي أن يهنئ الاثنين والثلاثين عالماً بالإضافة إلى الخمسين طائفة الدينية لتقريبهم الكتاب المقدس لحقيقة القرآن الكريم: " لم يلد ولم يولد ". [الإخلاص : 3].
3- " فإن الذين يشهدون (في السماء) هم ثلاثة (الآب والكلمة والروح القدس) وهؤلاء الثلاثة هم واحد". [1 يوحنا 5 : 7].
وهذه الجملة هي الأقرب إلى ما يُسمّيه النصارى "بالثالوث الأقدس" (Trinity) وهو أحد دعائم النصرانية.
ولكن مراجعو النصوص المنقحة حذفوا هذه الجملة أيضاً بدون تفسير لتصرفهم هذا!
لقد كانت هذه الجملة زَيْفاً عقائدياً طوال هذه المدة، وقد أُزيلت من النصوص المنقحة المُترجَمة للغة الإنجليزية، وأما عن 1499 لغة المتبقية في العالم التي يُكتب بها الكتاب المقدس، فما زال هذا الاعتقاد المزيّف موجوداً بها، ولن يعرف أصحاب هذه اللغات بالحقيقة حتى يوم الحساب.
وعلينا نحن المسلمين، أن نهنئ هؤلاء المراجعين ثانية لاعترافهم بالحقيقة وتخلّصهم من كذبة أخرى في الكتاب المقدس، مُقرِّبين بذلك كتابهم إلى تعاليم الدين الإسلامي. فالقرآن الكريم يقول: " ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد ". [النساء : 171].
ولقد اعترف العديد من علماء اللاهوت والمثقفين المسيحيين وحتى بابوات الكنيسة المسيحية بالزيف العقائدي للثالوث الأقدس ودور البشر في تصنيع هذا المعتقد وإقحامه لاحقاً في الديانة المسيحية. من بين هؤلاء:
- العالم اللاهوتي الإسباني ميغيل سيرفيتو (Michael Servetus or Miguel Serveto, 1511-1553) صاحب كتاب "خطأ الثالوث الأقدس" (De Trinitatis Errobus, “On the Error of the Trinity”) والذي أعدمته حرقاً السلطة الكالفينية (نسبة إلى مذهب اللاهوتي الفرنسي البروتستانتي جون كالفين) في جنيف سنة 1553 لمعارضته وانتقاده عقيدة الثالوث الأقدس ووصفه هذه العقيدة بالهرطقة والبدعة من صنع البشر.
- العالم الفيزيائي الإنجليزي إسحق نيوتن (Sir Isaac Newton, 1642-1727) الذي أعلن أن المسيحية قد انحرفت وضلّت في القرن الرابع ميلادي حين قدَّم مؤتمر نيقيا عقيدة خاطئة عن طبيعة شخصية المسيح.
- البابا هونوريوس (Honorius I, pope 625-638) الذي انتقد وعارض بشدة عقيدة الثالوث الأقدس، ممّا دفع بالمؤتمر الثالث للمجمع الكنسي المنعقد في القنسطنطينية سنة 680م إلى اتهام البابا هونوريوس بالهرطقة.
4- " فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل. هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا. فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امرأته. ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع ". [متى 1 : 21-25].
لقد قصد القديس متَّى بالعذراء هنا مريم والدة المسيح. وهو يُلمح في هذه الآيات إلى النبوءة الموجودة في سفر إشعياء:
" ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل ". [إشعيا 7 : 14].
إن لفظة "عمانوئيل" تعني باللغة العبرانية: الله (ال) معنا (عمانو)، أي "ساعدنا يا الله".
وعندما يقرأ رجال الدين المسيحيون هذه الآية، فإنهم يعطون لرعيّتهم التفسير التالي: "أرأيتم، ها هو النبيّ إشعيا يتنبأ بقدوم الله شخصياً. عمانوئيل تعني الله معنا. فهذه ليست فقط نبوءة بقدوم الله، ولكن نبوءة تدل على تجسّد الله في شكل يسوع"!
أولاً: في النصوص المنقحة، نجد أن كلمة "العذراء" قد استبدلت بكلمة "صبية" وهي الترجمة الصحيحة للكلمة العبرانية "العلمه". فهي الكلمة التي استخدمت دائماً في النص العبراني، وليست كلمة "بتوله" التي تعني عذراء. وهذا التصحيح لا يوجد إلا في الترجمة الإنجليزية، لأن النصوص المنقحة لا تُطبع إلا بهذه اللغة. أما بالنسبة للأفريقي أو العربي أو غيرهم من ألف وخمسمائة لغة عالمية، فما زالوا يقرأونها "العذراء".
وقد وردت كلمة "العلمه" في أربعة أماكن في الكتاب المقدس ([التكوين 24 : 43]، [الخروج 2 : 8]، [المزامير 68 : 25]، [الأمثال 30 : 19]) وقد تُرجِمت جميعها إلى كلمة "فتاة".
وقد وردت كلمة "بتوله" في أربعة أماكن من سفر إشعياء ([23 : 12]،[37 : 22]،[47 : 1]، [62 : 5]) وقد تُرجِمت جميعها إلى كلمة "عذراء".
ولهذا، فقد كان المؤلف مُدركاً تماماً لمعنى الكلمتيْن، وأما الخطأ، سواء كان عمداً أم عن غير قصد، فقد وقع من المترجم!
ثانياً: هذه النبوءة تختص بالابن الثاني أو الثالث للنبي إشعيا من صبية يهودية، وهي كانت إشارة إلى أن الملك آحاز، ملك يهوذا، لن يخسر حربه ضد الملك رصين، ملك أرام، وضد الملك فقح بن رمليا، ابن ملك إسرائيل (إقرأ سفر إشعياء الفصل السابع). فإذا كان يسوع هو المقصود هنا، فلماذا نجد اسمه عمانوئيل؟ لاحظ أن النبوءة تقول بأن اسمه سيكون عمانوئيل أو اسمه سيكون "الله معنا"، ولم تقل "سيكون الله معنا"!
عمانوئيل ليس الاسم الوحيد في العهد القديم الذي يحتوي على لفظة "ال = الله". هناك المئات من الأسماء العبرانية التي تحوي على "ال" بالإضافة إلى الاسم. مثلاً، "إسماعيل" والذي يعني "الله يسمع". هل هذا يدل على أن حاسة السمع عند الله تجسّدت مادياً في شكل إسماعيل؟!
"إيليا" والتي تعني "إلهي هو يهوه".
"جبرائيل" والذي يعني "الله قوي"، هل يعني هذا أن جبرائيل هو التجسّد المادي لقوة الله؟
"حزقيال" أي "الله قوي".
"اليعازر" أي "الله ساعد".
"أليشع" أي "الله هو الخلاص".
"الياقيم" أي "الله يرفع".
"ايلي" أي "الله".
"اليداع" أي "الله يعرف".
"اليآب" أي "الله هو أبي".
"الصافان" أي "الله الحامي".
"أريئيل" أي "أسد الله".
"ألعاسة" أي "الله يخلق".
"راحيل" أي "روح الله".
لقد أُعطيَ يسوع اسمه حتى قبل أن يولد: "فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع". [متى 1 : 21]. لم يكن أبداً اسمه "عمانوئيل".
هل بدأنا الآن نفهم ماذا نعني بقولنا السابق: "مَطّ" وشدّ الكلمات والمعاني؟!
وكما سيأتي لاحقاً، سنرى مدى بلاهة وغباء مؤلف إنجيل متَّى لجهة عدم فهمه لنبوءات العهد القديم وحماسه الأحمق لإلصاقها بيسوع كيفما كان وكيفما اتفق!
5- " بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله. كما هو مكتوب في الأنبياء. ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك. صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة ".
[مرقس 1 : 1-3]، [متى 3 : 3]، [لوقا 3 : 4].
“The beginning of the gospel about Jesus Christ, the Son of God. It is written in Isaiah the prophet: I will send my messenger ahead of you, who will prepare your way. A voice of one calling in the desert, prepare the way for the Lord, make straight paths for him”. [Mark 1 : 1-3].
أستلفت النظر هنا إلى جملة "كما هو مكتوب في الأنبياء" في الترجمة العربية. لاحظ أن الترجمة الإنجليزية لهذه الجملة في النصوص المنقحة مختلفة تماماً، فهي تقول: "كما هو مكتوب في سفر إشعياء النبي".
هل من أحد من إخواننا المسيحيين يخبرنا لماذا أزيلت عبارة "في سفر إشعياء النبي" واستبدلت بعبارة "في الأنبياء" في الترجمة العربية وفي نسخة الملك جيمس الإنجليزية الغير المنقحة؟
" فإن هذا هو الذي قيل عنه بإشعياء النبي القائل صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب. اصنعوا سبله مستقيمة ". [متى 3 : 3].
إن الكلام الموجود في الإصحاح 40 من كتاب إشعياء مخالف للكلام الذي نقله متَّى. ففي كتاب إشعياء: "صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب قوموا في القفر سبيلاً لإلهنا" [إشعياء 40 : 3]. فلم يقل "إصنعوا سبله مستقيمة". من أين جاء هذا الاختلاف في كتب الوحي؟ وهذا هو الأصل العبراني لإشعياء يقول: "قول قرأ بمدبر فوا درك يهوه بعربه مسله لالهينو". ما يهمنا هنا هو أنه بالإضافة إلى متَّى، فإن الإصحاح الأول من إنجيل مرقس، والثالث من إنجيل لوقا قد نقلا عن كتاب إشعياء إلا أن الجميع اقتبس العبارة الخاطئة "اصنعوا سبله مستقية"! والمسيحيون مصرون على أن الأناجيل الأربعة هي وحيٌ من الروح القدس!
هذه الآية لا علاقة لها برسول يمهد الطريق للمسيح. هذه الآية تتحدث عن إطلاق بني إسرائيل من الأسر البابلي.
20307- تناقضات الكتاب المقدس
يقول بولس الرسول: "لأن الله ليس إله تشويش ". [1كورنثوس 14 : 33].
إلا أنِّي لم أرَ كتاباً قد أنتج تشويشاً كالتشويش الذي أنتجه الكتاب المقدس!
ألا يُفترض أن يكون الكتاب المُلهَم من الله العليم القدير في غاية الوضوح؟
لقد كتب بولس الرسول: " فإنه إن أعطى البوق أيضا صوتا غير واضح فمن يتهيأ للقتال. هكذا أنتم أيضا إن لم تعطوا باللسان كلاما يُفهم فكيف يُعرف ما تُكلم به. فإنكم تكونون تتكلمون في الهواء ".
[1كورنثوس 14 : 8-9].
تماماً! كان يجب على بولس أن يُطبِّق ما بَشَّر به! لحوالي الألفيْ عام، كان الكتاب المقدس ولا يزال هو البوق الذي يصدر "صوتا غير واضح"!
لا تكمن المشكلة في قدرات البشر على فهم الكتاب المقدس، إنما المشكلة تكمن في الكتاب المقدس نفسه. إذا تجرّد الناس من "لاهوتهم" المتطرف والأعمى، سيلاحظون وجود آلاف التناقضات في الكتاب المقدس. وفيما يلي، سنعرض عيِّنة بسيطة لهذه التناقضات الكتابية:
متى وُلد يسوع؟
- في أيام الملك هيرودس: " ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك".
[متى 2 : 1].
- في أيام الاكتتاب الأول: " وفي تلك الأيام صدر أمر من أوغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة. وهذا الاكتتاب الأول جرى إذ كان كيرينيوس والي سورية... فصعد يوسف أيضا من الجليل من مدينة الناصرة إلى اليهودية إلى مدينة داود التي تدعى بيت لحم... ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى. وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد ". [لوقا 2 : 1-6].
هذا الأمر مستحيل لأن الملك هيرودس (Herod the great 73-4 BC) مات في سنة 4 قبل الميلاد، بينما حصل الاكتتاب الأول في السنة 7 بعد الميلاد أي بعد حوالي10 سنوات من موت هيرودس! بالإضافة إلى أن كيرينيوس لم يصبح والياً على سورية إلا في سنة 6 بعد الميلاد!
هل ذهب يسوع إلى مصر؟
- كلا: "ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب. كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسا للرب... ولما أكملوا كل شيء حسب ناموس الرب رجعوا إلى الجليل إلى مدينتهم الناصرة ". [لوقا 2 : 22-39].
- نعم: " وبعد ما انصرفوا إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك. لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه. فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلى مصر. وكان هناك إلى وفاة هيرودس. لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني ". [متى 2 : 13-15].
يُلمح "القديس متَّى" إلى النبوءة الواردة في سفر هوشع: " ومن مصر دعوت ابني". [هوشع 11 : 1].
لقد قرأ متَّى شيئاً في كتاب العهد القديم عن نبوءة تتحدث عن مصر، فلذلك اضطر لإرسال يسوع والعائلة في رحلة إلى مصر كي تتحقق هذه النبوءة كيفما كان!
إلا أن "القديس متَّى" لم يقتبس إلا الشق الثاني من الآية وأغفل عن الشق الأول:
" لما كان إسرائيل غلاما أحببته ومن مصر دعوت ابني ". [هوشع 11 : 1].
هذه النبوءة تختص بدعوة الإسرائليين للخروج من مصر بقيادة النبي موسى ولا علاقة لها بيسوع. فالمقصود من هذا الكلام إنقاذ بني إسرائيل من عبوديتهم في مصر كما يشهد له أيضاً مجرى الكلام في سفر الخروج حيث أمر الله موسى أن يقول لفرعون: "فتقول لفرعون هكذا يقول الرب. إسرائيل ابني البكر. فقلت لك أطلق ابني ليعبدني فأبيت أن تطلقه ". [الخروج 4 : 22-23].
هل قتل هيرودس الصبيان؟
- في إنجيل لوقا لا يوجد أي ذكر لهذه "المأساة المفجعة".
- أما في إنجيل متَّى فقد سجل: " حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جدا. فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها من ابن سنتين فما دون بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس. حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل. صوت سُمع في الرامة نَوح وبكاء وعويل كثير. راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزّى لأنهم ليسوا بموجودين ". [متى 2 : 16-18].
المؤرخ اليهودي يوسفوس فلافيوس (Josephus Flavius) والذي أرَّخَ لحياة وتاريخ هيرودوس في الكتاب 18 من "عصور اليهود القديمة" (Antiquities of the Jews)، لم يذكر هذه المأساة بتاتاً!
يُلمح متَّى في هذه الآيات إلى النبوءة الواردة في سفر إرميا:
" هكذا قال الرب. صوت سُمع في الرامة نَوح وبكاء مر. راحيل تبكي على أولادها وتأبى أن تتعزّى عن أولادها لأنهم ليسوا بموجودين ". [إرميا 31 : 15].
هذه الآيات تتحدث عن راحيل والدة يوسف وبنيامين وزوجة يعقوب، التي كانت تبكي أولادها الذين أُسروا في مصر. وتأتي هذه الآيات في سياق القصة التي تتحدث عن بكاء الإسرائليين عند أخذهم كسبايا إلى بابل في عهد الملك البابلي نبوخذ نصّر، ولا علاقة لها بمجزرة هيرودس الخرافية.
ناصري؟ أم نذيراً لله؟
" وإذ أُوحي إليه (يوسف) في حلم انصرف إلى نواحي الجليل. وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة. لكي يتم ما قيل بالأنبياء أنه سيدعى ناصريا ". [متى 2 : 22-23].
في هذه الآيات يتجلّى غباء مؤلف إنجيل متَّى بوضوح تام. فهو يتكلم عن كون يسوع سيُدعى ناصرياً وهكذا تتحقق نبوءة تكلّم عنها الأنبياء السابقون.
إلا أن العهد القديم، من الغلاف إلى الغلاف، لا يحتوي على هكذا نبوءة...
ولكن، ربما قصد "القديس متَّى" النبوءة التي وردت في سفر القضاة:
" فها إنك تحبلين وتلدين ابنا ولا يعل موسى رأسه لأن الصبي يكون نذيرا لله من البطن وهو يبدأ يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين ". [القضاة 13 : 5].
تتساءلون كيف ربط متَّى بين كون يسوع ناصرياً وكونه نذيراً لله؟ ما هي العلاقة؟
في اللغة العبرية تُلفظ كلمة "ناصري" Nazarene (نازارين).
وفي اللغة العبرية أيضاً تُلفظ كلمة "نذيراً لله" Nazirite (نازيريت).
لقد قرأ "القديس متَّى" نبوءة سفر القضاة –ولم يفهمها بالطبع- واعتقد أن "نازيريت" تعني ناصري، أي من الناصرة، ففهم النبوءة على الشكل التالي:
" فها إنك تحبلين وتلدين ابنا ولا يعل موسى رأسه لأن الصبي يكون ناصريا من البطن وهو يبدأ يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين ".
فسارع إلى إرسال يسوع إلى الناصرة حتى يُدعى ناصرياً وبذلك تتحقق هذه النبوءة!
ما لم يفهمه متَّى هو أن نازارين ونازيريت كلمتان مختلفتان تماماً في المعنى:
نازارين (Nazarene) هو أحد أبناء مدينة الناصرة بفلسطين.
نازيريت (Nazirite) هو الإنسان اليهودي الذي نُذِر لله فلا يحلّ له أن يُعاقر الخمر أو يحلق شعره أو يمس جثّة.
يسوع لا يمكن أن يكون نازيريت لأنه شرب الخمر وفقاً للعهد الجديد [متى 26 : 29]، [مرقس 14 : 25]، [لوقا 22 : 18].
لقد اختلط الأمر على "القديس متَّى" ففهم شيئا آخر. ولكن ليس هذا ما يهم، المهم أنه ألصق بيسوع نبوءة من العهد القديم كيفما كان وكيفما اتفق!
هذه النبوءة تتكلم عن ملاك يخاطب والدة شمشون قائلاً لها أن ابنها سيكون نذيراً لله.
على أي حيوان ركب يسوع أثناء دخوله لأورشليم؟
- " فأتيا بالجحش إلى يسوع وألقيا عليه ثيابهما فجلس عليه ". [مرقس 11 : 7] و [لوقا 19: 35] و
[يوحنا 12 : 14].
- " وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما ". [متى 21 : 7].
بالرغم من هذا التناقض بين مرقس ولوقا ويوحنا من جهة وبين متَّى من جهة أخرى، إلا أن ما يهمنا هو تصريح "القديس متَّى": كيف ولماذا ركب يسوع على الحمار والجحش في وقت واحد؟
مرة جديدة، يُلمح متَّى في هذه الآية إلى نبوءة وردت في سفر زكريا:
" ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل منصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن آتان ". [زكريا 9 : 9].
ومرة جديدة يكشف لنا "القديس متَّى" عن بلاهته وغبائه. ففي النصّ العبري لسفر زكريا، نجد أن الكلمة التي ترجمت إلى "واو" في لفظة وعلى لا تعني "الإضافة" على الجملة السابقة أي أنها لا تعني وجود دابتيْن بل دابة واحدة. إن الكلمة التي ترجمت إلى "واو" في لفظة وعلى إنما جاءت للتأكيد والتركيز على نفس الشيء أي بمعنى "حتَّى".
لقد اختلط الأمر مرة أخرى على متَّى. وبالرغم من أن النتيجة كانت ظريفة (جعل يسوع يجلس على الحمار والجحش في وقت واحد)، إلا أن هذه الحادثة تكشف لنا أن متَّى اختلق هذه القصة ليلصق بيسوع نبوءة أخرى كيفما كان وكيفما اتفق!
هؤلاء المؤلفون اتفقوا جميعاً في تسجيلهم لواقعة كرنفال الجحش دخول "الرب المسيح" أورشليم على ظهر جحش، فهل يعقل أن يكون الله القدير "مؤلف" هذه الأحداث المتباينة أن يُكلّف نفسه لتأكيد عدم نسيان مؤلفي البشارة تسجيل دخول "ابنه" المدينة المقدسة على ظهر جحش وإلهامهم بعدم تسجيل أي كلمة تدلّ على حقيقته الثالوثية؟!
من جلب الجحش ليسوع؟
- اثنين من تلاميذه: " أرسل (يسوع) اثنين من تلاميذه. وقال لهما اذهبا إلى القرية التي أمامكما فللوقت وأنتما داخلان إليها تجدان جحشا مربوطا لم يجلس عليه أحد من الناس. فحلاه وأتيا به ".
[مرقس 11 : 1-2].
- يسوع نفسه: " ووجد يسوع جحشا فجلس عليه كما هو مكتوب ". [يوحنا 12 : 14].
نبوءة بيت لحم
" لأنه هكذا مكتوب بالنبي. وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا. لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل ". [متى 2 : 5-6].
لا يوجد في العهد القديم ما يشبه هذا الكلام إلا ما يوجد في سفر ميخا في الأصل العبراني، ولكن بين الكلامين مخالفة كبيرة فإن ترجمة كتاب ميخا حرفياً تكون هكذا: " وأنت بيت لحم افراتة صغير لكونك بألوف يهوذا منك لي يخرج ليكون متسلطاً بإسرائيل ". [ميخا 5 : 2].
افراتة هو الاسم القديم لبيت لحم [التكوين 35 : 19؛ راعوث 4 : 11]. وبيت لحم افراتة هو أيضاً اسم شخص في العهد القديم [أخبار الأيام الأول 4 : 4]. قد تكون هذه النبوءة تختص بأحد أبناء بيت لحم أو أنها تختص بواحد من ذُرِّية بيت لحم افراتة. ولكن إذا ما افترضنا أن يسوع قد حقق الجزء الأول من هذه النبوءة وهي نبوءة المكان [يوحنا 7 : 42]، فإنه قد فشل في تحقيق الجزء الثاني من النبوءة وهو أن يكون هذا الذي يخرج من بيت لحم افراتة "متسلطاً بإسرائيل". يسوع لم يكن متسلطاً بإسرائيل، لذلك نجد أن مؤلف إنجيل متَّى قد أدرك هذه الحقيقة واضطُر إلى تلطيف عبارة "متسلطاً بإسرائيل" إلى "مدبر يرعى شعبي إسرائيل" حتى يُلصق نبوءة أخرى بيسوع كيفما كان!
هل إنجيل متّى مسلط على أن ينتهب الكلام من مورد إلى آخر؟
ومثل هذا النهب قد وقع أيضاً في الإصحاح 13 من أعمال الرسل حيث ذُكر عن قول بولس: " إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني أنت ابني أنا اليوم ولدتك ". [أعمال 13 : 33]. ونحو ذلك جاء في [العبرانيين 5 : 5] و [العبرانيين 1 : 5].
(المسيح هو من يمسحونه بالزيت ملكاً كان أو كاهناً).
المراد من المسيح في هذا المزمور هو داود نفسه، ويشهد لذلك أن داود سمى نفسه في المزامير مسيح الله كما في [المزامير 18 : 50] و [المزامير 132 : 10]. ألا ترون أن داود قد سمى شاول (ملك إسرائيل) مسيح الرب سبع مرات كما في الإصحاح 24 و 26 من سفر صموئيل الأول، والإصحاح الأول من سفر صموئيل الثاني. وقد جاء في المزمور 105 عن قول الله "لا تمسُّوا مُسَحائي". وفي أول الإصحاح 45 من كتاب إشعياء جاء: "هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش".
والغريب في الأمر أن المزمور 89 يقول: "غضبت على مسيحك"! إلا أن المسيحيين يقولون بأن داود قصد بالمسيح هنا نفسه لأنهم لا يرضون للمسيح أن يكون الله يغضب عليه وكيف يرضون بذلك وهو عندهم إله وأقنوم الله!
نبوءة أرض زبولون
" وترك (يسوع) الناصرة وأتى فسكن في كفرناحوم التي عند البحر في تخوم زبولون ونفتاليم. لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل. أرض زبولون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم. الشعب الجالس في ظلمة أبصر نورا عظيما ". [متى 4 : 13-16].
هذا الكلام لا مُحصّلة له إلا تسطير الألفاظ والأسماء. أفلا ينظرون إلى كتاب إشعياء في أصله العبراني وترجمته الحرفية التالية:
في آخر الإصحاح 8: " كما أن الزمن الأول أهان أرض زبولون وأرض نفتالي والأخير يكبر طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم ".
ثم ينتقل إلى موضوع آخر ليبدأ عندها أول الإصحاح 9: " الشعب السائر في الظلمة رأى نوراً كبيراً ".
إن ترجمات كتاب إشعياء قد وضعت الآيتين في الإصحاح التاسع حتى يبدو أن الموضوع واحد وبذلك تتم النبوءة الخرافية التي تكلم عنها متَّى. إن كلام متَّى لا يشبه كلام إشعياء إلا في بعض المفردات. والذي يعرف مواقع البلاد، يعرف أن كفر ناحوم هي من سهم نفتالي وبعيدة عن تخوم زبولون بنحو 6 أميال وبينها وبينه صيدا القريبة وطن بطرس وإندراوس وفيلبس من التلاميذ.
في الإصحاح 9 من كتاب إشعياء، يرى المسيحيون أنه بما أن النبيّ الذي تنبّأت به الآية 6 سيكون اسمه "إله قدير"، فهذا يعني أنه هو الله. وهم يقصدون بهذا النبيّ يسوع طبعاً:
" لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويُدعى اسمه عجيباً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد ". [إشعياء 9 : 6].
هذه الآية تقول أن اسمه سيكون "إله قدير" ولن يكون هو "إله قدير"! في الأصل العبراني نجد أن لفظة "إلهاً قديراً" هي "الجيبور" والتي تعني "الله قوي". كلمة "قدير" في اللغة العبرانية هي "حازاك". من سوء حظ المسيحيين أن اليهود كانوا يستعملون أسماءً تدخل فيها لفظة "ال" أو "الله" وهو ما يُضلل المسيحيين ويخدعهم. هناك المئات من الأسماء العبرانية التي تحتوي على "ايل" بالإضافة إلى الاسم والتي ذكرناها سابقاً.
تصريف الأفعال في الأصل العبراني لهذه الآية يستعمل صيغة الماضي، بينما استعمل المسيحيون صيغة المضارع عند الترجمة من أجل إلصاق محتوى هذه الآية بيسوع.
هذه الآية تتحدث عن حزقيا ملك يهوذا.
يعترض رجال اللاهوت بالقول أن المقصود بهذه الآية لا يمكن أن يكون حزقيا لأن الأية ذكرت عبارة "من الآن إلى الأبد"، فكيف تكون مملكة حزقيا إلى الأبد؟
كلمة "الأبد" في الأصل العبراني هي "عهد" وهي تعني أبدية أو وقت طويل. وهي نفس الكلمة التي استعملت في سفر الخروج وكتاب حزقيال:
" ولكن إن قال العبد أحب سيدي وامرأتي وأولادي لا أخرج حراً. يقدمه سيده إلى الله ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة ويثقب سيده أذنه بالمثقب. فيخدمه إلى الأبد ". [خروج 21 : 5-6].
هل خدم العبد سيده إلى الأبد؟
" ويسكنون في الأرض التي أعطيت عبدي يعقوب إياها التي سكنها آباؤكم ويسكنون فيها هم وبنوهم وبني بنيهم إلى الأبد وعبدي داود رئيس عليهم إلى الأبد ". [حزقيال 37 : 25].
هل بقيَ داود رئيساً عليهم إلى الأبد؟
في آية [2كورنثوس 4 : 4] وردت الكلمة اليونانية (Ho Theos) للإشارة إلى الشيطان وهي تعني "الله"، إلا أنهم ترجموها إلى "إله":
" الذين فيهم إله (الشيطان) هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين ". [2كورنثوس 4 : 4].
عندما يقول الكتاب المقدس للمسيحيين وبوضوح أن الشيطان هو الله، فإنهم مستعدون لتأويل وتحريف ترجمة تلك االكلمة في خمسين مليون طريقة مُلتوية حتى يصلوا إلى نتيجة أن الشيطان لا يمكن أن يكون الله، ولكن عندما تقول الآية وبصراحة أن اسمه سيكون "الهاً قديراً" فإنهم عازمين على رؤية الدليل الغير الموجود أصلاً وجعله هو "الهاً قديراً"!
هل تعرَّف يوحنا على يسوع بعد معموديته؟
- نعم: تعرّف يوحنا على يسوع حتى قبْل المعمودية: " وشهد يوحنا قائلا إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذي أرسلني لأعمّد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمّد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله ". [يوحنا 1 : 32-34].
-كلا: أرسل يوحنا أتباعه بعد المعمودية إلى يسوع ليسألوه ما إذا كان هو المسيح المنتظر: "أما يوحنا فلما سمع في السجن بأعمال المسيح أرسل اثنين من تلاميذه وقال له أنت هو الآتي أم ننتظر آخر ".
[متى 11 : 2-3].
ماذا قال الصوت الذي من السماء؟
- " وصوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت ". [متى 3 : 17].
- " وكان صوت من السموات. أنت ابني الحبيب الذي به سررت ". [مرقس 1 : 11].
الكلمة الواردة في النص اليوناني والتي تُرجمت إلى "هذا هو" في النص الإنجيلي لمتَّى هي (outos). والكلمة التي تُرجمت إلى "أنت" في إنجيل مرقس هي (su).
مرقس كان يرى أن يسوع هو ابن الله بالتبنّي، فكان يحمل النظرية اللاهوتية التي تُدعى "عقيدة التبنِّي" (adoptionist theology) والتي تعتبر أن يسوع، وبالرغم من ولادته البتولية، كان إنساناً عادياً إلى حين وقت المعمودية عندما نزل الروح القدس من السماء وجعله ابن الله بالتبنّي.
متَّى شعر بأن يسوع كان يعلم من هو قبل المعمودية، فكان من أتباع النظرية اللاهوتية التي تُدعى "الآب الذي تعذب" (patripassians theology) والتي تؤمن بألوهية يسوع وبُنُوَّته الإلهية بفضل ولادته البتولية. كما تؤمن بالثالوث الأقدس وأن الآب تجسد بالابن ونزل إلى الأرض ليتعذب.
أين ذهب يسوع مباشرة بعد المعمودية؟
بعد المعمودية مباشرة، أمضى يسوع 40 يوماً في البرّية في تجربة مع الشيطان: " وللوقت أخرجه الروح إلى البرية. وكان هناك في البرية أربعين يوما يُجرّب من الشيطان ".
[مرقس 1 : 12-13]؛ [متى 4 : 1 –11].
- بعد ثلاثة أيام من المعمودية، كان يسوع في عرس في قانا: " وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك. ودُعي أيضا يسوع وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة. لم تأت ساعتي بعد ". [يوحنا 2 : 1-4].
ماذا كان برنامج التجربة بين يسوع والشيطان؟
- أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة (أورشليم) أولاً ثم إلى الجبل: " وأخذه إبليس إلى المدينة المقدسة... ثم أخذه ايضا إبليس إلى جبل عال جدا وأراه جميع ممالك الأرض ومجدها ". [متى 4 : 5-8].
- أخذه إبليس إلى الجبل أولاً ثم إلى أورشليم: " ثم أصعده إبليس إلى جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة... ثم جاء به إلى أورشليم ". [لوقا 4 : 5-9].
إلا أننا نقرأ في رسالة يعقوب:
"لا يقل أحد إذا جُرِّب أني أُجَرَّب من قبل الله. لأن الله غير مُجَرَّب بالشرور وهو لا يُجرِّب أحداً ". [يعقوب 1 : 13].
إذا كان يسوع هو الله فعلاً، فكيف جُرِّب من قبل الشيطان مع العلم بأن الله غير مُجَرَّب كما جاء في رسالة يعقوب؟ هل لا يزال أحدنا مصرّاً أن يسوع هو الله؟!
(إذا كانت الأرض كروية الشكل، فكيف رأى يسوع جميع ممالك العالم من جبل عال جداً؟! مهما علا الجبل فلن يستطيع يسوع رؤية أكثر من 11 كيلومتر! من هنا جاء الانتقاد العلمي لفلسفة الأرض المُسطحة في الكتاب القدس، وهي فلسفة يتشارك فيها جميع مؤلفي أسفار الكتاب المقدس من التكوين إلى سفر الرؤيا. أنظر أيضاً [دانيال 4 : 10-11] حينما رأى شجرة طويلة في وسط الأرض يمكن رؤيتها من أقصى كل الأرض. يعترض رجال اللاهوت قائلين بأن إشعياء قد ذكر في [إشعياء 40 : 22] بأن شكل الأرض هو كرة. إلا أن الكلمة الواردة في الأصل العبراني لإشعياء تعني "دائرة" وليس "كرة"، والدائرة شكل هندسي ثنائي الأبعاد مما يعني أننا نظل ندور في فلك الأرض المسطحة!).
هل اعتقد "هيرودس" أن يسوع هو يوحنا المعمدان؟
- نعم: " في ذلك الوقت سمع هيرودس رئيس الربع خبر يسوع. فقال لغلمانه هذا هو يوحنا المعمدان قد قام من الأموات ولذلك تعمل به القوات ". [متى 14 : 1-2]؛ [مرقس 6 : 16].
- كلا: " فقال هيرودس يوحنا أنا قطعت رأسه. فمن هو هذا الذي أسمع عنه مثل هذا ". [لوقا 9 : 9].
نبيّ أم كذاب
إن قبول اليهود بيسوع كالمسيح المنتظر يتوقف على تسليم يوحنا بأنه النبي إيليّا:
" وسأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولا. فأجاب يسوع وقال لهم أن إيليا يأتي أولا ويرد كل شيء. ولكني أقول لكم أن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا. كذلك ابن الإنسان أيضا سوف يتألم منهم. حينئذ فهم التلاميذ انه قال لهم عن يوحنا المعمدان ". [متى 17 : 10-13]
إن لم يُسَلِّم يوحنا بأنه النبي إيليّا، فإن كل رسالة المسيح سوف تخسر مصداقيتها. ولكن ماذا نقرأ في إنجيل يوحنا:
" وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت. فاعترف ولم ينكر وأقرّ إني لست أنا المسيح. فسألوه إذا ماذا. إيليا أنت فقال لست أنا. ألنبي أنت. فأجاب لا ".
[يوحنا 1 : 19- 21].
لقد وضع اليهود يسوع أمام امتحان للتأكد من أنه فعلاً المسيح المنتظر. فاليهود كان لديهم نبوءة تتحدث عن مجيء إيليّا قبل المسيح المنتظر. وعندما أتى يسوع، لم يكونوا قد رؤوا إيليّا بعد، لذلك شكّوا في ادعائه أنه المسيح المنتظر. ولكن يسوع ردّ عليهم قائلاً أن إيليّا قد جاء ولكنهم لم يعرفوه، فإيليّا وفقاً لإجابة يسوع كان يوحنا المعمدان. وعندما أتى الأمر إلى يوحنا المعمدان، رفض كليّاً ادعاء المسيح بأنه هو النبي إيليّا!
وفقاً لهذه الكتابات، لا أدري لماذا نلوم اليهود على رفضهم يسوع!!!
يسوع ولد من امرأة!
" فكيف يتبرّر الإنسان عند الله وكيف يزكو مولود المرأة ". [أيوب 25 : 4].
بما أن يسوع ولد من بطن امرأة، إذن فإنه ليس زكيّاً وطاهراً طبقاً لهذه الآية! أم أن هذا لا ينطبق عليه؟!!
" الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ". [متى 11 : 11].
مرة أخرى، يسوع ولد من إحدى النساء، فهل هذا يعني أن يوحنا المعمدان أعظم منه؟!
كيف عرف سمعان بطرس أن يسوع هو المسيح؟
- أخبره الله: " فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا. إن لحما ودما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السماوات". [متى 16 : 16-17].
- أخبره أخوه أندراوس: " كان أندراوس أخو سمعان بطرس واحدا من الاثنين اللذين سمعا يوحنا وتبعاه. هذا وجد أولا أخاه سمعان فقال له قد وجدنا مسيّا. الذي تفسيره المسيح ". [يوحنا 1 : 40-41].
أين التقى يسوع بأندراوس وسمعان بطرس لأول مرة؟
-عند بحر الجليل: " وإذا كان يسوع ماشيا عند بحر الجليل ابصر أخوين سمعان الذي يقال له بطرس وأندراوس أخاه يلقيان شبكة في البحر فإنهما كانا صيادين. فقال لهما هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس. فللوقت تركا الشباك وتبعاه ". [متى 4 : 18-20].
- عند ضفة نهر الأردن حيث كان يوحنا المعمدان يعمّد الناس: " وفي الغد أيضا كان يوحنا واقفا هو واثنان من تلاميذه (سمعان وأندراوس). فنظر إلى يسوع ماشيا فقال هوذا حمل الله. فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع ". [يوحنا 1 : 35-37].
عندما دخل يسوع كفرناحوم، شفى غلام قائد المئة. هل تقدم قائد المئة وطلب شخصياً من يسوع أن يشفي غلامه؟
- نعم: " ولما دخل يسوع كفرناحوم جاء إليه قائد مئة يطلب إليه. ويقول يا سيد غلامي مطروح في البيت مفلوجا متعذبا جدا ". [متى 8 : 5-6].
- كلا: " ولما أكمل أقواله كلها في مسامع الشعب دخل كفرناحوم. وكان عبد لقائد مئة مريضا مشرفا على الموت وكان عزيزا عنده. فلما سمع عن يسوع أرسل إليه شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ويشفي عبده ". [لوقا 7 : 1-3].
عندما التقى يسوع بـ "يايرس"، هل كانت ابنته قد ماتت؟
- نعم: " وفيما هو يكلمهم بهذا إذا رئيس قد جاء فسجد له قائلا إن ابنتي الآن ماتت ". [متى 9 : 18].
- كلا: " وإذا واحد من رؤساء المجمع اسمه يايرس جاء ولما رآه خرَّ عند قدميه. وطلب إليه كثيرا قائلا ابنتي الصغيرة على آخر نسمة ". [مرقس 5 : 22-23].
الكلمة الواردة في النص اليوناني والتي تُرجمت إلى "ماتت" في إنجيل متَّى هي (etelevteoen). والكلمة اليونانية الواردة في إنجيل مرقس والتي تُرجمت إلى "آخر نسمة" هي (esxatos exei).
متَّى وكعادته رأى أن الترويج ليسوع يقيم طفلة من الموت أفضل بكثير من يسوع ينقذ طفلة على شفا الموت!
هل سمح يسوع لتلاميذه بالاحتفاظ بأي شيء خلال رحلتهم؟
- كلا: " لا تقتنوا ذهبا ولا فضة ولا نحاسا في مناطقكم. ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا". [متى 10 : 9-10] ؛ [لوقا 9 : 3].
- نعم: " وأوصاهم أن لا يحملوا شيئا للطريق غير عصا فقط . لا مزودا ولا خبزا ولا نحاسا في المنطقة. بل يكونوا مشدودين بنعال ولا يلبسوا ثوبين ". [مرقس 6 : 8-9].
ماذا قال يسوع حول شهادته على نفسه؟
- " إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً ". [يوحنا 5 : 31].
- " إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق ". [يوحنا 8 : 14].
في إنجيل يوحنا، قال الفريسيون للمسيح أنت تشهد لنفسك وشهادتك ليست حقاً فقال لهم في ناموسكم مكتوب شهادة رجلين حق وأنا الشاهد لنفسي ويشهد لي الآب الذي أرسلني.
هل يوجد في الناموس أن المُدّعي يكون شاهداً لنفسه؟ هل يوجد هذا في قضاء ملّة من الملل؟ هل يقول هذا واحد من عوام الناس؟
هل كان يسوع صالحاً؟
- كلا: " وفيما هو خارج إلى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية. فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً. ليس أحد صالح إلا واحد وهو الله ".
[مرقس 10 : 17-18].
- نعم: " أما أنا (يسوع) فإني الراعي الصالح. وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني ". [يوحنا 10 : 14].
هل يستطيع التلاميذ أن يشفوا الأمراض؟
- نعم: " ثم دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف ". [متى 10 : 1].
- كلا: " ولما جاءؤا إلى الجمع تقدم إليه رجل جاثيا له. وقائلا يا سيد إرحم ابني فإنه يُصرع ويتألم شديدا. ويقع كثيرا في النار وكثيرا في الماء. وأحضرته إلى تلاميذك فلم يقدروا أن يشفوه ". [متى 17 : 14-16].
من يجب أن يحذر التلاميذ؟ خمير الصدوقيين؟ أم خمير هيرودس؟
- الصدوقيين: " ولما جاء تلاميذه إلى العبر نسوا أن يأخذوا خبزا. وقال لهم يسوع انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين ". [متى 16 : 5-6].
- هيرودس: " ثم تركهم ودخل أيضا السفينة ومضى إلى العبر. ونسوا أن يأخذوا خبزا ولم يكن معهم في السفينة إلا رغيف واحد. وأوصاهم قائلا انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين وخمير هيرودس ".
[مرقس 8 : 13-15].
بعد كم يوم من كلامه حول آلآمه تغيرت هيئة يسوع؟
- ستة أيام: " وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبل عال منفردين. وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور ". [متى 17 : 1-2].
- ثمانية أيام: " وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام أخذ بطرس ويوحنا ويعقوب وصعد إلى جبل ليصلّي. وفيما هو يصّلي صارت هيئة وجهه متغيرة ولباسه مبيضا لامعا ". [لوقا 9 : 28-29].
من طلب الخدمة من يسوع؟
- أم ابني زبدي: " حينئذ تقدمت إليه أم ابني زبدي مع ابنيها وسجدت وطلبت منه شيئا. فقال لها ماذا تريدين. قالت له قل أن يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في ملكوتك ".
[متى 20 : 20-21].
- ابني زبدي شخصياً: " وتقدم إليه يعقوب ويوحنا ابني زبدي قائلين يا معلم نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا. فقال لهما ماذا تريدان أن أفعل بكما. فقالا له أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك". [مرقس 10 : 35-37].
ما هو عدد العميان الذين شفاهم يسوع عند خروجه من أريحا؟
- إثنان: " وفيما هم خارجون من أريحا تبعه جمع كثير. وإذا أعميان جالسان على الطريق. فلما سمعا أن يسوع مجتاز صرخا قائلين ارحمنا يا سيد يا ابن داود. فانتهرهما الجمع ليسكتا فكانا يصرخان أكثر قائلين ارحمنا يا سيد يا ابن داود. فوقف يسوع وناداهما وقال ماذا تريدان أن أفعل بكما. قالا له يا سيد أن تنفتح أعيننا. فتحنن يسوع ولمس أعينهما فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه ". [متى 20 : 29-34].
- واحد: " وفيما هو خارج من أريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الأعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع أنه يسوع الناصري ابتدأ يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت. فصرخ أكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وأمر أن ينادى. فنادوا الأعمى قائلين له ثق. قم. هوذا يناديك. فطرح رداءه وقام وجاء إلى يسوع. فأجاب يسوع وقال له ماذا تريد أن أفعل بك. فقال له الأعمى يا سيدي أن أبصر. فقال له يسوع اذهب. إيمانك قد شفاك فللوقت أبصر وتبع يسوع في الطريق ". [مرقس 10 : 46-52].
عندما دخل يسوع إلى أورشليم، هل نظف وطهّر الهيكل في نفس اليوم؟
- نعم: " ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة من هذا. فقالت الجموع هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل. ودخل يسوع إلى هيكل الله وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام... ثم تركهم وخرج خارج المدينة إلى بيت عنيا وبات هناك ". [متى 21 : 10-17].
- في اليوم التالي: " فدخل يسوع أورشليم والهيكل ولما نظر حوله إلى كل شيء إذ كان الوقت قد أمسى خرج إلى بيت عنيا مع الاثني عشر. وفي الغد... وجاءوا إلى أورشليم. ولما دخل يسوع الهيكل ابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام ".
[مرقس 11 : 11-15].
عندما لعن يسوع شجرة التين، هل يبست في الحال؟
- في اليوم التالي: " وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع. فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء إليها لم يجد شيئا إلا ورقا. لأنه لم يكن وقت التين. فأجاب يسوع وقال لها لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلى الأبد... ولما صار المساء خرج إلى خارج المدينة. وفي الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول ". [مرقس 11 : 12-20].
- في الحال: " وفي الصبح إذ كان راجعا إلى المدينة جاع. فنظر شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئا إلا ورقا فقط. فقال لها لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد. فيبست التينة في الحال ".
[متى 21 : 18-19].
أين جرت حادثة مسح يسوع؟
- في بيت عنيا بالقرب من أورشليم: " وفيما هو في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص وهو متكئ جاءت امرأة معها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن ". [مرقس 14 : 3].
- في بيت الفريسي في الجليل: " وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه فدخل بيت الفريسي واتكأ. وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة إذ علمت أنه متكأ في بيت الفريسي جاءت بقارورة طيب ".
[لوقا 7 : 36-37].
أين سكبت الطيب؟
- على رأسه: " فكسرت القارورة وسكبته على رأسه ". [مرقس 14 : 3].
- على قدميه: " ووقفت عند قدميه من ورائه باكية وابتدأت تبّل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبّل قدميه وتدهنهما بالطيب ". [لوقا 7 : 38].
من كانت هذه المرأة؟
- إمرأة مجهولة عند متّى ومرقس ولوقا.
- مريم: " فأخذت مريم منّا من طيب ناردين...". [يوحنا 12 : 3].
ماذا كان ترتيب العشاء الرباني؟
- الخبز ثم النبيذ: " وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا. هذا هو جسدي. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم. لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل الكثيرين لمغفرة الخطايا ". [متى 26 : 26-28].
- النبيذ ثم الخبز: " ثم تناول كأسا وشكر وقال خذوا هذه واقتسموها بينكم. لأني أقول لكم إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله. وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم". [لوقا 22 : 17-19].
هل قَبَّل يهوذا يسوع حين سلّمه؟
- نعم: " والذي أسلمه (يهوذا) أعطاهم علامة قائلا الذي أقبّله هو هو. امسكوه. فللوقت تقدم إلى يسوع وقال السلام يا سيدي. وقبَّله. فقال له يسوع يا صاحب لماذا جئت. حينئذ تقدموا وألقوا الأيادي على يسوع وامسكوه ". [متى 26 : 48-50].
- كلا: " فأخذ يهوذا الجند وخداما من عند رؤساء الكهنة والفريسيين وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح. فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه وقال لهم من تطلبون. أجابوه يسوع الناصري. قال لهم يسوع أنا هو. وكان يهوذا مسّلمه أيضا واقفا معهم. فلما قال لهم إني أنا هو رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض. فسألهم أيضا من تطلبون. فقالوا يسوع الناصري. أجاب يسوع قد قلت لكم أني أنا هو. فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون. ليتم القول الذي قاله أن الذين أعطيتني لم أهلك منهم أحدا. ثم إن سمعان بطرس كان معه سيف فاستله وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى. وكان اسم العبد ملخس. فقال يسوع لبطرس اجعل سيفك في الغمد. الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها. ثم أن الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع وأوثقوه ". [يوحنا 18 : 3-12].
أين أُخذ يسوع فور القبض عليه؟
- إلى قيافا رئيس الكهنة: " والذين أمسكوا يسوع مضوا به إلى قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ ". [متى 26 : 57].
- إلى حنان حما قيافا ثم إلى قيافا: " ثم أن الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع وأوثقوه. ومضوا به إلى حنان أولا لأنه كان حما قيافا الذي كان رئيسا للكهنة في تلك السنة... وكان حنان قد أرسله موثقا إلى قيافا رئيس الكهنة ". [يوحنا 18 : 12-24].
ماذا كان سؤال رئيس الكهنة ليسوع؟
- ابن الله: " فأجاب رئيس الكهنة وقال له أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله ".
[متى 26 : 63].
- ابن المبارك: " فسأله رئيس الكهنة أيضا وقال له أأنت المسيح ابن المبارك ". [مرقس 14: 61].
ماذا أجاب يسوع؟
- " قال له يسوع أنت قلت ". [متى 26: 64].
- " فقال يسوع أنا هو ". [مرقس 14 : 62].
ماذا أجاب يسوع الوالي بيلاطس؟
- " فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلا أأنت ملك اليهود. فقال له يسوع أنت تقول".
[متى 27 : 11].
- " ثم دخل بيلاطس أيضا دار الولاية ودعا يسوع وقال له أنت ملك اليهود. أجابه يسوع أمِن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني ". [يوحنا 18 : 33-34].
هل أجاب يسوع على كل أسئلة بيلاطس؟
- كلا: " فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلا أأنت ملك اليهود. فقال له يسوع أنت تقول. وبينما كان رؤساء الكهنة والشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء. فقال له بيلاطس أما تسمع كم يشهدون عليك. فلم يجبه ولا عن كلمة واحدة حتى تعجب الوالي جدا ". [متى 27 : 11-14].
- نعم: " ثم دخل بيلاطس أيضا دار الولاية ودعا يسوع وقال له أنت ملك اليهود. أجابه يسوع أمِن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. فقال له بيلاطس أفأنت إذا ملك. أجاب يسوع أنت تقول أني ملك. لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق. كل من هو من الحق يسمع صوتي ". [يوحنا 18 : 33-37].
ماذا كانت تهمة باراباس؟
- قاتل: " وكان المسمى باراباس موثقا مع رفقائه في الفتنة الذين في الفتنة فعلوا قتلا ". [مرقس 15 : 7].
- لص: " وكان باراباس لصاً ". [يوحنا 18 : 40].
كم مرة صاح الديك؟
- " الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات ". [يوحنا 13 : 38].
- " فقال له يسوع الحق أقول لك أنك اليوم في هذه الليلة قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات ". [مرقس 14 : 30].
وعندما صاح الديك أول مرة، لم يكن بطرس قد نكر يسوع إلا مرة واحدة [مرقس 14 : 69]. وبذلك تكون النبوءة الواردة في إنجيل يوحنا لم تتحقق.
هل صُلب يسوع قبل أكل الفصح أم بعده؟
- بعد أكل الفصح: " وفي اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه أين تريد أن نمضي ونعد لتأكل الفصح. فأرسل اثنين من تلاميذه وقال لهما اذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء. اتبعاه. وحيثما يدخل فقولا لرب البيت أن المعلم يقول أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي. فهو يريكما عليّة كبيرة مفروشة معدة. هناك أعدّا لنا. فخرج تلميذاه وأتيا إلى المدينة ووجدا كما قال لهما. فأعدا الفصح. ولما كان المساء جاء مع الاثني عشر. وفيما هم متكئون يأكلون قال يسوع الحق أقول لكم أن واحدا منكم يسلمني...". [مرقس 14 : 12-18].
- قبل أكل الفصح: " أما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الآب...". [يوحنا 13 :1]؛ خرج يهوذا ليلاً: " فذاك لما أخذ اللقمة خرج للوقت. وكان ليلا ". [يوحنا 13 : 30]؛ ظنّ باقي التلاميذ أن يسوع أرسل يهوذا لشراء ما يحتاجون إليه لأكل الفصح: " لأن قوما إذ كان الصندوق مع يهوذا ظنوا أن يسوع قال له اشتر ما نحتاج إليه للعيد ".[يوحنا 13 : 29]؛ عندما قُبض على يسوع، لم يدخل اليهود إلى دار بيلاطس لأنهم أرادوا البقاء طاهرين لأكل الفصح: " ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية. وكان صبح ولم يدخلوا هم إلى دار الولاية لكي لا يتنجسوا فيأكلون الفصح ". [يوحنا 18 : 28 ]؛ عندما أصدر الحكم على يسوع، كانت الساعة السادسة من يوم الاستعداد للفصح: " وكان استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة. فقال لليهود هوذا ملككم. فصرخوا خذه خذه اصلبه. قال لهم بيلاطس أأصلب ملككم. أجاب رؤساء الكهنة ليس لنا ملك إلا قيصر. فحينئذ أسلمه إليهم ليصلب ". [يوحنا 19 : 14-16].
ماذا أعطوا يسوع ليشرب؟
- خمراً: " وأعطوه خمرا ممزوجة بمر ليشرب فلم يقبل ". [مرقس 15 : 23].
- خلّ: " أعطوه خلا ممزوجا بمرارة ليشرب ". [متى 27 : 34].
في أي ساعة صُلب المسيح؟
- الساعة الثالثة: " وكانت الساعة الثالثة فصلبوه ". [مرقس 15 : 25].
- الساعة السادسة: " ونحو الساعة السادسة فقال لليهود هوذا ملككم فصرخوا خذه خذه اصلبه ".
[يوحنا 19 : 14-15].
حاول بعض رجال الدين المسيحيين التخلص من هذا التناقض بالقول بأن يوحنا كان يعتمد التوقيت الروماني بينما اعتمد مرقس التوقيت اليهودي. فاليوم الروماني يبدأ عند منتصف الليل، بينما يبدأ اليوم اليهودي في السادسة مساءً. فقالوا أن يسوع أُخذ للصلب في الساعة السادسة في التوقيت الروماني أي السادسة صباحاً (منتصف الليل + 6 ساعات) وصُلب في حوالي التاسعة صباحاً، وأن الساعة الثالثة في التوقيت اليهودي هي التاسعة صباحاً، وهكذا تخلصوا من هذا التناقض. إلا أن هؤلاء اللاهوتيين قد غفلوا على أن الساعة الثالثة بالتوقيت اليهودي هي التاسعة مساءً وليست التاسعة صباحاً (السادسة مساءً + 3 ساعات).
من حمل الصليب؟
- سمعان: " وفيما هم خارجون وجدوا إنسانا قيروانيا اسمه سمعان فسخّروه ليحمل صليبه".
[متى 27 :32].
- يسوع: " فأخذوا يسوع ومضوا به. فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة ويقال له بالعبرانية جلجثة ". [يوحنا 19 : 16-17].
تقول الأناجيل أن لصّان قد صُلبا مع يسوع. فهل سخر هذان اللصان معاً من المسيح؟
- نعم: " وصلبوا معه لصَّين واحدا عن يمينه وآخر عن يساره... واللذان صُلبا معه كانا يعيّرانه ".
[مرقس 15 : 27-32].
-كلا: " ولما مضوا به (يسوع) إلى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين واحدا عن يمينه والآخر عن يساره... وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا. فأجاب الآخر وانتهره قائلا أوَلا أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه. أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله ". [لوقا 23 : 33-41].
عند مراجعة قانون العقوبات الروماني في تلك الفترة، نجد أن الرومان لم يكونوا يعاقبون اللصوص بالصلب، فالصلب كانت يُنفَّذ فقط لمعاقبة كل من قام بعصيان أو تمرد مسلح ضد السلطة! وسنرى لاحقاً من أين جاءت الكنيسة المسيحية بهذيْن اللصّيْن الظريفيْن!
هل مات يسوع قبل أن ينشق حجاب الهيكل؟
- قبل: " فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح. وانشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل ". [مرقس 15 : 37-38].
- بعد: " وأظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه. ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك استودع روحي. ولما قال هذا أسلم الروح ". [لوقا 23 : 45-46].
وفقاً للأناجيل، ماذا كانت آخر كلمات يسوع قبل أن يموت؟
- " ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك استودع روحي. ولما قال هذا أسلم الروح ".
[لوقا 23 : 46].
- " فلمّا أخذ يسوع الخل قال قد أُكمِل. ونكّس رأسه وأسلم الروح ". [يوحنا 19 : 30].
عندما قال يسوع: "إلهي ، إلهي، لما تركتني"، بأي لغة قالها؟
- العبرية: " ايلي ايلي لما شبقتني ". [متى 27 : 46].
- الآرامية: " ألوي ألوي لما شبقتني ". [مرقس 15 : 34].
ماذا قال قائد المئة عندما مات يسوع؟
- " ولما رأى قائد المئة الواقف مقابله أنه صرخ هكذا وأسلم الروح قال حقا كان هذا الإنسان ابن الله ". [مرقس 15 : 39].
- " فلما رأى قائد المئة ما كان مَجَّد الله قائلا بالحقيقة كان هذا الإنسان بارّا ". [لوقا 23 : 47].
ما هي العبارة الدقيقة التي كُتبت على الصليب؟
- " وجعلوا فوق رأسه علَّته مكتوبة هذا هو يسوع ملك اليهود ". [متى 27 : 37].
- " وكان عنوان علته مكتوبا ملك اليهود ". [مرقس 15 : 26].
- " وكان عنوان مكتوب فوقه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية هذا هو ملك اليهود ". [لوقا 23 : 38].
- " وكان مكتوبا يسوع الناصري ملك اليهود ". [يوحنا 19 : 19].
ماذا حدث ليهوذا؟
- شنق نفسه: " فطرح الفضة في الهيكل وانصرف ثم مضى وخنق نفسه ". [متى 27 : 5].
- وقع فمات: " فإن هذا الفتى (يهوذا) اقتنى حقلا من أجرة الظلم وإذ سقط على وجهه انشقَّ من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها ". [أعمال 1 : 18].
ماذا فعل يهوذا بالمال الذي قبضه من أجل تسليم يسوع؟
- رفضه: " فطرح الفضة في الهيكل وانصرف ". [متى 27 : 5].
- اشترى به حقلاً: " فإن هذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم ". [أعمال 1 : 18].
من اشترى الحقل؟
- يهوذا: " فإن هذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم ". [أعمال 1 : 18].
- رؤساء الكهنة: " فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا لا يحل أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم. فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء. لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم. حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمَّن الذي ثمنوه من بني إسرائيل ". [متى 27 : 7].
ومرة أخرى، يكشف لنا "القديس متَّى" عن غبائه. فهو يُلمح _ كما يدَّعي _ في هذه الآيات إلى نبوءة موجودة في سفر إرميا، إلا أنه يعود ويقتبس قصة موجودة في سفر زكريا:
" فقلت لهم إن حسن في أعينكم فأعطوني أجرتي وإلا فامتنعوا. فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة. فقال لي الرب ألقها إلى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمنوني به. فأخذت الثلاثين من الفضة وألقيتها إلى الفخاري في بيت الرب ". [زكريا 11 : 12-13].
هذه الآيات ليست بنبوءة، إنما هي تجربة شخصية يتحدث عنها زكريا.
إن "القديس متَّى" يجعل يهوذا يقبض ثلاثين من الفضة مقابل تسليمه لليهود:
" وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم. فجعلوا له ثلاثين من الفضة ". [متى 26 : 15].
ولقد غفل عن "ذكاء" متَّى أن العملة الفضية كانت قد اختفت من التداول قبل 300 عام من ولادة يسوع. لم يكن هناك أي عملة فضية مستعملة في التداول في زمن يسوع!
لماذا سُمِّي الحقل بحقل الدم؟
- لأنه ثمن دم خيانة يسوع: " فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا لا يحل أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم. فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء. لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم ".
[متى 27 : 6-8].
- لأن يهوذا وقع في ذلك الحقل ونزف دمه هناك: " فإن هذا اقتنى حقلا من أجرة الظلم وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسبكت أحشاؤه كلها. وصار ذلك معلوما عند جميع سكان أورشليم حتى دُعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما أي حقل دم". [أعمال 1 : 18-19].
يهوذا الاسخريوطي يحاكم أسباط إسرائيل؟
" وأقول لكم أيضا إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله. فلما سمع تلاميذه بهتوا جدا قائلين. إذا من يستطيع أن يخلص. فنظر إليهم يسوع وقال لهم. هذا عند الناس غير مستطاع ولكن عند الله كل شيء مستطاع. فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك. فماذا يكون لنا. فقال لهم يسوع الحق أقول لكم أنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر ".
[متى 19 : 24-28 ].
يخبرنا يسوع هنا، أن تلاميذه الاثني عشر سيجلسون على اثني عشر عرشاً ليحاكموا أسباط (قبائل) إسرائيل في يوم القيامة. ولكن السؤال البديهي، من هم هؤلاء الاثني عشر؟ لنرى ما يقوله لوقا :
" ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضا رسلا. سمعان الذي سماه أيضا بطرس وأندراوس أخاه. يعقوب ويوحنا. فيلبس وبرثولماوس. متى وتوما. يعقوب بن حلفى وسمعان الذي يدعى الغيور. يهوذا (أخا) يعقوب ويهوذا الاسخريوطي الذي صار مسّلما أيضا ". [لوقا 6 : 13-16].
وفقاً لإنجيل لوقا، فإن المسيح أعطى للخائن يهوذا وَعْداً بالحصول على عرش قد حُجِزَ له في ملكوت السماوات. ليس هذا فقط، إنما سيجلس يهوذا على عرشه ويقاضي قبائل إسرائيل الاثني عشر.
لن يكون الرسول الثاني عشر بولس، بديل يهوذا، لأن يسوع خاطب تلاميذه الواقفين بجانبه بصيغة المخاطب: " تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر"، فضلاً على أن يسوع لم يقابل ولم يلتقِ أبداً ببولس طيلة حياته!!!
نبوءات خرافية!
- " لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات ". [يوحنا 20 : 9].
هنا نجد أن "يوحنا" يتكلم عن نبوءة قال أنها موجودة في الكتاب، إلاّ أن الكتاب المقدس، من الغلاف إلى الغلاف، لا يحتوي على هكذا نبوءة!
- "من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي ". [يوحنا 7 : 38].
هنا يذكر يسوع نبوءة قال أنها موجودة في الكتاب، إلاّ أن الكتاب المقدس، من الغلاف إلى الغلاف، لا يحتوي على هكذا نبوءة! ألم يُدرك "ابن الله الوحيد" أن هذه النبوءة غير موجودة في كتاب "أبيه"؟!
- " حين كنت معهم في العالم كنت أحفظهم في إسمك الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب ". [يوحنا 17 : 12].
يتحدث يسوع في هذه الآية عن "ابن الهلاك المذكور في الكتاب"، إلا أن الكتاب المقدس، من الغلاف إلى الغلاف، لا يأتي أبداً على ذكر "ابن الهلاك"!
- " أن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد ". [مرقس 14 : 21].
هنا يذكر يسوع نبوءة قال أنها موجودة في الكتاب، إلاّ أن الكتاب المقدس، من الغلاف إلى الغلاف، لا يحتوي على هكذا نبوءة!
(لو لم يولد ذلك الرجل ولم يقُمْ بتسليم يسوع لما حصل الخلاص الذي تُطبّل له الكنيسة المسيحية).
- " وايضا متى ادخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله ". [العبرانيين 1 : 6].
لا يوجد هذا الكلام في العهد القديم.
- " وتنبأ عن هؤلاء أيضا أخنوخ السابع من آدم قائلا هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه. ليصنع دينونة على الجميع ويعاقب جميع فُجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار ". [يهوذا 14-15].
لماذا يقتبس يهوذا نبوءة موجودة في كتاب أخنوخ مع العلم أن كتاب أخنوخ لم يُلحق بالكتاب المقدس واعتبرته الكنيسة غير مقبول وغير مُعترَف به كنَسيّاً (non-canonical)؟!
