Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

 

فضل خلف جبر

قَََميصُ الرَغبـــَــــــةِ

1980-1990

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زيارة الضيف المتوقّع

 


(1)

اني أترجّلُ
بين يديك الآن
فادخل أوردتي واصمت
أو طالع أوراق همومي
لكن
حاذر ان ترفع صوتك
ان خلايا ألمي تأخذ قيلولتها

 
(2)
حدّثني
ريث أعدّ القهوة
عن أخبارك
تعرف؟
من زمن
وأنا أتشوّق وجهك
يـــــــــــــــــــــــــــــــــاه!
تقضّت أعوام
وفّر ما سوف تقول
فعذرك - كالمعتاد- المجد
اذن
بادر
يا ضيفي الرائع والمتوقّع
فنجان الأشواق


(3)
ما شاء الله
تغيّرت الأشياء كثيرا
يا هذا
أصبحت طويلا
أحسب أنك حين تقوم
تنال الشمس
وصار لصوتك وقع
يبعث في الذكرى:
لما كنّا أطفالا
كنّا ندّين
أفكر بالأسفار
وأفرح حين يفيض النهر
لتبحر فيه زوارقنا الورقية
صوب بلاد الصين
وأنت
تفكر بالشطرنج
وكيف يموت الجند
ويرقى الشاه
على جثث الأحياء
وكنّا نتناكد
حتى يهجر كل منا صاحبه
ونعود صباحا
بعد خصام الليل
لتروي كيف تمكن رخّك
من تحطيم الفيل
وأروي
كيف ابتلع الموج
زوارق أحلامي
ويدوّي صوتك:
يسقط... يسقط.....
عاش ال......عاش ال...
كنّا نحن المشدودين اليك
نردد
-
أكبرنا سنا
ولذلك يعرف
فلسفة الشطرنج
وظللنا الصبية
أما أنت
فما عدت تشاركنا
لعب " الغمّيضة"
غبت تماما عنا

 
(4)
حين كبرنا
صرنا نقرأ عنك
ونعجب
هذا
كان صبيا عفريتا
يا للدنيا
هل صار كبيرا حقا؟
ثم عرفنا
انك صرت كبيرا حقا
كبر فضاء الحلم
ورحنا ندرس دورتك الدموية
كي نتعلّم
أيّ نبي كنت

 
(5)
ستقوم اذن
حسن
يا ضيفي الرائع والمتوقّع
لكن:
دع لي من أشيائك ذكرى
ساقية
عاصفة
نايا
سوف أراك كثيرا
عند ضواحي القلب
وعمت صباحا
كل صباح
يا
وطني
ـــــــــــــــــــــــ
نشرت في مجلة "فنون" / بغداد 1983. *



وليمــــــــــــــة

 



لغتي رخوةٌ
وذهولي كسيحٌ
وهذا النهار
الذي أرتديه
سقيم
ومتّسخ
بالكآبة

وما بين
فصل انثيال الصقيع
وفصل اشتعال القدم
هنالك مرحلة للذهول
ومرحلة للصراخ
ومرحلة للألم

وهذا النهار
الذي أرتديه
يذكرني
بأنين العواصف
في قلقي
وتلمست عذرا له
فالنهارات
لا بدّ أن يعتريها
القلق

دعوت فصول التعلل
هذا المساء
لمأدبة
قد أعدّت
على شرف السيد الحزن
لكنهم بهتوا
حين جاءت ظلالك
رافلة بالندم

شرس
هاجس الليل
يا أنت
فلتصدحي عندليبا
بكل خلاياي
ذا وجعي
خيمة يستظلّ بها
القيظ
من فزع أنحني
لأبارك ما ارتجّ
من وهج وغبار
وأرفع كفيّ
أصرخ
ان المدى مارج من لهيب
فأيان يشتعل الماء
أيان يشتعل الماء
كي أرتدي فرحي
---------------------
جريدة الحدباء/ الموصل 1984. *

 

 

تراتيــل لعيني عشتــــــــار



...
عشتار زورق عشق
تهادى
فهبّت
لتمجيده
الكائنات....
فعلّم كل العروق
التوهّج
ألهم
كل الخلايا
الحياة

وعشتار....
نجمة كل النجوم
ايقاع كل القصائد
مأساة كل القلوب

يحيرني فيك
يا بابلية
أنك أنثى
يمزق عشقك أوتار قلبي
أحبك
لكنني لا أطيق
وجودك قربي
أريدك شمسا
تضيئ جنوني
وأكره
هذا التعلّق
في ذكرياتي
كعيني وهدبي
وأخشى دنوّك
حين تجيئ خطاك بدربي
وأخشى حضورك
أخشى غيابك
أخشى
اذا ما دعتني
أجراس عينيك
الا ألبي

وسافرت..
سافرت...
حدّ ازدواجية البوح بالصمت
والنار بالثلج
والقول بالفعل
حدّ احتراق الرسائل
عصف القصائد
حدّ انسجار البحار
ورقص الرياح
وضحك الصحارى
الى..
وجهك الحلم
هذا البخور
الصلاة
الحجيج
الضجيج
النجوم الغيوم
الربيع
الزمان
الضياع
الحقيقة
وجهك
هذا الغموض
الذي يحتويني
بشتى المخاوف
بالنار والجوع
بالرغبة المستبدّة
وجهك
هذا الأله الخرافي
كم أشتهي
ان أعانق هذا الأله
وان أستحم
بنار
ونور
------------
جريدة الحدباء/ الموصل 1982. *

 

 

البحث عن معنى

 


أتسكع ...
وحدي
في الطرق المهجورة
بدء
من عرش الأحزان
وحتى..
أقذر ماخور
تطرقه أقدام الشعراء
بهذا الكون

أتسكع وحدي..
رغم الليل
ورغم الضجر الجاثم
في الطرقات
ورغم تهرئ نعلي

أترنح..
في الوجع الألفين
وأسقط
تبدأ موسيقى الغرباء
تهدهد روحي
تغسل كل شراييني
من ماء الوحل
فأنفض حزني
ثم أقوم حصانا أزليا
لأجدد قائمة التطواف
وأضحك
أضحك حتى آخر أغصاني
من شجر الضحك
وأبدأ ترحالي
اني لم أسقط
لم أترنح
لم أحزن

أتسكع..
وحدي..
دون عياء
أفتض مغاليق الخطوات
وأصرخ بالقلب المتقرن:
ركضا
حتى قنطرة الآتي

وآعجبا
يعبر قلبي الساحات الثكلى
وحنين الزمن الآخر
والمطر المسحور
ليبصر معنى مهجورا
من عهد قيامة آدم
حتى صرخة ميلادي

هاتوا لي لغة لا تصدأ
وحروف هجاء
لا تخضرّ

ولا تصفرّ
ولا تهزل

حروفا بخلاف الأشياء
فلا تمتدّ
ولا تعتلّ
ولا تبدل
هاتوا لي لغة تفهمني
تنقذني من هذا المنفى
فأنا منفي في صمتي
والمعنى الهائم في روحي
يملؤني وخزا
يهتف بي
وأنا أتسكع
والطرقات تنادي
والنعل تهرئ
وحروفي أنهكها الترحال
فمن لي بحروف هجاء
تستلّ المعنى من منفاه
ولا تمتدّ
ولا تعتلّ
ولا
تبدل
------------
/ 2/1982.26

