Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

اقتراح مسودّة للتعريف

   
المقدمة:
نحن افراد ومجموعات من المقاوميين ، والصحافيين، والناشطين، والطلاب، والسياسيين، والمثقفين، والنقابيين وغيرهم، ادى اختمار تجاربنا وخبراتنا ودراساتنا وخياراتنا الى تلاقينا. وكثيرة كثيرة هي الاستحقاقات، والمواقف، والنشاطات، واللقاءات التي وجدنا انفسنا، واوجدنا انفسنا في خانة مشتركة فيها. تواصلنا المباشر بدء اثر معارك ضارية خضناها كانت توصلنا الى الاصطفاف جنباً الى جنب. حتى عندما كنا نصارع منفردين، او من داخل مؤسسات سياسية، او من خلال مؤسسات اوجدناها، او من خلال مؤسسات المجتمع المدني، او من خلال كتابتنا فكان الاصطفاف يأتي من تلقاء نفسه ومن مواقعنا المختلفة. اصبح عملنا المشترك امر محتّم وجلي بعد سلسلة طويلة من النقاشات والحوارات. كل تلك التراكمات التي ذكرناها، دفعتنا لتوحيد جهودنا والمضي سوياً والارتقاء في درجة الصراع. تم الاتفاق عندها على اتخاذ اتجاه نحو تأسيس حركة يسارية ديمقراطية. وسبب هذا الاختيار سيوضّح في سياق اجابتنا على عدد من الاسئلة الاساسية مثل: من نحن؟ كيف نرى واقعنا؟ لماذا نهدف؟ لماذا الآن؟ ما هي الوسيلة، ولماذا اخترناها؟ لمن نتوجه، وعلى من نعتمد؟ ما المتوقع الآن، ما الخطوات لتحقيق كل هذا؟
من الصعب ان تستوفي اجابتنا في هذه الوثيقة على كل ابعاد هذه الاسئلة. اولاً لضخامة التساؤلات التي نطرحها. وثانياً لأن هدف هذه الوثيقة هو التعريف المكثّف والملخص للحالة التي ننضوي فيها لكي يتثنى للمشاركين تتطوير افكارهم وبرامجهم معتمدين على قواسم مشتركة. وثالثاً لامكانية ظهور ابعاد لم نتنبه لها.

من نحن؟
قد اجبنا في المقدمة على الناحية الشخصية المعنوية او الشخصية العضوية للافراد والمجموعات المشاركة. بالاضافة لما ذكرناه سابقاً، نحن لسنا تتويج لحالات داخلية ذاتية فحسب، بل ايضاً، لمعطيات موضوعية سياسية، واجتماعية، وثقافية على الصعيد الوطني، والاقليمي، والدولي. نتطرق لكل تلك المعطيات شرحاً، تحليلاً، ونقداً عند طرحنا لنظرتنا للواقع عامة، وتحديد موقعنا فيه.

كيف نرى واقعنا؟
الواقع الذي يعنيينا يفوق حدود السياسة ليشرك السياسي مع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. ولكننا لسنا بصدد طرح ايديولوجيا او مجموعة من الشعارات الطنانة الرنانة مما اعتدنا سماعه من السواد الاعظم من السياسيين. ونقصد تحديداً اننا لن نلوي ونترجم ونتحايل على الوقائع لنجعلها تتماشى مع ايديولوجيا او شعارات. سنصور واقعنا بتجرّد اقرب ما يكون الى شرح اكاديمي موضوعي. وسنعالج ذلك الواقع حسب المداخل التي ذكرناها (اجتماعي، سياسي، ثقافي، اقتصادي) وعلى المستويات الوطني اللبناني، الاقليمي العربي، والدولي العام.