هل فشل الروح القدس في إلهام يهوذا أن كتاب أخنوخ لن يكون على لائحة الأسفار المعترف بأنها تؤلف الكتاب المقدس؟!
نبوءات لم تتحقق!
- " وأما في تلك الأيام بعد ذلك الضيق فالشمس تظلم والقمر لا يعطي ضوءه. ونجوم السماء تتساقط والقوات التي في السماوات تتزعزع. وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتياً في سحاب بقوة كثيرة ومجد... الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله ". [مرقس 13 : 24-30] و [متى 24 : 29-34].
لقد مضى ذلك الجيل ولم تتحقق نبوءة يسوع!!!
- " ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان ". [متى 10 : 23].
لم يكمل المسيحيون مدن إسرائيل فحسب، بل انتشروا في جميع بقاع الأرض، إلا أن ابن الإنسان لم يأتِ بعد! هل تحققت هذه النبوءة؟!
- " فأتى العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معه. وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات. لكن واحد من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء. والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم. لأن هذا كان ليتم الكتاب القائل عظم لا يُكسر منه ". [يوحنا 19 : 32-36].
هنا يقتبس يوحنا آية من كتاب المزامير يقول أنها نبوءة تختص بيسوع:
" يحفظ جميع عظامه. واحد منها لا ينكسر ". [المزامير 34 : 20].
بالله عليكم، كيف يمكن لإنسان صُلب ودخلت المسامير في يديه ورجليه دون أن تُكسر له عظمة واحدة؟! هل حقق يسوع هذه النبوءة؟
- " لأنه هكذا قال السيد الرب. هأنذا أجلب على صور نبوخذراصر ملك بابل من الشمال ملك الملوك بخيل وبمركبات وبفرسان وجماعة وشعب كثير. فيقتل بناتك في الحقل بالسيف ويبني عليك معاقل ويبني عليك برجا ويقيم عليك مترسة ويرفع عليك ترسا. ويجعل مجانق على أسوارك ويهدم أبراجك بأدوات حربه. ولكثرة خيلك يغطيك غبارها. من صوت الفرسان والعجلات والمركبات تتزلزل أسوارك عند دخوله أبوابك كما تدخل مدينة مثغورة. بحوافر خيله يدوس كل شوارعك. يقتل شعبك بالسيف فتسقط إلى الأرض أنصاب عزك. وينهبون ثروتك ويغنمون تجارتك ويهدّون أسوارك ويهدمون بيوتك البهيجة ويضعون حجارتك وخشبك وترابك في وسط المياه. وأصيّرك كضح الصخر فتكونين مبسطا للشباك. لا تُبنيْن بعد لأني أنا الرب تكلمت يقول السيد الرب... أصيّرك أهوالا ولا تكونين وتُطلبين فلا توجدين بعد إلى الأبد يقول السيد الرب ". [حزقيال 26 : 7-21].
تنبَّأ "حزقيال" أن ملك بابل نبوخذ نصّر (Nebuchadnezzar II 630-562 BC) سيدمر صور تدميراً كاملاً وأن المدينة لن تُبنى بعد تدميرها إلى الأبد. إلاّ أننا ندرك من سجلات التاريخ أن غزو نبوخذ نصّر لم يدمر إلاّ القرى المحيطة بصور وأن حصار المدينة لم يصمد وانتهى بالفشل، وهكذا لم تتحقق هذه النبوءة. الإسكندر المقدوني (Alexander the Great 356-323 BC) هو من دمر صور وليس نبوخذ نصّر.
ونجد أيضاً أن نبوءة حزقيال حول تدمير صور إلى الأبد تتناقض مع نبوءة إشعياء الذي تنبأ أن المدينة سوف تدمر إلاّ أنها سوف تُبنى من جديد بعد 70 سنة من تدميرها:
" ويكون في ذلك اليوم أن صور تُنسى سبعين سنة كأيام ملك واحد... ويكون من بعد سبعين سنة أن الرب يتعهد صور فتعود إلى أجرتها وتزني مع كل ممالك البلاد على وجه الأرض...". [إشعياء 23 : 15-18].
"حزقيال" تدارك هذه الحقيقة واعترف لاحقاً أن نبوءة تدمير صور ونهبها لم تتحقق وأن الرب قرر التعويض على نبوخذ نصّر وجعله أداة انتقامه من المصريين وإعطائه مصر بدلاً من صور:
" في السنة العاشرة في الثاني عشر من الشهر العاشر كان إلي كلام الرب قائلا يا ابن آدم اجعل وجهك نحو فرعون ملك مصر وتنبأ عليه وعلى مصر كلها. تكلم وقل. هكذا قال السيد الرب. هأنذا عليك يا فرعون ملك مصر التمساح الكبير الرابض في وسط أنهاره الذي قال نهري لي وأنا عملته لنفسي. فأجعل خزائم في فكيك وألزق سمك أنهارك بحرشفك وأطلعك من وسط أنهارك وكل سمك أنهارك ملزق بحرشفك. وأتركك في البرية أنت وجميع سمك أنهارك. على وجه الحقل تسقط فلا تجمع ولا تلم. بذلتك طعاما لوحوش البر ولطيور السماء. ويعلم كل سكان مصر أني أنا الرب من أجل كونهم عكاز قصب لبيت إسرائيل. عند مسكهم بك بالكف انكسرت ومزقت لهم كل كتف ولما توكأوا عليك انكسرت وقلقلت كل متونهم. لذلك قال السيد الرب. هأنذا أجلب عليك سيفا وأستأصل منك الإنسان والحيوان. وتكون أرض مصر مقفرة وخربة فيعلمون أني أنا الرب لأنه قال النهر لي وأنا عملته. لذلك هأنذا عليك وعلى أنهارك وأجعل أرض مصر خربا خربة مقفرة من مجدل إلى أسوان إلى تخم كوش. لا تمر فيها رجل إنسان ولا تمر فيها رجل بهيمة ولا تُسكن أربعين سنة... وكان في السنة السابعة والعشرين في الشهر الأول في أول الشهر أن كلام الرب كان إلي قائلا. يا ابن آدم إن نبوخذ راصّر ملك بابل استخدم جيشه خدمة شديدة على صور. كل رأس قرع وكل كتف تجردت لم تكن له ولا لجيشه أجرة من صور لأجل خدمته التي خدم بها عليها. لذلك هكذا قال السيد الرب. هأنذا أبذل أرض مصر لنبوخذ نصّر ملك بابل فيأخذ ثروتها ويغنم غنيمتها وينهب نهبها فتكون أجرة لجيشه. قد أعطيته أرض مصر لأجل شغله الذي خدم به لأنهم عملوا لأجلي يقول السيد الرب.
[حزقيال 29 : 1-20].
هذه النبوءة لم تتحقق هي أيضاً! تنبّأ "حزقيال" أن أرض مصر من شمالها (مجدل) إلى جنوبها (كوش) ستكون مقفرة وخربة لا تمر بها رجل إنسان أو حيوان لمدة أربعين سنة. إلاّ أنه لا يوجد أي سجل تاريخي يوحي بأن أرض مصر كانت مقفرة وغير سكونة لمدة أربعين سنة. هكذا تكون هذه النبوءة قد فشلت.
يحاول بعض المدافعين عن الكتاب المقدس الادعاء بأن هذه النبوءة ستتحقق في المستقبل، ولكن هذه النبوءة موجهة بالتحديد إلى فرعون ملك مصر وحكم الفراعنة قد انتهى منذ زمن طويل، بالإضافة إلى أن النبوءة تجعل من نبوخذ نصّر أداة الإنتقام الإلهية من المصريين ونبوخذ نصّر مات منذ 25 قرناً!
يسوع الكذاب في العهد الجديد!
" اصعدوا أنتم إلى هذا العيد. أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد لأن وقتي لم يكمل بعد. قال لهم هذا ومكث في الجليل. ولما كان إخوته قد صعدوا حينئذ صعد هو أيضا إلى العيد لا ظاهرا بل كانه في الخفاء ".
[يوحنا 7 : 8-10].
إن إنجيل يوحنا يقول أن المسيح لما قال له إخوته إصعد إلى هذا العيد، كذب عليهم وقال لهم أنا لست أصعد إلى هذا العيد ثم صعد بعد ذلك بالخفاء! هل أرسل الله "ابناً" كاذباً؟!
يعترض بعض رجال اللاهوت بقولهم أن يسوع لم يكذب بدليل قوله "بعد"، إلا أن النص اليوناني لا يحتوي على لفظة "بعد"، إلا أنها أُضيفت في التراجم لإبعاد تهمة الكذب عن "ابن الله الوحيد". إن نسخة الملك جيمس الإنيكليزية تحتوي على لفظة "بعد" ولكنها كُتبت بالحرف الطباعي المائل (italic) للإشارة أن هذه الكلمة قد أُضيفت خلال الترجمة. وفي نسخة الكتاب المقدس الأميركي (New American Standard Bible) لا يوجد أثر لهذه الكلمة، ونسخة الكتاب المقدس العالمي الجديد (New International Bible) قد أضافت هذه الكلمة ولكن الناشرون وضعوا في الهامش الصغير أن المخطوطات القديمة لا تحتوي على هذه الكلمة، فيمر القارئ دون الإلتفات إلى هذه الملاحظة!
" ليس الله إنساناً فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم ". [العدد 23 : 19].
هل لا يزال أحدنا مصرّاً على أن يسوع هو الله؟
" وإن قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب. فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه". [التثنية 18 : 21-22].
آيات [التثنية 18 : 21-22] يجب أن تجرّد كل من يسوع، حزقيال، إشعياء، إرميا ودانيال من لقب "النبيّ"!!!
هل سيرث يسوع كرسي وعرش داود؟
- نعم: " هذا يكون عظيما وابن العلي يُدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه ". [لوقا 1 : 32].
- كلا: بما أم يسوع مُتحدِّر من ذرّية "يهوياقيم" (قارن بين [متى 1 : 11] وبين [أخبار الأيام الأول 16:3])، و"يهوياقيم" وذرّيته لعنهم الله وأبعدهم عن كرسي داود:
" لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا. لا يكون له جالس على كرسي داود. وتكون جثته مطروحة للحر نهارا وللبرد ليلا ". [إرميا 36: 30].
أي ابن من أبناء "زَرُبابل" كان أحد أسلاف المسيح؟
- ابيهود [متى 1 :13].
- ريسا [لوقا 3 : 27].
- ووفقاً لسفر أخبار الأيام الأول فإن أبناء زربابل هم:
" وبنو زربابل مَشُلاَّم وحَننيا وشلومية أختهم. وحشوبة وأُوهل وبرخيا وحسديا ويوشب حسد. خمسة ". [أخبار الأيام الأول 3 : 19-20].
من كان والد "عُزّيا"؟
- أمَصْيَا: " وأخذ كل شعب يهوذا عُزِّيا وهو ابن ست عشرة سنة وملَّكوه عوضا عن أبيه أمَصْيَا ".
[أخبار الأيام الثاني 26 : 1].
- يورام: " ويورام ولد عُزّيا ". [متى 1 : 8].
من كان والد "شالح"؟
- قينان [لوقا 3 : 35-36].
- أرفكشاد: " وعاش أرفكشاد بعدما ولد شالح...". [التكوين 11 : 13].
من خُلِق أولاً؟
- الأشجار خُلِقت قبل الإنسان: [التكوين 1 : 11-12] ثم [التكوين 1 : 26-27].
- الإنسان خُلِق قبل الأشجار: [التكوين 2 : 4-9].
- الطيور خُلِقت قبل الإنسان: [التكوين 1 : 20-21] ثم [التكوين 1 : 26-27].
- الإنسان خُلِق قبل الطيور: [التكوين 2 : 7-19].
- الحيوانات خُلِقت قبل الإنسان: [التكوين 1 : 24-27].
- إثنان: " ومن كل حي من ذي كل جسد اثنين من كل تدخل إلى الفلك لاستبقائها معك. تكون ذكرا وأنثى. من الطيور كأجناسها ومن البهائم كأجناسها من كل دبابات الأرض كأجناسها. اثنين من كل تدخل إليك لاستبقائها ". [التكوين 6 : 19-20].
- سبعة: " من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكرا وأنثى. ومن البهائم التي ليست طاهرة اثنين ذكرا وأنثى. ومن طيور السماء أيضا سبعة سبعة ذكرا وأنثى ". [التكوين 7 : 2-3].
- إثنان: " فدخل نوح وبنوه وامرأته ونساء بنيه معه إلى الفلك من وجه مياه الطوفان. ومن البهائم الطاهرة والبهائم التي ليست بطاهرة ومن الطيور وكل ما يدب على الأرض. دخل اثنان اثنان إلى نوح إلى الفلك ذكر وأنثى. كما أمر الله نوحا ". [التكوين 7 : 7-8].
قرر الله أن يجعل مدة حياة الإنسان على الأرض 120 سنة. فهل بقي الله على قراره؟
- " فقال الرب لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد. لزيغانه هو بشر وتكون أيامه مئة وعشرين سنة ". [التكوين 6 : 3].
- " وعاش سام بعدما ولد أرفكشاد خمس مئة سنة... وعاش أرفكشاد بعدما ولد شالح أربع مئة وثلاث سنين... ". [التكوين 11 : 11-13].
هل عُرِف الرب يإسم يهوه في زمن النبي إبراهيم؟
- كلا: " ثم كلم الله موسى وقال له أنا الرب. وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء. وأما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم ". [خروج 6 : 2-3].
- نعم: " فدعا إبراهيم ذلك الموضع يهوه يِرأه. حتى إنه يقال اليوم في جبل الرب يرى ".
[التكوين 22 : 14].
موسى يكتب تفاصيل موته!!!
في الكتب الخمسة الأولى من الكتاب المقدس – سفر التكوين، الخروج، الأحبار (اللاويين)، العدد، والتثنية – يوجد إثبات قاطع في أكثر من 700 جملة أن الله لم يكن كاتبها، وحتى موسى لم يكن له ضلع فيها، وما عليك إلا أن تفتح هذه الأسفار عشوائياً وسوف ترى:
" فقال الرب لموسى…" [الخروج 6 : 1].
" فكلّم الرب موسى…" [الخروج 6 : 13].
" وكلم الرب موسى…" [لاويين 11 : 1].
" ففعل موسى… " [العدد 31 : 21].
من الواضح هنا أن هذه ليست كلمات الرب ولا كلمات موسى (مؤلف الأسفار كما يدَّعون)، فالضمير هنا هو ضمير الغائب كما هو واضح، مما يعني أن هذا كلام شخص ثالث يسّجل أحداثاً سمع عنها.
فهل يُعقل أن يكون موسى هو مؤلف الجزء الذي يذكر فيه تفاصيل موته:
" فمات هناك موسى... ودفنه (الرب)… وكان موسى ابن مئة وعشرين سنة حين مات… ولم يقم نبي في إسرائيل مثل موسى…" [التثنية 34 : 5-10].
هل هو موسى من كتب نَعْيَه؟
يشوع أيضاً يتكلم بالتفاصيل عن موته في [يشوع 24 : 29-33]!
يا للتواضع!
" وأما الرجل موسى فكان حليماً جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض ". [العدد 12 : 3].
إذا كان نبيّ الله موسى هو الذي كتب كل ما جاء في سفر العدد، فهل يُعقل أن يقول الرجل الأكثر حُلُماً على وجه الأرض عن نفسه أنه الرجل الأكثر حُلُماً على وجه الأرض؟!
إرادة من أقوى؟!
في سفر التثنية نقرأ أن الله لم ولن يعطِ النبي موسى أي شبر من أرض "بني عمون" وأمره أن لا يُعَادِهم:
" كلمني الرب قائلا. أنت مار اليوم بتخم موآب بعار. فمتى قربت إلى تجاه بني عمون لا تعادهم ولا تهجموا عليهم. لأني لا أعطيك من أرض بني عمون ميراثا. لأني لبني لوط قد أعطيتها ميراثا ".
[التثنية 2 : 17-19].
" ولكن أرض بني عمون لم نقربها. كل ناحية وادي يبوق ومدن الجبل وكل ما أوصى الرب إلهنا ".
[التثنية 2 : 37].
ولكن في كتاب يشوع، نقرأ أن موسى أعطى نصف أرض "بني عمون" إلى جاد:
" وأعطى موسى لسبط جاد بني جاد حسب عشائرهم. فكان تخمهم يعزير وكل مدن جلعاد ونصف أرض بني عمون إلى عروعير التي هي أمام ربة ". [يشوع 13 : 24-25].
إن الله نفسه أعلن أنه لن يعطي أرض بني عمون إلى موسى، ولكن مع كل هذا فقد خالف موسى أمر ربه و"استولى" على الأرض وأعطى نصفها إلى سبط جاد مخالفاً بذلك إرادة الله!
هل هذه زلّة قلم لأحد النُّساخ؟ أم هي اختلاف في اللفظ؟
قرون طويلة من التلاعب بكلام الله قد تركت بصماتها واضحة جليّة!
هل استولى "يشوع" والإسرائيليين على أورشليم؟
- نعم: [يشوع، الإصحاح 10].
- كلا: [يشوع، الإصحاح 15].
من كان رئيس الكهنة عندما دخل داود إلى بيت الرب وأكل خبز التقدمة؟
- ابيأثار: " فقال لهم أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه. كيف دخل بيت الله في أيام ابيأثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة... ". [مرقس 2 : 25-26].
- أخِيمَالِك (والد ابيأثار). [صموئيل الأول ؛ الإصحاح 21].
- بعد أن هزم الفلسطينيين: [صموئيل الثاني، الإصحاح 5-6].
- قبل أن يهزم الفلسطينيين: [أخبار الأيام الأول، الإصحاح 13-14].
ما هو اسم والدة الملك "أبيا"؟
- ميخايا: " في السنة الثامنة عشرة للمَلِك يَرُبْعَام. مَلَكَ أبِيَّا على يَهوذا. مَلَكَ ثلاث سنين في أورشليم. واسم أمه مِيخَايَا بنت أوريئيل من جبعة ". [أخبار الأيام الثاني 13 : 1-2].
- معكة: " ثم بعدها أخذ مَعْكَة بنت أبشالوم فولدت له أبِيَّا ". [أخبار الأيام الثاني 11 :20].
- ولكن أبشالوم كان لديه ابنة واحدة فقط هي ثامار:
" وولد لأبشالوم ثلاثة بنين وبنت واحدة اسمها ثامار ". [صموئيل الثاني 14 : 27].
متناقضات متراكمة!
- " وكان لسليمان أربعة آلاف مِذوذ خيل ومركبات واثنا عشر ألف فارس فجعلها في مدن المركبات ومع الملك في أورشليم ". [أخبار الأيام الثاني 9 : 25].
- " وكان لسليمان أربعون ألف مذوذ لخيل مركباته واثنا عشر ألف فارس ". [الملوك الأول 4 : 26].
انظروا لتروا مُلك الملك سليمان، فهو يبني كل شيء بالحجم الكبير، فيبدو شاه إيران السابق كالطُّفيل بالمقارنة به. إن مؤلف [سفر الملوك الأول 4 : 26] كان خياله المَلكي أكبر. فقد ضاعف اسطبلات سليمان بنسبة 1000 % فصارت أربعين ألفا بدلا من أربعة آلاف اسطبل.
وقبل أن يخدعكم كاهن أو قِسِّيس قائلاً بأن الفرق بينهما هو الصفر الزائد الذي أخطأ في إضافته أحد النُسَّاخ، يجب التّنبه إلى أن اليهود لم يكونوا يعرفون شيئاً عن الصفر في أيام سليمان، فالعرب هم الذين علّموا الشرق الأوسط ذلك الصفر، ثم تعلّمه منهم الأوروبيون بعد عدّة قرون. إن اليهود كانوا يكتبون الأعداد بالكلمات في أعمالهم الأدبية، ولم يستخدموا الأرقام مطلقاً.
بماذا حكم الله… ثلاثة أعوام جوع أم سبعة أعوام؟
- " فأتى جاد إلى داود وأخبره وقال له أتأتي عليك سبع سني جوع في أرضك أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك… ". [صموئيل الثاني 24 : 13].
- " فجاء جاد إلى داود وقال له هكذا قال الرب اقبل لنفسك. إما ثلاث سنين جوع أو ثلاثة أشهر هلاك أمام مضايقيك وسيف أعدائك يدركك… ". [أخبار الأيام الأول 21 : 11-12].
700 أم 7000؟
- " وهرب أرام من أمام إسرائيل وقتل داود من أرام سبع مئة مركبة وأربعين ألف فارس وضرب شوبك رئيس جيشه فمات هناك ". [صموئيل الثاني 10 : 18].
- " وهرب أرام من أمام إسرائيل وقتل داود من أرام سبعة آلاف مركبة وأربعين ألف رجل وقتل شوبك رئيس الجيش ". [أخبار الأيام الأول 19 : 18].
ما هو عدد المركبات التي دمرها داود؟ أهي سبعمائة أم سبعة آلاف؟
يا للنظافة!
- " وغلظه شبر وشفته كعمل شفة كأس بزهر سوسن. يأخذ ويسع ثلاثة آلاف بث (حوض استحمام) ". [أخبار الأيام الثاني 4 : 5].
- " وغلظه شبر وشفته كعمل شفة كأس بزهر سوسن. يأخذ ويسع ألفي بث ". [الملوك الأول 7 : 26].
إن مؤلف [الملوك الأول 7 : 26] قد أحصى ألفيْ حوض استحمام في قصر سليمان، ولكن مؤلف [أخبار الأيام الثاني 4 : 5] زاد هذه الكمية بنسبة 50 % لتصبح ثلاثة آلاف!
- " فدفع يوآب جملة عدد الشعب إلى الملك فكان إسرائيل ثمان مئة ألف رجل ذي بأس مستل السيف ". [صموئيل الثاني 24 : 9].
- " فدفع يوآب جملة عدد الشعب إلى داود فكان كل إسرائيل ألف ألف ومئة ألف رجل مستلي السيف ". [أخبار الأيام الأول 21 : 5].
- " ورجال يهوذا خمس مئة ألف رجل ". [صموئيل الثاني 24 : 9].
- " ويهوذا أربع مئة وسبعين ألف رجل مستلي السيف ". [أخبار الأيام الأول 21 : 5].
- "كان أخزيا ابن اثنتين وعشرين سنة حين مَلَك. ومَلَك سنة واحدة في أورشليم". [الملوك الثاني 8 : 26].
- " كان أخزيا ابن اثنتين وأربعين سنة حين مَلَك ومَلَك سنة واحدة في أورشليم ".
[أخبار الأيام الثاني 22 : 2].
كم كان سن "يهوياكين" حين أصبح ملكاً على أورشليم؟
- " كان يهوياكين ابن ثماني عشرة سنة حين مَلَك ". [الملوك الثاني 24 : 8].
عندما هزم داود "هددعزر" ملك "صوبة"، كم كان عدد الفرسان الذين أسرهم؟
- " فأخذ داود منه ألفا وسبع مائة فارس ". [صموئيل الثاني 8 : 4].
- " وأخذ داود منه ألف مركبة وسبعة آلاف فارس ". [أخبار الأيام الأول 18 :4 ].
في أي سنة من حكم الملك "آسا"، مات "بعشا" ملك إسرائيل؟
- مات "بعشا" في السنة السادسة والعشرين لحكم "آسا": [الملوك الأول، الإصحاح 16].
- " كان "بعشا" لا يزال حيّاً في السنة السادسة والثلاثين لحكم "آسا". [أخبار الأيام الثاني، الإصحاح 16].
كم عدد الوكلاء الذين عيّنهم سليمان لبناء المعبد؟
- " ووكلاء عليهم ثلاثة آلاف وست مئة ". [أخبار الأيام الثاني 2 : 2].
- " ما عدا رؤساء الوكلاء لسليمان الذين على العمل ثلاثة آلاف وثلاث مئة ". [الملوك الأول 5 : 16].
من مجمل عدد الإسرائيليين الذين تحرّروا من سبيْ البابليين:
كم كان عدد بنو "فحث موآب"؟
- " بنو فحث موآب من بني يشوع ويوآب ألفان وثمان مئة واثنا عشر ". [عزرا 2 : 6].
- "بنو فحث موآب من بني يشوع ويوآب ألفان وثمان مئة وثمانية عشر". [نحميا 7 : 11].
كم كان عدد بنو "زتو"؟
- " بنو زتو تسع مئة وخمسة وأربعون ". [عزرا 2 : 8].
- " بنو زتو ثمان مئة وخمسة وأربعون ". [نحميا 7 : 13].
كم كان عدد بنو "عرجد"؟
- " بنو عرجد ألف ومئتان واثنان وعشرون ". [عزرا 2 : 12].
- " بنو عرجد ألفان وثلاث مئة واثنان وعشرون ". [نحميا 7 : 17].
كم كان عدد بنو "عادين"؟
- " بنو عادين أربع مئة وأربعة وخمسون ". [عزرا 2 : 15].
- " بنو عادين ستة مئة وخمسة وخمسون ". [نحميا 7 : 20].
كم كان عدد بنو "حشوم"؟
- " بنو حشوم مئتان وثلاثة وعشرون ". [عزرا 2 : 19].
- " بنو حشوم ثلاث مئة وثمانية وعشرون ". [نحميا 7 : 22].
كم كان عدد بنو "بيت إيل وعاي"؟
- " رجال بيت إيل وعاي مئتان وثلاثة وعشرون ". [عزرا 2 : 28].
- " رجال بيت إيل وعاي مئة وثلاثة وعشرون ". [نحميا 7 : 32].
كم كان عدد الجمهور الإجمالي؟
[عزرا 2 : 64] و [نحميا 7 : 66] متفقان على أن المجموع الإجمالي كان 42.360. ولكن إذا أحصينا العدد وفقا لسفر عزرا نجد أن المجموع هو 29.818 ووفقا لسفر نحميا فإن المجموع هو 31.089.
كم كان عدد المغنين والمغنيات المرافق لهذا الجمع؟
- " ولهم من المغنين والمغنيات مئتان ". [عزرا 2 : 65].
- " ولهم من المغنين والمغنيات مئتان وخمسة وأربعون ". [نحميا 7 : 67].
عندما أقام الإسرائيليون في "شِطِّيم" وزنوا مع بنات موآب، أرسل الله عليهم وباءا، كم كان عدد الذين ماتوا من جراء ذلك الوباء؟
- " وكان الذين ماتوا بالوباء أربعة وعشرين ألفا ". [عدد 25 : 9].
- " ولا تزن كما زنى أناس منهم فسقط في يوم واحد ثلاثة وعشرون ألفا ". [1 كورنثوس 10: 8].
كما كان عدد نفس بني يعقوب الذين جاءوا إلى مصر؟
- " جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون ". [التكوين 46 : 27].
- " فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته خمسة وسبعين نفسا ". [أعمال 7: 14].
أين دُفن يعقوب؟
- في المكفيلة (مدينة الخليل في فلسطين): " حمله بنوه إلى أرض كنعان ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة التي اشتراها إبراهيم مع الحقل ملك قبر من عفرون الحثي أمام ممرا ". [التكوين 50 : 13].
- في شكيم (مدينة نابلس في فلسطين): " فنزل يعقوب إلى مصر ومات هو وآباونا. ونقلوا إلى شكيم ووضعوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم بثمن فضة من بني حمور أبي شكيم ". [أعمال 7 : 15-16].
من كان حمو (أبو زوجة) موسى؟
- يثرون: " وأما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان ". [خروج 3 : 1].
- حوباب: " وقال موسى لحوباب بن رعوئيل المدياني حمي موسى ". [عدد 10 : 29].
أين مات هارون؟ وإلى أين ارتحل الإسرائيليون بعد موت هارون؟
- على جبل هور: " فصعد هارون الكاهن إلى جبل هور حسب قول الرب ومات هناك... ثم ارتحلوا من جبل هور ونزلوا في صلمونة. ثم ارتحلوا من صلمونة ونزلوا في فونون. ثم ارتحلوا من فونون ونزلوا في أوبوت... ". [عدد 33 : 38-44].
- موسير: "وبنو إسرائيل ارتحلوا من أبآر بني يعقان إلى موسير. هناك مات هارون وهناك دفن... من هناك ارتحلوا إلى الجدجود ومن الجدجود إلى يطبات أرض أنهار ماء ". [التثنية 10 : 6-7].
هل كان "سيسرا" نائما أم واقفا عندما قتلته "ياعيل" زوجة "حابر"؟
- نائماً: " فأخذت ياعيل امراة حابر وتد الخيمة وجعلت الميتدة في يدها وقارت إليه وضربت الوتد في صدغه فنفذ إلى الأرض وهو متثقل في النوم ومتعب فمات ". [قضاة 4 : 21].
- واقفاً: " طلب ماء فأعطته لبنا. في قصعة العظماء قدمت زبدة. مدت يدها إلى الوتد ويمينها إلى مضراب العملة وضربت سيسرا وسحقت رأسه شدخت وخرقت صدغه. بين رجليها انطرح سقط اضطجع. بين رجليها انطرح سقط. حيث انطرح فهناك سقط مقتولا ". [قضاة 5 : 25-27].
من قتل "جليات"؟
- داود: " فتمكن داود من الفلسطيني (جليات) بالمقلاع والحجر وضرب الفلسطيني وقتله ".
[صموئيل الأول 17 : 50].
- ألحانان: " فألحانان بن يعري أرجيم اليتلحمي قتل جليات الجتي ". [صموئيل الثاني 21 : 19].
من كان والد "زكريا"؟
- برخيا: [متى 23 : 35].
- يهوياداع: [أخبار الأيام الثاني 24 : 20].
إلى من باع المديانيون يوسف؟
- الإسماعيليين: " واجتاز رجال مديانيون تجار. فسحبوا يوسف وأصعدوه من البئر وباعوا يوسف للإسماعليين بعشرين من الفضة. فأتوا بيوسف إلى مصر ". [التكوين 37 : 28].
- فوطيفار: "وأما المديانيون فباعوه في مصر لفوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط". [التكوين 37 : 36].
هل سيُدعى يعقوب باسمه بعد اليوم؟
- إن الله قد أخبر يعقوب بأنه لن يدعى بهذا الاسم بعد اليوم، بل اسمه سوف يكون إسرائيل:
" وظهر الله ليعقوب أيضا حين جاء من فدان أرام وباركه. وقال له الله اسمك يعقوب. لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل يكون اسمك إسرائيل. فدعا اسمه إسرائيل ". [التكوين 35 : 9-10].
-لكن الله نفسه عاد وناداه بعد ذلك باسمه يعقوب:
" فكلم الله إسرائيل في رؤى الليل وقال يعقوب يعقوب. فقال ها أنذا ". [التكوين 46 : 2].
هل نسي الله ما أمَر به يعقوب؟!
ماذا كانت أسماء آباء أسباط بني إسرائيل الاثني عشر؟
- رأوبين، شمعون، لاوي، يهوذا، زبولون، يساكر، جاد، أشير، نفتالي، يوسف، بنيامين، دان.
[التكوين 49 : 2-28].
- رأوبين، شمعون، لاوي، يهوذا، زبولون، يساكر، جاد، أشير، نفتالي، يوسف، بنيامين، منسَّى.
[رؤيا 7 : 4-8].
من أين أخذ داود النحاس؟
- طبحة وخون: " ومن طبحة وخون مدينتي هدر عزر أخذ داود نحاسا كثيرا جدا... ".
[أخبار الأيام الأول 18 : 8].
- باطح وبيروثاي: " ومن باطح ومن بيروثاي مدينتي هدر عزر أخذ الملك داود نحاسا كثيرا جدا ". [صموئيل الثاني 8 : 8].
من أرسل توعي ملك حماة إلى داود؟
- ابنه يورام: " فأرسل توعي يورام ابنه إلى الملك داود...". [صموئيل الثاني 8 : 10].
- ابنه هدورام: " فأرسل (توعي) هدورام ابنه إلى الملك داود". [أخبار الأيام الأول 18 : 10].
من كان كاتب الملك داود؟
- شوشا: [أخبار الأيام الأول 18 : 16].
- سرايا: [صموئيل الثاني 8 : 17].
ما هو عدد وأسماء أبناء بنيامين؟
- ثلاثة: " لبنيامين بالع وباكر ويديعئيل. ثلاثة ". [أخبار الأيام الأول 7 : 6].
- عشرة: " وبنو بنيامين بالع وباكر وأشبيل وجيرا ونعمان وإيحي وروش ومفيم وحفيم وأرد ".
[التكوين 46 : 21].
من خَلَفَ الملك يوشيا؟
- يهوآحاز: " وأخذ شعب الأرض يهوآحاز بن يوشيا وملَّكوه عوضا عن أبيه في أورشليم".
[أخبار الأيام الثاني 36 : 1].
- شلوم: " لأنه هكذا قال الرب عن شلوم بن يوشيا ملك يهوذا المالك عوضا عن يوشيا أبيه".
[إرميا 22 : 11].
كم كان ثمن البيدر الذي اشتراه داود؟
- 50 شاقل من الفضة: " فقال الملك لأرونة لا بل أشتري منك بثمن ولا أُصعد للرب إلهي محرقات مجانية. فاشترى داود البيدر والبقر بخمسين شاقلاً من الفضة. وبنى داود هناك مذبحاً للرب وأصعد محرقات وذبائح سلامة...". [صموئيل الثاني 24 : 24-26].
- 600 شاقل من الذهب: " فقال الملك داود لأورنة لا. بل شراء أشتريه بفضة كاملة لأني لا آخذ ما لك للرب فأُصعد محرقة مجانية. ودفع داود لأورنة عن المكان ذهباً وزنه ست مئة شاقل. وبنى داود هناك مذبحاً للرب وأصعد محرقات وذبائح سلامة...". [أخبار الأيام الأول 21 : 24-25].
أين هي هذه الكتب؟
- " لذلك يقال في كتاب حروب الرب واهب في سوفة وأودية أرنون ". [العدد 10 : 14].
- " فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوباً في سفر ياشر ".
[يشوع 10 : 13].
- " وبقية أمور سليمان وكل ما صنع وحكمته أما هي مكتوبة في سفر أمور سليمان ".
[الملوك الأول 11 : 41].
- " وأمور داود الملك الأولى والأخيرة هي مكتوبة في سفر أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي ". [أخبار الأيام الأول 29 : 29].
هل يستطيع أحدكم أين يدلني أين يمكن أن أجد هذه الكتب؟
هل نستطيع أن نسرق؟
- كلا: " لا تسرق ". [الخروج 20 : 15].
" لا تغضب قريبك ولا تسلب ". [لاويين 19 : 13].
- نعم: " وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى. طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابا. وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم. فسلبوا المصريين".[خروج 12 : 35-36].
" فتسلبون المصريين ". [خروج 3 : 22].
هل يجب أن نقدس نهار السبت؟
- نعم: " وأما اليوم السابع ففيه سبت عطلة مقدس للرب. كل من صنع عملاً في يوم السبت يُقتل قتلاً ". [خروج 31 : 15].
" ولما كان بنو إسرائيل في البرية وجدوا رجلاً يحتطب حطباً في يوم السبت. فقدمه الذين وجدوه يحتطب حطبا إلى موسى وهارون وكل الجماعة... فقال الرب لموسى قتلاً يُقتل الرجل. يرجمه بحجارة كل الجماعة خارج المحلة. فأخرجه كل الجماعة إلى خارج المحلة ورجموه بحجارة فمات كما أمر الرب موسى". [عدد 15 : 32-36].
" أذكر يوم السبت لتقدسه ". [خروج 20 : 8].
- كلا: " لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة. البخور هو مكرهة لي. رأس الشهر والسبت ونداء المحفل. لست أطيق الإثم والاعتكاف ". [إشعياء 1 : 13].
" فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت ". [كولوسي 2 : 16].
هل نستطيع أن نصنع تماثيل؟
- كلا: " لا تصنع لك تمثالاً منحوتا ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض ". [خروج 20 : 4].
" ملعون الإنسان الذي يصنع تمثالاً منحوتا أو مسبوكاً...". [الثثنية 27 : 15].
- نعم: " وتصنع كروبيْن (ملائكة) من ذهب. صنعة خراطة تصنعهما على طرفي الغطاء ".
[خروج 25 : 18].
لماذا يخالف المسيحيون وصايا الكتاب المقدس فيصنعون تمثالاً للعذراء وآخر ليسوع وتمثالاً لقديس ويضعون الأيقونات؟
هل يجب أن يرى الناس أعمالنا الحسنة؟
- نعم: " فليضيء نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ". [متى 5 : 16].
- كلا: " احترزوا من أن تضعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم ". [متى 6 : 1].
هل نستطيع أن نحلف؟
- نعم: " وحلف يعقوب بهيبة أبيه إسحق ". [التكوين 31 : 53].
" فقال إبراهيم أنا أحلف ". [التكوين 21 : 24].
" إذا نذر رجل نذراً للرب أو أقسم قسماً أن يلزم نفسه بلازم فلا ينقض كلامه ". [عدد 30 :2].
- كلا: " ولكن قبل كل شيء يا إخوتي لا تحلفوا لا بالسماء ولا بالأرض ولا بقسم آخر ". [يعقوب 5 : 12].
هل يمتحن ويجرّب الله الإنسان؟
- كلا: " لأن الله غير مجرَّب بالشرور وهو لا يُجرّب أحداً ". [يعقوب 1 : 13].
- نعم: " وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم ". [التكوين 22 : 1].
الترجمة المُضَلِّلة
- "وقال قاين إلى هابيل أخيه. وكان بكونهما في الحقل. وقام قاين إلى هابيل أخيه وقتله". [التكوين 4 : 8].
هذا الكلام مبتور المعنى! ماذا قال قايين لأخيه هابيل؟!
لذلك فلقد حُرِّفت هذه الأية إلى "وكلَّم قايين هابيل أخاه وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله ". إلا أن الأصل العبراني هو:
"ويأمر قاين ال هابيل اخيو. ويهى بهيوتم بشده. ويقم قاين ال هابيل اخيو ويهر جو"
فلفظة "ويأمر" باللغة العبرانية هي "وقال". وأما قولهم "وكلَّم" فأصْله في اللغة العبرانية "ويدبر" وزادوا قولهم "أن" تعديلاً للكلام وهي زيادة تحريفية.
إن هذا التلاعب والتحريف في التراجم مما يشهد أن المترجمين رأوا خلل الأصل العبراني فأرادوا أن يؤلفوا توراة جديدة!
- " وأسلم إبراهيم روحه ومات بشيبة صالحة شيخاً وشبعان أياماً وانضم إلى قومه". [التكوين 25 : 8].
في الأصل العبراني لا توجد لفظة " أياماً" ولا معناها إلا أنهم زادوها في التراجم. ونص الأصل العبراني هو: "ويمت ابرهام بشيبة طوب زقن وشبع وياسف ال عميو"، ومعنى الكلام "شيخا ً وشبعان" أي غنياً.
- " فدُفع إلبه سفر إشعياء النبي. ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه. روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني (لأشفي المنكسري القلوب) لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية ". [لوقا 4 : 17-18].
في الأصل العبراني لآية [إشعياء 61 : 1]، لا توجد عبارة " وللعمي بالبصر" إلا أنهم أضافوها في إنجيل لوقا.
- " بل هذا ما قيل بيوئيل النبي. يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة إني أسكب من روحي على كل بشر فيتنبأ...". [أعمال 2 : 16].
لقد بدل كتاب الأعمال قول يوئيل في [يوئيل 2 : 28] من "ويكون أواخر ذلك" الذي يشير به إلى أيام ردّ يهوذا من سبي بابل إلى "ويكون في الأيام الأخيرة" لكي يمكن انطباقها على دعواه في أيام التلاميذ.
- " إني لقد رأيت مشقة شعبي الذين في مصر وسمعت أنينهم ونزلت لأنقذهم. فهلمّ الآن أرسلك إلى مصر". [أعمال 7 : 34].
في الأصل العبراني لآية [الخروج 3 : 8] لا توجد عبارة " فهلمّ الآن أرسلك إلى مصر" إلا أنهم أضافوها في كتاب الأعمال.
- " فرجع الله وأسلمهم ليعبدوا جند السماء كما هو مكتوب في كتاب الأنبياء. هل قربتم لي ذبائح وقرابين أربعين سنة في البرية يا بيت إسرائيل. بل حملتم خيمة مولوك ونجم إلهكم رمفان التماثيل التي صنعتموها لتسجدوا لها. فأنقلكم إلى ما وراء بابل ". [اعمال 7 :42-43].
الموجود في الأصل العبراني لآية [عاموس 5 : 25-27] هو "إلى ما وراء دمشق" لا إلى "ما وراء بابل" وإن كان عاموس يخاطب بني إسرائيل الذين في مملكة السامرة فهؤلاء كان سبيهم إلى مملكة آشور.
- "فإنه مكتوب أنه كان لإبراهيم ابنان واحد من الجارية والآخر من الحرة".[غلاطية22:4].
هذا الكلام غير مكتوب في العهد القديم. والموجود في الكتاب هو ما سفر التكوين عن قول سارة: " فقالت لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحق ". [التكوين 21 : 10].
ما هو ثمرة الاستشهاد بقول سارة؟ فهل قول سارة "ابن الجارية" هو من وحي الله؟ وهل كلامها كلام الله؟ ولماذا لم يذكر كتاب غلاطية المكتوب على وجهه؟ فهل بدّله الخطأ أو العمد لئلا يُعرف أنه قول سارة فيسقط التشبث به؟
هذه عيَّنة بسيطة من أصل آلاف التحريفات والأخطاء والتناقضات الموجودة في الكتاب المقدس. إنها لعبة قديمة جداً، واليهود والنصارى كانوا يُغيِّرون "كتاب الرب" منذ البداية. والفرق بين مُحَرِّفي هذا العصر والمُحرِّفين القدامى، هو أن القدامى لم يعرفوا فن المقدمات والهوامش وإلا لأخبرونا أيضاً وبوضوح بما فعلوه مثلما يفعل أبطال العصر الحديث الذين يضعون الأعذار الواهية لتغييرهم النقود المزيفة إلى قطع ذهبية لامعة.
"… إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يسقط الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة (ومن) المكتوب في هذا الكتاب ". [رؤيا يوحنا 22 : 18-19].
بعد كل هذه التناقضات الكتابية، أشتهي أن ألاطف إخواني المسيحيين بمثل معروف، تماماً كما فعل يسوع عند استعماله للأمثال من أجل شرح فكرة ما:
يُحكى أن رجليْن خرجا للصيد ولقِيا سواداً بعيداً، فقال الأول: إنه غراب، وعانده الثاني بأنه عنزة، وتعاندا وأصرّ كل منهما على رأيه، ولكنهما عندما اقتربا من السواد فإذا به غراب انزعج وطار هارباً، فقال الأول: ألم أقل لك بأنه غراب هل اقتنعت الآن؟ ولكن صديقه أصرّ على رأيه وقال: سبحان الله عنزة تطير؟
8- صورة الله في الكتاب المقدس
يؤمن المسلمون بأن الله مُنَزَّه عن كل شيء، لا يشبه شيء ولا يشبهه شيء مهما تخيَّلنا، لا يمكن لأحد أن يراه، إنه لا يتعب أبداً، إنه هو السميع العليم القوي القدير الكامل...
لننظر الآن إلى صورة الله في الكتاب المقدس:
الله يذهب في نزهة!
" وسمعا صوت الرب الإله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة ". [التكوين 3 : 8].
الله لا يستطيع أن يجد آدم!
" فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت. فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت ". [التكوين 3 : 9-10].
الله أصبح تعباً ويحتاج للراحة!
" هو بيني وبين بني إسرائيل علامة إلى الأبد. لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض وفي اليوم السابع استراح وتَنفَّس ". [الخروج 31 : 17].
هل يتعب الله في خلقه لكي يستريح إذا فرغ؟
الله كان نائما وغير منتبه!
" استيقظ. لماذا تتغافى يا رب. انتبه. لا ترفض إلى الأبد ".[المزامير 44 : 23].
الله يستيقظ أخيرا كالسكران الثَّمِل!
" فاستيقظ الرب كنائم كجبار مُعَيِّط من الخمر ". [المزامير 78 : 65].
الله يندم على أفعاله!
" فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض. وتأسف في قلبه ". [التكوين 6 : 6].
من غير المعقول أن نندم ونتأسّف على أشياء فعلناها إلا إذا جاءت النتائج سيئة وبعكس ما كنا نشتهيه وبشكل لم نكن نتوقعه (أي عدم القدرة على رؤية المستقبل) وبالتالي ليس لدينا القدرة على تغيير هذه النتائج.
إن الله في الكتاب المقدس حزن وتأسّف على خلق الإنسان. وهكذا فإن الله بتأسّفه هذا يعترف بعدم قدرته على رؤية النتائج المستقبلية لعمله ويُقرّ أيضاً بعدم قدرته على تغيير هذه النتائج!
ليس هذا المكان الوحيد الذي ندم فيه الله في الكتاب المقدس:
"وكان كلام الرب إلى صموئيل قائلا. ندمت على أني قد جعلت شاول ملكا". [صموئيل الأول 15 : 10-11].
" ولم يعد صموئيل لرؤية شاول إلى يوم موته لأن صموئيل ناح على شاول والرب ندم لأنه ملَّك شاول على إسرائيل ". [صموئيل الأول 15 : 35].
" فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه ". [خروج 32 : 14].
إلاّ أننا نعود ونقرأ في سفر العدد:
" ليس الله إنسانا فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم ". [العدد 23 : 19].
هل يندم الله أو لا يندم؟ هذا هو السؤال!!!
10- ماذا تعني عبارة " كما دَوَّنَه "؟
إن الاختيار للأناجيل الأربعة الحالية (مَتَّى، مرقس، لوقا، يوحنا، بالإضافة إلى رسائل بولس) قد فُرض في مؤتمر نِيقيَة الذي انعقد سنة 325م تحت رعاية الإمبراطور الروماني قسطنطين(Constantine 274-337) وذلك لأسباب سياسية. وقد تمّ استبعاد عدد كبير من الأناجيل بما فيها "إنجيل برنابا" الذي يتفق كثيراً مع ما جاء في القرآن الكريم، إلى حدّ أنه يذكر النبيّ محمد بالاسم:
" فلمّا كان الناس قد دعوني الله وابن الله على أني كنت بريئا في العالم أراد الله أن يهزأ الناس بي في هذا العالم بموت يهوذا معتقدين أنني أنا الذي مت على الصليب لكيلا تهزأ الشياطين بي في يوم الدينونة. وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله ". [برنابا 220 : 19-20].
ولكن لماذا تبدأ كل بشارة من البشارات الأربعة في العهد الجديد بجملة " كما دَوَّنَه…"؟
السبب هو أنه من بين الأربعة آلاف مخطوطة المنتشرة في العالم اليوم، لا تحمل أي واحدة منهن توقيع المؤلف الأصلي! ولذلك يستعملون لفظة " كما دَوَّنَه... ". وحتى البشارة نفسها في نَصِّها تثبت أن مَتَّى مثلاً لم يكن هو مؤلف بشارة مَتَّى:
" وفيما يسوع مجتاز من هناك رأى إنسانا جالسا عند مكان الجباية اسمه مَتَّى فقال (يسوع) له (متى) اتبعني (يسوع)، فقام (متى) وتبعه (يسوع) ". [متى 9 : 9].
ولا يحتاج المرء ذكاءاً خارقاً ليستنتج أن الضمائر هذه لا تعني أن يسوع أو مَتَّى هما مؤلفا هذه الرواية، بل شخص ثالث كان يُسَجِّل الوقائع من الشائعات. فإذا لم يُنسب هذا الكتاب (بشارة مَتَّى) إلى التلميذ مَتَّى، فكيف نقبله ككلام الله؟!
ولسنا الأوائل في اكتشاف هذه الحقيقة وهي أن التلميذ مَتَّى لم يكتب "الإنجيل كما دَوَّنَه مَتَّى" بل كُتِب بأيدٍ مجهولة. فالسيد فيليبس وهو أستاذ في علم اللاهوت بالكنيسة الإنجليزية وهو يُمثّل الرأي الرسمي الإنجليزي للكنيسة، يقول في مقدمة كتابه عن بشارة القديس مَتَّى:
"نَسَبَ التراث القديم هذه البشارة إلى التلميذ مَتَّى، ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي". أي بمعنى آخر: أن التلميذ مَتَّى لم يكتب البشارة التي تحمل اسمه.
(John Bertram Phillips 1906-1982, The Gospels translated into Modern English)
وهذا الاكتشاف هو لعلماء نصارى وليس لعلماء هندوس أو مسلمين أو يهود حتى لا يُتّهموا بالتحيّز.
ولندَع السيد فيليبس يكمل حديثه: "الكاتب، الذي ندعوه الآن مَتَّى وذلك للراحة واختصار الوقت…" (ويعني هنا "بالراحة واختصار الوقت" أن نقول إنجيل مَتَّى، دون أن نحتاج أن نقول كاتب الكتاب الأول من العهد الجديد،الفصل كذا وكذا، السطر كذا وكذا، ولذلك على رأي فيليبس فمن الأفضل أن نعطيه اسماً مثل مَتَّى، فهو اسم كغيره) ويكمل فيليبس: "لقد اعتمد الكاتب على “Q” الغامضة التي ربما كانت مجموعة من التراث الشفهي".
وتعني “Q” هنا كلمة “Quelle” الألمانية التي تعني "مصدر". ويقال إن هناك وثائق أخرى رجع إليها مَتَّى ومرقس ولوقا، فكانت لهم نظرة واحدة في هذا الموضوع. فكانوا يكتبون بشاراتهم وكأنهم يرونها بنفس العين، ولذلك سُمِّيت البشارات الثلاث الأولى بـ "البشارات المتشابهة النظرة والمحتوى والترتيب " (Synoptic (Gospels.
ولكن ماذا عمّا قيل في موضوع "الإلهام" و "الوحي"؟ لندع القسّيس فيليبس نفسه يقول لنا الحقيقة: "لقد استغلّ مَتَّى بشارة مرقس استغلالاً كبيراً...". وبلغة المدرّس اليوم نقول: إنه كان يسرق المعلومات بالجملة من بشارة مرقس، ولكن المسيحيون يُسَمّون هذه السرقة بالجملة "كلام الله"! ألا تتساءلون: كيف يقوم شاهد عيان، مثل مَتَّى، وهو أحد تلاميذ يسوع بسرقة معلومات رآها بعينه – كما يدّعون – من كتابات مرقس الذي كان لا يزال في العاشرة من عمره حين كان يسوع يدعو بني إسرائيل؟
إن التلميذ مَتَّى لم يفعل هذه الحماقات، فهذه أكاذيب ألصقها به مجهولون مدّعين أنه هو الذي كتبها.
السرقة الأدبية: هي أن ينقل شخص ما كتبه شخص آخر كلمة بكلمة. وهذه صفة مشتركة بين مؤلفي الكتاب المقدس الذين يُقارب عددهم أربعين مؤلفاً. ويتباهى المسيحيون بأن هؤلاء المؤلفين يربطهم رباط روحي في تأليفهم للستة والستين سفراً (بالنسبة للبروتستانت) أو الثلاثة والسبعين (بالنسبة للرومان الكاثوليك)، ويا له من رباط روحي! فإن مَتَّى ولوقا (أو أيَّا من كانوا) قد قاموا بسرقة 85 % من كتاب مرقس.
يستدلّ الدكتور سكروجي من الدكتور جوزيف باركر (Joseph Barker, Ex. Dir. Of Wesley House) في مديحه للكتاب المقدس:
"إن الكتاب المقدس كتاب فريد من نوعه من ناحية تنوع محتوياته... توجد صفحات عديدة مليئة بالأسماء الغريبة الغامضة، ونجد معلومات وفيرة عن سلسلة الأنساب تفوق في كميتها أخبار يوم الحساب. وهناك الكثير من القصص الناقصة التي لا يتمّ إكمال سردها، فهو حقّاً كتاب لا مثيل له في العالم".
إن هذه الجمل والكلمات تعتبر قلادة لفظية جميلة، وهي في نفس الوقت ضجة صاخبة من أجل شيء تافه، كما أن بها ما هو تجديف على الله بنسبة هذه الخرافات إليه.
أنصحكم بقراءة "سفر الملوك الأول" الفصل السابع، ونبوءة حزقيال الفصل 45 لمرة واحدة في حياتكم حتى يزداد احترامكم وتقديركم للقرآن الكريم.
10- احفظوا الكتاب المقدس بعيداً عن متناول الأطفال!
" كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر ".
[2 تيموثاوس 3 : 16].
نحن لن ننتقد هذه الكلمات، فالمسلمون والمسيحيون متفقون على أن ما يصدر من الله عن طريق الوحي أو الرؤيا يجب أن يخدم واحداً من هذه الأغراض الأربعة:
· إما أن يعلمنا المبادىء والعقائد.
· أو يوبخنا على خطأ ارتكبناه.
· أو يقدم لنا الصواب.
· أو يهدينا إلى الصلاح.
ولنفحص الكتاب المقدس بهذه الاختبارات الموضوعية:
لنفتح الفصل الثامن والثلاثين من السفر الأول في الكتاب المقدس – سفر التكوين – ونقرأ:
إنه يعطي تاريخ يهوذا، أب السلالة اليهودية، وهو مصدر كلمة "اليهودية". تزوج أبو اليهود ورزقه الله بثلاثة أبناء، عير وأونان وشيلة:
" وأخذ يهوذا زوجة لِعِير بكره اسمها ثامار. وكان عير بكر يهوذا شريرا في عيني الرب فأماته الرب ". [التكوين 38 : 6-7].
وتحت أي مبدأ من مبادىء تيموثاوس الأربعة تستطيع أن تضع هذه الأخبار السيئة؟
"التوبيخ"، فَعِير كان شريراً فأماته الرب، وهذا درس للجميع فالرب سيدمرنا لشرورنا.
ولنواصل التاريخ اليهودي. ففي العادات اليهودية، كان الرجل يدخل بامرأة أخيه حتى يقيم النسل الذي يُخلِّد اسم الأخ الميت. وإخلاصاً لهذه العادة، أمر يهوذا ابنه الثاني أونان بتأدية واجبه. ولكن الغيرة والحسد يدخلان قلبه، فيفكر في أن النسل لن يكون له وإنما سيكون لأخيه الأكبر:
" فعلم أونان أن النسل لا يكون له ". [التكوين 38 : 9].
ولهذا ففي اللحظة الحرجة:
" فكان إذا دخل على امرأة أخيه أته أفسد على الأرض لكيلا يعطي نسلا لأخيه. فقَبُح في عيني الرب ما فعله. فأماته أيضا ". [التكوين 38 : 9-10].
ونعود فنتساءل أين ما يناسب هذا القتل في اختبارات تيموثاوس؟ ونجيب ثانية هو "التوبيخ". فمن عمل سيئة يتحمل عواقبها!
وينسى الناس أونان في "الكتاب المقدس"، ولكن علماء الجنس خَلَّدوه بتسمية حالة "قطع الاتصال الجنسي" (coitus interruptus) بـ "الأونانية" (Onanism) في كتب الجنس التي يؤلفونها!
ويأمر يهوذا كَنَّتَه ثامار بالرجوع إلى بيت والدها حتى يكبر ابنه شيلة ثم ترجع هي حتى يؤدي شيله واجبه.
وكبر شيلة وربما تزوج من امرأة أخرى، ولكن يهوذا لا يفي بوعده لثامار فهو خائف " لأنه قال لعله يموت هو أيضا كأخويه ". [التكوين 38 : 11].
ولذلك ينسى يهوذا وعده، فتُقرّر الأرملة الانتقام من حماها الذي حرمها من حقها. وعلمت ثامار أن حماها صاعد إلى تِمْنَه ليَجُزَّ غنمه، فتقرر خطة تنفذها على الطريق. فتَخَفَّت وجلست على طريق تِمْنَه. " فنظرها يهوذا وحسبها زانية. لأنها كانت قد غطت وجهها. فمال إليها على الطريق وقال هاتي أدخل عليك لأنه لم يعلم أنها كنته. فقالت ماذا تعطيني لكي تدخل علي. فقال إني أرسل جَدْيَ مِعْزَى من الغنم. فقالت هل تعطيني رهنا حتى ترسله. فقال ما الرهن الذي أعطيكِ. فقالت خاتمك وعِصَابتك (العمامة) وعصاك التي في يدك. فأعطاها ودخل عليها فحبلت منه ". [التكوين 38 : 15-18].
وقبل أن نبحث عن المكان المناسب لهذه القصة في مبادىء تيموثاوس، نتساءل: ما هي العبرة التي يمكن أن يتعلمها أطفالنا من انتقام ثامار؟ فنحن حينما نسرد على أطفالنا بعض القصص والخرافات نحاول دائماً أن نعلمهم العبرة من ورائها، مهما كانت تفاهة وسفاهة القصة، فلا بد من درس يتعلمونه منها.
" ولما كان نحو ثلاثة أشهر أُخبر يهوذا وقيل له قد زنت ثامار كنتك. وها هي حُبلى أيضا من الزنا. فقال يهوذا أخرجوها فتُحرق ". [التكوين 38 : 24].
وتَعمَّد يهوذا ازدراءها، فهو يريد حرقها ولكنها كانت أذكى منه. فأرسلت ثامار إليه الخاتم والعمامة والعصا مع خادم تطلب منه اكتشاف المتسبب في حملها، فوجد يهوذا نفسه في مأزق وأقرّ بأن كَنَّته أبرّ أو أشرف منه:
" فتحققها يهوذا وقال هي أبرّ مني لأني لم أعطها لشِيلة ابني. فلم يعد يعرفها أيضا ". [التكوين 38 : 26].
وهذا ليس آخر ما نسمع عنها في الكتاب المقدس، فقد خلَّدتها البشارات فوضعتها في "سلسلة نسب الرب يسوع" كما سنرى لاحقاً.
ولا نريد أن نطيل بالتفاصيل المُمِلّة، ولكن السطور الأخيرة من الفصل الثامن والثلاثين من سفر التكوين تتكلم عن صراع التوأمين في رحم ثامار، فإن اليهود يُشدّدون على تسجيل المولود الأول، فهو الذي يكون له نصيب الأسد.
فمن هم الفائزون في هذا السباق الأبوي؟ هم أربعة: " فارص وزارح (التوأمين) وثامار ويهوذا ".
ولكن فلنسأل أولاً: ما هي العبرة من وراء هذا الجزء من القصة؟ أتذكرون عِير وأونان كيف أماتهم الرب لخطاياهم؟ إن الدرس الذي تعلمناه في كلتا الحالتين كان "التوبيخ". فتحْت أي مبدأ نضع زنى يهوذا بكنته ثامار وذريته غير الشرعية؟ وهي شخصيات يُكرّمها "كتاب الرب" لولادتهم غير الشرعية، فهم آباء أجداد وأمهات أجداد "ابن الله الوحيد"؟ انظر إنجيل مَتَّى [متى 1 : 3] لتجد الأسماء، يهوذا وثامار وفارص وزارح.
ولكن ماذا عن العبرة؟ هل يبارك الرب يهوذا لجريمة الزنى؟ وتحت أي تصنيف سيضع النصارى هذا التكريم في "كتاب الرب"؟
يقول الأديب الأيرلندي جورج برنارد شو (George Bernard Shaw 1856-1950): "إن الكتاب المقدس من أخطر الكتب الموجودة على وجه الأرض، احفظوه في خزانة مغلقة بالمفتاح". احفظوا الكتاب المقدس بعيداً عن متناول الأطفال. ولكن من يصغي إلى نصيحته؟
إن قراءة قصص الكتاب المقدس للأطفال، يفتح الباب لغرض مناقشة العبرة وراء الجنس. وإن الكتاب المقدس إذا لم يُهذّب وينقح، قد تعتبره مجالس الرقابة صالحاً للكبار فقط لمن جاوزوا الثامنة عشرة من العمر.
اقرأ سفر التكوين، الفصل 19. يقول لنا "التاريخ"، أنه ليلة بعد ليلة كانت بنتا لوط تضاجعان أبيهما وهدفهما "النبيل" من وراء ذلك هو حفظ نسل أبيهما: " وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه.لأنه خاف أن يسكن في صوغر. فسكن في المغارة هو وابنتاه. وقالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض. هلم نسقي أبانا خمرا ونضطجع معه. فنحي من أبينا نسلا. فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة. ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها. ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة إني قد اضطجعت البارحة مع أبي. نسقيه خمرا الليلة أيضا فادخلي اضطجعي معه. فنحي من أبينا نسلا. فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا. وقامت الصغيرة واضطجعت معه. ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. فحبلت ابنتا لوط من أبيهما. فولدت البكر ابنا ودعت اسمه موآب. وهو أبو الموأبيين إلى اليوم. والصغيرة أيضا ولدت ابنا ودعت اسمه بن عمي وهو أبو بني عمون إلى اليوم". [التكوين 19 : 30-38].
لا يستطيع أي قارىء شريف أن يقرأ قصة اضطجاع البنات مع لوط لأمه أو أخته أو ابنته أو حتى لخطيبته، ولكنك ستجد بعض الناس الذين يلتهمون هذه القذارة.
ونتج عن جريمة الزنى هذه بنو عمّون وبنو موآب الذين فضّلهم الرب – كما يدّعون. وبعد ذلك بفترة، نعلم بأن هذا الرب المحب قد أمر بني عمون وبني موآب الذين فضّلهم، بذبح شعب آخر بدون رحمة – رجالاً ونساءاً وأطفالاً، وحتى الشجر والبهائم لم تفلت من الدمار.
(هل قتل الأطفال والنساء هو شريعة من الله؟ انظر الإصحاح 31 من سفر العدد لترى أنه لمّا تغلب بنو إسرائيل على المديانيين سبوا نساءهم وأطفالهم وأمرهم موسى أن يقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة ثيبة، وأما الأطفال من النساء اللواتي لم يقربهن ذكر فإنهن يبقين حيَّات لهم وقد كُنَّ 32 ألفاً. إذا كان الأطفال من النساء 32 ألفاً فكم قتلوا من النساء والأطفال الذكور؟ هل قتل الأطفال والنساء هو شريعة من الله؟).
- النبي داود يرتكب الزنا مع زوجة أوريّا ثم يقتل زوجها:
" وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم. وكانت المرأة جميلة المنظر جدا. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد أليست هذه بثشبع بنت أليعام امرأة أوريا الحثي. فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها. ثم رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت إني حبلى... وفي الصباح كتب داود مكتوبا إلى يوآب وأرسله بيد أوريا. وكتب في المكتوب يقول. اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيُضرب ويموت. وكان في محاصرة يوآب المدينة أنه جعل أوريا في الموضع الذي علم أن رجال البأس فيه. فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب فسقط بعض الشعب من عبيد داود ومات أوريا الحثي أيضا. [صموئيل الثاني 11 : 2-17].