 

زهــــــــرة الألـــــــــم

 


                                                                                                                                          
يا نزقي الأول
يا فاتحة الهمّ
ويا زهرة أوجاعي الأولى

لا وقت لدي
لشرح معاني الحبّ
فأنا اعصار
عمري عمر البرق
وصعب:
أن أوقف
جري الكون
وأحجب ضوء الشمس
وأمنع آلاف الأقمار
عن الترحال
لشرح معاني الحب

فزماني طفل مرمدّ العينين
يتأرجح بين الصحو
وبين النوم
وحياتي
فقّاعة ماء
تحلم بالخلد
وتسامر أطفال الثلج شتاءا
وتصلي لله
اذا ما جاء الصيف

سافرت كثيرا
وسهرت كثيرا
وصحبت النار كثيرا

راودت الشمس
قرأت جميع رسائلها
وسرقت الشفرة
من مخدعها الليل
لحلّ رموز أنوثتها

 

وبمرأى الحزن

أحصيت نجوم الكون
جمعت الشهب
المبثوثة في الأرجاء
وأصخت السمع لصوت الله
الناطق في الأشياء

فتعالي
يا وهما
أعرف أن حقيقته
تدمي قلبي

هذا قلبي
محراب صائم
ناقوس
أيقظه الرهبان
وناموا

ودعينا
نجلس في ميلاد الفجر قليلا
ونطالع
من أسفار الوهج فصولا

وليغسل كل منا غائبه
بفضيض الصبح
فهاذا ماء يملؤنا عشقا
ويطهرنا
من كل متاهتنا

لا تبتأسي
يا ذات الظل المورق في لغتي
فأنا مألوف حدّ البوح
أناقش أفكار المطر الصيفي
وأعرف معنى:
أن يحترق النيزك
في غربته
وتجنّ القدّاح

ماذا أفعل
حين يكون زماني
طفلا مرمدّ العينين
وحياتي فقّاعة ماء
فأنا بحّار يغسل وجه البحر
وحصان
يكتب
للصحراء رسائلها!
----------------------
جريدة الحدباء/ الموصل 1983.

 

ميتافيزيقيـــــــــــــــا

 


أخبرني النحل الراقص
أنك:
شرق الشرق
وغرب الغرب
حدودك:
بوح الورد
وأنغام التفّاح
وجمر التين
شمالا
وهدير الموج
وأعراس الصحراء
وسكرة
غابات النارنج
جنوبا
شرقك:
خمر تسهر فيه نجوم الكون
وغربك مجمرة
تتحلق حول عذوبتها الأحلام

أتعرف؟
انك أحيانا تجعلني
أضحك آخر نخب من فرحي
أجهل ما أنت
وأعرف:
انك طفل يسكن أوردتي
حاولت مرارا محوك
حذّرني قلبي:
يا أنت تمهل
فالطفل مدلل
يختال بهيجا
وأراه فأثمل
ويقول وأصغي
ويريد فأفعل
طفل من أرج
خضل لا يأفل
همس نشوان
بشعابك يرحل
يا أنت تمهل
فالطفل مدلل

وتمارس أنت غرورك
تزحف
تعصف
تهتف
تأخذ شكل الريح
وطعم الحلم
ورائحة الجمر المهووس
تسافر كالأسماك
من الشريان الى الشريان

حدثني
عن طعم النجوى
وجنون الريق
عن فرح
يأتي مختالا
في شكل حريق
حدثني عن زمني الآتي
يا
ألف
طريق
--------------
كتبت القصيدة في 15/12/1984. *
جريدة الجمهورية/ بغداد 1984.*

 

غيبوبـــــة الانتبــــــاه

الســـقوط

حلّق
يا طائر وهجي
ان ذئاب العصر
تطاردني
هيا اصدح
غادر صمتك
لا تتركني مصعوقا
سقطت روما
النارنج
الأحلام
الحكمة
لا جدوى
قرف
قرف
قرف
يتحشّد حولي
لا
لا تبرح قنديلك
اني
أسقط
في غيبوبة
صحوي

 

 

مرثيـة اللحظـة الحاضـرة
--------------------------


لو كنت
قبل الآن
أعرف عن وجودك
لطويت خارطتي
لتخلو من حدودك
ما أنت؟
من ذا أرسلك؟
فغدوت لي خطّ الفلك
مجهولة, صمّاء كنت
لكل باب تطرقين
حتى رماك بي الزمان
فغدوت منك
غدوت مني
ورسمت أبعادي ولوني
فلتنعمي
ها أنت وارفة السنين
وها أنا
متخافق الأطمار
يرهقني
جنوني

 

 

 

الى مسخ ..كنتــه
------------------
ها أنّك
تدنو مني الآن
يتقافز من عينيك
جراد الخوف
شعرك منفوش
وحذاؤك بال
فزّاعة طير
أم مسخ
تتجسّد فيك
خطايا الآرض
لماذا تدخل صومعتي؟
غادرني
أبغض وجهك
صوتك
ذكرك
اني كنتك يوما
هذا حقّ
لكن الأنهار تمرّ
فمن أيقظك الآن

 

ســـليـــل البحــــر
-------------------
مسكين أنت!
لو كنت حصيفا
ما سرقت
أطراف النار ظلالك
كم حذّرك البوح الآتي
من سيدك البحر
بأنك تفقد ظلك
ان أدمنت الجري
وراء الشمس
فتعال الآن
لأسخر منك تعال
يا من تتسكع في الطرقات
بغير ظلال
أتدري اني الآن أراك
قلبا مفقوء العينين
أرجوحة شعر ثكلى
كنت غبيا
حين عشقت الشمس
بغير أوان

 

حالـــة مؤرقـــــــة

 

أنت
صحبت بحار اللوعة
في أرقي
وعبرت صحارى التيه
بذاكرتي
فتعالي
يعرف كلّ منا وجهته
سلّي أبعادك
من أبعادي
ودعيني للنسيان
سأنسى أنك...
أنسى أني.....
يا طوفان النار
أقاليمي احترقت
وأنا
ما زلت أجالس
ظلّك
فابتعدي
ابتعدي

 


مسرح الدمى

 

 

فقأوا عينيّ
وعرّوني من فرحي
قالوا
-
حيّ السادة
-
أين السادة؟
كاد الضحك يزلزل
"
لا تعلن مأساتك "
بعد دقائق
كان الضحك
طليقا
أغرق مسرحهم
والسادة
والجمهور

_____________

1983

 

 

مواجيد الماء والصحراء

 

 

تجيئ النوارس
مبتلّة باحتراق الأنوثة
تهتف
ب..
ش..
ر...
ى...

