|
|
|||||
|
Lebanese Communist Students Web Community |
Established on November, 16th 2002 |
||||
| Main | Documents | Gallery | Links & Contacts | Activities | Downloads |
|
الجامعة اللبنانية قالت كلمتها لطلابها: |
|||||
|
لم يكن ما حدث إعتباطيا ومن تلقاء نفسه. فقد اتفقنا هذه المرة
منذ البداية، على أنه بين القاع والقمة لا توجد نقطة توقّف.. لا محطة في منتصف
الطريق. وكانت قضيتنا منذ البدء تيمّم شطر الجامعة اللبنانية. لم نفكّر بالأمر
بدافع مناسبة طارئة. أردنا الإصلاح لجامعتنا.. إننا نُحب جامعتنا.. هذا دون
زيادة ولا نقصان ما جمعنا. مضغنا مطالبنا وهضمناها حتى اندمجت في أجسامنا كاللحم والدم. سخّرنا جميع قوانا لإستيعاب مأساة الجامعة. نأت المسافات في ما بيننا لكننا توافدنا من كل المناطق. ورغم البرد القارس والأمطار والعواصف التي كانت في هيجان مُطرد، منذ اليوم الأول لاعتصامنا عند مدخل الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية، قرب المتحف نقطة عدم الانحياز فتحنا اعتصامنا. كانت الجامعة المادة الدسمة الوحيدة التي استحقّت قلقنا، فاستطاعت لمّ شملنا. التقينا كي نعمل انطلاقاً من آخر قاسم مشترك للذات فيما بيننا (حب التعلم في جامعة فقراء الوطن). كُنا أناسا فعّالين. خزّانات لا تنضب من الطاقة، بل كُنا أشبه بنتفة من الراديوم. دام اعتصامنا عشرة أيام.. علّقناه يوم السبت الماضي. قضينا الليل ساهرين بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي خُصصت لدرس ملف جامعتنا، تدارسنا المقررات. قيّمنا التحركات.. فخرجنا بالتالي: <<الحكومة لم تُحقق المنتظر وإن أقرّت مطالب أساسية.. لقد قامت بمناورة عرض عضلات الأرانب.. هي أبقت الباب مفتوحا أمام كل الإحتمالات. سنترقّب بحذر.. آنتصرنا في الجولة الأولى، لكن المعركة لم تنتهِ. حقّق اعتصامنا جزءا كبيرا من المطالب بنجاح. سنُعلّق إعتصامنا.. فنحن لسنا هواة إعتصام. سننتقل إلى أساليب جديدة مع مطلع العام المُقبل. نتعهد أمام جامعتنا بأننا سنظل في طليعة المدافعين عن وجودها واستمرارها إلى جانب رابطة الأساتذة حتى تحقيق المطالب المحقّة>>. سهرة الميلاد في ليالي الإعتصام العشر، سهرنا مع جامعتنا. حتى في عيد الميلاد لم نتركها وحيدة. اشترينا لها شجرة، علقنا عليها زينة <<مطلبية>> صنعناها بأصابعنا.. هي أمنياتنا وأمنيات أساتذتنا.. هي الديمقراطية والمجالس التمثيلية، الإستقلالية والمنح الدراسية للأدمغة الوطنية. أضأنا الشموع من أجلها. كُنّا نقدح عود الكبريت ونُقرّبه من فتيل الشمعة فيتراقص اللهب للحظة ثم يضمر. كان يرفض الاشتعال كالحكومة وبعد محاولات حثيثة يشتعل الفتيل، يضيء، يتراقص للحظة ثم يضمر، فنعود ونشعله من جديد. قطّع العشرات منّا بيد واحدة كعكة الميلاد <<البُوش>> في صرح الجامعة. غنينا لها وللوطن المُنهك، <<انا لجامعتي وجامعتي إلي/ جامعتي ندهتلي، جيت بلا سؤال.. من نومي سرقتني ومن راحت البال>>. وغنينا <<جامعتي يا همي أنا/ إسمك على شفافي صلاة>>.. كما غنّينا للفقر كخيار بديل عن الجشع، للحب وللحرية. وعلّقنا الشارة السوداء حزناً على ضحايا الغربة. اعتذرنا من أهلنا وأحبائنا في عيد الميلاد، لأننا لن نتمكن من قضاء العيد معهم هذا العام. شارك في اعتصامنا غسان الذي أتى من فرنسا ليقضي الميلاد مع عائلته فقضاه مع عائلة الجامعة.. كذلك فعل ستيفان الكندي الجنسية الذي أتى إلى لبنان للعمل التطوعي في المخيمات الفلسطينية. وشاركنا الشيوعيون والتقدميون والتيار الوطني الحر بمشاركة فردية في الأمسيات. حضر مناضلو رابطة الأساتذة مع أبنائهم وفي يدهم الهدايا والحلويات.. كما تبرّع معظمهم بالمال لتسيير أمورنا منذ اليوم الاول، من طعام وشراب ولوازم الاعتصام. أحد الأساتذة وضع في الصندوق مئة ألف ليرة. ووضع غيره ما استطاع إليه سبيلا.. فيما أعدّت لنا زوجات <<الدكاترة>> الطعام. استمعنا لنداء جامعتنا الذي لم يسمعه المسؤولون. وبعد أن قرر الأصدقاء أثناء تظاهرة (الخمسة عشر ألفاً) القيام بنشاط لأجل الجامعة، التقى خمسة عشر طالباً منا في الاجتماع التحضيري الأول في <<زيكو هاوس>>، وتبلورت الفكرة. قالت لنا الجامعة! مع سهرة الليلة الأولى، بدأت الحكاية. قالت لنا الجامعة: أناشدكم يا أبنائي أن تظلوا لي مخلصين. وفي الليلة الثانية، قالت لنا الجامعة: إيه يا طلابي الأعزاء! هذه المشاكل هي مشاكلي.. وهذه الهموم هي همومي.. وما تقولوه يتصل بأعمق أعماق قلبي، وبما يعذب فكري. وفي الليلة إياها، قالت لنا الجامعة: هؤلاء أنتم يا أصدقائي! آه! هل سأصبح حرة؟ لقد عانيت الكثير. لقد تركتُ أبوابي مفتوحة لأصدقاء <<جدد>>! أصدقائي القدامى أصبحوا قدامى وهذا ما أبعدهم عني.. فإن من يتطور هو وحده القريب مني. وفي الليلة الثالثة، قالت لنا الجامعة: إيه يا نهر الحياة! أيها الشباب الثاني! إيه بستان الصيف! إيه أيها السرور القلق! يا أصدقائي <<الجدد>>! تعالوا إليَّ! فهذا وقتكم!. وفي الليلة الرابعة، قالت لنا: إيه يا طلابي الأعزاء! إن إخلاصكم لي بلغ القمة. لقد كنتُ دائمة البحث منذ سنوات طويلة عن أصدقاء يستطيعون أن يحسوا بما أحس، ويعذّبهم من المسائل والمشاكل ما يعذّبني، ويؤرق عقولهم من أفكار وهموم ما يؤرق عقلي. وفي الليلة الخامسة، قالت: لم يبادلني أحد الحب الذي تتحدثون عنه منذ زمن بعيد. وأنا أعلم أنكم لن تتركوني بعد حين. أليس كذلك يا أحبائي وأبنائي؟ وليلة بعد ليلة، كانت جامعتنا تكشف لنا عن حقيقة حبّها لنا وتفضح من يريد النيل منها. وأخبرتنا أن تدمير الأمم لا يحدث في ساحات القتال بل غالباً ما يحدث في مجالات الفكر والثقاقة. ولأنها جامعتنا الوطنية، قُلنا لها: يا أمنا الحبيبة! هو واجبنا يا أمنا الحبيبة. وحبنا لكِ حب خالص صادق صادر عن الإخلاص والتفاني المطلق. أحببنا الجامعة أكثر من أي شيء آخر في هذا البلد. علّقنا عليها آمالاً بحجم البلد. فهي الجامعة اللبنانية الوطنية. ردّدنا جميعنا المقولة نفسها إذا سألنا سائل. إنها الأمل الوحيد لنا في بلد كلّه