لبنان:
نقصد في هذا المحور الدلالة على الخلل البنيوي الاقتصادي الاجتماعي السياسي والديني في لبنان. اتفاقية الطائف والسنون التي تلت، اخفقت في معالجة الاختلالات العميقة في المجتمع والنظام اللبناني. بل نلحظ تأجج الامور باتجاه الاسوء. دينياً نلحظ ازدياد ظواهر التعصب الديني والانكفاء العام باتجاه الطائفة خاصة بسبب قوى امر الواقع الحاكمة واسلوبها الذي تعتمد الزبونية، والمحاصصة وفرض التبعية لزعيم (او عدد محدود من الزعماء) ضمن الاطار الطائفي.
أما على الصعيد الاقتصادي فنسبة البطالة، والفقر وما تستتبعه من هجرة وفرز لغيتوات وخلل في سلّم القيم والاخلاق، تشكل خطر محدق باستمرارية البلاد على تأمين ضروريات الاساسية للحياة الانسانية. فعملية اعادة البناء قد كلفت لبنان اكثر من ضعفي القيمة الفعلية للاعمار. استمرار تنامي الدين يؤدي الى تآكل، قارب المسح، للميزانية التنموية للدولة وخاصة لجهة التعليم والثقافة دون ان نضيف تأهيل شبكة الكهرباء والماء والصرف الصحي. استمرار ضعف القطاعات المنتجة يبقي الاستمرارية الاقتصادية مرهونة بمساعادات وديون وقوة القطاع المصرفي والسياحي في لبنان. ويعلم الجميع المطّلع وغير المطّلع، على ان هذه المكونات غير كافية لاطلاق عجلة الاقتصاد الوطني باتجاه النمو المستدام الذي نعوّل عليه كمواطنين لوقف التدهور المستمر في الحالة الاقتصادية بالاخص لأغلبية الشعب من الطبقات الفقيراء والمحرومين.
اما السياسات الاقتصادية في فترة ما بعد الحرب اللبنانية نجحت في زيادة الفروق الاجتماعية بين الاغنياء والفقراء. كما شهدت عملية واسعة من التزوير والسرقة للاموال العامة شارك فيها ويشارك فيها اهل الحكم وقادة ما كان يعرف بالميليشيات. اصبح من الطبيعي ان تنشر وقائع عن نهب واستغلال وتحايل على السلطة دون ان يكون هناك من آلية للمحاسبة او حتى خوف من الرأي العام. وهذا الاخير، تحول اثر المنهجية الحاكمة لقوى الامر الواقع الى التقيّد بعزلته من الشأن العام رغم ادراكه للمصائب.
فالمشاركة في الحياة السياسية آخذة في التدني ويجزم البعض، ونميل لتصديقه، ان لا حياة سياسية في لبنان. هذا بسبب انتفاء القرار الوطني الذي سلّم لسلطة الوصاية السورية والمتعاونين معها داخل السلطة اللبنانية الذين يشكلون اكثرية داخل الدولة. ولظاهرة وجودهم داخل الدولة والتحكم المطلق باوصالها تعليل يعرفه القاسي والداني: القانون الانتخابي، الضغوط من اجهزة المخابرات، المال، الزبونية، الطائفية، التخويف والسبب الاهم غياب قضاء نزيه وشريف ومستقل قادر على منع التجاوزات. فإذ بنا نرى الظلم يصدر حسب رغبة قوى الامر الواقع من تحت اقواس القانون.
تم ويتم القضاء على اي محاولة للوفاق الوطني والتقارب ما بين بنات وابناء الوطن الذين فرقتهم العصبويات والصراعات التي تعذّب واقعهم وتقضي على امل لهم في مستقبل افضل. فنرى التمركز والاصطفاف القبلي المناطقي الطائفي يلعب دور مسيطر في الحياة اليومية. وينعكس ذلك سلباً على الحياة الاجتماعية فيفكك الاواصر الاجتماعية مع "الاخر"، ويحدد النمو الاقتصادي بسبب ذلك الفرز الاجتماعي، ويزيد من العصبوية الدينية والنظرة المحدودة للدين ولقيمته، ويحسم امكانية قيام سياسات وطنية تعطي الحق بحياة كريمة.
اما الوضع الثقافي الذي يعنينا كما الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فنراه من اكثر المتضررين والاصعب لناحية اصلاحه. فالانتاج الفكري والفني والادبي انحصر. المسارح، والمكتبات، ودور النشر، وحركة الترجمة، ونسبة القرّاء، والفنانين كلهم يعانون. توقف القوى الخلاقة تلك، يؤدي الى انتهاء عملية التجدد الفكري والتطور ككل. فنصبح كمجتمع عارين من اي تقديمات وطروحات فنصبح مستهلكين لللمادة ولاساليب الفكر والفن وغيرها. الظواهر التي تسمى بالفنية، والانتاج السطحي الذي يروّج للمشاعر الغريزية يبقينا في حالة المتلقّين ذوو العقول الميتة. ان هذا هو واقعنا الثقافي. ضعف جامعاتنا ومدارسنا ومثقفينا وابحاثنا وفننانينا وسعينا وراء السطحيّات والشكليّات ينذر بما هو اخطر من الجوع والفقر الا وهو انتهاء خصائصنا الثقافية اي ماهيتنا.
نرى ايضاً خطر داهم آخر هو الطروح الاحادية الثقافة ونخص بالذكر الطروحات الاسلامية الضيقة. ان الثقافة الاسلامية مكّون اساسي للحضارة العربية التي ينتمي معظمنا اليها في هذا الكيان اللبناني. ودوماً كان للبنان ميزة النهل من الثقفات المتعددة التي تفاعل معها سكان هذا البلد من سريانية، وارمنية، ويهودية، ومسيحية، وتركية وغيرها. وللثقافة الاسلامية مركزها الهام وقيمتها المميزة، مما ادى للتفاعل معها من قبل كل من نهل منها على تنوّعاتهم وخاصة تنوّع اديانهم. حتى الثقافة الاسلامية كما نعرفها اليوم هي نتيجة عملية تطوير واعادة انتاج تأخذ بشكل دائم اشكالاً متعددة ومتنوعة اثر تفاعلها مع الثقافات الاخرى. في لبنان لطالما كانت الثقافة الاسلامية والثقافات الاخرى الموجودة في تفاعل دائم وإعادة خلق وتفكير وتمحيص حتى انتجت اعظم تجلياتها في الفكر والفن والادب مما يعتز به كل اللبنانيين، والعرب، والمسلمين، والعالم. ويبقى خوفنا من هؤلاء المحدودين الذين يسعون جاهداً لخنق الثقافة الدينية الاسلامية وغيرها في قرائتهم اللاغية للآخر والعنصرية محاولين ادعاء احقيّتهم فيها من منطلقات بعيدة كل البعد عن جوهر اي دين.