- أمنون ابن داود يرتكب سفاح القربى مع أخته غير الشقيقة ثامار:
" فأرسل داود إلى ثامار إلى البيت قائلا اذهبي إلى بيت أمنون أخيك واعملي له طعاما. فذهبت ثامار إلى بيت أمنون أخيها وهو مضطجع. وأخذت العجين وعجنت وعملت له كعكا أمامه وخبزت الكعك وأخذت المقلاة وسكبت أمامه فأبى أن يأكل. وقال أمنون أخرجوا كل إنسان عني. فخرج كل إنسان عنه. ثم قال أمنون لثامار ائتي بالطعام إلى المخدع فآكل من يدك. فأخذت ثامار الكعك الذي عملته وأتت به أمنون أخاها إلى المخدع. وقدمت له ليأكل فأمسكها وقال لها تعالي اضطجعي معي يا أختي. فقالت له لا يا أخي لا تذلني لأنه لا يفعل هكذا في إسرائيل. لا تعمل هذه القباحة. أما أنا فأين أذهب بعاري وأما أنت فتكون كواحد من السفهاء في إسرائيل. والآن كلم الملك لأنه لا يمنعني منك. فلم يشأ أن يسمع لصوتها بل تمكن منها وقهرها واضطجع معها". [صموئيل الثاني 13 : 7- 14].
" ملعون من يضطجع مع أخته بنت أبيه أو بنت أمه ". [التثنية 27 : 22].
- النبي نوح يسكر، يتعرّى، ثم يلعن حفيده:
" وابتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما. وشرب من الخمر فسكر وتعرّى داخل خبائه. فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجا. فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء. فلم يبصرا عورة أبيهما. فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير. فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته. وقال مبارك الرب إله سام. وليكن كنعان عبدا لهم. ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام. وليكن كنعان عبدا لهم ". [التكوين 9 : 20-27].
فضلاً عن تعرّي نوح، فإننا لم نفهم لماذا لعن حفيده كنعان؟ ما علاقة كنعان بالموضوع؟ إذا كنتُ يهودياً من أولاد سام أو يافث، وكان جاري من أولاد حام، فإذن يمكنني ضربه وإهانته ليلاً نهاراً لأنه "عبد العبيد يكون لإخوته"! أليس هذا "كلام الله"؟!
- النبي هارون يعبد الأصنام:
"ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا. لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه. فقال لهم هارون انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها. فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون. فأخذ ذلك من أيديهم وصوَّره بالإزميل وصنعه عجلا مسبوكا. فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعَدَتك من أرض مصر. فلما نظر هارون بنى مذبحا أمامه".[الخروج 32 : 1- 5].
إذا كان هارون هو المؤسس لعبادة العجل الوثنية والشرك بالله كما يزعم الكتاب المقدس، فكيف يختاره الله نبيّاً ويكلمه بالشرائع بعد واقعة العجل كما يقول العهد القديم تارةً مع موسى كما في الإصحاح 11 و14من سفر اللاويين والإصحاح 2 و4 و19من سفر العدد، وتارةً منفرداً كما تكرر في الإصحاح 18 من سفر العدد!
وكيف يختاره الله لكرامة الكهنوت والإمامة في الدين والشرائع ويخصه بالكرامات الكبيرة قبل واقعة العجل وبعدها؟ بل إن الكتاب المقدس يقول أنه حينما كان هارون يصنع العجل ويدعو لعبادته والشرك بالله، كان الله يكلم موسى في اختيار هارون للكهنوت والإمامة وفي تقديسه وتمجيده في تفصيل ثيابه للكهنوت المقدس بكلام طويل ذُكر في الإصحاح 28 و29 من سفر الخروج! والله كان يعلم بعمل هارون وهو الذي أعلم موسى بأن شعبه فسدوا وسجدوا للعجل كما نص على ذلك الإصحاح 32 من سفر الخروج.
إذا أراد واحد من الناس أن يجعل في بيته وكيلاً مؤدباً ورقيباً على أزواجه وبناته وأخواته لكي يؤدبهن على الحياء والعفة ويمنع عنهن الفساد والتهتك بالفحشاء، فهل يوكل عليهم امرأة يعلم أنها تكون زانية تغوي نسائه على الزنا ودوامه؟! فكيف يُقال أن الله يختار لإنقاذ عباده من الشرك والفساد رجلاً يعلم أنه يشرك ويدعو إلى العبادة الوثنية ويعمل أوثانها ويبني مشاعر عبادتها؟!
- النبي سليمان الوثني:
" وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أمَلْنَ قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. فذهب سليمان وراء عشتروت إلاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين...".
[الملوك الأول 11 : 4-5].
-حزقيال يأكل...
" وتأكل كعكا من الشعير. على الخرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام عيونهم ". [حزقيال 4 : 12].
- يأكلون ويشربون...
" فقال لهم ربشاقي هل إلى سيدك وإليك أرسلني سيدي لكي أتكلم بهذا الكلام. أليس إلى الرجال الجالسين على السور ليأكلوا عَذِرتهم ويشربوا بَوْلَهم معكم ". [الملوك الثاني 18 : 27].
- الثقافة الجنسية:
" وافرح بامرأة شبابك... لِيُرْوِكَ ثدياها في كل وقت ". [أمثال 5 : 19].
" بين ثَدْيَيَّ يبيت ". [نشيد الأنشاد 1 : 13].
" ها أنت جميلة يا حبيبتي ها أنت جميلة عيناك حمامتان من تحت نقابك... ثدياك كخشفي ظبية توأمين يرعيان بين السوسن ". [نشيد الأنشاد 4 : 1-5].
إن التوراة هي كتاب كبير الحجم كثير الكلام وقد تعرضت لأمور لا حاجة إليها في إصلاح البشر، بل إنها تعرضت لأمور لا يليق بالكتاب الإلهي أن يذكرها، فما لها لم تذكر يوم القيامة وثوابه وعقابه؟ فلم تُرغِّب المطيعين بثوابه ولم تهدد المتمردين بعقابه! فلقد رغّبت بني إسرائيل بكثرة الحنطة والخمر والزيت إن هم أطاعوا، والمرض وقلة الحنطة والخمر إن هم عصوا، وعلّمتهم أن الرجل يتزوج امرأة ويزني الآخر بها! فلماذا أعرضت عن ذكر القيامة وثوابها وعقابها؟ إن أمر القيامة حقيقة دينية عرفانية، والإلتفات إليها يتكفل بصلاح البشر وتهذيب أخلاقهم. فكيف يليق بالكتاب الإلهي المنزل للإصلاح وكشف الحقائق أن يهمل هذا الأمر الكبير المهم ويجعله نسياً منسياً؟
11- النبي داود ذاهب إلى جهنم؟!
" لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب. حتى الجيل العاشر لا يدخل منه أحد في جماعة الرب ".
[التثنية 23 : 2].
إذا نظرنا إلى سلسلة النسب للنبي داود في إنجيل مَتَّى سنجد:
" كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن ابراهيم. ابراهيم ولد اسحق. واسحق ولد يعقوب. ويعقوب ولد يهوذا واخوته. ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار. (1) وفارص ولد (2) حصرون. وحصرون ولد (3) ارام. وارام ولد (4) عميناداب. وعميناداب ولد (5) نخشون. ونخشون ولد (6) سلمون. وسلمون ولد (7) بوعز من راحاب. وبوعز ولد (8) عوبيد من راعوث. وعوبيد ولد (9) يسى. ويسى ولد (10) داود الملك". [متى 1 : 1-6].
لقد رأينا سابقاً أن فارص هو ابن زنا من يهوذا وكَنَّته ثامار. ووفقا لمَتَّى، فإن الأب التاسع للنبي داود هو فارص ابن يهوذا، وهو ابن زنا. هل هذا يعني أن النبي داود لن يدخل جماعة الرب؟!
ألا تفوح هنا رائحة الأيدي المتلاعبة بكلام الله؟!
12- سلسلة نسب "الرب" يسوع
راقبوا كيف دَسَّ النصارى أبناء زنى العهد القديم في سلسلة نسب يسوع في العهد الجديد وهو ربهم ومخلّصهم. ويا لها من سلسلة نسب! ستة زناة وذُرِّيتهم كان يجب أن يُرجموا كما حكم الله لكل زانٍ في أحكامه التي أوحى بها إلى موسى كما كان من الواجب أن يُنبذوا ويُمنعوا من بيت الله لعدة أجيال.
لماذا يعطي الله أباً (وهو يوسف) "لإبنه" (يسوع)؟ ولماذا يضع له مثل هؤلاء الأسلاف؟
من بين مؤلفي البشارات الأربعة، "أوحى" الله لاثنين منهم فقط لتسجيل سلسلة نسب "ابنه". (انظر صفحة 110-111).
من بين داود ويسوع، "أوحى" الله لمَتَّى بتسجيل 26 سلفاً فقط "لابنه". ولكن لوقا "المُلْهَم" سجّل 41 سلفاً ليسوع. ومن بين هذه الأسماء الموجودة في القائمتين، لا نجد اسماً مشتركاً بينها إلاّ يوسف، وهذا الأخير "يُظن" به أنه والد يسوع كما يقول لوقا [3 : 23].
فهل من الممكن أن تكون هاتين القائمتين المتناقضتين من مصدر واحد هو الله؟!
يحاول مَتَّى ولوقا بحماس إقناعنا بأن الملك داود هو السلف الرئيسي ليسوع. يقول مَتَّى في إنجيله [1 : 6] بأن يسوع ابن داود مارّاً بـ سليمان، ولكن لوقا [3 : 31] يقول بأن يسوع ابن داود مارّاً بـ ناثان، ولا يحتاج الأمر إلى عالم متخصص في علم الأنساب ليخبرنا بأنه لا يمكن لبذرة داود أن تكون وصلت إلى يسوع من خلال سليمان وناثان في نفس الوقت.
مرور سلسلة نسب يسوع بـ ناثان تعني بأن يسوع ليس هو المسيح المنتظر لأنه يخالف النبوءات الواردة في سفر [أخبار الأيام الأولى 22 : 10] و [صموئيل الثاني 7 : 12-16].
ورغم بساطة المنطق السابق، إلا أنه لا يدخل ذهن المسيحي المُتحيِّز. ألا ترون أن المسيحي قد دُرِّب على التفكير المشوَّش في كل الأمور الدينية: فالخبز الذي في العشاء الربَّاني ليس خبزاً بل لحماً! والنبيذ دماً! والثلاثة واحد! والكتاب المقدس من صنع البشر ولكنه سماوي! فلنعطه مثالاً مشابهاً يستطيع عقله المتحيّز أن يتقبّله:
نحن نعلم من تاريخنا بأن النبي محمد هو ابن إبراهيم مارّاً بإسماعيل، ولذلك إذا حاول أي كاتب "يدّعي الإلهام" أن يخبرنا بأن محمد هو ابن إبراهيم مارّاً بإسحاق، فرَدّنا المباشر هو أن الرجل كذاب مفترٍ لأن نسل إبراهيم لا يمكن أن يصل آمنة (والدة محمد) عن طريق إسماعيل وإسحاق في نفس الوقت! فرق نسل ابنيْ إبراهيم هنا، هو الفرق بين اليهود والعرب.
ففي حالة محمد، نحن نُكذّب كل من يقول بأنه من نسل إسحاق. ولكن في حالة يسوع، فإننا نجد أن مَتَّى ولوقا كلاهما في موضع الشك. وحتى يختار المسيحيون بين هذين النسليْن ما يناسب "ربّهم"، فإننا مضطرون لرفض كِلا البشارتيْن. والنصرانية منذ ألفيْ عام وهي تحاول أن تجد حلاًّ لهذه المعضلة الغامضة ولم تيأس حتى الآن، ونحن نُحَيِّ هذه الروح الصابرة فيهم. إنهم ما زالوا يعتقدون بأن الزمن سيجد لها حلاًّ!
حاول رجال الدين المسيحيين التخلص من هذا التناقض بالادعاء أن سلسلة النسب الواردة في إنجيل لوقا هي سلسلة نسب مريم، بينما السلسلة الواردة في إنجيل متَّى هي سلسلة يوسف. هذا السبيل الوحيد سيقودنا هو أيضاً إلى معضلة أخرى: إذا كانت مريم من ذرّية داود فهذا يعني أنها من سبط يهوذا، كيف سنفسّر عندها أن ابنة عمّها أليصابات هي من بنات هارون أي من سبط لاوي [لوقا 1 : 5]؟!
ويبقى أن نشير إلى نقطة أخيرة في هذا الموضوع:
" كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم. (1) إبراهيم ولد (2) إسحق. وإسحق ولد (3) يعقوب. ويعقوب ولد (4) يهوذا واخوته. ويهوذا ولد (5) فارص وزارح من ثامار. وفارص ولد (6) حصرون. وحصرون ولد (7) ارام. وارام ولد (8) عميناداب. وعميناداب ولد (9) نخشون. ونخشون ولد (10) سلمون. وسلمون ولد (11) بوعز من راحاب. وبوعز ولد (12) عوبيد من راعوث. وعوبيد ولد (13) يسى. ويسى ولد (14) داود الملك. وداود الملك ولد (1) سليمان من التي لاوريا. وسليمان ولد (2) رحبعام. ورحبعام ولد (3) ابيا. وابيا ولد (4) آسا. وآسا ولد (5) يهوشافاط. ويهوشافاط ولد (6) يورام. ويورام ولد (7) عزيا. وعزيا ولد (8) يوثام. ويوثام ولد (9) احاز. واحاز ولد (10) حزقيا. وحزقيا ولد
(11) منسى. ومنسى ولد (12) آمون. وآمون ولد (13) يوشيا. ويوشيا ولد (14) يكنيا واخوته عند سبي بابل. وبعد سبي بابل يكنيا ولد (1) شألتيئيل. وشألتيئيل ولد (2) زربابل. وزربابل ولد (3) ابيهود. وأبيهود ولد (4) ألياقيم. وألياقيم ولد (5) عازور. وعازور ولد (6) صادوق. وصادوق ولد (7) اخيم. واخيم ولد
(8) أليود. وأليود ولد (9) أليعازر. وأليعازر ولد (10) متان. ومتان ولد (11) يعقوب. ويعقوب ولد (12) يوسف رجل مريم التي ولد منها (13) يسوع الذي يدعى المسيح. فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود اربعة عشر جيلا. ومن داود إلى سبي بابل اربعة عشر جيلا. ومن سبي بابل إلى المسيح اربعة عشر جيلا". [متى 1 : 1-17].
يخبرنا "القديس مَتَّى" أن الأجيال من إبراهيم إلى داود هي 14 جيلاً، وأن الأجيال من داود إلى سبي بابل هي 14 جيلاً. وهذا الكلام صحيح وفقاً للائحته.
ويشير أيضا إلى وجود 14 جيلاً من سبي بابل إلى المسيح. ولكن عند إحصاء عدد الأجيال في اللائحة، نرى أن هناك 13 جيلاً فقط وليس 14 جيلاً كما زعم!
هل كان متى ضعيفاً في الرياضيات؟ أين ذهب الاسم الرابع عشر؟ هل سقط سهواً؟
الحقيقة أنه ليس هناك أي مجال لأن يكون أحد الأسماء قد سقط سهواً أو أن يكون هذا الخطأ مطبعياً لأن اللائحة هنا هي عبارة عن سلسلة مترابطة بين أب وابن وليس مجرّد تعداد أسماء، فلا مجال أن يُشطب أو يُزاد أي اسم.
ألم ينتبه رجال اللاهوت بعد إلى هذا الخطأ الفادح؟ كيف تُعلِّل وإلى من تَردّ الكنيسة هذا التناقض الصريح؟ إلى الله؟ أم إلى المتلاعبين بكلام الله؟
لا أدري ولا أفهم كيف تستطيع الكنيسة المسيحية أن تقنع رعاياها بصحة ومصداقية هذه السلالة الخرافية؟ هل يوجد أي إنسان واحد في هذا الكون، يملك عقلاً سليماً، يستطيع أن يقتنع بأن هذا التناقض هو كلام الله الموحى؟!
|
سلسلة النسب من داود إلى يسوع كما دَوَّنَها مَتَّى. [متى 1 : 7-16] |
سلسلة النسب من داود إلى يسوع كما دَوَّنَها لوقا. [لوقا 3 : 23-31] |
|
1- سليمان |
1- ناثان |
|
2- رحبعام |
2- متاثا |
|
3- أبيا |
3- مينان |
|
4- آسا |
4- مليا |
|
5- يهوشافاط |
5- ألياقيم |
|
6- يورام |
6- يونان |
|
7- عزيا |
7- يوسف |
|
8- يوثام |
8- يهوذا |
|
9- آحاز |
9- شمعون |
|
10- حزقيا |
10- لاوي |
|
11- منسى |
11- متثات |
|
12- آمون |
12- يوريم |
|
13- يوشيا |
13- أليعازر |
|
14- يكنيا |
14- يوسي |
|
15- شألتيئيل |
15- عير |
|
16- زربابل |
16- ألمودام |
|
17- أبيهود |
17- قصم |
|
18- ألياقيم |
18- أدي |
|
19- عازور |
19- ملكي |
|
20- صادوق |
20- نيري |
|
21- أخيم |
21- شألتيئيل |
|
22- أليود |
22-زربابل |
|
23- أليعازر |
23- ريسا |
|
24- متان |
24- يوحنا |
|
25- يعقوب |
25- يهوذا |
|
26- يوسف |
26- يوسف |
|
يسوع |
27- شمعي |
|
|
28- متاثيا |
|
|
29- مآث |
|
|
30- نجاي |
|
|
31- حسلي |
|
|
32- ناحوم |
|
|
33- عاموص |
|
|
34- متاثيا |
|
|
35- يوسف |
|
|
36- ينا |
|
|
37- ملكي |
|
|
38- لاوي |
|
|
39- متثات |
|
|
40- هالي |
|
|
41- يوسف |
|
|
يسوع |
13- من هو مؤلف هذه التناقضات المدهشة؟ هل هو الله أم البشر؟
يؤمن عامّة المسيحيين بأن الأناجيل كتبها "التلاميذ" بوحي من روح القدس. ولكن الدلائل العلمية تؤكد أن الأناجيل الأربعة المشهورة والمعتمدة ليست من تصنيف أحد من تلاميذ يسوع الاثني عشر الذين يُنسب إليه اختيارهم.
ولقد اكتشفنا، كما رأينا سابقاً، أن 85% مما في بشارتي مَتَّى ولوقا هي من بشارة مرقس أو أنها ترجع إلى المصدر الغامض “Q”.
" رأيت أنا أيضا إذ قد تتبَّعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس...". [لوقا 1 : 3].
يقول العالم المسيحي فيليبس في مقدمته لترجمة "بشارة القديس لوقا":
"قام لوقا بإذن من نفسه بمقارنة وتنقيح المواد الأدبية المتوفرة، ومن الواضح أنه كانت لديه مصادر إضافية أخرى استقى منها هذه المعلومات".
من هو مؤلف "بشارة القديس يوحنا"؟ ليس الله ولا التلميذ يوحنا ابن زبدي! انظروا ماذا يقول:
" والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا انتم ".
[يوحنا 19 :35].
من "هو" و "إنه" ؟ إنه يقول عن نفسه "هو"؟!
" هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا ونعلم أن شهادته حق ". [يوحنا 21 : 24].
من "هو" ؟ ومن يعني "ونعلم" ؟؟؟ إلى من تعود هذه الضمائر في الجُمَل؟
تعترف الكنيسة المسيحية أن يسوع "صُلب" في حوالي سنة 30م، كما تعترف أن إنجيل يوحنا قد كُتب بين سنة 90م - 100م. هذا يعني أن الله قد انتظر حوالي 60 إلى 70 سنة حتى يُلهم "يوحنا" بكتابة إنجيله! ولو افترضنا أن "يوحنا" كان في الثلاثين من عمره حين "صُلب" يسوع، فهذا يعني أنه كان في حوالي المائة عام حين قرر كتابة إنجيله! وهذا يعني أيضاً أن أجيالاً بكاملها قد عاشت بين سنة 30م وسنة 100م دون أن ترى أو تعلم شيئاً عن وجود إنجيل يوحنا!
وقد توّصل الاثنين والثلاثين عالماً، والخمسين طائفة دينية المتعاونة إلى ملاحظة قيّمة عن أسفار الكتاب المقدس، وهي موجودة في نهاية النصوص المنقحة لدار النشر "كولينز":
- نبدأ بسفر التكوين، السفر الأول من الكتاب المقدس. يقول العلماء عنه: "واحد من (كُتُب موسى الخمسة)".
لاحظوا أن "كُتُب موسى الخمسة" تُكتب بين قوسين. إنها طريقة حاذقة ماكرة للاعتراف بأن هذا ما يقوله الناس – إنه كتاب موسى وهو الذي ألّفه – ولكننا (32 عالما و50 طائفة دينية متعاونة) لا نقول هذا اللغو فعِلْمنا أوسع من ذلك.
- وتليها الكتب الأربعة (الخروج، اللاويين، العدد، التثنية).
المؤلف: "تُنسب عادة إلى موسى".
- ومن هو مؤلف "سفر يشوع"؟ الجواب: "يُنسب معظمه إلى يشوع".
- ومن هو مؤلف "سفر القضاة"؟ الجواب: "يُحتمل أن يكون صموئيل".
- ومن هو مؤلف "سفر راعوث"؟ الجواب: "ليس معروفاً بالتحديد".
ومن هو مؤلف:
- "صموئيل الأول"؟ الجواب: "مجهول".
- "صموئيل الثاني"؟ الجواب: "مجهول".
- "سفر الملوك الأول"؟ الجواب: "مجهول".
- "سفر الملوك الثاني"؟ الجواب: "مجهول".
- "سفر أخبار الأيام الأول"؟ الجواب: "مجهول – احتمال أن يكون عزرا قد جمعها".
- "سفر أخبار الأيام الثاني"؟ الجواب: "مجهول – احتمال أن يكون عزرا قد جمعها".
- "سفر إشعياء"؟ الجواب: "تُنسب إلى إشعياء، وأجزاء أخرى يمكن أن يكون قد ألَّفها آخرون".
وهكذا تستمر القصة، فمؤلفو هذا الكتاب إمّا أن يكونوا "مجهولين"، أو أن يكونوا "احتمال" أو ذوي أصل "مشكوك".
إن رجال اللاهوت المعاصرين قد نجحوا حيث أخفق الخيميائيون القدامى في تحويل المعدن الرخيص إلى ذهب بَرَّاق.
14- هل المسيح هو فعلاً ابن داود وفقاً للكتاب المقدس؟!
" وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع. قائلاً ماذا تظنُّون في المسيح. ابن من هو. قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح ربّاً قائلاً. قال الربّ لربّي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فإن كان داود يدعوه ربّاً فكيف يكون ابنه. فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة ".
[متى 22 : 41: 46].
لطالما كانت ولا تزال هذه الآيات مصدر إزعاج وإحراج كبير للكنيسة المسيحية!
" قال الربّ لربّي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك ": هذه الآية الواردة على لسان داود في كتاب المزامير [المزامير 110 : 1] قد اقتُبِست في [متى 22 : 44]، [مرقس 12 : 36]، [لوقا 20 : 42].
إذا كان الربّ الأول (قال الربّ) الذي قصده داود في هذه الآية هو الله، فمن هو الربّ الثاني (لربّي) الذي أشار إليه؟ هل هو الله أيضاً أم هو إله آخر؟ هل كان داود يعرف الله وإله آخر؟ هل كان داود يعبد إلهان؟ وهل لجأ الإله الثاني إلى الله ليحميه من أعدائه؟!
في الواقع، لقد كان اعتيادياً وشائعاً بين بني إسرائيل استعمال كلمة "ربّ" أو "إله" للتعبير عن إنسان يملك سلطات ونفوذ كبير كنبيّ مثلاً (راجع صفحة 43 من هذا الكتاب).
داود، بصفته مَلِكاً على مملكة بني إسرائيل، كان هو نفسه "ربّ" كل اليهود. من كان إذاً هذا الإنسان الذي دعاه داود "ربّي"؟! لا يمكن تصوّر أن المشار إليه بـ "ربّي" هو أحد أجداد النبيّ داود كإسحق أو يعقوب أو إبراهيم لأن التعبير المناسب سيكون "أب"، ولا يمكن أن يكون "ربّ داود" هو أحد المنحدرين من ذرّيته وسلالته لأن المصطلح الإعتيادي سيكون "ابن". وهنا لا يبقى إلاّ أن الشخص الذي ناداه داود بـ "ربّي" هو خير البشر وسيّد الخلق وأسمى وأنبل إنسان عرفته البشرية منذ آدم إلى قيام الساعة.
في آيات [متى 22 : 41: 46]، سأل يسوع الفريسيين عن المسيح، فأجابوه أن المسيح هو ابن داود. فردّ عليهم يسوع بالقول أن المسيح لا يمكن أن يكون ابن داود لأن داود نفسه يدعوه "ربّاً" فكيف يكون ابنه؟! هنا -ودائماً وفقاً لشهادة الكتاب المقدس- فلقد وضع يسوع نفسه في ورطة كبيرة وطرح معضلة لم يُجِب عليها لا هو ولا الكنيسة المسيحية!
لقد وضع يسوع المسيحيين أمام خيارين اثنيْن أحلاهما مرّ:
1- إذا كان يسوع هو نفسه المقصود بـ "ربّ داود" فهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون هو ابن داود، وهذا سيقودنا إلى أن نبوءات مثل [لوقا 1 : 32]، [أعمال 2 : 30]، [رومية 1 : 3]،[صموئيل الثاني 12:7-16]، [أخبار الأيام الأول 22 : 10] وغيرها لا تنطبق على يسوع وبالتالي ليس يسوع هو المسيح الذي انتظره بنو إسرائيل. ومن هنا لا أدري لماذا نلوم اليهود على رفضهم الاعتراف بيسوع كالمسيح المنتظر.
2- إذا كان يسوع هو ابن داود فهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون هو الإنسان الذي دعاه داود بـ "ربّي". "فإن كان داود يدعوه ربّاً فكيف يكون ابنه": بهذه العبارة أقصى يسوع نفسه عن هذا اللقب! هذا الاعتراف الحاسم والقاطع من شأنه أن يوقظ العالم المسيحي من غفلته وربما يبدأ بالتقليل من مُغالاته حول شخصية يسوع ومنزلته الإلهية. "فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة"، لا الفريسيين ولا يسوع ولا الكنيسة قد أجابت على السؤال التالي: "من هو الشخص الذي دعاه داود بعبارة ربي"؟ الأناجيل المُعتَمدة لدى الكنيسة المسيحية لا تملك جَواباً لهذه المعضلة، إلاّ أن إنجيل برنابا "المحظور" لديه الجواب: في إنجيل برنابا نجد أن أسمى وأعظم وأنبل شخص في هذا الوجود سوف يأتي من نسل إسماعيل وليس من نسل إسحق:
" الحق أقول لكم إن كل نبيّ متى جاء فإنه إنما يحمل لأمّة واحدة فقط علامة رحمة الله. ولذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي أُرسلوا إليه. ولكن رسول الله متى جاء يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم يده. فيحمل خلاصاً ورحمة لأمم الأرض الذين يقبلون تعليمه. وسيأتي بقوة على الظالمين. ويبيد عبادة الأصنام بحيث يخزي الشيطان. لأنه هكذا وعد الله إبراهيم قائلا: انظر فإني بنسلك أبارك كل قبائل الأرض وكما حطمت يا إبراهيم الأصنام تحطيماً هكذا سيفعل نسلك. أجاب يعقوب: يا معلم قل لنا بمن صنع هذا العهد؟ فإن اليهود يقولون بإسحق. والإسماعيليون يقولون بإسماعيل. أجاب يسوع: ابن من كان داود ومن أي ذرّية؟ أجاب يعقوب: من إسحق لأن إسحق كان أبا يعقوب ويعقوب كان أبا يهوذا الذي من ذرّيته داود. فحينئذ قال يسوع: ومتى جاء رسول الله فمن نسل من يكون؟ أجاب التلاميذ: من داود. فأجاب يسوع: لا تغشوا أنفسكم. لأن داود يدعوه في الروح ربّاً قائلا هكذا: قال الله لربّي اجلس عن يميني حتى أجعل أعدءك موطئاً لقدميك. يرسل الرب قضيبك الذي سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك. فإذا كان رسول الله الذي تسمونه مسيّا ابن داود فكيف يسميه داود ربّاً. صدقوني لأني أقول لكم الحق أن العهد صنع بإسماعيل لا بإسحق ".
[برنابا 43 : 13-31].
ويُسجِّل إنجيل برنابا أن يسوع التقى في الروح بالنبيّ محمد في الجنّة:
" لذلك أقول لكم إن رسول الله بهاء يسر كل ما صنع الله تقريبا. لأنه مزدان بروح الفهم والمشورة. روح الحكمة والقوة. روح الخوف والمحبة. روح التبصر والاعتدال. مزدان بروح المحبة والرحمة. روح العدل والتقوى. روح اللطف والصبر التي أخذ منها من الله ثلاثة أضعاف ما أعطى لسائر خلقه. ما أسعد الزمن الذي سيأتي فيه إلى العالم. صدقوني إني رأيته وقدمت له الاحترام كما رآه كل نبيّ. لأن الله يعطيهم روحه نبوّة. ولما رأيته امتلأت عزاء قائلاً: يا محمد ليكن الله معك وليجعلني أهلاً أن أحلّ سير حذائك. لأني إذا نلت هذا صرت نبيّا عظيما وقدوس الله ". [برنابا 44 : 19-31].
وإذا كان محمد هو النبيّ الوحيد الذي دُعيَ بـ "سيّد المُرسلين" سندرك عندها من هو المقصود بـ "ربّ داود"!
15- أين الحقيقة؟
" قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ". [يوحنا 20 : 17].
لقد قال يسوع أنه ذاهب مباشرة إلى الله. هل قال يسوع أنه سيسلك طريقاً جانبياً ويقوم بالتفاف أو انعطاف نحو بولس؟!
1015- رؤيا؟
نحن نعلم أن شاول الطرسوسي (نسبة إلى طرسوس وهي منطقة في كيليكية تقع في جنوب تركيا) المعروف ببولس الرسول (St Paul 3-62 AD)، هو كما تدعي الكنيسة المسيحية مؤلف أكثر من 70% من فصول العهد الجديد. فإليه تعود كتابات رومية، كورنثوس1-2، غلاطية، فيلبي، افسس، كولوسي، تسالونيكي1-2، تيموتاوس1-2، تيطس، وفيلمون. فلذلك نتوقع أن تكون جميع مؤلفاته متماسكة، على الأقلّ فيما يختص بالمسائل الأساسية التي تقود إلى الخلاص. لكن بالرغم من كل هذا فإننا نجد في الكتاب المقدس أن بولس مُتّهم باختلاق وتلفيق الأخبار! هل يبدو هذا مستحيلاً؟ سنرى:
عندما نقرأ أعمال الرسل، الفصل التاسع والفصل السادس والعشرون، سنجد أن بولس كان مشغولاً في اضطهاد أتباع المسيح في أورشليم وجَرِّهم من بيوتهم وأخذهم للتعذيب أو القتل أو إجبارهم على التحوّل عن دينهم. بعدها، يُقرّر بولس توسيع أعماله، ويبدأ باضطهاد المسيحيين في دمشق؛ لهذا السبب، يذهب أولا إلى الكاهن الأعلى في أورشليم يطلب منه الحصول على رسائل تدين أعمال تلاميذ يسوع في دمشق. ومن المعروف، أن الكاهن الأعلى في أورشليم ليس لديه أي سلطة في دمشق، فالسبب الذي دعا بولس لزيارته لا يزال سرّاً مجهولاً حتى عند الكنيسة المسيحية! على أي حال، لنتابع: قبيْل المباشرة بإكمال أعماله الشريرة في دمشق، يدّعي بولس بأنه رأى الرب يسوع في الطريق، وعندها تَقَبَّل المسيحية بعدما كان أَلَدَّ الأعداء للمسيحيين وبعدما كان ذائع الصيت بسبب اضطهاده لهم.
برنابا، والذي كان أحد تلاميذ المسيح، يَكفل ويضمن بولس ويُقنع باقي التلاميذ بقبوله بينهم. بعدها، يذهب بولس مع باقي التلاميذ في حملة تبشير في أورشليم وباقي اليهودية، حيث كانوا يُبشّرون الناس مُجاهرة. ويُعيِّن بولس نفسه الرسول الثاني عشر للمسيح، بدلاً من يهوذا الشرير والخائن، كما نرى في مؤلفاته [رومية 1:1] ؛ [1 كورنثوس 1:1].
والآيات المشار إليها هي:
" أما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب. فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات حتى إذا وجد أناسا من الطريق رجالا أو نساء يسوقهم موثقين إلى أورشليم. وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق فبغتة أبرق حوله نور من السماء. فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من أنت يا سيد. فقال الرب أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعب عليك أن ترفس مناخس. فقال وهو مرتعد ومتحير يا رب ماذا تريد أن أفعل. فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل ". [ أعمال 9 : 1-6 ].
" وكان شاول مع التلاميذ الذين في دمشق أياما. وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح أن هذا هو ابن الله. فبُهت جميع الذين كانوا يسمعون وقالوا أليس هذا هو الذي أهلك في أورشليم الذين يدعون بهذا الاسم. وقد جاء إلى هنا لهذا ليسوقهم موثقين إلى رؤساء الكهنة. وأما شاول فكان يزداد قوة ويحيّر اليهود الساكنين في دمشق محققا أن هذا هو المسيح. ولما تمت أيام كثيرة تشاور اليهود ليقتلوه. فعلم شاول بمكيدتهم. وكانوا يراقبون الأبواب أيضا نهارا وليلا ليقتلوه. فأخذه التلاميذ ليلا وأنزلوه من السور مدلين إياه في سل. ولما جاء (شاول) إلى أورشليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ. وكان الجميع يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ. فأخذه برنابا وأحضره إلى الرسل وحدثهم كيف أبصر الرب في الطريق وأنه كلمه وكيف جاهر في دمشق باسم يسوع. فكان معهم يدخل ويخرج في أورشليم ويجاهر باسم الرب يسوع. وكان يخاطب ويحادث اليونانيين فحاولوا أن يقتلوه ". [أعمال 9 : 19-29].
" من ثم أيها الملك أغريباس لم أكن معاندا للرؤيا السماوية. بل أخبرت أولا الذين في دمشق وفي أورشليم حتى جميع كورة اليهودية ثم الأمم أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله عاملين أعمالا تليق بالتوبة. من أجل ذلك أمسكني اليهود في الهيكل وشرعوا في قتلي ". [أعمال 26 : 19-21].
كل هذه الآيات تتعارض وتتناقض مع ما جاء في غلاطية، الفصل الأول:
" ولكن لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته. أن يعلن ابنه فيَّ لأبشر به بين الأمم للوقت لم أستشر لحما ودما. ولا صعدت إلى أورشليم إلى الرسل الذين قبلي بل انطلقت إلى العربية ثم رجعت أيضا إلى دمشق. ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس فمكثت عنده خمسة عشر يوما. ولكني لم أر غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب. والذي أكتب به إليكم هوذا قدام الله أني لست أكذب فيه. وبعد ذلك جئت إلى أقاليم سورية وكيليكية. ولكنني كنت غير معروف بالوجه عند كنائس اليهودية التي في المسيح. غير أنهم كانوا يسمعون أن الذي كان يضطهدنا قبل يبشر الآن بالإيمان الذي كان قبلا يتلفه". [غلاطية 1 : 15-23].
- وفقاً لرواية أعمال الرسل: فإن بولس رأى رؤيته المزعومة. للوقت بدأ بالتبشير في مجامع دمشق. بنى شهرته وصيته من خلال مجاهرته في التبشير الذي أذهل الجموع. لقد حيّر اليهود في دمشق. بعد أيام كثيرة حاول اليهود قتله، فهرب بمساعدة التلاميذ إلى أورشليم. هناك قابل برنابا الذي قدّمه للتلاميذ الذين كانوا خائفين منه. ونسأل لماذا خافوا منه الآن وهم الذين ساعدوه في دمشق؟ الجواب لأنهم يقابلون بولس لأول مرة منذ رؤيته المزعومة! ولكن من ساعده للهرب إلى أورشليم؟ ولماذا لم يخبرهم عن رؤيته في دمشق بل انتظر ثلاث سنوات ليخبرهم بذلك في أورشليم؟! سنبقى ندور هكذا إلى الأبد في هذه الحلقة المفرغة!
برنابا أقنع التلاميذ بالقبول به. ذهب بولس وجميع التلاميذ في حملة تبشيرية في وخارج أورشليم يتكلم مجاهراً باسم يسوع.
- وفقاً لرواية غلاطية: فإن بولس رأى رؤيته المزعومة. للوقت لم يستشر لحماً ودماً ولم يذهب إلى أورشليم ولكنه انطلق إلى العربية ثم عاد إلى دمشق. لم يذكر أي تبشير لا في العربية ولا في دمشق. بعد ثلاث سنوات ، ذهب إلى أورشليم وقابل بطرس ويعقوب فقط ولم يقابل كل التلاميذ ولا حتى برنابا كما ورد في الأعمال. بقي مع بطرس ويعقوب مدة خمسة عشر يوماً، ولكن، ومرة أخرى لم يذكر أي حملة تبشيرية مع أم بدون التلاميذ. بالإضافة إلى أنه لم يقم بأي حملة تبشيرية في أورشليم في الماضي، لأنه كان غير معروف بالوجه عند كنائس اليهودية، غير أنهم كانوا يسمعون عنه.
الواقعة بأن بولس لم يقابل يسوع أبداً طيلة حياته ولم يتنقّل معه ولم يأكل معه ولم يتعلّم منه مباشرة، تجعل تلاميذ المسيح بمفردهم المصدر الوحيد لنقل النهج الحقيقي الذي اتبعه يسوع إلى العامّة. لذلك، فإن السبب الوحيد الذي يدعو أحدهم إلى تجاوز التلاميذ واللجوء إلى بولس، هو فقط عندما يبدأ بولس نفسه بتلقِّي سلسلة من الرؤى المقدسة. فالتلاميذ لم يدّعوا أبداً تلقي أية رؤيا من المسيح، لذا فإن ادعاء بولس برؤيته "للرب" لن تبعد الناس عن التلاميذ فقط، بل ستجعلهم ينقادون إلى تأويله الخاص لرسالة يسوع.
ونرى أن بولس يعلن بافتخار بأنه ليس بحاجة للتعلّم من أحد حتى من الرسل نفسهم، فنجده كليّاً مستغنٍ عن تعاليمهم؛ فكل ما يحتاج إليه هو الرؤيا:
" وأعرفكم أيها الأخوة. الإنجيل الذي بشَّرت به أنه ليس بحسب إنسان. لأني لم أقبله من عند إنسان ولا عُلِّمته. بل بإعلان يسوع المسيح ". [غلاطية 1 : 11-12].
وكنتيجة لرفضه التعلّم من الرسل، نجد بولس يتَّبِع الميْل الحزين بعجزه عن تبرير ادعاءاته من خلال كلمات يسوع. لذلك نراه دائماً يرجع إلى فلسفته الشخصية المبنية على الرؤيا والوحي. فكثيراً ما نراه عندما كان يختلف مع أحد الرسل حول مسألة معينة، لم يكن باستطاعته الادعاء بأن لديه علم المسيح بما أنه لم يقابله أبداً، إنما كان يلجأ إلى استفتائه الشخصي زاعماً أن مصدره الرؤيا من يسوع والروح القدس.
ولكن عند قراءة قصة رؤيا بولس المشوقة، فإننا نجد فيها ثغرات عديدة. فمثلاً، في الأعمال 22 نجد أن بولس يدّعي أنه عندما تكلم معه يسوع، فإن المسافرين الذين هم برفقته رؤوا نوراً ولكنهم لم يسمعوا شيئاً:
" والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني ". [أعمال 22 : 9].
بينما في الأعمال 9، فإن المسافرين الذين معه سمعوا الصوت ولم يروا أحداً:
" وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحدا ". [أعمال 9 : 7].
في الأعمال 9، وقف المسافرون الذين هم برفقة بولس:
" وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحدا ". [أعمال 9 : 7].
بينما في أعمال 26، سقط الجميع على الأرض:
" فلما سقطنا جميعنا على الأرض سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية شاول شاول لماذا تضطهدني. صعب عليك أن ترفس مناخس ". [أعمال 26 : 14].
2015- الأوصياء على خطأ
ويصل الأمر ببولس ليرينا كيف أن أوصياء المسيح كانوا على خطأ بينما كان هو على صواب، حتى أنه اتّهم الرسول برنابا بالرياء والنفاق. لذلك كان عليه هو أن يريهم الطريق القويم:
" لكن لما رأيت أنهم (بطرس، يعقوب وبرنابا) لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل ". [غلاطية 2 : 14].
" ورأى معه باقي اليهود أيضا حتى أن برنابا أيضا انقاد إلى ريائهم ". [غلاطية 2 : 13].
وهكذا أصبح من الجليّ من خلال كلمات بولس، أن الرسل الذين صَحِبوا السيد المسيح أصبحوا الآن في ضلال وأصبح هو على صواب. وبما أن آراء التلاميذ لم تتلائم مع عقلية السيد بولس، فارتأى أن يتركهم بعد مشاجرة مع الرسول برنابا:
" فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر. وبرنابا أخذ مرقس وسافر في البحر إلى قبرص. وأما بولس فاختار سيلا وخرج مستودعا من الإخوة إلى نعمة الله ". [أعمال 15 : 39-40].
لقد قرّر بولس أن الرؤيا هي السلطة الكافية ليناقض ويعارض تعاليم الرسل إلى درجة اعتبارهم مرائين. حتى برنابا، التلميذ الذي سافر مع بولس في رحلات تبشيرية والذي كفِله بين التلاميذ، أصبح بنظر بولس متهم بالرياء.
ويعلن بولس بصراحة:
" ولكن بنعمة الله أنا ما أنا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة بل أنا تعبت أكثر منهم جميعهم".
[1كورنثوس 15 : 10].
وهكذا أصبح جميع الرسل كَسالى ووحده بولس يقوم بهذا العمل المضني والمتعب المرتكز على رؤيا مزعومة. كل هؤلاء التلاميذ الذين أمضوا سنين في التعلّم المباشر من المسيح أصبحوا اليوم كسالى، بينما بولس الذي تحوَّل بين ليلة وضحاها من مضطهد وسفاح للمسيحيين إلى "محبّ" لهم، أصبح المعلم المثالي الأول للتعاليم المسيحية الذي تعب أكثر من الجميع! إننا فعلاً محظوظون لِكَوْن بولس تلقّى هذه الرؤيا وإلا لكنّا اليوم نتّبع رسل كسالى، ضالّين، مرائين ومنافقين!
3015- بولس المؤسس الحقيقي للعقيدة المسيحية الحديثة
إن تعاليم المسيحية المعروفة اليوم، هي مبنية وفق استفتاءات وآراء بولس مؤلف معظم كتابات العهد الجديد. فعندما التحق بالرسل فيما بعد، بدأ بولس بإدخال التغييرات العديدة على رسالة يسوع بغرض استمالة الأمم الغير اليهودية. فهو المسؤول عن إدخال مفهوم البنوة الإلهية للمسيح، وهو المسؤول عن مفهومي الخطيئة الأصلية والصلب ككفارة، وهو من ألغى الأنظمة المتعلقة بالطعام كالذبح، ولحم الخنزير (Kosher). ولهذا نرى أن التلاميذ قد عارضوا بشدة هذه التحريفات الباطلة التي استهوت الأمم الغير اليهودية؛ فنضالهم في مقاومة الضلالة والذي استمر لحوالي 200 سنة، قد انتهى أخيراً عندما عقد مؤتمر نيقية سنة 325م. ففي هذا المؤتمر، قام رجال اللاهوت باعتماد معتقدات بولس كمعتقدات رسمية للدين المسيحي، وذلك تحت تأثير الضغط الذي مارسته الإمبراطورية الرومانية، والتي أعلنت بدورها اتخاذها معتقدات بولس كدين رسمي لها، وبذلك مُنع أي كتاب يعارض هذه العقيدة الجديدة من التداول. ففي سنة 367م، أصدرت الإمبراطورية لائحة بالكتب المسموحة، صُدِّق عليها من قِبل البابا داماسوس فيما بعد (Damasus I, St., pope 366-384). وفي نهاية القرن الخامس، نشر البابا غالاسيوس (Gelasius I, St., pope 492-496) لائحة بالكتب المحظورة (Apocrypha) وذلك للمزيد من التطابق والخضوع للمعتقد البولسي.
لقد وثق الناس ببولس ثقة عمياء. كيف لا وهو المدّعي الرؤيا السماوية، وهو المكفول من التلميذ برنابا، وهو المقبول من التلاميذ، وهو الذي كان يُبشّر مجاهرةً باسم يسوع في كل أنحاء اليهودية بعد أن كان من أقسى المضطهدين للمسيحية. ولكن كل من يقرأ العهد الجديد، يرى بوضوح "فبركة" بولس لهذه الأخبار لأن اليهودية لم ترَ وجهه أبداً بل سمعت عن رؤياه المزعومة.
وللمزيد من الأدلة حول كيفية انتهاك بولس لرسالة يسوع سنرى الأمثلة التالية:
§ الختان
إن الله أوصى في الكتاب المقدس:
" هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك. يُختن منكم كل ذكر. فتُختنون في لحم غرلتكم. فيكون علامة عهد بيني وبينكم. ابن ثمانية أيام يُختن منكم كل ذكر في أجيالكم. وليد البيت والمبتاع بفضة من كل ابن غريب ليس من نسلك. يُختن ختانا وليد بيتك والمبتاع بفضتك. فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا. وأما الذكر الأغلف الذي لا يُختن في لحم غرلته فتُقطع تلك النفس من شعبها. إنه قد نكث عهدي ". [التكوين 17 : 10-14].
وفقاً للكتاب المقدس، فإن الله يخبرنا أن عهده لا يُنال إلا بالختان. لذلك، كان الختان يُعتبر مسألة مهمة جداً في المعتقد اليهودي؛ حيث أنهم كانوا يخرقون حُرمة يوم السبت المقدس لختان الأطفال:
" ففي السبت تختنون الإنسان. فإن كان الإنسان يقبل الختان في السبت لئلا ينقض ناموس موسى أفتسخطون عليّ لأني شفيت إنسانا كله في السبت ". [يوحنا 7 : 22-23].
يسوع نفسه خُتن في اليوم الثامن:
" ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سُمي يسوع ". [لوقا 2 : 21].
يوحنا المعمدان أيضاً خُتن:
" وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا ". [لوقا 1 : 59].
ولكن بعد رحيل يسوع، أصبح الختان مَحطّ الخلاف والنزاع بين بطرس الذي أراد أن يُبقي عليه وبين بولس الذي أراد أن يلغيه:
" إني اؤتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان ". [غلاطية 2 : 7].
" ليس الختان شيئا وليست الغرلة شيئا بل حفظ وصايا الله ". [1 كورنثوس 7 : 19].
هكذا نجد المسيحيين يتَّبعون شيئاً فشيئاً تعاليم بولس بدلاً من يسوع.
والغريب أن كتاب الأعمال يذكر بعد ما تمت مشورة الرسل برفع الختان وواجبات التوراة ورجع بولس بكتاب هذه المشورة إلى أنطاكية وأقام فيها مدة وسافر إلى لسترة أنه وجد تلميذاً يونانياً ولما أراد أن يأخذه معه في سفره ختنه!
§ الوصية
يذهب بولس أبعد من ذلك في استفتاءاته وآرائه الحكيمة: فحسب رأيه، حتى ندخل ملكوت السموات يجب علينا فقط الإيمان بصلب المسيح دون الحاجة إلى العمل بالوصايا كما أوصانا يسوع نفسه. هذا كل ما يتطلبه الأمر:
وصية يسوع:
" وإذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية. فقال له لماذا تدعوني صالحا. ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله. ولكن إن أردت أن تدخل الحيوة فاحفظ الوصايا. قال له أية وصايا. فقال يسوع لا تقتل. لاتزن. لا تسرق. لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمك وأحب قريبك كنفسك. قال له الشاب هذه كلها حفظتها منذ حداثتي. فماذا يعوزني بعد. قال له يسوع إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع أملاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال واتبعني ". [متى 19 : 16-21].
" حينئذ خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلا. على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيين. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه. ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون". [متى 23 : 1-3].
" لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس (ناموس موسى) حتى يكون الكل. فمن نقص إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلّم الناس هكذا يُدعى أصغر في ملكوت السموات وأما من عمل وعلّم فهذا يُدعى عظيما في ملكوت السموات ". [متى 5 : 17- 19].
وصية بولس:
" إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس بل بإيمان يسوع المسيح آمنّا نحن أيضا بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما ". [غلاطية 2 : 16].
" إذا نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس ". [رومية 3 : 28].
" فما هو أجري إذ وأنا أبشر أجعل إنجيل المسيح بلا نفقة ". [1كورنثوس 9 : 18].
إن عبارة "بلا نفقة" قد تُرجِمت من الكلمة اليونانية “adapanos” التي استعملت مرة واحدة في الكتاب المقدس والتي تعني حرْفياً "خالي من الأعمال".
الكتاب المقدس: " إذا سكن إخوة معا ومات واحد منهم وليس له ابن فلا تصر امرأة الميت إلى خارج لرجل أجنبي. أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة ويقوم لها بواجب أخي الزوج ". [التثنية 25 : 5].
بولس: " المرأة مرتبطة (بالناموس) ما دام رجلها حيا. ولكن إن مات رجلها فهي حرة لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط. ولكنها أكثر غبطة إن لبثت هكذا بحسب رأيي. وأظن أني أنا أيضا عندي روح الله ".
[1 كورنثوس 7 : 39-40].
الكتاب المقدس: وقال الرب لنوح أدخل أنت وجميع بيتك إلى الفلك. لأني إياك رأيت بارّا ". [التكوين 7 :1]. " وكان كلاهما (زكريا وأليصابات) بارّين أمام الله ". [لوقا 6:1]. " لأنه (أيوب) ليس مثله في الأرض رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر ". [أيوب 2 : 3].
بولس: " كما هم مكتوب أنه ليس بارّ ولا أحد ". [رومية 3 : 10].
الكتاب المقدس: ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات ". [متى 7 :21].
بولس: " لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص ". [رومية 10 : 13].
الكتاب المقدس: " ولكن هل تريد ان تعلم أيها الإنسان الباطل أن الإيمان بدون أعمال ميت. ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال إذ قدّم اسحق ابنه على المذبح. فترى أن الإيمان عمل مع أعماله وبالأعمال أُكمل الإيمان ". [يعقوب 2 : 21-22].
بولس: لأننا نقول أنه حُسِبَ لإبراهيم الإيمان برّا... فإنه ليس بالناموس كان الوعد لإبراهيم أو لنسله أن يكون وارثا للعالم بل ببرّ الإيمان ". [رومية 4 : 9-13].
الكتاب المقدس: "طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة ". [أمثال 3 : 13].
بولس : " لا يخدعن أحد نفسه. إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلا لكي يصير حكيما. لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله لأنه مكتوب الآخذ الحكماء بمكرهم ".
[1كورنثوس 3 : 18-20].
الكتاب المقدس: " من يفعل الخطية فهو من إبليس... كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية ".
[1 يوحنا 3 : 8-9].
بولس: " صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أوّلهم أنا ". [1 تيموثاوس 1 : 15].
بولس: " لأن الكتاب يقول كل من يؤمن به لا يخزى ". [رومية 10 : 11].
الكتاب المقدس: لا يوجد هكذا قول في الكتاب المقدس.
§ بعض من تناقضات بولس مع نفسه
- " كما أنا أيضا أُرضي الجميع في كل شيء غير طالب ما يوافق نفسي بل الكثيرين لكي يخلصوا ".
[1كورنثوس 10 : 33].
- " فلو كنت بعد أُرضي الناس لم أكن عبدا للمسيح ". [غلاطية 1 : 10].
- " حسن أن لا تأكل لحما ولا تشرب خمرا ". [رومية 14 : 21].
- " فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب ". [كولوسي 2 : 16].
- " احملوا بعضكم أثقال بعض ". [غلاطية 6 : 2].
- " لأن كل واحد سيحمل حمل نفسه ". [غلاطية 6 : 5].
لم يُبَشِّر بولس وفقا لتعاليم المسيح إنما وفقاً لآرائه ورؤيته الشخصية. فكثيراً ما نراه يُعوِّل ويعتمد على رأيه ومنطقه الشخصي للحكم على الأمور دون الرجوع إلى وصايا الكتاب المقدس:
" وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب...". [1 كورنثوس 7 : 12].
" وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهن ولكنني أعطي رأيا...". [1 كورنثوس 7 : 25].
" فأظن أن...". [1كورنثوس 7 : 26].
" ولكنها أكثر غبطة إن لبثت هكذا بحسب رأيي ". [1 كورنثوس 7 : 40].
" ها أنا بولس أقول لكم...". [غلاطية 5 : 2].
" اذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي ". [2 تيموثاوس 2 : 8].
لقد فعل بولس كل ما يلزم من أجل استمالة الأمم الغير لليهودية حتى انتهى به الأمر إلى تأويل رسالة المسيح وفقاً لفلسفته ورؤيته الخاصة:
" فصرت لليهود كيهودي لأربح اليهود. وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس. وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس. مع أني لست بلا ناموس لله بل تحت ناموس للمسيح. لأربح الذين بلا ناموس. صرت للضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء. صرت للكل كل شيء لأخلّص على كل حال قوما". [1 كورنثوس 9 : 20-22].
هذا النفاق والتأويل لاستمالة الأمم الغير اليهودية كانت له عواقبه المدمرة. فلقد قاد تعاليم المسيح والمسيحيين جميعاً للسقوط من أعلى الهاوية. والمسيحيون كان قد أُنذروا سابقاً من قبل يسوع للتنبه لهذا الأمر الخطير:
"هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا. إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة".[متى 10 : 5-6].
ولكن من يهتم فعلاً لهذه النصيحة الكتابية!
إذا كان مؤلف معظم فصول الكتاب المقدس عاجزاً حتى على إبقاء التماسك في روايات خلاصه الشخصي، فكيف يتوقع منا تصديقه في مسائل أكثر دقة وحرجاً وخاصة فيما يتعلق بكلام يسوع الحقيقي؟
4015- المِثرانية (Mithraism)!
في أناجيل مَتَّى ومرقس ولوقا نجد أن العشاء الأخير حصل في اليوم الأول لعيد الفصح ([متى 26 : 17]، [مرقس 14 : 12]، [لوقا 22 : 7])، بينما في إنجيل يوحنا نجد أن يسوع قد صُلب في اليوم الأول لعيد الفصح ([يوحنا 19 : 14-16]).
في كل من مَتَّى ومرقس ولوقا، يقوم يسوع بتعليم التلاميذ كيفية العشاء الرباني (خبز+نبيذ = جسد+دم) في وقت أكل الفصح، بينما إنجيل يوحنا لا يذكر كيفية العشاء الرباني لأن يسوع كان قد صُلب في مثل هذا الوقت.
في سفر كورنثوس، كتب بولس:
" لأنني تسلّمت من الرب ما سلّمتكم أيضا أن الرب يسوع في الليلة التي أُسلم فيها أخذ خبزا. وشكر فكسر وقال (خذوا وكلوا) هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. إصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضا بعد ما تعشّوا قائلا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. إصنعوا هذا كلما شربتم لذكري ". [1 كورنثوس 11 : 23-25].
هنا، يدعّي بولس أنه تسلّم تعليمات العشاء الرباني مباشرة من يسوع (بالتأكيد في إحدى الرؤى المزعومة). لقد كتب بولس هذه الآيات بعد عشرين سنة من موت يسوع، إلا أن الكنيسة كانت تحتفل بهذا العشاء الرباني منذ عشرين سنة منذ أن مات يسوع وفق ما أخبرتنا به أناجيل العهد الجديد، أي قبل عشرين سنة من رؤيا بولس. ألا يبدو هذا التناقض مستغرباً؟ كلا إذا ما عرفنا الحقيقية:
إن بولس نفسه لم يبتدع العشاء الرباني، إنما استعاره من المِثْرَانية (Mithraism) وهي إحدى أهم الديانات الرومانية الوثنية القديمة التي وُجدت قبل المسيحية والتي فيما بعد كانت المنافس الرئيسي للمسيحية إلى وقت الإمبراطور قسطنطين.
الشخصية البارزة في المثرانية هو الإله مِثرا (Mithra) (إله النور وحامي الحقيقة وعدوّ قوى الظلام عند الفرس) الذي مات لأجل خطايا البشرية ثم بعد ذلك قام من بين الأموات. هذا الإله كان قد غَنِمَه الجنرال الروماني بومباي في سنة 67 ق.م. من قراصنة كانوا يجوبون البحر المتوسط بالقرب من منطقة كيليكية في جنوب تركيا، ونقله بعد ذلك إلى روما حيث انتشرت من وقتها الديانة المثرانية في أرجاء الإمبراطورية.
تتشابه المثرانية والمسيحية في عدة نواحٍ: المعمودية، إستعمال الماء المقدس، عبادة الرعاة لمثرا عند ولادته، ولادة مثرا يوم 25 كانون الأول، تبَنّي يوم الأحد كيوم مقدس، القيامة...
العشاء الرباني في المثرانية الوثنية هو نفسه الذي نجده اليوم في المسيحية، وجزء من هذا العشاء في المثرانية يتضمن كلمات: "من أكل جسدي وشرب دمي فهو مني وأنا منه، ومن لم يفعل ذلك فلن يعرف الخلاص".
إعترف بولس أنه لم يلتقِ يوماً بيسوع، وأنه لم يتعلم من بشر [غلاطية 1 : 11-12]. وكل النظريات اللاهوتية التي أطلقها بولس كانت ترتكز على وحيٍ أو رؤى. تماماً كالأحلام، فالخيال والهذيان لا تأتي من لا مكان، إنما تكشف ما هو موجود أصلاً من نشاطات عقلية تحت أو وراء نطاق الوعي. وعلى الأرجح، فإن مصدر رؤى بولس وبالتالي مصدر نظرته اللاهوتية موجودة في المثرانية، تلك الديانة الوثنية التي انتشرت في نفس المنطقة التي نشأ فيها. لقد كان بولس أول من أقحم آلية العشاء الرباني في العقيدة المسيحية وذلك خلال رسالته إلى أهل كورنثوس. ولمّا تبَنَّت الكنيسة فيما بعد تعاليم بولس، اضطرت إلى تغيير محتوى الأناجيل وجعلت يسوع يتكلم عن آلية عشاء رباني وثني (كسر الخبز=الجسد، وشرب النبيذ=دم) مستعملاً نفس العبارات التي استعملها بولس في سفر كورنثوس! وهكذا بَدَتْ عبارات بولس عن العشاء الرباني في كورنثوس كأنها متأخرة عشرين سنة عن وقتها! لذلك كان هذا التناقض الغريب!
ومن المفيد أن نذكر ما ذكرته موسوعة إنكارتا تحت عنوان المثرانية:
"المثرانية، إحدى أهم الديانات في الإمبراطورية الرومانية، ديانة مثرا إله النور والحكمة الفارسي. انتشرت هذه الديانة سريعاً في إيطاليا وباقي الولايات الرومانية منذ مطلع سنة 68 ق.م. وكانت المنافس الرئيسي للمسيحية في العالم الروماني. تتشابه المثرانية والمسيحية في عدة نقاط منها المعمودية، طقوس العشاء الرباني، عبادة الرعاة عند ولادة مثرا، اتخاذ يوم الأحد كيوم مقدس، ولادة مثرا في 25 كانون الأول، القيامة...".
Mithraism, one of the major religions of the Roman Empire, the cult of Mithra, the ancient Persian god of light and wisdom... Mithraism was similar to Christianity in many respects, for example, in the ideals of humility and brotherly love, baptism, the rite of communion, the use of holy water, the adoration of the shepherds at Mithra's birth, the adoption of Sundays and of December 25 (Mithra's birthday) as holy days, and the belief in the immortality of the soul, the last judgment, and the resurrection. Mithraism differed from Christianity in the exclusion of women from its ceremonies and in its willingness to compromise with polytheism. The similarities, however, made possible the easy conversion of its followers to Christian doctrine. (Encarta Encyclopedia CD, 2001).
" فإن كنت أفعل ما لست أريده فإني أصادق الناموس أنه حسن. فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا بل الخطيّة الساكنة فيَّ. فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح. لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد. لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل. فإن كنت ما لست أريده إياه أفعل فلست بعد أفعله أنا بل الخطيّة الساكنة فيَّ. إذا أجد الناموس لي حينما أريد أن أفعل الحسنى أن الشر حاضر عندي ". [رومية 7 : 16-21].
إنني أتفاجأ عندما أرى المسيحيين يتّبعون ويسمعون كلام رجل يعترف بأن الشر ساكن فيه ويتركون وصايا الله ويتجاهلون تعاليم السيد المسيح المرسل من الله!
لماذا لا يأكل المسلمون لحم الخنزير؟!
هذا السؤال يُرَدَّد ويُكرَّر دائماً وفي معظم المناسبات على مسامع الإنسان المسلم. وللأسف وفي أغلب الأحيان لا يجد المسلم الجواب الشافي ليرّد به على طارح هذا السؤال!
والجواب هو أن المسلمين لا يأكلون لحم الخنزير للسبب ذاته الذي من أجله لم يأكل موسى ولا يسوع لحم الخنزير. فالكتاب المقدس يُحرِّم أكل لحم هذا الحيوان ويُحرِّم لمسه مطلقاً:
" والخنزير. لأنه يشق ظلفا ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر. فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا. إنها نجسة لكم ". [لاويين 11 : 7-8].
وهذه الوصية كُرّرت في سفر [الثنية 14 : 8].
وأُعيد تكرارها أيضا في سفر إشعياء:
" يجلس في القبور ويبيت في المدافن يأكل لحم الخنزير وفي آنيته مرق لحوم نجسة ". [إشعياء 65 : 4].
" الذين يقدسون ويطهرون أنفسهم في الجنات وراء واحد في الوسط آكلين لحم الخنزير والرجس والجرذ يفنون معا يقول الرب ". [إشعياء 66 : 17].
ويعترض المسيحيون قائلين بأن هذه هي وصية الله إلى موسى فقط ولا علاقة ليسوع بها، فاليهود هم الذين أُمروا بعدم أكل لحم الخنزير فقط، أما المسيحيون فلا دخل لهم بهذا الأمر.
وينسى هؤلاء الناس وصية المسيح الأولى التي لطالما ردّدها طيلة حياته:
" لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس والأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات ". [متى 5 : 17-19].
