Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

New Page 1

 المتقارب :

أفرده الخليل في دائرة المتفق ، فلم يذكر معه المتدارك كما يفعل العروضيون من بعده . وسمي هذا البحر متقارباً "لتقارب أوتاده بعضها من بعض لأنه يفصل بين كل وتدين سبب واحد فتتقارب الأوتاد". وقيل "لتقارب أجزائه لأنها خماسية ، وقال الزجاج لتقارب أسبابه من أوتاده".

وهو علي ثمانية أجزاء خماسية هكذا :

فعولن فعولن فعولن فعولن في كل شطر .

وله عروضان وستة أضرب :

أ‌.                   العروض الأولى : صحيحة سالمة "فعولن" ، ولها أربعة  أضرب :

1-             الضرب الأول : صحيح مثلها "فعولن" ومثاله قول بشر بن أبي حازم :

فأما تميمٌ تميم بن مر             فألفاهم القوم روبى نياما

وتقطيعه :

فأمما / تميمن / تميم ب / نمررن  فألفا / هملقو / مروبا / نياما

//ه/ه - //ه/ه - //ه/ه - //ه/ه - //ه/ه - //ه/ه - //ه/ه - //ه/ه

فعولن   فعولن   فعولن   فعولن       فعولن   فعولن   فعولن   فعولن

2-             الضرب الثاني : مقصور "فعول" ويلزمه الردف ، ومثاله:

            ويأوي  إلى  نسوةٍ  بائسات

            وشعث  مراضيع  مثل  السعالْ

وتقطيعه :

ويأوي / إلانس / وتنبا / ئساتن

                             وشعثن / مراضي / عمثلس / سعالْ

//ه/ه  - //ه/ه  - //ه/ه - //ه/ه

                                 //ه/ه - //ه/ه -  //ه/ه  - //هه

فعولن     فعولن     فعولن     فعولن

                                  فعولن     فعولن     فعولن     فعولْ

3-             الضرب الثالث : محذوف "فعو"، ومثاله:

وأروي   من   الشعر   شعراً   عويصاً

                                   ينسي   الرواة   الذي   قد  رووا

وأروي / من ششع / رشعرن / عويصن

                                   ينسسر / رواتل / لذيقد / روو

//ه/ه -  //ه/ه  - //ه/ه  - //ه/ه 

                                  //ه/ه  -  //ه/ه  - //ه/ه  - //ه

فعولن    فعولن    فعولن    فعولن 

                                    فعولن    فعولن    فعولن    فعو

وهذه الصورة هي أكثر صور المتقارب شيوعاً ، ولعل تفضيل الشعراء لهذه الصورة يرجع إلى الحذف الذي تعرض له الضرب ، والذي يكسب الوزن تنوعاً يبعده عن الرتابة ، كما نرى من الحذف في الرمل والقطف في الوافر .

4-             الضرب الرابع : أبتر "فعْ" ، ومثاله:

خليلي   عوجا   على   رسم   دار

                                خلت   من   سليمي   ومن   ميه

وتقطيعه :

خليلي  / يعوجا  / علارس  /  مدارن

                                 خلتمن  /  سليمي  /  ومنمي  /  يه

//ه/ه -  //ه/ه  - //ه/ه -  //ه/ه 

                                       //ه/ه -  //ه/ه -  //ه/ه - /ه

فعولن    فعولن    فعولن    فعولن

                                  فعولن    فعولن    فعولن    فع

وصف الدكتور إبراهيم أنيس هذه الصورة بالندرة وذكر أنه "لا يكاد يفخر بمثل واحد لهذا النوع من الشعر الحديث ، ويظهر أن شعراءنا المحدثين لم يستسيغوه أو لم يألفوه ، فليس بينهم من طرقه في شعره ، بل لا نكاد نظفر بقصيدة واحدة لشاعر قديم جاءت من هذا النوع ، وكل الذي عثرت عليه في أثناء جولاتي في دواوين الشعر قديمها وحديثها هو مثل واحد لا يزيد على عدة أبيات جاءت في الأغاني".

وقد حكم أغلب العروضيين على هذه الصورة بالندرة ولكنهم لم يبالغوا مبالغة الدكتور أنيس لأن رأيه لا بد أن يكون مدعوماً باستقصاء تامٍ للشعر العربي قديماً ، وهذا شئ على جانب كبير من الصعوبة ، وقد أورد الدكتور شعبان صلاح عدة أمثلة من الشعر القديم جاءت على هذه الصورة رداً على دعوى الدكتور أنيس. لكن الدكتور شعبان صلاح يعترف بندرة هذا الوزن حديثاً يقول : "ولكن عندما نتصفح الشعر الحديث ، لا نجد بالفعل من الشعراء المحدثين من نظم على هذه الصورة".

ب‌.             العروض الثانية : مجزوءة محذوفة "فعلْ" ، ولها ضربان ، وقيل ضرب واحد.

1-             الضرب الأول : مجزوء محذوف ، مثل العروض "فعلْ"، ومثاله:

أمن دمنة أقفرت                لسلمي بذات الغضا

وتقطيعه :

أمندم / نتنأق / فرت           لسلمي / بذاتل / غضا

    //ه/ه  - //ه/ه - //ه      //ه/ه - //ه/ه - //ه

فعولن فعولن فعلْ               فعولن فعولن فعلْ

2-             الضرب الثاني : أبتر "فع"، ومثاله:

تعفف ولا تبتأس        فما يقضي يأتيكا

وتقطيعه : تعفف / ولاتب / تأس        فمايق / ضيأتي / كا

//ه/ه  - //ه/ه - //ه     //ه/ه  - //ه/ه - /ه

فعولن     فعولن     فعلْ        فعولن     فعولن     فع

"وقيل إن العروض الثانية غير مسموعة من العرب ، وقيل إنه سمع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- قوله :

………               ويعلم ما في غده

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : لا يعلم ما في غدٍ إلا الله تعالي.

