Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

شباب اليسار الجديد
خطاب مستقبلي متحرر لاداء تعوزه البراغماتية

   

هل من يسار جديد يتبلور في صفوف الشباب الجامعي اللبناني؟ ما خطابه، وبم يختلف عن الخطاب اليساري التقليدي الذي اعتدنا مضمونه منذ اعوام طويلة والذي مزّقته الحرب اللبنانية وباد بفعل انهيار الاتحاد السوفياتي؟
هذه الاسئلة تطرح في قوة اليوم مع ازدياد عدد ما بات يعرف اليوم بـ"المجموعات اليسارية" المنتشرة في الجامعات، وابرزها ست مجموعات هي: "بلا حدود" في الجامعة الاميركية، "بابلو نيرودا" في الجامعة اللبنانية - الاميركية بيروت، "العمل المباشر" في البلمند، "طانيوس شاهين" في جامعة القديس يوسف (اليسوعية)، "اول ايار" في الجامعة العربية، بالاضافة الى "طلاب شيوعيون"، وهم مجموعة من شباب الحزب الشيوعي الذين تم فصلهم من الحزب اثر مشاركتهم في لقاء حواري عقدته "منظمة الشباب التقدمي" في بعقلين في تموز الفائت، مخالفين بذلك قرار الحزب بالمقاطعة. هؤلاء الشباب هم: عمر حرقوص، كنج حماده، حسام ناصيف، وبسام ناصر الدين، وتنضوي في صفوفهم مجموعة كبيرة تفوق الـ150 طالبا، فيما تضم كل مجموعة من المجموعات اليسارية المستقلة الاخرى بين 15 و35 طالبا.