ولهذا نرى، ومن خلال العهد الجديد، أن تلاميذ المسيح الحقيقيين كانوا مدركين تماماً لهذه الوصية، فَهُم لم يأكلوا قط شيئاً دنساً أو نجساً، حتى أن رئيس التلاميذ بطرس قال:
" فقال بطرس كلا يا رب لأني لم آكل قط شيئا دنسا أو نجسا ". [أعمال 10 : 14].
ونجد أن هؤلاء التلاميذ استمروا في التمييز بين ما هو نظيف وبين ما هو نجس:
" أن تمتنعوا عمّا ذُبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنى التي إن حفظتم أنفسكم منها فنِعِمّا تفعلون ". [أعمال 15: 29].
" وأما من جهة الذين آمنوا من الأمم فأرسلنا نحن إليهم وحكمنا أن لا يحفظوا شيئا مثل ذلك سوى أن يحافظوا على أنفسهم مما ذبح للأصنام ومن الدم والمخنوق والزنى ". [أعمال 21 : 25].
هل حفظ المسيحيون هذه الوصايا وعملوا بها كما أوصاهم المسيح؟!
في الحقيقة، نجد أن العديد من المسيحيين واعون تماماً لهذه الوصايا المهمة إلا أنهم مستمرون في أكل لحم الخنزير لأنهم وكما رأينا سابقاً اتّبعوا ولا يزالوا يتّبعون تعاليم بولس الرسول بدلاً من تعاليم المسيح. فبولس كعادته قد تأوّل وأفتى وفقاً لرأيه الخاص بطهارة ونظافة جميع الحيوانات والأشياء وذلك لاستمالة المزيد من الأمم الغير اليهودية التي كانت تحب أكل لحم الخنزير:
"لا تنقض لأجل الطعام عمل الله. كل الأشياء طاهرة لكنه شر للإنسان الذي يأكل بعثرة". [رومية 14 : 20].
إذا كانت جميع الحيوانات والأشياء طاهرة كما يدّعي بولس، فلماذا لا يأكل المسيحيون لحم القطط والكلاب والفئران والجرذان؟!
(العجيب أن المسيحيين أطاعوا بولس في خصوص لحم الخنزير ولكنهم خالفوه في خصوص تغطية المرأة لرأسها!!! انظر [1 كورنثوس، الإصحاح 11]).
1016- الجوانب الضارة لدى استهلاك لحم الخنزير
يحتوي جسم الخنزير على العديد من الديدان والأمراض المستترة والذِّيفان (مواد سامة تنتج عن الأيْض).
وتشكل الانفلونزا إحدى أهم الأمراض التي يتشارك بها الخنزير مع الإنسان. يأوي الخنزير هذا المرض في رئتيه خلال فصل الصيف ليعود وينشر العدوى بين البشر والخنازير الأخرى في فصل الشتاء. نقانق أو سجق الخنزير تحتوي على بعض من رئتيه، فكل من يأكل هذه النقانق يكون عرضة للإصابة بالانفلونزا أكثر من غيره.
يحتوي لحم الخنزير على كميات كبيرة من مُرَكّبَات الهِسْتَامِين والإيميدازول التي تسبب الحكاك والحساسية وتمدد الأوعية الدموية وتقلص العضلات اللا إرادية.
ويحتوي المخاط المزنشيمي (mesenchymal mucus) للخنزير على كميات كبيرة من الكبريت التي تساعد على استبدال الأوتار والأربطة البشرية بالنسيج المزنشيمي للخنزير مما يؤدي إلى أمراض عديدة كالروماتزم والانحلال الغضروفي والتهاب المفاصل.
الخنزير هو الحامل الرئيسي للدودة الشريطية (Taenia solium) الموجودة في لحمه. هذه الدودة تتواجد بكثرة في أمعاء الناس الذين يأكلون لحم الخنزير. تسبب الدودة الشريطية عند الإنسان عوارض عديدة منها فقدان الوزن والغثيان والاضطراب في وظائف المعدة والأمعاء. إذا لم يتم التخلّص من هذه الدودة بواسطة العقاقير، فإن الدودة الشريطية تتسلل من الأمعاء لتصيب أعضاء أخرى في الجسم البشري بداء الشريطيات (taeniasis)، ويصبح هذا الداء غير قابل للعلاج إذا تجاوز مرحلة معيّنة من التطور.
ويحتوي لحم الخنزير على نوع آخر من الديدان تدعى الدودة الشَّعْرية أو التِّرخينة (Trichinella spiralis) التي تسبب عند الإنسان داء الشَّعرية (trichinosis). وبالرغم من المعايير الصارمة في معاينة اللحوم، إلا أن لحم الخنزير المصاب بالدودة الشَّعرية يمر في بعض الأحيان من المعاينة من غير اعتراض لصعوبة التعرف على هذا المرض.
يمكن تدمير هذه الدودة بتجميد لحم الحنزير على حرارة 15 درجة مئوية تحت الصفر لمدة 21 يوما أو على حرارة 30 درجة مئوية تحت الصفر لمدة 25 ساعة. كما يمكن تدميرها على حرارة 66 درجة مئوية فوق الصفر لمدة 5 ساعات. إلا أن عملية الطهي العادية لا ترقى لهذه المقاييس وبالتالي لا تجعل لحم الحنزير آمناً للاستهلاك.
تدخل هذه الديدان الأمعاء البشري على شكل ديدان كُيَيْسِية (ديدان غير مكتملة النضوج) (trichina cysts). وفي المرحلة الأولى للعدوى، لا تسبب هذه الديدان الكُيَيْسية أية عوارض في 90% من الحالات. أما إذا ظهرت العوارض فهي مشابهة لعوارض أمراض أخرى مثل الغثيان والتقيؤ. عند نضوجها، تتحول الديدان الكييسية إلى يرقانات (larva). مع بدء هجرة هذه اليرقانات في مجرى الدم، ينتفخ ويتورم وجه الشخص المصاب بالعدوى خاصة حول العيون، ويصاب بألآم حادة في الرأس مع حدوث هذيان الحمى أو البُطاح، وتتضرّرعضلات القلب في أغلب الأحيان، ويعاني من حالات تشنج العضلات وأوجاع المفاصل.
يمكن معالجة داء الشَّعرية في المراحل الأولى للعدوى أي عندما تكون الديدان لا تزال في الأمعاء بتناول عقار الثيابندازول (thiabendazole)، ولكن في بعض الحالات يبقى الشخص المعالج يعاني من أعطال دائمة في القلب والعيون مما يؤدي إلى حدوث الوفاة في 5% من الحالات. ولكن، ومع بدء هجرة اليرقانات في مجرى الدم يصبح من شبه المستحيل معالجة هذا المرض.
حاول أن تصبّ قليلاً من المشروبات الغازية على شريحة من لحم الخنزير وانتظر قليلاً، سترى بعدها آلاف الديدان تزحف نحو الخارج.
أكل لحم الخنزير يؤدي في معظم الأحيان إلى تكوّن الحصاة الصفراوية في المرارة وإلى السمنة والبدانةوإلى تصلّب الشرايين نظراً لاحتوائه على كميات عالية جداً من الكولستيرول والدّهون المُشَبَّعة.
إن الدّهون هي عبارة عن لِبِّيدات (lipids) أي مركّبات عضوية تشمل ضروباً من الدهن والشمع وهي إحدى مصادر الطاقة لدى الكائنات الحية. يمكن لهذه اللّبيدات أن تكون نباتية أو حيوانية المصدر. وأحد هذه الدّهون هو الترايغليسيريد (triglyceride) الذي هو مُركّب عضوي دهني ليس حامضاً ولا قاعدياً (neutral fat) مؤلف من جزيء غليسرول واحد (glycerol) وثلاثة جزيئات من الأحماض الدهنية (fatty acids). هذه الأحماض ممكن أن تكون مشبّعة أو غير مشبّعة.
![]()
(1) Fatty acid
(حمْض دهني) (R-COOH)
![]()
![]()
![]()
![]()
![]()
![]()
![]()
![]()
Glycerol
(غليسرول)
(2)
Fatty acid
(حمْض دهني) (R-COOH)
(C3H8O3)
(3)
Fatty acid
(حمْض دهني) (R-COOH)
Triglyceride (الترايغليسيريد)
بعدما يتناول الإنسان اللحوم، تبدأ عملية استحلاب (emulsification) الدهون الموجودة في هذه اللحوم في المَعِدة بواسطة الخميرة المَعِدية الحالّة للدهن (gastric lipase). وبواسطة الخميرة البنكرياسية الحالّة للدهن (pancreatic lipase) يحصل تَحَلْمُؤ الترايغليسيريد إلى غليسرول وإلى أحماض دهنية (Hydrolysis). هذا الغليسرول وهذه الأحماض الدهنية تُستهلك لتَمُدّ أنسجة عديدة في الجسم بالطاقة مثل العضلات والقلب والكلى والكبد.
الحيوانات التي تقتات بالأعشاب تملك حمْضاً دهنياً غير مشبّع في المركز الثاني (2) في جزيء الترايغليسيريد، بينما يملك الخنزير حمْضاً دهنياً مشبّعاً في المركز الثاني (2) في جزيء الترايغليسيريد.
الخميرة البنكرياسية الحالّة للدهن لا تستطيع تحليل جزيء الترايغليسيريد إذا احتوى هذا الجزيء على حمْض دهني مشبّع في المركز الثاني (2). فإذا أكل الإنسان لحوم الحيوانات التي تقتات بالأعشاب، فإن الخميرة البنكرياسية ستحلل جزيء الترايغليسيريد الموجود في هذه اللحوم ويمتصه بعد ذلك الجسم ويعاد تركيبه من جديد ويُخزّن في النهاية كدهون بشرية. أما إذا أكل الإنسان لحم الخنزير، فإن الخميرة البنكرياسية لن يكون بقدورها تحليل الترايغليسيريد الموجود في هذه اللحوم وبالتالي سيُخزّن هذا الترايغليسيريد في الجسم الإنساني كدهون خنزير وليس كدهون بشرية. هذه الدهون "الخنزيرية" ستمنع الهورمونات الحرة في الجسم البشري من الاتصال بأجهزة استقبالها في الأنسجة الدهنية وبالتالي تصبح هذه الهورمونات غير فعّالة. فمثلاً، إذا كان هذا الهورمون هو الإنسولين، فإن عدم اتصاله بجهاز استقباله سيؤدي إلى مرض السكري، أما إذا كان هذا الهورمون هو التستوسترون فإنه سيؤدي إلى قِلّة الخصوبة...
الخنزير شبيه جداً بالإنسان من الناحية البيولوجية، فأعضاؤه الحيوية شبيهة جداً بالأعضاء البشرية. ويُقال أن طعْم ومذاق لحم الخنزير شبيه جداً بطعْم ومذاق لحم الإنسان.
17- الوثنية القديمة وخطر المساومة
إن الانطباع العام السائد عند مسيحيي اليوم هو الاقتناع التّام بأن الاختلاف بين المسيحية الحديثة والوثنية القديمة هو كبير وشاسع للغاية مع عدم وجود لأي تشابه بين المسيحية والوثنية. ولكن هذا الانطباع هو بعيد كل البعد عن الحقيقة! إذ عندما ندرس المسيحية دراسة معمّقة، نجد وللأسف أن معظم الشعائر والطقوس المسيحية المعتمدة اليوم هي بالأساس ممارسات وثنية المصدر والمنشأ وقد أُقحمت في الديانة المسيحية كنتيجة مؤسفة للإرادة المفرطة من أجل المساومة مع المحيط الوثني المسيطر آنذاك لكسب دعمه وتأييده السياسي.
يقول الفيلسوف واللاهوتي الكاثوليكي القديس أوغستين(Saint Augustine 354-430) في هذا الشأن:
"إن الشيء نفسه الذي يُعرف اليوم بالديانة المسيحية كان موجوداً أصلاً بين القدماء. لقد بدأوا بتسمية المسيحية بالدين الحقيقي، وهو كان موجوداً في السابق. إن حبنا لما هو قديم واحترامنا لما كان يفعل آباءنا يجعلنا نتمسك بهذه الرموز والممارسات".
وفيما يلي سنرى كيف أن رسالة يسوع قد عُدِّلت وغُيِّرت بسبب الاتصال المباشر والاحتكاك الطويل والتبادل مع الحضارات والمعتقدات والثقافات المختلفة وبسبب سيطرة وحكم العديد من الأمبراطوريات والحضارات الوثنية المتتابعة والمتتالية كالبابلية والفارسية والرومانية. وسنرى كيف أن المسيحية الحديثة تحتوي على طقوس عديدة أُخذت من ديانات وثنية قديمة كالبوذية والرومانية والإغريقية والهندوسية والمصرية وغيرها...
وسنبدأ مع الشعار الديني المطلق للمسيحية الحديثة: الصليب.
1017- الصليب
تؤكد مجموعة المعارف التاريخية اليوم أن الصليب كان رمزاً دينياً لعدة حضارات وثنية قبل مجيء المسيح. ففي الحضارة الهندوسية التي يعود تاريخها إلى حوالي 1500 سنة ق.م.، كان الصليب شعاراً للعبادة لأنه كان يرمز للآلهة الهندوسية:
- الإله شيفا (المدمر)(Shiva, the destroyer) ،
- الإله أغني (إله النار) (Agni, god of fire)،
- الإله براهما (روح الكون العليا وجوهره) (Brahma, the creator of the universe)،
- الإله كريشنا (مخلِّص الكون) (Krishna, the Supreme god and universal saviour)،
- الإله فيشنو (حامي الكون) (Vishnu, the preserver and protector of the world)،
- الإله فاشتري (Tvashtri) ، والإله جاما (Jama).
وفي الحضارة البوذية التي يعود تاريخها إلى حوالي 500 سنة ق.م. كان الصليب معروفاً بين أتباع اللاّما في التيبت.
وفي الحضارة المصرية القديمة التي يعود تاريخها إلى حوالي 3000 سنة ق.م.، كان الصليب رمزاً دينياًَ لعدة آلهة وثنية:
- الإله هوروس (مخلِّص مصر، وإله السماء والنور والخير) حيث نجد النقوش تُصوِّره جالساً على ركبة والدته حاملاً الصليب بيده (Horus, god of the sky and of light and goodness).
- الإله أوزيريس (إله الأموات والجحيم) الذي تُصوِّره النقوش أيضا مُقدِّماً الصليب الى أحد الأموات من أجل إعادته في وقت لاحق إلى الحياة (Osiris, ruler of the realm of the dead).
ومن أبرز الصلبان التي كانت معتمدة لدى الوثنية المصرية القديمة، كان "صليب أنساتا" والذي تبنَّته المسيحية فيما بعد (Crux ansata).
وفي الحضارة الفارسية التي يعود تاريخها إلى حوالي 500 سنة ق.م.، نجد تصويراً لإله النور وحامي الحقيقة وعدوّ قوى الظلام الإله مثرا (Mithra) حاملاً تمثالاً لشخص مصلوب.
وكذلك وُجد العديد من الصلبان كرموز دينية تُزخرف وتُزيِّن قبر الملك ميداس(Midas) في فريجيا (تركيا حالياً) في آسيا الصغرى. ويعود تاريخ هذه الصلبان إلى القرن التاسع أو الثامن قبل الميلاد.
هذه بعض من الأمثلة التي تُبيّن كيف أن الوثنية القديمة كانت تتحذ من الصليب شِعاراً دينياً لها، وقد سارت المسيحية على نفس الخُطى واتخذت بدورها الصليب رمزاً دينياً لها.
ومن المعروف أن الرمز الأول للديانة المسيحية كان عبارة عن سمكة، فالصليب لم يُعتمد كشعار ديني إلا لاحقاً بعد رحيل المسيح. بالإضافة إلى أن الكنيسة لم تُجَسِّد يسوع مادياً على الصليب إلا منذ مطلع القرن السابع ميلادي. فقبْلها كان يُجَسَّد على شكل حَمَلْ.
2017- الثالوث الأقدس
102017- لمحة تاريخية
لم تعرف الديانة المسيحية عقيدة الثالوث الأقدس رسمياً، إلا في القرن الرابع ميلادي، أي بعد أكثر من 300 سنة على رحيل المسيح. ونجد بعض رجال اللاهوت يعترضون على هذه الحقيقة مُدَّعين أن المسيح قد أخبر فعلاً تلاميذه عن الثالوث الأقدس ولكن بطريقة سِرِّية، وفيما ما بعد أخبر التلاميذ الناس عن الطبيعة الثالوثية لله، وبعد مرور قرنين من الزمن أصبحت هذه الحقيقة معروفة عند العامة.
هذه النظرية اللاهوتية لم تُبْنَ فقط مع غياب الدليل من الكتاب المقدس، إنما تتناقض أيضاً مع كلام يسوع نفسه: " أجابه يسوع أنا كلَّمت العالم علانية. أنا علَّمت كل حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائما. وفي الخفاء لم أتكلم بشيء ". ]يوحنا 18 : 20].
ولنعرف ماذا جرى فعلاً في القرن الرابع ميلادي، سندَع البروفيسور دايفيد رايت المحاضر في التاريخ النصراني في جامعة أدنبره يجيبنا عن هذا السؤال:
(David F. Wright, “Eerdman’s Handbook to the History of Christianity”, chapter on “Councils and Creeds”).
كان اللاهوتي اليوناني أريوس (Arius 250-336)، وهو أحد الكهنة في احدى أبرشيات الاسكندرية الاثني عشر، من المبشّرين المقتدرين الذين يؤمنون بوحدانية الله، وأن الآب هو الإله الحقيقي بينما الابن يختلف جوهرياً عن الآب. فالمسيح هو مخلوق وليس إلهاً ولا يملك المزايا الإلهية للخلود والسلطة العليا والحكمة الكاملة والنقاوة المطلقة.
هذه المعتقدات لم تلقَ الاستحسان عند أسقفه اسكندر الذي كان معجباً ومؤمناً بأفكار اللاهوتي القرطاجي تَرْتُلْيان(Tertullian 160-230) الذي كان أول من أطلق كلمة "ثالوث" على نظريته القائلة بأن الابن والروح القدس يشاركان في أقنوم الله، ولكن الثلاثة هم أقنوم واحد من مادة واحدة. هذا التفاوت والاختلاف في الأفكار والمعتقد أدّى الى اندلاع نزاع وخلاف كبير بين أريوس واسكندر.
في تلك الأثناء اضطرت الإمبراطورية الرومانية الى الاعتراف رسمياً بالكنيسة المسيحية وذلك لسببان: فمن ناحية، لاحظ الإمبراطور الروماني قسطنطين كِثرة المُتحوِّلين الى الديانة الجديدة. فالمسيحية لم تَعُدْ مُجرّد طائفة صغيرة لا أهمية لوجودها، إنما أصبحت حالة شعبية منقسمة على ذاتها ومن الممكن أن تؤدي الى ثورات تزعزع الحكم الروماني. ومن ناحية أخرى، كان هناك النزاع المتواصل في أبرشية الإسكندرية. عندها قرر قسطنطين أن يتدخل لفضّ النزاع بين كاهن الكنيسة أريوس وأسقفه اسكندر.
فأرسل الإمبراطور رسائل الى الجانبين داعياً إياهما أن يَدَعَا جانباً هذه المشاجرة التافهة: فمن المؤكد أنه بالنسبة لشخص كقسطنطين مُحاطاً بآلهة لا تُعَدّ ولا تُحصى، ومُعتاداً على وجود النصف إله وعلى الرجل الإله والإله المُتَجَسِّد وقيامة الإله والإلاهة، كانت مسألة ماهية وطبيعة الله ثانوية وتافهة.
وبعد فشل العديد من المحاولات لتهدئة الوضع أدرك الإمبراطور أن توحيد الكنيسة أمر أساسي وجوهري لترسيخ وثبات حكمه، لذلك دعا في سنة 325م، إلى مؤتمر نيقية الشهير لحلّ كل هذه الخلافات.
وتمّ التصويت والموافقة في هذا المؤتمر على أُلوهية يسوع، مع إصدار قرار يُدان به كل مسيحي يؤمن بوحدانية الله. ومن بين 2030 لاهوتي حضروا المؤتمر، وافق 318 منهم فقط على العقيدة الجديدة بكامل إرادتهم، بينما وافق الباقون بالإكراه تحت تأثير الضغط السياسي.
وكان من ثمار هذا المؤتمر، أن يسوع قد رُفِّعَ إلى مرتبة الإله الحقيقي، وأُعطيت والدته لقب "والدة الله" (Theotokas). (هنا أتساءل لماذا لم يُعطى داود لقب "والد الله"؟ أليس يسوع هو ابن داود حسب الجسد؟)
وظلّ مفهوم الثالوث الأقدس غير راسخ تماماً في الأذهان، وبقي الصراع قائماً بين أريوس وأسقف الإسكندرية الجديد أتاناسيوس(St. Athanasius 293-373) حول نتائج مؤتمر نيقية. وأصبحت الأريوسية (Arianism) شِعار المُتَمَسِّكين بوحدانية الله، بينما أصبحت الأتاناسية (Athanasianism) شعار المُتمسِّكين بعقيدة الثالوث الأقدس.
وقد سَجَّل تاريخ سنة 336م مقتل أريوس مسموماً على يد الأسقف الثالوثي أتاناسيوس.
وبعد المؤتمر الذي عُقِد في خلقيدونية (إسطنبول حالياً) في عام 451م، حُرِّم القول بالطبيعة الواحدة، واعتُبر الكلام ضد مبدأ الثالوث تجديفاً على الله يُعاقب قائله بالموت، لذلك نقرأ في التاريخ أن المسيحيين انقلبوا وتقاتلوا مع بعضهم البعض حتى ترسّخت هذه الفكرة جيداً ولكن على جثث 12 مليون مسيحي ومع استبعاد كل الكتب الدينية التي تعارض مفهوم الثالوث الأقدس.
202017- مصدر الثالوث الأقدس
كانت عبادة إله الشمس الروماني "سول" (Sol) في القرن الثالث ميلادي وكما كانت دائماً منذ القدم حالة شعبية شائعة بين الأمم الوثنية الغير اليهودية. ووفقاً للعادات والتقاليد الوثنية الرومانية، أصبح الإمبراطور قسطنطين الذي رعى مؤتمر نيقية محبوباً ومشهوراً إلى درجة اعتباره التجسّد الحقيقي لإله الشمس. ومن أجل إرضاء الإمبراطور وجذب الأمم الوثنية، قرّرت الكنيسة الثالوثية المساومة على هذه النقاط التالية:
- تحديد يوم ميلاد المسيح في 25 كانون أول وهو التاريخ الذي يُصادف فيه يوم ميلاد إله الشمس الروماني.
- نقل السبت المقدس الى الأحد المقدس عند الرومان (Sun-Day = Dies solis) وهو اليوم المقدس لإله الشمس الروماني.
- إقحام معظم الطقوس والشعائر المُمارَسة في يوم ميلاد إله الشمس في احتفالات يوم ميلاد المسيح.
بعض التنازل هنا وقليل من المساومة هناك من أجل حلّ بعض المسائل العالقة في الديانة المسيحية! ولكن ماذا كان الثمن؟!
لم يكن الثالوث الأقدس مفهوماً جديداً، إنما كان رائجاً وشائعاً قبل العصر المسيحي:
في الحضارة الهندوسية نجد الثالوث الأقدس (Tri-Murti) الذي يتألف من الآلهة براهما (Brahma)، فيشنو (Vishnu)، شيفا (Shiva)، والثلاثة يؤلفون أقنوماً واحداً.
هذا الأمر، لم يُسبب المشاكل للهندوس لأنهم كانوا معتادين على تعدد الآلهة وعبادة إله بوجه قرد (Hanuman)، وإله بجسد إنسان ورأس فيل (Ganesha).
في الحضارة المصرية نجد الثالوث المؤلف من رعمسيس الثاني(Ramses II) ، رع (Amon-Ra)، نوث (Nut).
وأيضاً في الحضارة المصرية القديمة نجد الثالوث المؤلف من الآلهة هوروس (Horus)، إزيس(Isis) ، أوزيريس (Osiris).
في الحضارة البابلية نجد الثالوث المؤلف من الآلهة عشتار(Ishtar)، شين (Sin)، شماش (Shamash).
في الحضارة المَهايانيّة البوذية هناك الثالوث المؤلف من جسد الحقيقة (Truth Body)، الجسد المتحول (Transformation Body)، جسد المتعة (Enjoyment Body).
في الميثولوجيا الرومانية الإغريقية نجد الثالوث المؤلف من الإلاهة أوفروسين (Euphrosyne)، تالْيا (Thalia)، أغْلايا (Aglaia).
في الميثولوجيا الرومانية نجد الثالوث المؤلف من الآلهة جوبيتر (Jupiter)، جونو (Juno)، مينيرفا (Minerva).
في الفلسفة الكونفوشيوسية (Confucianism) نجد الثالوث المؤلف من الجَنَّة (Heaven)، الأرض (Earth)، الإنسانية (Humanity).
في الحضارة السومرية نجد الثالوث المؤلف من الآلهة آنا (Anna)، إنليل (Enlil)، إنكي (Enki).
في الميثولوجيا اليونانية نجد الثالوث المؤلف من زوس (Zeus)، بوسيدون (Poseidon)، بلوتو (Pluto).
لم تكن عقيدة الثالوث الأقدس منحصرة بهذه الحضارات فقط، إنما يُمكن إيجادها في عدة حضارات أخرى مثل الأشورية، الفينيقية، الإسكندينافيّة، الدَّرْويدية (قدماء الإنكليز)، سكّان سيبيريا، قدماء المكسيكيين، البيروفيين وغيرهم من الذين عبدوا ثالوث وثني حتى قبل مؤتمر نيقية.
وحتى عادات ترفيع إنسان بشري الى مرتبة الإله، كانت رائجة وشائعة بين الأمم الوثنية. فهذا يوليوس قيصر كان معروفاً عند أهل افسس (إزمير في تركيا حالياً) بالإله المُتَجَسِّد مُخلِّص البشرية، ونجد تمثالاً له في أحد معابد روما نُقِش عليه عبارة "الإله الذي لا يقهر". وكذلك خَلَفه أغسطس قيصر(Augustus Caesar 63 –14) الذي رُفِّع أيضاً إلى مقام الإله. وكذلك الإمبراطور قسطنطين الذي كان التجسد لإله الشمس...
وهل يُصَدَّق أو يُعقل أن الأمم الغير اليهودية وبعد سماعهم عن معجزات المسيح كإقامة الموتى وشفاء الأعمى أن لا يرفعوه هو أيضاً إلى مرتبة الإله؟!
ففي الكتاب المقدس نقرأ أن الأمم الغير اليهودية كانت مستعدة لترفيع تلاميذ المسيح لمقام الآلهة:
" وحدث في ايقونية أنهما دخلا معا إلى مجمع اليهود وتكلما حتى آمن جمهور كثير من اليهود واليونانيين. ولكن اليهود غير المؤمنين غرُّوا وأفسدوا نفوس الأمم على الاخوة. فأقاما زمانا طويلا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته ويعطي أن تُجرى آيات وعجائب على أيديهما. فانشقَّ جمهور المدينة فكان بعضهم مع اليهود وبعضهم مع الرسولين. فلمَّا حصل من الأمم واليهود مع رؤسائهم هجوم ليبغوا عليهما ويرجموهما. شعرا به فهربا الى مدينتي ليكأُونية لسترة ودربة والى الكورة المحيطة. وكان هناك يبشّران. وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مُقعد من بطن أمه ولم يمشِ قط. هذا كان يسمع بولس يتكلم. فشخص إليه وإذ رأى أن له إيمانا ليُشفى. قال بصوت عظيم قُم على رجليك منتصبا. فوثب وصار يمشي. فالجموع لمّا رأوا ما فعل بولس رفعوا صوتهم بلغة ليكأونية قائلين أن الآلهة تشبَّهوا بالناس ونزلوا إلينا. فكانوا يدعون برنابا زَفْس وبولس هَرْمَس إذ كان هو المتقدّم في الكلام. فأتى كاهن زفس الذي كان قدام المدينة بثيران وأكاليل عند الأبواب مع الجموع وكان يريد أن يذبح . ] أعمال 14 : 1-13[.
يحتفل العالم المسيحي بميلاد يسوع في 25 كانون الأول. ولكن معظم رجال اللاهوت يدركون أن ولادة يسوع لم تكن في ذلك التاريخ. ففي موسوعة غروليي (Encyclopedia Grolier) نقرأ:
"يحتفل المسيحيون عامة بعيد الميلاد يوم 25 كانون الأول... وبالرغم من هذا الاعتقاد، فإن الكنيسة لم تشهد أي احتفال لهذه المناسبة قبل القرن الرابع ميلادي. فمنذ سنة 274م، وتحت رعاية الإمبراطور الروماني أوريليانوس(Aurelian Lucius Domitius 215-275) ، بدأت روما تحتفل بعيد ميلاد إله الشمس سول(Sol) في 25 كانون الأول، وكانت الكنائس الشرقية تحتفل بعيد الميلاد في 6 كانون الثاني ولكن مع مرور الزمن أُعيد تحديد هذا اليوم وأصبح في 25 كانون الأول، وحُدِّد يوم 6 كانون الثاني عيداً للظهور أو عيد الغطاس (Epiphany)".
ويقول المؤرخ إدوارد غيبون:
"إن المسيحيين الجاهلين بتاريخ ميلاد المسيح، حَدَّدوا يوم 25 كانون الأول للاحتفال المقدس بهذه المناسبة. وهذا اليوم يتصادف مع الانقلاب الشمسي الشتوي ومع احتفال الوثنيين بعيد ميلاد إله الشمس الروماني سول (Sol) ".
(Edawrd Gibbon, Decline and Fall of the Roman Empire, Vol II, Gibbon, p.383).
ولكن من يحتفل أيضاً بعيد ميلاده في 25 كانون الأول؟!
- الإله بوذا (Buddha) وُلد في مثل هذا اليوم،
- الإله المخلِّص المصري هوروس (Horus) وُلد في مثل هذا اليوم،
- أوزيريس (Osiris)، إله الأموات والجحيم عند المصريين وُلد في مثل هذا اليوم،
- باخوس (Bacchus) ، إله الخمر والعربدة عند الرومان وُلد في مثل هذا اليوم،
- ديونيسوس (Dionysus) ، إله الخمر والعربدة عند الاغريق وُلد في مثل هذا اليوم،
- هرقل (Hercules) ابن الإله الأسمى الإغريقي زوس(Zeus) وُلد في مثل هذا اليوم،
- أدونيس (Adonis) الإله الإغريقي، المعروف بالإله الميت القائم من بين الأموات، وُلد في مثل هذا اليوم. ومن الغرابة أن احتفالات ولادته كانت تُقام في بيت لحم أي في نفس المكان الذي تدّعي فيه المسيحية ولادة يسوع.
- الحضارة الاسكندنافية تحتفل بولادة الإله فرير (Freyr) في مثل هذا اليوم،
- سول(Natalis Solis Invicti = Birthday of Sol the invincible) ، إله الشمس وُلد في مثل هذا اليوم،
- الإله الفارسي مثرا وُلد في مثل هذا اليوم...
والاحتفال بعيد الميلاد يحوي أيضاً على عادات وثنية كاستعمال نبات البَهْشِية (holly) أو البلوط الأخضر(ilex) ، ونبات الهَدال(mistletoe) ، وشراب الوسّال(wassail) وهو شراب إنكليزي مُسْكِر يُحتسى في عيد الميلاد. والنموذج والرمز الواضح للعادات الوثنية التي ترافق الاحتفال بعيد الميلاد هو شجرة الميلاد. فبسبب بقائها دائمة الخضرة خلال فصل الشتاء، كان الوثنيون يؤمنون بوجود قوى خارقة في هذه الشجرة تحميهم من القوى الطبيعية والأرواح الشريرة.
إن كلمة "الفصح" (Easter) هي لفظة مشتقة من الاحتفال الوثني الربيعي لإلاهة النور والربيع عند الشعب الأنجلوسكسوني "إياستر" والتي كان يُكرَّس لها شهر نيسان.
(pagan spring festival of the Anglo-Saxon goddess of light and spring “Eastre”).
وكان يرافق هذا الاحتفال الوثني عادات كثيرة كالبيض الملون الذي يرمز إلى عودة نور الشمس في الربيع وأرنب الفصح والذي يرمز إلى الخصوبة. هل تبدو هذه التقاليد مألوفة؟!
أتيس هو إله فريجيا وابن الإلاهة سيبيل والدة الآلهة التي تجسَّدت أرضياً بالصبية نانا التي حبلت بأتيس. أتيس صُلِب على شجرة صنوبر من أجل خلاص البشرية وقد جَدَّدَ دمه خصوبة الأرض، وبعد فترة قصيرة قام من بين الأموات . العشاء المقدس ومعمودية الدم هي من أهم ميزات كنيسته.
تموز هو إله الخصوبة في الحضارة البابلية، وقد صُلِب من أجل خلاص البشرية ثم قام من بين الأموات في الربيع. تموز يُعرف بإسم دوموزي (Dumuzi) في الحضارة السومرية وبإسم أدونيس (مُخلِّص سوريا) في الحضارتين الفينيقية والإغريقية. وحتى اليوم، لا نزال نجد بعض الأشخاص الذين يعبدون هذا الإله المصلوب خاصة في الولايات الجنوبية للهند مثل مادورا (Madura) وترافانكور (Travancore).
- ديونيسوس (Dionysus 800 BC)
ديونيسوس هو إله الخمر والعربدة عند الإغريق، وهو ابن كبير آلهة الاغريق وإله السماء زوس. وزوس يُعرف بالإله جوبيترفي الميثولوجيا الرومانية.
ديونيسوس مات على أيدي التيتان (أسرة الجبابرة التي حكمت العالم قبل آلهة الأولمب) الذين قطَّعُوه إرْباً إرْباً وأكلوه. عندها تدَخَّل الإله زوس وأنقذ بعضاً من أجزاء ديونيسوس وأعطاها لأبولو (Apollo) إله الشعر والموسيقى والجمال الإغريقي الذي دفنها في دلفي (مدينة يونانية قديمة). بعدها قام ديونيسوس من بين الأموات قائلاً للبشرية:
"أنا الذي أقودكم، أنا الذي أحميكم، أنا الذي أُخلِّصكم، أنا الألف والياء. البداية والنهاية."
ألا تذكرنا هذه الجملة بالآية الكتابية:
"أنا هو الألف والياء. البداية والنهاية". ]رؤيا 22 : 13[.
(يرى المسيحيون أن يسوع هو "الألف والياء" لذلك فهم يؤلِّهونه ويجعلونه الله! ولكن ديونيسوس قد سبق يسوع إلى هذه العبارة بحوالي 800 سنة، فلماذا لا يؤلِّهون ديونيسوس أيضاً ويجعلونه الله؟! هل رأينا مصدر هذه الآية الكتابية؟).
لقد ذُبح ديونيسوس من أجل خلاص البشرية، ولذلك سمي بـ "المذبوح" و"حامل الخطايا" و"المُخلِّص".
وخلال الاحتفالات، يتقيّد أتباعه بطقوس "السباراغموس" (Sparagmos) وهي عبارة عن تقطيع حيوان حيّ وأكل لحمه وشرب دمه، وذلك للتعبير عن تقاسم وأكل جسد الإله ديونيسوس وشرب دمه. هل تبدو هذه الطقوس مألوفة؟!
- بِل (Bel 1800 BC)
بِلْ هو الإله الأسمى في الحضارة البابلية، وكان يُسمّى إله الكون. ويُعرف بإسم بعل (Baal) في الحضارة الكنعانية. وقد قُتل بواسطة الوحوش، ولكنه عاد الى الحياة بعد فترة. موته وقيامته يُحتفل بهما سنوياً كجزء من الطقوس الكنعانية.
- كريشنا (Krishna 1500 BC)
في الحضارة الهندوسية، كريشنا هو التجسّد المادي للإله الأسمى فيشنو(Vishnu) . وكانت ولادته مُشاراً إليها بواسطة نجم في السماء. وقد وُلد في كهفٍ وقُدِّمت إليه الهدايا من قِبَل الملوك. أُخبر أباه بالتربية أن يهرب ويخبئ كريشنا خشية أن يقتله الملك كانسا(Kansa) . فالملك كانسا أمر بذبح كل مولود ذكر وُلد في تلك الليلة.
تزامن موت كريشنا مع حدوث كسوف للشمس ودائرة سوداء حول القمر. وقام بعد فترة قصيرة من بين الأموات. هل تبدو هذه القصة مألوفة؟!
- إيوه (Iao 622 BC)
صُلِب الإله إيوه على شجرة في النيبال من أجل خلاص البشرية.
- هيسوس (Hesus 834 BC)
في الحضارة السَّلْتَيّة (السَّلْتي: أحد أفراد عِرْق هندي أوروبي قَطَن فيما مضى أجزاء واسعة من أوروبا الغربية) نجد الإله هيسوس مصلوباً من أجل خلاص البشرية وإلى أحد جانبيْه صُلِب أيضا حَمَلْ وإلى الجانب الآخر صُلِب فيل.
الفيل، ونظرًا لضخامته، كان يرمز إلى الحجم الكبير للذنوب البشرية، بينما الحَمَلْ كان يرمز إلى براءة الضحية التي ستُقدَّم كذبيحة من أجل الخلاص.
في الكتاب المقدس نجد يسوع (حَمَلْ الله الوديع البريء [يوحنا 1 : 29]) الذي حَمَلَ على ظهره كل خطايا العالم وقُدِّم كذبيحة من أجل الخلاص. هل استعارت الكنيسة المسيحية حكاية "حَمَلْ الله البريء" من الخرافة والأسطورة السَّلْتية وأقحمتها في "كتاب الله"؟!
- كويزالكولت (Quezalcoalt 587 BC)
إن قصّة صلب هذا الإله المكسيكي واضحة وجليّة ولا تُمحى لأنها حُفرت على صفائح معدنية لا زالت محفوظة. وهي تصوّر الإله كويزالكولت مصلوباً على سفح الجبل من أجل خلاص البشرية، وإلى جانبيْه صُلب لِصَّان! هل قصّة صلب اللصّان إلى جانبيْ الإله تبدو مألوفة؟
- بروميتيوس (Prometheus 547 BC)
هذا الإله القوقازي تعذّب وصُلب من أجل خلاص الجنس البشري. القصة الكاملة لصلب الإله بروميتيوس ودفنه وقيامته كانت تُعرَض وتُمثَّل على خشبات المسرح الإيمائي (pantomime) في أثينا قبل 500 سنة من ولادة يسوع. المثير ذكره أن لحظة موت هذا الإله تزامنت مع تزلزل الأرض وظُلمة السماء وخروج الأموات وتدحرج الصخور! هل تبدو هذه الأحداث مألوفة؟!
- كريت (Crite 1200 BC)
هذا الإله الكلداني صُلب كقربان أو كفارة من أجل خلاص البشر. ويُعرف كريت عند الكلدانيين بالمفتدي أو المخلّص. لحظة موته اهتزّت الأرض وأظلمت السماء.
- غوتاما بوذا (Gautama Buddha 563-483 BC)
في سنة 1884، قام المؤرّخ الألماني رودولف سيديل (Rudolph Seydel) بنشر دراسة مفصّلة تُبيّن أوجه التشابه والتطابق بين الكثير من الطقوس والشعائر الدينية المسيحية والطقوس البوذية. وتشير هذه الدراسة إلى أن العديد من الممارسات المسيحية الحديثة هي نسخة مطابقة عن الممارسات التي نجدها في الديانة البوذية القديمة.
ويذهب تيموثي دوان في كتابه "أساطير الكتاب المقدس ومثيلاتها في الأديان الأخرى" إلى تكريس فصل بأكمله يجمع فيه حوالي 48 نقطة تشابه تامّة بين بوذا ويسوع.
ويقول دوان: "ليس هناك من سبب يدعو بوذا إلى انتحال أو ادّعاء منزلة أو مكانة أعلى من منزلة مُعلّم الدين. ولكن وُجِد من بين أتباعه من غال فيه وحمل تعاليمه ودفع عقيدته إلى آفاق أوسع وأبعد من العقيدة التي جاء بها بوذا في الأصل. فهذه الممارسات المبالغ فيها لم تكن تعاليم بوذا ولم تكن موجودة طيلة حياته. ولكن بعد ربع قرن من موته، رفعه قومه إلى مقام الإله الواحد المحبّ للبشر".
(Timothy William Doane 1779-1853, “Bible myths and their parallels in other religions”).
هل كان بوذا نبيّاً من الله إلى قومه؟ هل كان بوذا أحد آلاف الأنبياء الذين أرسلهم الله كل واحد منهم إلى قومه حاملين الرسالة السماوية بوجوب عبادة الله وحده؟ هل تدبّر قوم بوذا أمرهم لإفساد التعاليم السماوية بعد موته كما فعلت باقي أمم الأرض؟
وحده الله يعلم الجواب عن كل هذه التساؤلات!
ولكن، ألا نقرأ في القرآن الكريم [فاطر : 24] أن الله كان يختار الأنبياء من جميع أمم الأرض وليس فقط من الأمة اليهودية، ليرسل كل واحد منهم إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله وحده، ثم بعد رحيل النبي يبدأ قومه بإفساد تعاليمه والعودة إلى الممارسات الوثنية؟
" وإن من أمّةٍ إلا خلا فيها نذير ". [فاطر : 24].
هذه عيّنة بسيطة عن التشابهات العامّة بين المسيحية الحديثة والوثنية القديمة. وللمزيد ننصحكم بقراءة قصة حياة الآلهة التالية:
- Alcestos of Euripides 600 BC.
- Bali of Orissa 1200 BC.
- Mithra of Persia 600 BC.
- Ixion of Rome 400 BC.
- Apollonius of Tyana in Cappadocia 1900 BC.
- Devatat of Siam 1100 BC.
- Indra of Tibet 725 BC.
- Thulis of Egypt 1700 BC.
- Quirinius of Rome 506 BC.
عندما نقرأ الكتاب المقدس، نرى أن المسيحية بقيت لعشرات السنين ضمن المجتمع اليهودي، وكان أتباع الديانة النصرانية يتعبّدون في معابد اليهود:
" وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة ". [أعمال 2 : 46].
من يستطيع أن يُصدّق أن المسيحيين الأوائل كانوا يُصَلّون في معابد اليهود، وفي نفس الوقت كانوا يجاهرون بالثالوث الأقدس والبُنوّة الإلهية للمسيح وتجسّد الإله والقيامة والخطيئة الأصلية والكفارة ومخلّص البشر؟! هل كان اليهود لِيَدَعوا هذه الطائفة تُردّد هذه الأضاليل في معابدهم؟ هل بإمكان العقل السليم تقبّل هذه الفكرة؟!
لقد لعبت السياسة دوراً هامّاً في تحريف مبادئ المسيحية، وأدّت المساومات بين رجال الكهنوت وبين الاستعمار الروماني إلى انحراف رسالة المسيح إلى أضاليل غامضة ومُعقّدة، وإلى إقحام البِدَع الوثنية في الرسالة السماوية، مما اضطر الكنيسة بعدها أن تطالب رعاياها بالإيمان الأعمى!
الخلاص!
إنه لمن السهل اختلاق الأعذار، ولكن من الصعب جداً الإبقاء على عقل منفتح. فالعديد من الناس يميلون إلى اقتباس أجزاء من وصايا الكتاب المقدس، فمثلاً يقرؤون:
" وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك " ويتوقفون هنا! ولكن ماذا عن الباقي؟ ماذا عن: " ومن كل فكرك "؟!
لا أدري ماذا بالنسبة لهؤلاء الناس، ولكن طريق خلاصي أثمن بكثير من أن أسمح لأحدهم بأن يُملي عليَّ هذا الإيمان الأعمى بعقيدة أقحموها في كتاب الله، والتي نتج عنها هذه التناقضات التي لا تُحصى ولا تُعدّ.
إن الدين الحقيقي، يجب أن يكون قادراً على أن يقنعني أنه معصوم وغير مُحرّف بواسطة أيدي البشر وهكذا لا يحتاج إلى التنقيح والتصحيح، ولا يتطلب الإيمان الأعمى ولا اختلاق الأعذار والحجج المتكرّرة.
ولكن لماذا نلوم الله على هذا الإخفاق التّام؟ والله تعالى لم ينتظر ألفيْ عام ليخبرنا علماء اللاهوت بأنه ليس هو مؤلف هفوات وزلاّت اليهود والنصارى، فالله تعالى يقول:
" فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند لله ليشتروا به ثمنًا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم ممّا يكسبون ". [البقرة : 79].
كان من الممكن أن نبدأ هذا الموضوع كلّه بهذه الآية القرآنية وبذلك نكون قد عرضنا حكم الله في موضوع "هل الكتاب المقدس كلام الله"؟ ولكننا أردنا أن نعطي فرصة لإخواننا المسيحيين لينظروا للموضوع بصورة مجرّدة من التحيّز والذاتية ليروا الأدلّة والبراهين من نفس كتابهم.
Part II
" ءَامَنَ الرسول بما أُنزل إليه من ربّه والمؤمنون كل ءَامَنَ بالله وملائكته وكُتبه ورُسُلِه لا نُفرّق بين أحد من رُسُلِه وقالوا سمعنا وأطعنا غُفرانك ربّنا وإليك المصير ". [البقرة : 285].
" وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهَّرك واصطفاك على نساء العالمين. يا مريم اقْنُتِي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين. ذلك من أنباء الغيْب نوحيه إليك وما كنتَ لديهم إذ يُلقون أقلامهم أَيُّهُم يكفل مريم وما كنتَ لديهم إذ يختصمون. إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يُبَشِّرُك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المُقَرَّبين. ويُكلّم الناس في المهد وكهْلاً ومن الصالحين. قالت ربّي أَنَّى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قَضَى أمرًا فإنّما يقول له كُنْ فيكون. ويُعلّمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ". [آل عمران : 42-48].
" ...إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه فآمنوا بالله ورُسُله...". [النساء : 171].
إن المسيح هو بشر كبقية البشر في تكوينه الجسدي وفي طاقاته الإنسانية، وقد ميّزه الله عنهم برسالته التي كلّفه بها كما ميّز سائر الرسل بذلك، ولكن للمسيح ميزة أخرى يختلف بها عن سائر الناس والأنبياء، فهو لم يولد كما وُلد سائر الأنبياء والرسل والناس بالطريقة البشرية الطبيعية الخاضعة لنظام التناسل الطبيعي، بل كان –كما تقول الآية- كلمة ألقاها الله إلى مريم، وروحاً منه أفاضها عليها، كما أفاضها على آدم من قبل، ليكون مظهراً لقدرة الله في ولادة إنسان بلا أب، كما كان آدم مظهراً لقدرته في ولادة إنسان من غير أب ولا أم، كما أشارت الآية القرآنية: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ".
[آل عمران : 59]. وليست الكلمة أو الروح تعبيراً عن الجزء الإلهي أو الحقيقة الإلهية، بل المراد بهما مظهر قدرة الله وسرّ إبداعه في ما أفاضه على جسد آدم الهامد الجامد الخالي من الروح، كما أفاضها على مريم الخالية عن أسباب الولادة الطبيعية، ولهذا التقت الكلمات القرآنية في التعبير عنهما، فنقرأ في قصة آدم في حوار الله مع الملائكة: "إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ". [ص : 71-72]. ونقرأ في قصة مريم وابنها: " والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين ". [الأنبياء : 91]، [التحريم : 12]. وبهذا يكون تعبير "روح الله" كنايةً عن عظمة الخلق وعن مظهر القدرة الإلهية التي بها يخلق ما يخلق ويبدع ما يبدع.
" ومُصدِّقا لما بين يديَّ من التوراة ولأُحِلَّ لكم بعض الذي حُرِّمَ عليكم وجئتكم بآية من ربّكم فاتقوا الله وأطيعون. إن الله ربّي وربّكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ". [آل عمران : 50-51].
" ولقد آتينا موسى الكتاب وقَفَّينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيَّدْنَاه بروح القدس أَفَكُلَّما جاءكم (بني إسرائيل) رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ". [البقرة:87].
" فأشارت إليه قالوا كيف نُكلّم من كان في المهد صبيّا. قال إنِّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّا. وجعلني مباركًا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا. وبَرَّا بوالدتي ولم يجعلني جبّارًا شقيَّا. والسلام عليَّ يوم وُلدت ويوم أموت ويوم أُبعث حيّا. ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ".
[مريم : 29-34].
" ورسولاً إلى بني إسرائيل أنِّي قد جئتكم بآية من ربّكم أنِّي أخلق لكم من الطين كهيئة الطيْر فأنفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله وأُبرىء الأكمه (الذي وُلد أعمى) والأبرص وأُحي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدَّخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ". [آل عمران : 49].
" إذ قال الله يا عيسى إني متوَفِّيك (قابضك إلى غير موت) ورافعك إليَّ ومُطَهِّرُك من الذين كفروا وجاعل الذين اتّبعُوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إليَّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كُنتم فيه تختلفون ".
[آل عمران : 55].
" وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً (أعظم الكذب وأشنعه) عظيما. وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا. بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيما ". [النساء : 156-158].
الوفاة في اللغة العربية هي: "أخذ الشيء أخذاً تاماً" ولهذا فمن الخطأ لغوياً القول بأن الوفاة والموت مترادفان. فمثلاً نجد القرآن الكريم يطلق كلمة الوفاة على النوم: " وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار" [الأنعام : 60]. ثم جاءت كلمة الوفاة في القرآن الكريم بمعنى آخر: "حتى يتوفهن الموت ". [النساء : 15]، فهل أتت هذه الآية بمعنى: "حتى يموتهن الموت"؟! لقد جاءت بمعنى "حتى "يأخذهن الموت". لهذا فإن كلمة "متوفيك" في آية: " إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي..." [آل عمران : 55] قد جاءت بمعنى "الأخذ بعيداً عن الأنظار".
" ولمّا ضُرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدّون. وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قوم خصمون. إن هو إلاّ عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل. ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون. وإنه لَعِلْمٌ للساعة فلا تمترنّ بها واتبعونِ هذا صراط مستقيم ". [الزخرف : 57-61].
" وإن من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به قبْل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ". [النساء : 159].
لماذا سيعود المسيح قبل نهاية الأزمنة؟ الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى شرح طويل إلا أني سأختصر الجواب وعلى من يريد التوسع في هذا الموضوع أن يراجع موسوعة "اليوم الموعود".
كل الديانات السماوية تكلمت عن المُخلّص الذي سيأتي في آخر الزمان لإنقاذ العالم الذي استفحل وانتشر فيه الظلم والفساد. من الناحية الإسلامية، فإن المُخلّص هو الإمام المهدي المنتظر من ذرية النبيّ محمد ووظيفته الإلهية ستكون قمع الكفر والإنحراف ونشر الهداية في العالم وهو الذي سيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. في ذلك الزمان ستظهر الفتن ويكثر الهرج والمرج ويظهر الدجال وتخرج يأجوج ومأجوج. ووفقاً للأحاديث النبوية، فإن وظيفة المسيح الرئيسية هي مساعدة الإمام المهدي في قتل الدَّجَال والقضاء عليه. وبعدما يقضي على الدَّجَال تكون مهمته الثانية تأييد المؤمنين في العالم ومساعدة المهدي في القضاء على تيارات الكافرين والمنحرفين المتمثلة بيأجوج ومأجوج. أما المؤمنين فيواجههم ويحدثهم عن درجاتهم في الجنة، وأما الكافرين فيقاتلهم على الإسلام ويدق الصليب بمعنى أنه يقضي على المسيحية المعروفة المتخذة للصليب، ويقتل الخنزير بمعنى أنه يُحرِّم أكله ويُصلّي خلف المهدي ثم يمكث على الأرض فترة من الزمن ثم يموت.
وسواء كان الدجال شخصاً معيناً أو كان عبارة عن ظواهر إجتماعية كافرة وعن حضارة مادية فاسدة في قمتها وأوّج عزها وإغرائها، فإنه لا يمكن القضاء عليه بقتل شخص معين، وإنما يحتاج إلى عمل فكري عسكري عالمي للقضاء عليه وتحويل الوضع إلى الحكم العادل الصحيح. وهذا العمل موكول أساساً إلى الإمام المهدي بصفته القائد الأعلى ليوم العدل الموعود. وهذا لا ينافي أن شخصاً من أصحابه وتحت أمرته يشارك في هذه المهمة مشاركة رئيسية. من هنا وبالرغم من أن القيادة العالمية هي بيد الإمام المهدي، غير أن قيادة الحرب ستكون بيد المسيح، ومن هنا نُسب القضاء على يأجوج ومأجوج إليه كما نُسب قتل الدجال إليه أيضاً، مع أن هناك من الأخبار ما يدل على أن المهدي هو الذي يقتل الدجال وكِلا النسبتيْن صادقة باعتبار وحدة العمل والهدف. فهذه القيادة العالمية الرشيدة مُكوّنة من هذين التكامليْن العاليين.
إن حكمة عودة المسيح ومشاركته في الدولة العالمية العادلة تتلخص في إيمان اليهود والنصارى به. فاليهود والنصارى يمثلون ردحاً كبيراً من البشرية. وذلك حين يثبت لهم بالحجة الواضحة أنه هو المسيح نفسه، وأن الإنجيل والتوراة إنما هي هكذا وليست على شكلها الذي كان معهوداً، وإن ملكوت الله الذي بشَّر به هو في حياته الأولى على الأرض قد تحقق فعلاً متمثلاً بدولة العدل الإسلامية العالمية، فلن يبقى منهم شخص من ذلك الجيل المعاصر للظهور إلا ويؤمن به كما هو المستفاد من الآية "وإن من أهل الكتاب إلاّ ليؤمننّ به قبْل موته". ونتيجة لهذا الأمر، ستدخل الشعوب الغير المُسلمة في الإسلام وسوف يتيسر الفتح العالمي بالإيمان بالحق والإذعان له، فالجانب الفكري في الفتح العالمي سيكون أوسع بكثير من الجانب العسكري.
" قالوا اتّخذ الله ولدًا سُبحانه (تنزيهاً له عمّا قالوا) هو الغنيّ له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان (حجّة) بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون. قل إن الذين يفترون على الله الكذب (بنسبة الولد إليه) لا يُفلحون. مَتَاعٌ في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون". [يونس : 68-70].
" وقالوا اتّخذ الله ولدًا سُبحانه بل له ما في السماوات والأرض كلّ له قانتون (مُنقادون لمشيئته وتكوينه). بديع السماوات والأرض (منشئهما لا من شيء ولا على مثال سبق) وإذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون ". [البقرة 116-117].
" وقالوا اتّخذ الرحمان ولدًا سُبحانه بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون. ومن يَقُلْ منهم إنّي إله من دونه فذلك نجزيه جهنّم كذلك نجزي الظالمين ". [الأنبياء : 26-29].
" وقالوا اتّخذ الرحمان ولدا. لقد جئتم شيئا إدَّا (منكرًا). تكاد السماوات يتفطَّرن (يتشققن) منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال (تسقط عليهم) هدّا (كسرًا وهدمًا). أن دَعَوْا للرحمان ولدا. وما ينبغي للرحمان أن يتّخذ ولدا. إن كلُّ من في السماوات والأرض إلاّ آتي الرحمان عبدا ". [مريم : 88-93].
7- رفض عقيدة أُلوهية المسيح
" لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد ان يُهلِك المسيح ابن مريم وأُمَّه ومن في الأرض جميعًا ولله مُلْك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير ". [المائدة : 17].
8- رفض عقيدة الثالوث الأقدس
" لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمسَّنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم. أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم. [المائدة : 73-74].
" يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلاّ الحق إنّما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورُسُلِه ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرًا لكم إنّما الله إله واحد سُبحانه ان يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا. لن يستنكف (يتكبّر ويأنف) المسيح أن يكون عبدًا لله ولا الملائكة المُقَرَّبون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا". [النساء : 171-172].
9- رفض عقيدة الخطيئة الأصلية
" ومن يكسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليماً حكيما ". [النساء : 111].
" من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ (الإثم) وِزْرَ أخرى (فلا تتحمّل نفس إثم غيرها) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ". [الإسراء : 15].
10- المسيحيون والإسلام
" ...ولتَجِدَنَّ أقربهم مَوَدَّةً للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأن منهم قسّيسين ورُهبانًا وأنهم لا يستكبرون. وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ممّا عرفوا من الحق يقولون ربّنا آمَنّا فاكتبنا مع الشاهدين ". [المائدة : 82-83].
إذا كان هذا المسيحي يعرف الكتاب المقدس جيداً سيجيبنا بالنفي!
لقد رأينا كيف أن شاول الطرسوسي المعروف ببولس الرسول هو المؤسس الحقيقي للعقيدة التي عُرفت فيما بعد بالمسيحية. فكلمة "المسيحية" لم تُعرف إلا بعد رحيل يسوع بزمن طويل. ولقد رأينا كيف أن بولس هو الذي حَرَّف تعاليم السيّد المسيح إلى مجموعة عقائد مبهمة غامضة وإلى بدع وأضاليل وثنية.
ونعود مجدداً إلى السؤال الأول: "ما هي الديانة التي اتّبعها يسوع؟" إذا كان هذا المسيحي عالماً بكتابه سيجيبنا الآن: "اليهودية"!
للوهلة الأولى يبدو هذا الجواب صحيحاً. فلقد اتّبع يسوع تعاليم موسى بحذافيرها! كان يصوم عندما يصوم اليهود، وكان يُصلّي كما يُصلّون، وكان يُقدّس نهار السبت كما يفعل اليهود، لم يأكل طيلة حياته لحم الخنزير، وقد خُتن تماماً كما كان يُختن اليهود وأمر أتباعه بحفظ وصايا موسى حتى زوال السماوات والأرض [متى 5 : 17-18].
وهنا نجد من المنطقي أن نُوجّه هذا السؤال: "إذا كان يسوع يهودياً، فمن أين جاءت كلمة اليهودية"؟ سيجيبنا المسيحي المُتحمِّس: "من موسى"! عندها يحقّ لنا أن نسأل: "هل موسى هو من استعمل أو أطلق على ديانته اسم اليهودية في أي وقت مضى؟ هل هو نفسه من أطلق على أتباعه اسم اليهود؟!"
ومرة أخرى، إذا كان هذا المسيحي يعرف كتابه جيداً سيجيبنا بالنفي!
ونتابع فنسأله: "ما هو إذن مصدر كلمة اليهودية؟ من أين جاءت هذه اللفظة؟"
إذا كان صديقنا لا يعرف الجواب، عندها سنُفسّر له أن كلمة "اليهودية" تأتي من "يهوذا"!
يهوذا هو ابن يعقوب، ابن إسحق، ابن إبراهيم وهو مصدر كلمة "اليهودية" [متى 1 : 2].
إذا كانت كلمة "اليهودية" لم تُعرف ولم تُستعمل إلاّ بعد زمن يهوذا وهي لفظة قد أُطلقت على بني إسرائيل تَيَمُّناً بحفيد إسحق، فمن المنطقي أن نسأل عندها: "ما هي الديانة التي اتّبعها إبراهيم؟ ما هي الديانة التي اتّبعها يعقوب وإسحق وإسماعيل ولوط ونوح وصولاً إلى آدم؟ ما هو الدِّين الذي بشَّر به جميع أنبياء الله منذ آدم إلى محمد؟ ما هو الدِّين الذي اتّبعه وسيتّبعه البشر منذ آدم إلى قيام الساعة؟"
إذا كان هذا المسيحي لا يملك الجواب، فالقرآن الكريم لديه الجواب ولكن يحتاج الأمر إلى قليل من التفسير:
بعدما عرفنا مصدر كلمتيْ "اليهودية" و "المسيحية"، نجد أنه من العدل أن نفعل الشيء نفسه مع كلمة "الإسلام". الإسلام كلمة تعني "التسليم لمشيئة وأمر الله"، وكل إنسان أَسلم أمره لله وخضع إلى مشيئته فهو مُسلم:
" يا أهل الكتاب لم تُحاجّون في إبراهيم وما أُنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون. هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تُحاجّون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً (مائلاً عن الأديان الباطلة) مُسْلِماً وما كان من المُشركين ".
[آل عمران : 65-67].
" قولوا آمنَّا بالله وما أُنزل إلينا وما أُنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أُوتيَ موسى وعيسى وما أُوتيَ النبيّون من ربهم لا نُفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ". [البقرة : 136].
" وإذ أوحيت إلى الحواريين (تلاميذ يسوع) أن آمنوا بي وبرسولي (يسوع) قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون". [المائدة : 111].
12- صلاة المسلمين في الكتاب المقدس!
بما أن المسلمين يؤمنون بأن الإسلام هو دِين البشرية كافة منذ بزوغ فجرها حتى غروب شمسها وهو الدِّين الذي بشَّر به جميع أنبياء الله، ألا يجب أن ننتظر أن تكون صلاة المسلمين مشابهة لصلاة جميع الأنبياء والرُّسُل بما فيهم إبراهيم وموسى وسليمان ويسوع...؟ الجواب على هذا السؤال قد يشكل مفاجأة كبيرة للعديد من الناس:
- تبدأ الصلاة بالأذان، والأذان لغوياً هو الإعلام وهو إعلام المسلمين أن وقت الصلاة قد حان:
" وكلم الرب موسى قائلا. اصنع لك بوقيْن من فضة. مسحوليْن تعملهما فيكونان لك لمناداة الجماعة ولارتحال المحلات. فإذا ضربوا بهما يجتمع إليك كل الجماعة إلى باب خيمة الصلاة". [عدد 10 : 1-3].
في بعض الترجمات العربية، نجد أن عبارة "خيمة الصلاة" قد استُبدلت بعبارة "خيمة الاجتماع". إلاّ أن الكلمة الواردة في النصوص العبرية هي "مشكن" وهي تعني المُصَلَّى أو خيمة الصلاة.
خيمة الصلاة أو الخيمة المكرَّسة للعبادة هي خيمة اتخذ منها اليهود هيكلاً نقَّالاً، وهي تَأخذ شكلاً مستطيلاً يبلغ طولها حوالي 14 متراً ويبلغ عرضها وارتفاعها حوالي 5 أمتار، وهي تُقسم إلى غُرفتيْن: الغرفة الأولى تُدعى بـ "المَقْدِس" [عبرانيين 9 : 2]، بينما تُدعى الغرفة الثانية بـ "قدس الأقداس" [عبرانيين 9 : 3] و [خروج 28 : 29]. هذه الغرفة الثانية تنفصل عن الأولى بواسطة حجاب مزدوج ولا يدخلها إلاّ رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة وهي تحتوي على تابوت العهد ومذبح البخّور الذهبي.
هذه الخيمة أقامها موسى للصلاة وفقاً للمثال أو النموذج الذي أراه إياه الله خلال تلقّيه الوحي على جبل سيناء [خروج 25 : 9] و [عبرانيين 8 : 5].
- قبل الدخول إلى المسجد، يخلع المسلم حذاءه لأن أرض المسجد أو الأرض التي يُصَلَّى عليها هي أرض مقدسة:
" فلما رأى الرب أنه مال لينظر ناداه الله من وسط العُلَّيْقَة وقال موسى موسى. فقال هأنذا. فقال لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة ". [خروج 3 : 4-5] و [أعمال 7 : 33].
