Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

العودة للصفحة الرئيسية

الجزء الخامس

نقول أن أركان الطريق عند الصوفية هى أربعة أو خمسة إذا أضفنا الشطحات .

الاول : هو الشيخ : وهذا الشيخ أو المرشد كما يسمونه هذا ركن أساسى عندهم ولابد أن يرتبط الانسان بشيخ بل وفى كتاب تربية الاولاد الذى آلفه الشيخ عبدالله علوان يقول لابد أن يربط الطفل بشيخ وهذا من آثار التصوف ، فعندما يريد أن يرتبط به ولابد أن يسير على نهجه وأن يقتدى به وأن يسلم له بالكلية كما عبر أبوحامد الغزالى وعبر غيره أن يكون عند الشيخ كالميت بين يدى الغافل لاتصرف له على الاطلاق ، ثم بعد ذلك تكون الخلوة ، والخلوة هى بعد ما يرتبط بالشيخ يدخله فى خلوة معينه ويلقنه الاذكار المعينة والخلوة هذه ينقطع الواحد منهم فيها عن المجتمع والجماعات وعن سائر العبادات ويردد الذكر المعين الخاص بالطريقة التى يلقنها إياه الشيخ ويستحضر فى قلبه أثناء الذكر وأثناء ترداده صورة الشيخ ويستمر على ذلك حتى يحصل له الفتح وبعضهم يأتيه فتحه كما يقولون فى أيام وبعضهم وفى أسابيع وبعضهم الى عشرين سنة أو أكثر وهو لم يفتح عليه ، يردد يردد ولم يفتح عليه فيقولون لم يفتح عليك لأن قلبك لم يتنقى أو ارتباطك بالشيخ ضعيف . الحاصل عندهم فلسفات طويلة وأمور كثيرة يعالجون بها هذا الامور ثم اذا حصل الفتح أو الكشف ينتقل الطالب أو المريد من مرحلة المجاهدات والرياضيات الى مرحلة يسمونها المشاهدات والكشوفات والتجليات فيحصل له الفتح بأن يُخاطب - يخاطبه رجل أديرى مناظر رهيبه جداً أو يرى أشياء تخاطبه وتكلمه وهذا الفتح يكون عبارة عن كرامة بالنسبة لهذا المريد فإذا اعطى هذه الكرامة كما يسمونها تكون خوارق حسية تكون اطلاع على المغيبات كما يعتقودن تكون بمخاطبة الله له مباشرة ، وبالمناسبة أذكر لكم أن هناك كتاب أسمه (المواقف والمخاطبات) لعبد الجبار النسرى عاش فى القرن الخامس وهو كتاب كبير أظنه أكثر من خمسمائة صفحة وهو ليس عندى الآن .

هذا الكتاب كله مخاطبات ومواقف مثل : ووقفت بين يدى الله الحق فقال لى : وخاطبنى الحق فقال لى وهذا من أئمتمهم ويستشهدون بما فى هذا الكتاب الذى حققه المستشرقون الذين هم دائماً وراء نشر ثراث الصوفية .

المهم ، تحصل له هذه المخاطبات أو هذه المكاشفات ثم ينتقل بعد ذلك من هذه الكرامات الى أنه قد يصير شيخاً ، يمكن أن يتحول الى شيخ يمكن يذكر طلب الشيخ الاول مختلف الأحوال .

المهم أن الدرجة الخامسة بعد الكرامات والكشوفات هى الشطحات وهو أنه أذا ذكر أو حضر مجلس الذكر أو حضر أمامه ناس تظهر على لسانه الكلمات الكفرية الشنيعة جداً ويسمونها (شطحات) ويعبرون بها عن عين الجمع كما يسمونه ومعنى عين الجمع اتحادهم بالله والعياذ بالله ! أو هالاستغراق أو سكرة الحب والوجد ، وما يلبسون به على الناس بأن هذه الكلمات الكفريات سببها هذا الكلام ، ثم أن من يبلغ به الحد الى الشطحات كما كان الحلاج وأمثاله كل كلامهم شطحات من هذه الكفريات يعتبرون أن هذا قد بلغ غاية الولاية عندما يمشي الحلاج فى الشارع مثلاُ ويدعى أنه هو الله ويقول أنا الحق ومافى الجبة الا الله ويسمعه الناس هو وأبو اليزيد وأمثالهم ، أقول : أن هذه الدرجة الولاية الكبرى ، هذا ليس كفراً كما يظن الناس الملبس عليه المحجوبون المغفلون ، هذا من عظم ولايتهم ترقوا فى مشاهدة الحق والغناء فيه والجمع معه والالتصاق به حتى أصبحوا بهذه الدرجة ، هذا الامر يجعلنا نستعرض بعض كلام أبى حامد الغزالى لان متقدم ولان كتبه مشهورة ولانه معروف عند الكثير .

