Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

حوار حول اللحظة العراقية الراهنة

مظفر النواب: هناك جهود غامضة تريد ان تتصدر الواقع الثقافي في المنافي

      ·   كتب: امجد ناصر وحسام الدين محمد:

 

مظفر النواب هو الشاعر الأكثر عمقا وتأثيرا في شعر العامية العراقية، والذي تربت على قصائده وأغانيه أجيال من العراقيين، فمظفر هو من أعطى هذا الشعر بصمة خاصة لا تزول. غير أن تأثير النواب الفريد هذا على شعر العامية العراقية لا يتفوق عليه إلا شهرته في العالم العربي في مجال الشعر ذي الموضوع السياسي، فلعل النواب لهذا السبب هو أكثر الشعراء العراقيين شهرة في العالم العربي، وهذه الشهرة العربية تأتت للنواب من صوته الأكثر جرأة في اختراق التابوهات السياسية، وهو الأمر، ان كان أعطاه مقبولية ومسموعية كبيرة، فقد افتأت عليه أحيانا من جهة اعتباره شاعرا سياسيا على المستوى العربي، او شاعر محكية على المستوى العراقي، دون الإنتباه الى محاولات له في تحديث الشعر من الداخل، سواء على مستوى الصورة او على مستوى اللغة، او على مستوى التحسس العميق للجانب الاجتماعي والثوري لدور الشعر.

اللقاء مع مظفر النواب هو لقاء مع تاريخ من الضمير العراقي، لقاء مع آلام وأحزان وآمال وأحلام لا تسكن ولا ترتاح. رغم حذره، لا يلبث النواب ان يسرح ويتأمل، صحيح انه لا يحاول ض كل المغاليق واجتياز كل السراديب، وهي كثيرة في الواقع العراقي، لكنه بعد نصف ساعة من المناورة الرقيقة أعطانا جزء من ثقته.

والنواب، كأغلب الشعراء العرب، مغرم بالمتنبي، لكنه لا يجعلك تشعر أنه ممتط حصان تعال وتشوّف. نظرته أقرب الى الحزن والحنو الأبدي، ذو دمعة سخيّة كما يقولون في التعبير الشعبي، لا يكاد يقرأ قصيدة من قصائده إلا وتنثال دموعه. التقينا بالنواب في مقهى في مجمع "وايتليس"، ولم تستطع الضجة المحيطة ولا صوت الشاعر الخافت ان يمنعا حوارا ذا نكهة نوابية خاصة.

 

      ·   ما نأمله من هذا اللقاء هو أن نتحدث حول اللحظة العراقية الراهنة سواء تعلق الأمر بالثقافة الوطنية ودورها، أو ما يتعلق بالمعارضة والقوى والجسم الثقافي العراقي في الخارج. أنت تعيش في العالم العربي وزرت المغرب العربي أكثر من مرة ولابد انك لاحظت ان قسما كبيرا من الشارع العربي ليس مع العراق فقط بل يؤيد صدام حسين ايضا. كيف تشرح لنا هذا الأمر؟

- أعتقد ان هذا عائد الى كون الثقافة العربية مغلوبة والجسم الثقافي مغلوب لاسيما في أوساط المثقفين، فأي انسان تقدمي بشكل عام لا يمكن أن يوافق على أي شكل من أشكال الإستبداد او الأنظمة الدكتاتورية ومن هنا لا يجوز الخلط بين الشعب العربي والأنظمة. هذا الأمر لابد من جهد للخلاص منه.

ان أغلبية المثقفين العراقيين المعروفين هم خارج وطنهم وهذا ينطبق على كافة الأقطار العربية فكيف يمكن الإقتناع بأي نظام مثقفوه خارج الوطن، بل ان هناك ثلاثة ملايين عراقي موجودون خارج وطنهم. هذا شيء والوقوف مع الشعب العراقي ضد أمريكا شيء آخر انهما قضيتان لابد من التمييز بينهما وهذا يفيدنا لوضع مقياس لأي بلد عربي والا سيكون تبريراً لأي وضع في أي بلد عربي آخر.

 

      ·   إذاً ماذا على الثقافة العراقية أن تفعل لإزالة الالتباس والتمييز بين النظام وبين العراق نفسه كبلد وكقضية، هذا فضلا عن كون كلمة معارضة عراقية بالنسبة للعرب او لقسم منهم تبدو وكأنها استتباع لحرب الخليج. ماذا يمكن للثقافة الوطنية العراقية ان تفعل للتمييز بين هذين الأمرين؟