لبشرى اشتعال الصحارى
وسادية البحر
حين يجوع
وشوقي لبشرى
كشوق الفراشة للضوء
يفصل ما بيننا الثلج
ويجمع ما بيننا الوهج
لكن بشرى
تصدّ كثيرا
وتهرب خلف الغيوم كثيرا
وتمنح للريح
عبق أنوثتها

ترصّدتها
ذات يوم مطير
وكان السحاب ينثّ الحنين
وكان المطر
يبلل حزني
ويمسح عني التعب
يحدّثني عن حياتي
يقول:
حياتك وهم ونار
وتغريبة في الهموم
بغير قرار
حياتك
اسطورة
ألّفتها الحقيقة
وجهك
عرّاف صدق
ينبئ عما بقلبك
قلبك
مرفأ أحزان كل البشر

وكان المطر
يداعب بشرى
ويسألها رأيها في الغرام
وكانت تقول:
رسول السماء
وصوت الطبيعة


وتضحك..
تضحك..
ينساب صوت الأنوثة
من صدرها المشرأبّ
ومن شفة
أنضجتا الحرائق

ان حرائق بشرى
جنونية الطبع
فهي انطلاق
الى حيث تفنى الحقائق
كل الحقائق
الا حقيقة:
ان الصلاة وان السلام
على زهرة الجلّنار
عبادة
وان الحياة وان الممات
على مذهب الجلّنار
سعادة

وحين ترافق قافلة الريح
أسمع عن بعد
صوت اشتعال الصحارى
وسادية البحر
وهو يضجّ
فأصرخ:
يا زهرة الجلّنار
أتيتك أرجو الشفاعة
فالنار مسجورة في وريدي
فان شئت ان تطفئيها
اطفئيها
وان شئت ان تحرقيني
ف..
ز..
ي..
د..
ي..
---------------------------

 كتبت بتاريخ 26/5/1983. *

نشرت في مجلة الطليعة الأدبية/بغداد 1983. *

 

 

الموجـــز من فتوحــات ظـل

 

لم أشعر
حين تدفّق ظلّك
كان الليل يجالسني
وقطار البهجة
يسعى مهووسا
فاجأني
وأنا أكتب تاريخا
لولادة هذا العالم
من عينيك
الفاتحتين

أتذكر


 
يوم تلاقينا  *
كانت للأرض حدود
ولهذا العالم أبعاد
ولقلبي
في تصنيف الحبّ قواعده

 

 * في اليوم الثاني
= = = = = = =
= = = = = = =
= = = = = = =

 * في اليوم الثالث
كان القلب
يردد لحنا
تجهل أوردتي معناه

 

 * في اليوم الرابع
ساد الصمت
جميع خلايا جسدي

 

 * في اليوم الخامس
لم أنطق حرفا

 

 * في اليوم السادس
ماتت أشيائي الصغرى
واصطفق الموج

 

 * في اليوم السابع
غيّرت الأشياء طبيعتها

حاصرني ظلّك
حتى أسقط صمتي
وممالك وهمي
حاصرني
حتى أسقطني
وتسرّب في ظلّي
واتّحد القاتل والمقتول
بظلّ واحد

 

ولأني
أكتب تاريخا
لولادة هذا العالم
من عينيك الفاتحتين
أدوّن:
هذا اليوم
احتفل الرمل
بهمسة طل
اختبأ الظلّ
بلهفة ظلّ

------------------
نشرت في جريدة " العراق"/ بغداد 1984. *

 

 

 

زنبقـــة الرؤيـــــــــا

 

يسقط رأس الميّت
تصحو فيه
تواريخ الألم المنسيّة
تهرع كلّ سلالات الفرح المركون
على خارطة العصر

من يهدي رأس الميت
زنبقة الرؤيا
يمنحه قطرة شمس
كي يرتاح قليلا
بين جدائلها

من جرّد صوتك
من نجمته الفينانة
من أبكى القمر الحالم
في عينيك

احمل شهوتك الآن
وتمرّغ ملئ اهابك
في نزق ملعون

رحلتك الآن ابتدأت
صخر من وجع الأمس
يحاصر زهرتك الجذلى

لا تخفض صارية الأحلام
فرحلتك الآن ابتدأت

يستيقظ رأس الميت
يدعو كل طواطم غربته
وعناكب ما قبل الطوفان
تعالوا
كي نشتاق
لأشياء أغرقها الوحل

تعالوا
نعشق ثانية
أو بضع ثوان
خارج قبو الساعة
نلغي اقليم الزمن
المنهار
على
طيبتنا

 

مملكة الأخطــــاء



كبرت أخطائي
صارت:
مدنا يسكنها
ظلّي المنسوخ
ملايين المرّات

شوارع
تحمل وقع خطاي
مرايا مثقلة بصداع دمي

يا عابرة جسر الشوق اليّ
قفي
بستان الروح
يسيّجه شذّاذ
وسماسرة
وطبول تقرعها
أخطاء صغرى أو كبرى

لا تلتفتي
النيران أقامت مأدبة
لغيابي الهائل
وامتلأت أروقتي
بالفرح المشروط
النسوان الدبقات
قناني الزمن السائل
والعشق المسفوح
على أرصفة الهاتف
والمذياع

أنا الخطأ الرسمي
أقول قفي
في الجسر الواصل
بين أنا والآن

هواء صرت
أدور بأقبية الأشكال
أنا سلطان اللحظة
والخطأ المنشور
على صفحات الريح

وحيدا كنت
نهار احتشد الغيم
ليمطرني بالصحو
وكان الغيم وحيدا
يهبط فوق ضواحي القلب
أتوّجه ذاكرتي
ثمّ
أغادر مملكة الأخطاء

--------------------------
/8/198719

 

 

 

من يوميّات غيمة جامعيــة

 

لبست زيّها الجامعي
ومدّت يدا من عبير
لتوقظ فجر الحرير
ودارت على نفسها دورتين
لتعرف
انّ السماء ممهدة
لمرور جلالتها

* * * * * *

غادرت عرشها
ناعما زغب الشمس
كان يشاكسها
استوقفت نسمة
لتطير بها
فهي توشك
ان تتفجّر ضوءا

* * * * * *
وحين دنت
أبرقت
فتوقّف نبض الشوارع
الا قلوب
تحدّق صامتتة
وحشود أغان
تحيط بسيدة الأفق
ذات اليمين
وذات الشمال

* * * * * *

تهادى على الأرض
موكبها الملكي
ومن حولها البرق يهزج
حتى اذا أصبحت
قاب قوسين
من هدأة الحرم الجامعي
أشارت الى شعرها
فتماوج في الأفق
شلال عطر طليق
وقالت لعينين عاصفتين
اليّ بأهل الغواية
"
من كل فجّ عميق"
وأوحت الى فمها
فاستفاق بنفسجه الغضّ
فوق مروج العقيق

* * * * * *

واذ نفّذت بجلال مشيئتها
أمطرت
فتكدّس عطر أنوثتها
في الشوارع
والحافلات
القلوب
الحدائق
لم يبق في الأرض
رطب ولا يابس
دون أن يتملّكه مطر الحبّ