عبارة عن كابوس يُنتج أفدح بؤس بأعظم كم ممكن. منها بإمكاننا أن ننطلق إلى القضايا الأخرى، وليس العكس. فقراء ضد الفقراء قال ريمون: تجمّعنا لنكون مجرد نتفة من فضاء يتنفس، امتداد أخضر، قليل من الهواء المنعش، بحيرة صغيرة من الماء.. لنكون منعطف طريق. نحن نحارب بعض السفاحين الذين كل ما يفعلونه هو أنهم يُحسنون اللباس، ويحلقون، ويتعطرون.. لكنهم ليسوا سوى سفاحين متآمرين على جامعتنا الوطنية.. على70 ألف طالب فقير. لا لن نسمح لهم بالقضاء على جامعتنا الوطنية التي تضم 61% من الطلاب الجامعيين، و62% من الفكر الوطني المستقبلي. قال عماد: أجمعنا على تضميد جراح جامعتنا الذي طال نزفها، وتقيّحت طويلاً. تصميمنا يبرق في عيوننا.. بإمكانك أن تراه. حدّق جيداً.. ألا تراه؟ أنت أعمى إذاً... إننا نصارع لتتحرّر جامعتنا، هي معركتنا. قالت رشا: ألم الجامعة لا يوصف، فيما حكّامنا ساديون يتمتعون بآلامها. إن متعتهم تزيد أكثر فأكثر، إلى حد البهجة، النشوة. ماذا يهمهم! إنهم يدفعون 15 ألف دولار قسطا سنويا لأولادهم في الجامعات الخاصة. كلهم مشتركون في المؤامرة على الجامعة حتى يثبت العكس. كلهم تآمروا واتفقوا على خطة لكل طائفة جامعة.. ولأنهم ببساطة يريدون ان يستسلم النور في وجه الظلام ويريدون أن يرجعوا بنا إلى زمن إقطاعية التعليم. لن نسمح لهم بالتمادي أكثر بعد اليوم. جرح الجامعة أكاد لا أميّزه عن جرحي. نحن نعشق جامعتنا الوطنية، ففيها نستحم بالنور، ومنها نستعيد الهوية الضائعة، وبها يتقدم الإنسان المواطن. نحن نتعلق بها أكثر فأكثر كلما أمعنوا في تدميرها. قالت إيمان: مثّلنا أنفسنا في الاعتصام. منعنا إبراز أي شارة حزبية أو إشارة إلى كُلية. لم يكن عملنا استعراضيا. تنوعت أحاديثنا وتشابهت: لا يوجد في لبنان أحزاب يسارية أو يمينية. دعونا من التاريخ. كلها متحولة متلونة كحرباء.. معظمها غارق في النوم حتى أسفل السافلين. ومن لم يكن نائماً منها، اكتفى بالتصريحات والإستنكار. وضد من يتحرّكون؟ ضد أنفسهم؟ ضد نوابهم ووزرائهم الذين يُنكّلون ثم يستنكرون! لم يشارك في الإعتصام المفتوح سوى العشرات.. أين السبعين ألف طالب؟ إنهم فقراء ضد الفقراء.. هم أيضاً في الجامعة معنا. لكن التجربة هي المحك. فقبل التجربة الجميع مناضلون، وربما أبطال. ثم ماذا؟ لم ولن يشاركوا. فأحزابهم متواطئة. حركة أمل كان اسمها حركة المحرومين، شبابها زملاؤنا على مقاعد الدراسة، ولكنه أمر من فوق. وأرشيف الحزب التقدمي حافل بأسماء شهداء النضال الطالبي، كحسان أبو إسماعيل وأنور الفطايري وغيرهما، حتى وليد جنبلاط عندما كان في التاسعة عشرة، شارك في نيسان 1969 في مظاهرة طلابية لقي فيها 6 أشخاص مصرعهم وجرح 46. والأحزاب الشيوعية التي حرّكت الشارع في ما مضى ولا يزال شبابها يدّعي ويُنظّر. والأحزاب المسيحية المعارضة... أين هي جميعها؟ <<وإفلت كلابك بالشوارع>> قالت صبحية: لا يوجد بيننا من تعيش فيه أشباح أحزاب هي في طريقها إلى مزبلة التاريخ. لسنا كشباب الأحزاب الذين باتوا مثل كهوف الأودية الخالية يُرجعون صدى الأصوات التي لا يفهمون معناها... لم يحفل الشباب المعتصم بحصتهم في طائفتهم ولم يخافوا عليها. قلنا بصوت واحد: لنا حقوق وعلينا واجبات. واجبنا حماية جامعتنا، حماية وطننا. ليس بيننا مطيع أو متملق لزعيم. كل الزعماء تلوّثت أياديهم في جريمة القضاء على جامعة الفقراء. هوّن إصرارنا من وطأة البرد والخوف والملل. كان البعض يتجادلون فيعلو صوتهم ويهبط بلا انقطاع. وعندما يصل الاختلاف بالرأي بين الذين لم يلتقوا من قبل إلى حده، وتؤدي لاشعورية الجدال دورها برفع أصواتهم فوق كل الأصوات.. كنا ننادي بهم، قائلين: يا أصدقاءنا غنّوا. لأجل الجامعة غنوا. غنّوا من أجل المستقبل والشباب والحياة. من أجل أنفسنا.. من أجل الذين ماتوا في ليلة الميلاد.. لكي نواصل السير، ولكي نبقى أقوياء. غنوا، ولنغنِّ. ردّدنا أغاني فيروز والهبر ومارسيل مع الموسيقى التي غالباً ما رافقتنا.. فجعلتنا أكثر وعياً لوجود سقف واحد لقضيتنا. رددنا الأغنيات نفسها بصوت واحد. لم ننتبه لتنوّعنا بينما كنا نأكل كعكة الزعتر. كنّا جميعنا واحدا. لم يكن يهمّنا من يُصرّح، فالكل كان مسؤولا. وزّعنا المهام على أنفسنا ديمقراطياً، فتنوعت المسؤوليات بين الإعلام، الصندوق، التخطيط، الكلفة، والمطبخ... كنا نعيش كفاف يومنا. لم يتوقف العشرات من الشباب <<المحروق دمه>> عن امتصاص السجائر، في محاولة لقتل الوقت أو للتركيز على كتابة بيان أو في محاولة إقناع. هنا جلست مجموعة صغيرة تناقش بعض التفاصيل، فسحب أحدهم نفساً من سيجارته مثل إطفائي.. ثم رمى بها إلى الأرض نصف مُدخّنة وسحقها بعقب قدمه مشعلاً أخرى إثر احتدام النقاش في إشارة إلى شيء ما لا يعرفها إلا المدخنون!.. وفيما إتكأ نزار على هيئة متأمل، تربّع عبد الله يقرأ ما كتبته الجرائد عن الإعتصام. وكان أنف نادر يجري كمجرور بسبب الزكام الذي أصابه من جرّاء النوم في العراء.. فوق أنصاف <<فرش>> وُضعت بالعرض على الرخام، كي تتسع للجميع.. فاستوعبت أنصاف أجسادنا العلوية. وهنا فتاة ترتجف حتى النخاع، حشرت نفسها تحت ذراع صديقتها، التصقت بها، فبانتا كجسد برأسين. وهنا شاب عند المساء لم يأكل منذ الصباح للتقليل من عدد مرات دخول الحمام <<العام>>. وفي الزاوية يقف شاب، قررنا عزله بعد أن فُضح أمره بيننا. هو من خارج الطابور. هو مذكور اسمه في أغنية <<للشيخ إمام>> غالباً ما رددناها في الإعتصامات.. الأغنية تقول: <<وإفلت كلابك بالشوارع>>. قالت إيمان: قال نيتشيه: <<الفراشة التي تظل مرفرفة حول السراج حتى تحترق هي أسمى من الخلد الذي يعيش براحة وسلامة في نفقه المظلم>>. نحن فراشات الجامعة اللبنانية. استعان الياس بديالكتيك ماو تسي تونغ وقال: <<على هذا النحو يحدث في العالم باستمرار، زوال القديم وولادة الجديد، حلول الجديد محل القديم، وتحطيم القديم وإنشاء الجديد أو انبعاث الجديد من القديم>>.. هو صراع من أجل مكانتنا في هذا العالم. |
|||||
| 31/12/2003 | Assafir | ||||