يقول الغزالى فى الجزء الرابع من مجموعة رسائله صفحة (25) :

أول مبادى السالك أن يكثر الذكر بقلبه ولسانه بقوة حتى يسرى الذكر فى اعضائه وعروقه وينتقل الذكر الى قلبه – لعل الوقت يسمح وانقل لكم صورة مولد حصلت وحضرها أحد الكتاب الانجليز وسجلها ودونها لتشاهدوا قضية كيف أن الذكر يقوونهحتى يدخل فى الاعضاء ثم يحصل للانسان الاغماء يقول وحينئذ يسكت لسانه ويبقى قلبه ذاكراً الله الله باطلاً مع عدم رؤيته لذكره ، ثم يسكت قلبه ويبقى ملاحظاُ لمطلوبه مستغرقاً به معكوفاً عليه مشغوفاً اليه مشاهداً له وهذه درجة المشاهدة .

يذكر الله كما يزعمون حتى يصل مرحلة المشاهدة ، ولاتعجبوا من قوله يسكت عن الذكر باللسان ثم حتى عن الذكر بالقلب لان الغزالى يذكر فى الاحياء ، يقول لاينبغي للمريد فى أثناء الخلوة أن يشغل نفسه لابتفكير ولا بحديث يذكر ذلك عن الصوفية لا عن نفسه فقط .

انهم يقولون لاينبغى أن يشغل نفسه لا بتفكير ولا بحديث ولا بقرآن ولا بعلم فيتفرغ للذكر فقط الله الله أو هو هو باللسان والقلب والاعضاء ثم يترك اللسان الى القلب ثم يترك القلب فيصل الى المشاهدة ونتابع كلامه عن المشاهدة يقول : ثم يغيب عن نفسه لمشاهدته ثم يغنى عن كليته بكليته حتى كأنه فى حضرة . لمن الملك اليوم للواحد القهار ، فيحنئذ يتجلى الحق على قلبه يضطرب عند ذلك ويندهش يغلب عليه السكر وحالة الحضور والاجلال والتعظيم ، فلا يبقى فيه متسع لغير مطلوبه الاعظم كما قيل فلا حاجة لاهل الحضور الغير شهود عيانه وقيل فى قوله تعالى وشاهد ومشهود .

أنظروا الباطنية فى التفسير ، قيل فالشاهد هو الله والمشهود هو عكس جمال الحضرة الطلبية فهو الشاهد والمشهود يعنى الله تعالى .

ثم يقول عن كيفية السير الى الطريق أو كيف يبذل الجهد اليسير يقول هناك طرق وأنواع – الاول تقليل الغذاء بالتدرج فإن مدد الوجود والنفس والشيطان من الغذاء فإذا قل الغذاء قل سلطانه . وهذا هو الذى يستعمله سحرة الهند وينقلهم الى مرحلة المانخوليا ، أى إنسان يجوع لايام طويلة يهلوس ويهوس ويرى مثل هذه الاشياء لكنهم يعتقدون أنها كشوفات وتجليات ربانية والعياذ بالله .

الثانى : الاختيار ترك الاختيار وافنائه يعنى نفسه ونيس نفسه فى اختيار شيخ مأمون ليختار له مايصلحه فإنه أى المريد مثل الطفل والصبى الذى لم يبلغ مبلغ الرجال أو السفيه بذله وكل هؤلاء لابد لهم من وصى أو لى أو قاضِ أو سلطان يتولى أمره . المريد يكون بمثل هذه الحالة ولذلك قلت أن الانسان يخلع عقله ويخلع علمه ويخلق كل شئ عندما يريد أن يدخل الى عالم الصوفية يسلم كل شئ للشيخ ولايعترض عليه بأى شئ .

الطريق الثالث : يقول من الطرق طريقة الجنيد قدس الله روحه وهو خلال شرائط دوام الوضوء ودوام الصوم ودوام السكوت ودوام الخلوة ودوام الذكر وهو قول لا إله الا الله ودوام ربط القلب بالشيخ واستفادة علم الواقعات منه لفناء تصرفى فى تصرف الشيخ ودوام نفى الخواطر ودوام ترك الاعتراض على الله تعالى فى كل مايرد منه عليه ضراً كان أو نفعاً .