      ·   هذا يعود لانعدام منبر للثقافة العراقية يعبر عن الشيء الحقيقي الذي يريده الشعب العراقي. هذا شعبنا الذي عشنا معه ونعرف آلامه وأحزانه وطموحه والمضحكات والمبكيات فيه. لا يوجد منبر يعبر عن الثقافة العراقية بشكل صحيح. التشرذم السياسي ينعكس سلبا على الوضع الثقافي والمفروض ان الثقافة تسحب السياسة وراءها، وأنا أعتقد ان حصننا الأخير هو الثقافة العراقية وإذا تمت هزيمتنا عسكريا خلال الصراع العربي الإسرائيلي واجتماعيا حيث ان كثيرا من القيم والمفاهيم السائدة الآن من الإحباط الى الإنكسار الى اليأس تصب لصالح العدو، فبقيت عندنا الثقافة كموقع أخير وخندق أخير وليس من السهل هزيمة ثقافة أمة. أتذكر قولا للوكاش: "قد تخطئ حركات وأحزاب ولكن على المثقف ان يرفع صوته عاليا بوجه هذا الخطأ"، فأحيانا يعبر صوت مفرد عن أماني شعب أكثر مما تعبر عنه قوى سياسية. بالنسبة للمثقفين للعراقيين المطلوب تشكيل كتلة مهما تنوعت أبعادها السياسية يجمعها هاجس موضوعين: ان البلد معرض الى التقسيم والاحتلال الخ… من جهة والدكتاتورية والقمع من جهة ثانية، هذان الشيئان مترابطان والفصل بينهما خطأ، وهذا الذي حصل في الشارع العربي حيث حصل فصل بين قضيتين، لذلك إذا تعرض أي شعب عربي آخر لنفس الوضع فسنقع في الخطأ نفسه.

 

      ·   هذا يجرنا للحديث ايضا عن موضوع طرح بشكل متزايد بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 يقول بفصل الثقافي عن السياسي لان السياسي هو الذي أوصل الحياة العربية الى هذه المهاوي وعلى الثقافي ان يعتصم بوضعية خاصة به، فللثقافة حقل وللسياسة حقل آخر، والشعر والأدب والقصة والرواية حقول تعبيرية لا علاقة لها بالسياسة ولهذا ينبغي أن تفصل هذه الأنشطة التعبيرية عن السياسي لأن لها حقلها الخاص. فما رأيك؟

      ·   هذا يعتمد على ماذا نعنيه بكلمة سياسي. بالنسبة لي السياسة تعني رؤية للعالم. الايديولوجيا ليست فقط قوانين وضوابط بل هي رؤية شاملة للعالم، فاذا كانت بمعنى الرؤية الشاملة للعالم، لا يمكن للفنان آو الكاتب آو الرسام ان يكون بدون منظور وبالتالي بدون سياسة بهذا المعنى، أما السياسة بمعنى الديماغوجية والسياسة بمعنى خداع الناس والسياسة بمعنى المصالح الخاصة فهذا الذي يجب ان ينبذه المثقف وراءه ويتركه.

 

      ·   نشرنا في "القدس العربي" قبل فترة قصيرة بيانا وقعت عليه مع نخبة من المثقفين والشعراء العراقيين، وقد ترافق هذا مع لحظة محددة من الحياة السياسية العراقية هي لحظة اجتماع قسم من المعارضة العراقية في نيويورك. في هذا النداء طابع استنهاضي وإنقاذي. هل لك ان تشرح لنا قليلا ما أردتم قوله في هذا البيان؟

      ·   التاريخ المنظور من الواقع العراقي ارتبط بأسماء معينة من الكتاب والفنانين في مختلف المجالات سواء في الفنون الكتابية آو الفنون التشكيلية آو الموسيقى. كان التيار العام للحركة الثقافية في العراق تيارا تقدميا رافق معارك الشعب كلها ولم يكن بعيدا عنها. إذا أخذت أي اسم من أسماء الشعراء المعروفين آو التشكيليين آو الموسيقيين المعروفين ترى ان لهم علاقة بالجو العام للبلد حسب المراحل، محاربة الاستعمار البريطاني ثم النظام الملكي ثم الدكتاتورية، لم يكن بعيدا عن كل هذا وكان هذا ملهما للجماهير في الحقيقة. كان المثقفون يلعبون دورا أساسيا في قيادة الجماهير، وكذلك الحركة الطلابية أيضا كانت تلعب دورا في قيادة الجماهير. ان أي دعوة للفصل بين حياة الشعب وأمانيه -إذا لم نرد ان نسمي ذلك سياسة- وبين المثقفين والمفكرين والفنانين هو دعوة للهزيمة في الحقيقة، دعوة للاستسلام للاحباطات. النداء يأتي من أن مجموعة من الكتاب الذين لهم ماض ويعرفهم الشعب العراقي لاستنهاض الحركة الثقافية العراقية للوقوف في وجه المخططات الأمريكية من جهة والقمع والدكتاتورية من جهة أخرى، وهذان أمران متلازمان ومترادفان. أيضا هو نوع من الرد على جهود غامضة، تحاول ان تتصدر الواقع الثقافي العراقي في المنافي خارجا. أسماء أحيانا غريبة واسماء ارتبط قسم منها بالنظام.

