Title of Your Page

خداع المجانسة في قصيدة فن بصري

فرج ياسين

 في عجالة تنفذها كاميرا بغية الحصول على لقطة بانورامية لتشكل القصيدة  نصادف خداع المجانسة بين المرأة والمرآة وهو يحيل الى الايهام والتداخل اول مهلة .. ان واقعة الخداع الصادمة في اللقطة الكبيرة سوف تتجاوز الانفتاح على ثغرة صغيرة توصي بمقترب اولي لاستيعاب العنوان واشتغاله في النص ولان الصورة الكبيرة عارضة  ومؤقتة فان المستويات التبادلية سوف تعمل على انتهاك هذين السمين وتقوضان الظاهر ( الجناسي ) الصوري مما سيفضي الى دلالات جديدة للمراة لاتودي الى حبسها في داخل هذا التوصيف بل تلقيها في سيرورة تاريخية ابتداء من الطفولة .. وكذلك سوف يعمل الاجتزاء على اطفاء صفة المراة بوصفها عاكسة لطبيعة جامدة

 تتكون القصيدة من جملة مبتدأ وخبر طويلة جملة السطرالاول الاسمية ( وانا اقود خريفي ) بمثابة مبتدا خبره الجملة الفعلية المتحققة بفعل الرؤية وكانه يحلق فوق النص ويعمل على تقويله.. وبما ان فعل الرؤية لم يرد الا بمعني الرؤية البصرية بتحويرات وتحولات وانتقالات هذه الرؤية في جسد النص الذي تتقاسمه المرايا التي هي وسيلته لهذا كانت القصيدة فنا بصريا

 ان الرجل - وهو يقود خريفه - يصادف المراة ( رايتك جالسة ) ونحن نرى انه كان يقود خريفا الى مرحلة عمرية قبل الشيخوخة مما يشير الى وجود علاقة بين الرجل  والمراة تبرر حوارا من طرف واحد ذي طبيعة راصدة لان بقاء المراة في حالة الصمت لا يعني انها لم تكن تجيب بشئ .ز فالنص يشئ بهذه العلاقة ( امشاطك تتراقص ) فورود امشاط بصيغة الجمع يوحي بالالتقاء والتلاحم

 اي احتدام الامشاط كذلك يوحي التراقص بالتفاعل الذي يفترض اطرافا اخرى .. والجملة بهذا المفهوم تنطوي على دلالة تتصل بالانتظار وقد حدد النص هذه العلاقة بالزمن الماضي منذ البداية (. رايتك جالسة

 فالرجل الان في حالة عودة من الشيخوخة اي من النهاية الى البداية( تسلسل الفصول : شتاء ربيع صيف خريف ) فهو متحرك في الزمن بدليل تعاقبية الجملة الاسمية التي افتحت بها القصيدة : وانا اقود خريفي لابادله بشتاء صغير السن

  اما الوراة في في حالة سكون مستمر .. لذلك فانها مستهدفة بكاف الخطاب (. رايتك . امشاطك .. جوارك .. مرآتك ( قبل  تن ينتقل الخطاب الى الغياب بالضمير : ها ( بجوارها .. حضنها .. مرآتها ) مما ادى الى انفلات الزمن داخل المراة وهي تؤثث علاقات جديدة بين الرجل والمراة تتدرج من علاقة الجوار الى علاقة الاحتضان : وجواره امراة في حضنها مرآة

 حين تتعرض الصورة المنعكسة في المرآة مرة بعد مرة الى تحوير انطباعي بؤدي الى الاجتزاء اذ يبدا الرجل برؤية المراة في حضن المرآة وليس بجوارها وفي ذلك يتحرر فعل الرؤية .. اليتة التي تمليها طاقة الاستنساخ في المرايا ويبدىء بانتاج راميته النغيبة في غائية النص .

 وهكذا تكون ثنائية ( الصمت - البوح ) رديفة لثنائية ( السكون - الحركة ) لاحقا .. ثم معمقة لها اذ تتعدد وظائف المرايا لانها لم تكن واحدة في النص - لمجرد انها اسهمت في عكس مكان الجلوس بالنسبة للمراة منظورا اليه من قبل الرجل المهموم بخريفه ولانها عكست واحدا من مستويات الصورة

 ان وجود النقاط المتتابعة في نهاية القصيدة يؤكد استمرار الفراغ بانتاج التحويرات في الصورة المتوقعة من دون ان يعني ذلك بالضرورة تبرير جانب الاجزاء فقط بل يضيف ما لم يكن موجودا اساسا .. طالما ان المراة في مستوياتها اللاحقة لم تكن عاكسة لما هو مرئي حسب .. بل لما هو متصور ايضا مما يبرر دينامية الصورة المنعكسة

  تحيل مراقبة تحلات الدلالة في المشهد المتكرر في المرآة الى موضوعة التكثيف النتدرج فما ان نصل الى الجملة الاخيرة :وجواره امراة في حضنها مرآة

 حتى نكتشف ان هذه الجملة تتكون من خمسة اسماء محمولة على حرفي جر .. وقد اهملنا (.. ارى رجلا  يقود خريفا ) لانها اصبحت كاللازمة المستورة في الصورة المنعكسة اي لانها كانت في الكادر منذ ان صوب المصور كامرته الى المسهد اول مرة

 ان اختزال الالفاظ الموحية في نهاية القصيدة يؤكد تلاشيها في النهاية وكأن القصد قد آل الى تنحية الالفاظ لافساح المجال امام مستويات الدلالة المنتظرة والمنفتحة على احكام لعبة المرايا وهي تعبث بخريف الرجل كلما اقتاده بحثا عن شتاء صغير السن  يبدو عصيا ومثبطا وهو يراهن على سراب تلك اللعبة

  .............

 القصيدة.....

............. فن بصري

  وانا اقود خريفي

 لابادله بشتاء صغير السن

 رايتك جالسة

 امشاطك تتراقص

 وجوارك مرآة

  في مرآتك : رايتني

 اقود خريفا اشيب

 وجواري

 امراة بجوارها مرآة

  في المرآة : ارى

 رجلا

 يقود خريفا

 وجواره امراة

 في حضنها

 مرآة

 في مرآتها

........

.......

....