الجبرية المطلقة ، الاستكانة المطلقة ويقول الآن أصبحت منفعلاً لما تختاره منى ففعلى كله طاعات – يجلس جالس ومايتصرفه فيه الله فهو العقل وهو الطاعة كما قلنا هذا فى الخلوة وقد ترك الجمعة والجماعة والعبادات الى أن يقول :

وترك السؤال عنه من جنة أو تعوذ من نار بمعنى يحذر فى هذه الحالة أن يسأل الله الجنة أو يتعوذ به من النار ! لاحظتم هذا الربط فيما ذكره محمد علوى مالكى فى كلامه السابق وتقولاته السابقه وماذكرناه هناك من أنهم لايسألون الله الجنة ولايستعيذون به من النار ، يعتبرون أنهم لو سألوا الله الجنة فى تلك اللحظة والاستعاذة به من النار تفرق جمعيتهم يعنى تشتت قلبه ولايمكن أن يعود الا بأن يبدأ الخلوة من أولها ويبدأ الاذكار من أولها حتى يجتمع قلبه على المحبوب وحده فقط فلا ينظر الى جنة ولا الى نار ولا لأي شئ – والى هذا الحد هو مقام المشاهدة .

يحدثنا الغزالى يقول : أن الانسان عندما ينتقل من مقام المشاهدة الى مقام المكاشفة تظهر له الصور تبدأ الصور تظهر أمامه فيقول له كيف تفرق بين الصورة ؟ كيف تعرف حقائقها ؟ يقول استمراراً لكلامه فى صفحة (26) والفرق بين الوجودى والنفسى والشيطانى فى مقام المشاهدة أن الوجود شديد الظلمة فى الاول يعنى ترى شيئاً مظلماً جداً فإذا صفا تشكل أمامك بشكل الغيم الاسود ، فإذا كان هذا المتشكل عرش الشيطان كان احمر فاذا اصلح وفنيت الخطوط منه وبقى الحقوق وصفى وابيض مثل المزن هذا الوجود .

والنفس إذا بدت فلونها كلون السماء وهى الزرقة ولها لذعان كلذعان الماء من أصل اليبنوع فإذا كانت عرش الشيطان فكأنها عين من ظلمة ونار ويكون لزعها أقل فإن الشيطان لاخير فيه ويقول لابد أن تنسلخ من الوجود ومن الشيطان لان الوجود عرفنا انه يكون كالغيم الاسود طيب النفس ، وعن الوجود وترتيبه منها فإن صفت وتركت أفاضت عليه الخير ومانبت منه وان افاضت عليه الشر لكذلك ينبت منه الشر .

طيب هذا عرفنا مجهوده ولكن كيف نعرف الشيطان نريدها فى الخلوة فى حالة الانتقال من مقام المشاهدة الى مقام المكاشفة – كيف يرى هذا الشيطان ويصرفه يقول : الشيطان نار غير صافية ممتزجة بظلمات الكفر فى هيئة عظيمة وقد يتشكل أمامك كأنه زنجى طويل له هيبه يسعى كأنه يطلب الدخول فيك فإذا طلبت منه الانفكاك فقل فى قلبك ياغياث المستغيثين اغثنا فإنه يفر عنك – إنتهى كلام

الغزالى صفحة (27) من الجزء الرابع فى هذه المرحلة يعنى التخلص من النفس ومن الوجود ويلتحم بالوجود الكلى المطلق عندهم ومن الشيطان الذى يأتيه كما يقول فى صورة زنجى أسود طويل يريد أن يدخل فيه .

هذه المرحلة مقام المشاهدة يعرض للمريدين ويرون هذه الصور ويرون هذه الخيالات وماهى الا من خرافاتهم ولو أننا نملك وقتاً أطول لنقلنا كثيراً جداً من أمثال هذه الرؤى التى يرونها ليصلوا وينتقلوا من مقام المشاهدة الى مقام المكاشفة والتى بعدها يرون الرسول صلى الله عليه وسلم ويرون الله ويرون الحقائق كلها . لكن على كل حال من لم يمر بهذا الشئ فلايمكن أن يحصل له ذلك .

بقى موضوع الشطحات وهو عندما ينتقل الانسان الى مقام المكاشفة ويتعمق فى الكرامات والكشوفات يصل الى درجة الشطحات .