وإنكار العروضيين لهذه العروض له ما يسوغه ؛ فإن ما ورد عليها قليل ، بل يصل إلي حد الندرة ، والنماذج التي وردت عليه غير جيدة ، وهذا يرجع إلي طيش نغمته وتقطعها . ويعلق الدكتور عبد الله المجذوب علي بحر المتقارب فيرى أنه يكثر في المسرحيات الشعرية لا القصائد الغنائية ، يقول : "إن المعاصرين لا يكثرون النظم علي هذا الوزن اللهم إلا في المسرحيات الشعرية ، فوروده كثير ، والغالب علي المسرحيات الشعرية الضعف . وكاد الأستاذ علي أحمد باكثير يلتزمه في مسرحية "قصر الهودج" وهي ليست بجيدة . ولأحمد شوقي قصيدة بارعة من المتقارب لا أحسب أن المعاصرين نظموا شيئاً قبلها في بابها وهي    قوله :

ألا حبذا صحبة المكتبِ           وأحبب بأيامه أحبب

فإذا وصلنا إلي حازم القرطاجني نجد أنه تناول المتقارب تناولاً مقتضباً ، ولعل في ذلك دليل علي رضائه باشتقاق الخليل له يقول : "فأما ما تركب من الخماسيات الساذجة ، المتقارب وبناءِ شطره على "فعولن" مكرراً أربعاً نحو قول أعشى همذان :

تقادم عهدكِ أم الحلال.

وتقطيع الشطر :

تقاد / معهد / كأممل / حلالي

//ه/ - //ه/ - //ه/ه - //ه/ه

فعولُ  فعولُ   فعولن   فعولن

ولم يمثل حازم لباقي الصور التي جاء عليها المتقارب ، ولكنه نبه على إمكانية قد تقع فيه هو ومربع الكامل دون غيرهما ، وهي دخول القصر في عروضه . يقول : "وأما الذي يقع في الأعاريض ، فإن العروض التي يمكن أن تبني علي سبب متوالٍ أو وتد متضاعف إذا صرعت يسوغ أن يوقع فيها الكلم الذي التقي فيه ساكنان بالإدغام بعد المد فيكون الساكنان نهاية العروض ويكون مبدأ الشطر الثاني ثاني المتضاعفين . وذلك نحو عروض المتقارب وعروض مربع الكامل . وينبغي أن يسامح الشعراء في هذا وألا يضايقوا فيه حيث يكونون مضطرين إلى ذكر اسم قد لزمه التشديد بعد المد ، فإذا وجد مندوحة عن ذكر ذلك اللفظ بوجدان مرادف له وما يغني غناءه فينبغي له ألا يرتكب ذلك ولا يجعله سبيلاً إلى انتقاد نظمه مع إضلال ضالة العذر في ذلك.

ومثال ذلك ما ورد في "محيط الدائرة" من قول الشاعر :

ورمنا القصاص وكان التقاص   فرضاً وحتماً على المسلمينا

وعلق ابن رشيق علي هذه الصورة فقال : "وليس في جميع الأوزان ساكنان في حشو بيت إلا في عروض المتقارب ؛ فإن الجوهري أنشده وأنشد المبرد قبله البيت السابق . قال الجوهري : كأنه نوى الوقوف على الجزء وإلا فالجمع بين ساكنين لم يسمع به في حشو بيت".

والدكتور المجذوب يعد هذه الحالة من غرائب المتقارب يقول : "ومن غرائبه أيضاً أنه قد تجيء في وسط بيته كلمات من نوع "تحاب" ، "تضاد" ، "شواذ" وهذه لا يكاد يقبلها شئ من الشعر في وسط البيت اللهم إلا في جزء القافية مثال ذلك :

رمينا قصاصاً وكان التقاص       حقاً وحتماً على المسلمينا

وهذه رواية أخرى للبيت السابق لكنها لم تغير في تقطيعه . ثم يخطأ المجذوب هذه الرواية ويجعل العروضيين سبباً في ذلك ليستشهدوا بها علي هذه الحالة . يقول : "وأحسب أن رواية البيت الصحيحة "وكان القصاص" فغير العروضيون فيه ليستشهدوا به وهذا أمر لا يكاد أصحاب الشواهد يتورعون من مثله".

ونستخلص من حديث الدكتور المجذوب أنه ينكر هذه الإمكانية ويجعلها من وضع العروضيين . أما الدكتور شعبان صلاح فيجعل هذا البيت عارضاً من العوارض لا تثبت به صورة من صور المتقارب ، وهي عنده علة جارية مجرى الزحاف يقول : "ومجرد تصدي العلماء السابقين لتفنيد هذا البيت أو تسويغ ما حدث فيه ، فضلاً عن تفرده في هذه الظاهرة ، يجعله عارضاً من العوارض لا يصح أن تثبت به صورة من صور المتقارب ، فهو علة جارية مجرى الزحاف كما يقولون.

ولم يوضح لنا الدكتور شعبان صلاح كيف تكون هذه الإمكانية علة جارية مجرى الزحاف فالحق أنها إمكانية من إمكانات المتقارب ، وطريقة الإنشاد فيما أرى لها دور كبير في جعل الساكنين لا يظهران . وفي كلام حازم اعتدال حيث سوغ حدوثها ، لكن إذا استطاع الشاعر أن ينأى بنفسه عنها فلينأَ حتى لا يعرض نفسه لانتقاد أحد .