New Page 1

فضل خلف جبر

 


هواجس

المؤجّــل أقصـــــــــاه




الشـجــــــرة
----------------

 

 

وإذ جاءهـــــم
من ضواحـــي النهـــار
فتـى حاســر القلـــب
عينــــــاه لا تكذبــــــان
ولا تذرفــــــــان
سوى حزنــــه المتـألّق
أوديـــــــة وصحـــــــــــارى

وعينــــــاه قادحتــــان كما البـــرق
عينـــــــاه ماطرتــــــــان
كما وطــــــن مـــال
فانسكب الزهـــــــر والنهـــــــر
مال فهبـــــت ريـــــاح الثعالـــب
كي تلعـــــق الحلــــم المتألق والصبـــح
عينــــــاه لا تنطقــــــان
ولكنــــــه حاســــر القلـــب

فاندلقت من سمـــــاء عذوبتــــه
اغنيــــــــــة القادم المتوهــــــــــج
ان تمنحونـــــي بصائـــــركم
تجدوا الكنـــــــز
من خفقـــة الريــــق أقــــــرب
فاحتقنت شهــــــوات الذين
ومالوا بأعنــاقهــــــــم
أيّ كنـــــــــــــــــز

تناهــــى إليه الهتـــــاف
الذي ليس ينفــــــد
حتى لو اجتمعت أمــــم الأرض
قيــــل وفي أي أرض
يـكــــون هو الكنـــــــز
في غابــــــــــة قال
ما أكثــــــــــر الغاب
قال الذيـــــــــــــن

إذا أطبق الليـل لا تهجعوا
واعبروا زرقة الأفق
حتى إذا أينعت في السماء النجوم
اقطفوا من عناقيدها ما تشاءون
زادا لرحلتكم
واجلسوا في مهب الصباح
انطروا
ريث تخطر في الموكب الشمس

فاستبقوا للحاق بموكبها
واحذروا حين تجري بكم
ان تفيض سرائركم
ان للشمس أعداءها
اقتصدوا في الغناء
لكي تبلغوا الوهج
ثم اقصدوا الكنز
في الشجرة

كيف يا أنت
ما أكثر الشجر المتطاول
في غابة الوهج
قال
مظللة يتخطّف أبصاركم برقها
ليس في غابة الوهج
وهو كثير تشابك في الأفق الشجر
الأخضر المتورّد
والأحمر المتسلق
والبيض الغضّ
الا مظللة
أصلها ضاحك
وأفانينها في عزيف البهاء
فأما تناهت بكم طرق أربع
فاحرصوا أن تكونوا جميعا
طريق تؤدي إلى لا طريق
وأخرى ممهدة بالسراب
وأخرى تنادي الذئاب
وقد لبست زخرف القول
من هاهنا نحو ما تشتهون السبيل
فان تعقلوا
تلك رابعة
هي أم السرى
وعرة يصعب السير في صمتها
والظلام العميق

اسرجوا ما كنزتم من الضوء
من ثمرات النجوم
فان أورق الصمت
واعشوشبت في سرائركم شعل الوهج
فانتبهوا أن تغنوا بأعلى مواجعكم
ان للفرح المتألق أعداءه
فإذا ما انتهيتم الى غبش مورق
فتهادوا على حدقات الرؤى
خوف أن يتحسس أوهامكم طائر البرق
وليبق سرا
ينام على غصنه المتأرجح
في ملكوت البهاء
فان قال قائلكم
كيف نعرف أين هو الكنز
في أيّما جهة
فالجهات اختلاف
إذن تقفون خشوعا
وتصمت كل الهواجس
حينئذ يشرق الكنز مؤتلقا
من شمال الصدور
تماما كهذا الذي يتغنى لكم
فتدافع حشد الذين
وظنوه بعضا من الكنز
داست عليه السنابك
وانتزعوه
شعاعا تطاير
حلق محتدما طائر البرق
فاشتعلت غابة الوهج
والشجر المتطاول مال
الفتى حاسر القلب ما
كما وطن ما
فانسكبت ذكريات طفولته
انسكب الزهر
والنهر
والأغنية

 

 

 

 

 

طـائـــر الزيـرقــــــون
------------------------

 


أمن حجر
قد هذا الفتى
قد نشرناه نشر الغسيل
ولم نطّرح ذرّة من ذراريه
الا وقادت إليه أزقتنا
ما يكون
ومنذ متى
وهو يطلع كالوهم
من حدقة العين
نبصره في مقابرنا
يوقظ المعتمين
ويرمي بهم في العراء
وما يبتغي
ما له
يحرث الصمت من حولنا

كان من أمره
ان عاصفة عرّشت
في حقول رؤاه
فقال ولكنهم كذّبوه
وقالوا له طارئ
فأسرّ المقالة في جرحه
وتناءى عن اللغو
محتسبا قال
باسمك يا وهج
جرّعني المعتمون مساءتهم
ولهذا
سأرمي لهم
من شتائي صقيعا
وأطعمهم حنظلا
يتقصى سقام أرومتهم