" فقال رئيس جُند الرب لِيَشُوع اخلع نَعْلَك من رجلك لأن المكان الذي أنت واقف عليه هو مقدس. ففعل يشوع ذلك ". [يشوع 5 : 15].
- قبل البدء بالصلاة، يقوم المسلم بالوضوء:
" ووضع المِرحضة بين خيمة الصلاة والمذبح. وجعل فيها ماء للاغتسال. ليغسل منها موسى وهارون وبنوه أيديهم وأرجلهم عند دخولهم إلى خيمة الصلاة وعند اقترابهم إلى المذبح يغسلون. كما أمر الرب موسى ". [خروج 40 : 30-32].
" وكلم الرب موسى قائلا. وتصنع مِرحضة من نحاس وقاعدتها من نحاس للاغتسال. وتجعلها بين خيمة الصلاة والمذبح وتجعل فيها ماء. فيغسل هارون وبنوه أيديهم وأرجلهم منها. عند دخولهم إلى خيمة الصلاة يغسلون بماء لئلا يموتوا. أو عند اقترابهم إلى المذبح للخدمة ليوقدوا وقودا للرب. يغسلون أيديهم وأرجلهم لئلا يموتوا. ويكون لهم فريضة أبدية له ولنسله في أجيالهم ". [خروج 30 : 17-21].
" حينئذ أخذ بولس الرجال في الغد وتطهَّر معهم ودخل الهيكل مخبراً بكمال أيام التطهير إلى أن يقرب عن كل واحد منهم القربان ". [أعمال الرسل 21 : 26].
" اغتسلوا تنقّوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عينيّ كفوا عن فعل الشر ". [إشعياء 1 : 16].
- يقف المسلم للصلاة متوَجِّهاً إلى القِبلة أي إلى الكعبة المشرَّفة:
" فلمّا علم دانيال بإمضاء الكتابة ذهب إلى بيته وكُوَاه مفتوحة في عُليّته نحو أورشليم فجثا على ركبتيه ثلاث مرات في اليوم وصلَّى وحمد قُدَّام إلهه كما كان يفعل قبل ذلك ". [دانيال 6 : 10].
- في الصلاة، يركع ويسجد المسلم في خضوع تام لله:
" هَلُمَّ نسجد ونركع ونجثوا أمام الرب خالقنا ". [المزامير 95 : 6].
" ثم تقدَّم (يسوع) قليلاً وخرَّ على وجهه وكان يُصلّي...". [متى 26 : 39].
" فأتى موسى وهارون من أمام الجماعة إلى باب خيمة الصلاة وسقطا على وجهيهما. فتراءى لهما مجد الرب ". [عدد 20 : 6].
" فسقط يشوع على وجهه إلى الأرض وسجد وقال له بماذا يكلم سيدي عبده ". [يشوع 5 : 14].
" فسقط أبرام على وجهه. وتكلم الله معه قائلا...". [التكوين 17 : 3].
" وجميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش والشيوخ والحيوانات الأربعة وخرُّوا أمام العرش على وجوههم وسجدوا لله ". [رؤيا 7 : 11].
" فمزَّق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء هو وشيوخ إسرائيل ووضعوا تراباً على رؤوسهم ". [يشوع 7 : 6].
- عند انتهاء الصلاة، يرفع المسلم يديه إلى السماء ويدعو الله:
" وكان لمّا انتهى سليمان من الصلاة إلى الرب بكل هذه الصلوات والتضرع أنه نهض من أمام مذبح الرب من الجُثُوِّ على ركبتيه ويداه مبسوطتان نحو السماء. ووقف وبارك كل جماعة إسرائيل بصوت عال قائلاً. مبارك الرب الذي أعطى راحة لشعبه إسرائيل حسب كل ما تكلم به ولم تسقط كلمة واحدة من كل كلامه الصالح الذي تكلم به عن يد موسى عبده. ليكن الرب إلهنا معنا كما كان مع آبائنا فلا يتركنا ولا يرفضنا ".
[الملوك الأول 8 : 54-57].
تقول الشاعرة الهندية ساروجيني نايدو:
"الإسلام كان الدين الأول الذي بشِّر بالديموقراطية؛ عندما يأتي النداء من مئذنة المسجد ويجتمع المُصَلُّون مع بعضهم البعض، فإن ديموقراطية الإسلام تتجسّد خمس مرات في اليوم حين يركع ويسجد الفلاح والملك جنباً إلى جنب مُنَادِين أن الله وحده هو العظيم. لقد فوجئت مرة بعد أخرى بوحدة الإسلام الغير قابلة للانقسام والتي تجعل من الإنسان الآخر أخ".
“Islam was the first religion that preached and practiced democracy; for, in the mosque when the call from the Minaret is sounded and the worshippers are gathered together, the democracy of Islam is embodied five times a day when the peasant and the king kneel side by side and proclaim, "God alone is great." I have been struck over and over again by this indivisible unity of Islam that makes a man distinctively a brother”. (Sarojini Naidu 1879-1949).
Part III
" الذين يتَّبعون الرسول النبيّ الأُميّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويُحلُّ لهم الطيِّبات ويُحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزَّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون ".
[الأعراف : 157].
في الكتاب المقدس، نجد العديد من النبوءات التي تختص بمجيء المسيح. ويخبرنا العديد من المسيحيين أن الكتاب المقدس لم يتنبّأ فقط بقدوم يسوع، إنّما تنبّأ أيضاً بأحداث هامّة أخرى حصلت بعد زمن المسيح كقيام دولة إسرائيل وولاية قداسة البابا...
نحن المسلمون لا نعترض على وجود النبوءات التي تتحدث عن مجيء يسوع في الكتاب المقدس ولا ننكرها، ولكن إذا ما سألنا المسيحيين عمّا إذا كان باستطاعتهم الوقوف علي أي أثر يختص بمحمد، فجوابهم الفوري والأكيد سيكون: كلا!
ولكن، إذا كان الكتاب المقدس قد تنبّأ بالكثير من الأحداث الهامّة كما يدّعي النصارى، أليس من المستغرب أنه لم يتنبّأ بشخص أقنع مئات الملايين من البشر وعلى مرّ العصور باعتناق دين وعقيدة جديدة؟ ولماذا لم يُسجّل الكتاب المقدس أي أثر لشخص أقنع الناس بولادة المسيح البتولية وبطهارة وعفّة والدته مريم وبرسالته ومعجزاته وأنه أحد أعظم أنبياء الله على الإطلاق؟!
لا يوجد في الكتاب المقدس أي نبوءة تذكر يسوع باسمه. لذلك عندما يدّعي المسيحيون أن هذه الآية أو تلك تنبّأت بقدوم المسيح، فإن كل ما فعلوه هو المقارنة بين الوصف الموجود في هذه الآية وبين يسوع؛ فإذا ما تتطابق وتناسب هذا الوصف ويسوع، عندها قالوا أن النبوءة تتحدث عنه.
وباستخدام نفس المعيار والأسلوب المسيحي، وعند قراءتنا للكتاب المقدس بلا تحيّز وبلا تعصّب أعمى، سنجد – كما سيأتي لاحقاً – أنه يحتوي فعلاً على أكثر من عشر آيات صريحة تتحدث بسهولة مطلقة عن مجيء محمد كخاتم الأنبياء وعن الأماكن والمراحل الأساسية في التاريخ الإسلامي وذلك من دون الحاجة إلى اللجوء إلى استخراج المعاني من هذه الآيات بطريقة مبهمة وما ورائية، كما أنه يحتوي على آية واحدة تَذكر النبيّ محمد بالاسم! ولكن بعض رجال اللاهوت قد أساؤوا فهم هذه النبوءات، سواء كان عن عمد أم بغير عمد، تماماً كما فعل اليهود بالنبوءات التي تختص بيسوع.
" الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقًا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ". [البقرة : 146].
في الكتاب المقدس، نقرأ عن امتحان اليهود ليسوع للتأكد من أنه فعلاً المسيح المنتظر. فاليهود كان لديهم نبوءة تتحدث عن مجيء النبيّ إيليّا قبل المسيح المنتظر [مرقس 9 : 12].
وعندما أتى يسوع لم يكونوا قد رؤوا إيليّا بعد، لذلك شكّوا في ادّعائه أنه المسيح المنتظر. ولكن يسوع ردّ عليهم قائلاً أن إيليّا قد جاء ولكنهم لم يعرفوه؛ فإيليّا لم يكن إلا يوحنا المعمدان [متى 17 : 12-13]، [متى 11 : 14]، [لوقا 1 : 17].
ولكن عندما عاد اليهود وسألوا يوحنا المعمدان ما إذا كان هو النبيّ إيليّا (كما أجابهم يسوع)، نفى وأنكر يوحنا المعمدان كونه النبيّ إيليّا وبذلك رفض كليّاً قول يسوع بأنه هو إيليّا!
وفقاً لهذه الكتابات، نرى أن اليهود كان لديهم كل الحقّ في رفضهم وإنكارهم على يسوع كونه المسيح المنتظر! (هذه المسألة لا تزال نقطة سوداء في صميم المعتقد المسيحي، ولا يزال رجال اللاهوت يحاولون منذ عدة قرون إيجاد حلّ لهذه المعضلة!).
والآن، نقرأ في إنجيل يوحنا:
" وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه (يوحنا المعمدان) من أنت. فاعترف ولم ينكر وأقرّ أني لست أنا المسيح. فسألوه إذًا ماذا. إيليّا أنت. فقال لست أنا. ألنبيّ أنت. فأجاب لا ". [يوحنا 1 : 19-21].
عند قراءة هذه الآيات، نلاحظ وجود ثلاث نبوءات مختلفة: المسيح، إيليّا، النبيّ.
لم يكن اليهود ينتظرون نبوءتان، إنّما ثلاثة. وهذه المسألة تتوضح لنا أكثر عندما نقرأ آية [يوحنا 1 : 25]:
" فسألوه وقالوا له فما بالك تعمّد إن كنت لست:
1- المسيح
2- ولا إيليّا
3- ولا النبيّ (إشارة إلى النبوءة الواردة في سفر تثنية الاشتراع 18 : 18-19) ".
من الواضح أن "النبيّ" لم يكن المسيح وإلاّ لكان السؤال الثالث فائضاً وزائداً. يجب أن لا ننسى أيضاً أن هذا النبيّ لا يمكن أن يكون أي نبيّ آخر قبل زمن يسوع لأن اليهود كانوا ينتظرون الثلاثة في زمن المسيح. فمن يا ترى يكون هذا النبيّ؟
في سنة 1947 تمّ اكتشاف مجموعة من المخطوطات الكتابية في منطقة خربة قمران (Qumran caves) الواقعة على الضفة الشمالية الغربية للبحر الميّت وقد عُرفت بمخطوطات البحر الميت (Dead Sea Scrolls). هذه المخطوطات قد عُرّفت فوراً على أنها أعمال طائفة يهودية تقيّة عاشت قبل ولادة يسوع بقرون عدّة.
يقول هيرشيل شانكس، رئيس تحرير مجلة الآثار الكتابية، في كتابه "فهْم مخطوطات البحر الميّت":
"وفقاً لتأريخها الكربوني، فإن مخطوطات البحر الميّت كُتبت قبل ميلاد المسيح بمئات السنين، على الأقل 300 سنة قبل رحلة مريم ويوسف إلى بيت لحم".
(Hershel Shanks, Editor of Biblical Archaeology Review, Understanding the Dead Sea Scrolls, pp. 7-8).
ويُعتبر البروفيسور روبرت إيزينمان، المُحاضر في مادة "مصادر الديانتيْن اليهودية-المسيحية" في جامعة كاليفورنيا، من اللاعبين الأساسيين في سلسلة الأحداث الدرامية التي أدّت أخيراً إلى تحرير مخطوطات البحر الميّت ونشرها بين العامّة بعدما أخفاها أحبار اليهود لحوالي أربعة عقود. يقول البروفيسور إيزينمان في كتابه "كشف الغطاء عن مخطوطات البحر الميّت":
"ما يهمّنا في مخطوطات البحر الميّت هو أنّها لم تتنبّأ بمجيء مسيح منتظر واحد فقط، إنّما اثنيْن. فاليهود كانوا ينتظرون مسيحيْن اثنيْن. المسيح الأول كان معروفاً عند الطائفة اليهودية بأعماله الكهنوتية أو الإكليريكية،أما الثاني فقد عُرف بأعماله الملكيّة أو العسكرية فمن الواضح، أن هذه النبوءة تختص بيسوع ومحمد. فيسوع كان معروفاً بأعماله الكهنوتية: لم يقدْ أي جيش، لم يؤسّس أي حكومة أو مملكة، لم يَدْعُ أتباعه للحرب، بل على العكس كان يدعو للسِّلْم والخضوع وترك حكم البلاد للآخرين: " فقال لهم أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ". [متى 22 : 21]. أما محمد، فقام بأعمال عسكرية وحروب عديدة ضد وثنيّي الأمم المجاورة كما أسّس الإمبراطورية الإسلامية التي امتدّت من الصين إلى إسبانيا".
(The Dead Sea Scrolls Uncovered, Robert Eisenman and Micheal Wise, p. 162).
ولهذا عندما نقرأ إنجيل برنابا، الفصل 42 والفصل 96، نجد أنه عندما سأل اليهود يسوع عمّا إذا كان هو المسيح المنتظر، أجابهم بالنفي. لقد ردّ عليهم يسوع قائلاً بأنّه ليس هو المسيح الذي ينتظرونه، فمسيحهم المنتظر لن يأتي إلاّ لاحقاً:
" أجاب الكاهن: إنه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا سيرسل لنا مسيّا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله وسيأتي للعالم برحمة الله. لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق هل أنت مسيّا الله الذي ننتظره؟
أجاب يسوع: حقا إن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خُلق قبلي وسيأتي بعدي.
أجاب الكاهن: إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبيّ وقدّوس الله. لذلك أرجوك باسم اليهودية كلها وإسرائيل أن تفيدنا حبّا في الله بأيّة كيفية سيأتي مسيّا.
أجاب يسوع: لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي أني لست مسيّا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلا: بنسلك أبارك كل قبائل الأرض. ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله. فيتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمنا. حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله. الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام. وسينتزع من الشيطان سلطته على البشر. وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به. وسيكون من يؤمن بكلامه مباركا ".
[برنابا 96 : 3-15].
لقد كان اليهود ينتظرون منذ قرون عديدة المسيح المنتظر الذي سيُحيي ويبسط مملكة داود على جميع أراضي كنعان ويعيد توحيد إسرائيل المُشتَّة منذ سنة 922 ق.م. بين السامرة واليهودية والذي سيقودهم لتحقيق طموحاتهم في القيادة والسلطة.
من كان هذا المسيح الثاني المنتظر من قبل اليهود؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن نقرأ نبوءة إشعياء:
" وحْيٌ من جهة بلاد العرب. في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الدَّدَانيِّين. هاتوا ماءً لملاقاة العطشان يا سكان أرض تَيْمَاء وافُوا الهارب بخبزه. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا. من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة ومن أمام شدّة الحرب. فإنه هكذا قال لي السيّد في مّدة سَنَةٍ كَسَنَةِ الأجير يفنى كل مجد قيدَار وبقيّة عدد قِسِيِّ أبطال بني قيدار تَقِّل لأن الرب إله إسرائيل قد تكلّم ". [إشعياء 21 : 13-17].
يلفُت انتباهنا في هذه النبوءة ثلاث نقاط:
§ وحي من جهة بلاد العرب
" وحي من جهة بلاد العرب. في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين ".
كان اليهود متيقّظين جداً لهذه الآية. فقد كانوا يعلمون أن النبيّ الأخير سيظهر من جهة البلاد العربية. هذا هو السبب الذي جعل قبائل بني إسرائيل مثل بنو النَّضِير وبنو قُرَيْظَة ويهود خَيْبَر وقبيلة لاوي تهاجر من الأراضي الخصبة في فلسطين إلى المناطق القاحلة في الصحراء العربية، خاصّة المدينة المنوّرة وخَيْبَر.
لقد كان اليهود في الجزيرة العربية يُهدّدون دائماً القبائل العربية وخاصّة قبائل المدينة المنوّرة (الأوس والخزرج) بالذبح والقتل عندما يأتي مسيحهم المنتظر. ولكن عندما جاء أخيراً النبيّ محمد، حال كبرياءهم بينهم وبين الحقيقة التي أدركوها جيداً: ففي الواقع، لقد كانوا ينتظرون نبيّاً يهوديّاً من ذريّة إسحق، وليس نبيّاً عربيّاً من ذرّية إسماعيل. لهذا السبب أعرضوا عنه ورفضوه ونكروه.
§ النبيّ الهارب إلى تيماء
"هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا ".
إن تيماء هي اسم منطقة في شبه الجزيرة العربية تقع في شمال المدينة المنوّرة.
" وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثْبِتُوك (يحبسوك) أو يقتلوك أو يُخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ". [الأنفال : 30].
هذه الآية القرآنية هي حديث عن الأجواء التي سبقت الهجرة النبويّة من مكّة إلى المدينة المنوّرة. فقد ضاق وثنيّو قُرَيْش ذرعاً بالنبيّ بعد أن استنفذوا كل أساليب الترهيب والإيذاء والتنكيل والشتم والاضطهاد التي حاولوا من خلالها الضغط عليه من أجل أن يترك دعوته. فاجتمعوا في مؤتمر تآمري ضمّ كبار القوم واتفقوا بعد مشاورات كثيرة على أن يقتلوه بمشاركة كل قبائل قُريش حتى يضيع دمه فيما بينهم. ولكن الله أطلع نبيّه على ذلك وأمَره بالهجرة إلى المدينة المنوّرة. وهكذا فقد هاجر النبيّ مع أتباعه ليلاً إلى المدينة، تاركين وراءهم جميع ممتلكاتهم. وعند وصولهم، رحّب بهم سكان المدينة، وعندها آخى الرسول بين المهاجرين (سكان مكّة) وبين الأنصار (سكان المدينة المنوّرة) في المبيت والطعام والشراب. وهذه أصبحت السنة الأولى في التقويم الإسلامي المعروف بالتقويم الهجري. ومن المدينة المنوّرة انطلق الإسلام انطلاقته الكبرى في خط الدعوة والجهاد في سبيل الله.
§ فناء مجد قيدار على يد هذا النبيّ
" في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار".
أولاً، إن قيدار هو اسم الابن الثاني لإسماعيل:
" وهذه أسماء بني إسماعيل بأسمائهم حسب مواليدهم. نبايوت بِكْر إسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام ومشماع… ". [التكوين 25 : 13].
وقيدار هو أيضاً اسم مرادف للعرب: " العرب وكل رؤساء قيدارهم... ". [حزقيال 27 :21].
هذا الجزء من النبوءة تحقّق عندما هزم المسلمون عرب مكّة، عاصمة القبائل الوثنية في ذلك الوقت، في معركة بدر بعد سنة واحدة فقط من الهجرة.
جرت معركة بدر سنة 624م وتواجه فيها المسلمون مع وثنيّي قُريش. كان جيش قُريش مؤلّفاً من 750 جنديًا من المشاة و200 فارس، وقادة هذا الجيش كانوا بمعظمهم زعماء وصناديد القبائل العربية الوثنية. وكان جيش المسلمين لا يتجاوز 313 شخصاً بالإضافة إلى جواديْن اثنيْن وسبعين جملاً. في هذه المعركة قُتل سبعون رجلاً من الوثنيين بينهم 24 من زعماء القبائل، وأُسر سبعون آخرون. بينما لم يخسر المسلمون سوى 14 رجلاً.
وقد تنبأ كتاب إشعياء بالنبيّ الراكب على الجمل: " زوج فرسان راكب حمار وراكب جمل". [إشعياء 21 : 7]، إلا أن هذه النبوءة قد حُرِّفت إلى "أزواج فرسان رُكّاب حمير ورُكّاب جِمال"
مع أن الأصل العبراني يقول هكذا: "ورأه ركب صمد ركب حمور وركب جمل". إن لفظة "رُكّاب" بالعبرانية هي "ركبيم"، أنظر مثلاً سفر [القضاة 5 : 10] في الأصل العبراني. ولفظة "جِمال" بالعبرانية هي "جليم"، أنظر مثلاً سفر [التكوين 12 : 16] و [التكوين 24 : 30-32] في الأصل العبراني. ولفظة "الحمير" بالعبرانية هي "حموريم"، أنظر مثلاً سفر [التكوين 24 : 35] و [العدد 31 : 28] في الأصل العبراني. ولفظة "حمار" في اللغة العبرانية هي "حمور"، أنظر مثلاً سفر [الخروج 22 : 9] في الأصل العبراني. ولفظة "جمل" في اللغة العبرانية هي "جمل"، أنظر مثلاً سفر [لاويين 11 : 4] و [تثنية 14 : 7] في الأصل العبراني.
هذا الكلام في كتاب إشعياء يشير إلى نبوءة فائقة ورياسة دينية، فراكب الحمار هو المسيح وراكب الجمل هو محمد إلا أن البعض أبَى أن يكون لمحمد مثل هذه النبوءة فحرّفوه إلى قولهم "رُكّاب جِمال"!
إني أتحدى أي حاخام أو أي كاهن أن يجيب عن الأسئلة التالية:
إذا لم يكن النبيّ محمد هو من حقّق نبوءة إشعياء، فمن يكون هذا النبيّ؟
في الكتاب المقدس، ثمة أربعة مقاطع يتنبّأ من خلالها يسوع بأحداث هامّة:
- " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم مُعزيّاً آخر ليمكث معكم إلى الأبد ". [يوحنا 14 : 16].
- " وأما المُعزّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكّركم بكل ما قلته لكم ". [يوحنا 14 : 26].
- " ومتى جاء المُعزّي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحقّ الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي". [يوحنا 15 : 26].
- " لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعزّي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكّت العالم على خطيّة وعلى برّ وعلى دينونة. أما على خطيّة فلأنهم لا يؤمنون بي. وأما على برّ فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضا. وأما على دينونة فلأنّ رئيس هذا العالم قد دِين. إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يُمجّدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم ". [يوحنا 16 : 7-14].
إن كلمة "المُعزّي" الموجودة في هذه المقاطع الأربعة، قد تُرجمت من الكلمة اليونانية "باراكليتوس" (Ho_paraklytos) المُعَرَّبة إلى لفظة "الفارقليط". إلاّ أن كلمة "باراكليتوس" في اللغة اليونانية تعني "المحامي أو المدافع عن قضايا الآخرين" ولا تعني "المُعزّي"؛ فلفظة "المُعزّي" في اللغة اليونانية هي "باراكالون" (parakaloon) أو "باريغوريتيس" (parygorytys) وليست "باراكليتوس". إلى من يعود هذا الخطأ في الترجمة؟ هل هو خطأ المترجمين؟ أم أن الخطأ يكمن أصلاً في كلمة "باراكليتوس"؟ هل هذا الخطأ بسيط أم هو في غاية الأهمية؟ سنرى الإجابة على هذه الأسئلة لاحقاً!
ونستنتج من هذه الآيات أن المُعزّي سيُمجّد يسوع، كما أنه سيقود البشرية إلى طريق الحق، وهذا المُعزّي سيكون الروح القدس وفقًا لآية [يوحنا 14 : 26].
نحن نعلم أن الأناجيل الموجودة اليوم، قد جُمعت من مخطوطات قديمة يعود تاريخها إلى القرن الرابع أو الخامس ميلادي. وأي رجل دين مسيحي يعترف أنه لا يوجد أي مخطوطتيْن اثنتيْن متطابقتيْن تماماً. فالأناجيل التي بحوزتنا اليوم هي نتيجة القطع واللصق من مخطوطات عديدة ومتنوعة مع عدم وجود أي مخطوطة تكون هي المرجع النهائي والحاسم.
ما فعله مترجمو الكتاب المقدس، هو أنهم عندما كانوا يواجهون التناقضات، كانوا يختارون اللفظة الأصحّ وليس الصحيحة لتتناسب مع معنى الآية.
فآية [يوحنا 14 : 26] هي الآية الوحيدة في الإنجيل التي تربط المُعزّي بالروح القدس. ولكن إذا رجعنا إلى المخطوطات القديمة، سنجد أنها ليست كلها متّفقة على أن المُعزّي هو الروح القدس. فمثلاً، في المخطوطات السريانية (Codex Syriacus) التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس ميلادي والتي اكتُشِفت سنة 1812 في دير القديسة كاترين في جبل سيناء من قِبَل "أنييس لويس" (Agnes S.Lewis)، نجد أن آية [يوحنا 14: 26] تُقرأ "وأما المُعزّي الروح" وليس "وأما المُعزّي الروح القدس".
ولكن روح أو روح القدس، ما الفرق؟ على الأرجح أن العبارتيْن تشيران إلى معنى واحد! صحيح؟! خطأ!
في الواقع، هناك فرق شاسع بين لفظة "روح" ولفظة "روح القدس". فكلمة "روح" في لغة الكتاب المقدس تعني "نبيّ":
" أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم. بهذا تعرفون روح الله. كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله. وكل روح لا يعترف بيسوع (المسيح أنه قد جاء في الجسد) فليس من الله ". [1 يوحنا 4 : 1].
" نحن من الله فمن يعرف الله يسمع لنا ومن ليس من الله لا يسمع لنا. من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال ". [1 يوحنا 4 : 6].
" أن لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أن يوم المسيح قد حضر ". [2 تسالونيكي 2 : 2].
ولكن كيف وصلت لفظة "القدس" إلى آية [يوحنا 14: 26]؟! هل سقطت سهواً من قبل ناسخ غير مبال؟ أم أن أحدهم أقحمها لينقل لنا مفهومه الشخصي للنصّ؟
حتى نحصل على الجواب، لا بدّ لنا من دراسة خصائص "المُعزّي" ومقارنتها مع الروح (النبيّ) ومع الروح القدس. فالمسلمون يؤمنون بأن محمد هو المقصود هنا، حتى أن إنجيل برنابا يذكر هنا النبيّ محمد بالاسم:
" فقال حينئذ يسوع: إن كلامكم لا يُعزّيني لأنه يأتي ظلام حيث ترجون النور. ولكن تعزيتي هي في مجيء الرسول الذي سيبيد كل رأي كاذب فيَّ وسيمتد دينه ويعمّ العالم بأسره لأنه هكذا وعد الله أبانا إبراهيم. وإن ما يُعزّيني هو أن لا نهاية لدينه لأن الله سيحفظه صحيحا.
أجاب الكاهن: أيأتي رسل آخرون بعد مجيء رسول الله؟
فأجاب يسوع: لا يأتي بعده أنبياء صادقون مرسلون من الله. ولكن يأتي عدد غفير من الأنبياء الكذبة وهو ما يحزنني. لأن الشيطان سيثيرهم بحكم الله العادل فيتسترون بدعوى إنجيلي.
أجاب هيرودس: كيف أن مجيء هؤلاء الكافرين يكون بحكم الله العادل؟
أجاب يسوع: من العدل أن من لا يؤمن بالحق لخلاصه يؤمن بالكذب للعنته. لذلك أقول لكم إن العالم كان يمتهن الأنبياء الصادقين دائما وأحبّ الكاذبين كما يشاهد في أيام ميشع وأرميا لأن الشبيه يحب شبيهه.
فقال حينئذ الكاهن: ماذا يسمى مسيّا وما هي العلامة التي تعلن مجيئه؟
أجاب يسوع: إن اسم مسيّا عجيب لأن الله نفسه سماه لما خلق نفسه ووضعها في بهاء سماوي. قال الله: اصبر يا محمد لأني لأجلك أريد أن أخلق الجنة والعالم وجما غفيرا من الخلائق التي أهبها لك حتى أن من يباركك يكون مباركا ومن يلعنك يكون ملعونا. ومتى أرسلتك إلى العالم أجعلك رسولي للخلاص وتكون كلمتك صادقة حتى أن السماء والأرض تهنان ولكن إيمانك لا يهن أبدا. إن اسمه المبارك محمد.
حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله أرسل لنا رسولك محمد. تعال سريعا لخلاص العالم ".
[برنابا 97 : 4-18].
لهذا السبب بذلت الكنيسة الثالوثية كل جهدها من أجل استبعاد وإخفاء إنجيل برنابا عن العامّة. وبالرغم من هذا، سنجد أن الأناجيل المعتمدة اليوم رسمياً من قبل الكنيسة لم تستطع إخفاء كل الحقيقة، فنبوءة يوحنا تتحدث أساساً عن محمد:
"إن كلمة فارقليط هي ميزة فلسفة يوحنا في العهد الجديد. ففي رسالة يوحنا الأولى، نجد أن يسوع هو أيضًا فارقليط يؤدّي وظيفة الوسيط السماوي مع الآب... المسيحية قد عرّفت الفارقليط بالروح القدس، لكن بعض رجال اللاهوت كالأب سبيتا (Spitta)، ديلافوس (Delafosse)، وينديش (Windisch)، ساس (Sasse)، بولتمان (Bultmann) وبيتز (Betz)، قد شكّوا وارتابوا في حقيقة الهوية الأصلية للفارقليط. فحسب رأيهم إن الفارقليط هو شخصية مُخَلِّصَة مُستقلّة لا علاقة لها بالروح القدس".
(موسوعة "الكتاب المقدس المُعتمَد"، دايفيد فريدمان، مجلد 29أ، صفحة 1135).
(The Anchor Bible Dictionary, Edited by David Noel Freedman, Doubleday & Company, Inc, Garden City, N.Y. 1970, Volume 29A, p. 1135).
§ هل الروح القدس "يتكلّم" أم "يُلهم"؟
إن الكلمة اليونانية المُترجَمة إلى "يسمع" في الآية الكتابية " بل كل ما يسمع يتكلم به "، هي "أكو" (akouo) والتي تعني "يُدرك الأصوات". من هذه الكلمة اشتقّ اسم علم الصوت (Acoustics). كذلك فإن الكلمة اليونانية التي تُرجمت إلى "يتكلم" هي "لاليو" (Laleo) والتي تعني "يُصدر الأصوات".
من الواضح أن هذه الأفعال تتطلّب وجود أعضاء حاستيّ السمع والنطق. فالفرق بين كائن "يُلهم"، وكائن آخر "يسمع" و "يتكلم" كبير جداً.
المُعزّي لن يُلهم، بل سيسمع ويتكلم ماديّاً: " بل كل ما يسمع يتكلم به ".
إذا كان المُعزّي هو الروح القدس، هنا أوّد أن أسأل المسيحيين:
منذ رحيل يسوع وحتى اليوم، ماذا الذي سمعه الروح القدس وبماذا تكلّم؟!
المقصود من هذه النبوءة هو النبيّ محمد الذي كان يسمع كلام الله يُملى عليه من قبل الملاك جبرائيل وكان يتكلم به ماديّاً أمام المسلمين.
" لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعزّي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم ". [يوحنا 16 : 7].
وفقاً لهذه الآية، فإن المُعزّي لن يأتي إلا بعد أن يرحل يسوع، وطالما أن يسوع موجود فالمُعزّي سيظلّ غائباً.
إن المُعزّي لا يمكن أن يكون هو الروح القدس، لأنه وبحسب الكتاب المقدس فإن الروح القدس كان معهم أصلاً، وحتى قبل أن يأتي يسوع:
" وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرفّ على وجه المياه". [التكوين 1 : 2].
" ولما جاءوا إلى هناك إلى جبعة إذا بزمرة من الأنبياء لقيته فحلّ عليه روح الله فتنبأ في وسطهم ". [صموئيل الأول 10 : 10].
" فحلّ روح الله على شاول عندما سمع هذا الكلام وحمي غضبه جدا ". [صموئيل الأول 11 : 6].
" ثم ذكر الأيام القديمة موسى وشعبه. أين الذي أصعدهم من البحر مع راعي غنمه. أين الذي جعل في وسطهم روح قدسه ". [إشعياء 63 : 11].
" لأنه (يوحنا المعمدان) يكون عظيما أمام الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب. ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس ". [لوقا 1 : 15].
" فأجاب الملاك وقال لها. الروح القدس يحلّ عليك... ". [لوقا 1 : 35].
" وامتلأت أليصابات من الروح القدس ". [لوقا 1 : 41].
" وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس ". [لوقا 1 : 67].
" وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان. وهذا الرجل كان بارّا تقيّا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه ". [لوقا 2 : 25].
" وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب ". [لوقا 2 : 26].
" ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا أنت ابني الحبيب بك سررت ". [لوقا 3 : 22].
" فقال لهم يسوع أيضا سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس ". [يوحنا 20 : 21-22].
وفقاً لهذه الآيات، هل كان الروح القدس معهم أم أنه لم يكن معهم؟! ألم يكن يسوع معهم حين تلقّوا الروح القدس؟ ألم يكن الروح القدس مع شاول، سمعان، مريم، أليصابات، زكريا ويوحنا قبل ولادة يسوع؟ ألم يكن الروح القدس مع موسى عندما رحل إلى البحر؟ ألم يكن الروح القدس موجوداً عند خلق الأرض؟
بحسب نبوءة يسوع، فإنه إذا لم يذهب لن يأتي المُعزّي.
إن الروح القدس لا يمكن أن يكون بأي شكل من الأشكال هو المُعزّي المقصود في آية [يوحنا16 : 7] لأنه كان موجوداً معهم في زمن يسوع وحتى قبل ولادة يسوع. فالتناقض واضح جداً إذا ما سلّمنا أن المُعزّي هو الروح القدس.
إذا عُدنا إلى النصّ اليوناني للإنجيل، سنجد أن لفظة "الفارقليط" تُعطى أيضاً ليسوع في رسالة يوحنا الأولى:
" وإن أخطأ أحد فلنا شفيع (Paraklytos) عند الآب يسوع المسيح البارّ ". [1 يوحنا 2 :1].
لاحظوا كيف أن المترجمين قد تدّبروا أمرهم ليُترجموا نفس الكلمة "باراكليتوس" إلى شفيع عندما يأتي الأمر إلى يسوع، وإلى مُعزّي عندما يأتي الأمر إلى غيره!!!
لماذا فعل المترجمون شيئاً كهذا؟السبب هو أن المُترجمين لم يريدوا من المسيحيين أن يقرأوا:
" وإن أخطأ أحد فلنا فارقليط عند الآب يسوع المسيح البارّ ". [1 يوحنا 2 :1]
ثم يقرأوا فيما بعد:
" وأنا أطلب من الآب فيعطيكم فارقليط آخر ليمكث معكم إلى الأبد ". [يوحنا 14 : 16].
ألا ترون أنه عند قراءة هاتين الآيتين وفقاً لهذه الترجمة الصحيحة، سيزيد التوتر عند النصارى؟! إذا كان المسيح إلهاً فهو في نفس الوقت فارقليط؛ كيف سنُفسّر إذن إرسال الله لفارقليط آخر؟ هل سيكون أيضاً إلهاً مع المسيح؟!
هل بدأنا ندرك الأساليب المُضلّلة المستخدمة في الترجمة؟!
" وأنا أطلب من الآب فيعطيكم مُعزّيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد ". [يوحنا 14 : 16].
لاحظوا هنا كلمة "آخر". فلو كان المُعزّي هو الروح القدس، فكم روح قدس سيصبح لدينا؟
إن لفظة "آخر" لها معاني ودلالات كبيرة:
فهل نعني هنا "آخر من نفس النوع" أو "آخر من نوع مختلف"؟
فلو كان من نفس النوع، لكان إذن المُعزّي يُشبه يسوع، أي أنه بشري وليس كائناً روحانياً.
وإذا رجعنا إلى النصّ اليوناني سنجد أن كلمة "آخر" هي “allon” المُشتقّة من “allos” والتي تعني "آخر من نفس النوع"! فالكلمة اليونانية التي تعني "آخر من نوع مختلف" هي “heteros”.
إذن، فالمُعزّي هو مثل يسوع، أي أنه بشري وليس كائناً روحانياً كالروح القدس!
§ المُعزّي سيرشدنا إلى الحق
" إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق...". ]يوحنا 16 : 13-14].
ماذا قصد يسوع بقوله: "ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن"؟
إذا قرأنا الكتاب المقدس سنجد أن يسوع كان يتحسّر ويُعاني من تلاميذه لعدم قدرتهم على فهم واستيعاب كل ما يقوله:
" فقال يسوع هل أنتم (التلاميذ) أيضا حتى الآن غير فاهمين ". [متى 15 : 16].
" فأجاب يسوع وقال أيها الجيل غير المؤمن والملتوي. إلى متى أكون معكم وأحتملكم ". [لوقا 9 : 41].
كان عند يسوع "جميع الحق" ولكنه لم يستطع أن يعطيه لتلاميذه لأنهم كانوا عاجزين عن فهمه. لهذا أخبرهم أنه "متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق"!
" يا أيها الناس قد جاءكم الرسول (محمد) بالحق من ربكم فآمِنوا خيراً لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيما ". [النساء : 170].
§ خطيّة، برّ ودينونة!
إن المُعزّي الآتي سيُبيّن أخطاء هذا العالم فيما يتعلّق بالخطايا والبرّ والدينونة:
" ومتى جاء ذلك يبكّت (يوبّخ) العالم على خطيّة وعلى برّ وعلى دينونة ". [يوحنا 16 : 8].
" الذين يتَّبعون الرسول النبي الأُميّ (محمد) الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويُحلُّ لهم الطيِّبات ويُحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزَّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون ". [الأعراف : 157].
" وما أنزلنا عليك (محمد) الكتاب (القرآن) إلاّ لتُبيّن لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يوقنون ". [النحل : 64].
" يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا (محمد) يُبيّن لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ". [المائدة : 19].
لقد كان روح الحق محمد هو من أنّب وبكّت المسيحيين على تقسيمهم وحدانية الله إلى ثالوث وثني، وعلى رفعهم يسوع إلى مرتبة الإله وابن الله، وعلى إختراعهم وتلفيقهم للعديد من الخرافات والبدع كالخطيئة الأصلية وقيامة يسوع. وروح الحق محمد هو من أدان اليهود لقذفهم وتشهيرهم بمريم العذراء المباركة لجهة عفّتها وطهارتها وولادتها البتولية ليسوع، وهو من أظهر حق إسماعيل في حق البكورية والمَوْلِد وأظهر براءة نوح وداود وسليمان ولوط وباقي الأنبياء والرسل من التعابير الشائنة المُزوَّرة التي ألحقها بهم اليهود في كتابهم. وروح الحق محمد هو من أعطى الشهادة الحقيقية ليسوع لجهة كونه أحد أعظم أنبياء الله ولكونه لم يُصلب ولم يُقتل كما يدّعي اليهود والمسيحيون بل رفعه الله إليه، وهو من اقتلع عبادة الأوثان ودعا إلى عبادة الله وحده.
§ المُعزّي سيُعلّم الناس كل شيء وسيُذكِّرهم بتعاليم ورسالة يسوع
" وأما المُعزّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكّركم بكل ما قلته لكم ". [يوحنا 14 : 26].
" بل جاء (محمد) بالحق وصدَّق المرسلين ". [الصافات : 37].
" ومن الذين قالوا إنّا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظّاً مما ذُكّروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف يُنبّئهم الله بما كانوا يصنعون. يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا (محمد) يُبيّن لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتّبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ".
[المائدة : 14-16].
" قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين. وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خيرٌ للذين اتّقوا أفلا تعقلون. حتى إذا اسْتَيْئَسَ الرسل وظنوا أنهم قد كُذّبوا جاءهم نصرنا فَنُجّيَ من نشاء ولا يُردّ بأسنا عن القوم المجرمين. لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ".
[يوسف : 108-111].
§ المُعزّي سيبقى إلى الأبد
" وأنا أطلب من الآب فيعطيكم مُعزيّاً آخر ليمكث معكم إلى الأبد ". [يوحنا 14 : 16].
عبارة "إلى الأبد" بلغة الكتاب المقدس تعني الأبدية أو وقت طويل (راجع ص 71 من هذا الكتاب).
" ولكن إن قال العبد أحب سيدي وامرأتي وأولادي لا أخرج حراً. يقدمه سيده إلى الله ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة ويثقب سيده أذنه بالمثقب. فيخدمه إلى الأبد ". [خروج 21 : 5-6].
هل خدم العبد سيده إلى الأبد؟
" ويسكنون في الأرض التي أعطيت عبدي يعقوب إياها التي سكنها آباؤكم ويسكنون فيها هم وبنوهم وبني بنيهم إلى الأبد وعبدي داود رئيس عليهم إلى الأبد ". [حزقيال 37 : 25].
هل بقيَ داود رئيساً عليهم إلى الأبد؟
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيّين وكان الله بكل شيء عليما".
[الأحزاب : 40].
" فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ". [الروم : 30].
§ المُعزّي سيخبرنا بأمور آتية
" ويخبركم بأمور آتية ". [يوحنا 16 : 13].
يرفض وينكر المسيحيون عامّة الصفة النُبوئية لمحمد مدّعين أنه لم يتنبّأ بأي نبوءة طيلة حياته. وتنظر المسيحية إلى محمد على أنه نَصَّبَ نفسه نبيّاً كباقي أنبياء العهد القديم وذلك من دون أن يُقدم البرهان على ذلك؛ فبزعم المسيحية، لم يُقدم محمد أي نبوءة تتحدث عن أحداث مستقبلية قد حصلت فعلاً تجعله يستحق لقب "النبيّ"!
إلاّ أن هذا الادعاء الساذج يُبيّن لنا مدى قِلّة استيعاب رجال الدين المسيحيين لحقيقة القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. فالقرآن الكريم يحتوي على الكثير من النبوءات التي تحققت، والأحاديث النبوية تحتوي على آلاف الأمور الآتية والأحداث المستقبلية الغيبية التي حصلت فعلاً (أنظر مثلاً كتاب بيان الأئمة).
وللاختصار، سنعرض لبعض النبوءات الواردة في القرآن الكريم لنرى ما إذا كان محمد قد حقق ما تكلم عنه يسوع في آية [يوحنا 16 : 13]:
- " غُلِبَت الروم. في أدنى الأرض وهم من بعد غَلَبِهِم سيغلبون. في بضع (القطعة من العدد ما بين الثلاثة إلى عشرة) سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون ". [الروم : 2-4].
عندما كان الإسلام في بداياته وعندما كان المسلمون يُضطهدون بقساوة ويُعذَّبون ويُقتلون بواسطة وثنيي قُريش، كان في الجوار قوتان عُظمتان: الفرس والروم (الإمبراطورية الشرقية البيزنطية). وكان وثنيّو الجزيرة العربية يوّدون رؤية انتصار الفرس على الروم لأن الفرس كانوا مثلهم من عبدة الأوثان، بينما كان المسلمون يوّدون رؤية انتصار الروم لأنهم كانوا من أهل الكتاب.
سنة 613م، كان الروم قد عانوا من هزيمة كبيرة أمام الفرس أدّت إلى خسارة الروم كافة أراضيهم الآسيوية واندحارهم إلى عاصمتهم القنسطنطينية. فأصبحت الإمبراطورية الرومانية بذلك على شفير الانهيار. عندها فرح وثنيّو العرب بهذا الانتصار وتمنّوا انهيار الدعوة الإسلامية الفتيّة تماماً كانهيار الإمبراطورية الرومانية.
بعد هزيمة الروم، نزلت هذه الآيات الإفتتاحية النبوئية لسورة الروم والتي تحدثت عن غيب المستقبل وعن عودة انتصار الروم على الفرس في بضع سنين؛ هذا الانتصار الذي لم يكن هناك أي مؤشر عليه من خلال طبيعة أحداث الحاضر في ظل قوة الإمبراطورية الفارسية وضعف الإمبراطورية الرومانية وانهيارها الوشيك.
في سنة 622م، أي بعد 9 سنوات من هزيمة الروم ونزول الآيات النبوئية، شنَّ الإمبراطور الروماني هرقل (Heraclius 575-641 AD) هجوماً معاكساً على الفرس وانتصر عليهم في معركة إيسوس في تركيا وطردهم من أراضي آسيا الصغرى ومصر وسوريا ودحرهم إلى داخل الأراضي الفارسية.
لقد اعتُبرت هذه الآية القرآنية التي تحدثت عن أحداث مستقبلية وجهاً من وجوه الإعجاز القرآني لأن النبي محمد لم يملك علم ذلك من نفسه أو في ما يمكن أن يكون قد تعلّمه لعدم وجود الوسائل التي تؤدي إلى ذلك، فلا بدّ أن يكون ذلك وحياً من الله.
- " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلنَّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلّقين رؤوسكم ومقصّرين لا تخافون فعلَم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً ". [الفتح : 27].
رأى رسول الله رؤيا في عام الحُدَيْبِيَة أنه يدخل مكّة هو والمسلمون آمنين محلّقين رؤوسهم ومقصّرين. وكان المشركون قد منعوهم منذ الهجرة من دخول مكّة حتى في الأشهر الحرم وصدّوا الرسول وأصحابه طوال السنوات الست التي تلت الهجرة عن ذلك، حتى كان العام السادس الذي أُرِيَ فيه رسول الله تلك الرؤيا، وحدّث بها أصحابه فاستبشروا بها وفرحوا.
في السنة الثامنة للهجرة (630م) نقضت قريش معاهدة الحديبية ونكثت العهد مما أوجب من المسلمين إعلان الحرب عليها. أمر النبيّ بتعبئة الجيش ولم يُخبر أحداً بما عزم عليه من الزحف إلى مكّة كي لا يشيع الأمر فتعلم به قريش فتستعد للحرب، والنبيّ لا يريد حرباً بمكّة ولا إراقة دماء، ولهذا دعا ربّه: "اللّهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها". سار النبيّ على رأس عشرة آلاف محارب في العاشر من شهر رمضان قاصداً مكّة، ودخلها دون أي مقاومة أو قتال في العشرين من ذلك الشهر وتحققت بذلك النبوءة الواردة في سورة الفتح. ثم جاء النبيّ البيت الحرام فطاف به سبعاً وحطّم الـ ثلائمائة وستون صنماً التي كانت حول الكعبة.
قبْل نحو عشرين قرناً من ولادة محمد، وقبل موته بوقت قصير، تحدّث النبيّ موسى إلى شعبه عن النبيّ الذي سيأتي لاحقاً على رأس عشرة آلاف قديس من "فاران" وبيَمينه شريعة جديدة لهم:
“ And he said, The Lord came from Sinai, and rose up from Seir unto them; he shined forth from mount Paran, and he came with ten thousands of saints: from his right hand {went} a fiery law for them. Yea, he loved the people; all his saints {are} in Thy hand: and they sat down at Thy feet; {every one} shall receive of Thy words ”. [Deuteronomy 33:2-3 (King James Vesion KJV)].
أي نبيّ من أنبياء الكتاب المقدس كان قد سار على رأس عشرة آلاف قديس في أي وقت مضى؛ فهذه النبوءة لا تنطبق على أي نبيّ من أنبياء بني إسرائيل. هذه النبوءة تحققت فقط في خاتم الأنبياء محمد الذي سار على رأس عشرة آلاف محارب من المدينة المنورة إلى مكّة من أجل القضاء على عبادة الأوثان والدعوة إلى عبادة الله وحده.
إني أتحدى أي حاخام أو أي كاهن أن يجيب عن الأسئلة التالية:
أين في الكتاب المقدس نرى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة العدد عشرة آلاف مرتبطاً بأي نبيّ من أنبياء الكتاب المقدس في أي زمان أو مكان؟
أين في الكتاب المقدس من الغلاف إلى الغلاف نرى أي نبيّ من أنبياء الكتاب المقدس يقود عشرة آلاف قديس؟
أين في الكتاب المقدس من الغلاف إلى الغلاف نرى أي نبيّ من أنبياء الكتاب المقدس يقوم بتنفيذ حكم الله ومعه عشرة آلاف رجل؟
إذا كانت هذه النبوءة لا تنطبق على النبيّ محمد، فعلى من تنطبق إذاً؟!
من هو النبيّ الذي سار على رأس عشرة آلاف قديس لينفذ حكم الله؟
" وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته. فقال. جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. فأحب الشعب. جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك ". [التثنية 33 : 2-3].
جاء الرب: يعترض بعض رجال اللاهوت على أن كلمة "الرب" هي إشارة إلى الله. في الكتاب المقدس كثيراً ما نجد أن الله يتكلم قائلاً "سأفعل كذا" أو "فعلت كذا" في حين أنه يختار البشر للقيام بهذه المهمة (انظر [التثنية، الإصحاح 33] و [صموئيل الثاني، الإصحاح 12]...).
سعير: هي إشارة إلى يسوع. سعير هي سلسلة الجبال التي تقع غربي وجنوبي البحر الميّت والتي تمتد إلى القدس وبيت لحم (Dictionary of the Bible, John McKenzie, S.J., p.783). النبيّ موسى لم تطأ قدماه أرض فلسطين طيلة حياته، لهذا لا يمكن ان تكون "سعير" إشارة إليه.
فاران: هي إشارة إلى محمد. فاران هي الاسم الكتابي لمنطقة في جنوبي الحجاز بمحاذاة البحر الأحمر حيث توجد اليوم مدينة مكّة (انظر [التكوين 21 : 21]، وراجع صفحة 215 من كتاب "التوراة جاءت من جزيرة العرب" للدكتور كمال صليبي الأستاذ السابق المحاضر في تاريخ الكتاب المقدس في الجامعة الأميركية في بيروت والمدير الحالي للمعهد الملكي للدراسات الإيمانية المتبادلة في عَمَّان-الأردن، وراجع أيضاً موسوعة “Jacut's Geographishes Worterbuch, F. Westenfielt, Leipzig, 1862, Vol. III, p. 834”).
وفاران هو المكان الذي وُلد فيه محمد، وجبل فاران هو سلسلة الجبال التي تقع شرقي مكّة والذي يطلق عليه العرب اسم "جبل ثروات" حيث يوجد "غار حراء" وهو المكان الذي تلقّى فيه محمد الوحي لأول مرة.
عن يمينه: "اليمين" في لغة الكتاب المقدس هي إشارة إلى القوة والحكمة (انظر [أيوب 40 : 14]، [إشعياء 48 : 13]؛ [جامعة 10 : 2]...).
نار شريعة لهم: عندما تنبّأ موسى بالنبيّ الذي سيأتي من فاران بشريعة جديدة لبني إسرائيل، كان بنو إسرائيل يعملون أصلاً بالشريعة الموسوية. لا يوجد أي نبيّ من أنبياء الكتاب المقدس كان قد جاء من فاران أو أنه أتى بشريعة جديدة غير السُّنَّة الموسوية. حتى أن يسوع أتى ليُصَدِّق ويُثَبِّت ناموس موسى [متى 5 : 17-19]. النبيّ الوحيد الذي جاء من فاران والذي أتى بشريعة جديدة والذي تحققت فيه نبوءة موسى هو محمد.
- " وإذ يَعِدُكُمُ الله إحدى الطائفتيْن أنها لكم وتوّدون أن غير ذات الشوكة (الحدّ والقوة) تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلمته ويقطع دابر الكافرين ". [الأنفال : 7].
في هذه الآية النبوئية، وعد إلهي بالحصول على إحدى الطائفتين. فقد بشّر رسول الله المسلمين أنهم سيلتقون بالطائفة التي تصاحب القافلة المحمّلة بالأموال، أو بالطائفة المقاتلة التي تحمل السلاح، وهي المقصودة بذات الشوكة أي ذات السلاح، وستكون لهم إحداهما، إما بالحصول على المال والاستيلاء على القافلة من أجل مواجهة قريش بالضغط الاقتصادي ومنعها من حرية التحرك في الطريق التجاري بين مكّة والشام كوسيلة من وسائل إضعافها، وإما بالانتصار على الفئة المقاتلة. إلاّ أن المسلمين لم يستطيعوا الحصول على القافلة التجارية، فوجدوا أنفسهم في مواجهة غير متكافئة في معركة بدر مع الفصائل المقاتلة من قريش. لم يكن هناك أي مؤشر ميداني يدلّ على انتصار المسلمين على قريش نظراً لقوة العدو من جهة العدد والعتاد وضعف المسلمين فيهما معاً. إلاّ أن الوعد الإلهي قد تحقق وانتصر المسلمون على قريش، فكانت معركة بدر التحدي الكبير الذي حدّد للمسيرة الإسلامية طريقها، كما كانت هذه المعركة بداية سقوط ونهاية مجد وثنيّ قريش.
§ المُعزّي سيُمجّد يسوع
" ذاك يُمجّدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم ". [يوحنا 16 : 14].
ينظر الناس عامّة إلى اليهود على أنهم العابدون الحقيقيون لله وأنهم أتباع الإيمان الصحيح والشرعي حتى أن كتابهم أُلحق بالكتاب المقدس على أنه كلام الله المعصوم بالرغم من أنهم لم يتّبعوا يسوع. وينظر هؤلاء الناس أيضاً إلى المسلمين على أنهم أتباع نبيّ ضالّ ودجّال.
ولكن، إذا ألقينا نظرة على التلمود (مجموعة الشرائع والتعاليم اليهودية) سنرى نظرة اليهود الحقيقية تجاه يسوع:
تدّعي المِشْنا (Mishnah) وهي مجموعة القوانين غير المكتوبة التي جُمعت حوالي عام 200م والتي تُشكّل الجزء الأول من التلمود أن يسوع (Yemach Shmo w'Zikro, “Y'SHW”) وُلد من زانية مشهورة تُدعى مريم والتي حبلت به إثر علاقة زنا مع جندي روماني يُدعى "بانديرا" أو "ستادا" (Pandera or Stada). بعدها رحل يسوع إلى مصر حيث دخل في خدمة مجموعة من السَّحَرَة وأصبح عضواً في هذه المجموعة ولكنه، ونظراً لرغبته الجنسية القوية، فقد رغب في مجامعة إحدى النساء ممّا أدّى إلى حرمانه من عضوية مجموعة السَّحَرَة وطرْدِه منها. اتّخذ يسوع حَجراً ونصَّبَه إلهاً وبدأ بعبادته وقاد كل بني إسرائيل إلى الارتداد عن العقيدة والدين. كان يسوع قد سَرق من أحد معابد اليهودية مخطوطة رقِّية عليها اسم الله واستعملها لإنجاز معجزاته. تطوّع يهوذا الاسخريوطي من أجل استرجاع هذه المخطوطة، فدارت بينه وبين يسوع معركة طاحنة انتهت بانتصار يهوذا واسترداده للمخطوطة وفرار يسوع. ولكن يهوذا خرج نَجِساً من هذه المعركة لأنه اضطر إلى لمس يسوع. قبل 40 يوماً من إدانة يسوع، أرسل أحبار اليهود سفيراً منادياً ما إذا كان باستطاعة أي شخص الشهادة لصالح يسوع، ولمّا لم يتقدم أحد، قبضوا عليه وقيّدوه إلى عامود ولكن التلاميذ هاجموا اليهود واستطاعوا ان يحرّروا يسوع من الأسر. عندها تنكّر يسوع ودخل إلى أورشليم على حمار، ولكن هذا التنكّر لم يَخْفَ على يهوذا الذي سلّمه إلى اليهود. حاول أحبار اليهود تعليق يسوع على شجرة، ولكن بفضل ممارسته لسحره الأسود رفضت كل الأشجار تلقّيه. أخيراً، صُلب على ساق "ملفوف" كبيرة. بعد موته، ادّعى التلاميذ أن يسوع قد قام ولكن الحقيقة أن "يهوذا البستاني" أخذ الجثة واستعملها كَسَدّ من أجل حجز المياه في بستانه.
وقد سجّل السَّنْهَدْرِين (Sanhedrin) وهو المجلس الأعلى عند اليهود القدماء هذه الملاحظات التالية:
- يسوع قد رُجم وصُلب (Sanh. 43a-45b).
- يسوع هو الآن في جهنّم حيث يُعاقَب بغَلْيِه في المَنِيّ الساخن (Gitten 57A).
- كان يسوع أعرجاً وأعوراً، وكان يتزيّن ويتجمّل من أجل استمالة الرجال وإقامة علاقات جنسية معهم (Sanh. 105a-b).
- حاول يسوع إغواء امرأة وكان يعبد الحجر ومارس السِّحر على بني إسرائيل (Sanh 107b).
هذه هي باختصار نظرة اليهود إلى يسوع. والآن ما هي نظرة الإسلام تجاه السيّد المسيح؟
" إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يُبشّرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المُقرّبين ". [آل عمران : 45].
المسلم ليس بمسلم إن لم يؤمن بالمسيح كأحد أعظم أنبياء الله. والمسلم ليس بمسلم إن لم يُحبّ ويحترم المسيح كحبّه واحترامه لمحمد. والمسلم ليس بمسلم إن لم يعترف بولادة المسيح البتولية، وطهارته وطهارة والدته وعفّته وصدقه، ورسالته، ومعجزاته وعودته قبل نهاية الأزمنة.
لقد ذُكر المسيح باسمه (عيسى ابن مريم) 25 مرة في القرآن الكريم، بينما لم يُذكر محمد باسمه سوى خمس مرات!
§ "باراكليتوس" أو "بيريكليتوس" (“paraklytos” or “periklytos”)؟!
" وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مُصدِّقاً لما بين يديَّ من التوراة ومُبَشِّراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلمّا جاءهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مبين". [الصف : 6].
لقد رأينا كيف أن كلمة "باراكليتوس" قد تُرجمت خطأً إلى "مُعزّي" بدلاً من "المحامي". فلفظة "المُعزّي" باللغة اليونانية هي "باراكالون". وقد تُرجمت كلمة "باراكالون" بطريقة صحيحة إلى "مُعزّي" في آيات [مراثي إرميا 1 : 21،17،16،9،2...]؛ لذلك فقد كان مترجمو الكتاب المقدس مدركون تماماً لهذه الحقيقة.
ولكن لماذا ارتكب هؤلاء المترجمون الخطأ عند ترجمة كلمة "باراكليتوس"؟!
السبب هو أن المترجمين لاحظوا أن آيات يوحنا "الفارقليطية" ستصبح بلا معنى إذا ما أضيفت لفظة "المحامي": فماذا يعني أن يرسل لنا يسوع "المحامي"؟!
لذلك فقد اضطروا إلى اختيار وانتقاء مُرادفاً مثالياً "للباراكليتوس"، فكانت لفظة "المُعزّي"!
إلاّ أنهم قد غفلوا على أن "المُعزّي" أيضاً لا يتناسب مع مضمون هذه الآيات: فالتعزية لُغوياً هي السلوان والمؤاساة مع عدم القدرة على تعويض الخسائر.
إذن، أين يكمن الخطأ؟ هل كانت الكلمة الواردة في إنجيل يوحنا "باراكليتوس" أم "بيريكليتوس"؟!
إن الفرق الإملائي البسيط بين "باراكليتوس" و "بيريكليتوس" هو الذي دفع بالعديد من رجال الدين المسيحيين إلى اعتناق الإسلام. ومن أبرز هؤلاء، أسقف جزيرة مايوركا (إحدى جزر البليار الإسبانية الأربعة) "أنسيلم تورميدا" (Anselm Turmeda 1352-1425) الذي أصبح اسمه فيما بعد "أبي محمد عبدالله الترجمان المايوركي"، والكاهن الكاثوليكي للطائفة الكلدانية البابوية في مدينة أورومية في إيران "داود بنيامين الكلداني" (David Benjamin Keldani, 1867-1940). والذي دُعيَ فيما بعد "عبد الأحد داود".
يقول عبد الأحد داود في كتابه "محمد في الكتاب المقدس" وكذلك أبي محمد المايوركي في كتابه "تحفة الأريب في الردّ على أهل الصليب" (The Gift to the Perplexed in Answer to the People of the Cross) أن مخطوطة "جبل سيناء" الكتابية (Codex Sinaiticus) والتي يعود تاريخها إلى القرن الرابع ميلادي، تؤكد أن الكلمة الواردة في إنجيل يوحنا كانت قبل القرن السابع ميلادي "بيريكليتوس"، وهي لفظة يونانية تعني "المحمود" أو "الأحمد"!
لمّا جاء محمد ونزلت آية [الصف : 6]، أدرك رجال اللاهوت بالتحديد هوية "البيريكليتوس"، إلاّ أنهم أعرضوا عن هذه الحقيقة لكون محمد من ذرّية إسماعيل وليس من ذرّية إسحق! وخوفاً من قيام المسلمين بإقامة الحجة على شخصية "البريكليتوس" من خلال الكتاب المقدس، وخوفاً من انجرار الرعايا وراء "البيريكليتوس" الحقيقي، اضطر رجال اللاهوت إلى طمس الحقيقة بإجراء تعديل وتغيير إملائي "طفيف" من أجل عدم لفت إتنباه وأنظار أتباعهم، فتحولت كلمة "بيريكليتوس" إلى كلمة "باراكليتوس"!
ومن المدهش أن اسم "أحمد" أو "بيريكليتوس" لم يُعطَ لأي شخص قبل زمن محمد؛ فقد حُفظ هذا الاسم بصورة إعجازية من أجل خاتم الأنبياء والرسل!
" لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعزّي. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذلك يبكّت العالم على خطيّة وعلى برّ وعلى دينونة. أما على خطيّة فلأنهم لا يؤمنون بي. وأما على برّ فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضا. وأما على دينونة فلأنّ رئيس هذا العالم قد دِين. إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يُمجّدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم ". [يوحنا 16 : 7-14].
هل بدأنا ندرك من هو "المُعزّي" المقصود في إنجيل يوحنا؟
3- موسى يتنبّأ بقدوم محمد
" أقيم لهم نبيّاً من وسط إخوتهم مثلك (مثل موسى) وأجعل كلامي في فمه فيُكلّمهم بكل ما أوصيه به. ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه ".[التثنية 18 : 18-19].
تدّعي المسيحية أن النبيّ المقصود في هذه الآيات هو يسوع، بينما للمسلمين رأي آخر، فإنهم يرون أن هذا النبيّ ما هو إلا محمد. من أجل تحديد الهوية الحقيقية لهذا النبيّ علينا أولاً أن ندرس النقاط الأربعة التالية:
- محمد وموسى كانا لديهما أب وأم؛ يسوع لم يكن لديه إلاّ أم.
- محمد وموسى تزوجا وأنجبا أولاداً؛ يسوع لم يتزوج ولم يكن لديه أي ذرّية.
- محمد وموسى جاءا بمجموعة قوانين وشرائع للبشرية؛ يسوع لم يأتِ بأي دستور جديد إنما جاء ليعيد اليهود إلى الشريعة الموسوية التي انحرفوا عنها.
- محمد وموسى هاجرا مع قومهما ؛ يسوع لم يهاجر أبداً مع أتباعه.
- محمد وموسى كانا قد قادا الحروب؛ يسوع لم يقدْ أي حرب طيلة حياته.
- محمد وموسى ماتا ميتة طبيعية؛ يسوع، وبادعاء المسيحية، مات ميتة شنيعة على الصليب.
