Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!


(العنوان: الوثيقة الاساسية لـ لجان احياء المجتمع المدني في سورية : تقويم للمرحلة السابقة ومطالبة باصلاحات ديموقراطية )
(الكاتب: )
(ت.م: 12-01-2001 )
(ت.هـ: 17-10-1421 )
(جهة المصدر: )
(العدد: 13817 )
(الصفحة: 5 )

û طالب مثقفون سوريون بوقف العمل بقانون الطواريء والغاء الاحكام العرفية واطلاق جميع المعتقلين السياسيين. كما طالب هؤلاء، في الوثيقة الاساسية لـ لجان احياء المجتمع المدني باطلاق الحريات السياسية، خصوصا حرية الرأي و اصدار قانون ديموقراطي لتنظيم عمل الاحزاب والجمعيات والنوادي ، واعتماد قانون انتخابي يضمن تمثيل فئات الشعب كافة تمثيلا فعليا ، واعادة النظر في علاقة احزاب الجبهة الوطنية التقدمية بالسلطة.

اصدر اكثر من الف مثقف في سورية بيان لجان احياء المجتمع المدني- الوثيقة الاساسية . وينتمي الموقعون الي معظم المحافظات السورية. وفي ما يـأتي نص البيان:
تحتاج سورية اليوم، اكثر من اي وقت مضي الي وقفة موضوعية لاستخلاص دروس العقود الماضية وتحديد معالم المستقبل، بعد ان تردت اوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، واضيفت اليها تحديات العولمة والاندماج الاقتصادي، فضلاً عن تحديات الصراع العربي -الاسرائيلي، التي تطرح علي شعبنا وأمتنا مهام النهوض لمواجهتها ودرء اخطارها.
وانطلاقا من ايمان صادق بالوطن والشعب وما يتوافران عليه من امكانيات خلاقة وقوي حية، وحرصاً علي التفاعل الايجابي مع اي مبادرة جادة للاصلاح، تمس الحاجة اليوم الي حوار شامل بين جميع ابناء الوطن وفئاته الاجتماعية وقواه السياسية ومثقفيه ومبدعيه ومنتجيه، للمشاركة في الفعاليات التي من شأنها ان تؤدي الي نمو المجتمع المدني المؤسس علي حرية الفرد وحقوق الانسان والمواطن، والي بناء دولة حق وقانون تكون دولة جميع مواطنيها وموطن اعتزازهم، بلا استثناء ولا تمييز. فبلادنا اليوم في حاجة الي جهود الجميع لاحياء المجتمع المدني الذي حرم ضعفه واضعافه، في العقود الماضية، عملية النمو والبناء من قدرات وفاعليات وطنية مهمة وجدت نفسها مجبرة علي الممارسة الايجابية.
وان ما يكتنف مفهوم المجتمع المدني من التباس ناشئ عن تعدد التجارب الديموقراطية في التاريخ القديم والحديث لا ينفي وجوده الواقعي عندنا بوصفه كينونة اجتماعية في التاريخ وفي العالم. ولا سيرورة انتقاله المتعثرة الي مجتمع عصري وحديث التي انتج مجتمعنا خلالها ثقافة متجددة وصحافة حرة ونقابات وجمعيات واحزاباً سياسية وشرعية دستورية وتداولاً سلمياً للسلطة، حتي غدا من اقل الاقطار العربية تأخراً، ان لم يكن من اكثرها تقدماً. وكانت تلك السيرورة ترقي بمجتمعنا الي الاندماج الوطني والاجتماعي، الي ان حدث ذلك القطع المؤسس علي المشروعية الثورية الانقلابية في مواجهة المشروعية الدستورية.ولم يكن ممكناً تهميش المجتمع المدني وتغييبه، علي هذا النحو، لولا تماهي السلطة والدولة، وتماهي الشخص والمنصب الذي يشغله، وصبغ الدولة بصبغة الحزب الواحد واللون الواحد والرأي الواحد، وجعل الدولة جزءا من المجتمع لايعترف بجزئيته، بل يقدم نفسه ممثلاً للشعب و قائدا للدولة والمجتمع ، ويخفض المواطنة الي مستوي الحزبية الضيقة والولاء الشخصي، وينظر الي بقية المواطنين علي انهم مجرد رعايا. فغدت اموال الدولة ومؤسساتها وثروات الوطن ومؤسسات المجتمع المدني ايضاً كأنها اقطاعات وحيازات وملكيات خاصة توزع علي الموالين والاتباع، فحلت الامتيازات محل القانون والهبات والعطايا محل الحقوق والمصالح الخاصة محل المصلحة العامة. واستبيح المجتمع وانتهبت ثرواته وتحكم من صاروا رموزاً للعسف والفساد بمقدراته، وغدا كل مواطن مشتبهاً به، بل مداناً وتحت الطلب . وراحت السلطة تنظر الي الشعب لا علي انه كم مهمل وموضوع لارادتها فحسب، بل علي انه قاصر وناقص اهلية وموضع ريبة وشك. ولم يخل الامر من تخوينه كلما بدرت منه بوادر التعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه. وتجدر الاشارة هنا الي ان تغييب المجتمع المدني ادي الي تغييب الدولة، مما يؤكد العلاقة الجدلية بينهما، اذ لا يقوم احدهما الا بالآخر. فالمجتمع المدني هو مضمون الدولة الحديثة، والدولة الحديثة هي شكله السياسي، وهما معاً يشكلان النظام الديموقراطي.
