Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

العودة إلى الصفحة الأولى | جامعة الملك عبد العزيز |  كلية الآداب والعلوم الإنسانية |   قسم اللغة العربية

 

أصل ما فوق الثلاثي

إنّ الاختلاف حول أصل الجذور العربية لم يقف عند أصل الثلاثي بل تعداه إلى ما فوق الثلاثي كالرباعي والخماسي. وإن لم يقل أحد بأن الثلاثي مشتق من الثنائي إلا في العصر الحديث، فإن الوضع مختلف بالنسبة للرباعي؛ لأن أحمد بن فارس الذي عاش في القرن الرابع الهجري كان يرى أنه منحوت من الثلاثي.

 

(أولاً) رأي أحمد ابن فارس

لقد صرح أحمد بن فارس في كتابه (الصاحبي في فقه اللغة) بأن بعض الألفاظ فوق الثلاثية (الرباعية والخماسية) مأخوذة من الثلاثية، حيث قال: "و.. مذهبنا فِي أنّ الأشياء الزائدة عَلَى ثلاثة أحرف أكثرها منحوت، مثل قول العرب للرجل الشديد (ضَبَطرٌ) وَفِي "الصِّلِّدْم" إنه من "الصَّلد" و "الصَّدْم". وَقَدْ ذكرنا ذَلِكَ بوجوهه فِي كتاب مقاييس اللغة." وقد طبق نظريته هذه في كتاب (مقاييس اللغة) حيث يقول: "اعلم أنّ للرُّباعيّ والخُماسيّ مذهباً في القياس، يَستنبِطه النَّظرُ الدَّقيق. وذلك أنّ أكثر ما تراه منه منحوتٌ، ومعنى النَّحت أن تُؤخَذَ كلمتان وتُنْحَتَ منهما كلمةٌ تكون آخذةً منهما جميعاً بحَظَ." ويفصل طرق مجيء الربعي من الثلاثي على النحو التالي:

(أ) ما جاءَ منحوتاً من كلام العرب في الرُّباعي

* بحثر: بَحْثَرْتُ الشيءَ، إذا بَدّدته، وَالبَحْثَرَة: الكَدَر في الماء. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من بحثْتُ الشَّيء في التراب ومن البَثر الذي يَظْهَر على البَدَن.

* المُغَثْمَر: الثَوْب الخشنُ الرَّدىء النَّسْج، وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من غثم وغثر، أمّا غثر فمن الغُثْر، وهو كلُّ شىء رديء. وأمّا غثم فمن الأغثم: المختلط السَّواد بالبياض.

* صلدم: الحافر الصلب، محوت من صلد، و صدم.

* جمهور: الرملة المرتفعة، وهي منحوتة من جمر "اجتمع" وجهر "علا."

* الثُّفروق: قِمع التمرة، وهي منحوتة من الثفر "المؤخر" ومن فرق.

* جُذمور: أصل السعفة، وهي منحوتة من الجِذم "الأصل"، ومن الجذر وهو "الأصل" كذلك.

* جرثومة: قرية النمل، وكأنها منحوتة من جرم "قطع" و"جثم"، أي اقتطع قطعة من الأرض فجثم فيها.

* الجلمود: الصخرة، وهي منحوتة من الجلد "الصلب" وجمد "اليابس".

(ب) ما زيد فيه حرف للمبالغة

* بلعوم، مأخوذ من بلع، وزيدت إليه الميم للمبالغة.

* ثعلب: مخرج الماء، مأخوذ من ثعب، واللام زائدة.

* البَرْغَثَة، الراء فيه زائدة وإنما الأصل بغث. والأبغث من طير الماء كلون الرَّماد، والبَرْغَثَةُ لونٌ شبيهٌ بالطُّحْلة (بين الغبرة والسواد)، ومنه البُرْغُوث.

* البَرْجَمَةُ: غِلَظُ الكَلام، فالراء زائدةٌ، وإنَّما الأصل البَجْم. قال ابنُ دريد: بَجَم الرّجُل يَبْجُمُ بُجُوماً، إذا سكَتَ من عِيَ أو هَيْبَةٍ، فهو باجِمٌ.

* بَرْعَمَ النَّبْتُ إذا استدارَتْ رُءُوسُه، والأصل بَرَع إذا طال.

* الفَرقَعة: تنقيضُ الأصابع، وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله فَقَع.

(جـ) ما وضع وضعا، مثل:

* البُهْصُلَةُ: المرأة القَصِيرة.