عربي:
الكثير مما ذكرناه في الحالة اللبنانية يصح في الحالة العربية عامة خاصة بما يتعلق بالدين والثقافة. الا ان الفروقات في المجتمع والسياسة بين لبنان والعالم العربي ليست بالجوهر بقدر ما هي بالشكل. بالنسبة لما يتعلق بالدين، فإنا الظواهر التي تنتشر في الدول العربية هي اكثر تشعباً واصوليةً وانتشاراً مما هي عليه في لبنان. وكون لبنان له امتداد عضوي مع محيطه فتلك الحالة مرجحة للوصول الى الداخل اللبناني حتى بأقبح تجلياتها.
ادى التطور في الوسائل الاعلامية ووسائل الاتصال الى امكانية زيادة التواصل ما بين شعوب المنطقة في ما بينها ومع الاخرين. ولكن النجاح في التواصل كان للامور التي تطفو وتدعي شاكلة الثقافة والفن، اي بقي الحوار البنّاء غير موجود.
على صعيد آخر، الانظمة العربية والانظمة المنتشرة في المنطقة اثبتت على انها جميعها على اشكالها (قومية، دينية، ملكية، الخ) اصبحت دون طعم او رائحة. انظمة خاوية لا قرار فيها، تآكلتها شعاراتها وايديوليجيتها حتى اصبح الكلام كل ما تتمكن منه، وبالكاد. اصبح واقعنا العربي صورته تفكك الانظمة العربية واعادة الكولونيلية من خلال الاحتلال المباشر او بالتبعية السياسية والاقتصادية. وهذا الواقع هو محصّلة عقود من السياسات المبنية على شعارات وايديولوجيات جامدة ميتة غير قادرة على التجدد والتغيير، وخوفها الاكبر هو من امكانية شعوبها بالاختيار. وحتى يومنا هذا تلعب هذه الاوهام (شعارات، وايديوليجات) ومطلقيها دورها في اقصاء المجتمع العربي في دوله من رؤية الازمات الداخلية التي تعنى باليوميات المباشرة. الفقر، الحرمان، الامٌية، تقويض الحريات، قمع النساء، وعدم الاعتبار لحقوق الانسان، ذلك هو النمط السائد في كل العالم العربي. نضيف الاستبداد، والقمع، والاستغلال، والتحجر الذين ادّوا كلهم الى تهميش الشعوب من الحياة العامة والاهم من مشاركتهم في النضال للدفاع عن انفسهم من عدو خارجي. وفي الزمن الحالي، حتى عن المشاركة في هذه المرحلة المصيرية التي تقدم فيها حقوقهم كذبائح للآلهة. قد مر الزمان على كل هذه الانظمة اذ لم يعد من سبب لوجودها فلا هي قادرة على الدفاع عن الارض او الثقافة او الحق او نصرة الآخر. حتى انها اصبحت عائق امام تطور الشعوب. تلعب هي الدور الاساسي بسرقة مقدٌرات الدول من يد عاملة، وخامات طبيعية وغيرها. عندما اصبح الواقع السياسي الداخلي والخارجي يفرض على الانظمة التغيير نرى منها من يتقدم كالزلحفاة، ومنها من يزيد تحجره، ومنها وهو الاسوء، من يتعاون وينفذ ما يريده القوي الغريب دون اي تردد.