* * * * * *

ظلّت عيون السماء
تباركها
والأغاني تمجّدها
وهي تمطر
تمطر
تمطر
حتى تبلل ثوب الصباح
وقلبي
وأروقة الجامعة

---------------------
 1987

 

 

قيامـــة الســـــيد فرحــــــــان

 

الجهــــــــات

 

عانقت جنوب دمي
وحملت حقائب عشقي
أرحل فرحانا جدا

قلت لأشجار الاسفلت
خذي شطآن جنوني
ومرايا فرحي

ضحكت ساخرة
أشجار الأسفلت
ونادتني الشمس العريانة
أن لا جدوى
من شجر ممسوخ
يا سيّد فرحان

فقلت لأجيال الاسفلت
وداعا
وحملت الأسماء
على ناصية الريح
ورائي

نادى ثعبان
في صالة حبي الكبرى
انك لم تقطع تذكرة للترحال
ولم تسألنا
حتى نأذن
أو لا نأذن
في أن تفرح

من أعطاك الأذن
بأن تسمو
من قال لعينيك
ابتهجا
ولقلبك
حلّق
ولروحك
غنّي
ولهذا قررنا
صفعك
انك مجنون
بشهادة
آلاف الطرقات
وآلاف الآلام
وآلاف الأحلام

 

المواســـــم

 

 " الأماني غرق
والأغاني أرق
والرجال
أباطرة من ورق"

 

يا سيد فرحان
كسرت نشيد الروح
وغيّرت الايقاع
وروّعت الفرح
المتألق في العينين
الا فاخلع جلباب خريفك

انا
أعطيناك الوجد
غرسنا في أعماقك
أسرار الآتين
كتبنا فوق جبينك حكمتنا
فاحمل خطواتك
جئنا في أنفاس الفجر
وفي أحداق الحور
نديّا بالفرح الصدّاح
ومفتونا بالنور

 

الصفــــــي

 

أمشي
فتتبعني الشوارع
يستفيق العطر
تحت خطاي
يأتلق الرخام...

وتصطفيني الشمس
فارسها
يتوّجني الغمام...

أصيح في الأسواق:
يا من تسمعون..
أنا الذي...
ويضيع صوتي
في بريد الريح
يمحوه الزحام...

أنا الذي..
لا صوت لي
لا ظلّ لي
أمشي
فتتبعني الشوارع
لاهثا
متناثر الأحلام
من عام
لعام

 

 

الســـيدة النورانيـــــة

 

...طاب نهارك
سيدتي الأبهى
وصلاتي
للأزل المتوهّج في خدّيك
وللآفاق الرحبة
في عينيك
نشيدي

جئت أحاكم رأسي
عندك
أتعبني رأسي المتهوّر
سيدتي

لم يترك شيئا
في ملكوت الله
الا وحواه

ها أنك
يا صاحبة النور
ترين
ملايين الأشياء
ترافقه..

من أين سيطعمها
يكسوها
هذا الرأس المفلس
أين سيؤويها

ورّطني بالأحلام
وشيّد آلاف الأبراج
ليسكنها الفرح الآتي

رأس مأفون
يزعم
ان الحب
سيدخل مملكة الحمقى
وسيقرع
في الصمت الأجراس

سيدتي..
كوني شاهدتي
اني أتبرأ من رأسي
سأعيش
بلا رأس مأفون
مثل جميع الناس

--------------------
 1986

 

 

 

توهّـــــــــج

 

سأقول أفّ
للسؤال: أبي
وللغيبوبة الفيحاء: أمي
للقصائد
والنجوم
الأصدقاء

سألعن الطرقات
أنسى أنها تقويم أحزاني
وأنسى..
ليس لي قلب
كقلب الله
كي أمحو الخطايا

فلأكن ما أشتهي
نهرا بلا ضفتين
شمسا لا تقوم لأجلها الأحياء
دربا لا يقود
لأيّ درب

هكذا
أتنفس الضوء المعافى
أحتسي أسفار ما الحب
من معنى
وأغفو جامحا كالبرق

أستلّ العناصر
من ظلال الوقت
يا وقت
انتزع قدميك
من مستنقع المبنى
ودر ضدّ اتجاهك
لا
انتبه
فليسقط الضدّ
الجهات
اركض بلا جهة
قميصك هائم كالماء
مرفوعا تغني
في دروب النصب

لا تأبه لضوضاء السؤال-
والغيبوبة الفيحاء- أمك
نطّ من معنى الى معنى
وفتش عنك
في كل الزوايا
ربما نسيتك عاصفة
على رفّ بأقصى الحزن
أو ألقاك طوفان
على عشّ الغراب
وربما
نسجتك احداهنّ
خيطا في قميص غرامها

ولأجل هذا
سوف نخلق شمسنا
شمسا طهورا
لا تقوم لأجلها الأحياء
نوقد يومنا
مما تساقط من شفاه
الياسمين
ونرتدي

, لا بدّ
من أن نرتدي شيئا؟
اذن
ستكون

" نحيا"
زيّنا الشعبي

أي حلمي
تعال اليّ
مرفوعا
بجّر الآخرين
الى
العراء

-----------------
 جريدة العراق/ بغداد 1985.*

 

فـتـــــــــون


أحبّك" موت"!
وأعرف أنك عاصفة
لن تجيئ
ونوّارة أعلنت
قبل أن تتفتح
هجرتها

سأمارس ضدّك
كلّ الأساليب
حتى أغيظك

سوف أسافر منك
اليك
وأمطر قلبي الملبّد بالوجد
أشرعة
ويماما
وصمتا

فأين تروحين؟
انّ المدى وجعي
والبروق حنيني
فأين تروحين
أين تروحين من لغتي

يتها اللاأسميك
بعضا من الوهج
حتى تري زمني
انه الآن يصعد مرتفعا
ثم يهبط مندفعا
ويكوّر قبضته باتجاهين
يضرب لا شيئ
الا فجاعته
ثم يصرخ مشتعلا
يتهاوى
رمادا
رماد

يتها اللاأسميك
بعضا من الحبّ
حتى تري زمني
وهو يجمع أشلاءه
في عناد

ستمضين
لكنني لن أعود
سأبقى هنالك
مشتعلا في ظلالك
أدلّ عليك اليمام المسافر
والغيم
والأقحوان
وأبذر سرّك
حيث تروح الجهات
وحيث تجيئ

سأروي لكل العصافير
قصتنا
من

"أحبك"
حتى

"وداعا"
أقول الذي لم أقله
لكل الشوارع
كل الحدائق
كل المحطات
أغدو لظلك دالية
وبلا موعد
ألتقيك
فان شئت
فلترحلي الآن
من لغتي
انني
لن
أعود
------------------
 جريدة العراق/ بغداد 1986. *

 

 

 

المحطات مثقلة بالعوالق

 

ترفّق
وسر بي
على مهل
ايّها الليل

ويا صاحبي بالسذاجة
أدن قليلا
لأروي حديث
الذي غادرته المحطات
منكفئا في العراء

يوم ساح دمي
وارتوت من ظلالي السكاكين
وشرّدت
لم ألق غير المزابل مأوى
وغير الضياع صديقا
تماسكت
ما صحت من ألم:

 آه
ولملمت بعضي ب

"دشداشة"
وبقايا عناد
ولكنني
حين ناديت ظلّي لنرحل
لم ألق ظلّيّ

هنا
في الطريق
المؤدي الى لا طريق
توقفت
لا شيئ يجمع بعضي
ببعضي
سوى طائف
يتمخطر بين حناياي
ثم يغادرني خلسة
ويقرفص
بين رصيف الجنون
وبيني

---------------------

30/1/1986.