 

      ·   كأشخاص أم كبنى؟

      ·   كأشخاص. ليس لدي أي تردد في قبول تعدد المنابر الثقافية وتعدد المنابر السياسية. لدي شرطان أساسيان: واحد منهما هو أن يكون من ضمن هذا التاريخ ولا يكون منفصلاً عن تاريخ الشعب العراقي، وأن لا يرتبط بأي قوى خارجية سواء أمريكية آو غيرها بل يكون مرتبطا بمصلحة الشعب العراقي ومصلحة الأمة العربية.

هناك دعوات الآن أسمعها من بعض العراقيين الذين كانوا من أشد دعاة القومية وصاروا يقولون الآن ما لنا والعرب والقومية، ما يهمنا هو العراق. بالنسبة لي هذا الموقف لا أقره وما يزال لدي القناعات نفسها التي كانت موجودة لدي منذ كنت في العراق، والفترة التي تنقلت فيها في البلدان العربية واعتقد بوجود ترابط، وخاصة ان العالم أصبح عالم كتل هذا اليوم.

 

      ·   ما دمنا في صدد هذا الأمر، وتكلمت الآن عن أشخاص، هناك تشكيلات في الخارج ومسميات عديدة تتحدث بإسم الثقافة العراقية، ما رأيك بهذه المسميات؟

      ·   كنت في لقاء دعيت له في رمضان للافطار. كان هناك حشد من مختلف الاتجاهات العراقية وكان بينهم بعض الأشخاص الذين كانوا من قادة انقلاب شباط 63 الدموي في العراق، وإذا بصيغة شرف مكتوبة، تقول اننا نحن الموجودين هنا والمجتمعين نلتزم إذا حصل تغيير ديمقراطي في العراق ان ندافع عن الديمقراطية. كان بيان شرف. التزام اخلاقي…

 

      ·   هنا في بريطانيا؟

      ·   لا، في بلد ما…. صفنت في الموضوع وقلت جملة واحدة: ان هذا منوط بتاريخ كل انسان. ليس هناك بيان شرف "على الفاضي آو على الهواء". أنا أعرف كثيرا من الناس يلتزم الواحد منهم عندما يكون خارج السلطة، ولكن عندما يصبح داخل السلطة يصبح جلاداً. إذاً هناك تواريخ. أنا لست ضد تعدد المنابر ولكن بشرط ان لا يكون فيها جلادون كانوا الى الأمس القريب يذبحون الشعب العراقي أو ضدي آو عندما يعطوه مسدسا يصبح شخصا آخر. هذا الذي أطرحه والذي يحصل فيه هذا الجانب. لا يكفي جمع أي عدد من المثقفين خصوصاً وجود أسماء غير معروفة نهائيا ولأول مرة أسمع بها، هذا لا يصير، هذا يصبح لعبا. إذا كنا جادين في تأسيس حركة ثقافية للدفاع عن الديمقراطية وللدفاع عن استقلال البلد وللدفاع عن عدم تجزئة البلد فأنا مع كل هذا، يجب أن يكون ذلك مبنيا على تاريخ، على أسماء معروفة، على أبعاد واضحة وهذا إذا انضمت إليه وجوه سوداء فأن مع الشعب العراقي سيفقد الثقة بكيانات فيها أسماء من هذا النوع.

 

      ·   صدرت بيانات كثيرة من هذا الطراز ولم يعقبها أي ترجمة فعلية. هل هذا البيان سيكون واحدا من عديد البيانات التي كتبها المثقفون العراقيون ووقعوها أو سيعقبه فعلاً جوانب إجرائية؟

      ·   والله هنالك جهود الآن. أنا لا أستطيع ان أقول لم ما الذي سيحصل. الواقع العراقي فيه الكثير من المآسي والتشرذم والضياع وناس في الشرق وناس في الغرب في كل بلدان العالم، ولتنظيم اجتماع لهؤلاء الناس في بلد معين فإنهم يحتاجون لتأشيرات وبطاقات سفر. هذا فيه عقبات كثيرة ولكننا نبذل الجهد لتأسيس شيء، وإذا استطعنا تأسيس اللبنات الأولى فهذا شيء عظيم. لا أدعي أننا سنعمل المعجزات ولكنني أعرف طبيعة المثقفين الذين كانوا معنا في العراق أيام كنا هناك. هؤلاء الناس لديهم همة وحتى في أشد حالات الانكسار تحس أنك عندما تقول لهم ان هذا للدفاع عن بلدك يندفعون. وهناك ناس تعرف المآسي التي تعرض لها الشعب العراقي، ناس تعرضوا للموت ولم ينكسروا ولم يتراجعوا وهناك أمثلة. هي محاولة وأين ستمشي لا أعرف.