ان مجتمعنا الذي انتج ثوراته الوطنية علي الاستعمار، وحركته السياسية المناوئة للاستبداد السياسي، واسفر عن روحه الوطنية - القومية المتوثبة الي التحرر والتقدم، والذي صبر وصابر وقدم الكثير الكثير من الشهداء والتضحيات في سبيل الحرية والكفاية والعدل لا يزال قادراً علي اعادة انتاج حياته الاجتماعية والسياسية واعادة بناء اقتصــاده وثقــافته وفق مقتضـيات الحداثة ومنــطق الــتقدم، والانطلاق في ركاب التقدم العلمي والتقني. وهو قادر علي تجاوز العلاقات والبني التي انتجت الاستبداد وتمفصلت مع الاوضاع الامبريالية والتجزئة القومية التي نجمت عنها.
لقد باتت واضحة للعيان نتائج الانقلاب علي الديموقراطية السياسية باسم الاشتراكية. وتبـين للجمــيع مع انهيار النموذج السوفياتي واستطالاته في اوربا الشرقية وفي ما كان يسمي العالم الثالث، استحالة بناء الاشتراكية او بناء ديموقراطية اجتماعية بلا ديموقراطية سياسـية. كما تبينت هشاشة الدولة التي لا تستمد مشروعيتها من المجتمع المدني والسلطة التي لا تستمد مشروعيتها من الشعب. وتبينت اكثر نتائج النظر الي الشعب علي انه مادة او موضوع لـ الارادة الثورية ، ونتائج انكار أفرادية الواقع وتعدد مكوناته الاجتماعية والثقافية والسياسية وتنوعها، واختلاف مصالح فئاته الاجتماعية وتباينها، ومن ثم انكار حقيقة ان القانون، بصفته ماهية الدولة وتعبيراً حقوقياً عن النظام العام، وبصفته تعبيراً عما هو مشترك بين جميع المواطنين وجميع الفئات الاجتماعية هو تسوية تاريخية بين هذه المصالح وذلك الاختلاف الذي يجب ان يكون قوام الوحدة الوطنية الفعلية. هذه التسوية التاريخية هي التي تنتج الدستور والمدونة التاريخية بما يتسق وتطور النظام العام المتأثر، بالطبع، بايقاع التطور العالمي. لذلك فان الدساتير والقوانين تعدل وتطور او تغير وفق مقـتضيات هذا التطور. وعلي هذا فان مفهوم المجتمع المدني الذي انبعث من جديد في سبعينات القرن العشرين، علي صعيد العالم الذي ننتمي اليه، مكانيا علي الاقل، كان ولا يزال يمثل بداهة الوجود الاجتماعي، منذ انتقل البشر من الطبيعة الي الاجتماع، اي العمران البشري والســياسة المدنية، بتعبير ابن خلدون. ومن صلب هذا المفهوم يتولد نـسق مفاهيمي ينتج عنه ويشير اليه العقد الاجتماعي في مواجهة الحق الالهي الذي ادعاه الاباطرة والملوك المستبدون لانفسهم. وما هذا العقد سوي معادل سياسي للانقلاب العقلاني الذي جعل مركز ثقل المعرفة البشرية في الانسان، فأنتج المجتمع الحديث والفكر الحديث الدولة المدنية الحديثة التي تكفل حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية كفالتها حرية الفكر، في ظل الاعتراف في حقل الممارسة من حرية محددة بالقانون ومشروطة بالمسؤولية تتوجها المبادرة الخلاقة وحب المعرفة والعمل مع الجماعة ومن اجلها.