 

 

أرملـــــة النــــــاي

....... "بيني وبينك "
صوت مغنية
وهديل يمام
وسبع شموع

أسمّيك
لو يسمح الرازقيّ
وتغفر لي لافتات غيابك
فوق شغاف دمي

قد تبيت المصابيح
دون عشاء
وقد يزعل الورد
قد لا أرى نجمة
في حدائق روحي
اذا ما دعوتك باسمك
سوف أناديك "يتم الطفولة"

ما بيننا
لا نهار فأبصره
لا ظلام فأمحوه
يا قصّتي
يا جميع المآزق
من أخمص القلب
حتى تخوم المحبة

ماذا أقول غدا
للشوارع
للافتات
التي تتبع اللافتات
التي تتبع ال...
لن أناديك الا ب

"أرملة الناي"

 

مطعونة رئتي
وفسيح صراخي
وأنت هناك ـ هنا
تطلقين الظلال القديمة
يخطر موكبك الوهج
بين ضواحي الحنين

 

اصمتي لحظة
لأناديك
ها انني في رحابك
أوقدت في

"الحضرة الفاتنية"
كل شموع الخلاص
تطهرت من نبل ما كان
أينك؟
جئتك يتما
بحجم دمي الغيم
أينك
ليس سوى اغنية مرة
ويمام صليب
وسبع شموع عجاف
وفي الركن ناي طعين
تضجّ به اغنية
وملائكة ينشدون
"
بيني وبينك..
بيني وبينك..."
ما كان
ما سيكون

ــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الجمهورية/ بغداد 1987. *

 

 

 

 

احتفــاليــــة الطفـل الأزلـــــي

(1)

يا أيها الولد المخلّد
في الشوارع والنوافذ والمرايا
قم كلّم الأنهار والأشجار والسفن
النوارس
يا أيها المتألق المغرور
قم رتل مزامير التوهج
كلنا ظمأ اليك

(2)

يا أيها الولد المخلّد
كيف يتّمت البساتين
الرياحين
الدوالي
ماذا ستكتب
للمصابيح الحزينة
والنجوم
العاشقين
ماذا ستفعل بالحنين
اذا استبدّ
فكان ثورة ياسمين

 

(3)

 

يا أيها المغرور
ما زالت

"جليلة"

 ترتجيك
في كل يوم
حين يندلق الغروب
تتلفع الدنيا بلوعتها
وتنخلع القلوب
ويضجّ في السبع الشداد
صوت يندد بالفجيعة
..
يا سامعين الصوت "
من قتل الضياء
يا سامعين الصوت
من طعن القمر"

 

(4)

 

في كل غروب
يأتي صوت

"جليلة"
نتبين فيه ظلالك
طفلا مغرورا
يتأبط وهج النرجس
يحمل أسفار الآتين
طفلا أزليا
مسكونا بعزيف الملأ الأعلى
في كل غروب
يأتي صوت جليلة
ليقضّ مضاجعنا ويغيب
"..
يا أهل الله"
من منكم أبصر فجرا
تتخطّفه الريح
من منكم أبصر عشقا
يرحل دون أوان

 

(5)

 

أينك
يا طفلي الرائع
أينك
أينك
لا غال الصمت شبابك
لا أغمض عينك

يا حبي الأوحد
يا عمري
يا نبع هواي
يا فجرا يهدي أشرعتي
ويقود خطاي

أنسيت غرامك
يا طفلي
أنسيت الوعد
أيام تبدد أحزاني
بربيع الوجد

فتعال الآن
لأحضاني
لأظلّ أراك
يا طفلي الرائع
واجعلني
نجمة دنياك

 

(6)

 

وتغيب أياما جليلة
ثم تشرق من جديد
شمسا تسافر في الرؤى
ألقا يشع على الوجود:
 ..
أنا الحبيبة
وأنا الزمان
أنا المكان
أنا الحقيقة
أنا نخلة الأسرار
طوفان القيامة
عمري نشيد الراحلين
وصوت زرقاء اليمامة
أنا وجه هذا العالم المختل
شاهده الوحيد
على الجحود
اليوم أكمل دورتي في الأرض
ألقي في غياهبها نشيدي
اليوم أسمعكم
تفاصيل الزمان البربري
من الوريد الى الوريد
فلترفع الستر الوضيعة
يا جبال الصمت ميدي
ها أنني بيدي شاهدتي
وفي قلبي صديدي
اليوم أسمعكم نشيدي
ومعي جراحاتي
شهودي

آبائي الشهداء
عيسى والحسين
ومن تعمّد بالدم القدسي
كي تحيا النوارس في سلام
وأحبتي تموز والطفل المخلّد
ولسوف يولد
في كل يوم سوف يولد
طفل يلوّح بالربيع وبالضياء
طفل يصيح أنا الحياه
أنا نجل تموز المخلّد
لن تسكت الأحقاد قيثاري
ولن تمحو السنين
هذا النشيد المستفيق
على ضفافك يا عراق
فلترفع الأقلام ولتطو الصحائف
ان تموز المبارك قد أفاق

 

(7)

 

فرحا قميص الناي يخفق
في أقاليم السواد
ويشعّ في صمت الحقول
زهر بلون الحبّ
يضحك في السماء
قمر يلوّح
للنوافذ والشوارع والمرايا
ويقول:
هذا الياسمين
مني لكل العاشقين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
تمت كتابتها في العام 1985. *
 
* ألقيت في مهرجان الشباب العربي في دورته السابعة
المنعقدة في الخرطوم/ السودان 1987.

 

 

 

 

شمس بادوش

 

تسلّقت- فجرا-

سفوح العناء الى

شمس بادوش

 

كانت- هناك-

مؤثثة

تنسج الأفق نرجسة

لصق نرجسة

وتمدّ الضياء

الى آخر القلب

 

مغرورة

تتراقص بين التويجات

أو تستريح على ثغر نوّارة

وتغني بأقصى أنوثتها

 

لمّ بعض الجنود قناديلها

في الحقائب

قالوا:

سنوقدها في ليالي الحبّة

ندعو بأجراسها

أمنيات القلوب الجميلات

وانفرد الآخرون

يمنون انفسهم

بشموس تساكنهم فرح الياسمين

ينامون-حين ينامون-

بين جدائلها

 

شمس بادوش!

توّجك القلب أغنية

في ربيع الخراب

 

محبّتنا وسع هذا الرحيل

ولا شيء يحدث

لا زهرة من صباياك

ألقت على المرج شال عذوبتها

كي تدلّ العطاشى الى النبع

لا طفلك الفجر

ودّعنا

قبل أن يسرق السيؤن براءته

 

شمس بادوش!