دولي:
يتعاظم الخلل السياسي، على الصعيد الدولي، منذ أن هيمنت الولايات المتحدة المريكية، كزعيمة القوى الامبريالية والرأسمالية منذ أن سيطر نظام القطب الواحد، بعد انتهاء الحرب الباردة، وسقوط المنظومة الاشتراكية السوفياتية. انعكس ذلك سلباً على الشعوب جميعاً وخاصة على شعوب الدول النامية. ونحن نشهد الآن عولمة مفروضة، على كل اصقاع الارض وشعوبها، اقتصادياً وثقافياً، وبقوة سياسات الجوع والتفقير وحتى العسكر.

لماذا نهدف؟
نهدف ليسار ويساريين ديمقراطيين، وأحرار، ومستقلين، ومتنورين، ومتعددين، وسياديين، وعابرين للطوائف، اممين وبالاخص انسانيين. يقفون بوجه العصبوية، والديكتاتوريات، والعسكريتارية، والمال، والدينية، وعولمة السوق، والاصولية، والاحتلال، والكولونيالية، والاستغلال، وكل ما يفتك بالانسان والانسانية. وكلما سنحت لنا الفرصة لتحقيق ما نبتغيه ونتمناه سنكون بالمرصاد. لبنانياً، اقليمياً، دولياً سنواجه. اجتماعياً، ثقافياً، اقتصادياً، سياسياً سنناضل.
ما مدى الذي نطرحه؟ مداه يبدء مع الفرد والمحلي والوطني والعربي والعالمي. كما يطال الابعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. ونلحظ هنا اهمية المغتربين بلعب دور محوري في المساهمة في توسّع المدى بسبب المؤثرات الحضارية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي تقدمها لهم دول الاغتراب.

لبنان:
نهدف الى تحقيق السيادة والاستقلال كاملين. وبناء اقوى العلاقات والاتصالات مع الدول العربية، ودول الشرق الاوسط، واوروبا وكافة العالم مع الاحتفاظ باستقلالية دستورية وسياسية كاملة للبنان. كما نلتزم الدفاع عن الحريات، والاصلاح الإداري والسياسي، واستقلال القضاء، كي نصل الى الانتقال من الدولة الطائفية الى الدولة المدنية. اقتصادياً نهدف الى بناء برنامج اقتصادي اجتماعي يركز على التوزيع العادل للثروة والتخطيط الاقتصادي الاجتماعي. كما سنرعى الانتاج والانتاجية بوجه خاص.
العمل على تطوير العمل النقابي. والتركيز التام على المشاركة النسائية وتفعيل دورها على كل الصعد. والاعتماد على المجتمع المدني كشريك دائم واساسي لبناء دولة ديمقراطية تتشارك ومجتمعها في القرارات. اما للبيئة وضع خاص لشدة ما تتعرض له البيئة من انتكاسات وتدمير ممنهج سيكلف الاجيال القادمة جماً.
نتطلع لبناء ثقافة ديمقراطية على مستوى التعبير، والممارسة، والتغيير. وذلك المسعى سينبذ العنف وتكافح بحلول سلمية ديمقراطية في كل الصراعات الداخلية. فلا بديل عن اطلاق الحوار مع الآخرين مبني على السماح بتعدد الآراء والتيارات مع احترام الفرد وكينونته، واحترام الجماعة في قدرتها على التعبير، واحترام التنوع وحق الاختلاف.