لذلك كله، تلح الحاجة اليوم الي احياء مؤسسات مجتمعية واجتماعية متحررة من هيمنة السلطة التنفيذية والاجهزة الامنية التي منحت نفسها جميع الصلاحيات، ومتحررة من الروابط والعلاقات والبني التقليدية، كالمذهبية والعشائرية والطائفية ومستقلة عنها، وذلك لاعادة انتاج السياسة في المجتمع بوصفها فاعليته الحرة الواعية والهادفة، ولتحقيق التوازن الضروري بين المجتمع والدولة وتنسيق وظائفهما في سبيل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة وتعزيز الوحدة الوطنية، ومن ثم توطيد هيبة الدولة وسيادتها وصيرورة القانون مرجعاً عاماً وحكماً للجميع. ففي نطاق المجتمع المدني فقط، يمكن اطلاق حوار وطني شامل قوامه حرية الرأي والتعبير واحترام الرأي والرأي الآخر، والاعتراف بما فيه من صواب، لتفعيل المـشاركة الشعبية انطلاقاً من المشــترك الوطني الي المنفعة العامة والخير العام. فلـيس من حق اي فئة اجتماعية او سياسية ان تقرر وحدها، ما هي المصلحة الوطنية والقومية وما هي الوسائل والاساليــب الكفــيلة بتحقيقها، لذلك فان علي اي فئة اجتماعية اوسياسية بما في ذلك السلطة الممسكة بدفة الحكم اليوم ان تطرح رؤيتها وتصوراتها وبرنامجها علي الشعب لمناقشتها والحوار حولها، وليس من حوار ممكن من دون حرية الرأي والتعبير ومن دون نقابات حرة واعلام حر واحزاب حرة ومنظمات اجتماعية حرة ومؤسسة تشريعية تمثل الشعب حقاً وفعلاً، وليس من اصلاح ممكن من دون حوار وطني شامل، فالحوار ينتج دوماً حقائق جديدة ليست لأي من المتحاورين بل لهم جميعاً، لأنها قائمة فيهم جميعاً. ومنطق الحوار ينفي منطق احتكار الحقيقة واحتكار الوطنية واي احتكار آخر. لذلك ندعو الي اعتماد مبدأ الحوار والنقد الايجابي والتطور السلمي لحل جميع الخلافات بالتسوية والتفاهم، وهذه من اهم سمات المجتمع المدني ومزاياه.
ولا تتجلي حيوية المجتمع المدني في شيء اكثر مما تجلي في انشاء تنظيمات طوعية غير حكومية مستقلة ومتنوعة جوهرها الخيار الديموقراطي وغايتها دولة حق وقانون تكفل الحقوق المدنية وتصون الحريات العامة. لذلك نري في الدفاع عن المجتمع المدني دفاعاً من المجتمع المدني عن دولته وعن السلطة الممسكة بزمامها.
ولكي تثمر الاصلاحات الاقتصادية ولكي تنجح عملية مكافحة الفساد والافساد لابد ان يمهد لها ويرافقها اصلاح سياسي ودستوري شامل، والا فان هذه الاصلاحات لن تحقق المأمول منها. لذا ينبغي ان تتحول عملية الاصلاح ومكافحة الفساد الي آلية عمل قانونية دائمة تحفز المشاركة الشعبية وتعزز الرقابة والاشراف المستمرين علي مؤسسات الدولة التي هي مؤسسات نفع عام، وعلي انشطة القطاع الخاص ايضاً في جو من الشفافية يتيح لجميع الفئات والقوي الاجتماعية والاحزاب السياسية فرص المشاركة الفعلية في التخطيط والاعداد والتنفيذ والتقويم، والتنبيه الي الخطأ والهدر والفساد فور وقوعها، وتمكين القضاء والهيئات الرقابية من المساءلة والمحاسبة. فان المعالجات الجزئية والاستنسابية والانتقائية لا تؤدي الي الاصلاح.