ثمّ أنشأ يبكي
ابتسمناه
لم يزهر الوجه
ظل البكاء يغني
وحيدا يطوف
الشوارع أقفرت
الدور لم يبق من سامر
آب كل خليج الى منتهاه
ولكنه
جالسا في حديقة صوت
يمدّ يدا رخوة
نحو رائحة
فيقلب أوراقها
ثمّ
يطوي البكاء
ويرحل

هذا
وقد مرت السنوات
تناديه بالولد البهل أمّته
ويكنى أبا العقد
أما حبيباته
فيقلن اقترب
أيها الزيرقون البعيد
وما الزيرقون
الذي في جناحيه
برء السقيم
ولكنه لا يكف البكاء
تقول امه
دون أن تحرقوا
ما عليه من الصمت
فلتحرقوا بدأه
الثوب
واللحظات
اللواتي اجتمعن لتدنيسه
حين ألبسنه حلة الوهم

من حينها
هجر المهد والعهد
ناديت من حرقة القلب
نوله يا رب
حقلا من الزيرقون
لينشره في تصحّر عيني
من فقده
وانكسار خطاي
لدى دقة الباب
في حلم عله أن يعود
وما عاد
خبأنه في الجرار
وقلن
اقترب أيها الزيرقون البعيد

وما كان يا أمّه
غير طفلك
ذاك الفتى حاسر القلب
حين تراءى لهم
من ضواحي النهار
ولكنهم كذّبوه
ومالوا الى قتله حنقا
داهموه ظلاما
لدى غيمة
كان مستمطرا حزنها
أطلقوا حقدهم
كي ينالوه
ذات اليمين وذات الشمال


وما قصّروه
ولكنهم قصروا
وكذلك يرتفع الوهج أغصانه
وسنأتي به من جرار اللواتي
ونمنحه بيدرا زيرقون
لينشره في العيون التي أصحرت
والعيون التي تترقب ميعاده
حاسرا قلبه
سلة
يتوهج منه الحنين
كما طائر الزيرقون

 

 

 

 

 

سوق الهواء السريع
----------------------

 

 

أغنـّيـــــك
يا وردة الســرّ
حيـث الدبيـب يقشــر مخمـلك
اليرقـــان
يسمي الـثآليل آلهــة
ويــدور أخيــذأ بتيجانـهـــــا
اللمعـــــــان
الثآليـــــــــل تسمق في الجـــــرح
تفرشـــه غيمـــة
وتنــام على صوتـــه المتكســر


أدعــوك باســمك
أن تهبـــطي من مـدار الطـفــــولة
من معــــزف الانـتــــظار
لمـا لا يجيء
ويحسبـنــــا خشّعــــــــا لجلالتــــــه
اليرقـــــــــان
ونحـــن الشهــــــود على ما تبـــــدد
من دم أحلامـــــــنا
في سرير البــــــــلادة

يتـلـو علينــا بياناتــه اليرقــان
فنلتــمّ منفرطيـــــن
ونصغــي لقعقعـــــة الخـــوف
أن تعتلــي هـام أنقاضنـــــا
وتبيض اليراقيـــــــــــن
أن تعزفــــــي
وجــــع السائريــن بأكفانهـــــم
فيظنّ بك اليرقـــــــان الظنــــــــون

وغنّيـت
فاغتيــــل صوتــي
وكنت أغنيــــــك
أعــزف مرثيــة السائرين بأكفانهم
حين ناديتنــي
من ضواحـــــي النهــــــار
وقلت اهبطــــي من مـدار الطفولــــة
لكنــــه اليرقــــــــــــــــــان
ولكنهـــم
حين جزّوا ظفائـــــر أغنيتــي


فلماذا اللجاجـــــة
سوف ينـادى عليــــك
لتعرض في الســـــــوق
سوق الهــواء السريـــع
الذي هـو محض افتــــــراض
دققنــــا عواميده في الفـــــــراغ
وقلنـــــا استكن
فاستكـــــــــــــــــان

يمجـّدك القيّمـــون
على واجهــــــات الإذاعة
والهرجيـــــــــــــــــون
يأتــون من كل فجّ عميق
لتلقيـــن وجهك فــنّ الخشـــوع
تعبــــأ في علـب اللحظــــــــــــــات
تذاع علـى موجــــــــــــة
طولهـــــــا العمــــــر
فلتتجمّـــل
كما ينبغـــي لقتيـــــل

ولكنـــه حارس القبـــــر
أوصـد كل المنافــــذ
كــي لا تمـوت قليـــــلا
وما حــارس القبـــــــــــر
الا غيـــــــــاب
دفعــت لتعيينـــــه زهـرة الشمس
قاتلـت من أجلــــه اليرقــــــان
وخبــــــأت عينـــــي
في درج آمــــــن
ليضــلّ طريقهمــا النــــوم
والسيئــــــون
وها أنــــه حارس القبــــر
يوصـد دونــــك كـل المنافــــــذ
كــي لا تمـــوت قليـــــلا
إذن
لا تقـــل للمذيعـــــة عمّــا يريبــك


