Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

Lebanese Communist Students Web Community

Established on November, 16th 2002

   
Main Documents Gallery Links & Contacts Activities Downloads
   

ديانا كرازون... بحثاً عن نصر ما

   
<<ما بدي أوصيك يا أستاذ ترى الليلة التصويت وأنا عارفك زلمة وطني>>.
واجهت هذه العبارة الكثير من أبناء الشعب الأردني، تصدر عن أكثر الناس بساطة، هؤلاء الذين في الكثير من الأحيان يعتبرون الغناء فسقاً وفجوراً.
لكنها كانت حالة البحث عن الفرح، عن مكان للصوت فيه معنى ووزن، فهنا يستطيع الفرد أن يعرف نتيجة تصويته خلال ساعات، والجميل أنه لا ينتظر من هذا الصوت أي مقابل، فهو لا ينتخب عضواً في مجلس النواب سيتجاهل كل ما انتخبه لأجله بعد نجاحه، ولا ينتخب ممثلاً له في مجلس طلبة الجامعة لن يستطيع وقف رفع رسوم الجامعة التي ستتضاعف كل عام حتى تصل لمستوى أسعار الجامعات الخاصة. هنا كان التصويت في أحد جوانبه بحثاً عن فرح ما يفتقده الجميع.
ربما يسهل تبرير كل ما حصل ضمن حالة الخواء التامة بعد السقوط المريع لبغداد التي تسود الوطن العربي ودول الطوق إن كان لا يزال هنالك معنىً لهذه المسميات. منذ أربعة شهور فقط خرج ما يزيد عن ستين ألف متظاهر في إربد، المدينة الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها عن مئة وخمسين ألفاً لأجل العراق، وهتفوا للنصر والمقاومة. لا أجزم إن كان يمكن الحكم حول ما إذا كان الآلاف الذين خرجوا قبل أيام لأجل سوبر ستار هم أنفسهم الذين خرجوا لأجل العراق، أم أنهم من البقية الذين لم يخرجوا أيام الحرب. هل المجتمع مقسم أفقياً هكذا، هل هم <<نفس الثمانين بالمية اللي بدهم لبنان جديد أم أن الأردن هو مية وستين بالمية>>.. يبدو أن الوضع أصبح ستيريو و<<الفيلم الأميركي الطويل>> لم يزل في بداياته.
الغريب أن ديانا استطاعت أن تتغلب على كل الحساسيات الإقليمية والمناطقية التي كانت تشغل الجميع في ظل الخواء العام، فترى بكل بساطة
message تنتشر بين الناس، <<كل فلسطينية الأردن معك يا ديانا>> وأخرى تقول <<عشائر بني حسن وراكي يا ديانا والأردن أولا>>. ديانا ربما بكل بساطة لأول مرة منذ زمن وحدت حاملي الجنسية الأردنية ممن لا تعني لهم السياسة شيئاً، حتى بعض الذين يعني الدين لهم الكثير في حياتهم تناقشوا كثيراً وسُمع حديث حول كون ديانا مسلمة أو مسيحية وهل يطالهم الأجر من عند الله إن صوّتوا لها!!؟؟
المزعج تماما في الأمر أن هؤلاء الذين لا تعنيهم السياسة يتحملون وزر من يقرر عنهم أمور دولتهم، فهؤلاء الذين فرحوا بنصر بعد غياب طال انتظاره لأي نوع من الانتصارات سيكتشفون بعد انتهاء الرقص والغناء والاحتفاء ببطلتهم الوطنية، أنهم هم من سيدفعون رسوم الجامعات المضاعفة، وهم من سيدفعون أثمان الوقود التي هي في ارتفاع مستمر منذ أن ذهب صدام الذي كان يؤمن النفط للأردن مجاناً، ومع ذلك كان الشعب يدفع ثمنه. هذا الشعب هو الذي سيعيش كما عاش منذ سنتين في ظل أكثر من مئة وسبعين قانوناً مؤقتاً وعندما جاء مجلس النواب العتيد بعد انتظار طال أمده كان القانون المؤقت الأول الذي ناقشه وردّه هو قانون الخلع في تحالف غريب بين العشائر والإسلاميين الذين يؤمنون بسُنة الله ورسوله الذي حلّل الخلع!
ربما يحق لهذا الشعب أن يخرج إلى الشوارع احتفالاً بنصر لهوية قطرية أو وطنية ما دامت هذه الهوية لا تُستنهض إلا لإحساس باضطهاد تمارسه الهويات الشقيقة ضدها، تلك الهويات التي طالما ظلمت الشعب الأردني وحسبته على حكومته وسلبته الحق في نصفه الفلسطيني الذي أصبح يضيع دوماً بين المتطرفين هنا من الطرفين. ديانا بنت اللد في شمال فلسطين وأمها التي يقال إنها سورية، استطاعت أن تصنع فرحاً غائباً ولو لثوان للكثير من أبناء الشعب الأردني وساهمت كثيراً في إنجاح خطط الحكومة في إنضاج ملامح للهوية الأردنية وشعارها الدائم <<الأردن أولا>>.
لكن من حقي أنا ومن مثلي أن نبحث عن فرح لا يختفي ببرود العصبية القبلية، فرح لن نكتشف بعده أن إضراب طلاب الجامعة التي تخرجت منها والذي امتد لثلاثة أيام، لن يوقف رفع الرسوم فيها.
الأردن

مثنى غرايبة

 

Back To Documents