عربي:
عملية التقدم والبناء تبدأ من خلال تحصين الساحة الداخلية للدول العربية التي لعبت سياسات، وشعارات، وايديولوجيات الانظمة دوراً بارزاً في تدميرها. وهذه الانظمة ادت الى فقدان دولها مناعتها وقدرتها على التصدي للتحديات الخارجية مما سهّل تحويل تاريخينا الحديث الى سسلسلة من الهزائم والانكسارات. ان اليسار الديمقراطي ان اراد ان يقود دفّة التطور في الاتجاه الصحيح عليه دعم التحول في اتجاه الفكر التنويري والممارسات الديمقراطية وتعميم ذلك على الدول العربية وحتى العالمية. ونرى ان هذا الطرح هو اضنى سلاح لمقاومة اي عدوان خارجي او حتى داخلي.

دولي:
اننا نؤمن ان الانسان لا يخسر هويته عندما يصبح مواطناُ في دولة. وكذلك الامر عند التغيير بالاتجاه الصحيح وخاصة اذا تشاركنا في عولمة بنّاءة لا تسيطر عليها اصولية السوق والربح والاستغلال البيئي. اننا في لبنان وفي الشرق الاوسط علينا ان ندرك ان العولمة حاصلة لا محالة بسبب التطور والتشابك التقني والاجتماعي والفكري. ولذلك علينا الانخراط في ركب العولمة ولجم جموحها في اتجاه الاستغلال والربح، الذي تقوده الشركات العالمية وحلفائها في الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة. العولمة لا تؤدي بالضرورة الى انحلال من يشاركون فيها رغم تصويرها على انها مطيّة للغرب (او مؤامرة). لنا القدرة على دخول العولمة، التي ادخلنا بها دون خيار، مع الاحتفاظ بخصائصنا وتعميم ما له قيمة في التقدم الانساني. ونعلم ان العولمة تواجه عندنا بالرفض وذلك بسبب الخوف على الحضارة، والثقافة، والمجتمع، والدين. لكل ذلك اهمية ولكن الحياة في تطور مستمر إمّا تبرهن هذه الخصائص التي تميزنا عن قيمتها امّا يصبح التمسك بها ضرباً من الاصولية. لن تستطيع اي قوة من الغاء خصائص لها قيمتها في حياتنا. لكل اصولي ومتعصب الحق ان يهاب الانفتاح، والتعددية، وقبول الآخر، لما يعنيه ذلك من انتفاء للإدّعاءات التي تقيّض الانسان في شرنقة الشعارات القومية والدينية التي ينسجها.
ان الضرر الناتج عن ذلك الجموح للعولمة لا يكمن سببه في ماهية العولمة بقدر ما هو نتيجة للتلاعب بمسارها وامكانياتها. ان العولمة بقيادة السوق واصوليي السوق المعتمدين على ما يسمى بالتجارة الحرة كعامود فقري لمشروعهم، قد اثبتت انها تنتج اسرافاً في الاستهلاك، انحيازاً للاغنياء، طمعاً وجشعاً وقوةً للشركات العالمية وكل ذلك يؤدي للدمار البيئي، والمجتمعي، والسياسي، والقيمي، والتطور الانساني التي تم تحقيقها في القرون الماضية. اننا مقتنعون، وقد نخطئ، ان نهاية الانحراف في مسار العولمة سيكون من قبل تضامن البشر في العالم اجمع ، وذلك قد يكون كفيلاً بتحول العولمة عن المادية المتحكمة بها.