 

      ·   تسعون، مثلاً، لتأسيس اتحاد آو جبهة؟

      ·   ليس تأسيسا جديدا، هناك أسماء موجودة في تاريخ  الاتحاد منذ ثورة تموز. أسماء ناضلت منذ العهد الملكي والعهود التي قبلها كالجواهري رحمه الله. بقي قسم من هذا الجيل الذي يستطيع أن يصون الكثير من القضايا لأن الأجيال التي جاءت وراءه تعرضت للتبديد بسبب المآسي والمجاعة والحصار والدكتاتورية والقتل المستمر.

 

      ·   هل تعتقد بوجود ثقافة عراقية في الداخل والخارج؟

      ·   الثقافة العراقية في الداخل والخارج تتمم بعضها بعضا. هناك ثقافة عراقية واحدة لأنه هناك تاريخ مشترك. ربما كان الموجودون بالداخل أكثر معاناة فهم يعانون من ظروف ليس من الضروري أن نتحدث عنها، والذين في الخارج لديهم أيضا معاناتهم وأبدا وليسوا مرتاحين اطلاقا. بالنسبة لي في العراق ليس هناك راحة.

 

      ·   هل تعتقد ان الجهود المبذولة الآن من المثقفين العراقيين لرفع الحصار عن العراق آو المناداة برفع الحصار عن العراق كافية برأيك أم أنه يجب ان يكون هناك جهود أكثر؟

      ·   لا يا سيدي. بقدر ما تتصاعد الجهود يجب ان نكون معها. لكن دون الفصل بين المسألتين، يعني دون الانفصال عن الديمقراطية، فعندما لا يكون لديك صحافة ولا يكون لديك منابر ولا قوى سياسية وليس لديك حرية لأن تمشي في الشارع… ماذا تستطيع أن تفعل.

لقد دعيت أكثر من مرة لزيارة العراق، فقلت لهم: أنا ليس عندي أي مطالب شخصية والقضية لا تتعلق بي فرديا بل بقضية شعب، وعندما يصبح بإمكاني أن أدخل العراق وأعود منه وأمشي فيه ولا يتعدى عليّ من قبل شخص غير مثقف بمجرد ان يقال له اعتد على فلان فلا مانع عندي من زيارته غير أنه إذا لم يحصل ذلك لست مستعدا أن أتنازل عن كرامتي من أجل هكذا زيارة.

 

      ·   كان الشيوعيون يستخدمون قولا منسوبا لعلي صالح السعدي حول وصول سلطة شباط بقطار أمريكي، وبإعتبارك أحد الذين عاصروا تلك الفترة.. ما هي حكاية هذا القطار؟

      ·   انتبهت الى النقاشات الحاصلة حول هذا الموضوع في "القدس العربي" وقد ورد ذكر اسمي، وأريد أن أوضح هذه المسألة: لقد كنا أنا وعلي صالح السعدي نعرف بعضنا منذ أيام النضال ضد الحكم الملكي، حيث كنا نناضل سوية أيام بناء الجبهة الوطنية في العراق الى ان سقط النظام الملكي. كنا صديقين، وكنا زميلين في دورة ضباط واحدة. ثم هربت الى إيران ثم سلمتنا ايران ثم هربت الى … هذه قصة طويلة، الى ان بدأت عملية الكفاح المسلح في الأهوار ثم جاءت السلطة الحالية فتوقفت كل القضايا لسماع ماذا تريد أن تطرح هذه السلطة وبنيت جبهة وطنية بين السلطة وقسم من الشيوعيين…

 

      ·   الحزب الشيوعي الرسمي-اللجنة المركزية…

      ·   نعم "اللجنة المركزية"… علي لم يحك لي هذا الأمر فقط، بل ان هناك كراسا أصدره علي صالح السعدي، هذا الكراس أنا شاهدته ووصلني الى السجن ويذكر فيه ببداية الكراس هذه الجملة: " جئنا بقطار ماكينته امريكية".

 

      ·   ما الذي يقصده بهذه الجملة؟

      ·   المقصود انه كان مخدوعا بالعملية. وان من يقود هذا الانقلاب كان ضمن تيار أمريكي. حتى قال انه لم يكن بإمكاني ان أعترض لأنني كنت سأصفّى.

 

      ·   ما الذي عدا مما بدا، الأمريكان الآن يريدون رأس النظام وهم يحافظون على معارضته؟

      ·   الأمريكان يريدون رأس الشعب العراقي وليس رأس النظام. لقد شاركت في الانقلاب انتقاما من شعب تحرر وخرج عن الطوق الأمريكي والبريطاني فقد قال السفير الأمريكي في البي بي سي أثناء مظاهرات العمل في أول أيار: مليون شيوعي يتدفق على العاصمة العراقية ولابد من إعادة الحصان الجامح الى الإسطبل. هذا ما قالته الاذاعة بالضبط. كما ان سفيرا امريكيا كان آخر سفير قبل الثورة قال في مذكراته: "نحن لا نقبل بأقل من أن نعيد تمثال نوري السعيد الى شوارع بغداد".