واذ تنطلق رؤيتنا وممارستنا من اعتبار الانسان غاية في ذاته، واعتبار حريته وكرامته ورفاهيته وسعادته هي هدف التنمية والتقدم، والوحدة الوطنية والمصلحة العامة مبدأين ومعيارين لجميع السياسات والممارسات، والمواطنين جميعاً متساوين امام القانون فلا تمييز بينهم علي اي اعتبار كان ولا تفاضل في المواطنة، مادام التمييز والتفاضل ينتجان دوماً اصحاب امتيازات ومحرومين من الحقوق، ويبذران من ثم بذور التفرقة والشقاق وينحطان بالعلاقات الاجتماعية الي مادون السياسة، واذ تنطلق رؤيتنا وممارستنا كذلك من حقيقة ان السياسة الحقة هي التي تنعقد جميع دلالاتها عي المصلحة الوطنية /القومية والانسانية لا علي المصالح الخاصة والاعمال الفردية ، وان الانجازات الوطنية تنسب الي الشعب لا الي الافراد وان الفئات الاجتماعية والاحزاب السياسية انما تتحدد بالكل الاجتماعي والوطني ولا تحدده، وان الشعب هو مصدر جميع السلطات فاننا نري في الاصلاح السياسي مدخلاً ضرورياً ووحيدا للخروج من الركود والتردي واخراج الادارة العامة من عطالتها المزمنة، وان المقدمات الضرورية للاصلاح السياسي والتي لم تعد تحتمل التأجيل هي الآتية:
1-وقف العمل بقانون الطوارئ والغاء الاحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية وجميع القوانين ذات العلاقة، وتدارك ما نجم عنها من ظلم وحيف. واطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وتسوية اوضاع المحرومين من الحقوق المدنية وحق العمل بموجب القوانين والاحكام الاستثنائية، والسماح بعودة المبعدين الي الوطن.
2- اطلاق الحريات السياسية ولا سيما حرية الرأي والتعبير، وقوننة الحياة المدنية والسياسية باصــدار قانون ديموقراطي لتنظيم عمل الاحزاب والجمعيات والنوادي والمنظمات غير الحكومية، وخاصة النقابات التي حولت الي مؤســسات دولتية فــفقدت كلياً او جزئياً الوظائف التي انشئت من اجلها.
3- اعادة العمل بقانون المطبوعات الذي يكفل حرية الصحافة والنشر والذي تم تعطيله بموجب الاحكام العرفية.
4- اصدار قانون انتخاب ديموقراطي لتنظيم الانتخابات في جميع المستويات، بما يضمن تمثيل فئات الشعب كافة تمثيلاً فعلياً، وجعل العملية الانتخابية برمتها تحت اشراف قضاء مستقل، ليكون البرلمان مؤسسة تشريعية ورقابية حقاً تمثل ارادة الشعب ومرجعاً اعلي لجميع السلطات وتعبيراً عن عضوية المواطنين في الدولة ومشاركتهم الايجابية في تحديد النظام العام. فان عمومية الدولة وكليتها لا تتجليان في شيء اكثر مما تتجليان في المؤسسة التشريعية وفي استقلال القضاء ونزاهته.
5- استقلال القضاء ونزاهته وبسط سيادة القانون علي الحاكم والمحكوم.
6- احقاق حقوق المواطن الاقتصادية المنصوص علي معظمها في الدستور الدائم للبلاد ومن اهمها حق المواطن في نصيب عادل من الثروة الوطنية ومن الدخل القومي، وفي العمل المناسب والحياة الكريمة، وحماية حقوق الاجيال القادمة في الثروة الوطنية والبيئة النظيفة. فانه لا معني لتنمية اقتصادية واجتماعية ان لم تؤد الي رفع الظلم الاجتماعي وانسنة شروط الحياة والعمل ومكافحة البطالة والفقر.
7- ان الاصرار علي ان احزاب الجبهة الوطنية التقدمية تمثل القوي الحية في المجتــمع السوري وتســتنفد حركته الــسياسية وان البلاد لا تحتاج الي اكثر من تفعيل هذه الجبهة، سيؤدي الي ادامة الركود الاجتماعي والاقتصادي والشــلل الســياسي فلا بد من اعادة النظر في علاقتها بالسلطة وفي مبدأ الحــزب القائد للدولة والمجــتمع واي مبدأ يقصي الشعب عن الحياة السـياسية.
8- الغاء اي تمييز ضد المرأة امام القانون.
وبعد فاننا من منطلق الاسهام الايجابي في عملية البناء الاجتماعي وفي عملية الاصلاح، نتداعي وندعو الي تأسيس لجان احياء المجتمع المدني في كل موقع وقطاع، هي استمرار وتطوير لصيغة اصدقاء المجتمع المدني علناً نسهم، من موقع المسؤولية الوطنية، ومن موقع الاستقلال في تجاوز حالة السلبية والعزوف والخروج من وضعية الركود التي تضاعف تأخرنا قياساً بوتائر التقدم العالمي. وعلنا نخطو الخطوة الحاسمة التي تأخرت عقودا في الطريق الي مجتمع ديموقراطي حر سيد مستقل يسهم في ارساء اسس جديدة لمشروع نهضوي يضمن مستقبلا افضل للامة العربية .

Home ||| Recent Press Reports ||| Recommended Articles and Reports ||| Syria in the News
Links ||| Discussion Boards ||| Opinions ||| About us