- محمد وموسى دُفنا في الأرض؛ يسوع رُفع إلى السماء.
- محمد وموسى لم يقوما من بعد الموت؛ يسوع، وبادعاء المسيحية، قام من بين الأموات.
- محمد وموسى اعتبرهما قومهما أنبياء الله؛ يسوع، وبادعاء المسيحية اعتبره قومه "ابن الله الوحيد" أو "الإله المتجسّد"...
§ ليس نبيّاً يهودياً:
يجب الإشارة بأن هذا النبيّ لا يمكن أن يكون يهودياً وذلك باعتراف الكتاب المقدس نفسه:
" ولم يقم بعد نبيّ في إسرائيل مثل موسى ". [التثنية 34 : 10].
وهكذا لا يمكن أن يكون هذا النبيّ هو يسوع لأن يسوع كان هو أيضاً يهودياً وفقاً للكتاب المقدس:
" فقالت له المرأة السامرية كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية ". [يوحنا 4 : 9].
§ من إخوة اليهود:
وفقاً لنبوءة موسى، فإن النبيّ المنتظر لن يكون من بني إسرائيل، إنما من إخوتهم أي إخوة اليهود. فمن هم إخوة الأمّة اليهودية؟
نقرأ في سفر التكوين، الفصل 21، أن إبراهيم كان له ابنان: إسماعيل وإسحق. فإسماعيل أصبح والد العرب، بينما أصبح إسحق والد بما عُرف فيما بعد باليهود. لذلك فإن إخوة الأمّة اليهودية هم العرب.
فالنبيّ المنتظر يجب أن يكون من ذرَّية إسماعيل وليس من ذريَّة إسحق.
§ أجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به:
وإذا قرأنا سوَر القرآن، سنجد أن هناك أكثر من 400 آية تبدأ بكلمة "قُلْ" بمعنى "قُلْ يا محمد"؛ هذه هي كلمات الله التي وضعت في فم الرسول والتي كان يكلم بها المسلمين طيلة حياته.
إن الكتاب المقدس، وباعتراف رجال اللاهوت، هو كلام البشر ولكنه "مُلهَم"؛ بينما القرآن الكريم هو كلام الله وإلهامه. فمثالاً على هذه المسألة هو المعلم الذي كلَّف اثنين من تلاميذه لينقلوا أفكاره إلى الناس؛ فطلب من الأول نقل أفكاره التي علَّمه إياها، بينما أعطى الثاني ورقة كتب فيها جميع أفكاره وأمره أن يقرأها حرفيّاً على الناس دون حذف أو زيادة أي كلمة عليها. فالتلميذ الأول نقل أفكار أستاذه بطريقته الخاصة، بينما نقل التلميذ الثاني أفكار أستاذه وكلماته. هذه المسألة تتوضح لنا أكثر إذا قرأنا الكتاب المقدس:
" يسلم عليك الذين معي جميعا. سلّم على الذين يحبوننا في الإيمان ". [تيطس 3 : 15].
هذه الكلمات هي التحيات والسلامات الخاصة من بولس إلى أصدقائه، فبالتالي لا يمكن أن تكون كلام الله. وهذه الجمل تتكرر كثيراً في الكتاب المقدس ([2تيموثاوس 4 : 19]؛ [1تسالونيكي 5 : 26]...)، بينما يستحيل علينا أن نجد مثل هذه العبارات في القرآن الكريم.
من خلال هذه النقاط الأربعة، هل كان النبيّ الذي تنبّأ به موسى هو محمد أم يسوع؟
" ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه ". [تثنية 18 : 19
4- شرعية هاجر وإسماعيل
" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا. اثني عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة. ولكن عهدي أقيمه مع إسحق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية ".
[التكوين 17 : 20- 21].
يؤمن اليهود والمسيحيون أن ذرّية إبراهيم من خلال إسماعيل استُثنيت من عهد الله لأن هاجر والدة إسماعيل لم تكن زوجة شرعية لإبراهيم، وبالتالي فإن إسماعيل (والد العرب) لم يكن ابنه الشرعي. وهكذا أُقصيَ إسماعيل وذرّيته (النبيّ محمد) من عهد الله وارتأى الله أن يعطي هذا العهد حصرياً لابن إبراهيم الثاني إسحق.
وفيما يلي سندحض هذه الادعاءات ونثبت بطلانها وسنرى عن كثب تلاعب الأيدي في نصوص الكتاب المقدس.
§ قصة إسماعيل وفقاً للكتاب المقدس!
تزوج إبراهيم من سارة التي كانت عاقراً وبالتالي لم تلدْ له أبناء: " وأما ساراي امرأة أبرام فلم تلد له ". [التكوين 16 : 1].
وأعطى الله إبراهيم وعداً عظيماً قبل أن يولد له أي ولد: " فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظّم اسمك. وتكون بركة. وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض". [التكوين 12 : 2-3].
بعد فترة قليلة، أعطت سارة لإبراهيم جاريتها هاجر لتكون زوجة له وفقاً للعادة اليهودية الشرعية التي تبيح تعدد الزوجات: " فأخذت ساراي امرأة أبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامة أبرام في أرض كنعان وأعطتها لأبرام رجلها زوجة له ". [التكوين 16 : 3].
بعدها تحبل هاجر بإسماعيل، وعندها تشعر سارة أن هاجر بدأت تحتقرها، مما يدفع بسارة لمعاملة هاجر بطريقة قاسية: " ولما رأت أنها حبلت صغرت مولاتها في عينيها. فقالت ساراي لأبرام ظلمي عليك. أنا دفعت جاريتي إلى حضنك. فلما رأت أنها حبلت صغرت في عينيها. يقضي الرب بيني وبينك. فقال أبرام لساراي هوذا جاريتك في يدك. افعلي بها ما يحسن في عينيك. فأذلتها ساراي. فهربت من وجهها ". [التكوين 16 : 4-6].
بعد هرب هاجر، يظهر لها ملاك الرب طالباً منها العودة إلى سارة والخضوع لها وسوف يكافئها بابن تدعوه إسماعيل يُكثّر نسله كثيراً: " فوجدها ملاك الرب على عين الماء في البرية. على العين التي في طريق شور. وقال يا هاجر جارية ساراي من أين أتيت وإلى أين تذهبين. فقالت أنا هاربة من وجه مولاتي ساراي. فقال لها ملاك الرب ارجعي إلى مولاتك واخضعي تحت يديها. وقال لها ملاك الرب تكثيرا أُكثّر نسلك فلا يُعدّ من الكثرة. وقال لها ملاك الرب ها أنت حُبلى فتلدين ابنا. وتدعين اسمه إسماعيل لأن الرب قد سمع لمذلتك ". [التكوين 16 : 7-11].
وبعدها ترجع هاجر إلى مولاتها وتلد مولوداً ذكراً تدعوه إسماعيل كما أمرها ملاك الرب.
(الهَغّادة اليهودية وهي الجزء الأسطوري من التلمود، تعترف بأن إسماعيل هو بين ستة أشخاص فقط أُعطوا اسمهم من قبل الله قبل ولادتهم!)
عندما بلغ إبراهيم مائة سنة، باركه الله بإعطائه ابنه الثاني إسحق الذي وُلد من زوجته الأولى سارة:
" وكان إبراهيم ابن مئة سنة حين وُلد له إسحق ابنه ". [التكوين 21 : 5].
ويخبرنا الكتاب المقدس، أنه بسبب مزح إسماعيل مع إسحق، طلبت سارة من إبراهيم أن يطرد هاجر وابنها:
" ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح. فقالت لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها. لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحق ". [التكوين 21 : 9-10].
هذه الحادثة قد وقعت بعد فطام إسحق كما في [التكوين 21 : 8].
(ويبدو لنا في قبيلة إبراهيم، أن كل صبي يمزح مع أخيه يُطرد مع أمه إلى الصحراء!).
أطاع إبراهيم سارة وطرد هاجر وابنها بعد مباركة الرب لهذا الطرد:
" فقبح الكلام جدا في عيني إبراهيم لسبب ابنه. فقال الله لإبراهيم لا يقبح في عينيك من أجل الغلام ومن أجل جاريتك. في كل ما تقول لك سارة اسمع لقولها ". [التكوين 21 : 11-12].
وزوَّد إبراهيم هاجر بالمؤن والماء ووضع ابنها إسماعيل على كتفها وتركهم في منطقة بئر سبع في شمالي فلسطين:
" فبكر إبراهيم صباحا وأخذ خبزا وقربة ماء وأعطاهما لهاجر واضعا إياهما على كتفها والولد وصرفها. فمضت وتاهت في برية بئر سبع. ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار. ومضت وجلست مقابله بعيدا نحو رمية قوس. لأنها قالت لا أنظر موت الولد. فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت. فسمع الله صوت الغلام. ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر. لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به لأني سأجعله أمّة عظيمة. وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء. فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. وسكن في برية فاران ". [التكوين 21 : 14-21].
§ عهد الله
كان إبراهيم في 86 من عمره عندما وُلد إسماعيل: " كان أبرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل لأبرام ". [التكوين 16 : 16].
وعندما بلغ إبراهيم 99 سنة، كان لا يزال إسماعيل ابنه الوحيد. هنا وعد الله بإقامة عهده مع كل نسل إبراهيم دون استثناء:
" وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهدا أبديا. لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك. وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان مُلكا أبديا. وأكون إلههم". [التكوين 17 : 7-8].
" في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقا قائلا. لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات ". [التكوين 15 : 18].
لقد لاحظنا أن الله وعد بإعطاء عهده ليكون مع نسل إبراهيم. وإذا قرأنا التكوين 21، سنجد أن إسماعيل هو أيضاً من نسل إبراهيم:
" وابن الجارية أيضا سأجعله أمّة لأنه نسلك ". [التكوين 21 : 13].
- نسل، ولكن ليس ابن؟
يحاول البعض الادعاء أنه بالرغم من أن إسماعيل هو من نسل إبراهيم، لكن لفظة "نسل" تبقى أقل دلالة من لفظة "ابن"، وأن إسحق هو الابن الوحيد لإبراهيم.
وللرد على هذا الادعاء المزعوم سنكتفي بقراءة الكتاب المقدس:
" فأخذ إبراهيم إسماعيل ابنه ". [التكوين 17 : 23].
" وأسلم إبراهيم روحه ومات بشيبة صالحة شيخا وشبعان أياما وانضم إلى قومه. ودفنه إسحق وإسماعيل ابناه في مغارة المكفيلة ". [التكوين 25 : 8-9].
" في ذلك اليوم عينه خُتن إبراهيم وإسماعيل ابنه ". [التكوين 17 :26].
" فولدت هاجر لأبرام ابناً. ودعا أبرام اسم ابنه الذي ولدته هاجر إسماعيل ". [التكوين 16 :15].
- إسماعيل أقلّ بُنوَّة من إسحق؟
يذهب البعض إلى القول أن إسماعيل أقلّ بُنوَّة من إسحق لأن سارة كانت زوجة إبراهيم، بينما هاجر لم تكن زوجة له. وللرد على هذا الزعم نقرأ:
" فأخذت ساراي امرأة أبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامة أبرام في أرض كنعان وأعطتها لأبرام رجلها زوجة له ".[التكوين 16 : 3].
وفقاً لهذه الآية فإن هاجر هي زوجة إبراهيم الشرعية. ولو افترضنا أن هاجر لم تكن زوجة شرعية، هل كنا سنُصنِّف النبيّ إبراهيم ليكون من بين الزناة؟
- هاجر الخادمة!
بعدما تأكد لنا أن هاجر هي زوجة إبراهيم الشرعية، وبعدما تأكدنا من بُنوَّة إسماعيل، يأتي الاعتراض من جهة أخرى؛ فيدّعي البعض أن إسحق هو أحقّ بالبنوّة لأنه ابن امرأة حرّة، بينما إسماعيل هو ابن الجارية.
وينسى هؤلاء قانون التثنية الذي يقضي بأن يحصل الابن البكر على ضعف حصة الميراث والشرف بغضّ النظر على وضعية الأمّهات:
" إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة. فإن كان الابن البكر للمكروهة. فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل له أن يُقدم ابن المحبوبة بِكراً على ابن المكروهة البكر. بل يعرف ابن المكروهة بِكراً ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده لأنه هو أول قدرته له حق البكورية ". [التثنية 21 : 15-17].
ونسأل: من كان بِكر إبراهيم؟ إسماعيل أم إسحق؟ ومن يحق له نصيب اثنين من كل ما يوجد عند إبراهيم؟ إسماعيل أم إسحق؟
وتطالعنا قصة مشابهة في الكتاب المقدس في سفر راعوث الفصل 3-4، عن جارية أرملة تدعى راعوث تزوجت مالك أرض يدعى بوعز وولدت منه ابناً يدعى عوبيد الذي أصبح فيما بعد جدّ النبيّ داود وأحد أجداد يسوع [متّى 1 : 5]؛ [لوقا 3 : 32].
هذا بالإضافة إلى أن راعوث كانت موآبية [راعوث 2 : 2]؛ ووفقاً للكتاب المقدس، فإن النساء الموآبيات كانت تُستخدمن لإغراء وإغواء الرجال اليهود لعبادة إلههم الوثني بعل:
" وأقام إسرائيل في شطيم وابتدأ الشعب يزنون مع بنات موآب. فدعون الشعب إلى ذبائح آلهتهن فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهن. وتعلق إسرائيل ببعل فغور ". [العدد 25 : 1-3].
إذا كانت جارية موآبية نالت هكذا شرعية بين اليهود إلى حد أنها أصبحت من أجداد وأمهات يسوع، فلماذا يُقصى فرع بأكمله من نسل إبراهيم لمجرّد أن والدتهم كانت جارية؟!
ويجب الإشارة إلى أنه من المعروف أن 6 أسباط من بني إسرائيل الاثني عشر يرجع نسلهم إلى زوجة يعقوب الثانية راحيل، وإلى جواريه زِلفة وبِلهة. [التكوين 30 : 1-13].
لقد ابتُلينا برجال لاهوت لا يقرأون، وإذا قرؤوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يتدبرون!
§ الختان
يُخبر الله إبراهيم أن عهده سيُنال بالختان:
" هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك. يُختن منكم كل ذكر. فتُختنون في لحم غُرلتكم. فيكون علامة عهد بيني وبينكم... فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا. وأما الذكر الأغلف الذي لا يُختن في لحم غُرلته فتُقطع تلك النفس من شعبها. إنه قد نكث عهدي ". [التكوين 17 : 10-14].
وفوراً ختن إبراهيم نفسه وإسماعيل وهكذا أقام الله عهده مع إسماعيل:
" فأخذ إبراهيم إسماعيل ابنه وجميع ولدان بيته وجميع المبتاعين بفضته كل ذكر من أهل بيت إبراهيم وختن لحم غرلتهم في ذلك اليوم عينه كما كلمه الله ". [التكوين 17 :23].
ولهذا نرى أن جميع المسلمين لا يزالون يمارسون الختان حتى يومنا هذا، فهو علامة وختم العهد الإبراهيمي: " وأخذ علامة الختان ختماً لبرّ الإيمان " [رومية 4 : 11].
كما رأينا، هذه العهود كان المراد منها أن تكون بذات العمومية كعهد الله لنوح في التكوين 9، وعهد الله لداود في صموئيل الثاني الفصل السابع:
" وكلم الله نوحا وبنيه معه قائلا. وها أنا مقيم ميثاقي معكم ومع نسلكم من بعدكم. ومع كل ذوات الأنفس الحية التي معكم. الطيور والبهائم وكل وحوش الأرض التي معكم من جميع الخارجين من الفلك حتى كل حيوان الأرض. أقيم ميثاقي معكم فلا ينقرض كل ذي جسد أيضا بمياه الطوفان. ولا يكون أيضا طوفان ليخرب الأرض. وقال الله هذه علامة الميثاق الذي أنا واضعه بيني وبينكم وبين كل ذوات الأنفس الحية التي معكم إلى أجيال الدهر. وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض. فيكون متى أنشر سحابا على الأرض وتظهر القوس في السحاب. إني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد. فلا تكون أيضا المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد. فمتى كانت القوس في السحاب أبصرها لأذكر ميثاقا أبديا بين الله وبين كل نفس حية في كل جسد على الأرض. وقال الله لنوح هذه علامة الميثاق الذي أنا أقمته بيني وبين كل ذي جسد على الأرض ". [التكوين 9 : 8-17].
هذه عهود الله التي كان المراد منها أن تكون مع الذين يطيعون أوامره ويحفظون وصاياه ويعملون بها، لا أن تكون حصرية ومقتصرة على مجموعة من الأشخاص يدّعون أنهم مُقرّبون من الله حتى قبل ولادتهم وأنهم متفوّقون جينيّاً وأنهم الأبناء المختارون وأن النُبوّة والرسالات الإلهية لا يمكن أن تأتي إلا من خلال نسلهم.
§ إسماعيل الطفل أم الشاب؟؟؟
تحتوي رواية إسماعيل في الكتاب المقدس على عدة ثغرات وتحريفات واضحة:
كان إبراهيم في السادسة والثمانين عندما وُلد إسماعيل:
"كان أبرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل لأبرام".[التكوين 16 : 16].
وكان عمره مائة سنة عندما وُلد إسحق:
" وكان إبراهيم ابن مئة سنة حين ولد له إسحق ابنه ". [التكوين 21 : 5].
هذا يعني أن إسماعيل كان في الرابعة عشرة من عمره عندما وُلد إسحق.
وحادثة الطرد المزعومة حصلت بعد فطام إسحق [التكوين 21 : 8]. ويخبرنا رجال اللاهوت أن الأطفال يُفطمون بعد ثلاث سنوات.
وهكذا عندما طُرد إسماعيل وأمّه، كان إسماعيل في السابعة عشرة من عمره.
ولكن عند قراءتنا السابقة لآيات [التكوين 21 : 14-21]، نلاحظ أن التصوير لشخصية إسماعيل هو تصوير لطفل وليس لشاب في السابعة عشرة من عمره مكتمل النمو:
1- " فبكر إبراهيم صباحا وأخذ خبزا وقربة ماء وأعطاهما لهاجر واضعا إياهما على كتفها والولد وصرفها". [التكوين 21 : 14].
هل وضع إبراهيم شاباً في السابعة عشرة من عمره على كتف والدته؟! أليس من الأجدر ومن المنطقي أن يضع هاجر على كتف إسماعيل؟!
وفقاً لهذه الآية يجدر بإسماعيل أن يكون طفلاً صغيراً وليس شاباً مكتمل النمو!
2- " ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار ". [التكوين 21 : 15].
هل طرحت هاجر شاباً في السابعة عشرة من عمره تحت الشجرة؟! هل هذا التصوير هو لطفل أم لشاب مكتمل النمو؟!
3- " ومضت وجلست مقابله بعيدا نحو رمية قوس. لأنها قالت لا أنظر موت الولد ". [التكوين 21 : 16].
أليس من الأجدر على شاب في السابعة عشرة من عمره أن يقلق هو على أمّه بدلاً أن تقلق أمّه عليه؟! هل هذا التصوير هو لطفل صغير أم لشاب مكتمل النمو؟!
4- " ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر. لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به ". [التكوين 21 : 17-18]
من هو القادر على حمل الآخر؟! هاجر أم ابنها الشاب البالغ سبعة عشرة عاماً؟! هل هذا التصوير هو لطفل صغير أم لشاب مكتمل النمو؟!
5- في هذه الرواية، لا نرى إلا هاجر تفعل هذا وتفعل هكذا، هاجر تقلق، وهاجر تبكي، بينما نجد ابنها الشاب البالغ من العمر سبعة عشرة سنة مُستلقياً تحت الشجرة! هل ننتظر من شاب مكتمل النمو أن يجلس تحت الشجرة وينتظر من أمّه أن تأتي له بالماء؟ ما هذا الشاب "الغنّوج المدلل"؟! أليس من المنطقي أن يَدَعْ أمّه تجلس تحت الشجرة، ويذهب هو بنفسه للبحث عن الماء؟! هل هذا التصوير هو لطفل أم لشاب مكتمل النمو؟!
6- حتى أن ملاك الرب لم يوجّه كلامه إلا لهاجر لأنها كانت الوحيدة التي تفهم ما يقوله الملاك. هل هذا التصوير هو لطفل أم لشاب مكتمل النمو؟!
7- في هذه الرواية، يُنسب دائماً إلى إسماعيل لفظة "غلام"! هل كان الناس يدعون شاباً في السابعة عشرة من عمره "غلام"؟! هل هذا التصوير هو لطفل أم لشاب مكتمل النمو؟!
8- " وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس ". [التكوين 21 : 20]
هل هذا التصوير لشاب مكتمل النمو أم لطفل ينمو ويكبر ويتعلّم؟!
البعض قد يعترض قائلاً أن النُسّاخ ربما قد أخطؤوا في عمر إبراهيم! الجواب، كما رأينا في الجزء الأول أن الأرقام كانت تُكتب بالحروف في ذلك الزمن وليس كأعداد. ثم، ألم يدّعي رجال اللاهوت أن كل كلمة وحرف ونقطة وفاصلة في الكتاب المقدس هي كلام الله المحفوظ!
هذا التحليل يُظهر بوضوح الدلائل على تلاعب البشر في النصّ الكتابي. إن الادعاء بأن مزح إسماعيل مع إسحق كان السبب لذهاب هاجر هو ادعاء مُلفّق ومُختلق بما أن هذه القصة حدثت قبل ولادة إسحق لأن إسماعيل كان ما زال طفلاً!
نحن كمسلمون، لدينا رواية مماثلة لهذه الأحداث. فالمسلمون يحبون ويحترمون إبراهيم وسارة وهاجر وإسماعيل كحبهم واحترامهم لمحمد. ونؤمن أن إبراهيم تلقّى وحياً من الله ليأخذ هاجر وطفلها إسماعيل إلى منطقة فاران (حيث توجد اليوم مكّة المكرمة) في الجزيرة العربية ويتركهم هناك. وعند مغادرته، سألته هاجر ثلاث مرات: "لماذا تتركنا هنا؟ هل الله هو من أمرك بهذا "؟ فردّ إبراهيم بالإيجاب. فأجابت هاجر: "إن الله لن يتخلّى عنا"!
وعندما نفد الماء من هاجر، خافت على طفلها الموت من العطش وراحت تبحث عن الماء ذهاباً وإياباً بين تَلَّتَيْ "الصفا" و "المَرْوَة". وعندها أرسل الله الملاك الذي جعل الماء تتدفق من الأرض. وهذا الماء أصبح يُعرف بماء "زمزم" والذي يشرب منه حجّاج مكّة المكرمة. وبعد ظهور الماء، بدأ البدو بالإقامة في هذا المكان الذي أصبح فيما بعد يُعرف بمكّة. وبعد قرون عديدة، ولد في هذا المكان النبي محمد من نسل إسماعيل.
إن الفرق بين الروايتين في الكتاب المقدس والقرآن الكريم هو:
1- في القرآن الكريم، كان إسماعيل لا يزال طفلاً عندما حصلت هذه الحادثة. بينما في الكتاب المقدس كان إسماعيل شاباً في السابعة عشرة من عمره.
2- إن رحيل هاجر وطفلها كان سببه الوحي الذي تلقّاه إبراهيم من الله وليس مزاح إسماعيل مع إسحق كما ورد في الكتاب المقدس.
3- إبراهيم ترك هاجر وطفلها في فاران، بينما يخبرنا الكتاب المقدس أنه تركهم في بئر سبع. ونسأل لماذا استُبدلت هنا منطقة فاران بمنطقة بئر سبع؟ الجواب يتجلّى بوضوح إذا قرأنا نبوءة حبقوق في الكتاب المقدس:
" الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السموات والأرض امتلأت من تسبيحه ". [حبقوق 3 : 3].
من هو النبيّ الوحيد الذي جاء من فاران (مكّة)؟ أليس هو النبيّ الذي تنبّأ به إشعياء: " إنه بشفة لكناء وبلسان آخر يكلم هذا الشعب ". [إشعياء 28 : 11].
"بلسان آخر" أي لغة أخرى مختلفة عن اللغة الآرامية أو العبرية التي تكلم بها أنبياء بني إسرائيل مع قومهم. هذه اللغة كانت اللغة العربية، لغة منطقة فاران.
كم كان سهلاً للمتلاعبين بنصّ الكتاب المقدس أن يقوموا بتحويل مسار رحلة هاجر وإسماعيل من فاران إلى منطقة بئر سبع!
وإذا أمعنا النظر أكثر في كلتا الروايتين سنرى اختلافاً جوهرياً وأساسياً يبرز إلى الضوء:
يخبرنا القرآن الكريم، أن إبراهيم أصبح مُتعلقاً ببكره إسماعيل نظراً لأنه حُرم نعمة الإنجاب لمدة طويلة ولأنه كان يعتقد أنه لن يُرزق إلاّ بإسماعيل. وأراد الله أن يمتحن إبراهيم؛ فأوحى له بضرورة التضحية بطفله إسماعيل. فأخذ إبراهيم إسماعيل ووضعه على الأرض، وقُبيْل أن يذبحه، أرسل الله ملاكاً ليمنع إبراهيم من ذبح طفله وأعطاه كبشاً كأُضحية بدلاً من إسماعيل.
وكافأه الله على تقواه وشدة إيمانه بتبشيره بابن ثان هو إسحق:
" رب هب لي من الصالحين. فبشرناه بغلام حليم. فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتلّه للجبين. وناديناه أن يا إبراهيم. قد صدّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لَهُوَ البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم. وتركنا عليه في الآخِرين. سلام على إبراهيم. كذلك نجزي المحسنين. إنه من عبادنا المؤمنين. وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين. وباركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ". [الصافات : 100-113].
ولكن نقرأ في الكتاب المقدس أن إسحق هو من أخذه إبراهيم للتضحية:
" وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم. فقال له يا إبراهيم. فقال هأ نذا. فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك ".
[التكوين 22 : 1-2].
ماذا الذي يجري هنا؟ هل رأينا هنا "فبركة" الآيات؟ إسحق ابنه الوحيد؟! ألم نرى منذ قليل أن إسماعيل هو أيضاً ابن إبراهيم؟ ألم نرى منذ قليل أن إسماعيل هو الابن البكر الشرعي لإبراهيم حتى بعد وفاته؟ هل رأينا كيف أنهم باستبدالهم اسم إسماعيل، بإسحق ابنه الوحيد، يقصون نسل إسماعيل من عهد الله ويصبح هذا العهد حصراً لليهود؟ هل بدأنا ندرك مدى التعصّب؟
لقد أصبح الآن ظاهراً للعيان أنه لم يَرُقْ لأحدهم أن يكون نسل إسماعيل أي نسل العرب ضمن عهد الله لإبراهيم. لقد أرادوا هذا العهد حصراً ومقتصراً على الفرع اليهودي لنسل إبراهيم. لهذا أُعيد تعديل الكتاب المقدس حتى يتلاءم عهد الله مع الأمّة اليهودية فقط!
ويبقى أن نشير إلى نقطة أخيرة:
" وإنه (إسماعيل) يكون إنساناً وحشياً ". [التكوين 16 : 12].
انظروا كيف ترجم النصارى الكلمة العبرية "بارا" والتي تعني "مُثمر" أو "وافر" إلى "إنساناً وحشياً"!
" إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ". [البقرة : 174].
5- الحجر المرفوض
" اسمعوا مثلا آخر. كان إنسان رب بيت غرس كرما وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجا وسلمه إلى كرّامين وسافر. ولما قرب وقت الإثمار أرسل عبيده إلى الكرامين ليأخذ أثماره. فأخذ الكرامون عبيده وجلدوا بعضا وقتلوا بعضا ورجموا بعضا. ثم أرسل أيضا عبيدا آخرين أكثر من الأولين. ففعلوا بهم كذلك. فأخيرا أرسل إليهم ابنه قائلا يهابون ابني. وأما الكرامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث. هلموا نقتله ونأخذ ميراثه. فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه. فمتى جاء صاحب الكرم ماذا يفعل بأولئك الكرامين. قالوا له. أولئك الأردياء يهلكهم هلاكا رديا ويسلم الكرم إلى كرامين آخرين يعطونه الأثمار في أوقاتها. قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب (المزامير 118 : 22-23). الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية. من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم أن ملكوت الله يُنزع منكم ويُعطى لأمّة تعمل أثماره. ومن سقط على هذا الحجر يترضّض ومن سقط هو عليه يسحقه. ولما سمع رؤساء الكهنة والفريسيون أمثاله عرفوا أنه تكلم عليهم. وإذ كانوا يطلبون أن يمسكوه خافوا من الجموع لأنه كان عندهم مثل نبي ". [متى 21 : 33-46].
إن ملكوت الله قد نُزع من الأمّة اليهودية وأُعطيَ إلى الأمّة المرفوضة والمنبوذة من قبل اليهود، وهي الأمّة الإسماعيلية (أمّة النبيّ محمد).
ولكن البعض قد أساؤوا فهم هذه الآيات واعتبروا أن يسوع هو الحجر المرفوض. ويكفينا قراءة هذه الآيات بتمعن حتى ندحض بلا أي معاناة هذا الادعاء:
تدّعي الكنيسة في قصة يسوع تشبيهات واضحة: فصاحب الكرم هو الله، والكرم هو الملكوت، والكرّامين هم اليهود، والثمار هي عبادة الله، والعبيد هم الأنبياء، والابن هو يسوع.
لاحظوا هنا أن صاحب الكرم لم يكن يتوقع من الكرّامين أن يقتلوا ابنه. فلقد أرسل صاحب الكرم ابنه ليأخذ الثمار فقط ولم يرسله ليموت من أجل الخلاص كما تدَّعي الكنيسة المسيحية. ثم إن كلمة "فأخيراً" في آية "فأخيرا أرسل إليهم ابنه قائلا يهابون ابني" غير موجودة في النصوص المنقّحة (R.S.V.). الكلمة التي استُعملت في هذه النصوص هي "في ما بعد" (afterward). في إنجيل متَّى أخذ الكرامين الابن خارج الكرم ثم قتلوه، بينما في إنجيل مرقس نجد أن الكرامين قتلوا الابن داخل الكرم ثم بعدها أخرجوه منه: " فأخذوه وقتلوه وأخرجوه خارج الكرم ". [مرقس : 8].
في هذه الرواية، يرسم يسوع وبوضوح خطّاً متوازياً بين أعمال اليهود وقتلهم ورجمهم للأنبياء: " فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء. فاملأوا أنتم مكيال أبائكم. أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم ". [متى 23 : 31-33].
فيسوع يتكلم هنا مع اليهود ككيان عنصري. فاليهود الواقفين أمامه لم يقتلوا أو يضربوا أو يرجموا الأنبياء، لكن أسلافهم هم من فعل هذا. ولكن الجميع مسؤول كأمّة لأنهم سائرون على خُطى أجدادهم. لقد أخبر يسوع اليهود أن ملكوت الله سيُنزع منهم ويُعطى لأمّة أخرى ترعاه وتحفظه.
ويخبرنا يسوع أن الملكوت سينتقل إلى أمّة الحجر المرفوض. يسوع هو أيضاً رُفض من قبل اليهود ولكنه ليس هو المقصود هنا: فبشهادة الكتاب المقدس كان يسوع يهودياً وتلاميذه كانوا أيضاً يهوداً.
فهل ينزع الله ملكوته من الأمّة اليهودية ليعطيه من جديد إلى الأمّة اليهودية؟!
" ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه ". [متى 21 : 44].
هذه الآية تشير بوضوح إلى عمل عسكري. ولكن الكنيسة قد طلبت أن لا نفهم هذا الجزء من القصة حرفياً. فالمعنى هنا هو معنى الإيمان لا الحرب.
يا للعجب!!! لقد فهمت الكنيسة حرفياً أن صاحب الكرم هو الله، وفهمت حرفياً أن الكرامين هم اليهود، وفهمت حرفياً أن العبيد هم الأنبياء، وفهمت حرفياً أن القتل والرجم والجَلد هي أعمال مادية وليست معنوية، وفهمت حرفياً أن ابن صاحب الكرم هو يسوع... ولكن عندما أتى الأمر إلى السحق والترضّض، أغفلت الكنيسة المعنى الحرفي وتحوّلت إلى المعنى المعنوي! لماذا؟ لأن يسوع لم يسحق أحداً في حياته:
" سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر. بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا. ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين… سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم. [متى 5: 38-44].
لقد اختيرت أفعال "يترضّض" و "يسحق" بدقة من قبل يسوع. فمثلاً، إذا رأينا يهودياً لم يؤمن برسالة موسى، فهل نقول: "لقد رفض موسى" أم "لقد رضّض وسحق موسى"؟! وإذا رأينا أن فرعون أرسل جيشاً ليقتل موسى، فهل نقول: "لقد رفض فرعون موسى" أم "لقد رضّض وسحق فرعون موسى"؟!
لقد كان الحجر المرفوض هو أمّة إسماعيل التي رفضها ونبذها اليهود وأبعدوها بكل الطرق المزيفة عن عهد الله. وهكذا نرى أن النبوءة هي عن الحجر المرفوض الذي سيشن حروباً ضد اليهود الذين اضطهدوا وقتلوا أنبياء الله. هذه النبوءة التي تحققت في زمن النبيّ محمد الذي بدأ بتوقيع المعاهدات مع اليهود الذين ما لبثوا أن نكثوا هذه المعاهدات فيما بعد، الأمر الذي دفع بمحمد وأتباعه لمحاربتهم وطردهم من الجزيرة العربي
6- مُحَمَّد العظيم (Muhammudim)
" حبيبي مُشرق ومُتورِّد اللون. مُعْلَمٌ بين رِبْوة... حلقه حلاوة وكله مشتهيات. هذا حبيبي وهذا خليلي يا بنات أورشليم ". [نشيد الإنشاد 5 : 10-16].
" حيكو مامتاكيم وكلو مُحَمَّديم زي دوودي وزي رإيي بنوت يورشليم ". [نشيد الإنشاد 5 : 10-16].
“Hikow mamtaqiym
v'chulo
MUHAMMUDIM zeh dowdiy wzeh ree`iy bnowt
yruushaalaaim ”.
[Hebrew transliteration of Shir Hashirim
5:16].

لقد
ذُكر النبيّ محمد (
(
بالاسم في الكتاب المقدس في آية
[نشيد الإنشاد 16:5]. فالكلمة العبرانية المستعملة هنا هي "مُحَمَّدِيم". ولفظة
"إيم" )
)
في اللغة العبرانية هي صيغة الجمع التي تُستعمل للتعظيم والتبجيل والجلال تماماً
كما في كلمة "إلوهيم" (ELOH-IM).
لقد تُرجِمَت كلمة "مُحَمَّدِيم" إلى "مشتهيات"، إلاّ أن قاموس "بن يهوذا" يُعَرِّف "مُحَمَّدِيم" بالتالي:
- The lovely one: "المحبوب"
- The coveted one: "المُشتهى"
- The precious one: "النفيس"
- The praised one: "محمود" أو "مُحَمَّد"
لقد شقَّ الأمر مرة أخرى على الكنيسة المسيحية فترجمت كلمة "ربابا" العبرية والتي تعني "عشرة آلاف" إلى لفظة "رِبْوَة" وهي تعني لُغوياً "الجماعة العظيمة نحو عشرة آلاف".
" وأزلزل كل الأمم ويأتي مُشتهى كل الأمم فأملأ هذا البيت مجداً قال رب الجنود ". [حجي 2 : 7].
في النص العبراني نجد أن عبارة "مُشتهى كل الأمم" هي لفظة "أحمد" فتصبح ترجمة هذه الآية كالتالي:
" وأزلزل كل الأمم ويأتي أحمد فأملأ هذا البيت مجداً قال رب الجنود ". [حجي 2 : 7].
7- الله لم يُمِت محمد لأنه تكلّم باسمه!
" وأما النبيّ الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى فيموت ذلك النبيّ ". [التثنية 18 : 20].
في هذه الآية يخبرنا الكتاب المقدس أن الله سيُميت كل نبيّ يتكلم باسمه كلاماً لم يوصه به. ولكن إذا أمعنا النظر جيداً سنجد أن محمد لم يتكلم بكلمة واحدة فقط إنما أَملَى كتاباً كاملاً باسم الله. فلقد تكلّم طيلة 23 سنة بكلام نَسَبَه كله إلى الله، ولقد تلا 114 سورة تبدأ كلّها بعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم"، و6346 آية، وما زال هذا القرآن يُتلى منذ 14 قرناً باسم الله، ولكن محمد لم يَمُت إنما عاش حتى إنجاز رسالته بشكل تام!
إذا كان محمد فعلاً محتالاً ودجالاً، وإذا لم يكن يقول الحقيقة، فلماذا لم يُمِته الله كما وعد في الكتاب المقدس؟!
8- خصائص النبيّ المُرسَل من الله
" احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً. هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثماراً جيدة. وأما الشجرة الرديَّة فتصنع أثماراً رديَّة. لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثماراً رديَّة ولا شجرة رديَّة أن تصنع أثماراً جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتُلقى في النار. فإذاً من ثمارهم تعرفونهم ".
[متى 7 : 15-20].
لو أردنا أن نعرف ما إذا كان محمد هو نبيّ الله حقاً، علينا أن نرى نوعية الثمار التي أنتجتها رسالته؛ هذه هي شهادة يسوع نفسه. لنرى الآن بعضاً من هذه الثمار:
" قل تعالوا أَتلُ ما حرَّم ربكم عليكم ألا تُشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق (خشية الفقر) نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ذلكم وصَّاكم به لعلكم تعقلون. ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط (بالعدل) لا نُكلّف نفساً إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قُربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصَّاكم به لعلم تذكرون ". [الأنعام : 151-152].
" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين بالقسط (مجتهدين في إقامة العدل) شهداء لله (بالحق) ولو (كانت الشهادة) على أنفسكم (بأن تقرّوا عليها) أو الوالديْن والأقربين (ولو على والديكم وأقاربكم) إن يكن (المشهود عليه) غنيّاً أو فقيراً (فلا تمتنعوا من الشهادة عليهما أو لهما) فالله أوْلى بهما فلا تتبعوا الهوى (في شهادتكم) أن تعدلوا (عن الحق) وإن تلوُوا (تحرّفوا الشهادة) أو تُعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا (فيجازيكم به) ".
[النساء : 135].
" لا تجعل مع الله إلهاً آخر فتقعد مذموماً مخذولا. وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلُغنَّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربَّياني صغيرا. ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوَّابين غفورا. وءات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذّر تبذيرا. إن المبذّرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا. وإما تُعرضَنَّ عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولاً ميسورا. ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسورا. إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيراً بصيرا. ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيرا. ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا. ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق ومن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يُسرف في القتل إنه كان منصورا. ولا تقربوا مال اليتيم إلاّ بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا. وأوفوا الكيل إذا كِلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا. ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا. ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا. كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها. ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلهاً آخر فتُلقى في جهنم ملوماً مدحورا ". [الإسراء : 22-39].
" فأمّا اليتيم فلا تقهر. وأمّا السائل فلا تنهر. وأما بنعمة ربك فحدّث ". [الضحى : 9-11].
" ليس البِرَّ أن تُوَلُّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البِرَّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيِّين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والمُوفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأسآء والضرَّآء وحين البأس أولئك الذين صَدَقوا وأولئك هم المتقون ". [البقرة : 177].
هل هذه الثمار جيدة أم رديّة؟ هل هذه الشجرة جيدة أم رديّة؟ وبالتالي، ووفقاً للمعيار الذي حدّده يسوع نفسه، هل محمد نبيّ الله حقا أم أنه نبيّ دجال؟
يقول المُستشرق الإنكليزي هاميلتون غيب عن محمد:
"يجب أن يُدعى مُحَمَّد مُخلِّص البشرية. إني أؤمن أن لو قُدِّر له أن يأخذ على عاتقه ديكتاتورية الكون الحديث، أعتقد أنه كان سينجح في حلّ جميع الصعاب والمشاكل بطريقة تجلب السعادة والسلام للجميع".
(Sir Hamilton Alexander Roskeen Gibb 1895-1955, “Whither Islam”, London, 1932, p. 379).
" إن اختياري لمُحَمَّد ليترأس قائمة أكثر البشر تأثيراً على مرّ العصور قد تُفاجىء بعض القُرَّاء. ولكنه كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بامتياز على المستوى الديني والدنيوي".
(M.H. Hart, “The 100: A Ranking Of The Most Influential Persons In History”, New York, 1978, p. 33).
"على القادة أن ينجزوا ثلاثة وظائف:
1- يزوّد البشرية بما هو خير لها،
2- يوفر للبشرية نظام اجتماعي يشعر في ظلّه الناس بالأمان،
3- يؤمّن للبشرية مجموعة معتقدات دينيّة...
الناس كلويس باستور أو توماس أديسون يمكنهم أن يملؤوا الوظيفة الأولى فقط. وغاندي وكونفوشيوس يمكنهما أن يملئا الوظيفة الثانية. ويسوع وبوذا يمكنهما أن يملئا الوظيفة الثالثة. ولربما يكون مُحَمَّد أعظم قائد في تاريخ البشرية لأنه استطاع أن يملأ الوظائف الثلاث في وقت واحد. يَلِي مُحَمَّد، النبيّ موسى ولكن بدرجة أقل".
(Jules Masserman, American psychoanalyst, Time magazine, July 15, 1974, article titled “Who were history’s greatest leaders?”)
"إذا كان هناك رجل قد حكم بالشريعة الإلهية فهو محمد".
(Reverend Bosworth Smith, “Muhammad and Muhammadanism”, p. 242).
"من المستحيل على أي شخص ممن درس حياة وشخصية نبيّ الجزيرة العربية العظيم وممن عرف طريقة تعليمه وعيشه أن لا يشعر بالاحترام والتبجيل لذاك النبيّ الكبير، أحد أعظم رُسُل الكائن الأسمى: الله. وبالرغم من أن الكثير مما سأقوله قد يبدو للعديد شيئاً مألوفاً، إلاّ أنني شخصياً عندما أعود وأقرأ تلك الأشياء، أجد سبيلاً جديداً للإعجاب والتقدير وأشعر بأحاسيس ومعاني جديدة من التوقير والتبجيل لذاك النبيّ العربي العظيم". (Annie Besant , “The Life and Teachings of Muhammad”, p. 4).
"بعد أربع سنوات من موت يوستنيانوس الأول (إمبراطور بيزنطي جمع الشرائع الرومانية ودوَّنها)، وُلد في مكّة في الجزيرة العربية الرجل الذي، من بين جميع الرجال، كان له أعظم تأثير على الجنس البشري بأسره... أن يكون الرئيس الديني للعديد من الإمبراطوريات وأن يوَجِّه ويهدي الحياة اليومية لثلث الجنس البشري ربما يبرِّر لقب رسول الله".
(William Draper, “History of Intellectual Development of Europe”, MD., LL.D., Vol. I, p. 329-330).
يقول الشاعر والأديب والسياسي الفرنسي لامارتين (Alphonse de Lamartine 1790-1869):
"إذا كانت عظمة الهدف وبساطة الوسائل والنتائج العظيمة المُحقَّقة هي المقاييس الثلاثة لعبقرية الإنسان، فمن الذي يجرؤ أن يقارن مُحَمَّد بأيّ رجل عظيم من كبار رجال التاريخ؟
إن أعظم الرجال لم يَعْدوا أن شهروا السلاح وحرّكوا القوانين وأنشأوا الممالك. هؤلاء لم يؤسّسوا –هذا عندما أسّسوا شيئاً- سوى دولة مادية انقرضت أحياناً قبل زوالهم هم أنفسهم عن مسرح الوجود. أما مُحَمَّد فلم يهزَّ فحسب المشاعر ويحرّك الشرائع والممالك والشعوب والعروش وملايين من الناس في ثلث الكرة الأرضية المأهولة، ولكنه فوق ذلك زعزع أركان هياكل وآلهة وأديان وأفكار ومعتقدات وحرّك نفوساً... إنه أنشأ –على أساس كتاب أصبح كل حرف منه قانوناً- أمّة ضمت شعوباً من كل لغة وعرق، وغرس في نفوس هذه الأمّة المسلمة التعلّق بعبادة الإله الحقيقي الواحد الموجود غير الملموس، جاعلاً لها من هذا المنهج الميزة الخاصة الحيّة التي تشكل الطابع المميّز لها.
إن معجزته تكمن في تمكنه من كسب ثلث الكرة الأرضية تحت لواء عقيدته... لا بل هي لم تكن معجزة الإنسان إنما كانت معجزة الفكر. إن فكرة وحدانية الله إذ أتى بها في غمرة هيمنة الأساطير والخرافات كانت في جوهرها الذاتي تتصف بفاعلية جعلها تقضي بمضمونها على جميع هياكل الوثنية والأوثان فيشرق نور ذلك الجوهر الخيّر على ثلث العالم.
الفيلسوف، الخطيب، الرسول، المُشرِّع، المحارب، باعث الأفكار، موجد العقيدة الصحيحة القائمة على العقل لعبادة لا تعرف الصُّوَر، المؤسس لعشرين مملكة أرضية ولإمبراطورية روحيّة واحدة: ذلك هو مُحَمَّد...
فلو نظرنا في جميع المقاييس التي تُعتبر أساساً للعظمة الإنسانية، فأي إنسان نجده كان أعظم من مُحَمَّد...". (لامارتين، تاريخ تركيا، باريس، 1854، المجلد الثاني، ص 276-277).
"If greatness of purpose, smallness of means and astounding results are the three criteria of human genius, who could dare to compare any great man in modern history with Muhammad? The most famous men created arms, laws and empires only. They founded, if anything at all, no more than material powers which often crumbled away before their eyes. This man moved not only armies, legislation, empires, peoples and dynasties, but millions of men in one-third of the then inhabited world; and more than that, he moved the altars, the gods, the religions, the ideas, the beliefs and souls....his forbearance in victory, his ambition, which was entirely devoted to one idea and in no manner striving for an empire; his endless prayers, his mystic conversations with God, his death and his triumph after death; all these attest not to an imposture but to a firm conviction which gave him the power to restore a dogma. This dogma was two-fold, the unity of God and the immateriality of God; the former telling what God is, the latter telling what God is not; the one overthrowing false gods with the sword, the other starting an idea with the words.
Philosopher, orator, apostle, legislator, warrior, conqueror of ideas, restorer of rational dogmas, of a cult without images, the founder of twenty terrestrial empires and of one spiritual empire, that is MUHAMMAD. As regards all the standards by which Human Greatness may be measured, we may well ask, IS THERE ANY MAN GREATER THAN HE?" (Lamartine, “HISTOIRE DE LA TURQUIE”, Paris, 1854, Vol. II, pp 276-27).
Part IV
" قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين ". [البقرة : 111].
كل قضية حقّ في هذا الوجود لها جانبان: جانب نظري وجانب عملي. المجال العملي هو الذي يحفظ المجال النظري. إذا سقط المجال العملي، سقط معه المجال النظري كلّه.
في المسيحية والإسلام، نجد أيضاً هذين الجانبيْن، النظري والعملي. فالمجال النظري يتمثّل بالكتاب المقدس والقرآن الكريم، أما المجال العملي فيتمثّل بالحقيقة العلميّة والموضوعية القائمة على الدليل والبرهان القاطع. إذا تناقضت الحقيقة العلمية والمنطقية الثابتة مع مفاهيم المسيحية والإسلام، فإن هذا يكون السبب الكافي للسقوط الكامل لمجالهما النظري.
ولكن النظرة الإسلامية إلى هذه المعادلة تتضمن وجهان: فمن جهة، لا يعترف الإسلام بالتناقض الذي يمكن أن ينشأ بين الحقيقة العلمية الصحيحة وبين الكلام السماوي الموحى والمُلهَم لأن الاثنان يأتيان من مصدر واحد وهو الله، فالله لن يناقض ذاته. ومن جهة أخرى، إذا حصل التباين والاختلاف بين المجال النظري وبين المجال العملي الصحيح، فهذا يعود أولاً وأخيراً إلى التلاعب المستمر والمتواصل لأيدي البشر بكلام الله.
وهذا ما نقرأه فعلاً في سفر التثنية:
" وإن قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب. فما تكلم به النبيّ باسم الرب ولم يحدث ولم يَصِرْ فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبيّ فلا تخف منه". [التثنية 18 : 21-22].
هذه هي شهادة الكتاب المقدس نفسه. هذا معيار آخر يمكننا من خلاله أن نتحقق من مصداقية أي كتاب ديني على أنه فعلاً كلام الله، فأي فكرة مغالطة للحقيقة العلمية الثابتة والقائمة على برهان ملموس هي بالتالي من صنع البشر ولا علاقة لها بالوحي الإلهي.
وهذا المعيار الذي استخلصناه من سفر التثنية هو محقّ وعادل. وسنجري هذا الاختبار بالتساوي على الكتاب المقدس وعلى القرآن الكريم حتى نصل إلى حقيقة واحدة: أيّ من هذين الكتابيْن هو كلام الله الموحى والمُلهَم، وأيّ منهما هو كلام البشر.
ولكن يحب الإشارة أولاً إلى أننا لا نعني هنا بالحقائق العلمية المعجزات والخوارق التي أنجزها أنبياء الله. فهذه الأعمال فائقة الطبيعية هي مذهلة إذا ما قيست بالمنظار البشري ولكنها ليست كذلك بالنسبة لله الكُلِّي القدرة، ولكننا نعني بالحقائق العلمية، كل واقعة تاريخية أو جغرافية أو كرونولوجية صحيحة وثابتة ولا يأتيها الشكّ، أو كل اكتشاف علمي قائم على دليل ملموس سواء في المجالات الطبية، الفلكية، الجيولوجية، الفيزيائية...
وسنبدأ أولاً بقراءة الكتاب المقدس ولكن هذه المرة من ناحية علمية بَحْتَة، وسنسعى لتطبيق المقياس نفسه على القرآن الكريم فيما بعد.
الحقيقة العلمية في الكتاب المقدس
إن النظرة الدينية لعلاقة الإنسان بالله والتي فرضتها الكنيسة المسيحية قد أجبرت الناس على الاختيار بين أمرين اثنيْن: إمّا الإيمان الأعمى بغضّ النظر عن الحقيقة العلمية، وإمّا الحقيقة العلمية بغضّ النظر عن الإيمان بالله. فإمّا أن نختار العلم من دون الله وإمّا أن نختار الإيمان الأعمى من دون العلم.
ولهذا فقد توصّل معظم الأشخاص المُثقّفين إلى نتيجة واحدة وهي أن الإنسان لا يمكن أن يكون عالماً ومسيحياً في آن واحد. فبالنسبة للعديد من الفلاسفة والعلماء، فإن الأمل في التوفيق والإصلاح بين الدين والعلم بات مفقوداً. فمن الصعب جداً أن نجد إنساناً ذو عقلية علمية وفي الوقت نفسه مؤمناً بالكتاب المقدس، ذلك أن التلاعب المستمر بكلام الله قد جعل من هذا الكتاب غير مقبول علمياً.
ويُسَجِّل الكتاب المقدس الكثير من الأفكار والروايات التي تناقض الحقائق العلمية المرتكزة على الدليل. وسنكتفي هنا بإعطاء بعض الأمثلة لإثبات هذه النقطة:
1- التكوين
101- تكوين السماوات والأرض في ستة أيام؟
"ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً. وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً ". [التكوين 1: 31 [
"فأُكملت السماوات والأرض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل. فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل ". ] التكوين 2 : 1-2 [
في القرن التاسع عشر، تحدّت البيولوجيا والجيولوجيا الداروينية الحقيقة الموضوعية لسفر التكوين والحقيقة السماوية للكتاب المقدس. العائق الذي يمنع العقل العلمي الحديث من قبول النسخة "السماوية" الكتابية للخَلْق هو التباين والتناقض الشديد بين المُدَّة الطويلة جداً لتطور الكون والأرض في منظور العلم الحديث الصحيح وبين فترة الستة أيام القصيرة جداً في منظور الكتاب المقدس. لا عجب أن رواية التكوين في الكتاب المقدس قد وُسِمَت بالخرافة أو الأسطورة عندما انتهى كل يوم من أيام الخَلْق بعبارة "وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً ". فالطريقة التي يفسر بها الكتاب المقدس لفظة "يوم" تعني الوقت الفاصل بين غُروبيْن مُتتالييْن أو شُروقيْن مُتتالييْن أي المُدّة الزمنية التي تستغرقها دورة واحدة كاملة للأرض حول محورها، وهي تساوي تقريباً 24 ساعة.
ويجد علماء الفلك هذا التصريح ساذجاً وغير مقبول علمياً لعدة أسباب:
أولاً: لا يمكننا قياس مُدّة تكوين الكون بوحدة زمنية هي "اليوم الأرضي" في الوقت الذي كانت فيه الأرض غير موجودة أصلاً.
ثانياً: كيف نُفسر وجود الصباح والمساء في الأيام الثلاثة الأولى في الوقت الذي لم تُخلق فيه الشمس إلا في اليوم الرابع [التكوين 1 : 14-19]؟
ثالثاً: إن تكوين الكون والنجوم والكواكب والأرض قد حصل خلال حقبات طويلة من الزمن. فعدد هذه الحقبات غير مُحدد علمياً حتى اليوم، ولكن الثابت أن كل حقبة من هذه الحقبات امتدت إلى مليارات السنين، وليس ستة أيام أرضية كما جاء في الكتاب المقدس. لذلك فإن هذا الادعاء هو مرفوض علمياً رفضاً باتاً.
بالمقارنة مع الكتاب المقدس، فإن القرآن الكريم يستعمل نفس الكلمات "ستة أيام" في سبع آيات تتكلم عن الخَلْق إلاَّ أنه لا آية من هذه الآيات السبع تنتهي بعبارة " وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً ":
" الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ". [السجدة : 4]؛ [يونس : 3]؛ [الأعراف : 54]؛ [الفرقان : 59]؛ [هود : 7]؛ [ق : 38]؛ [الحديد : 4].
لأن الاستعمالات القرآنية لكلمة "اليوم" قد انطلقت من معنى "حقبة أو مدة من الزمان أيّ مدة كانت". هل تريدون بعض الأدلة على هذا؟:
" يُدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تَعُدُّون". [السجدة : 5].
" تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ". [المعارج : 4].
وقد أُطلق "اليوم" أيضاً على المدة الطويلة من الزمن التي تتّصف بعنوان سلبي أو إيجابي في حياة الإنسان، فقد جاء في "نهج البلاغة": "الدهر يومان يوم لك ويوم عليك"، ممّا يُعبِّر عن الدورة الزمنية التي تستغرق واقع الإنسان في هذه الحالة أو تلك.
فعبارة "ستة أيام" التي وردت في القرآن الكريم، تعني "ستة حقبات من الزمن"، وكل حقبة من هذه الحقبات ممكن أن تمتد إلى مليارات السنين.
201- الشمس والنور
"في البدء خلق الله السماوات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله ليكن نور فكان نور. ورأى الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهاراً والظلمة دعاها ليلاً. وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً ".
[التكوين 1 : 1-5].
" وقال الله لتكن أنوار في جَلَدِ السماء لتفصل بين النهار والليل. وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين. وتكون أنواراً في جَلَدِ السماء لتُنير الأرض. وكان كذلك. فعمل الله النوريْن العظيميْن. النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل. والنجوم. وجعلها الله في جَلَدِ السماء لتُنير على الأرض. ولتحكم على النهار والليل ولتفصل بين النور والظلمة. ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوماً رابعاً ". [التكوين 1 : 14-19].
تشير آيات [التكوين 1 : 1-5] الى أن النور قد خُلِق على الأرض في اليوم الأول بينما خُلِقت الشمس في اليوم الرابع [التكوين 1 : 14-19]. وهذه الرواية مرفوضة علمياً لسبب منطقي واحد: كيف وُجد النور على الأرض مع عدم وجود الشمس؟
"وقال الله لتُنبت الأرض عُشباً وبَقْلاً يُبْزِر بِزْراً وشجراً ذا ثمرٍ يعمل ثمراً كجنسه بِزْرُه فيه على الأرض. وكان كذلك. فأخرجت الأرض عُشباً وبقلاً يُبْزِرُ بِزْراً كجنسه وشجراً يعمل ثمراً بِزْرُه فيه كجنسه. ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوماً ثالثاً ". [التكوين 1 : 11-13].
تشير آيات [التكوين 1 : 11-13] إلى أن الأرض أنبتت العُشب والخضار في اليوم الثالث بينما لم تُخلق الشمس إلاّ في اليوم الرابع كما رأينا سابقاً [التكوين 1 : 14-19]. وهذا علمياً مرفوض لسبب واحد: كيف حصل التمثيل الضوئي (Photosynthesis)؟
حاول بعض رجال اللاهوت القول بأن عبارة "الستة أيام" في الكتاب المقدس إنما ترمز إلى 6 حقبات طويلة من الزمن تماماً كالقرآن الكريم.
إذا كان هذا الأمر صحيحاً فإن هؤلاء اللاهوتيين قد حلّوا مشكلة التكوين وبقيت مشكلة الشمس والنور ومشكلة الشمس والنبات (هل عاش النبات مليار سنة من دون ضوء الشمس، وهل وُجد النور على الأرض قبل مليار سنة من خلق الشمس)؟
2- آدم
من بين الأناجيل الأربعة المُعتمَدة لدى الكنيسةالمسيحية، يُزوِّدنا "القديس" لوقا وحده بالمعلومات المتعلقة بأجداد النبيّ إبراهيم رجوعاً إلى الإنسان الأول آدم. ويُدَوِّن لوقا 20 اسماً بين آدم وإبراهيم، بينما يُسجل الكتاب المقدس 19 إسماً! فلقد "أُلْهِمَ" لوقا أن يزيد إسم "قينان" الى لائحته، فيجعله أباً "لشالح" [لوقا 3 : 36]، بينما يُخبرنا الكتاب المقدس أن "أرفكشاد" هو والد "شالح" [التكوين 11 : 12]. وهذا التناقض ليس خطأً مطبعياً لأن اللائحة هنا ليست مجرّد تعداد أسماء، إنمّا هي عبارة عن سلسلة مترابطة بين أب وابن، فلا مجال للخطأ بزيادة او شطب أي إسم.
ولندع هذه التناقضات جانباً ولنبحث الأمور من الناحية العلمية: إذا رصدنا السلالة المُنحدرة من آدم وفقاً للمعطيات الزمنية التي يحددها الكتاب المقدس نفسه، فإننا سنجد أن المدة الزمنية الفاصلة بين آدم وإبراهيم هي 19 جيلاً. ووفقاً للكتاب المقدس أيضاً، فإننا نجد أن إبراهيم عاش في حوالي سنة 1850 ق.م.، وبعملية حسابية بسيطة تُزوِّدنا بها الفصول 11،5،4من سفر التكوين نستنتج أن آدم، وهو الإنسان الأول، وُجد على الأرض في القرن 38 ق.م. أي في حوالي سنة 3796 ق.م.!
في ذلك الوقت، كان العديد من الحضارات قائماً ومزدهراً مثل حضارة بلاد ما بين النهرين (6000 ق.م.) والحضارة البدائية الصينية (4200 ق.م.) وحضارة ما قبل السُّلالات الحاكمة المصرية (5000 ق.م.) وغيرها، حتى أن مدينة أريحا في فلسطين كانت موجودة منذ القرن 70 ق.م.، ويُسجل التاريخ أيضاً اختراع أول دولاب خشبي حوالي سنة 3500 ق.م.
وبعد كل هذا، يريد الكتاب المقدس أن يقنعنا أن آدم وهو أول إنسان ظهر على الأرض في سنة 3796 ق.م.؟!
في القرآن الكريم، لا نجد أي تاريخ يحدد ظهور آدم على وجه الأرض، وبالتالي ليس هناك أي مجال للنقد. إلاّ أن القرآن يشير إلى أن هناك بشراً قبل آدم:
فلفظة "خليفة" تعني أنه كان في الأرض صنف أو أكثر من نوع الحيوان الناطق وأنه انقرض، وأن صنف آدم وذرِّيته سيجعله الله خليفة في الأرض ليحلّ محل ذلك الصنف الذي انقرض وأفسد في الأرض وسفك الدماء وأن الملائكة استنبطوا سؤالهم بالقياس عليه إذ قالوا: " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " [البقرة : 30]، وذلك لأن الخليفة لا بدّ أن يناسب من يخلفه. فآدم ليس أول صنف عاقل من الحيوان على هذه الأرض، وإنما كان أول طائفة جديدة من الحيوان الناطق تماثل الطائفة أو الطوائف البائدة منه في الذات والمادة، وتخالفها في الأخلاق والسجايا. ويأتي علم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) ليؤكد أن الأرض سكنها أنواع شتّى للمخلوقات القريبة الشبه من البشر قبل آدم مُعتمداً على تحليل وفحص الجماجم والعظام المُتحجّرة التي وُجدت في أنحاء المعمورة والتي قدّر العلماء أن بعضها يرجع عمرها إلى حوالي 3 ملايين سنة:
- الإنسان الذي كان أول من استعمل الأدوات الحجرية وهو أول شكل بشري حقيقي، وقد عاش منذ حوالي 1.9 إلى 2.4 مليون سنة (Homo habilis).
- إنسان رودولف نسبة إلى بحيرة رودولف في أفريقيا الوسطى والتي تُعرف اليوم ببحيرة توركانا وقد عاش منذ حوالي 1.8 مليون سنة (Homo rudolfensis).
- إنسان جاوه أو سولو وقد عاش منذ حوالي 0.8 إلى 1.8 مليون سنة (Homo erectus).
- إنسان هيديلبرغ وقد عاش منذ حوالي 600 ألف سنة (Homo heidelbergensis).
- إنسان نياندرتال (Homo sapiens neanderthalensis) وقد عاش منذ حوالي 30 ألف إلى 150 ألف سنة. وهو منسوب إلى وادي نياندرتال قرب مدينة دوسيلدورف الألمانية حيث وُجدت بقاياه.
- آدم أو إنسان الكرومانيون(Homo sapiens sapiens = Cro-Magnon) الذي ظهر في أواخر العصر الجليدي أي منذ حوالي 10 آلاف إلى 30 ألف سنة. وهو منسوب إلى كهف كرومانيون في مقاطعة الدوردون الفرنسية.
وكما يوفر لنا الكتاب المقدس المعلومات الكرونولوجية التي تمتد تاريخياً إلى زمن خلق آدم وحواء، فإنه أيضاً يوفر لنا المعلومات التي من خلالها يُمكن تحديد تاريخ وعمر كوكب الأرض. فلقد قام رئيس أساقفة أرماغ (إقليم يقع في جنوب شرق أيرلندا الشمالية) جيمس أوشر (James Ussher 1581-1656) بحساب السنة التي خُلقت فيها الأرض من خلال الكتاب المقدس. وبعد حسابات دقيقة، حدّد عام 4004 ق.م. تاريخاً لهذا الحدث!