 

      ·   برأيك ألا يعني هذا أيضاً ان هناك سببا آخر، وهو ان النظام نفسه تقاطعت مصالحه وما يريد آنذاك مع المصالح الأمريكية وعندما صار لديه تعارض مع المصالح الأمريكية أرادوا ان يقطعوا رأسه مع رأس الشعب العراقي، ألا يجوز ذلك؟

      ·   من هذه الزاوية أقول: نظام لا يرتبط بشعبه لا يمكن أن يصل لمكان. لا يمكن ان ينتهي إلا الى الهلاك والدمار.

 

      ·   وما هو رأيك بالنسبة للمعارضة الحالية التي تنسق مع الأمريكان؟

      ·   "اللي يروحون ليستنجدوا بأمريكا هذوله ما هم معارضة". أنا ضد كل ذهاب الى أمريكا. امريكا تلعب على كل الأوراق. سواء من كانوا في السلطة آو في المعارضة. وهذه هي اللعبة الخبيثة التي تمارسها السياسة الأمريكية للهيمنة وللسيطرة… لتقسيم العراق ولخدمة قاعدتهم ولخدمة قاعدتهم الموجودة في اسرائيل.

هناك معارضة حقيقية عندها أبعادها وعندها ناسها وعندها ناسها وعندها امتداداتها في الداخل. هذه قضية أخرى يراد لها لـمّ شمل والتسامح في بعض القضايا التي مرت، نتيجة الصراعات التي حصلت سابقا.

 

      ·   التسامح بين أية جهات؟

      ·   بين جهات المعارضة السليمة التي لم تذهب لأمريكا، وأنا اسميها لأنها لم تذهب لأمريكا.

 

      ·   هل تعتقد ان عدم ذهاب هذه الأطراف من المعارضة الى امريكا هو نتيجة موقف مبدئي أم نتيجة توازنات سياسية معينة حاليا؟

      ·   لم تذهب نتيجة قناعة. هناك نوع من الضياع والإحباط عام، ولكن هناك أناس واعون للمسألة ولديهم نفس الرأي الذي أقوله الآن، سواء كقوى سياسية آو كأفراد مستقلين، وهو انه لا يمكن ان تستجير من الرمضاء بالنار.

 

      ·   أين إذاً برأيك يمكن ان نقع على الرأي الصحيح آو الصوت السليم؟

      ·   الرأي السليم آو غير السليم نستطيع ان نتبينه من الطروحات المطروحة. يعني لا نستطيع ان ندخل الى النيات. هناك غياب للمنابر وللصحافة. بالنسبة للصحافة العربية بسبب الوضع الاقتصادي وهجرتها من بلدانها وحيث انها تطبع في بريطانيا آو فرنسا آو أي مكان آخر وهي مضطرة بشكل من الأشكال -أردنا ذلك أم لم نرد، من أفضل الصحف الى أسوأها- ان تعتمد على نظام ما، على مساعدات من نظام. هذا يفقدها جانباً كبيراً من حريتها وحركيتها وطموحها الخ… وإذا أدنتها يقولون لك: كيف تعيش؟ وكيف أمشي جريدتي؟ لقد سمعت ذلك كثيرا من صحافيين أعرفهم، أصدقاء لي، عندما أحتج على موقفهم من النظام العراقي يقولون لي: اذا هاجمنا العراق هل تستطيع أن تدافع عنا؟ هل تستطيع ان تمولنا؟

 

      ·   كيف ترى انعكاس القضية العراقية في الجرائد العربية، هل تراها منعكسة بشكل جيد؟ منحازة؟ هل لديك تصور معين؟

      ·   هناك بعض الصحف المنحازة، ولا أريد أن أذكر أسماء، لأنني أعرفها وأعرف مصادرها وأعرف أصحابها. وناقشت قسما من مسؤوليها. قسم آخر يحاول ان يقيم توازنا ولكن أحيانا يضيع الانسان. مثلا جاءت إليّ احدى القنوات الفضائية تريد ان تجري لقاء معي. قالوا يمكنك ان تتكلم عنا وتقول كذا وكذا. قلت ليس عملي ان احكي ضدكم، ولكنني أعرف طبيعة الطروح التي تطرحونها فهي ليست من طبيعة تحريض العقل والفكر كي يتحرك بل هي تضييع. هناك فرق بين التضييع والتشتيت وبين ان تضع الناس على طريق على الأقل فيه اضاءات. هناك فرق كبير.

 

      ·   في الأمسية التي أحييتها في غاليري "آرك" طرح موضوع شعر العامية العراقية حيث اعتبر البعض ان شعرك الفصيح أهم من شعرك العامي. هناك رأي ضمن المثقفين العراقيين يقول ان مظفر "الريل وحمد" هو مظفر الحقيقي؟

      ·   أنا أجد نفسي في المكانين. هناك قضايا يجب ان تطرح بالشعر الفصيح وقضايا تطرح بالعامية. كما قلت قبل قليل انه يهمني الترابط بين الواقع العربي والواقع العراقي. القضية الفلسطينية يمكن الحديث عنها بالعامية ولكن بالفصحى ستكون مفهومة أكثر لجماهير أكثر. يعني، هذا رأي المثقفين العراقيين، وما أعتقده أنهم يفكرون ضمن اصطلاح معين، أعتبر نفسي خارجه.