تلك الأيائل

عند ضواحي المجرة

أحلامنا

والمنادي الذي يتطلع

من شرفات الغيوم

أنا

والذين معي

أمراء الفصول المعاشيق

 

متكئين على صوت أنفاسنا

نترقب أن تبذري عسجد الحب

في طرق العيد

 

لا تجرحي صمتنا

حين نلقاك مرتبكين

وكوني أشد افتضاحا من العطر

كي لا نضلك

نحن الحضور مجازا

ونادي علينا باسمائنا

كي نغادر هندسة

اللون والشكل

انت انهمار المواسم

فلتغمري أفقنا بوضوحك

حدّ المطر!

--------------------

* بادوش: منطقة في شمال الموصل، فيها واحد من اكبر السجون التي أنشأها النظام المنهار.

* نشرت القصيدة في جريدة القادسية 1988.

 

 

 

خـــذ الحكمـــــة

 

 

أقول لهذا الصباح الغبيّ:
تجلّد
وكن رجلا
يا صباح
لماذا تضاجع أنثاك
كل مساء
لتنجب:
عارا
دمارا
حشودا من الشائهين

قل لأنثاك:
أنوي الصيام عن الحبّ
قل أي شيئ
كأن
شاقك الأهل
قررت أن تستجمّ
تزور صديقا بعيدا
تلقيت أمرا
بترك الوظيفة

كن حاذقا
وتعلل بشتى المعاذير
واطفئ لهاث الشقية أنثاك
كي تستريح
لينفق نسل الخنازير والأغبياء

أقول له
يا صباح
تعقل..
تعقل..
لا تلد زهرة للرماد
ولا زمنا للجنون
ولا شاعرا للصدأ

أقول له يا صباح
تجلّد
وكن رجلا
مرة واحد
وواصل رقادك
حتى تزول النفايات
خذ حكمتي
يا صباح
ولا تقرب الليلة الفاسدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
نشرت في مجلة "أسفار"/ بغداد 1988 *
 
أعادت نشرها جريدة "السياسة" الكويتية *

 

 

 

قـمـيــص الـــرغـبـــــــــــة

 

كنّا نتمشّى
فوق رموش الصبح
أنا والرغبة

ألقت سرّتها
في هدأة سري
والتفتت تدعوني
لمباهجها

اشتعلت أقدامي رقصا
وقميصي جنّ
اعشوشب بحر من آس
وزمرّد
فوق جبيني
حلّق سرب نجوم
في أحلام سماواتي
صوت قزحيّ
حطّ على أسمائي
فاتضحت

فرقصت
رقصت
ورقّصت الجدران معي
والليل الجاهل
والحب المصلوب
على طرقات العيد
وقلبي

رقص العالم
حتى
بلّله
فرحي
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
 جريدة الحدباء/ الموصل 1986. *
 
أعيد نشرها في مجلة" الطلبة والشباب"/ بغداد 1987. *

 

 

 

مــــرثـــيــــــــة الــنـــــــــدى

 

تهادى الندى
من عرائشه
الوقت:

 يكتب

" أ، ب، ج، د"

في لوحة الأفق
والعربات
مكبلة
بانتظار
الاشارة:
أصفر...
أحمر....
أخضر...


مرّ الندى
يتأبّط لثغته وأمانيه
متجها
نحو ورد الصباح
القرنفل:
سال غناء
وأطلق أحلامه الياسمين
وبلل خفق المسرة
شعر النسائم
أخضر...
أصفر...
أحمر..
ظلّ قميص الندى
يتخافق
فوق دم العشب
وانهمرت في السماوات
مذعورة
جثث الياسمين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   جريدة الثورة/ بغداد 1988. *

 

هـنــــاك فــــي الـمـنـســــــى

 

سديم اللهاث
مواويل قلب يواصل أسطورة البدء
لا ضوء في غابة الأقحوان
ينادون تسمعهم
لا جديد سوى الوهم
لا عربات
ولا أبهة
الجميع هنا
آدميون بالضدّ

عاصفة أم رماد
يحاورك الآن!
سمّ الشوارع
سم الصفيين
سمّ القميص الموزع
بين الحقيبة والفندق
اسرق تفاصيل وجهك
من لحظة لست تملكها

 

عاشقا أم شريدا
أسميك يا أيها الطارئ الفذّ
ثمّة في شرفة الناي
تورق نجواك
تأتيك عبر المجرات
أنفاسها
وانكسارات

"*عدنان"
متهم بالبراءة أنت
وأعداؤك الصمت والذكريات التي بعثرتها خطاك
على كوكب الخوف

 

مشتعل
وأراهن أن القطيع
الذي يتحلّق حولك
لا يحلم الآن
الا بمضغ اللبان
ثمانون جيلا
وهم يمضغون اللبان
اللبان: الطفولة
كركرة العاشقين
انشغال العصافير بالحبّ
رشّ الحدائق باللحظات المضيئة
زرع المرايا
على ضفّة الشوق
لكنه
لا يزال القطيع
يواصل مضغ اللبان

 

هنا
في السديم الملفّع بالقار
لا يعرف القاطنون تفاصيلهم
في الصباح المجازي
يدخل ساعي البريد
ينادي علينا بأسمائنا
واحدا واحدا
ويرقن قيد الذي مارس النوم
أو قال سرا لصاحبه
أين باب الحقيقة
أو ضبطوه يهرب طيف حبيبته

العيون معلّقة في الجدار
فمن يتجرأ أن يتبين عينيه
يبكون من أول النبض
حتى قيامة أحزانهم
لا يقيئون
لا يسأل الرقم رقما بجانبه
أين معناك

 

كل يؤثث منساه
مغروسة كالتماثيل أقدامهم
عند قاع السديم
تحيتهم: طاب منساك
يحزنهم ان يزول اله متاهتهم
ويؤرقهم أن تشعّ المصابيح يوما
بهذا السديم
السديم هو الآن
والآن مقترح
قد يؤدي
وقد....
كيف نجتاز تلك اللزوجة

 

ـ كيفك
ـ أحمده
ـ كيف منساك؟
ـ أجمل
ـ يا صاحبي
كل منسى وأنت بخير!

 

صباحاتنا
لا ترش قناديل فيروز
في غبش النبض:

منسى
شوارعنا
لا طيور ولا أنبياء ولا ورد:
منسى
حبيباتنا
في أقاصي الحقيقة:
منسى

 

ومنسى يقود لمنسى
وعوليس يبحث عن نجمة
يستظلّ بضحكتها
لا صديق
تحيتهم: طاب منساك

خذ وردة الوهج
واغسل عوالقهم
أيها الطارئ الفذ
لا فائدة
لا عيون لهم كيف يمشون
لا ناي عندك كيف تغني
احترس
أن تراك القوارض
مبثوثة في جميع الممرات
لا فرق في اللون والشكل
كل القوارض
واحدة في الوظيفة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
* نشرت في مجلة الطليعة الأدبية/ بغداد 1989.
 