لماذا الآن؟
قد وصلنا الى الحضيض او بافضل التقديرات ما قبل الى الحضيض بخطوة. لا نعبّر، لا نقرّر، لا ننتج، لا نتطور والوقت يداهمنا. العالم لا يتوقف عن الدوران يأتينا كل يوم بما هو سيء وما هو مفيد. فالخطر والفرص دوماً موجودة علينا معرفة الاختيار وتكوين القدرة على التحرك. قد حددنا اننا لسنا بخاملين أو متقاعسين او هامشيين، بل نحن في خضم هذا الصراع اليومي، وقد حسمنا خياراتنا. كلنا ندرك ان العالم الآن في مرحلة تحول تاريخي لاسباب عدة من احادية القطب الى انهيار المنظومات الفكرية المتجابهة الى العولمة وما تستتبعه. نحن اكثر المعرضين والمجردين من وسائل للدفاع من الخطر والمساهمة بما لدينا من قيمة ذلك بسبب: عدم وجودنا اقتصادياً فبالكاد ننتج شيء، ولا نقدم فكرياً ولا ثقافياً بل نستهلك ونقلّد، مجتمعاتنا ودولنا مرهونة لمشيئة زمرة من من استولوا وتحصونوا خلف شعارات وايديوليجيات فارغة فلا سلطة لهم سوى قوة العسكر والاستخبارات، تكنولوجياً لسنا موجودين، عدد ضخم منّا غير معلمين، وجائعين، ومقموعين، لا قوة سلاح لدينا، وادياننا شوّه جوهرها واصبحت ادوات تجارة وسياسة في ايدي مدّعين. هذا واقعنا اليوم وهو واقع صعب، ولكننا لسنا من المستسلمين وطالما الصراع قائم نحن نصارع. فشلت كل الطروحات في لبنان وفي المنطقة من دول دينية (سودان، ايران، سعودية) ومن دول قومية (مصر، عراق، سوريا، ليبيا) ومملكات وامارات (الاردن، والكويت، والمغرب) وحتى جمهوريات (تونس، لبنان، تركيا).
الآن هو وقت تقديم طروح بديلة قبل ان تنتهي دولنا كلها الى استعمار آخر وحضيض آخر. لنا من الخبرة والتجربة والفكر والعزيمة ما يكفي لتحدي كل المسلّمات والممنوعات والمحرّمات التي تقف في وجه شعوبنا ودولهم. تقسي حالنا هذه شعوبنا ودولنا عن ركب التطور العالمي والانساني وخاصة لما نختزنه من حضارة وطاقات قادرة على الإضافة الى التطور هذا.

ما هي الوسيلة، ولماذا هذا الاختيار؟
نحن ارتأينا تجسيد عملنا بمؤسسة على شكل حركة يسارية ديمقراطية تعددية لتحقيق اهدافنا ولمقارعة الامر الواقع وكل التحديات بامتداد شعبي وطني، عربي، عالمي. فالمؤسسة في هذه المرحلة هي افتك سلاح قادرين على تطويره. غداً، بعد الانطلاق نأمل ان نؤثر على صعيد اوسع واشمل من مدى المؤسسة. اي تصبح للافكار التي نجسدها حاضن موجود في كل دولة، ومجتمع وحتى مع كل انسان.
الكلام عن الوسيلة يتتطلب منا تقديم الاجابة على المستويين الفكري والعملي. في ما يلي سنجيب على القسم الاول الفكري من خلال الاجابة على اربعة اسئلة حددنا اجابتنا عليها في نقاشات وتجارب سابقة، هي: لماذا حركة؟ لماذا يسار؟ لماذا ديمقراطي؟ لماذا تعددي؟ اما القسم الثاني والمتعلق بالصيغة التنظيمية فالمقدم هنا هو توجهات عامة على ان يتم بلورتها خلال عملية التأسيس.

لماذا حركة؟
احزاب، نوادي، مطبوعات، حمالات، مجموعات، حركات كلها اشكال تنظيمية للعديد منا خبرة في عدد من هذه الاشكال. الاقرب لتحقيق اهدافنا، في ظل امكانياتنا وواقعنا، هي مؤسسة ترعى التفاعل بين المختلفين ضمن الاطار الواحد لتنمّي افكارهم وتوسّعها، حتى تنطلق لاحقاً تلك الافكار لبناء شتى الاشكال التنظيمية المستقلة. اختيارنا للحركة هو لشدة اهتمامنا بالحفاظ على درجة عالية من المرونة، وبالذات لما قد تتطلبه عملية البناء من كثرة في هذه الخاصة. اضافة الى واقعنا القابل للتطور والتغيير يجب علينا ان نحافظ على اكثر الاشكال القابلة لاستيعاب تلك التغيرات والتفاعل معها. خلاصة القول، وقع اختيارنا على شكل الحركة.