"طلاب شيوعيون"
بدأت ظاهرة اليسار الجديد عام ،1997 عندما اعتبر بعض الطلاب ان الحزب الشيوعي لا يمثلهم في مواقفه السياسية التي يتخذها، فتم تأسيس مجموعات يسارية عبر مبادرات فردية مستقلة، باستثناء "طلاب شيوعيون" الذين يحاولون التغيير من داخل الحزب، فيما تساندهم المجموعات الاخرى من خارجه.
يشرح عمر حرقوص من "طلاب شيوعيون" التناقض في وجهات النظر بين بعض شباب اليسار وقيادتهم فيقول: "بعد انتهاء الحرب آثر الحزب الشيوعي البقاء في ما كان يسمى بالمنطقة الغربية، عوض الانفتاح على المناطق الاخرى وعلى الشارع المسيحي والقوى الطائفية لانه لا يمكن الغاؤها ومن المجدي الحوار معها". هذا التيار الشيوعي الشبابي الجديد اذا صحت التسمية منتشر في الجامعات كلها من النبطية، صيدا، بيروت، الجبل، البقاع وفي كل فروع الجامعة اللبنانية. ويتميز بعلاقته الوطيدة بـ"المنبر الديموقراطي" الذي ساهم اعضاء منه في تأسيسه منهم الياس عطاالله، نديم عبد الصمد وحكمت العيد. والبارز ان الخطاب الذي يحمله هؤلاء الشباب يختلف عن خطاب الحزب التقليدي في الجوهر الفكري والتوجه السياسي في آن واحد. واذا كان هؤلاء الشباب يستوحون افكار الماركسية، فانهم يحاولون تكييفها مع الواقع الذي يعيشونه وليس ابقاءها مجرد افكار جامدة، دافعهم الاول هو الانفتاح على الآخر وقبوله كما هو وليس بناء متراس مقابل له. من هذا المنطلق شاركت هذه المجموعات في تحركات دعا اليها "التيار الوطني الحر"، ومصلحة الطلاب في "القوات اللبنانية"، كما شاركت في جلسات حوار مع حزبي الكتائب والاحرار، وفي تحرك 7 آب، ونال شبابها نصيبهم من اللكمات والضرب، وشاركوا اهالي المعتقلين في السجون اللبنانية في تحركاتهم.
تأتي الحرية في طليعة الاهداف التي يناضل من اجلها الشباب اليساريون الجدد ويعتبرونها في صلب اي اصلاح ولو كان اقتصاديا، "لا داعي للاصلاح الاقتصادي لأنه لن يتحقق الاعندما ينال بلدنا حريته ويتخلص من الهيمنة السياسية التي تمارسها دولة ثانية عليه"، يقول عمر حرقوص، ملاحظا ان "اي تحرير يؤدي الى الازدهار الاقتصادي، لكن تحرير الجنوب لم يدفع بالعجلة الاقتصادية لأن جزءا كبيرا من البلد تحت الاحتلال".
وتندرج الديموقراطية داخل الاحزاب في اولويات الطلاب: "الخطاب الرسمي للحزب يدعو الى الديموقراطية، لكنه في المقابل يمارس ديكتاتورية داخلية ويتحول نموذجا اسوأ من الانظمة الحاكمة" كما يؤكد حرقوص.
واذ ينادي الحزب الشيوعي باستراتيجيا ربط المسارات كلها، لا يوافقه الطلاب على ذلك اذ يرون ان الطريقة التي استقل بها الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بالنسبة الى القضية الفلسطينية وحصرها داخل الاراضي الفلسطنيية سياسة ناجحة، "اذ انتشل نفسه من هيمنة الانظمة العربية من مصر والاردن وسوريا، وصار يمكنه تحريك الشارع الفلسطيني الحقيقي في الداخل، كما واجه التشدد الاسلامي الذي كان يخدم الاسرائيلي بعملياته الانتحارية، وبتشهيره بالسلطة الفلسطينية ووصفها بأنها عميلة"، كما يقول حرقوص.
هذا الاختلاف السياسي العميق بين الحزب الشيوعي التقليدي وطلابه المنشقين عنه لا يطال فقط قضايا سياسية جوهرية محليا واقليميا، بل ينسحب ايضا على الرؤية الفكرية، اذ يطالب "طلاب شيوعيون" بتطوير الفكر الماركسي وبلورة يسار متطور مختلف عن اليسار السوفياتي اللينيني قادر على الوصول الى جميع الناس.
ويرفض الشباب بعض "المقدسات" التي يتشبث بها التيار المتشدد داخل الحزب على غرار "تاريخ الدولة السوفياتية، لينين وفكره وستالين وجرائمه" على ما يقول حرقوص، مفضلين "تحويل الفكر الماركسي فكرا دينيا متحجرا". حتى ان هؤلاء المتشددين رفضوا قطعيا اجراء مراجعة نقدية عقلانية لدور الحزب بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، "لأن جزءا من امجادهم مبني على هذا التاريخ ولا يستطيعون التخلص منه عاطفيا". ويعتبر "طلاب شيوعيون" ان افكارا مثل الحريات والديموقراطية موجودة في الفكر اليساري، لكن المتشددين في تاريخ الحركة اليسارية محوها اذ مارسوا نوعا من السلطة القهرية على الناس الذين عملوا معهم.
من جهة اخرى، يحتل النقاش حول الحرب الاهلية اللبنانية حيزا اساسيا، بينما يرفض الحزب الدخول في هذا النقاش معتبرا انه لم يخطئ. ماذا يقول الشباب الشيوعيون في هذا الموضوع؟ يقول حرقوص، وهو شاب شيعي من بلدة انصار الجنوبية: "انا احمل اليسار والحزب الشيوعي تحديدا مسؤولية عدم ايقاف الحرب، اذ كان في امكانه تقديم تنازلات مقابل الحفاظ على وحدة البلد، لأن الحرب همشت اليسار ودمرته". يضيف: "يحاول النظام الجديد في البلد محو الحرب من ذاكرة الناس، بينما نحن الشباب نقول ان ثمة ذاكرة للحرب وثمة حوارا ونقاشا يجب ان يدورا بين الناس الذين سببوا الحرب، وانا اعتبر انه من الخطأ محاكمة شخص واحد شارك في الحرب وترك الآخرين، فاما ان تكون المحاكمة لجميع الناس او لا تكون لأحد".
بغية تحقيق هذه الغايات "الثورية" ينظم "طلاب شيوعيون" حلقة دراسية كلّ شهرين لوضع مخطط جديد يواكب الحوادث المستجدة ولمناقشة الخطط السياسية والفكرية الاستراتيجية على المدى الطويل، وهم ينسقون مع المجموعات اليسارية الاخرى مواظبين على اساليب التحرك المختلفة كالتظاهر، والاعتصامات. واخيرا ارسلوا رسالة الى قداسة البابا يوحنا بولس الثاني من اجل كنيسة المهد المحاصرة، وهم ينظمون اعتصاما مفتوحا في ساحة الشهداء يستمر منذ شهر ونيف تضامنت فيه معهم تيارات وشخصيات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار.