 

      ·   هل تعتقد ان هذا يعتبر اقصاء لك مما يمكن ان يسمى حركة الحداثة الشعرية العربية، حيث انك الشاعر الأول في الشعر العامي، أما بالعربية الفصحى فإنك خارج تصورهم للكتابة؟

      ·   أنا قلت انهم يعتقدون ذلك، وهذا اعتقادهم الخاص ضمن اصطلاح معين. هناك تيار عام يدعي الحداثة. الحداثة ليست ان اجلس وأقول لك أريد أن أصبح حديثا وأقعد أكتب. الحداثة هي فهم معطيات العصر العلمية والاطلاع عليها. الحداثة هي فهم نبض الناس اليومي. الحداثة هي الشعور بمشاعر الجماهير. الحداثة ان تكون على المام باللون والموسيقى والفلك وكل هذه القضايا. الاختمار بهذه القضايا هو ما يصنع الحداثة التي تفرض نفسها على الشاعر. وبعد ذلك يمتلك العمل ويشتغل عليه. هناك تيار يدعي الحداثة وثقافته تعتمد على كتاب آو كتابين، خصوصا الاعجاب بالمدرسة الألسنية التي بدأت تغيب في الغرب في الوقت التي بدأت تشرق فيه عندنا. الحداثة هي أن أنجز أنا من خلال شعبي وأدواتي ومن مسائلي اليومية، مثلا في العامية العراقية أنا أستعمل اليوميات العراقية، المادة التي يستعملها الفلاح العراقي حتى أبني صورة. لا أستطيع استحضار صورة من الغرب وأقوم بتدجينها لأجعلها عراقية آو عربية. هذه ليست حداثة. فكما قلت هذا التيار لديه اصطلاح معين آو فهم معين للحداثة ضمن هذا الاطار. أنا خارج هذا الاطار. أنا أقوم بعمل الحداثة التي أفهمها والتي لها علاقة بشعبي. الحداثة التي ليس لها علاقة بشعبي أنا لا أعتبرها حداثة. قسم يقول لك أنا سوف يتم فهمي بعد قرنين. أنا أريد أن أفهم الآن حتى يحدث تغيير.

 

      ·   هل ما زلت تكتب شعر العامية.

      ·   ما زلت أكتب.

 

      ·   لكننا منذ "الريل وحمد" لم نقرأ لك عملاً.

      ·   صدر كتاب آخر لكن بعدد قليل من النسخ. نشرت قصيدة واحدة طويلة، لكنني أكتب بكثرة.

 

      ·   تراوحت بين أشكال عديدة من التفعيلة وقصيدة العامية، وبين القصيدة التقليدية. في الفترة الأخيرة كان لديك عودة أكثر للتقليدي.

      ·   ان تستعمل القافية والوزن لا يعني انك صرت تقليديا. هذه أدوات. القافية بالنسبة لي هي أداة استخدمها عندما أريد ضربات موسيقية، كما يستخدم الموسيقي، ولنقل بيتهوفن مثلاً "ضربات القدر" في موسيقاه، لما أريد أن أستعملها، وعندما لا أريد لا أستعملها.

 

      ·   لكنها تستجلب معها تصورا، لغة خاصة، نوعا من المجازات مختلفة عن المجازات التي تستجلبها معها قصيدة التفعيلة حتى عندك أنت شخصيا، يعني كأننا أمام مظفرين لا أمام مظفر واحد، مظفر ذو الشطرين ومظفر التفعيلي.

      ·   "وتريات ليلية" مطبوعة، و"المساورة" مطبوعة. "المساورة" و "الوتريات" هناك ايقاع (تفعيلة) وفيه قافية ولكنها مستعملة في الأماكن التي أريدها، أن تأخذ من القديم الأدوات التي استعملها القديم وتشتغل عليها وتطور أنا مع هذا. لا يوجد شعر يبتدئ من الصفر من العدم، لا يمكن التراث تراث، بشرط أن لا يخضعني لقيمه، أن أسخر قيمه، أن أشتغل عليها. نزار قباني -الله يرحمه- حكى عن تفجير اللغة، ما معنى تفجير اللغة؟ أي لغة؟ أنت ستكتب بها، فكيف ستفجرها؟

 

      ·   ما رأيك بالبياتي؟

      ·   أعفني من رأيي في الشعراء!

