Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

قصائد لـ د. عبد الرحمن العـشماوي


 

تألقي يا حروف الشعر

 

لا تُطفئي شمعة لا تُغلقي بابا ***** فمـذ عرفتك وجه الفجر ما غابا

ومذ عرفتك عين الشمس ما انطفأت ***** ومذ عرفتك قلب الحب ما ارتابا

ومذ عرفتك ريح الخوف ما عصفت ***** ومذ عرفتك ظن الشعر ما خابا

تزينت لك أشعاري فكـم سكبت ***** عطـراً ، وكم لبست للحب أثوابا

وكم أثارت جنون الحرف فـارتحلت ***** ركابه في مدى شعري وما آبا

تألقي يا حروف الشعر واتخـذي ***** إلى شغاف قلوب الناس أسبابا

وصافحي لهب الأشواق في مهج ***** محروقة واصنعي للحب جلبابا

وسافري في دروب الذكريات فقــد ***** ترين مـا يجعل الإيجاز إسهابا

وصففي شعر أوزاني فقـد عبثت ***** بشعـرها صبوات الريح أحقابا

وعانقي فوق ثغر الفجر أغنية ***** كتبتها حين كـان الفجر وثابا

وحين كانت شفاه الطل منشدة ***** لحناً يزيد فؤاد الروض إطرابا

وحين كان شذى الأزهـار منطلقاً ***** في كل فج وكان العطر منسابا

تألقي يا حروف الشعر واقتحمي ***** كهف المساء الذي ما زال سردابا

ومزقي رهبة في البدر تجعلـه ***** أمـام بوابة الظلماء بوابا

وخاطبي قلبي الشاكي مخاطبة ***** تزيده في دروب العزم أدرابا

يا ، قلب يا منجم الإحساس في جسد ***** ما ضـل صاحبه درباً ولا ذابا

قالوا أطالت يد الشكوى أظافرهـا ***** وأقبلت نحوك الآهات أسربا

وأشعل الحزن في جنبيك موقده ***** وأغلقت دونك الأفراح أبوابا

ماذا أصابك يا قلبي ألست على ***** عهـدي يقيناً وإشراقا وإخصابا

حددت فيك معاني الحب مـا رفعت ***** إليك غائله الأحقاد أهدابا

صددت عنك جيوش الحزن ما نشأت ***** حرب ولاحرك الباغون أذنابا

ولا تقرب منك اليأس بل يئست ***** آماله فانطوى بالهم وانجابا

فكيف تغرق في بحر جعلت على ***** أمواجـه مركباً للصبر جوابا

أما ترى موكب الأنوار كيف غـدا ***** يعيد نحوي من الأشواق ما غابا

وينبت الأرض أزهاراً ، ويمطرهـا ***** غيثاً ويجعل لون الأفق خلابا

انظر إلى الروض يا قلبي فسوف ترى ***** ظـلاً وسوف ترى ورداً وعنابا

قال الفؤاد أعرني السمع لست كما ***** تظن أغلق مـن دون الرضا بابا

لكنها نار الحزن ، كيف يطفئهـا ***** صبر وقد أصبح الإحساس شبابا

يزيدها لهباً دمعُ اليتيم بكى ***** فمـا رأى في عيون الناس ترحابا

وصوت ثكلى غزاها الليل فانكشفت ***** لها المآسي تحـد الظفر والنابا

نادت ، ونادت فلم تفرح بصــوت أخ ***** يحنو ولا وجدت في الناس أحبابا

وأرسلت دمعة في الليل ساخنـة ***** فأرســل الليل دمع الطل سكابا

ضاعت معالم بيت كان يسترهـا ***** عن الذئاب ، وأمسى روضها غابا

فكيف تطلب تغريد البلابل فـي ***** روض يُشيع بـه الطغيان إرهابا

هون عليك فؤادي لست منهزمـا ***** حتى أراك أمـام الحزن هيابا

هون عليك فؤادي واتخذ سببـا ***** إلى التفاؤل ،واترك عنك ما رابا

وقل لمن بلغ الإحساس غايته ***** منهما ، فمـا عاد مكسوراً ولا خابا

لاتُطفئي شمعة يا من أبحت لهـا ***** حمى فؤادي ، فـإن الليل قد آبا

أما ترين ضياء الشمس كيف بـدا ***** مستبشراً ، فحمــــاه الليل وانجابا

لكنها لم تطاوع يأسها فمضـت ***** تخيط من نورهـا للبدر جلبابا

ما حركت شفة غضبي ولا شتمـت ***** وما أثارت على ما كان أعصابا

مضت على نهجها المرسوم في ثقــة ***** وأعــربت عن سداد الرأي إعرابا

لو أنها شغلت بالليل تشتمـه ***** لما رأت في نجوم الليل أحبابا

كذلك الناسُ لو لم يفقدوا أمـلاً ***** واستمنحي رازقاً للخلق وهابا

فعندها سترين الأفق مبتسماً ***** والشمس ضاحكة والفجر وثابا


من ديوان : شموخ في زمن الإنكسار

 

 

القصيدة التالية

القصيدة السابقة

الرجوع إلى قائمة القصائد

موقع صفحات مغترب