"بلا حدود"
تعتبر "بلا حدود" اكبر المجموعات اليسارية المستقلة، تتركز في الجامعة الاميركية وتضم زهاء اربعين طالبا، والشرط الرئيسي للانتساب هو ان يكون الشخص طالبا في الجامعة، وهو يفقد عضويته ما ان يتخرج. تأسست هذه المجموعة اواخر العام 1997 بعد اندماج "نادي التراث العربي" و"نادي حقوق الانسان". ويلخص حسام ناصيف، وهو احد الاعضاء البارزين في "بلا حدود" ومفصول من الحزب الشيوعي، مبادئ المجموعة بأمور ثلاثة: "الموضوع الاقتصادي ونحن ننحاز الى الطبقات الفقيرة، الموضوع الاجتماعي وندعو الى العلمنة والزواج المدني، والموضوع السياسي ونحن اقمنا حوارات مع "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، ونرى ان المدخل لحل الازمة لا يكون الا عبر قيام مصالحة وطنية بين الافرقاء، لا سيما ان الحرب اللبنانية لا تزال اسبابها قائمة نظرا الى الانقسامات السائدة واستمرار منطق لا غالب ولا مغلوب".
يلتقي الخطاب اليساري الجديد لهؤلاء الطلبة مع مبدأ التلاقي بين اللبنانيين واعتبار "ان تدخل السوري عائق اساسي امام تطور البلد". تجتمع "بلا حدود" مرتين اسبوعيا، الاجتماع الاول له طابع ثقافي وهو مفتوح للجميع، اما الثاني فمخصص للاعضاء "تدرس فيه التحركات". ويؤكد ناصيف ان "مبدأ الديموقراطية هو السائد وتتخذ القرارات بالتصويت، اما اذا لم يقتنع شخص بقرار الاكثرية فيمكنه المعارضة باسمه الشخصي".

"بابلو نيرودا"
بابلو نيرودا، الشاعر والسياسي التشيلي وعضو الحزب الشيوعي، صار اسمه في لبنان مرتبطا بمجموعة طالبية من اليسار الجديد تعمل في الجامعة اللبنانية - الاميركية في بيروت. تقول نورا مراد، وهي عضو في اللجنة السياسية في المجموعة التي لا يتجاوز عدد اعضائها الـ 20 طالبا: "ان القضايا الانسانية التي ناضل في سبيلها نيرودا مثل العدالة، والارض، والثقافة، والحب، والارض هي قضايا تعنينا كشباب. من هنا جاء اختيار اسمه. تأسست المجموعة عام 1995 داخل الجامعة حيث وجدنا ضرورة لخطاب آخر غير الخطاب الذي تروّج له الاحزاب الطائفية، فحملنا الخطاب اليساري المغلف بنشاطات ثقافية شبابية". لا علاقات تجمع هؤلاء الشباب بالاحزاب الاخرى، وهم يخوضون الانتخابات مستقلين لكن في الانتخابات الاخيرة نسجوا تحالفا مع "التيار الوطني الحر"، وهم قريبون من الاشتراكيين لكنهم يختلفون معهم في بعض المواقف "اذ لا نلتزم سقفا سياسيا معيناً ولا ممنوعات لدينا ولا قيادة، ولا نلتزم مواقف رموز سياسية بل نقرر ما نريده بأنفسنا".
الديموقراطية، التعددية، العلمانية، والتغيير نحو الافضل شعارات يحملها هؤلاء الشباب، لكن من غير الواضح كيف سيحققونها ان كانوا شبه منعزلين عن التيارات التي يصفونها بـ"الطائفية". اما جامعيا فمطلبهم الاساسي يتمثل في الحكومة الطالبية.

* * *
شباب اليسار الجديد يملكون فرادة اساسية تميزهم عن سواهم من التيارات والاحزاب السياسية، اذ انهم الوحيدون الذين قاموا بمراجعة نقدية موضوعية لممارسات اليسار في زمن الحرب، محاولين تبيان مواقع الاخفاق ومكمن الاخطاء. لكن الواضح من تحالفاتهم الانتخابية انهم يحتاجون الى مزيد من نسج روابط بالاطراف الاخرى ومن البراغماتية، ولا سيما انهم يتشبثون بافكار تثير جدلا كبيرا في لبنان منها العلمنة والزواج المدني. لكن رغم كل شيء بدأ هؤلاء الشباب مسيرتهم، وخطوا الخطوة الاولى على طريق الالف ميل، فيما يراوح "قادتهم" السابقون مكانهم!

   
05/05/2002 Annahar
   

Back To Documents