لا تــدع الهرجييـــن لصق الحـــــوار
ابتعــد ما استطعـت عن الهرجييــــــــن
خــوف انتهـــــاك غيومــــــك
حيـث ينــــادى عليهـــــــا
لتعـــــرض في الســـــــــوق
ســــــوق الإذاعة
ســوق الهــــــــواء السريـــــــــع
الهــــواء الذي هــو متهــم بالنميمـــة
متهــــم بمعاشــــــرة اليرقـــــــــــــــــــان

وهـا أنهــم يطــردون نجيّــــــك
إذ جاءهـــــــــــــــــــــــــم
من ضواحــــــــي النهـــــــــــــار
ولكنهــــــــــــــــــــم
فتجمّــل كما ينبغـــي لقتيـــــــــل
وســــمّ العــدوّ بأسمائــــــــــــــــــه
والصديـــــــق
اجتنـــب أن تـــدقّ نحافتــــــــــــه
خـــــــــــــــوف
أن يتخطّفـك النـــــــــــــــــــأي
واليرقــــــــــــــــــــان
وســوق الهـــــــــــــــــــواء
السريـــــــــــــــــــــــــــع

 

 

 

 

 

 

 

المؤجـــل أقصــــاه
----------------

 


يســألونــك
عن وردة الســـــرّ
كم لبثـت في الغيابـــــة
كم أزلا أفلــت
وغيــــوم المســـرّة
أيـّـــــان يهمــي زمرّدهـــــا
العيـــد أيـــن ينـــــام
شتــــاء خصومتنــــــا
يسألونـــــك
عن وجهــــه المتقرّن نيســـــان

بسملة الوهج
قل لا أجيد التماس المعاذير
لي ولكم
ولأنّ اسمها مورق في الأجنة
أعني
شقائقها مزدهاة بصمت غرابتنا
فلذلك تدعى الربيبة
إذ لبثت في الغيابة
صمتا من السنوات
تقولون دهرا
وقد
لا ضريح لموت الربيبة
لا شاهدين لميلادها
فهي مورقة في الأجنة
محمولة في النعوش
وسوف تقولون
أعلم أن لا طريق الى العيد
الا بأمر المؤجّل أقصاه

قولوا له
ما تقول العرائش
للسيسبان الندى
ولوجه الصباح الطفولة
سمّوه باسم ربيبته
وردة السر
يهم لكم غيمه مطرا
ويؤلق طوفانه كل دالية
ونوارسه شاطئين من الوهج

سيد هذا الغياب
المؤجّل أقصاه
قولوا
اتضح شاخصا
وتألق ولو مرة
لنر العيد معشوشبا
في مواجعنا
لا نريد لأطفالنا قدرا
هو هذا الخراب

دعوناك
باسم ربيبتك
الغوث
يهم لكم غيمه مطرا
وهو رغم شيوع أساريره
كامن في المشيمة
لا يتأتى سوى للصفيين
يعرفهم من تضوّر أوجاعهم

حينما في الأقاصي
أراقوا هتاف سريرته
أوثقوه الى وتد قاحل
وتنادوا عليه
لتلقينه صفرة
هي أم السواد
وقالوا لئن لم تكن كالحا
لندّن
ماذا وإلا
وسبعون ألفا من الكالحين
يصلّون خلفك
لكن راياتهم خافقات بحتفك
ماذا وإلا
وسبعون ألفا من الهرجيين
يدعون في سوق كالح
عاش أبونا الذي في الخرائب
كالح
ماذا وإلا
وسبعون ألفا من الزيط
منهمكين بتدبيج آي النميمة
منهمكين بفض رسائل قلبك
منهمكين بنسج الأباطيل ضدّك
منهمكين برصدك
ماذا وإلا
وسبعون ألفا من النابحين
يشايعهم في السليقة
سبعون الفا

وأنت القصيّ
المؤجّل أقصاه
وحدك تصرخ
يا أرض كالح
قومي ارتدي سيسبان التوهّج
عارية من رغيفك لا تحلمي بأمومتنا
العشب يسقط من وجه نيسان
تسقط أسماؤه القزحية
والورد يسقط
كان السقوط الأخير
لأمطار قلبي
وكان

وما علمت دمعة
أي حزن سيلقي بها في العراء
وما علمت دمعة
أيّ موت
تموت

ونفضي إليك
بآخر أنبائهم
حين غنّى لهم
من ضواحي النهار
بسيماء ما ضيّعوه
وقال ابسطوا لي كفّ محبتكم
عاهدوه على أنه جهة في الجهات
ورابع أربعة في الفصول
فلما انقضى الموسم
انفرطوا كالحين
وظلّ المؤجل أقصاه
يكرز في الأرض
بحثا عن الجهة
القائمة