(Craig G.Y. and E.J. Jones. "A Geological Miscellany". Princeton University Press, 1982).
ومستعيناً أيضاً بسفر التكوين، يذهب البروفيسور لايتفوت من جامعة كامبردج البريطانية إلى تحديد تاريخ خلق الأرض بدقة متناهية: التاسعة صباحاً من نهار الجمعة الواقع في 23 تشرين الأول سنة 4004 ق.م.!!
(John Lightfoot, “A Few and New Observations upon the Book of Genesis”, London, 1642, pp. 1-4).
إذا كانت الأرض قد خُلقت في سنة 4004 ق.م.، فهذا يعني أن عمرها ستة آلاف سنة فقط. ولقد قَدَّر علماء الفلك، ووفقاً للمعطيات العلمية الصحيحة والحديثة، عمر الأرض بحوالي 4.5 مليار سنة مع نسبة خطأ لا تتجاوز 2.3%.
ومن هنا نفهم لماذا فَقَدَ العديد من الأشخاص المُثقفين إيمانهم وثقتهم بالكتاب المقدس إلى حدّ أن عالم الفلك والفيزياء الإيطالي غاليليو غاليلي (Galileo Galilee 1564-1642) قال:
"إن الكتاب المقدس موجود ليُعَلِّم الناس كيف يذهبون إلى السماء، وليس موجوداً لتعليم الناس كيف تعمل السماء!".
“The Bible is here to teach people how to go to heavens; it is not here to teach people how the heavens go”.
3- الطوفان
عند قراءة قصة الطوفان الذي حصل في زمن نوح في الكتاب المقدس، نجد أن الرواية تخرج من إطار المنطق والعلم. فالكتاب المقدس يُصوِّر الطوفان على أنه كارثة عالمية غَطَّت فيها المياه كامل كوكب الأرض: " وتعاظمت المياه وتكاثرت جداً على الأرض... فتَغطَّت جميع الجبال الشامخة التي تحت كل السماء... فتَغطَّت الجبال. فمات كل ذي جسد كان يدب على الأرض. من الطيور والبهائم والوحوش وكل الزحافات التي كانت تزحف على الأرض وجميع الناس. كل ما في أنفه نسمة روح حياة من كل ما في اليابسة مات. فمحا الله كل قائم كان على وجه الأرض. الناس والبهائم والدبابات وطيور السماء. فانْمَحَت من الأرض...". [التكوين 7 : 18-23].
ووفقاً لسلسلة النسب الواردة في الفصل الخامس من سفر التكوين، نستنتج أن نوح وُلد بعد 1056 سنة بعد آدم أي في حوالي سنة 2740 ق.م.
وكان نوح يبلغ 600 سنة عندما حصل الطوفان: "ولمّا كان نوح ابن ست مئة سنة صار طوفان الماء على الأرض".[التكوين7 : 6]. وتبعاً لهذا التسلسل، نرى أن الطوفان حصل في حوالي سنة 2140 ق.م.
الآن، وحسب هذه المعلومات والتواريخ المُستخلصة من الكتاب المقدس، كيف نستطيع أن نقنع الناس أن هذه الكارثة العالمية التي قضت على كل أثر للحياة على سطح الأرض قد حصلت في القرن 22 ق.م. في الوقت الذي كانت فيه آلاف الحضارات، كالحضارة المصرية والحِِثِّية في آسيا الصغرى (Hittite) والمِينَوِيَّة في جزيرة كريت (Minoan) والمِسِّينيَّة في جنوب اليونان (Mycenaean) والصينية وغيرها قائماً ومزدهراً ومنتشراً في عدّة أجزاء من الكرة الأرضية؟! هل هذا مقبول منطقياً أو علمياً؟
في القرآن الكريم، لا نجد أي معلومة تحدد تاريخ الطوفان، لذلك فليس هناك أي مجال للنقد. ولكن القرآن يذكر أن هذا العقاب نزل فقط على قوم نوح، فبالتالي لا يقتضي أن يكون الطوفان عاماً للأرض:
" وقوْم نوح لمّا كذَّبوا الرُّسُل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذاباً أليما ". [الفرقان : 37].
وتروي الكاتبة الأميركية روث مور (Ruth Moore 1903-1989) في كتابها "الأرض التي نعيش فيها" أن عالم الآثار البريطاني السِّير تشارلز ليونارد وولي (Sir Charles Leonard Wooley 1880-1960)عندما قصد العراق في أوائل سنة 1920، وهو يرأس البعثة التي شارك فيها المتحف البريطاني وجامعة بنسلفانيا الأميركية، لم يكن بالتأكيد يفكر في الطوفان، فقد كان الغرض من البعثة التنقيب عن آثار جزء من التاريخ الماضي. وقد أدَّت الحفريات التي قام بها في الروابي التي تقع على مسافة حوالي أربعة أميال شمالي مدينة "أور" في مكان يُعرف باسم "تلْ العبيد" حيث وُجدت المقابر المَلكية، إلى اكتشاف طبقات من الطمي على عمق كبير طُمرت فيها كميات من الأواني الفخارية والأدوات الصوَّانية ممّا كان يستعمل في العصر الحجري، وكذلك تماثيل من الفخار وأجزاء من الطين لا تزال مُنطبعة عليها آثار أعواد البوص (نبات من نباتات المستنقعات على هيئة القصب) التي كان مضغوطاً عليها. وقد دلَّ الفحص المجهري على أن المياه هي التي رسبّت هذا الطمي، وأنه يتكوّن من مواد جرفتها المياه من المنطقة الوسطى لنهر الفرات، وهذا كلّه دليل على وجود طوفان غَمَرَ تلك المناطق منذ زمن بعيد. وقد دلَّت بحوث السير ليونارد وولي على أن ارتفاع الطوفان لم يكن أقلّ من 25 قدماً (حوالي 8.5 أمتار) ولم يشمل الدنيا كلّها، ولكنه كان سيلاًً طغى على وادي دجلة والفرات وأغرق كل المنطقة المأهولة الواقعة بين الجبال والصحراء.
4- الخروج
في الكتاب المقدس، يؤلف سفر الخروج الكتاب الثاني من الكتب الخمسة التي تُنسب إلى النبيّ موسى وهو ثاني أسفار العهد القديم. وهو يروي قصة خروج موسى مع بني إسرائيل من مصر هرباً من ظلم فرعون، كما يتحدث عن العهد الذي أقامه الله مع موسى فوق جبل سيناء.
تبدأ قصة الخروج الكتابية بالحديث عن مجيء بني إسرائيل إلى مصر مع يعقوب ليلتحقوا بيوسف. وبعد موت يوسف وجميع ذلك الجيل، يقوم ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف: " ثم قام مَلِك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف ". [الخروج 1 : 8].
وتبدأ بعدها فترة ظلم واضطهاد واستعباد بني إسرائيل، فيُسَخِّرُهم فرعون مصر لبناء مدينتيْ فيثوم ورعمسيس [الخروج 1 : 11]. وخشية من تزايد النمو بين بني إسرائيل، أمر فرعون بطرح كل مولود ذَكَر عبراني في النهر. في ذلك الوقت، وبعدما خبأته لمدة ثلاثة أشهر خوفاً من فرعون، تضطر والدة موسى إلى وضع ابنها في سلَّة فتلقيه في النهر لتلتقطه ابنة فرعون فيما هي تغتسل في ذلك النهر. وعملاً بنصيحة أخت موسى التي وقفت تراقب من بعيد، تدعو ابنة فرعون مرضعة من العبرانيات لتُرضِع الصبي، ولم تكن هذه المرضعة إلاّ والدة موسى. ويكبُر موسى وتُعامله ابنة فرعون معاملة الابن. وبعد قتله رجلاً مصرياً، يخاف موسى من عقاب فرعون، فيهرب إلى أرض مِدْيَان حيث عاش وتزوج. بعد فترة يموت الفرعون ويخلفه آخر [الخروج 2 : 23]. وبعدما أعطاه قوىً فائقة الطبيعة، يأمر الله موسى بالذهاب إلى الفرعون الجديد طالباً منه تحرير بني إسرائيل من ظلم العبودية، فيرفض فرعون. ويعود الله ليأمر موسى مرة ثانية بالذهاب إلى فرعون لإطلاق بني إسرائيل، فيرفض فرعون مرة أخرى. فيرسل الله العذاب على مصر، ومع كل هذا يأبى فرعون أن يمنح الحرية لبني إسرائيل. عندها يطلب الله من موسى أن يهرب ليلاً مع بني إسرائيل إلى شواطئ البحر الأحمر [الخروج 12 : 37]. ولكن فرعون يعلم بالأمر فيلحق بهم مع جنوده [الخروج 8:14]. عند وصول موسى إلى البحر الأحمر، يضرب بعصاه الماء فينفلق البحر ويَعبُر مع بني إسرائيل إلى الضفة الأخرى. وعندما يحاول فرعون وجنوده اللحاق بهم عبر الممر البحري، يرجع البحر إلى طبيعته فيغرق فرعون وجنوده [الخروج 14 : 27-29].
عند قراءة رواية الخروج في الكتاب المقدس، نجد أنها تحتوي على العديد من الثغرات التي تتناقض مع الوقائع التاريخية والكرونولوجية الثابتة والصحيحة:
يخبرنا الكتاب المقدس أن مدة بقاء بني إسرائيل في مصر كانت 400 أو 430 سنة:
" فقال لأبرام اعلم يقيناً أن نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم ويُستعبدون لهم. فيُذلونهم أربع مئة سنة ". [التكوين 15 : 13].
" وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مئة وثلاثين سنة ". [الخروج 12 : 40].
ويخبرنا الكتاب المقدس أيضاً أن الخروج حصل قبل 480 سنة من بناء هيكل سليمان:
" وكان في سنة الأربع مئة والثمانين لخروج بني إسرائيل من أرض مصر في السنة الرابعة لمُلْكِ سليمان على إسرائيل في شهر زيو وهو الشهر الثاني أنه بنى البيت للرب ". [الملوك الأول 6 : 1].
ومن المعروف تاريخياً أن هيكل سليمان قد بُنِيَ في سنة 971 ق.م.
ومن هنا نستطيع أن نستنتج أن الخروج من مصر قد حدث في حوالي سنة 1451 ق.م.، وإذا أضفنا مدة بقاء بني إسرائيل في مصر والتي تساوي 400 أو 430 سنة، فإننا نصل إلى النتيجة التالية:
إن دخول يوسف إلى مصر لأول مرة كان في سنة 1851 ق.م. أو في سنة 1881 ق.م.!
ووفقاً للتاريخ الذي يعطيه الكتاب المقدس في سفر التكوين، فإن إبراهيم عاش أيضاً في حوالي سنة 1850 ق.م.!
وهنا نضطر إلى أن نسأل السؤال التالي المربك والمحيّر: وفقاً للكتاب المقدس فإن الفارق الزمني بين يوسف وإبراهيم هو حوالي 250 سنة، وبما أن الدخول إلى مصر قد حصل في سنة 1851 ق.م.، فهل حصل الدخول إلى مصر في أيام إبراهيم أم في أيام ابن حفيده يوسف؟
هذا هو السبب الأول الذي أفقد رواية الخروج الكتابية مصداقيتها من الناحية التاريخية والكرونولوجية! أم السبب الثاني فهو التالي:
من المعروف تاريخياً أن من بَنَى مدينتيْ فيثوم ورعمسيس هو فرعون مصر رعمسيس الثاني الذي اعتلى كرسي العرش ما بين سنوات 1290-1224 ق.م. أي لمدة 66 سنة تقريباً. ووفقاً لسفر الخروج، الفصل الأول والثاني، فإن موسى قد وُلد في بداية حكم رعمسيس الثاني. ويخبرنا الكتاب المقدس أن هذا الفرعون مات عندما كان موسى في مديان: " وحدث في تلك الأيام الكثيرة أن ملك مصر مات " [الخروج 2 : 33]؛ "وأما موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان ". [الخروج 3 : 1].
ونستنتج أنه عندما مات فرعون مصر، كان سِنّ موسى تقريباً بين 67 و 70 سنة.
وكان موسى في الثمانين من عمره حينما طلب من فرعون إطلاق بني إسرائيل:
وهكذا نجد أن فرعونيْن اثنيْن قد حَكَمَا مصر خلال مدة وجود موسى بتلك البلاد. فيكون هناك فرعون الاضطهاد وهو رعمسيس الثاني الذي استعبد بني إسرائيل وسَخَّرَهم لبناء مدينتيْ فيثوم ورعمسيس، وفرعون الخروج وهو خليفة رعمسيس الثاني، ابنه الفرعون مرينبتا (Merenptah) الذي حكم مصر وفقاً لإحدى الوثائق التاريخية 10 سنوات (1224-1214 ق.م.) ووفقاً لوثائق أخرى 20 سنة (1224-1204 ق.م.).
المهم أن مجموع مدة حكم فرعونيْن متتالييْن يجب أن لا تقلّ عن ثمانين سنة، وهي فترة مكوث موسى في مصر. وإذا راجعنا الوقائع التاريخية والكرونولوجية، فإننا لا نجد أي فرعونيْن متتالييْن حكما مصر لمدة أَقلَّها ثمانين سنة إلاّ رعمسيس الثاني وابنه مرينبتا.
وهكذا يتأكد لنا من خلال الكتاب المقدس أن فرعون الخروج هو خليفة رعمسيس الثاني ابنه مرينبتا. ولكن إذا عدنا إلى الآية الموجودة في سفر الملوك الأول، نجد أن الخروج حدث قبل 480 سنة من بناء معبد سليمان أي في حوالي سنة 1451 ق.م.، بينما يخبرنا الكتاب المقدس في سفر الخروج أن خروج موسى مع بني إسرائيل من مصر قد حصل خلال حكم الفرعون مرينبتا أي بين سنة 1224 و1204 ق.م.!
هل وجود حوالي 230 سنة فارق بين كلتا الروايتيْن هو مقبول من ناحية الوقائع التاريخية والكرونولوجية؟!
يشير القرآن الكريم إلى قصة الخروج في العديد من السور. ورغم التشابه مع الكتاب المقدس في بعض التفاصيل والاختلاف في أخرى، إلاّ أن القرآن لا يحدد أي تاريخ لهذا الحدث ولا يذكر اسم الفرعون ولا سِنّ موسى، وبذلك لا يمكن وضع واقعة خروج موسى من مصر على الخريطة الزمنية والكرونولوجية للأحداث، وبالتالي فليس هناك أي مجال للنقد.
104- مَلِك أم فرعون: الدِّقة القرآنية مقابل الخطأ الكتابي!
في هذا القسم سنبحث في استعمالات لقب "فرعون" و "مَلِك" التي تُعطى لحاكم مصر في زمن إبراهيم (القرن 19 ق.م.) ويوسف (القرن 16-17 ق.م.) وموسى (القرن 13 ق.م.) في كلٍّ من الكتاب المقدس والقرآن الكريم. فالكتاب المقدس يستخدم دائماً لفظة "فرعون" للإشارة إلى حاكم مصر في زمن إبراهيم ويوسف وموسى من دون أيّ تمييز، بينما يستعمل القرآن الكريم لفظة "مَلِك" باستمرار للإشارة إلى حاكم مصر المُعاصر ليوسف ويستعمل لفظة "فرعون" فقط في زمن موسى:
وفقاً لسفر التكوين، فإن الكتاب المقدس يُطلِق على حاكم مصر المُعاصر لإبراهيم لقب "فرعون" 6 مرات: "ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون. فأُخذت المرأة إلى بيت فرعون. فصنع إلى أبرام خيراً بسببها... فدعا فرعون أبرام وقال ما هذا الذي صنعت بي ". [التكوين 12 : 14-20].
ووفقاً لسفر التكوين أيضاً، فإن الكتاب المقدس يُطلِق أيضاً على حاكم مصر المُعاصر ليوسف لقب فرعون في 90 مناسبة: " فأرسل فرعون ودعا يوسف. فأسرعوا به من السجن. فحلق وأبدل ثيابه ودخل على فرعون. فقال فرعون ليوسف حلمت حلماً وليس من يُعبِّره... فأجاب يوسف فرعون قائلا ليس لي. الله يجيب بسلامة فرعون ". [التكوين 41 : 14-16].
في سفر الخروج، يمنح الكتاب المقدس حاكم مصر في زمن موسى لقب فرعون 128 مرة:
" فسمع فرعون هذا الأمر فطلب أن يقتل موسى. فهرب موسى من وجه فرعون وسكن في أرض مديان وجلس عند البئر ". [الخروج 2 : 15].
وهكذا نجد أن الكتاب المقدس يعطي لقب "فرعون" لجميع ملوك مصر المعاصرين لإبراهيم ويوسف وموسى دون أي تمييز.
في القرآن الكريم نجد أن لغة التخاطب مختلفة عمّا هي عليه في الكتاب المقدس. فالقرآن يشير إلى حاكم مصر المُعاصر ليوسف بلفظة "مَلِك"، في حين يُسَمِّيه الكتاب المقدس "فرعون". ولا مرة أطلق القرآن لفظة "فرعون" على حاكم مصر في زمن يوسف: " وقال المَلِك إني أرى سبع بقرات سٍمَان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأُخَر يابسات يا أيها الملأ أَفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبُرون ". [يوسف : 43].
وقد وردت لفظة "مَلِك" للإشارة إلى حاكم مصر في زمن يوسف خمس مرات في سورة يوسف [يوسف : 76،72،54،50،43] من دون أن يشير إليه ولا أيّ مرة بلفظة "فرعون".
أما بالنسبة إلى حاكم مصر في زمن موسى، فالقرآن يشير إليه باستمرار بلفظة "فرعون". ولا مرة أطلق القرآن على حاكم مصر في زمن موسى لقب "مَلِك": " وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين ". [الأعراف : 104].
وقد وردت لفظة "فرعون" للإشارة إلى حاكم مصر المُعاصر لموسى 73 مرة في القرآن الكريم من دون أن يشير إليه ولا أيّ مرة بلفظة "مَلِك".
"مَلِك" أم "فرعون"؟ هذه الاختلاف البسيط في اللفظ بين الكتاب المقدس والقرآن الكريم له معاني ودلالات كبيرة:
"فرعون (البيت العظيم باللغة المصرية)، إسم استُعمل من قِبَل المصريين القدماء للإشارة إلى قصر مَلِكهم أولاً. مع مطلع عهد السلالة الحاكمة الثامنة عشرة (1550-1307 ق.م.) أُعطي هذا اللقب للمَلِك نفسه". (موسوعة إنكارتا).
“Pharaoh (Egyptian Great House), name originally used by the ancient Egyptians for the palace of their king. Beginning in the 18th Dynasty (1550-1307 BC) it was applied to the king himself”. (“Pharaoh”, Encyclopaedia Encarta CD 2001).
"من المصرية per-aa التي تعني البيت العظيم، في المقام الأول القصر الملكي في مصر القديمة؛ هذه الكلمة بُوشِر باستعمالها كمرادف للمَلِك المصري في عهد المملكة الجديدة (بدءاً من السلالة الحاكمة الثامنة عشرة 1539-1292 ق.م.)". (موسوعة بريطانيكا).
“from Egyptian per-aa (great house), originally, the royal palace in ancient Egypt; the word came to be used as a synonym for the Egyptian king under the New Kingdom starting in the 18th Dynasty, 1539-1292 BC. (Pharaoh, Encyclopaedia Britannica CD 99, Standard Edition © 1994-1999 Encyclopaedia Britannica, Inc).
"منذ المملكة الجديدة فصاعداً، فإن لقب فرعون والذي يأتي من الكلمة المصرية (القصر الملكي)، قد مُنح لملوك مصر القديمة". (موسوعة الأكاديمية الأميركية).
“From the New Kingdom onward the title pharaoh, from an Egyptian word meaning (the royal palace), was given to the kings of ancient Egypt”. (Pharaoh, The Academic American Encyclopaedia, (Electronic Version), Copyright © 1995 Grolier, Inc., Danbury, CT).
"فرعون (البيت العظيم)، اسم استُعمل أولاً من قبل المصريين القدماء للإشارة إلى قصر مَلِكهم. مع بدء عهد السلالة الحاكمة الثامنة عشرة (1570-1293 ق.م.) أُعطيَ هذا الاسم للمَلِك نفسه". (موسوعة فانك & واغنالز).
“Pharaoh (Egypt. Great house), name originally used by the ancient Egyptians for the palace of their king. Beginning in the 18th Dynasty (1570-1293 BC) it was applied to the king himself”. (Pharaoh, The Funk & Wagnalls Encyclopaedia, © 1995 Funk & Wagnalls Corporation, Infopedia 2.0, SoftKey Multimedia Inc).
"فرعون، لقب ملوك مصر حتى سنة 323 ق.م.، في اللغة المصرية فإن كلمة فرعون تعني البيت العظيم. هذه الكلمة استُعملت أولاً لوصف قصر الملك. في حوالي 1500 ق.م. أُعطيَ هذا الاسم للمَلِك". (قاموس الكتاب المقدس نيلسون).
“Pharaoh, the title of the kings of Egypt until 323 BC. In the Egyptian language the word Pharaoh means (great house). This word was originally used to describe the palace of the king. Around 1500 BC this term was applied to the king”. (Herbert Lockyer, Sr., General Editor, F.F. Bruce et al., Consulting Editors, "Pharaoh", Nelson’s Illustrated Bible Dictionary, 1986, Thomas Nelson Publishers).
في كتابه "عِلم النحو والصرف المصري: مقدمة لدراسة الهيروغليفية"، قام عالم الآثار المصرية البريطاني السير ألن غاردينر بمناقشة ودراسة كلمة "فرعون" وقد توصّل إلى أن هذا اللقب لم يُستعمل للإشارة إلى ملك مصر إلاّ في عهد المملكة الجديدة خلال حُكم السلالة الثامنة عشرة وبالتحديد في عهد أخناتون الرابع 1353-1336 ق.م. كما سجَّلتها مخطوطة "كاهون" (Kahun Papyrus)
كما رأينا، فإن جميع المعارف والوثائق التاريخية الصحيحة تؤكد أن لفظة "فرعون" تأتي من الكلمة المصرية القديمة “Per-aa” التي تعني "البيت العظيم"، وهي اسم كان يُشار به فقط إلى قصر مَلِك مصر، ولم يُطلق المصريون لقب "فرعون" على مَلِك مصر إلاّ في عهد المملكة الجديدة في ظلّ حكم السلالة المصرية الثامنة عشرة. فالكتابات الهيروغليفية تؤكد أن استعمال كلمة "فرعون" لأول مرة للإشارة إلى مَلِك مصر كان في عهد أخناتون الرابع الذي حَكَم مصر بين سنوات 1353-1336 ق.م. أي في منتصف القرن 14 ق.م. كما تؤكد مخطوطة "كاهون".
بناءاً على هذه المعلومات، فإن إطلاق كلمة "فرعون" على مَلِك مصر في زمن موسى الذي عاش في القرن 13 ق.م. هو صحيح تماماً، ولكن استعمال لفظة "فرعون" للإشارة إلى مَلِك مصر في زمن يوسف الذي عاش في القرن 16-17 ق.م. أو في زمن إبراهيم الذي عاش في القرن 19 ق.م. هي مفارقة تاريخية كبيرة (anachronism)، فالأمر أشبه بأن نقول أن يوليوس قيصر استعمل الهاتف أو أن نابوليون ركب الطائرة! هذا الخطأ يتكرّر باستمرار في عدة فصول من سفر التكوين. فلقد كَتَبَ مُؤلِّفو الكتاب المقدس نصوصهم تحت تأثير مجموعة المعارف المُعاصرة لهم عندما كان مَلِك مصر يُشار إليه بلفظة "فرعون" ظنّاً منهم أن مَلِك مصر كان يُسمى دائماً بهذا الاسم!
الوضع في القرآن الكريم مختلف تماماً. فإننا نجد أن القرآن يعطي لحاكم مصر المُعاصر ليوسف لقب "مَلِك" دون أن يُسمِّيه ولا أيّ مرة بـ "فرعون". أما بالنسبة لمَلِك مصر في زمن موسى، فالقرآن يدعوه دائماً "فرعون".
هذه الوقائع لم تكن معروفة في زمن التنزيل القرآني. في ذلك الوقت، كان الكتاب المقدس هو المصدر الوحيد للقصص والروايات القديمة. فإذا كان محمد قد نَسَخَ الكتاب المقدس كما يحب أن يدَّعي البعض، فلماذا لم ينسخ هذا الخطأ أيضاً؟ هذا بالإضافة إلى أن الكتابة الهيروغليفية لم تُحَلّ طلاسمها إلا في القرن التاسع عشر ميلادي على يد عالم الآثار المصرية الفرنسي جان شومبوليون (Jean Champollion 1790-1832) ولم يكن بمقدور أي شخص قراءتها قبل سنة 1924م.
إذا كانت جميع المعارف والعلوم البشرية المُرتبطة بهذا الشأن معدومة في زمن التنزيل، فمن أين أتى محمد بهذه المعلومة؟
" وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الكَافِرُونَ. وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ المُبْطِلُونَ. بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ. وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّمَا أنَا نَذِيرٌ مُبِينُ. أَوَ لَمْ يَكْفِهِمُ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. قُلْ كَفَى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ ". [العنكبوت : 47-52].
Patriarch |
Some Royal names associated with Period |
Period
|
Dates BC(approx.) |
Dynasties |
|
|
No written records exist |
Predynastic |
4500-3150
|
|
|
|
Narmer-Menes, Aha, Djer, Hetepsekhemwy, Peribsen |
Thinite Period |
3150-2700 |
1 & 2 |
|
|
Djoser, Snofru, Khufu, Khafre, Menkauhor, Teti, Pepy |
Old Kingdom |
2700-2200 |
3 & 6 |
|
|
Neferkare, Mentuhotpe, Inyotef
|
First Intermediate |
2200-2040 |
7 & 11 |
|
Abraham |
Ammenemes, Sesostris, Dedumesiu |
Middle Kingdom |
2040-1674 |
11 & 12 |
|
Jacob, Joseph |
Salitis, Yaqub-Har, Kamose, Seqenenre, Apophis |
Second Intermediate |
1674-1553 |
13 & 17 |
|
“Pharaoh” first applied to the king around middle of the 14th century BC, c1352-1348 BC. Moses born around the beginning of the 13th century BC. |
Ahmose, Amenhotep, Tuthmose, Hatshepsut, Akhenaton (Amenophis IV), Tutankhamen, Horemheb, Seti, Ramesses, Merenptah |
New Kingdom |
1552-1069 |
18 & 20 |
|
|
Smendes, Shoshenq, Osorkon, Takelot |
Third Intermediate |
1069-747 |
21-23 |
|
|
Piankhy, Taharqa, Psammetichus |
Late Period |
747-525 |
24-26 |
|
|
Cambyses, Darius, Xerxes, Artaxerxes |
First Persian Period |
525-404 |
27 |
|
|
Amyrtaeus, Nepherites, Nectanebo |
Dynasties 28-30 |
404-343 |
28-30 |
|
|
Artaxerxes, Arses, Darius, Khababash |
Second Persian Period |
343-332 |
|
|
|
Alexander the Great, Ptolemy, Cleopatra, Augustus, Tiberius, Nero, Domitian |
Greco-Roman |
332-395AD |
|
The layout of this table is based on “People Of The Pharaohs: From Peasant To Courtier” by Hilary Wilson (1997, Michael O'Mara Books Limited, London) and all dates are taken from “A History Of Ancient Egypt” by Nicholas Grimal (1988, Blackwell Publishers, Oxford).
5- الأرنب المُجْتَرّ (The ruminant rabbit)!
بينما هو يُسجل أحكام الطعام اليهودية، ذَكَرَ مؤلف سفر اللاويين فكرة غريبة للغاية فيما يتعلق ببيولوجية الحيوانات. فلقد أخبرنا أن الأرنب يُعيد جزءاً من طعامه من معدته الأولى إلى فمه ليمضغه ثانية أي أنه يَجْتَرّ تماماً كالجمل:
" والأرنب لأنه يَجْتَرُّ لكنه لا يشق ظِلفاً فهو نجس لكم ". [لاويين 11 : 6].
من الثابت أن الأرنب يُعْوِزُه وينقصه المعدة الأولى (Rumen) وهي إحدى الأعضاء الداخلية التي من خلالها يمكن للحيوان المُجْتَرّ أن يعيد مضغ طعامه، إلاّ أن مؤلف سفر اللاويين كان مُصِرّاً على جعل الأرنب حيواناً مُجْتَرّاً!!! هل الله هو مُلهم هذه الآية الكتابية؟
6- الجُنْدُب (القبُّوط) ذات الأربع أَرْجُل!
" وكل دبيب الطير الماشي على أربع فهو مكروه لكم. إلاّ هذا تأكلونه من جميع دبيب الطير الماشي على أربع. ما له كُراعان فوق رجليْه يثب بهما على الأرض. هذا منه تأكلون. الجراد على أجناسه والدَّبَا على أجناسه والحَرْجُوَان على أجناسه والجُنْدُبُ على أجناسه. لكن سائر دبيب الطير الذي له أربع أرجل فهو مكروه لكم ". [لاويين 11 : 20-23].
يبدو أن مؤلف سفر اللاويين قد تأخر كثيراً حتى يَعُدّ أرجل الجُنْدُب أو القَبُّوط! يبدو أنه لم يلاحظ أن للجُنْدُب ستة أرجل وليس أربعة كما ادّعى! هل الله هو مُلهم هذه الآيات أيضاً؟
إن الأصل العبراني تقول: "الذي لا كراعان على رجليه"، وهذه هي العبارة العبرانية: "اشير لاكرعيم ممعل لرجليو". فكيف ترجموه بقولهم له كراعان؟! ولو كان كذلك في العبرانية لكانت: "اشيرلو كرعيم".
7- أعمدة السماء والأرض!
وكما في الأساطير السومرية كذلك في الكتاب المقدس نجد الأعمدة التي تحمل السماء:
في الكتاب المقدس (The New American Bible, St. Joseph’s Medium Size Edition, pp. 4-5)، نجد في الصفحات الأولى لوحة جميلة قد رسمها "المؤلف" وهي تمثل كوكب الأرض بشكل دائرة مُسطّحة تقوم على الأعمدة، ونجد السماء على شكل طاس مقلوبة تقوم هي أيضاً على أعمدة منعاً من السقوط!! وبعد شرح طويل لهذه اللوحة الرائعة، استنتج الناشرون أخيراً بأن هذه الصورة هي "مبدأ قَبْعِلْمي للكون" أي ذو علاقة بالمرحلة السابقة لنشوء العلم الحديث أو لتطبيق الطريقة العلمية.
لم تكن هذه الصورة نتيجة الخيال الواسع للمؤلف، إنما كانت استنتاجاً من الكتاب المقدس نفسه: "أعمدة السماوات ترتعد وترتاع من زجره ". [أيوب 26 : 11].
بالمقارنة مع القرآن الكريم، فإن القرآن يدحض مفهوم الأعمدة:
" الله الذي رفع السماوات بغير عَمَدٍ ترونها ". [الرعد : 2].
" خلق السماوات بغير عَمَدٍ ترونها ". [لقمان : 10].
وكذلك نجد أن القرآن يدحض مفهوم الأرض الثابتة:
" ألم نجعل الأرض كِفَاتاً ". [المرسلات : 25].
في اللغة نجد أن كلمة "كِفَاتاً" مشتقة من كلمة "كَفَتَ" والتي تعني أسرع في العدو والجريان. ويُقال كَفَتَ الطائر أو غيره أي أسرع في الطيران أو العدو. فتأتي هذه الآية بمعنى "ألم نجعل الأرض سريعة العدو والجريان".
“To assert that the earth revolves around the sun is as erroneous as to claim that Jesus Christ was not born of a virgin”. (Italian theologian Cardinal Robert Bellarmine 1542-1621- during the trial of Galileo in 1615).
"أولئك الذين يجزمون أن الأرض تسير وتدور هم مدفوعون بواسطة روح التهور والتناقض والتعييب، أولئك بهم مسّ من الشيطان ويهدفون إلى إفساد نظام الطبيعة". (جون كالفين).
“Those who assert that 'the earth moves and turns'...[are] motivated by 'a spirit of bitterness, contradiction, and faultfinding;' possessed by the devil, they aimed 'to pervert the order of nature”. (French theologian John Calvin 1509-1564).
"الناس يُصغون إلى فلكيّ مُحْدَث النعمة (كوبرنيكس) الذي ناضل لإظهار أن الأرض هي التي تدور وليست السماء أو الشمس أو القمر. من شاء أن يبدو حاذقاً عليه أن يبتكر نظاماً جديداً يفوق كل الأنظمة السابقة. هذا المجنون يتمنى أن يعكس كل العلوم الفلكية، ولكن الكتاب المقدس يخبرنا أن يشوع أمر بالشمس أن تتوقف لا الأرض". (مارتين لوثر).
“People gave ear to an upstart astrologer [Copernicus] who strove to show that the earth revolves, not the heavens or the firmament, the sun and the moon. Whoever wishes to appear clever must devise some new system, which of all systems is of course the very best. This fool wishes to reverse the entire science of astronomy; but sacred Scripture tells us that Joshua commanded the sun to stand still, and not the earth [Joshua 10:12-14]”. (German theologian Martin Luther 1483-1546).
وإن قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب. فما تكلم به النبيّ باسم الرب ولم يحدث ولم يَصِرْ فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب بل بطغيان تكلم به النبيّ فلا تخف منه". [التثنية 18 : 21-22].
هذا هو المعيار والمقياس العادل والمُحق للحكم على الكتاب المقدس والقرآن الكريم ما إذا كانا وحياً وإلهاماً من الله أو أنهما من تأليف وصناعة البشر. ولم نأخذ صيغة التحكيم هذه من القرآن الكريم أو من أيّ كتاب آخر حتى لا نُتَّهَم بالتحيّز، إنما استخلصناها من الكتاب المقدس نفسه!
ويبقى أن نجيب على السؤال التالي: وفقاً لهذه العيِّنَة البسيطة للأفكار والروايات الواردة في الكتاب المقدس، هل تبيّن لنا أنها صحيحة أم خاطئة؟ وبالتالي هل هي من عند الله أم من عند البشر؟!
من السهل جداً الإجابة على هذا السؤال، ولكن من الصعب جداً تَقَبُّل الجواب
الحقيقة العلمية في القرآن الكريم
" قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ. سَنُرِيهِمْ آيَتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد". [فصلت : 52-53].
إن العلاقة القائمة بين الدِّين والعِلم لم تكن دائماً علاقة تناغم ووفاق. فالمقارنة بين الكتب السماوية المُلهَمة من الله وبين الحقائق الدنيوية التي توصل إليها العلماء هي اليوم في نظر الكثير من الناس واقعة متناقضة. ولكن هذه الواقعة قد تكون متناقضة أو منافية للعقل ظاهرياً، ومع ذلك فإنها قد تكون صحيحة.
وفي المجتمعات الغربية خصوصاً، عندما تُناقَش المسائل الدينية والعلمية، فإن الناس، تلقائياً ولا إرادياً، يشيرون فقط إلى المسيحية واليهودية الزاخرتان بالأخطاء العلمية مع إغفال تام وكُلِّي للدِّين الإسلامي. ولذلك فإننا نجد اليوم أن أغلبية العلماء المُكَبَّلين والمُقيَّدين إلى النظريات المادية يُبدون اللامبالاة وعدم الاكتراث وأحياناً الاحتقار تجاه كل القضايا الدينية التي يعتبرونها مبنيّة على الخرافات والأساطير.
ولكن لا بدّ من الاعتراف والإقرار أن الكثير من العلماء واجهوا صعوبات وعوائق جمّة من قبل السلطات الدينية. ولقرون عديدة تواجه التقدم العلمي في العالم المسيحي مع السلطات الكنسية التي كانت تملك حقّ المبادرة أي الحقّ في سَن التشريع الذي تراه مناسباً دون الرجوع إلى المصادر الموثوقة. وكانت الإجراءات والعقوبات صارمة بحقّ كل الذين يحاولون وينشدون توسيع آفاق العلم؛ هذه العقوبات التي كانت تدفع العلماء إلى الشجب والإنكار العلني لأفكارهم العلمية وتقديم الاعتذار الرسمي إلى الكنيسة وإلى الفرار إلى المنفى محاولين تجنب عقوبة الإعدام حرقاً. وأكبر مثال على ذلك، قضية العالم الفلكي الإيطالي غاليليو غاليلي الذي أَيَّدَ نظرية العالم البولندي كوبرنيكس (Nicolaus Copernicus 1473-1543) القائلة بأن الأرض وسائر الكواكب السيارة تدور حول الشمس وحول نفسها. وقد دانت الكنيسة المسيحية العالم غاليلي وأحالته إلى المحاكمة لتجرّئه على تأييد هذه الثابتة الكوْنية التي كانت مناقضة للكتاب المقدس ومخالفة للنظام الكوني الخاطئ الذي وضعه العالم اليوناني بطليموس في القرن الثاني ميلادي والموروث والمُعتمَد من قبل السلطة الكنسية آنذاك.
والمثال الآخر على اضطهاد الكنيسة للعلماء والمفكرين هو الفيلسوف والشاعر الإيطالي برونو جيوردانو (Bruno Giordano 1548-1600) الذي اتهمته الكنيسة المسيحية بالهرطقة وأعدمته حرقاً سنة 1600. ولا بدّ أن نذكر أيضاً قديسة مدينة أورليان الفرنسية جان دارك التي اتهمتها الكنيسة المسيحية بالهرطقة وأعدمتها حرقاً في سنة 1431 في مدينة روان الفرنسية.
في العالم الإسلامي، نجد أن لغة التخاطب بين العِلم والدِّين مختلفة اختلافاً جذرياً عمّا هي عليه في المسيحية واليهودية. فالعلاقة القائمة بين العلم من جهة والقرآن الكريم من جهة أخرى تبدو للوهلة الأولى مفاجئة ومذهلة خاصة إذا ما علمنا أنها علاقة تناغم وانسجام تام بعيدة عن التنافر والنشاز. فالقرابة والتوأمة بين العلم والقرآن هي حقيقة قائمة لأن القرآن يُقدّم مادة غير موجودة في أي كتاب ديني آخر أو في أي ديانة أخرى، وهذا هو بالفعل ما يطلبه العلماء والمُثقفون. ولا شيء يمكن أن يكون أوضح من الأحاديث الكثيرة المشهورة للنبيّ محمد في طلب العلم:
- "اطلبوا العلم ولو بالصين فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم".
- "من لم يصبر على ذُلِّ التعلم ساعة بقيَ في ذُلِّ الجهل أبدا".
- "فضل العلم أحبّ إلي من فضل العبادة".
- "من جاءت مَنِيَّته وهو يطلب العلم فبيْنه وبين الأنبياء درجة".
- "لَوَدَدت أن أصحابي ضُربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقّهوا".
- "إذا جاء الموت لطالب العلم وهو على هذه الحالة مات وهو شهيد".
- "من طلب العلم فهو كالصائم نهاره، القائم ليله، وإن باباً من العلم يتعلَّمه الرجل خير من أن يكون له جبل أبو قبيس ذهباً يُنفقه في سبيل الله".
- "من طلب العلم تكفّل الله في رزقه".
- "الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله".
- "العلماء مصابيح الأرض، وخلفاء الأنبياء، وورثتي، وورثة الأنبياء".
- "لا يُدرَك العلم براحة الجسد".
- "من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما معاً فعليه بالعلم".
هذا الحثّ إلى السعي في طلب العلم قد أدّى إلى اندلاع الثورة العلمية الإسلامية المدهشة ما بين القرن الثامن والثاني عشر ميلادي. ويكفي أن نذكر أن مكتبة بغداد كانت تُعتبر أكبر مكتبة في العالم لاحتوائها على أكثر من مليون مخطوطة وكتاب.
في نفس الوقت الذي كان فيها التقدم العلمي في ذروته في العالم الإسلامي، كان العالم المسيحي يمر بما سُمِّيَ بالعصور المظلمة (Dark Ages 476-1000) أو عصور الركود والخضوع التام للأفكار المُتخلفة والمُتحجرة. هذا الظلام العلمي كانت قد فرضته السلطات الكنسية التي ما دأبت تلاحق العلماء لقتلهم وحرقهم واضطهادهم لاعتبارهم سحرة ومشعوذين. وبعد النهضة الأوروبية التي نشأت في القرن الرابع عشر ميلادي في إيطاليا واستمرت إلى القرن السابع عشر والتي تميزت بالتأثر بالمفاهيم الكلاسيكية وبازدهار الأدب والفن وبانبلاج فجر العلم الحديث، نجد أن ردة الفعل الطبيعية عند العلماء كانت الانتقام من أعداء الأمس؛ هذا الانتقام الذي لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا والذي يتمثل بالنظرة الازدرائية تجاه الدِّين.
ولا تخفِي المسيحية ولا اليهودية سراً بانعدام قدرتها على وقف المَدّ الجارف للمادية والتيار الإلحادي المتزايد يوماً بعد يوم. فالإنسان المادي المُلحِد لا يرى في المسيحية واليهودية إلاّ نظاماً وضعه بعض البشر منذ زمن بعيد من أجل خدمة مصالحهم الشخصية وتدعيم سلطاتهم على الأتباع، ولا يجد في الكتابات المسيحية-اليهودية أي لغة تتلاءم وتتشابه مع فكره وعقله ومنطقه العلمي؛ فالمسيحية واليهودية تحتويان على الكثير من اللااحتمالية والتناقضات والتنافر مع العلوم الحديثة الدقيقة إلى درجة أنه يرفض أن يأخذ في الاعتبار أي نَصّ من الكتاب المقدس في الوقت الذي يرى فيه رجال اللاهوت قُدسيَة الأخذ بالكتاب المقدس كوحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة.
عندما نسأل المُلحد المادي عن رأيه في الإسلام عامة، نرى ابتسامة الرضا الذاتي ترتسم على وجهه والتي تكون في أغلب الأحيان تعبيراً عن جهله بهذا الموضوع. فمعظم المُثقفين في المجتمعات الغربية لا يملكون إلا بضعة ضئيلة من الأفكار الخيالية الخاطئة عن الإسلام والقرآن والتي أُقحِمت في عقولهم من قبل البعض المُتعصّب.
فالعديد من الأحكام الخاطئة المَبنيَّة على معلومات غير دقيقة قد أُلصقت بالإسلام من قِبَل الغرب وذلك نتيجة الجهل والتشويه الغير القانوني العام والشامل سواء كان ذلك عن قصد أو عن غير قصد. ومن المؤسف أننا نقرأ أحياناً أكاذيب حمقاء عن الإسلام في العديد من الأعمال البارزة والمحترمة من قِبَل أشخاص يعتبرهم المجتمع الغربي في ذروة الكفاءة والأهلية العلمية. فمثلاً، في الموسوعة الشاملة، وتحت عنوان "الأناجيل" يُلمِّح الكاتب، وهو بروفيسور اللاهوت في الجامعة اليسوعية في مدينة ليون الفرنسية، إلى الفوارق والاختلافات بين الإنجيل والقرآن، فيقول: "إن المُبشِّرين المسيحيين لا يَدَّعون نقل سيرة ذاتية في الإنجيل كالسيرة الذاتية الموجودة في القرآن والتي أملاها الله بطريقة عجيبة وغريبة على محمد".
(Gospels, Encyclopaedia Universalis, vol. 6).
في الواقع، إن القرآن الكريم لا يَمُتّ بأي صلة إلى أيّ سيرة ذاتية كانت لأي شخص كان. إن القرآن الكريم هو رسالة سماوية للبشرية كافة في الهداية والتبشير، حتى أن أسوأ الترجمات القرآنية إلى جميع لغات العالم ستُبيِّن ماهية القرآن واضحة وجلية لهذا البروفيسور اللاهوتي!
ويُطلق العديد من الناس العنان لمخيلتهم الجامحة ويبدأون باختلاق الادعاءات والأقاويل التي لا عدّ لها ولا حصر حول مصدر القرآن وشخصية محمد:
فمثلاًَ، إذا سألت أحدهم عن رأيه حول مصدر القرآن، سيُجيبك بلكنة تملؤها الثقة: "لقد نشأ القرآن من عقل رجل كاذب ومجنون". فاسأله عندها: "إذا كان القرآن وليد عقل رجل كاذب ومجنون، فمن أين أتى بكل هذه المعلومات؟ من أخبره بكل الحقائق العلمية الموجودة في القرآن"؟
ولدى وضعه أمام هذه التساؤلات، يبدأ شيئاً فشيئاً بتغيير مواقفه، فيقول: "حسناً، ربما محمد لم يكن مجنوناً أو كاذباً، لكن لا بدّ أن أحد الأشخاص أطلعه على هذه المعلومات".
وعندما يعلم بأن هذه الحقائق لم تُكتشَف إلا منذ سنوات قليلة، يبدأ بالبحث والتنقيب عن أرخص وأبخس الأجوبة، فيقول: "حسناً، أنت على حق. فالقرآن ليس من صنيع البشر، ولكني على يقين بأن الشيطان هو من أملاه على محمد"!
هذا هو المخرج السريع في اللحظات الحرجة والغير مريحة. في الواقع، هناك قصة شهيرة في الكتاب المقدس تخبرنا كيف أن بعضاً من اليهود كان شهوداً عندما أخرج يسوع شيطاناً من رجل أخرس. عندها اتهم هؤلاء اليهود يسوع بأنه الشيطان نفسه أو أن الشيطان عاونه لتنفيذ معجزته:
" وكان يُخرج شيطاناً وكان ذلك أخرس. فلمّا أُخرج الشيطان تكلم الأخرس. فتعجَّب الجموع. وأما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين. وآخرون طلبوا منه آية من السماء يُجرّبونه. فعلم أفكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب. وبيت منقسم على بيت يسقط. فإن كان الشيطان أيضاً ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته. لأنكم تقولون إني ببعلزبول أُخرج الشياطين ".
[لوقا 11 : 14-18].
اليوم تُكرّر وتُردّد هذه الرواية في كنائس العالم أجمع، وعند سماعها يبدأ الناس بالبكاء والاعتراف: "لو كنت موجوداً آنذاك، لما كنت غبيّاً كما كان هؤلاء اليهود".
ومع ذلك، وبمجرد اطلاعهم على القليل من المعجزات القرآنية، نجد أن هؤلاء الناس تعاملوا مع القرآن ومحمد تماماً كما تعامل اليهود مع يسوع! هذا هو الجواب الوحيد المتوفر لدى شخص حُشِر وسيق إلى الزاوية: "الشيطان هو من كتب القرآن"!
" وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ (يُفسد) بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مُبينا ". [الإسراء : 53].
" ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين ". [الزخرف : 62].
" يا أيها الذين آمنوا لا تتَّبعوا خطوات الشيطان ومن يتَّبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمُنكر...". [النور : 21].
" وكان الشيطان للإنسان خذولا ". [الفرقان : 29].
" وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ". [المؤمنون : 97].
" فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ". [النحل : 98].
هل هكذا يكتب الشيطان كتابه؟ إنه يقول لنا: "قبل أن تقرأ كتابي، أُطلب من الله أن يُعيذك ويحميك مني واسْتَعِن بالله واستمدّ منه القوة لتواجه خِدَعي وفِتَنِي وبذلك تخرج من سلطاني لتبقى في سلطان الله"!
ويذهب بعض الأشخاص إلى مقولتهم الشهيرة: "كل ما فعله محمد هو نسخ الكتاب المقدس، فأين المعجزة في ذلك"؟
وينسى هؤلاء أن أول ترجمة عربية للكتاب المقدس لم تظهر إلاّ بعد 3 قرون من رحيل محمد! فقد تُرجِم الكتاب المقدس لأول مرة إلى اللغة العربية على يد رئيس الأكاديمية الحَبْرِية في العراق الفيلسوف اليهودي سادية بن يوسف في حوالي سنة 928م. (Gaon Saadia ben Joseph, 882-942 AD).
وينسى هؤلاء أنه لو افترضنا أن محمد نسخ الكتاب المقدس، فهل نسخ فقط ما هو صحيح؟ فالكتاب المقدس مليء بالأخطاء العلمية والتاريخية والكرونولوجية والموضوعية والمنطقية، فلماذا لم ينسخها محمد أيضاً ويضعها في القرآن يا ترى؟! هل فَرَّق في القرن السابع ميلادي بين ما هو خطأ وبين ما هو صحيح؟! كيف أمكنه تفادي أخطاء الكتاب المقدس؟!
وينسى هؤلاء أن محمد كان إنساناً أُمِيّاً لا يقرأ ولا يكتب. وينسى المُشككين في هذه الحقيقة أن الدليل على أُمِّية النبيّ محمد موجود في كتابهم! فلنقرأ كتاب إشعياء:
" وصارت لكم رؤيا الكل مثل كلام السِّفْر المختوم الذي يدفعونه لعارف الكتابة قائلين اقرأ هذا فيقول لا أستطيع لأنه مختوم. أو يُدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويُقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة ". [إشعياء 29 : 11-12].
(هل يقول من لا يعرف أن يقرأ: "لا أعرف الكتابة؟" أم "لا أعرف القراءة؟").
“ For you this whole vision is nothing but words sealed in a scroll. And if you give the scroll to someone who can read, and say to him: Read this please, he will answer: I can’t; it is sealed. Or if you give the scroll to someone who cannot read, and say: Read this please, he will answer: I don’t know how to read ”.[Isaiah 29 : 11-12] (NIV: New International Version 1998).
تخبرنا هذه الآيات من كتاب إشعياء أن عهد الله الأخير وهو القرآن الكريم قد أُوحي للأنبياء السابقين ولكنهم كانوا عاجزين عن قراءته لكوْنه "مختوم" أيّ أنه مُوحى بلغة غريبة عنهم وهي اللغة العربية. فلقد كان مختوماً لأنه كان مُعَدّاً لخاتم الأنبياء، النبيّ الأُمِّي الذي لا يعرف القراءة. وحتى مجيء هذا النبيّ، فإن الناس سيظلّون عاجزين عن فهم واحتمال الرسالة الأخيرة كما جاء في إنجيل يوحنا: " إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية". [يوحنا 16 : 12-13].
وإذا ما أضفنا نِدْرة وقِلَّة الكُتب الدينية في القرن السابع ميلادي، سنفهم غموض هذا الإدعاء المخالف تماماً للعقل السليم!
إذا لم يكن القرآن وحياً، فإنه بالتالي يكون مخادعة. وإذا كان القرآن مجرّد مخادعة، فعلينا أن نجيب على سؤالين مهمين:
1- ما هو مصدر القرآن؟
2- في أي مكان من القرآن توجد هذه المخادعة؟
وبالتأكيد، إذا أصرّ أحدهم على أن القرآن هو مخادعة، فعليه إذن أن يأتي بالدليل لإثبات هكذا ادعاء وبالتالي يقع عبء الإثبات على عاتقه وليس على عاتقنا. ويبقى أن نشير إلى أن الكنيسة الكاثوليكية قد اعترفت أخيراً بما يلي: "على مرّ العصور، توالت الكثير من النظريات حول مصدر القرآن...لا يوجد اليوم أي إنسان عاقل يأخذ على محمل الجد أي من هذه النظريات". (Koran, New Catholic Encyclopaedia).
في الواقع، يُشكل القرآن الكريم مشكلة كبيرة بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية. فهي تعترف بأنه وحي وإلهام، لذلك وضعته قيد الدرس والفحص. وبالطبع لقد ودَّت الكنيسة كثيراً لو أنها وجدت البرهان على عكس ذلك، غير أنها لم تفلح في إيجاد التفسير العقلاني والمقنع ولكنها على الأقلّ كانت نزيهة خلال تدقيقها في القرآن ولم تقبل بأي تأويل وهمي.
عندما يقرأ أي من هؤلاء العلماء الماديين القرآن الكريم بطريقة علمية بعيدة عن التحيّز والتعصب وبكل تجرد، فإنهم سيجدون أنه يحوي على العديد والعديد من الآيات العلمية التي تنسجم تماماً مع العلوم الحديثة الصحيحة. هذه الحقائق العلمية التي قالها رجل أُمِّي عاش في الصحراء العربية منذ أكثر من 1400 سنة، في حين أن العلم لم يكشف النقاب عن بعضها إلا منذ عدة سنوات. والمذهل في ذلك، أن هذه الآيات تتناول مواضيع علمية كثيرة ومتنوعة من علم الأجِنَّة، علم الكوْنية، علم الفلك، علم المحيطات أو الأوقيانوغرافيا، علم الجيولوجيا، علم التشريح، العلوم الفيزيائية، علم الأرصاد الجوية وغيرها من العلوم التي أثبت العلم الحديث صحتها ومصداقيتها. يجب أن نشير إلى أن بعض الجاهلين بالتاريخ الإسلامي قد ربطوا هذه الظاهرة بالثورة العلمية الإسلامية، إلاّ أن هذه الثورة لم تبدأ إلا بعد حوالي 200 سنة من رحيل محمد!
واليوم، يملك الكثير من الأشخاص أفكاراً ونظريات تتمحور حول العديد من المواضيع، ولكن اللجنة العلمية لا تزعج نفسها بالاستماع إليهم لأنها طلبت منهم ومنذ نهاية القرن الماضي "اختبار التزييف أو الدَّحض" (Test of Falsification). فاللجنة العلمية تقول: "إذا كان لديك أيّ نظرية في أيّ موضوع كان، فلا تزعجنا بها إلا إذا أحضرت معك الوسيلة أو الطريقة التي من خلالها تثبت مصداقية أو بطلان نظريتك". وهذا الاختبار هو الذي دفع باللجنة العلمية للاستماع في بداية هذا القرن إلى نظرية النسبية (Relativity) للعالم الألماني ألبرت أينشتاين (Albert Einstein 1879-1955) الذي عرض ثلاث وسائل كاختبار الدحض. وفي خلال 6 سنوات، نجحت نظريته في تخطي هذا الاختبار لثبتت صحتها ومصداقيتها.
وهذا بالفعل ما يقدمه القرآن الكريم: "اختبارات الدحض".
فالإسلام زوَّد الإنسان بالعديد والعديد من الفرص للتحقق من مصداقية القرآن الكريم على أنه كلام الله الموحى. والمثال الواضح على ذلك نقرأه في سورة النساء:
" أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا ". [النساء : 82].
هذا تحدٍ واضح وصريح لأي إنسان: إذا أردت إثبات أن القرآن هو كلام البشر وهو من عند غير الله، فكل ما عليك فعله هو إيجاد خطأ واحد أو تناقض واحد!
والمثال الثاني لاختبار الدحض هو اختبار البلاغة. فإحدى أعظم المعجزات في الإسلام هي صناعة أدبية وصياغة بلاغية ذات قيمة باقية وساطعة على مرّ العصور فاقت وتخطّت كل حدود وآفاق التصور والخيال الإنساني وسط مجتمع تميز بإنتاجه الأدبي.هذه الصناعة الأدبية هي القرآن الكريم. ولذلك نجد أنه في الزمان الذي كان فيه العلم لا يزال مطموراً تحت التراب، وَجَّه القرآن الكريم تحدّياً واضحاً وصريحاً للبشرية ربط فيه بين مصداقية القرآن على أنه وحي إلهي وبين قدرة الإنسان على تأليف أو كتابة عمل أدبي واحد يضاهي القرآن الكريم. فإذا كان القرآن قول البشر فإنه من المنطقي والبديهي أن نجد بين الناس من يزاحمه وينافسه في المضمار الأدبي:
" قل لَئِن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ". [الإسراء : 88].
وعندما لم يستطع أي إنسان مجاراة هذه الدعوة، قَلَّص القرآن هذا التحدي إلى عشر سور:
" أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ". [هود : 13].
وعندما لم يتمكن أي شخص من إنجاز هذا الأمر، قَلَّص القرآن التحدي هذه المرة إلى سورة واحدة فقط:
" أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين". [يونس : 38].
ومع ذلك، عجز البشر عن الإتيان بسورة واحدة تضاهي بلاغة القرآن وفشلوا في مجاراة هذا التحدّي القرآني:
" وإن كنتم في ريب مما نزَّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين. فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أُعِدَّت للكافرين ". [البقرة : 23-24].
ويرفع القرآن وتيرة التحدي إلى حدّ أبعد وأوسع، فنأتي هنا إلى الاختبار الثالث وهو الأهم وهو ما نُسمِّيه اليوم باختبار الجدلية المنطقية العلمية أو الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
على مرّ العصور، كانت معجزات الأنبياء السابقين منفصلة تماماً عن كتبهم. فمثلاً، وبالرغم من أننا نؤمن بمعجزات موسى ويسوع، إلاّ أنه من غير الممكن تقديم الدليل الملموس على صدق وصحة هذه المعجزات من خلال العهد القديم أو العهد الجديد بُغية إقناع المُشككين، فليس لدينا من هذه المعجزات إلاّ الخبر التاريخي. ولكن، بما أن القرآن هو عهد الله الأخير للبشر، فلذلك يُعتبر القرآن الكريم معجزة الإسلام الكبرى الذي واصل وتابع تحديه للبشرية دون انقطاع منذ 14 قرناً. ولكن ماذا يعني هذا الأمر؟
اليوم، تضاءل عدد الأشخاص الذين يُقدِّرون الأسلوب البلاغي والإعجازي في القرآن ولم يَعُد لاختبار البلاغة نفس التأثير والصدى في النفوس الإنسانية كما كانت الحال منذ 1400 سنة.
ولكن وكما رأينا في الآية التي بدأنا فيها هذا الجزء فإن الله قد وعد أن يواصل ويُجدد تحديه للناس على مرّ السنين، ووعد أن يريهم آياته ومعجزاته في الكون وفي أنفسهم إلى يوم القيامة.
كيف يكون هذا التجديد؟
مؤخراً، فُتح أمام المُثقفين باب جديد للدراسة. فالناس اليوم مفتونون ومسحورون بالعلوم. هذا هو عصر التكنولوجيا والاكتشافات العلمية. ونحن اليوم نحيا في عصر العلم، عصر توفر فيه للإنسان من المعرفة بالكون ومكوِّناته ما لم يتوفر له في عصر سابق. ولهذا السبب بدأ الناس بدراسة القرآن من الناحية العلمية البحتة. وبما أن القرآن هو كلام الله الخالق، فلا بدّ أن يكون مُعجزاً في كل أمر من أموره. ومن أبرز جوانب هذا الإعجاز ومن أكثرها مواءمة لعصرنا الآيات الكوْنية التي تُعدّ بأكثر من ألف آية صريحة بالإضافة إلى آيات أخرى كثيرة تقترب دلالتها من الصراحة. هذه الآيات جاءت كلها في مقام الاستدلال على طلاقة القدرة الإلهية وعلى إحكام الصنعة في الخلق، كما تأتي في مقام الاستدلال على أن الله الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته قادر على إفنائه وقادر على إعادة خلقه من جديد. هذه الآيات الكوْنية هي موقف تحدي نريد أن نثبت فيه للناس أن هذا الكتاب الذي أُنزل على نبيّ أُمِّي في أُمَّة كانت غالبيتها الساحقة من الأُمِّيين قبل 1400 سنة يحوي من حقائق هذا الكون ما لم يستطع الإنسان الإلمام بشيء منه إلاّ بعد مجاهدة طويلة عبر قرون متواصلة وبواسطة عشرات الآلاف من العلماء ولم يصلوا إلى شيء من هذا الفهم إلاّ منذ عشرات قليلة من السنين. هذا السبق للقرآن الكريم في الإشارة إلى عدد من حقائق الكون هو ما نسميه بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
في معظم الأحيان، يُثبت القرآن الكريم مصداقيته على أنه كلام الله الموحى بربطه بين قَسَم يكون دائماً بشكل آية علمية وبين جواب هذا القَسَم الذي يأتي تأكيداً على صدق هذا الكتاب. فمثلاً، نقرأ في سورة الواقعة القَسَم التالي:
" فلا أُقسم بمواقع النجوم. وإنه لقَسَم لو تعلمون عظيم. إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المُطهَّرون. تنزيل من رب العالمين ". [الواقعة : 75-80].
فالله يقسم هنا بمواقع النجوم فيقول اذهب يا إنسان واطَّلِع وتأكد من عظمة ودِقَّة مواقع النجوم وأقول لك أن الذي خلق النجوم وجعل لها مواقع دقيقة يُقسِم لك أن هذا القرآن هو كتاب موحى تنزيل من رب العالمين. وهنا يحشر الله المُشككين بكلامه بالربط بين آية أصبحت ثابتة علمية لم يكشفها العلم إلا في القرن العشرين وبين شيء كان يناقش ويجادل فيه الإنسان.
وفيما يلي بعض الأمثلة لأبرز القواعد والنواميس الأساسية التي قامت عليها العلوم الصحيحة والتي ذكرها القرآن الكريم منذ أكثر من 1400 سنة. هذه العلوم التي لم تبدأ ولم تخطو خطوات جبارة إلا منذ القرن السابع عشر حتى الآن، في حين أنها كانت قبل هذا التاريخ ضئيلة ومشوبة بكثير من المعتقدات الخاطئة.
" وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ". [يونس : 53].
Part V
1- الانفجار الكبير (The Big Bang)
" ثم استوى إلى السماء وهي دخان... ". [فصلت : 11].
" والسماء بَنَيْنَاهَا بأيْدٍ وإنّا لَمُوسعون ". [الذاريات : 47].
لقد أجاب الله في هذه الآيات الثلاث المختصرة والوجيزة عن أسئلة استغرق الإجابة عنها من قبل علماء الفيزياء وعلماء الفلك قروناً طويلة من الزمن. ولم ينجح هؤلاء العلماء في إيجاد الجواب للغز نشأة الكوْن إلاّ في مطلع القرن العشرين!
لعصور عديدة، حاولت البشرية جاهدة البحث والغوص في المسائل والعلوم الكوْنية ودراسة أصل الكون وبُنيته العامة وعناصره ونواميسه ومُكوِّناته (Cosmology). ويعود تاريخ المحاولات الأولى إلى حوالي 4000 سنة ق.م. مع حضارات بلاد ما بين النهرين. ولكن أول النظريات الجدية ظهرت في بلاد الإغريق. فالإغريق كانوا السباقين إلى وصف الظواهر الكونية المتعددة والمختلفة. والمساهمة الأكبر أتت من أعمال وكتابات الفيلسوف اليوناني أفلاطون (Plato 428-347 BC). يقول أفلاطون في "المُحاورة تيماوس" (Dialogue Timaeus) أن الكون قد تكوّن وفق أسس ومبادئ رياضية وهندسية في غاية الدقة، بفضل ما أسماه هو "خالق الكون المادي" (Demiurge). فوفقاً لأفلاطون فإن الكون هو نتيجة وحصيلة التفكير والاستنتاج من الوقائع والمقدمات أولاً والتخطيط والعزم ثانياً.