يقول الغزالى صفحة 19 من الجزء الثانى : العارفون بعد العروج الى سماء الحقيقة اتفقوا على أنهم لم يروا فى الوجود الا الواحد الحق يعنى الله فقط ليس فى الوجود الا هو – لكن منهم من كان له هذه الحالة عرفاناً علمياً ومنهم من صار له ذوقاً وحالاً وانتفت عنهم الكثرة بالكلية واستغرقوا بالفردانية المحضة واستهونت فيها عقولهم فصاروا كالمبهوتين فيه ولم يبق فيهم متسع لغير ذكر الله ولا ذكر أنفسهم أيضاً لم يبق عندهم الا الله فسكروا سكراً وقع دونه سلطان عقولهم ، فقال بعضهم أنا الحق (هلاس) وقال الآخر سبحانى ما أعظم شأنى ، وقال أخر مافى الجبة الا الله – وكلام العشاق فى حال السكر يطوى ولايحكى فلما خف عنهم سكرهم وردوا الى سلطان العقل الذى هو ميزان الله فى أرضه عرفوا أن ذلك لم يكن حقيقة الاتحاد بل يشبه الاتحاد – يعنى نحن نقرأ من بعض الصوفية يقول : أن الحلاج يستحق القتل – لماذا يقول أنه أباح بالسر قبل أن يصل الى الدرجة العليا ، الحلاج لم يصل الى الدرجة العليا بل رأى عوارض وبوارق كما يسمونها فقال أنا الحق فقتل أو يستحق القتل فى نظرهم لا لزندقته لا لدعوى انه هو الحق – لكن يقولون لانه لم يصل بعد ، صرح وباح بالسر ، قبل أن يصل بعد ، والغزالى يقول لم تحصل لهم حقيقة الاتحاد بل هذا يشبه الاتحاد ، ونتابع كلامه يقول مثل قول العاشق فى حال فرض العشق .

أنا من أهوى ومن أهـوى أنا

نحن روحان حللنا بـدناً

وهذا من نداءات الحلاج فلا يبعد أن يفجأ الانسان مرآة فينظر فيها ولم ير المرآة فط فيظن أن الصورة التى رآها فى المرآة هى صورة المرآة متحدة بها – يشبه رؤيتهم لله كإنسان ينظر فى مرآة فنسى المرآة وظن أن الصورة التى رآها أمامه وهى عين الشئ المرئي بينما هو فى الحقيقة مجرد مرآة – ويقول أن بعض العارفين لم يصل الى درجة الاتحاد ولكن يظن أنه وصل اليها إنما هى كالمرآة ، او من يرى الخمرة فى كأس من الزجاج فيظن أنه وصل اليها إنما هى كالمرآة ، أو من يرى الخمرة فى كآس من الزجاج فيظن أن الخمرة لون الزجاج وصار ذلك عنده مألوفاً ورسخ فيه قدمه واستقر فيه فقال :

رق الزجـاج فراقت الخمــر

وتشابها فتشاكل الامـر

فكأنمـا خمـر ولا قـــدح

وكأنما قدح ولاخمــر

طبعاً استشهاد الصوفية بأبيات الخمر والعشق والغزل والنهود والقدود والخدود هذا لايحتاج الى تنبيه لانه دائم عندهم يقول وفرق بين أن يقال الخمر قدح وبين أن يقال كأنه قدح – يعنى أيضاً فرق بين من يقول أنه رأى الله أو كأنه رأى الله وتجلى له – ويقول وهذه الحالة إذا غلبت سميت بالاضافة الى صاحب الحال (فناء) بل فناء الفناء لانه فنى عن نفسه وفنى عن فنائه فإنه ليس يشعر بنفسه فى تلك الحال ولايعد شعوره بنفسه ، ولو شعر بعدم شعوره بنفسه لكان قد شعر بنفسه وتسمى هذه الحاله بالاضافة الى المستغرق فيها بلسان المجاز (اتحاداً) وبلسان الحقيقة (توحيداً) هذا هو توحيد الصوفية .

توحيد الصوفية هو هذه الحالة حالة الاستغراق التى تسمى بالاضافة الى المستغرق فيها بلسان المجاز (اتحاداً) كما يقول الغزالى انه مجاز فقط وبلسان الحقيقة (توحيداً ) وليس مجازاص ووراء هذه الحقائق أسرار ولايجوز الخوض فيها .

يقول أبو حامد أيضاً مايزال هناك أسرار وأمور لايجوز الخوض فيها ولايجوز ذكرها – لانه لو ذكرها هو أو غيره ربما كان مصيره مصير الحلاج من القتل ومن الاعدام .