لماذا اليسار؟
ان اولى نقاط الانطلاق للاجابة على هذا السؤال هي تعريف اليسار خارج إطار المفاهيم الضيقة والفئوية، وهذا يتطلب أولاً النظر الى الماركسية كمنهج من ضمن عدد من المناهج الاخرى. ان نقاط الالتقاء بين المناضلين اليساريين هي الالتزام بتحقيق الحرية، والعدالة، والتغيير لكافة شعوب العالم. بالاضافة للارتقاء مع الشعوب الى الدرك الاعظم وهو الهوية الانسانية الواحدة. ويلتزم اليسار بالدولة اللا دينية، التي تسعى للحد من الفروقات الاجتماعية والقضاء على الفقر والعوز.
معظمنا اتى من تجارب يسارية وكنا نسعى لتطور اليسار فكرياً، برنامجياً، ومؤسساتياً. ويتضح من مضمون ما كتبناه تعارضنا الجذري مع الفكر القومي والديني واليميني عامةً. بناءاً على قناعتنا الثابتة بضرورة التغيير، والحرية والعمل التحرري، والعدالة والاممية وبالاخص تلازم هذه الاسس مع بعضها البعض، اخترنا اليسار.
حالياً، يلعب اليسار دوراً ريادياً في الحركات الشعبية التي كثرت في دول العالم اجمع. ما تتطرحه تلك الحركات يتماهى مع مفهومنا لليسار، وله وقعه المحسوس على عملية البناء التي ننضوي فيها. وبالتالي حركتنا هذه ليست حادثة عابرة ومنعزلة في تاريخ اليسار اللبناني او العربي او العالمي، بل هي امتداد لتطور اليسار في العالم، وتستمد وتتفاعل مع اساليبه وطروحاته الاكثر تطوراً.
ووفقاً لما ورد هنا من تعريف وعلاقتنا باليسار نخلص الى التأكيد على التزامنا النهج اليساري بتراكماته واخطاءه وافكاره وتجاربه السابقة دون الوقوع في فخ النقل واستيراد الافكار كما هي. لن نقولب الواقع والحقيقة لتتلائم مع عقيدتنا وشعاراتنا. فالباحثون عن الحقيقة يتخلون عن عقيدتهم ليفهموا الواقع والحقيقة. ولذلك نحن تخلينا عن تبني عقيدة نقلّب الحقائق للتناسب وإياها، وخاصة اي عقيدة تدّعي العصمة من النقد والخطئ. بل نحن نسعى للحقيقة وسنخلص اليها من واقع حياتنا وتجاربنا وتفكيرنا.

لماذا ديمقراطي؟
ان ما نتطرحه هو دعوة للمشاركة الجماعية في القرار، ويكون ذلك بالانتخاب على برامج وتيارات وكفاءات وغيرها من المعايير الموضوعية. جزء اصيل من التحفيز والمغزى من المشاركة هو الشفافية والقدرة على المسائلة والمحاسبة. كل هذا نطمح اليه وكل هذا هو فهمنا للديمقراطية. والجزء الاهم يبقى الممارسة وليس رفع الشعار. فالصيغة التنظيمية ستكون الحد الفاصل لديمقراطية حركة يسارية.
طرحنا للديمقراطية هو أكثر من اعتمادها كمبدء للتمثيل الصحيح واسلوب للتعبير والاختيار منطلق من الارادة العامة. نسعى لتكون الديمقراطية منهجية حياتية تمارس بين الافراد والجماعات والشعوب وعلى كل المستويات.

لماذا تعددي؟
حركة يسار ديمقراطي عليها ان تمارس ما تتبناه فكرياً، بالتالي من الضروري ان تكون قادرة على تقبل من ضمنها تيارات وأشخاص ومجموعات قادرة على الحوار والتواصل والعمل المشترك على تنوعها. فالطروحات الواهية من قادة ملهمين، والقيادة المركزية او الثورية، والقيادات التي تتلطى خلف الدين وغيرها على صعيد المؤسسات السياسية في لبنان والعالم العربي عامةً، قد سقطت. هدفنا نحن هو ان نخلق حاضنة فكرية ثقافية اجتماعية سياسية تتشكل من نواتها تيارات تتعايش وتتحاور وتتطور لمصلحة المؤسسة عامة. ولنا في اليسار والديمقراطية وحسن تطبيقها ونقدها خير ضمانة لاغناء مؤسستنا بفيض من الافكار والتوجهات ضمن النسق العام الذي يتوافق الجميع عليه.