 

      ·   ما رأيك بتصور سعدي يوسف للشعر العراقي؟

      ·   سعدي شاعر من شعراء الحداثة المهمين جدا وعنده فراسة بلا شك. عند سعدي بناء معماري للقصيدة مثل قصيدة "القلعة" آو قصيدة "الجواهري" وقصيدة جديدة عنوانها "الملكة". لديه بناء، شاعر يمتلك البناء هو شاعر مهم، الريادة في القصيدة قضية مهمة جدا، اضافة الى ذلك الرجل ظل محافظا على موقفه من قضايا الشعب العراقي. الحداثة عنده لم تكن مثل كثيرين من مدعي الحداثة انها الانفصال عن الشعب وبناء خيالات وصروح من الخيال. انه شاعر مهم من شعراء الحداثة.

 

      ·   في مقابلة أخيرة مع نازك الملائكة أثارت مجددا قضية الريادة في الشعر الحديث، وقالت لمن قابلها: لا تصدق البياتي والسياب أنا التي بدأت حركة الحداثة. ما رأيك بهذا الموضوع القديم الجديد؟

      ·   النقلة بدأت بإرهاصات قبل البياتي والملائكة والسياب، ولكن بدر هو المتميز. نازك لديها نتاجها وعبدالوهاب لديه نتاجه، ولكن الذي بنى القصيدة والذي جعل لها جسما وبناء وهيكلاً هو السياب.

 

      ·   يمكننا اعتبار شعرك العامي نوعا من الفضيحة لشعراء "الحداثة" الذين تذكرهم، فهذا الشعر انتشر ضمن كافة فئات الشعب العراقي، بل انه جاوز حدود العراق رغم صعوبة فهمة، الى من يحبون الشعر، فكأنك قمت بهذه المعادلة الخاصة بحل معضلة العلاقة بين الشاعر والمتلقي؟

      ·   أشار سعدي يوسف في المقدمة التي ألقاها في الأمسية الأخيرة الى هذا الجانب بوضوح، وذكر جملة كتبها ربما عام 1959 عندما نشرت "للريل وحمد" لأول مرة، قال فيها: ان شعرنا العربي تزحف عليه كوزموبوليتية مقيتة (العالمية التي ليس فيها هوية)، وهذه القصيدة -يقصد "الريل وحمد"- زهرة نادرة في بستان شعرنا العربي، وأنني أضع جبين شعري على طريق "الريل وحمد".

 

      ·   ما رأيك في المسألة التي أشرنا إليها، حول عدم امكان الشعر على الإيصال؟

      ·   الشعر القادر على الوصول يؤدي لأزمة ربما لدى الشعراء غير القادرين على ذلك، بعض الناس حكوا عن الحداثة ولكن شعرهم غير حداثي. أحد هؤلاء (س من الناس) كتب قصيدة لا تفهم، ولما صار نقاش حولها، حيث قال بعض المثقفين: نحن أناس دارسون وعارفون وقد وجدنا ان قصيدتك هذه لا تفهم، فقال: بمقدار ما لا تفهم هي قصيدة!

 

      ·   هل المحفز السياسي لديك أقوى من المحفزات الأخرى للكتابة؟

      ·   السياسي؟

 

      ·   لنقل الوطني آو الوجداني؟

      ·   أي شيء يتعلق بالإنسان، بقمع الانسان، بحزن الانسان، بسعادته أنا معه، أنا عاطفي من هذا الجانب، عاطفي حاد، بسبب تربية بيتية، بسبب نفي متواصل، العائلة منفية كلها أساس، عانينا من النفي لزمن طويل، ما يؤلم الانسان يؤلمني بشكل ممض وليس بشكل عادي.

في قصيدة "ادم حاتم" التي ألقيتها مؤخرا… آدم حاتم رأيته في مدن عديدة، تلاقينا بالصدف، كان يعتقد انه عندما ترك العراق انه طلع الى الجنة من الجحيم ولم يدر انه في الخارج جحيم أكبر، فتعذب… وفي النهاية أخذ مجموعة من الحبوب وانتحر منهيا حياته. قصيدة ادم حاتم" كتبتها في جو حاد. بمقدار تأثري بموت آدم حاتم الذي مات في ريعان شبابه حيث كان عمره 35 عاما عندما مات. ما مرة ألقيت هذه القصيدة إلا وبكيت ولم أستطع تمالك وضعي ولا يحصل هذا بإرادتي حيث أتذكر الجو الذي عشناه وطبيعته الخ…

 

      ·   أنت ميال دائما الى الحزن، ودائما تجهش بالبكاء، فهل هذه خصيصة عراقية أم نوابية؟

      ·   هذا هو الشعب العراقي. تاريخ من الحزن ومن القتل ومن الدموع وأفراح صغيرة قليلة، لذلك الفرد العراقي يستثمر اللحظات القليلة من الفرح فيشرب الى حد الثمالة الى ان لا يعود يرى الدنيا.