أعادت نشرها مجلة " أخبار الأسبوع" القطرية في العام نفسه. *

اشارة الى العمود الصحفي الذي كان يحرره الشاعر عدنان الصائغ في جريدة القادسية بعنوان" انكسارات حرف العين". *

 

 

رأس لصمتك أيتها القبعة

 

لم يكن للغبار دم

ولهذا سأقترح الآخرين

انا العائد الفذّ

من أبجدية نسيانكم!

وجعي

تسعة في ثلاثة أرباع هذا الفراغ

وحولي معطلة رئة الوقت!

***

لمّوا تشارينكم

لست أسمع من شدّة الراحلين

أهذا نشيد الطبيعة!

لمّوا تشارينكم

لا أرى فرط قلّتكم

والذين مشوا

في جنازة ضوئي

استرابوا كثيرا بعينيّ

لم تذرفا دمعة

حين طاف دمي في السماوات

واندلق الصمت والأغبياء

وقامت قيامة روحي!

وتفقّدت أرصفتي

فتمنيت لو لم أكن

أحد الخوف أو أربعاء الحنين!

***

اهدأي يا مناجاة!

قلت اهدأي!

لم تريني وهم يدفنون جنوني

على ضفة الشفق الآزوردي

يـــــاه!!

الذين هم!!

كم تمنيت لو لم أكن أحد الخوف

أو أربعاء الحنين!

وقد أوقد الغجر النار

في برد غيبوبتي

وتنادوا:

لمن رأس هذا الجنون

المسجّى على عشب أعيادنا!

ولمن وردة العشق تلك

التي يرتديها المدى

منذ أن شعّت أغنية الله

في ملكوت البهاء!

ارقصوا

أيها الغجر، الآن!

مقتولنا

لا تطيق على حمله الأرض

لمّوا تشارينكم

من صداع يلفّ سليقته!

***

كم تمنيت

لو لم أكن أحد الخوف

أو أربعاء الحنين!

ولو أن أوردتي

لم تكن محض أرصفة

يتسكع فيها برارة وثنيون!

فلترقصوا!

وانثروا زهر الضحك

أحرى بنا ثمّ أحرى

التوهّج فرط الغناء

هنا، لا يليق بمقتولنا

أن نناديه بالقائم الفذّ

أحرى بنا

أن نبارك غيبوبة الظلّ

في صمته!

مجّدوه، اذن

وازرعوا ياسمين هواه

على شرفات مواويلكم!

كم تمنيت لو لم أكن أحد الخوف

أو أربعاء الحنين!

***

وها أنهم

يجلسون طوال رعونتهم

ليدقوا المسامير في غيمتي!

ويزجّوا دسائسهم

في سمائي الطرية!

يا للغباء!

أهذا صباح نباركه!

لا صباح لكم أيها الوثنيون

كل الصباحات

للمبتغاة

المسماة في أول اللوح

من قدحي!

سأدخن هذا المساء

وأبدأ نزهة عينيّ

من لازورد الأجنة

حتى شواهد نسيانكم!

***

في الثلاثين

او أيّ وهم يسمّونه

لا يليق بأن تجلسي هكذا

مثل "واو الجماعة"

رأس لصمتك أيتها القبعة!

قد يفاجئك الآخرون

وأنت ممهدة للبكاء

وفي منتهى الريح

أو ربما أول السيئين

سينتحر الأفق،

تعوي الكلاب!

أراك كما ينبغي

بيد ان الرحيل كثيف

على شفتي

فانظري،

انه المطر،

الله!!!

حيتك غربتنا

وقدوما فسيحا

سنمنحك الآن

أجمل أحزاننا

ونغنيك بالورد

فادخل،

هم الغجر الحاضرون

و

شمس الغياب!!

----------------

* نشرت في مجلة الطليعة الأدبية 1990.

 

 

هوامش أولى

 

( للحائط رأي آخر

في ما يكتبه الصبيان

وما يلصقه المأجورون

على سيماء برائته!

للوقت حضور رسمي

وتواقيع

وهموم الزوجة والأطفال

وأخبار الجيران

وقيل وقال!

للصورة أبعاد

وزوايا

حسب التوقيت القدري

لبرج الريح!)

***

- في القوس التاسع من اقليم النار

يقوم الليل على قرني عفريت

والعفريت على بركان

والبركان تضج به أفعى

بملايين الأصوات!

- تأوي نجوى من هاجرة الحرب

الى قلبي

تعزفني جرحا جرحا

أمنحها مطري ورياحين بروقي

وأموسقها قنديلا!

- كان الحائط يبكي

فوق رصيف العمر

الوقت تشرّد سكيرا

تتقاذفه الطرقات،

ملفات التأمين،

قناني البيرة،

أخبار الجيران!

- ينام الوقت

على مصطبة في المجهول

يضجّ الحائط.

تدنو الصورة

تدنو

وقطيع جواميس

يدفعها ذئب أخرق!

***

شفتا نجوى

فوق رموش الزرقة

تقرأ مايكوفسكي

وتحدثني في أمر جنوب

تغمره الأوحال!

مطر في القلب

ودمع فوق رمال اللذة

نجوى تعبرني اقليما اقليما

وتشمّ بياض جنوني

ألعق طيبتها الوردة

سوف أفجر هذا الكون

بديناميت طراوتها!

***

حزني لا بيت له

وسكوني أبشع من كابوس الحرب!

من يخبر أمي

اني الآن بلا ظلّ يتبعني

من يخبر نجوى

اني الآن طليق رعونتها!

خذني يا ليل لأقرب حلم

خذني!

عزفتني الساعات دقائق أمضي

دار بي الرقاص كما يهوى

مرّغني الشارع حتى أصبح

كلّ منا الآخر!

***

يا نجوى التصقي أكثر

ما دام التاريخ بلا ذاكرة

بعد قليل

يلقي الحزن علينا القبض

فلا نتجرأ أن نبكي

وتجيئ الطرقات

فتلقي القبل الغضة في الآزبال!

التصقي أكثر!

ماذا يعرف غورباتشوف

عن الأزل المتجمّد في عيني "فرحان"

رأسي نافورة قيئ

كيف الشمس تواصل دور الشمس!

***

غدا

ان جاء نهار،

أي نهار،

سأقول له عد يا امّعة!

يا لا شيئ الى أسيادك

واحمل توقيعي

وتواقيع الأحياء بهذا الكوكب

ضدّ قداستهم!

لا حاجة للآشجار بنابليون لكي تنمو

لا حاجة بي للحرب

لكي أتهجى الحبّ بعيني نجوى!

سأعيد صياغة هذا العالم

بدء من آدم حتى مايكل جاكسون!

لن أجلس بعد الآن صلاة

أبطلها خطأ لا يعنيني!!!

***

الساعة: ما زالت تمضغني

والرقاص يدور برأسي في الآفاق

وما زلت أحدث نجوى

عن سرّي المفقود!

الحائط: يرقد

في مستشفى الصمت!