* البَلْعَثُ: السّيِء الخُلُق.

* الخَشْرَم: الجماعة من النَّحْل، إنَّما سمِّي بذلك لحكاية أصواتِه.

*  المُخَضْرَمُ الحسبِ: الدعِيُّ. ولحمٌ مخضْرَم: لا يُدرَى أمن ذكرٍ هو أو من أنثى.

 

(ثانياً) رأي هنري فليش في أصل الأفعال والأسماء فوق الثلاثية

يلخص المستشرق هنري فليش في كتابه (العربية الفصحى) مصادر الأفعال الرباعية والأسماء الرباعية والخماسية على النحو التالي:[1]

أصل بعض الأفعال الرباعية

يرى فليش أن بعض الأفعال الرباعية قد أتت عن طريق أحد التطورات التالية:

(أ) تطور الأصل الثلاثي عن طريق إحدى التغييرات التالية:

(1) تكرار الحرف الأول بعد الحرف الثاني 3121، مثل طرب > طرطب "اضطرب الماء في القربة."

(2) فك تضعيف الصيغة الفعلية الثانية (فعّل < فعْعَل) بإبدال العين الساكنة أحد الحروف التالية:

(ر) مثل: فقّع > فرقع "انفجر بصوت."

(ل) سحب > سلحب "امتدّ."

(ن) مثل: جدّل "قطع" > جنـدل "قتل."

(3) توسيع الأصل الثلاثي بزيادة أحد الحروف التالية:

(ر) مثل: شمخ "علا" > شمخر "تكبّر."

(ل) شمع "تفرق" > شمعل "تشتت."

(س) غطر "أومأ بيديه" > غطرس "الظلم" أي "الخبط باليد عشوائياً."

(4) إقحام (و) أو (ي) بعد الصامت الثاني، في مثل:

(و) حقل "لان وضعف" > حوْقل "أعيا،" يقال حوْقل الشيخ: إذا مشى فأعيا.

(ي) نسب "عزا كلاما إلى آخر" > نيـسب "سار بالنميمة."

 (ب) تكرار عنصر ثنائي بإحدى الطرق التالية:

(1) تكرار الحرفين الأولين، في مثل: صرّ > صرصر، دنّ > دندن، زلّ > زلزل، حلّ > حلحل.

(2) تكرار الحرفين الصحيحين، في مثل: راق "صبّ" > رقرق "صبّ الماء برفق؛" وضُع "ضعف وانحطّ" > تضعضع "خفض وهان"

(3) تكرار حرفين لخاصيتهما التعبيرية، في مثل: مضغ > ضغضغ "لاك اللقمة،" فخر > فخفخ "بالغ في مدح نفسه."

 

مصادر بعض الأسماء فوق الثلاثية

لقد ميّز فليش صيغا متعددة لطرق اشتقاق الأسماء فوق الثلاثية (أي الرباعية والخماسية) من جذور ثنائية وثلاثية على النحو التالي:

(أ) تكرار الحرف الأول بعد الحرف الثاني من الأصل الثلاثي 3121، في مثل:

قهر "إكراه" > قَهْقَر "الحجر الأسود الصلْب."

قَسْب "يابس" > قُسْقُب "غليظ."

(ب) تكرار الحرف الثالث من الأصل الثلاثي 3321 في مثل:

قرد "اجتماع" > قَرْدَد "جبل،" قعد > قُعْدُد "خامل."

شمل "أسرع" > شملال "سريع."

رعد "ارتجف" > رعديـد "جبان."

(ج) تكرار الحرف الثاني والثالث من الأصل الثلاثي 32321 في مثل:

عرم "كُدْس، كَوْمة" > عرمْرم "جيش كثير العدد."

قطا "مشى متقارب الخطو" > قطوطى (في مشيته) "مشى بخطىً قصيرة."

(د) تكرار حرفي الثنائي 1212 على أحد الأوزان التالية:

فَلْفَل: بعبعة "تتابع الكلام،" جعجعة "صوت الرحى."

صَرصر "دويبة تصر."

فَسفس "البقّ."

نَعنع "النعناع."

فُلْفُل: بُلْبُل، هُدْهُد، فُلْفُل، خُلْخُل "خَلخال."

 فِلْفِل: سِمسم، مِشمش، سِلسلة.

فُلافِل: قُصاقص، قُضاقض "اسمان للأسد،" جُثاجِث: شعر غزير.

 



[1]  لقد استعضنا عن بعض أمثلته من العاميات، بأمثلة من الفصحى.