ولاحقاً، تبنَّى أرسطو (Aristotle 384-322 BC)، الذي كان تلميذاً لأفلاطون، مبادئ وأفكار أستاذه. فكانت الفلسفة الأرسطوطاليسة (Aristotelianism) قائمة على مبدأ وأساس الكون الثابت والمستقر والغير المتحرك، الأزلي والأبدي الذي لا بداية ولا نهاية له، والذي يحتوي على سلسلة من النجوم المُثبَّتة على كُرات متحركة من الكريستال المُتحدة المركز والتي تدور حول الأرض الثابتة في مركز الكون. ودائماً وفقاً لأرسطو، كانت كرات الكريستال التي تحمل النجوم تدور بواسطة ما أسماه هو "المُحرك الأول" (Prime Mobile) الذي كان يزود هذه الكرات بحركة دائرية منتظمة وأبدية!
لقد رسم أفلاطون وتلميذه أرسطو نظاماً كوْنياً ساكناً وُجد منذ الأزل ويبقى إلى الأبد. هذا النظام الذي تَبنَّاه فيما بعد العالم اليوناني بطليموس والكنيسة المسيحية ظلَّ سائداً وعالقاً في أذهان وعقول البشر حتى مطلع القرن العشرين عندما أطلق العالم الفلكي البلجيكي جورج لوميتر (George Lemaitre 1894-1966) عام 1931، وفيما بعد العالم الفيزيائي الروسي_الأمريكي جورج غاموف (George Gamow 1904-1968) عام 1948، نظرية الانفجار الكبير (Big Bang) والتي أصبحت ثابتة كونية وحقيقة قائمة بعدما أكَّد مصداقيتها العالمان بنزيا وويلسون في سنة 1978.
ما هي نظرية الانفجار الكبير؟
تُعتبر نظرية الانفجار الكبير إحدى أهم الثوابت في علم الكونيات. وهي تُثبت بصراحة مطلقة على أن الكون كان له بداية بعكس المفهوم الخاطئ للكون الأزلي الذي وضعه العلماء الإغريق. وهي تعود بنا حوالي 15 مليار سنة إلى الوراء لتأتي على وصف وتفصيل الثانية الأولى لبداية الكون:
فمنذ 15 مليار سنة كانت جميع العناصر الأوَّلية المُؤلفة للكون الحالي، أي النجوم والكواكب والأرض والنظام الشمسي والمواد البَيْنَجْمِيَّة(interstellar galactic material) والزمان والمكان والقوى الأساسية الأربعة (Fundamental Forces) والمجرَّات، مُجتمعة وملمومة في نواة بدائية (primeval nucleus) لا يزيد قطرها عن 1/مليار مليار متر (D=10-18 m). هذه النواة انفجرت انفجاراً رهيباً يفوق كل وصف (Big Bang) وصلت فيه درجة الحرارة إلى عشرة آلاف مليار مليار مليار درجة مئوية (T=1032 ° C).
في الأجزاء الأولى للثانية الأولى بعد الإنفجار الكبير (10-43 second) تعرَّض الكون لحالة سريعة من التوسع والتضخّم (Inflation) بسرعة تزيد على سرعة الضوء بعدة مرات ليتحول من نواة بدائية إلى هالة من الدخان حَوَت عناصر الكون البدائية المُشتَّتة. هذا التضخم الكوني انتهى أيضاً في الأجزاء الأولى للثانية الأولى بعد الانفجار الكبير (10-35 second).
عند هذه النقطة، بدأت حرارة الكون بالانخفاض (1013 K at 10-2 second) مما سمح للجسيمات الدقيقة بالاتحاد، فالتحمت النيوترونات مع البروتونات لتؤلف الهيدروجين الثقيل (deuterium)، ثم اندمجت نوى الهيدروجين الثقيل لتؤلف نواة الهيليوم (helium).
بعد ثانية واحدة من الانفجار الكبير انخفضت حرارة الكون إلى 10 مليارات درجة وبدأت سحابة الدخان بالتمدد. وبعد ثلاث دقائق من الانفجار الكبير انخفضت الحرارة إلى مليار درجة. وبدأ طوْر تمدد وتوسع الكون بعد 30 دقيقة من الانفجار الكبير. ومع انخفاض الحرارة شيئاً فشيئاً، بدأت عملية تركيب العناصر المختلفة التي كوَّنت بُنية الكون الحالية على مدى 15 مليار سنة.
هذه هي نظرية الانفجار الكبير وهي إحدى ثوابت علم الكونيات والتي لم تُكتشف إلاّ مع اختراع التلسكوب اللاسلكي في سنة 1937.
منذ علماء الإغريق وحتى مطلع هذا القرن، ظلَّ الاعتقاد سائداً بأن الكون ثابت وساكن وغير متحرك. وهذا المفهوم كان اللُبّ والعنصر الأساسي في وضع نظرية "الحالة الثابتة للكون" (Steady State Theory) التي أطلقها نابغة هذا العصر العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين سنة 1915. فظنّاً منه أن الكون جامد، أضاف أينشتاين إلى نظريته "الثابتة الكونية" (cosmological constant) لمنع الكون الغير المتحرك من الانسحاق تحت تأثير جاذبيته الذاتية. ولكن فيما ما بعد، اعترف أينشتاين وأعلن صارخاً أن إضافة "الثابتة الكونية" إلى نظريته كانت أكبر خطأ ارتكبه طيلة حياته المهنية! لماذا؟
لأن في سنة 1925، قام عالم الفلك الأميركي هابل (Edwin Powell Hubble 1889-1953) بإثبات نظريته حول توسع وتمدد الكون! فالكون ليس ثابتاً كما كان يُعتقد، إنما كان يتوسع منذ لحظة انفجاره. فمُستعيناً بمنظار التحليل الطيْفي (spectroscope)، قام هابل بقياس لون طيْف المجرَّات. فعندما يتحرك أحد الأجسام الكونية بعيداً عن المراقب، يميل ويتحول لون طيْفه المرئي (visible spectrum) إلى الحد الأحمر (redshift). وبالعكس، إذا تحرك هذا الجسم الكوني باتجاه المراقب، مال لون طيْفه المرئي إلى الحد الأزرق (blueshift). ولدى القيام بالقياسات الطيْفية للعديد من المجرَّات، وجد هابل أن اللون الطيْفي يميل دائماً إلى الحد الأحمر مما يعني أن المجرَّات في تباعد وارتداد مستمر عن بعضها البعض (recession). وهكذا استطاع هذا العالم الأميركي إثبات نظريته حول تمدد وتوسع الكون. هذا التوسع الناجم عن القوة الهائلة للانفجار الكبير الذي شتَّتَ ولا يزال يُشتِّت ويوسع الكون إلى ما يقدر اليوم بحوالي 15 مليار سنة ضوئية (السنة الضوئية هي وحدة القياس المستخدَمة لقياس المسافات الشاسعة في الفضاء الخارجي، وهي المسافة التي يقطعها الضوء بسرعة 300 ألف كيلومتر/ثانية في زمن مقداره سنة واحدة، وهي تعادل تقريبا 10 آلاف مليار كيلومتر).
ولقد شبَّه هابل الكون ببالون رُسم عليه العديد من النقاط التي تُمثل المجرَّات. فتوّسع الكون أشبه بالنفخ في هذا البالون، فعندها نرى النقاط أي المجرَّات تتباعد عن بعضها البعض.
ومنذ حينها لم تَعُدْ المسألة ما إذا الكون يتوسع أم لا، بل أصبح السؤال الأهم يتمحور حول سرعة هذا التوسع. فقد أثبت هابل أن المجرَّات الواقعة ضمن نطاق 300 مليون سنة ضوئية تتباعد عن بعضها بسرعة تصل إلى 100 كيلومتر في الثانية الواحدة. أما المجرَّات التي تقع خارج هذا النطاق فتصل سرعة ارتدادها إلى ما يقارب سرعة الضوء عند حدود الكون. فكُلَّما بَعُدَت المجرَّات زادت سرعة ارتدادها: هذا هو قانون هابل.
آلاف السنين من البحث عن لغز نشأة الكون... مئات الأبحاث والنظريات في مجال علم الكونيات... آلاف علماء الفلك والفيزياء... قرون طويلة من المجاهدة والتقدم العلمي والتكنولوجي... وأخيراً... توصلت البشرية إلى الحقيقة... ولكن منذ خمسين عاماً فقط!!
منذ أكثر من 1400 سنة، أعطانا الله الجواب عن تساؤلات البشر حول أسرار نشأة الكون من خلال ثلاث آيات في القرآن الكريم!
عندما كان الجميع على يقين أن الكون أزلي وبلا بداية، جاء رجل من الصحراء العربية في القرن السابع ليتحدى هذا المفهوم الذي سيطر على عقول البشر حتى مطلع القرن العشرين. في 11 كلمة دحض هذا الرجل مبدأ الكون الأزلي واصفاً بدقة متناهية حالة هذا الكون عند بدايته. فأشار إلى أن جميع عناصر الكون أي السماوات والأرض كانت رَتْقاً ففُتِقَت. ومعنى الرتق في اللغة هو اللَّم والجمع والتكديس، بينما الفتق هو الشق بعنف والانفجار والانتشار.
ما تحدث عنه لوميتر وغاموف في منتصف القرن العشرين وما أكده بنزيا وويلسون سنة 1978 هو ما أشارت إليه آية [الأنبياء : 30] بصورة مُبهرة: الانفجار الكبير.
" ثم استوى إلى السماء وهي دخان... ". [فصلت : 11].
الاستواء يُمثل المعنى الكنائي في السيطرة على الكون والإحاطة به من موقع العُلوّ والقدرة على تدبيره وتنظيمه. هذه الآية هي إشارة واضحة إلى السديم البدائي (primary nebula) الذي نشأ مباشرة بعد الانفجار الكبير والذي احتوى على كل العناصر التي تكوَّن منها الكون الحالي.
" والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ". [الذاريات : 47].
في زمن التنزيل، كان أسياد العلم أي علماء الإغريق يدَّعون أن الكون ساكن ومستقر (static). وحتى سنة 1915 كان أينشتاين أحد دعاة هذا المفهوم. إلاّ أنه ومنذ 14 قرناً رسم القرآن الكريم الصورة العلمية الصحيحة لكوْنٍ ما زال يتسع منذ لحظة نشوءه.
يقول بروفيسورعلم الجيولوجيا وعميد كلية الجيولوجيا في جامعة غوتنبرغ الألمانية، الدكتور ألفرد كرونر:
"إذا ما علمنا أن محمد عاش في القرن السابع في الصحراء العربية في وقت كانت العلوم فيه أقرب إلى الخرافة، عندها سندرك تماماً أنه من المستحيل عليه أن يكون قد عرف كل هذه الحقائق، كنشأة الكون مثلاً، لأن العلماء لم يكتشفوا هذه الثوابت إلا منذ سنوات قليلة بواسطة المعدات والوسائل التكنولوجية المتطورة والمعقدة. فالنسبة إلى شخص عاش منذ 1400 سنة لا يعلم شيئاً عن الفيزياء النووية، أجد من المستحيل التصديق أن تكون هذه الحقائق التي أعلنها، وخاصةً حقيقة أن الكون كله من مصدر واحد، وليدة أفكاره الذاتية أو وليدة المجتمع الذي ينتمي إليه. لا بد لنا أمام هذه الوقائع أن نسلم للوحي الإلهي".
(Alfred Kroner, Professor of Geology and the Chairman of the Department of Geology at the Institute of Geosciences, Johannes Gutenberg University, Mainz, Germany).
2- الكون المُوَّحد (Integrated Cosmos)
عندما بدأ العلماء بدراسة الغلاف الغازي للأرض، أدركوا أن هذا الغلاف يتناقص في الضغط مع الارتفاع حتى لا يكاد يُدرك بعد حوالي ألف كيلومتر، فقالوا أن بقية الكون عبارة عن فراغ وبدؤوا يتحدثون عن الفراغ الكوني.
إلا أنه منذ أكثر من 1400 سنة، دحض القرآن الكريم مفهوم الفراغ الكوني:
" أَفَلَمْ ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج (الشقوق والفراغات التي توجب الخلل في الكون) ". [ق : 6].
منذ سنوات قليلة، أتى العلم ليؤكد وجود "الكون الموَّحد" (Integrated Cosmos) وهو أحد فروع علوم الفلك الحديثة. أدرك وتأكد العلماء أن في لحظة خلق الكون، خُلقت المادة والطاقة لتشغل حيّز المكان الذي شغله هذا الكون وأنه لا يوجد في الكون أي فراغ بل أن المادة تمتد في كل الكون المدرك. وبدأ العلماء يتحدثون عن المادة بين النجوم(interstellar galactic material) وأنه لا توجد في صفحة السماء أي منطقة خالية من المادة أو الطاقة. ومع تباعد المجرات عن بعضها البعض، تتخلّق المادة من حيث لا يدرك العلماء لتملأ هذه المسافات البينية بين هذه المجرات. وقالوا أنه لو كان في الكون فراغ، لما رأينا ضوء النجوم ولا وصلتنا أصوات الحركات والأحداث الكبرى التي تحدث في ساحة السماء ولحُجِب الإنسان حجباً كاملاً عن معرفة بقية الكون. ويتابع علماء الفلك والفيزياء فيقولون أنه إذا كان لدينا جسم في الفضاء الخارجي وقطع هذا الجسم مسافة معينة في اتجاه معين، ثم قطع نفس المسافة ولكن في اتجاه آخر، ففي كلتا الحالتين نجد أن الكتلة هي نفسها في جميع الاتجاهات لأن هذا الجسم يملك توازنه الخاص ولأن الضغوط المتأتية من جميع الاتجاهات متعادلة. فلو كان لدينا فراغات في الفضاء الخارجي، لتلاعبت هذه الضغوط بهذا الجسم ولانهار توازنه الخاص، ولانهار معه النظام الكوني بأكمله!
هنا يحشر الله منطق المُشككين في كلامه بالربط بين صدق القرآن الكريم على أنه كلام الله الموحى وبين آية علمية لم يكتشفها العلم ويؤكد صحتها إلا منذ سنوات قليلة:
" بل كذَّبوا بالحق لما جاءهم فَهُمْ في أمر مَريج. أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناهاوما لها من فروج ". [ق : 5-6].
3- نهاية الكون
في نفس الزمان الذي كان فيه أسياد ونوابغ العلم يرون أن الكون أبدي، جاء القرآن ليدحض هذا المفهوم الخاطئ وليعلن أن الكون، كما كان له بداية، كذلك سيكون له نهاية وأجل محدد (يوم القيامة):
" ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجلٍ مُسَمًّى... ". [الأحقاف : 3].
" أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجلٍ مُسَمًّى... ".
[الروم : 8].
وهذا بالفعل ما يؤكده علماء الفلك المعاصرين. فهؤلاء العلماء واثقون من أن الكون سينتهي ويموت في يوم من الأيام، ولكن يبقى الخلاف قائماً حول الطريقة التي من خلالها سيلفظ الكون رمقه الأخير. ففي السنين القليلة الماضية، برزت نظريتان مختلفتان حول نهاية الكون:
الكون المُنبسط أو المفتوح (Flat or Open Universe): إذا كانت كثافة الفراغ الكوني، أي كثافة المساحات المظلمة بين المجرات والنجوم (Density of Dark Matter)، تساوي أو كانت أصغر من الكثافة الحرجة(Critical Density) فإن الكون سيتوسع إلى ما لا نهاية، وبعد مليارات السنين ستنفد وستُستهلك كل الطاقة الموجودة داخل الشمس وباقي النجوم، وعندها سيتجمد كل كائن حيّ حتى الموت وستفنى المجرات ولن يبقى إلا الفراغ المظلم والبارد.
(الكثافة الحرجة = خمس ذرات من الهيدروجين في المتر المكعب).
الكون المنقبض أو المنكمش (Contracting Universe): إذا كانت كثافة الفراغ الكوني أكبر من الكثافة الحرجة، فإن جاذبية المركز ستوقف توسع الكون لتبدأ بعدها مرحلة الانكماش والانقباض الكوني؛ فالكون المنكمش سينتهي ككتلة غازية هائلة الحرارة والكثافة لا يزيد قطره عن قطر نواة الذَرَّة وهو شبيه بالجرم الأول الذي حدث منه الخلق منهياً بذلك كل شكل من أشكال الحياة، وهذا ما يطلق عليه العلماء مصطلح "الانسحاق الكبير" (The Big Crunch).
والكون المنكمش هو تماماً صورة مرآة معاكسة للانفجار الكبير ويشبه إلى حد ما المثال الوارد في مسألة توسع الكون ولكن بطريقة معاكسة: فإذا كان توسع الكون هو أشبه ببالون يُنفخ فيه الهواء، فالكون المنكمش هو العملية المعاكسة أي إخراج الهواء من هذا البالون المنفوخ، فعندها سيبدأ البالون بالانكماش إلى أن يعود إلى حجمه الأول.
منذ أكثر من 14 قرناً من الزمن، وفي وقت كانت الخرافة هي المسيطرة على عقول البشر، تكلم القرآن الكريم عن نهاية الكون ووصف انكماشه وصولاً إلى الانسحاق الكبير:
" يوم نَطْوِي السماء كَطَيِّ السِّجِلِّ للكُتب كما بدأنا أول خَلْقٍ نُعيده وَعْداً علينا إنّا كنا فاعلين".
[الأنبياء : 104].
من أخبر محمد بهذه الحقيقة؟
4- موت النجوم
النجوم هي أجرام سماوية ضخمة ومُشعّة وشديدة الحرارة تستمد نورها وطاقتها من ذاتها. وفي خلال حياتها تمر النجوم بتغيرات بطيئة، فهي تبدأ ككتلة عظيمة من الغاز أو السديم (nebula)، وتنتهي بتغيرات عنيفة تشير إلى نهايتها.
ووفقاً لنظرية التطور النجمي (stars’ evolution)، فإن النجم يبدأ حياته ككتلة باردة، ثم إن هذه الكتلة، وتحت تأثير قوة الجاذبية الذاتية، تنكمش إلى كتلة أصغر وهو ما يتسبب في زيادة الضغط والحرارة في مركزها فتصير كتلة مشتعلة. وتتزايد هذه الحالة تدريجياً إلى أن تصل درجة الحرارة إلى مرحلة يحدث معها تفاعل نووي حراري اندماجي في مركز النجم (thermonuclear fusion) فتتحد ذَرَّات الهايدروجين لتكوين ذرات الهيليوم وهكذا يحصل النجم على طاقته.
لقد عُرفت هذه الحقيقة لأول مرة في القرن العشرين مع عالم الفلك والفيزياء الإنكليزي آرثر أدينغتون (Arthur Eddington , 1882-1944)، وعالم الفلك الألماني والتر بادي (Walter Baade, 1893-1960).
لقد ظلّ علماء الفلك يعتقدون بأزلية النجوم حتى النصف الأول من القرن العشرين، ولم يكتشف علم الفلك حقيقة الأطوار التي تمر بها النجوم، وأنها كبقية المخلوقات تولد وتنمو وتكبر وتهرم وتموت، إلا منذ سنوات قليلة.
ومرة أخرى نجد أن القرآن الكريم قد أشار إلى موت النجوم ولكن منذ أكثر من 1400 سنة:
"والنجم إذا هوى (سقط ومات) ". [النجم : 1].
" وإذا النجوم انكدرت (تساقطت وتناثرت) ". [التكوير : 2].
لقد انتظرت الإنسانية 14 قرناً من الزمن لِتَتبيّن المضامين العلمية الكامنة في هاتين الآيتيْن.
إن الذي أقسم بموت النجوم قبل أن يتبيّن العلم ذلك بأربعة عشر قرناً قد جعل من هذا القَسَم دليلاً وبرهاناً على صدق رسوله:
" والنجم إذا هوى. ما ضلَّ صاحبكم (محمد) وما غوى (ما اعتقد باطلاً). وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحيٌ يُوحَى ". [النجم : 1-4].
5- مسار الشمس والقمر
" وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كُلٌّ في فَلَكٍ يسبحون ". [الأنبياء : 33].
" والشمس تجري لمُسْتَقَرّ لها ذلك تقدير العزيز العليم...". [يس : 38].
القمر هو جرم سماوي تابع للأرض وهو يبعد عنها مسافة وسطية تبلغ 384000 كم. ويبلغ شُعاعه 1740 كم أي حوالي ربع شُعاع الأرض، وحجمه خُمس حجمها، ووزنه أقل بـ 81 مرة من وزنها وجاذبيته تعادل سُدس جاذبية الأرض. تصل حرارته في النهار إلى 127 درجة وتهبط في الليل إلى 173 درجة تحت الصفر. القمر لا يملك غلافاً جوياً ولا فصول ولا يوجد فيه ماء. بمعنى آخر إنه خامد أشبه بالصحراء.
يدور القمر حول الأرض في فلك محدد (مسار مغلق) في سرعة قدرها 3700 كم/س، ويكمل دورته في مدة قدرها 27 يوماً وفقاً للزمن النجمي أي الزمن المبني على أساس اليوم النجمي. ويدور القمر حول نفسه وحول الأرض في نفس هذه المدة فلذلك لا نرى منه إلاّ ذات الجهة دائماً.
هذه المعلومة الفلكية حول سير القمر وباقي الأجرام السماوية في فلك محدد هي حقيقة قد ذكرها القرآن الكريم منذ أكثر من 1400 سنة: " كُلٌّ في فلك يسبحون ".
ما يثير الانتباه في هذه الآيات هو الإشارة إلى أن الشمس أيضاً تسير في مسارها الخاص وتجري لمستقر لها!! فهل للشمس فعلاً فَلَكَها الخاص؟
حتى القرن التاسع عشر، لم يعرف الإنسان عن الشمس معرفة علمية صحيحة أكثر مما كان يعرفه الأقدمون. ولم يتعرف الإنسان على المعجزات العلمية الكامنة في الشمس وكيف تكوّنت والطاقة الهائلة الكامنة فيها إلا في القرن العشرين.
الشمس نجم متوسط الحجم نشأ منذ حوالي 4.6 مليار سنة من سديم (nebula) ناتج عن غبار الكتلة الكونية البدائية الأولى التي انفجرت منذ 15 مليار سنة. وتحت تأثير الجاذبية الذاتية، تقلَّص هذا السديم مما أدّى إلى ارتفاع الحرارة في داخله إلى ملايين الدرجات، الأمر الذي سمح في حدوث اندماج نووي فوُلدت الشمس.
يبلغ وزن الشمس حوالي 333000 مرة وزن الأرض، وحجمها يعادل مليون مرة حجم الكرة الأرضية بشُعاع يساوي 696 ألف كيلومتر أي حوالي 109 مرات شُعاع الأرض. وهي تدور حول محورها في مدة زمنية قدرها 25 يوم أرضي. تبلغ حرارة سطحها حوالي ستة آلاف درجة وحرارة مركزها تَقرُب من 16 مليون درجة. وهي تعطي طاقة هائلة على شكل ضوء تساوي 0.383 مليار مليار مليار واط.
تقع الشمس في مجرّة درب اللبّانة (Milky Way galaxy). هذه المجرّة تحوي على ما يزيد على مائة مليار نجم وهي تأخذ شكل القرص أو حبة العدس، فهي أكثر سماكة في الوسط من الأطراف. تبلغ سماكتها 2500 سنة ضوئية عند الأطراف و20 ألف سنة ضوئية عند الوسط. ويبلغ قطرها حوالي 100 ألف سنة ضوئية. وتقع الشمس ومعها المنظومة الشمسية في إحدى ضواحي المجرّة اللبنيّة على مسافة 30 ألف سنة ضوئية من المركز.
تدور المجرّة حول مركزها تماماً كما يدور قرص الفونوغراف (gramophone) حول مركزه. وكل نجم في المجرّة اللبنيّة يدور مع دوران المجرّة حول المركز ويكمل دورة كاملة عند عودته إلى موقعه الأصلي. والشمس، كنجمٍ متوسط الحجم في المجرّة اللبنيّة، تسير هي أيضاً في فلكها الخاص حول مركز المجرّة ساحبةً معها جميع كواكب النظام الشمسي. وهي تدور في مسار مغلق بسرعة 220 كم/ث لتكمل دورتها حول المركز في مدة زمنية قدرها 250 مليون سنة. وهذا يعني أنه ومنذ ولادتها وحتى اليوم، لم تُكمل الشمس إلاّ 18 دورة حول مركز المجرّة فقط.
وهل الشمس تجري إلى مستقر لها كما أشارالقرآن الكريم؟
منذ سنوات قليلة تمكن علماء الفلك من اكتشاف أن الشمس تجري نحو موقع نهايتها. وقد أطلق العلماء على هذا الموقع اسم "القمة الشمسية" (Solar Apex). فالشمس والمنظومة الشمسية بأكملها تتجه بسرعة 20.1 كم/ث نحو "القمة الشمسية" التي تقع في كوكبة الجاثي (Constellation of Hercules: Alpha lyrae) على بعد 34 ألف سنة ضوئية من الأرض.
هذه الحركة الفلكية للشمس هي حقيقة علمية وردت في القرآن الكريم منذ 14 قرناً من الزمن إلاّ أنها لم تُكتشف إلاّ في القرن العشرين!
ويبقى أن نشير إلى أن القرآن الكريم قد أعطى لحركة الشمس والقمر وباقي الأجرام السماوية لفظة "يسبح" أو "يجري": "وكل في فلك يسبحون"، "والشمس تجري".
السباحة والجري حركتان تُعبِّران عن حركة اندفاع ذاتية مستقلة عن أي قوة خارجية. وهكذا عندما يعطي القرآن للأجرام السماوية حركة "سباحة" أو "جري" فهذا يعني أنها تسير بقوة اندفاعها الذاتية بمعزل عن أي قوة خارجية وهذا ما أكدته العلوم الفلكية الحديثة. وقد استعمل القرآن لفظة أخرى لوصف حركة الغيوم والتي فيها معنى الاعتماد على قوة الدفع الخارجية أو الرياح:
" والله الذي أرسل الرياح فتُثير سحاباً فسُقْناه إلى بلد ميت... ". [فاطر : 9].
" وهو الذي يرسل الرياح بُشْراً بين يدي رحمته حتى إذا أقَلَّت (حملت) سحاباً ثقالاً سُقناه لبلد ميت..". [الأعراف : 57].
في القرن السادس قبل الميلاد، دافع الفيلسوف والرياضي اليوناني فيثاغورَس عن نظريته القائلة أن الأرض تدور حول الشمس وهذا فعلاً ما أثبتته العلوم الحديثة. ومن هنا كان من السهل تقديم فرضية أن محمد كان مفكراً لامعاً تماماً مثل فيثاغورَس. إلا أن الناس ينسون أيضاً أن يشيروا إلى الجانب الآخر لأعمال هؤلاء الفلاسفة وهي الأخطاء الفادحة التي شَوَّهت أعمالهم. ففيثاغورَس دافع أيضاً بشراسة عن مبدأ ثبات الشمس وعدم تحركها واضعاً إياها في مركز الكون.
من الشائع أن نجد في أعمال فلاسفة العصور القديمة الأفكار الصحيحة والخاطئة. فتألق هذه الأعمال الإنسانية تأتي من الأفكار السبَّاقة التي تتضمنها، إلا أنه لا يجب التغافل عن المبادئ الخاطئة والخرافية التي تُركت لنا. من الناحية العلمية البحتة، هذا ما يميز هذه الأعمال عن القرآن الكريم. فالقرآن تناول العديد من المواضيع العلمية من دون أن يرتكب أي خطأ يتعارض مع العلوم الحديثة الصحيحة.
6- نهاية الشمس
الشمس هي أقرب النجوم إلينا وهي كرة غازية ملتهبة تتكون أساساً من 71% من غاز الهايدروجين، 27% من غاز الهيليوم و2% من العناصر الثقيلة وهي متماسكة إلى بعضها البعض بفعل قوة الجاذبية الناتجة عن كتلتها. إن ضوء الشمس الذي نراه يتكوّن عميقاً في داخلها بعيداً عن سطحها وينتج عن اندماج نووي حراري تتحد فيه ذرّات الهايدروجين لتكوين ذرّات الهيليوم. وتقوم الشمس في كل ثانية بتحويل 600 مليون طن من غاز الهايدروجين إلى 596 مليون طن من غاز الهيليوم، وينتج عن هذا التفاعل طاقة هائلة يمكنها أن تحمل مياه محيطات الأرض كلها على الغليان في ثانية واحدة. إن التفاعل النووي الاندماجي في الشمس لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية إذ لا يوجد في الشمس إلا قدر معيّن من الوقود الهايدروجيني. ويعتقد العلماء أن في الشمس ما يكفي من الهايدروجين لتشع 5 مليارات سنة أخرى. تخضع الشمس كبقية النجوم لمبدأ التطور النجمي، أي أنها كسائر المخلوقات تولد وتنمو وتكبر وتهرم وتموت. عندما تشيخ الشمس، فإن الهايدروجين الموجود في مركزها سوف يُستهلك متحولاً كله إلى هيليوم. ويتجمع هذا الأخير بكميات ضخمة في مركز الشمس تماماً كالرماد في وسط النار، وهو ما يؤدي بعملية تحويل الهايدروجين إلى هيليوم للانتقال إلى الطبقة الخارجية من الشمس بعيداً عن كومة رماد الهيليوم، وهو ما يعني أن الشمس سيزداد توهجها حوالي 2000 مرة وسوف يكبر حجمها مائة مرة حسب قطرها الحالي لأنها ستستمد طاقتها من التفاعلات الاندماجية التي تحدث في أطرافها المتوسعة بدلاً من مركزها، فتصير نسخة غريبة عن نفسها وتصبح ما يطلق عليه علماء الفلك مصطلح "العملاق الأحمر" (red giant). فتتمدد الشمس لتبتلع كوكبيْ عطارد (Mercury) والزهرة (Venus) مشرفة على الأرض التي تصبح شديدة الحرارة حتى في قطبيها، وعندها سوف تغلي مياه المحيطات وتتبخر، وتتبخر أيضاً مكونات الغلاف الجوي الأرضي وتذوب بعدها القشرة الأرضية.
وفي الوقت الذي تتابع فيه طبقات الشمس الخارجية تمددها في الفضاء، فإن جاذبية الشمس الذاتية سوف تفرض تقلصاً جديداً على الهيليوم المجتمع في مركز الشمس، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الحرارة والضغط في مركزها فيتسبب في حدوث تفاعل اندماجي جديد حيث تتحد هذه المرة ذرّات الهيليوم مع بعضها البعض لتكوين ذرات الكربون. عند هذا الحد، ستستقر وتثبت حالة اللُبّ أو الجزء المركزي للشمس بما أن الكربون لن يعود قابلاً للانضغاط. في نفس الوقت، ستحيط طبقات الشمس الخارجية بهذا اللُبّ، مكونةً بذلك أغلفة كروية من الغاز المتألق أو "السديم الكوكبي" (planetary nebula) والتي ستبدو كالحلقات الدائرية المتتابعة والتي يُشبِّهها العلماء بـ "الفقاعات". بعد ذلك، ستشع الشمس بصورة ضعيفة إلى أن يذهب ويضمحل ضوؤها تدريجياً، وستفقد معظم كتلتها لصالح الأغلفة الكروية. وأما لُبُّها فسيبرد تدريجياً وينكمش إلى بضعة آلاف من الكيلومترات ليصبح ما يسميه علماء الفلك "القزم الأبيض" (white dwarf). هذا القزم الأبيض سيجول في الفضاء مُحرراً ما تبقى فيه من إشعاع حراري في خلال عدة مليارات من السنين. وعندما تتبدد كل الحرارة، سيبرد ويصبح نجم ميت داكن اللون أو "القزم الأسود" (black dwarf).
نهاية الشمس حقيقة علمية ذكرها القرآن الكريم في القرن السابع ولكن علماء الفلك لم يدركوا هذه الحقيقة إلاّ في منتصف القرن العشرين:
" وسَخَّرَ الشمس والقمر كُلٌّ يجري لأجَلٍ مُسَمَّى...". [الرعد : 2] ؛ [فاطر : 13].
ولم تكتفِ الآيات القرآنية بالإشارة إلى موت الشمس فقط بل ذهبت إلى تصوير دقيق لنهاية هذا النجم وتصوير ما يرافق هذه النهاية من كوارث تؤدي إلى انهيار وفناء كل المنظومة الشمسية:
" إذا الشمس كُوِّرَت ". [التكوير : 1].
لقد اختصر القرآن الكريم نهاية الشمس بكلمة واحدة فوصفها بالتكوير، فما هو التكوير؟
لغوياً، كلمة "التكوير" لها ثلاثة معاني:
- كُوِّرَت الشمس: جُمِعَ ضوؤها وذهب، ولُفَّتْ كما تُلَفّ العمامة.
- الكَوْر: الزيادة في الشيء.
- الكُور: مَجْمَرَة من طين.
وجوه كلمة "التكوير":
تصبح الشمس "عملاقاً عظيماً" ويزداد حجمها مائة مرة:
"إذا الشمس كُوِّرَت". [التكوير : 1]: الكَوْر: الزيادة في الشيء.
" وإذا البحار سُجِّرَت (أُوقدت فصارت ناراً) ". [التكوير : 6].
" وإذا السماء كُشِطَت (قُلعت وأُزيلت) ". [التكوير : 11].
يصبح لون الشمس أحمر بدلاً من لونها الأبيض:
"إذا الشمس كُوِّرَت". [التكوير : 1]: كُور الحداد الذي فيه الجمر وتُوقد فيه النار.
" فإذا انشقت السماء فكانت وردةً كالدِّهان (حمراء بلون الورد) ". [الرحمن : 37].
عند الاحتضار، يخف ضوء الشمس ويتضاءل، ويصبح لُبّها مُحاطاً بالحلقات الدائرية المتتابعة أو "الأغلفة الكروية":
"إذا الشمس كُوِّرَت". [التكوير : 1]: كُوِّرَت الشمس: جُمِعَ ضوؤها وذهب، ولُفَّتْ كما تُلَفّ العمامة.
إن كل ما يصيب الشمس عند احتضارها، وهو من بعد ذلك سبب لقيام قيامة المنظومة الشمسية كلها وانتثار كواكبها، قد جاء في كلمة معجزة واحدة اختصرت الأمر كله: التكوير!!!
إن كلمة "التكوير" قد جاءت تعبيراً جامعاً عن حقيقة الأمر كله في احتضار الشمس ونهايتها، وهي معجزة جاء بها الله في القرآن الكريم قبل أكثر من 14 قرناً من الزمن.
تولد النجوم من تقلص غبار سديمي (nebula) مما يؤدي إلى تكوين نجم أولي (proto-star)، ويؤدي ارتفاع الضغط والحرارة إلى حدوث اندماج نووي، فيولد النجم (star). وتختلف نهاية النجوم عن بعضها البعض وذلك وفقاً لحجم كتلتها
النجوم التي تشابه الشمس في كتلتها (أصغر من 1.4 مرة حجم الشمس): تنقلب هذه النجوم إلى عملاق أحمر (red giant) يستمد طاقته من التفاعلات الاندماجية التي تحدث في أطراف هذه النجوم بدلاً من مركزها، ثم ينكمش اللُب ويُحاط بأغلفة كروية متتابعة من الغاز المتألق أو "السديم الكوكبي" (planetary nebula) التي تبدو كالحلقات الدائرية. بعد ذلك تلفظ هذه النجوم جوها في الفضاء، وينكمش اللُب مرة أخرى ليصبح قطره يوازي قطر الأرض، فيصير قزماً أبيض (white dwarf)، ويبرد تدريجياً إلى أن يصبح نجم ميت داكن اللون أو "قزم أسود" (black dwarf).
النجوم التي تبلغ كتلتها من 1.4 إلى خمس مرات حجم الشمس: عند احتضارها، تُوَّلد هذه النجوم العناصر الثقيلة كالحديد، وتتضخم لتشكل "العملاق الأحمر الخارق" (super-giant)، الذي ينفجر انفجاراً عظيماً مُحرراً جميع محتوياته في الفضاء.
إذا انفجر فقط الجزء الخارجي من "العملاق الأحمر الخارق"، فإنه يتطور إلى "المُسْتَعِر" (Nova).
أما إذا انفجر كل "العملاق الأحمر الخارق" فإنه يتطور إلى "المُسْتَعِر الأعظم" (Supernova) الذي يكون أكثر سطوعاً من مليارات الشموس. هذا "المُسْتَعِر الأعظم"، ووفقاً لكتلته:
من 1.4 إلى ثلاث مرات كتلة الشمس: يعطي "المُسْتَعِر الأعظم" الحياة لنجمة نيوترونية (Neutron star)، وتُسمى النجوم الحديثة منها "النجوم النابضة" (Pulsar) لأنها تبدو كالنبضات أو الطرقات في التلسكوب اللاسلكي وهو ما ينتج عن تمدد النجم ثم تقلصه في فترات دورية منتظمة. ومن هنا نفهم معنى قَسَم الله في القرآن الكريم في سورة الطارق:
" والسماء والطارق. وما أدراك ما الطارق. النجم الثاقب ". [الطارق : 1-3].
من ثلاث إلى خمس مرات كتلة الشمس: يعطي"المُسْتَعِر الأعظم" الحياة للثقب الأسود (Black Hole). إن النجوم التي تصل كتلتها إلى خمسة أضعاف كتلة الشمس تنكمش عند احتضارها بشكل مميز. إذ أن هذا النجم ينكمش على نفسه بسرعة أكبر وقوة أعظم بسبب قوة الجاذبية الذاتية نحو داخله والناتجة عن كتلته العظيمة. وفي هذه الحالة فإن نَوى الذرّات تُجْبَر على التداخل في بعضها البعض، وينكمش النجم إلى جسم صغير يسمى بالثقب الأسود لا يزيد قطره عن بضعة كيلومترات فقط، إلا أنه ذو وزن عظيم وقوة جاذبية هائلة جداً. إن هذه الجاذبية عظيمة للغاية إلى درجة أن علماء الفلك قد أطلقوا عليها إسم المكنسة العملاقة لأنها "تكنس" وتبتلع كل ما يقترب منها، فلذلك هي تعتبر "مقبرة النجوم"، وحتى أن الضوء لا يمكنه الفرار منها. فهذه الثقوب تسحب الضوء إلى الخلف فتمنعه من الخروج والإشعاع إلى خارج سطح النجم. فالثقب الأسود سُمي كذلك لأنه لا ضوء يمكنه أن يهرب منه، ولذلك فهو لا يمكن رؤيته من الخارج، وأما في داخله، حيث يكون الضوء محتجزاً، فهو مضيء. ومن هنا نستطيع أن نفهم قَسَم الله في القرآن الكريم في سورة التكوير:
" فلا أٌُقْسِمُ بالخُنَّسِ. الجَوَارِ الكُنَّسِ ". [التكوير : 15-16].
7- الأرض عند بداية خلقها
يتحدث القرآن الكريم في آيات كثيرة عن إغشاء الليل في النهار وإغشاء النهار في الليل وهي إشارة ضمنية رقيقة عن حركة دوران الأرض حول محورها لأن القرآن لو أخبر العرب أن الأرض تدور وهم يرون أن الشمس هي التي تدور ما صدَّق في أمر الدين أحد.
" إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يُغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً (يلي الليل النهار بطريقة سريعة جداً)...". [الأعراف : 54].
آية [الأعراف : 54] هي الآية الوحيدة التي ورد فيها ذكر "يطلبه حثيثاً" في آيات الإغشاء. وتساءل المفسرون منذ القدم لماذا ذكر الله هنا عبارة "يطلبه حثيثاً" ولم يستطيعوا إدراك الحكمة من ذلك!
منذ عشرات قليلة من السنين، بدأ العلماء بدراسة أثر المناخ القديم كما هو مُدَوَّن في صخور الأرض. وقد وجدوا أن المناخ مُدوَّن في صخور الأرض وفي أجساد الكائنات الحية تدويناً دقيقاً. فمثلاً، حينما نعمل قطاعاً مُستعرضاً في ساق شجرة فإننا نلاحظ وجود حلقات دائرية حول المركز تتسع نحو الخارج. هذه الحلقات سماها العلماء بالحلقات السماوية وقالوا أن كل حلقتيْن تُمثلان سنة. وبعد اختراع المجهر الالكتروني، بدأ العلماء ينظرون في هذه الحلقات بتكبير أكبر، فوجدوا أن في كل حلقة مئات الحلقات ولاحظوا أن الليل والنهار والأيام والأسابيع والشهور والفصول مُدَوَّنة بدقة بالغة. هذا الحلقات وُجدت أيضاً في هياكل الحيوانات وخاصةً الشعاب المرجانية. وحين درس العلماء هذه الحلقات وجدوا أنه كلما تقدم الزمن بالحلقة السنوية ازداد فيها عدد الأيام. وبدأ بعدها العلماء في رسم المنحنيات ولاحظوا مثلاً أنه في العصر الكامبري أي منذ حوالي 600 مليون سنة كان عدد أيام السنة ضعف عدد الأيام الحالية. ففي رسم المنحنيات لاحظوا أنه في بدء الخلق كان عدد ايام السنة أكثر من 2200 يوم وأن طول الليل والنهار معاً كان أقل من 4 ساعات. فقالوا ما الذي يجعل عدد الأيام يزيد هذه الزيادة؟ فوجدوا أنه لا بد أن سرعة دوران الأرض حول محورها كانت فائقة للغاية أكثر بكثير من سرعتها الحالية. فما الذي يبطئ من سرعة دوران الأرض حول محورها؟ لم يجدوا تفسيراً إلا حركة المدّ والجَزِر وفِعْل الرياح. فقالوا أن عملية المدّ والجَزِر والرياح تعملان كالفرملة التي تُبطئ من سرعة دوران الأرض حول محورها باستمرار. وتأكد العلماء بقياسات دقيقة أن أرضنا تفقد من سرعتها جزءاً من الثانية كل قرن من الزمن. فبدؤوا يؤكدون على حقيقة أن الأرض كانت تدور حول محورها في القديم بسرعة فائقة وأن هذه السرعة في تباطئ مستمر.
حينما اكتشف العلماء أن سرعة دوران الأرض حول محورها عند بدء الخلق كانت عالية للغاية وأن الليل يلي النهار بعد ساعتين فقط، فهمنا حكمة إضافة عبارة "يطلبه حثيثاً" في آية [الأعراف : 54] التي تحدثت عن لحظة الخلق. هذه حقيقة كونية أشار إليها القرآن الكريم قبل 1400 سنة بهذه الإشارة الضمنية الدقيقة والمحكمة. لماذا جاءت مثل هذه الإشارة في القرآن الكريم لولا أن الله يعلم أن الإنسان سيصل في يوم من الأيام إلى اكتشاف هذه الحقيقة فتصبح هذه الومضة القرآنية "يطلبه حثيثاً" شهادة صدق أن القرآن كلام الله الخالق وعلى أن هذا النبيّ الخاتم كان موصولاً بالوحي الإلهي مُعلماً من قبل خالق السماوات والأرض.
ليس هذا فقط، بل يقول العلماء أنه برسم المنحنيات للمستقبل أدركوا أنه سيأتي على الأرض زمان يبلغ البطء في دوران الأرض حول محورها درجة تجعل النهار يطول بشكل مرعب في الجهة المقابلة للشمس بينما يطول الليل في الجهة المقابلة. ومن هنا نفهم قول الله في القرآن الكريم في سورة القصص:
" قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سَرْمَداً (دائماً) إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياءٍ أفلا تسمعون. قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سَرْمَداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بِلَيْلٍ تسكنون فيه أفلا تبصرون ". [القصص : 71-72].
تدور الأرض اليوم حول محورها باتجاه عقارب الساعة أي من الغرب إلى الشرق فتبدو الشمس مُشرقةً من الشرق وغاربةً من الغرب. هذا التباطئ المستمر في حركة دوران الأرض حول محورها سيصل إلى مرحلة يجعل جاذبية الشمس تُغير إتجاه الأرض، فعندها ستدور الأرض بعكس عقارب الساعة أي من الشرق إلى الغرب فستبدو الشمس مشرقةً من الغرب وغاربةً من الشرق وهذه من علامات قيام الساعة وإحدى نبوءات النبيّ محمد:
- "لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم وتكثر الزلازل وتكثر الفتن ويظهر الهرج والمرج وتكثر فيكم الأهواء ويخرب العامر ويعمر الخراب ويكون خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وتطلع الشمس من مغربها ...".
- "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه".
- "إن الله يبسط رحمته بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط رحمته بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها".
من الذي دلَّ محمد على هذه الحقيقة الكونية؟
8- الحديد
" وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ". [الحديد : 25].
للوهلة الأولى تبدو هذه الآية خالية من أي معنى علمي. ولكن إذا ما دققنا جيداً في كلمة "وأنزلنا" سنجد حقيقة علمية مُبهرة لم يكتشفها علماء الكونية إلا في الربع الأخير من القرن العشرين.
تأكد العلماء من أن الأرض التي نحيا عليها ليست متجانسة ولكن تحت القشرة الصخرية يوجد ست طبقات أو ستة نُطق متمايزة. كل نطاق له صفاته الطبيعية والكيميائية. وثبت أن الأرض لها لُبّ صلب داخلي أغلبه الحديد والنيكل (Inner core)، يليه إلى الخارج لُبّ سائل أغلبه أيضاً الحديد والنيكل (Outer core)، ثم أربع أوشحة متمايزة تتناقص فيها نسبة الحديد من الداخل إلى الخارج (Lower mantle, Transition zone, (Asthenosphere, Lithosphere، ثم غلاف صخري (Crust). والذي يحكم طبيعة هذه النُطق هو الضغط والحرارة، فإذا زادت الحرارة على الضغط إنصهر هذا النطاق أو أصبح في حالة شبه انصهار، أما إذا زاد الضغط على الحرارة تماسك هذا النطاق وأصبح صلباً. هذا التمايز في الأرض له حكمة بالغة لأن وجود الثقل في باطن الأرض جعل لها شيئاً من الاستقرار حينما تدور حول محورها وحينما تدور في فلكها حول الشمس.
يُكوِّن الحديد أكثر من ثلث كتلة الأرض، ويتركز في لُبّ الأرض ويتناقص إلى سطحها الخارجي. وجد العلماء أن ذرّة الحديد هي أكثر الذرّات تماسكاً وأن وجود الحديد في لُبّ الأرض هو الذي جعل للأرض حقلاً مغناطيسياً يمسك بالغلاف الغازي وبالغلاف المائي ويمسك بالكائنات على سطحها. وتساءل العلماء طويلاً كيف أُنزل هذا الحديد إلى لُبّ الأرض ولماذا يتناقص إلى الخارج؟
في بدء رحلات الفضاء، بدأ العلماء يهتمون بدراسة النيازك ومسارتها حتى لا ترتطم هذه النيازك بالمركبات الفضائية. فوجدوا أن أغلب هذه النيازك حديدية أو صخرية وأن الحديد في صورته الفلذية لا يوجد إلا في جوف الأرض أو النيازك القادمة من السماء. وتساءلوا من أين يأتي الحديد في هذه النيازك؟ عند دراستهم للجزء المدرك من الكون، لاحظوا أن الكون يتكوَّن من حوالي 74% من الهايدروجين وهو أخفّ العناصر وأقلّها بناءً، ويليه في الكثرة الهيليوم الذي يُكوِّن 24% من مادة الكون المنظور. فتعجب العلماء أن أخفّ عنصرين وأقلَّهما بناءً يُكوِّنان أكثر من 98% من مادة الكون وباقي 125 عنصر معروفة تُكوِّن أقل من 2%. فقالوا لا بد أن أصل العناصر كلها هو غاز الهايدروجين، فبدؤوا يبحثون كيف تتكوَّن العناصر من الهايدوجين. نظروا في الشمس فوجدوا أن عملية اندماج نَوى ذرّات الهايدروجين هي التي تُكوِّن العناصر الأثقل. ولكنهم أدركوا أن عملية الاندماج النووي في الشمس لا تتجاوز صناعة بعض العناصر الخفيفة جداً وأنها لا تصل إلى الحديد أبداً. فقالوا أن لدينا أدلة أن الأرض وكواكب المجموعة الشمسية قد انفصلت أصلاً من الشمس، فإذا كانت الشمس لا يتخلّق بداخلها الحديد، فمن أين جاء الحديد إلى الأرض؟
سؤال حيَّر العلماء لعدة سنوات.
لما طوَّروا أجهزة الرصد الفلكي، أدركوا أن في الكون نجوم أشد حرارة من الشمس بملايين المرات. هذه النجوم الشديدة الحرارة سَمُّوها "المُسْتَعِرات". فقالوا أنه لا بد أن تكون هذه النجوم هي مواقع تخليق الحديد. رصدوا هذه النجوم فوجدوا فعلاً أنها المراكز الوحيدة التي نعرفها في الكون حيث يتخلّق في داخلها الحديد بعملية الاندماج النووي. حينما ينفجر هذا النجم، تتناثر أشلاءه وبينها ذرّات الحديد في صفحة الكون.
حينما انفصلت الأرض عن الشمس، لم تكن سوى كومة من الرماد ليس فيه شيء أثقل من السيليكون والألومينيوم. فعندما نزلت النيازك الحديدية بكميات كبيرة في مركز الأرض، لقحت هذه الكومة من الرماد بالحديد وصهرتها وميزتها إلى سبع طبقات يتناقص الحديد فيها من المركز إلى الخارج. وبعد حسابات دقيقة، تأكد العلماء أن تكوين ذرّة حديد واحدة تحتاج إلى كَمٍّ من الطاقة يفوق كل الطاقة الموجودة في مجموعتنا الشمسية أربع مرات. عندها أصبح العلماء يؤمنون بأن الحديد الموجود في مجموعتنا الشمسية بأكملها قد أُنزل إلينا إنزالاً.
إنزال الحديد حقيقة علمية لم تُكتشف إلا منذ سنوات قليلة بواسطة آلاف العلماء بعد مجاهدة طويلة ومتواصلة، ولكن القرآن الكريم أشار بصورة إعجازية إلى هذه الحقيقة منذ أكثر من 1400 سنة.
9- الجبال
يصف القرآن الكريم الجبال بأنها أوتاد تقوم بعمل الرواسي التي تمنع الأرض من الاهتزاز والاضطراب:
" ألم نجعل الأرض مِهاداً. والجبال أوتاداً ".[النبأ : 6-7].
" والجبال أرساها ". [النازعات : 32].
" وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم...". [النحل : 15].
بدأت قارات الأرض كلها بكتلة صخرية واحدة تدعى "بانجيا" وهي كلمة يونانية تعني "كل الأرض" (Pangaea). في العصر التِّرياسي (Triassic era)، أي منذ حوالي 225 مليون سنة، بدأت هذه الكتلة الهائلة تتمزق بصدوع فانفصلت إلى قارتين: "لوراسيا" إلى الشمال (Laurasia)والتي انفصلت فيما بعد إلى قارات أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا، "غوندوانا" إلى الجنوب (Gondwana) والتي انفصلت فيما بعد إلى قارات أميركا الجنوبية وأفريقيا وأستراليا وآنتاركتيكا وشبه القارة الهندية. هذه القارات بدأت هي بدورها في التباعد عن بعضها البعض فتكوّنت المحيطات الفاصلة بين القارات السبع التي نعرفها اليوم.
في سنة 1968، تأكد العلماء أن الغلاف الصخري للأرض ممزق بشبكة هائلة من الصدوع نشأت منها 8 كتل متجاورة تُسمى "الصفائح التكتونية" (plate tectonics).
(هنا نفهم قَسَم الله في سورة الطارق: " والأرض ذات الصدع ". [الطارق : 12]؛ وقول الله في سورة الرعد: "وفي الأرض قِطَعٌ متجاورات ". [الرعد : 4].)
هذه الصفائح التكتونية تقوم على طبقة شبه منصهرة (asthenosphere)، ومع دوران الأرض حول محورها تنزلق هذه الصفائح على هذه الطبقة كما يتزلج الإنسان على الجليد. هذا الانزلاق يُحرك ألواح الغلاف الصخري بقوة شديدة إما متباعدة عن بعضها أو مُصطدمة مع بعضها البعض. هذا الاصطدام يُوَّلد قوة هائلة فتنشأ بنتيجتها الجبال. حركة الانزلاق هذه كانت في القديم أسرع بكثير مما هي عليه اليوم، والذي أبطأها هو تكوّن السلاسل الجبلية لأن كل جبل هو عبارة عن امتداد داخل القشرة الأرضية. تماماً كالوتد، يخرق الجبل القشرة الأرضية بالكامل ليطفو في طبقة الضعف الأرضي كما يطفو طبق الجليد في البحر. وهو في انغماسه هذا الذي يتراوح ما بين 10 إلى 15 ضعف ظهوره فوق سطح الأرض يُثبِّت ألواح القارات في قيعان البحار والمحيطات ويُثبِّت ألواح القارات في بعضها البعض، وهو الوسيلة الوحيدة التي تبطئ حركة انزلاق الصفائح التكتونية ويخفف من الاهتزاز والاضطراب العنيف لليابسة وبالتالي جعلها صالحة للسكن والعمران.
أولى محاولات فهم عملية تكوّن الجبال ووصفها ووظيفتها قام بها العالم البلجيكي أورتيليوس في عام 1596 (Abraham Ortelius 1527-1598) وهو أول من نشر المُصَوَّر الجغرافي أطلس، وأول من توصل إلى شيءٍ من حقيقة الجبال الجيولوجية كان العالم الألماني فيغنير في سنة 1912 (Alfred Wegener 1880-1930)، إلا أن القرآن الكريم وصف الجبال وعَمَلِها قبل 900 سنة من مولد "أورتيليوس" وقبل 1300 سنة من مجيء "فيغنير".
10- البحار
في سنة 1873 أدرك علماء البيولوجيا البحرية أن بحار الدنيا ومحيطاتها ليست مُوَّحدة التكوين بل هي تختلف في الحرارة والملوحة والكثافة ونسبة الأوكسجين. فبالرغم من تداخل مياه الأرض فيما بينها إلا أن كل بحر يملك خصائصه الفيزيائية الخاصة
كيفية محافظة البحار على خصائصها الخاصة بقيت لغزاً حتى سنة 1942 عندما تمكن علماء الأوقيانوغافيا من اكتشاف وجود "الجبهة" التي تفصل بين البحار. فقد أدركوا أن في مكان التقاء بحريْن مختلفيْن يوجد حاجز أو ما يسمونه بلغة العلم بـ "الجبهة" (the frontier) التي تقوم بعملية تهذيب الكتل المائية العابرة من بحر إلى بحر لتُكسبها خصائص البحر الذي ستدخل فيه فتمنع بذلك طغيان أحد البحرين بخصائصه على خصائص البحر الآخر.
هذه الحقيقة العلمية التي عُرفت لأول مرة في النصف الأول من القرن العشرين قد ذكرها القرآن الكريم في القرن السابع:
" مَرَجَ (أرسل) البحريْن يلتقيان. بينهما بَرْزَخٌ (حاجز) لا يبغيان (لا يطغى أحد البحرين على الآخر) ".
[الرحمان : 19-20].
هذه الحقيقة العلمية لم تُكتشف إلا حديثاً بواسطة المعدات المتطورة التي فقط من خلالها يمكن قياس نسبة الملوحة والكثافة والحرارة ونسبة ذوبان الأوكسجين. من دون هذه المعدات لا تستطيع العين البشرية أن ترى الفرق بين البحريْن الملتقييْن؛ فهذان البحران سيظهران كبحر واحد متجانس. ولكن القرآن الكريم ذكر هذه الاكتشافات العلمية منذ أكثر من 1400 سنة!
11- أعماق البحار
" أو كظُلمات في بحر لُجِّيّ (عميق) يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور ". [النور : 40].
توقف المفسرون طويلاً حائرين عند قضية " يغشاه موج من فوقه موج ". حتى مطلع القرن العشرين كانت كل الأمواج المعروفة للعلماء هي الأمواج السطحية التي تحدث فوق سطح البحر وهي تحدث بفعل المد والجزر (tidal currents) وبفعل حركة دفع الرياح لمياه البحار (wind driven currents). وعجب الناس هل يمكن أن يكون هناك أمواج داخل كتلة الماء البحرية كما أشار القرآن الكريم! ما أمكن تخيل أو فهم هذه الظاهرة فكان كل التصور أن كل الأمواج هي أمواج سطحية فقط. مع تطوير معدات قياس الملوحة والحرارة، أتى علم الأوقيانوغرافيا ليؤكد وجود أمواج داخل البحار العميقة تفوق في عنفها الأمواج السطحية وتقاس أطوالها وارتفاعها بمئات الأمتار. هذه الأمواج العميقة سُميت بالأمواج الداخلية (internal waves) وهي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة إنما تُكشف بقياس فرق الكثافة بين كتل الماء. هذه الأمواج الداخلية لم يدركها العلماء إلا في مطلع القرن العشرين ولم يثبتوا وجودها إلا في منتصف الخمسينيات. كوْن القرآن الكريم كتاب أُنزل من قبل 1400 سنة يتحدث عن هذه ظاهرة الأمواج الداخلية التي لم يتيقن العلماء من وجودها إلا منذ عشرات قليلة من السنين أمر معجز للغاية. من الذي أعلم محمد بذلك؟!
رغم أن القرآن الكريم قد أشار منذ أكثر من 1400 سنة إلى الظلمات في أعماق البحار وهي حقيقة علمية لم يكتشفها الإنسان إلا مع اختراعه للغواصة في مطلع القرن العشرين، إلا أن الصورة الإعجازية في هذه الآية تبقى في وصف هذه الظلمات بأنها "بعضها فوق بعض".
حينما تدخل أشعة الشمس في مياه البحار، يبدأ الضوء الأبيض بالتحلل إلى أطيافه. فالنور الأبيض مُكوَّن من 7 أطياف: الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي والبنفسجي. هذه الأطياف تُمتص في مياه البحار واحدة تلو الأخرى وذلك بحسب طولها الموجي. فأولها امتصاصاً الطيف الأحمر الذي يختفي على عمق حوالي 20 متر، فلو جُرح غواص على هذا العمق أو أكثر فإنه لن يرى الدم بسبب ظلمة الطيف الأحمر. بعد هذا العمق تُمتص بقية الأطياف الواحدة تلو الأخرى في المائتي متر الأولى ما عدا الطيف الأزرق الذي يستطيع اختراق المياه إلى ان يتم امتصاصه على عمق حوالي ألف متر، ولذلك تبدو مياه البحار زرقاء. بفعل عملية الإمتصاص التدريجية لأطياف الضوء تتكون ظلمات بعضها فوق بعض. (صورة 13).
في علم الرياضيات، نجد قاعدة الإحتمالية. هذه القاعدة تقول أنه إذا كان عليك أن تختار بين أمرين أحدهما صحيح والآخر خاطئ، فإن احتمالية اختيارك للأمر الصحيح هو 1\2 أو 50%.
وإذا أردت أن تختار مرة أخرى بين أمرين أحدهما صحيح والآخر خاطئ، فإن احتمالية اختيارك للأمر الصحيح هو أيضاً 1\2.
ولكن احتمالية اختيارك للأمر الصحيح في المرة الأولى والثانية معاً تنخفض إلى 1\2x1\2=1\4 أو 25 %.
وإذا أردت أن تختار الأمر الصحيح 3 مرات، فإن احتمالية اختيارك للأمر الصحيح تنخفض إلى 1\8 أو 12.5 %.
في الجزء الخامس من هذا الكتاب، عرضنا فقط لحوالي 20 مسألة علمية وكان القرآن الكريم فيها جميعها دقيقاً وصائباً. من هنا نجد أن نسبة احتمالية اختيار الأمر الصحيح هي 1\1048576 أو 1 في 10000.
هذا يعني أنه كان على محمد أن يقوم بعشرة الآف محاولة حتى ينجح مرة واحدة فقط باختيار الأمر الصحيح!!!
كتاب الله فيه نبأ من كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل. من تركه قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين والنور المبين، وهوالصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه. من علم به علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هداه إلى صراط مستقيم. (حديث شريف)
كلما غاص المرء في دراسة المسيحية والإسلام، كلما لاحظ درجة التقارب بينهما. فالمسيحية والإسلام يؤمنان بوجود إله قدير خالق السماوات والأرض، وكلاهما يؤمن بسلسلة طويلة من الأنبياء والرسل، وبوجود الجنة والنار، وبمعجزات المسيح وولادته من غير أب...
ولكن بالرغم من هذا التقارب، لا بد من الإعتراف بأن الإختلاف بينهما جوهري وحقيقي.
خلال كل فترة البحث عن الحقيقة الضائعة، كنت دائماً حاضراً لقبول تضحية يسوع والخلاص.
قال لي العديد من رجال الدين أن كل إنسان يولد فهو وارث للخطيئة الأصلية!!!
إلا أن يسوع يقول:
" لم آتِ لأدعوا أبراراً بل خطاة إلى التوبة ". [مرقس 17:2]، [لوقا 5:32]
" أقول لكم إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة ". [لوقا 7:15].
" فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى ". [متّى 12:9].
كيف يقولون أن كل إنسان يولد فهو وارث للخطيئة الأصلية، بينما يسوع يقول لهم أن هناك أبراراً لا يحتاجون إلى توبة؟
قال لي العديد من رجال الدين بضرورة قبول تضحية يسوع من أجل الخلاص!!!
إلا أن يسوع يقول:
" وإن أعثرتك يدك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحيوة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم إلى النار التي لا تطفأ...". [مرقس 43:9-48].
" ومن قال يا أحمق يكون مستوجب النار ". [متّى 22:5].
" ولكن أقول لكم إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يُعطون عنها حساباً يوم الدين ". [متّى 26:12].
كيف يدّعون الخلاص بينما يسوع يقول أن حساباً لا بد أن يُسدد يوم القيامة؟ كيف يدّعون الخلاص بينما يسوع يقول أن كلمة أحمق أو نظرة خاطئة تطرح صاحبها بنيران جهنم؟
خلال بحثي الطويل، تبين لي أن أبرز رجال الدين المسيحيين هم فقط من يشعر بالألم تجاه حقيقة الكتاب المقدس، بينما لا تزال العامة تغطّ في سبات عميق. أبرز هؤلاء هو فون تيشندورف الذي أقرّ بأن مخطوطة (Codex Sinaiticus) قد خضعت لحوالي 14800 تصحيح.
لقد بحثت عن العقائد المسيحية الحديثة كالثالوث المقدس، الخطيئة الأصلية، الصلب، القيامة، الخلاص...
وأعترف أنني قد وجدت جميع هذه التعاليم في الكتب والكتيبات والمقالات والمنشورات، وأقرّ أنني قد وجدت هذه التعاليم في أفواه رجال الدين والعامة. إلا أنني لم أجدها أبداً في الكتاب المقدس!!!
بينما يكفي بعض الأشخاص برهان واحد لرؤية الحقيقة المزيفة للكتاب المقدس، تجد بعض الأشخاص الذين لم يروا ولن يروا هذه الحقيقة ولو جئت بقرابة الأرض دلائل...
Author: Cyanure
Last Update: 2001
Please for any comment : alexei_nachrade@yahoo.com