* نشرت في مجلة أسفار 1990.

الصورة: ترقب

فأس الآتي!!!

--------------------

* 27/2/1989.

* فرحان: جندي انفجر بالقرب منه صاروخ، فأصيب بالجنون.

* من موروثنا الشعبي؛ ان الأم حين تضع مولودها، تقوم الأسرة بدفن " الحبل السري" في مكان ما، وحسب أفضلية الأسرة. ومن الطريف أن أسرتي لم تتمكن من دفن حبلي السري، أسوة ببقية اخوتي؛ والسبب أن حبلي السري ضاع من أمي ولم تقف له على أثر!!!

 

 

مســــــاء العشــب

 

علّق فوق الحائط غربته

واقترح النوم رصيفا

مرّ الصيف الأول

والثاني

شابت أغصان الوجد

الدمع رمالا صار

تجدر وجه الروح

وكفّ الناعور الأزلي

عن الدوران

لكن مساء أخضر

قدّح في عينيه

فأورقتا

واعشوشب نصف الليل!

 

 

معــــراج

 

ممسكا بالبحر

أطلقت على الأفق دمي

وتسلّقت شغاف الروح

كي أقرأ للرب ذهولي!

فجأة!

في سلّم اللّوعة

قابلت تواريخ عقوقي

فترجلت عن الضوء

وجفّ الغيم

وانهار الجدار!

--------------------

* نشرت في مجلة الطلبة والشباب 1987.

 

صــــامت كالهـــــــــاء

 

أعنيك

يا رجلا تكوّر

مثل وجه الهاء!

 

كم ضربوك بالأوجاع

كم صفعوك بالأرق!

 

استفق!

يا وجه عصر

لا أمام له

أتبقى جاثما

تبكي على أحداقك

الطرقات

قم

يا صامتا كالهاء

واستأنف أمامك

كالرصيف!

------------------------

* نشرت في مجلة الطلبة والشباب 1987.

 

فصـــــــــــول

 

ترف الأيائل

مهمل

والكحل في الطرقات

ذاب!

 

خريف هذا العام

أكثف من صراخ دمي

انبثقت

أقدّ ثوب الغيم

من قبل

لعلّي

أبلغ الأسباب

أسباب التوهج!

 

هاجرت

أعشاب هذا العام

مرّ الصيف منكسرا

وصادف في رثاثته الشتاء

تخاصما

في أمر من يقتادنا للعشب!

 

كان العشب

خلف نوافذ الأشياء

كان العشب

خلف الوهج يبكي!

 

ترف الأيائل

مهمل

والكحل في الطرقات

ذاب!

غنّى الربيع فما انتبهنا

فاستراب بنا

و...غاب!!!

-----------------------

* نشرت في جريدة الجمهورية 1989.

 

رغبــــــة مبكــــــــــــرة

 

عليك المسرة!

كنت معطرة بصباحك

والغرباء لدى الباب

يرتجفون!

 

الحقائب

مثقلة بالصراخ

ولا مطر غير هذا الحنين

وأنت

على العرش

أقرب

من خفقة الريق!

 

فلتفتحي الباب!

ان شمالي

يلملم منذ قرون أعاصيره

لجنوبك!

هذا الوثير

المؤثث بالطيب

والأغنيات!

 

افتحي باب نجواك

اني على عجل

فورائي نهار من الصمت

والطرقات الكسيحة

والأخوة الكدرين!!

------------------------

* نشرت في جريدة العراق 1988.

 

 

 

جميعـــــا ووحـــــــــــــدي

 

هابطا من دم البرتقالة

أمشي على جثة الوقت

عيناي في غاية الطوفان

انتشرت لكي تلد الشمس أطفالها،

ويؤرخ، ثانية، شجر الأمس ميلاده!

 

نعش ظلّي

ودمعة أمي الفسيحة

منغرسان بحائط منساي

كنت أمرّ

ولا أتريث في القامة الشاسعة!

 

أبتي!

في البلاد البعيدة

ليل المسافات ما بيننا

دبق كالفضيحة

فالقعليه رداء الوصول

انا ابنك!

ناديتني فتجمّعت كالضوء

بايعني العابرون

غريما لهم

وسخرن لمرآي متسخا بدروبك

يا أبتي العابرات!

وعنّفني شبح

حين أسندت رأسي

لأغفو على ضجة في الطريق!

 

تجيئ الشموس

وتذهب، يا أبتي!

لا يدوّنها الأفق

لا يحفل الواقفون بموكبها

لا يبارك ميلادها الورد

تأتي وتذهب

كالأمهات العواقر!

 

أمي واقفة

من ثلاثين صمتا

بباب غيابي

انتظارك طال

وها أنني لم أعد

رغم أجراس كل القيامات!

أماه!

 

عمري ضيّعته

بين عاصفة

لا تجيد الوقوف

على هدب عيني

والنادل الغثّ،

رأسي المثقّب باليتم،

وهو يلم انطفاءات قلبي

ويرسلني بالبريد المؤجّل

للغثيان!

 

فتحوا الصمت

وانتظموا في الجلوس:

الخميس- الثلاثاء

والجمعة- الأحد

الأربعاء الشقية تفضح أسرارها

في شجار مع السبت!

يعتذر الأحد

الكأس بين الخميس- الثلاثاء

تمطر!

صفّقت للنادل الغث

أن يحتفي بالضيوف

و..نخب التي نقضت عهدها!!

 

دارت الأسطوانة والكأس

ذكّرتهم بجميع الذي بيننا

صحبة السنوات الطواحين!

منذ ائتلاق الجنون على شرفتيّ

الى.......

حيث أنهى حكايته النادل الغثّ

لكنهم!

حين أكملت الأسطوانة دورتها

انفرطوا ثملين!

الثلاثاء صارت حريقا

وأشرع شبّاكه السبت

للياسمين المهاجر

والجمعة اعتقدت أنها حامل!

والخميس يندد بالحاكمين الشهور

ويشتم عائلة السنة الملكية

والأحد احتضن الأربعاء

يبادلها الحب!

 

قلت:

سلام على الأمهات الشموس

بأمر غرابتنا

سنغيّر أسماءنا والتواريخ

نهبط من ألق البرتقالة

نحيا!

ويسقط رأس السنة!!

 

قال: وحدك؟!

قلت: جميعا ووحدي!

وأشعلت رائحتي

في الطريق المؤدي الى الحب

أعني: ارتطام دمي بالجدار

المرابط في طرقات الحبيبة

والوطن، الأصدقاء، الدنانير

وحدك؟

قلت جميعا ووحدي!!

 

يغنّي دم البرتقالة

أبصره عاليا

أيها الفاكهانيّ

زن لي ربيعا

فناولني علبة

قلت: لا شأن لي بالصراخ المعلّب!

زن لي، اذن، فسحة من نهار

فناولني قفصا

قلت: لا شأن لي بالسماء الغريبة!

ثمّ اندفعت أغنّي

على عربات المطر!!!

------------------------

* جريدة العراق 1989.

* مجلة أصوات/ صنعاء 1995.