|
|
|||||
|
Lebanese Communist Students Web Community |
Established on November, 16th 2002 |
||||
| Main | Documents | Gallery | Links & Contacts | Activities | Downloads |
|
متى يخرج من معادلة: ضعف الدولة، قوة الحزب |
|||||
|
في ذكرى التحرير الاولى السنة الماضية، حين سألت شابا ينتمي الى الطائفة المارونية عن رأيه في "حزب الله"، قال بعد لحظة تأمل: انه مزيج من الاعجاب به والخوف منه. الاعجاب به كحزب مقاومة وقدرة قتالية وتنظيم رصين. والخوف منه لأنه حزب توتاليتاري في نظرته الى الحياة والمجتمع والدولة ولبنان القائم على التعددية والحرية، والذي لا يحتمل تالياً الاحزاب الاحادية. والخوف منه أيضاً لأنه تابع للوليين الاقليميين، سوريا وايران، في مواقف تصب ضد مصلحة لبنان العليا وسيادته واستقراره واقتصاده. وهذا النزوع الاستتباعي يدمر الاعمال "المجيدة" التي قام بها "حزب الله" من أجل لبنان. أحسب ان كثيرين في لبنان، من جميع الطوائف والاحزاب والتيارات، يشاركون هذا الشاب رأيه، فهم يتأملون "حزب الله" الذي يمارس عليهم صلف الاعجاب، بسبب قوته وبروزه في العالم، لكن في المقابل يمارس صلف الخوف في سلوكاته وقراراته المتعجرفة خصوصاً في مسألة الجنوب والاحتلال، وأيضاً السياسة الداخلية، وليس اقلها انه غداة عودة البطريرك الماروني نصرالله صفير من الولايات المتحدة، العام الماضي، حيث استقبله حشد كبير يدعو الى اعادة انتشار القوات السورية، انزلق الحزب الى مناورة داخلية بحشده الكبير في ذكرى عاشوراء، حيث اعلن نصرالله ان الوجود العسكري السوري ضرورة داخلية واقليمية في الوقت نفسه. كان على السيد نصرالله ان يخيف الاخرين بحشده. والخوف من علامات الطوائف اللبنانية، ولا يحرك فقط الفئات المهددة او الضعيفة نسبياً، بل أيضاً الفئات ذات النفوذ القوي. فالمسيحيون خائفون على وجودهم، و"حزب الله" القوي خائف على دوره المرتبط بالخارج. الخوف والاعجاب صورتان عن "حزب الله". البعض يجد في هذا الحزب ما يخيفه وما يرهبه، وهم خصومه بالطبع، والبعض الاخر يجد فيه ما يعجبه، وهؤلاء ليسوا دائماً من انصار هذا الحزب. ربما هم مثقفون او كتاب او مجرد مواطنين. والبعض الاخر يقف "بين بين". لكن ماذا لو انتصر حزب آخر في الجنوب، هل تختلف صورة المنتصر؟ احسب ان الصلف هو في ذهنية كل حزب قتالي، نضالي او جهادي، شيوعي او اسلامي، مسلم او مسيحي. بعد التحرير اعلن نصرالله في مهرجان بنت جبيل ان النصر ليس وقفاً على حزب بعينه وطائفة بعينها، انما هو نصر لكل لبنان. لكنّ النصر الذي عشناه لم يتعدّ الطائفة والمذهب الى قاسم وطني، بدا ان هناك احتكاراً للنصر والشهداء والاسرى والحيّز العام. لم يذهب "حزب الله" بالنصر الى المنحى الوطني الجامع بل اناط بنفسه، بنفوذه وقوته، زيادة "تشييع" الشوارع او أسلمتها، بالصور والانصاب واللافتات، وفي هذا شيء من سلوكات الانظمة التوتاليتارية، والارجح ان انصار "حزب الله"، وغيرهم، حين يعلقون اللافتات في غير مناطقهم، كأنهم يهددون الاخرين بأن طريقهم "تمر من هنا"، على نحو ما كان ابو إياد يقول "طريق القدس تمر عبر جونية". يمارس "حزب الله" مشهدية في شوارع المدن وسيادة قيمية في المنطقة المحررة. اما السيادة المؤسسية فمعلقة مؤجلة ومن غير سبب واضح. عندما كان الجيش في ما مضى يرفض الذهاب الى الجنوب كان الغلاة يصفونه بـ"الانعزالي" او "غير الوطني" اما اليوم فهو لم يتسلم الاراضي المحررة، والحجة هي ان هذا المطلب الوطني يلتقى مع المطالبة الاسرائيلية. الارجح ان هناك تمسكا بابقاء التحرير نوعا من سلطة، هي ليست سلطة الدولة التي لا تزال متنازلة عن بعض "سلطانها" صراحة وضمنا، وهذا من المطالب الاقليمية. والحال ان "حزب الله" تحاشى منذ أواخر الثمانينات الخلاف المعلن مع السياسة السورية، بل سعى الى مزاوجة ولاءيه الايراني والسوري. وهو يمضي اليوم في مقاتلة اسرائيل عبر مزارع شبعا مما يحول دون استقرار الدولة اللبنانية ويستنزف احتياط الوطن فيزداد الدين والعجز ويبتعد الاستثمار. وهذا يطرح قضية الدور الاقتصادي السلبي لـ"حزب الله". واللافت في الفترة الاخيرة هو حصول نوع من التباين في اراء الوليين الاقليميين، سوريا وايران، حول اعمال "حزب الله". فاذا كانت "المقاومة الاسلامية" سبقت زيارة وزير الخارجية الاميركي كولن باول للشرق الاوسط بعمليات في مزارع شبعا، وبزرع العلم الاصفر امام الكاميرا، فان ذلك لم يكن سوى رسالة الى باول بأن لسوريا دورها في المنطقة. في المقابل كان وزير الخارجية الايراني كمال خراّزي يدعو في جولته الشرق الاوسطية، الى "ضبط النفس" ولا ندري ما اذا كان الامر وقتها تبايناً في المواقف ام تنسيقاً في "الاوركسترا القتالية" بما يتناسب مع المرحلة. يبقى القول ان بلوغ "حزب الله" ما بلغه من نفوذ وقوة يترجم تحولا عميقاً في الطائفة الشيعية، وهذا بدوره يترجم تغييراً اجتماعياً في نسيج الجماعة الشيعية، وفي انخراطها اللبناني. ومع ان الدور الايراني في تنظيم الحزب جليّ، الا انه لا يصرف نظرنا عن كون النسيج الداخلي اللبناني قابل لذلك. فالاستتباع من اواليات الطوائف اللبنانية حيث كل طائفة تسعى الى كسب دعم "الاخرين". "حزب الله" ازدادت قوته بقدر ما ضعفت الدولة، و"حزب الله" المنفلت في بداية الثمانينات "انضبط" في التسعينات لكنه بقي معنياً بالمظلة الخارجية اكثر من عنايته بـ"العيش المشترك" اللبناني. أبدل الحزب شعاره من "الثورة الاسلامية في لبنان" الى "المقاومة الاسلامية في لبنان" وبين "الثورة" و"المقاومة" يبقى العنف هو الاساس، ويبقى هذا جزءاً من صورة لبنان الخارجية. *** قد يكون من اللازم القول ان "حزب الله" ادرك ان تحويل لبنان مجتمعاً اسلامياً مستحيل لكن اين ذلك من ايديولوجيا الحزب و"ذهنه"؟. |
|||||
|
محمد الحجيري |
|||||