لمن نتوجه، وعلى من نعتمد؟
نتوجه لكل انسان اينما وجد. ولكن تركيزنا منصب على التقدم في الحياة اليومية في لبنان خاصة وفي محيطه عامة. غير ان هذا لن يثنينا عن التواصل والتضامن مع كل صاحب حق وكل انسان في شتى اصقاع الدنيا.
اعتمادنا الاساسي هو على الحركات الاجتماعية خاصة النقابية، والبيئية، والمطلبية. بلااضافة للمجتمع المدني بتكويناته الحزبية، والمدنية، والحقوقية، المختلفة والمتعددة. نعوّل خاصة على شرحتين في المجتمع: النساء والطلاب. النساء هن المهمة الاولى. تفعيل مشاركتهم في الحياة العامة والاقتصادية وتحطيم القيود القانونية والاجتماعية والدينية الضيقة التي تعرقل انخراطهم الكامل في الحياة العامة وصولاً لالحياة العائلية. ان المرأة هي المعلمة الاولى، والمرشدة الاولى لكل الاجيال القادمة وبها منوط قسم مهم في تربية ورعاية النشئ. وتشكل المرأة اكثر من نصف سكان لبنان وبالتالي فهي الشريحة الديمغرافية الاوسع لكن ذلك لا يعكس اطلاقاً في حياتنا اليومية. فالمرأة غير موجودة بكثافة الاّ في المواقع الخلفية والثانوية على الصعد الاجتماعية الاقتصادية والثقافية والسياسية. نجاح محاولتنا لبناء حركة يسارية ديمقراطية مرتبط عضوياً وضرورياً باشتراك المرأة وبكثافة في عملنا. فشلنا يعني عملياً فشل حركتنا. اما الطلاب، ولا نذكر الشباب عامة لنحدد ان المتعلمين وخاصة الصغار منهم تقع على عاتقهم المسؤولية العظمة لتطوير كل اوجه حياتنا وخاصة ما نملكه من خصائص تميّزنا. ان حركتنا لا تدّعي امكانية تحقيق نتائج فورية ولذلك ندرك اهمية التخطيط المتوسط والطويل الامد لأن ما نقدم عليه هو ابعد من حياة فرد او مجموعة او حتى جيل. نحن نصدد تأسيس لحركة يسارية ديمقراطية تكون قادرة على طرح التغيير والتقدّم على شتى الصعد بالحفاظ على كل ما يعطينا من قيمة تجسد ما نطمح اليه.

ما المتوقع الآن، ما الخطوات لتحقيق كل هذا؟
ما طرحناه في هذه الوثيقة يشكل حالة من التمّكن من اطراف الحبال التي نأمل ان توصلنا الى ما نهدف اليه. نتوقع الآن ان ينتشر النقاش والحوار حول هذه الوثيقة وما تتضمنه في حالة عامة ينخرط فيها الجميع. تكون هذه الحالة هي الرافعة التي سننطلق منها باتجاه تنظيم عملنا والانتقال فيه الى وجود تنظيمي واضح قادر على استكمال النقاشات حتى الوصول الى اجتماع تأسيسي ينتج عنه تعريف وهوية، ومشروع سياسي، وبرنامج عمل، وتنظيم داخلي، تتبناها حركة يسارية ديمقراطية.
ما امكانية النجاح او الفشل؟ هذا سؤال واجب علينا طرحه من باب مسؤوليتنا لكل من نطلب منهم التضامن والمشاركة. امكانية نجاحنا مرتبطة بحسن ممارستنا لفكرنا ولحسن تطور عملنا. اما فشلنا فهو درس قد يفيد من حاول ضمن هذه الحركة في محاولات اخرى، او قد يفيد آخرين في مكان وزمان بعيد. في كلي الحالتين، الفشل والنجاح، تبقى ابواب التشاؤم والشك مفتوحة على مصراعيها وحده التاريخ سيثبت اي من الامكانيات تحقق.

ندعو كل المهتمين وخاصة من نعّول عليهم، المشاركة في هذا العمل. للكل الحرية في المساهمة كيفما شاؤوا في هذا العمل الجماعي.
   
مارك ضو 26/02/2004
   

Back To HYD Main