Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

العودة إلى الصفحة الأولى | جامعة الملك عبد العزيز |  كلية الآداب والعلوم الإنسانية |   قسم اللغة العربية

 

أصل الجذور العربية

النظرية الأحادية عند عبدالله العلايلي

اللغويون القدماء كانوا يقسمون أصول (جذور) الكلمات العربية إلى ثلاثية ورباعية وخماسية، ووضعوا الميزان الصرفي على ثلاثة حروف فعل، وإذا زيد حرف أضيف لام في آخر الميزان.

وفي العصر الحديث، وبسبب اطلاع العرب على الدراسات الغربية المتعلقة بأصول اللغة الهندوأوروبية التي تفترض أن الأصل القديم لجذورها كان مكونا من حرفين، وسموا هذه النظرية الثنائية – ظهر من بين علماء اللغة من افترض أن أصل الجذور العربية ثنائي، ومنهم افترض أن أصول اللغات جميعا كان أحاديا.

النظرية الأحادية عند عبدالله العلايلي

يرى عبدالله العلايلي أن الجذور الثنائية والثلاثية قد تطورت عبر ثلاثة أطوار:

الطور الأول: الحرف الواحد، وقد كانت فيه الجذور مؤلفة من أحد حروف الهجاء: ب ، ط ، ق ، ....إلخ، بمعنى أن الإنسان القديم استعمل هذه الحروف ألفاظا ذات دلالة، وقد لازم هذا المعنى الحرف حتى بعد أن أصبحت الكلمات مركبة من أكثر من حرف. وقد قام العلايلي بوضع ما سماه الجدول الهجائي بيّن فيه معاني الحروف الهجائية: نقتطف منه:

 

أ = الجوفية

ش = التفشي، نبات

ب = القوام الصلب ، بيت

ض = الغلبة

ت = اضطراب

ع = خلو الباطن

ج = العِظم، الارتفاع

غ = كمال المعنى في الشيء

خ = الانتشار

ق = المفاجأة

ذ = التفرد

د = التصلب

س = السعة

م = الانجماع

ر= رأس

ل = الملاصقة والمماسّة

 

ويزعم العلايلي أن معاني هذه الحروف بقيت ملازمة لها في الكلمات بعد أن اصبحت ثلاثية، وقد ضرب لذلك الأمثلة التالية:

شجرة: ش = نبات ؛ ج = ارتفاع ؛ ر = رأس، أي: نبات عظيم له رأس، وهذا في رأيه يعني شجرة.

جبل: ج = ارتفاع ؛ ب = بيت ؛ ل = الملاصقة، أي: شيء مرتفع كالبيت ملتصق بالأرض وهذا هو الجبل.

جمل: ج = ارتفاع ؛ م = ماء > سحاب > ارتفاع ؛ ل = ملاصقة ومماسّة، أي شيء مرتفع يلامس السحاب، وهذا في رأيه تصور الإنسان القديم للجمل.

الطور الثاني: تكوُّن كلمات مؤلفة من مقطعين، وهو دور نشأ من محاكاة أصوات الطبيعة، مثل: عو "حيوان مفترس"؛ ومنه جاء عوى، أي صوت الحيوان المفترس.

الطور الثالث: نشوء الجذور الثلاثية عن طريق إضافة حرف في الوسط، مثل: عبل "الضخم" أصلها (عل) زيدت عليها اللام، وفي رأيه أنّ مشتقات (عل) الثلاثية تدل على معنى الضخامة:

العَل: ذكر الماعز الضخم، القراد الضخم.

العتَلة: الهراوة الضخمة والعصا الغليظة.

العَثِل: الغليظ الضخم.

الفرق بين رأي العلايلي وابن جني في نسبة المعاني إلى الحروف:

لم يكن العلايلي أول من نسب معان إلى الحروف، فقد عرفنا في تاريخ الدراسات اللغوية أن ابن جني كان ينسب معانٍ إلى الحروف، ففي فصل (إمساس الألفاظ اشباه المعاني) في الخصائص نجده يقول: " كثيراً ما يجعلون أصوات الحروف على سمت [حذو] الأحداث المعبر بها عنها..‏.، من ذلك قولهم‏:‏ خضَم وقضَم‏.‏ فالخضْم لأكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب‏، والقضم للصلب اليابس، نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك‏.‏ فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب والقاف لصلابتها لليابس حذواً لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث‏.‏

ويبين في موضع آخر أن العرب قد يضيفون إلى اختيار الحروف وتشبيه أصواتها بالأحداث المعبر عنها بها ترتيبها وتقديم ما يناسب أول الحدث وتأخير ما يضاهي آخره وتوسيط ما يضاهي أوسطه سوقاً للحروف على سمت المعنى المقصود والغرض المطلوب‏.‏ وذلك قولهم‏:‏ (بحث‏).‏ فالباء لغلظها تشبه بصوتها خفقة الكف على الأرض، والحاء لصحلها تشبه مخالب الأسد وبراثن الذئب ونحوهما إذا غارت في الأرض، والثاء للنفث والبث للتراب.

ولكن هناك فرقا جوهريا بين رأي الرجلين، العلايلي ينسب إلى الحروف معان وضعية (اصطلاحية)، بينما ابن جني ينسب إليها معانٍ طبيعية محاكية.