محرر العبيد
منذ عشرات السنين رست
سفينة في
مرفأ
مدينة نيويورك الأميريكية. كان هناك الكثير من الناس بإنتظار السفينة.
وعندما
ابتداء ركاب
السفينة بالنزول منها، تركزت أنظار الجميع إلى هؤلاء الركّاب
الذين كانوا على متن هذه السفينة.
لم يكن هؤلاء
الركّاب عاديون، بل كانوا رجالا ونساء من ذوي البشرة السوداء، وقد أختطفوا
وانتزعوا من وسط عائلاتهم الأفريقية لكي يباعوا عبيدا بالمزاد العلني في نيويورك.
بدا الخوف على
وجوههم، وهم يمشون ببطء تحت وزن السلاسل الحديدية التي قيدت أيديهم وأرجلهم. ثم
إبتداء المزاد العلني، وابتداء الناس الذين انتظروا السفينة يشترون ما طاب لهم من
الرجال والنساء ليستعبودهم في منازلهم ومزارعهم.
بعد فترة، سكت
الجميع عندما قدّم المسؤول عن المزاد شابة باهرة الجمال في ريعان شبابها. وقفت
منكسة الرأس بينما إلتهمها الرجال بنظراتهم الجشعة. قال مسؤول المزاد: هذه هي
جوهرة البضاعة... إنها أجمل إمرأة بينهم كلهم... من هو المحظوظ الذي سيقتنيها؟ إرتفعت الأيادي وعلت
الأصوات وكثرت المزايدات على هذه الشابة. وفي وسط الجمع، وقف رجل وقور بهدوء، وكان
دائما يزايد بسعر أعلى، مما يعطيه الآخرون.
إرتفع الثمن، ولكن
ظل هذا الرجل متمسكا بمزايدته، الى أن سكت الجميع ولم يكن من يزايد على الثمن الذي
عرضه. وهكذا، أصبحت هذه الشابة ملكا لذلك الرجل. كتب مسؤول المزاد صك الملكية،
وسلمه لذلك الرجل الوقور، وسلمه ايضا تلك الشابة، مكبّلة اليدين والرجلين، ومنحنية الرأس. بعد هنيهة،
رفعت الشابة عينيها ونظرت لسيدها وقالت: أنا الآن ملك لك. بإمكانك أن تفعل بي ما
تشاء.
لكن أمام عينيها، أخذ الرجل صك الملكية ومزّقه إربا إربا، ثم قال لها: أنتِ الآن حرّة. لن يستعبدك أحدٌ بعد اليوم. بإمكانك أن تذهبي... نظرت إليه الفتاة بذهول وقالت: سيدي ماذا تقول! ؟ أجابها: أنتِ حرة، لقد أعطيتك حريتك. تستطيعين أن تذهبي، ولستِ عبدة فيما بعد.
حينها، أحنت
الشابة رأسها وقبّلت يد الرجل وقالت له: سيدي، أعلم أني الآن حرة، لكني أريد أن
أخدمك طول حياتي. سوف أخدمك بإرادتي وليس رغما عني.
أخي وأختي، إن ما
فعله هذا الرجل الوقور من أجل تلك الشابة المستعبدة قد فعله لنا الرب يسوع المسيح
على الصليب. أجل، فعندما قال المسيح "قد أُكمل" ونكّس رأسه ومات كان قد
أكمل دفع ثمن جميع خطايانا وآثامنا. كنا مستعبدين لإبليس محكوما علينا
بالموت مكبلين ومقيدين بخطايانا وآثامنا التي فصلت بيننا وبين الرب، والتي
بسببها كان محكوما علينا أن نشرب كأس غضب الرب بدينونة أبدية. لكن الرب يسوع
المسيح حمل بنفسه خطايانا على خشبة الصليب، وهو لا يزال يقول اليوم كما قال منذ
الفي سنة: فإن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا.
لقد حرر ذلك الرجل
الفتاة من
عبوديتها، لكنها إختارت أن تخدمه طول حياتها محبة له وإعترافا بفضله عليها.
ماذا تقدم للرب
يسوع المسيح، الذي افتداك من دينونة الله العادلة؟
هل بعد
ما إفتداك المسيح تمضي حياتك
بعيدا عنه أم قريبا من قلبه؟
يقول الكتاب
المقدس عن المسيح أنه: مات لإجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لإنفسهم بل
للذي مات لإجلهم وقام. أخي وأختي،
أن الله
لم يشفق على إبنه، بل بذله لإجلنا أجمعين.
وهو لا يطلب منك اليوم سوى أن تحيا حياة الطاعة والمحبة لشخصه الكريم، وأن تخدمه
بإرادتك، لا رغما عنك. إنه يقول لك اليوم: با أبني أعطني قلبك. فهل
تستجيب لطلبه ؟