 

      ·   منشأك الأول ماركسي، ثم كأنك أصبحت في فترة من الفترات قوميا أو طغت عليك نزعة قومية، ثم في فترة أخرى أحسسنا بلمسة دينية؟

      ·   هذه العناصر كانت موجودة كلها منذ البداية. بيتنا كان مسرحاً لمواقف كربلائية تمثل فيه قصص الحسين وترفع المشاعل والنساء يبكين من الطوابق العليا، كتل سوداء من الناس، كل هذا يؤثر. موقف الحسين في كربلاء… هناك قصيدة "الوقوف بين السماوات" ألقيتها في الكوفة. أنا لم أكتب من جو ديني، بل كتبت بجو شخص حاول ان يغيّر آو يقف بوجه الظلم في عصره فحاصرته كل الظروف. أنا هذه الشخصيات التي من هذا النوع أحبها. أحب غيفارا لأن عصره حاصره، أحب لومومبا لأن عصره حاصره، أحب الامام علي لأن عصره حاصره، وأحب الحسين وأبو ذر الغفاري، والقضايا القومية لم تكن بعيدة عني وانفعالاتي في كل قصائدي ومنذ البداية كان هناك تمازج بين هذه القضايا واعتقد ان ليس هناك فواصل بين ما هو قومي وماركسي وصوفي، دون ان أدخل في الطقوس، فأنا لست طقوسيا. الصوفية فيها حدان، حد فيع تماس مع أسرار الوجود الذي هو ضرورة والجانب الثاني هة الصراع الذي خاضه الحلاج ضد السلطة، هذا التصوف هو الذي يغريني.

 

      ·   هل لديك مراجعة للفكرة الماركسية نفسها بعد الذي حصل في هذا العالم، ثم ما الذي بقي من هذه الأفكار التي قاتلنا من أجلها؟

      ·   هناك فرق بين الماركسية كنظرية لفهم العالم وبين تطبيقاتها التي حصلت وفشلها. مثل كل النظريات في العالم مثل كل الآراء/ من سقراط وافلاطون… هذه فلسفات عظيمة وناس وضعوها وتعبوا عليها والرجوع اليها ومناقشتها من جديد وتطويرها شيء ضروري، والماركسية أيضا. ماركس كان يقول: هذه أحجار الزاوية ويطلب من الكتاب ان يستخدموها… انجلز في "جدليات الطبيعة" يقول ان ماركس كان يقول انه يجب حساب أي مكتشف حقيقي علمي جديد في تطوير الماركسية وهذا مع الأسف لم يحصل. صار نوع من العقم في مرحلة تاريخية معينة. هذا العقم الذي صار… هذه البيروقراطية بسبب هذا العقم. عقم فكري أعقبه عقم سياسي. هذا هو العامل الأخطر في الانهيار الذي حصل.

 

      ·   قبل قليل، عندما حكينا عن شعر الحداثة، قلت انك لا تقبل ان تأتي بشيء غربي وتهجنه لتصنع حداثة. أليست الماركسية منتجا ثقافيا غربيا، فكيف يمكن الفصل بين هاتين اللحظتين؟

      ·   قلت: لا أنقل الغربي وأعتبره تطويرا شعريا. بالنسبة للماركسية عليّ أن استخدمها لأطور هذا بشكل يلائم واقعي، وآخذ منها ما أستفيد منه وأترك ما لا علاقة له بي، وهذا يتعلق بالأدب والفن والرسم أيضا. أنا لست ضد الغرب كحضارة وفكر. هناك أساطين مهمة جدا بيتهوفن وماتيس وبيكاسو وغيرهم. من غير المعقول ان أتصدى لكل هذا وأقول ان هذا كله لا أريده. أتفق مع مقولة لغاندي يقول فيها: اسمح لكل ثقافات الشعوب بالدخول الى بيتي من كل الشبابيك شرط ان لا تجتاحني كعواصف.

 

      ·   انت رجل له علاقة خاصة جدا بالقضية الفلسطينية كتابا ونضالا ومواقف، فهل ترى انه يمكن لنا ان نتعايش مع اسرائيل؟

      ·   لا أعتقد بهذا اطلاقا. وكلمة اطلاقا أقصدها كما أقولها بالضبط. اسرائيل كيان مزروع لأهداف معينة. انها ليست شعبا ولا هو أمة وليست من نتاج هذه الأمة، لقد فرضت علينا وفرضت بإذلالنا، ولا يمكن التعايش مع شيء قادم ليذلك ويحتلك ولديه مخطط لك. ما نراه الآن هو جزء من هذا المخطط. هذا الاخضاع للوضع الفلسطيني ضمن ما أسميه بنظام البلدية… قلت في قصيدة لي ألقيتها مؤخرا ان اسرائيل أعطتنا مكاسب لا ترى بالمجهر.

 

      ·    المصدر: جريدة القدس العربي، لندن - العدد 3348 - الثلاثاء 15 شباط (فبراير) 2000 - صفحة أدب وفن (10).