هذا عرض سريع لهذا الكاتب المتقدم الغزالى لدرجات أو أركان الطريق عند الصوفية إبتداءً من الشيخ والخلوة ثم المشاهدات ، ثم المكاشفات واخيراً الشطحات!! – بعد ذلك يصبح الانسان عندهم من رجال الغيب . ويتحكمون فى كل صغيرة وكبيرة كما سيأتى فى النماذج التى نذكرها عنهم أعظم رجال الغيب عندهم هو القطب الاعظم أو قطب الوجود أو الغوث الاعظم أو واحد الزمان ، أسماء متقاربة ، هناك حقيقة فلسفية ثابتة أو أكثر الباحثين المعاصرين ذكروها ونقلوها ، ومن قبلهم .

أن أصل فكرة القطب الاعظم عند الصوفية هى العقل المطلق عند افلاطون ، أفلاطون كما ذكر سيد قطب رحمه الله فى التصور الاسلامى فى فصل الواقعية نقلاً عن العقاد وقد سبق ذكرها فى صفحة (166) والعقاد ذكر ذلك فى أعقاب المفكرين . المهم أن افلاطون يقول أن الله كامل ولايصدر عنه الشر والعالم ناقص أو الشر فيه كثير ولايليق بالكامل أن يفكر فى الناقص ولايليق بالله أن يكون هذا الشر منه فلابد من تقرير واسطة بين الله والعالم تكون هى المتصرفة فى الكون وهى الفكرة فيه المشتغلة بأمره وتكون الشرور مصدر الشرور منها ، وتكون تفكيرها فى هذه الشرور وهى ليست هذه الشرور الى الله بزعمهم .

الصوفية أخذوا هذه الفكرة من أفلاطون ولاتستغربوا أننى اقول أخذوها من افلاطون بينما أقول أن أصل التصوف هندى ، ان البيرونى نفسه ذكرها ومعروفة أيضا فى تاريخ الفكر الاوربى .

اليونان لم يكونوا يملكون فكراً فلسلفياً والا لما كانوا يقتبسون من الهند والجنس الآرى يجمع الاوربيين بالهنود وجنس واحد ، ثم لما وجدت لهم فلسفاتهم أفلاطون وأرسطو وأمثالهم استغنوا ولفضلوا عن الهنود فى حين ان أرسطو وافلاطون يعتبرا متأخرين بينما فلاسفة الهنود الاف السنين قبل الميلاد .

والحاصل أن هذا العقل المطلق عند افلاطون سماه الصوفية (القطب الاعظم ) أو واحد الزمان أو الغوث الاكبر أو نحو ذلك ويقولون كما فى طبقات الشعرانى – يقول : لو لم يصبح واحد الزمان يتوجه فى أمر الخلائق من البشر لفاجأهم أمر الله عز وجل سهلاً .

يقول أن مهمة القطب هذا انه كان لو أمر الله يأتى مباشرة بأمر الله أن هذا يحيا

وهذا يموت ، وهكذا مباشرة لايتحمل السر فيهلكهم الامر فيفاجئهم به فسيهلكهم فيحتاج الله الله – والعياذ بالله – الى واسطة يتلقى الامر ثم هو ينفذه فى الكون وهو الغوث وهو واحد الزمان أو القطب الاعظم ، ويقولون لو أن المدد الحقيقى ورد فى هذا العالم من عارفين على السواء لسرى فى قلوب الاخرين ، المتلقين المدد – لسرى فى قلوبهم الشرك الخفى – يعنا لابد أن يكون القطب واحداً ولذلك فالرفاعى الذى قرأت لكم تعيينه قطباً يقول : حتى النبيين سلمو له والصديقين كلهم والابدال جميعاً والنجباء والنقباء كلهم سلموا له لانه لابد أن يكون واحداً لماذا قالوا لو كانوا اثنين ربما يدخل الناس فى الشرك .

سبحان الله ! كأن الصوفية يحاربون الشرك قالوا لابد أن يكون القطب الواسطة بين الله والخلق المتصرفى فى الاكوان واحد ، والعطيب ان كل طائفة من طوائف الصوفية تدعى القطبية العظمى لشيخها فقط دون من سواه ، وبذلك فرقوا الامة ومزقوها ، والغريب أن الرفاعى والقادرى كانا متعاصرين .

فإذا كان القطب واحداً فيهما كان المتصرف فى الكون نتركه لكلام الصوفية ولهؤلاء الخرافيين الذين يقولون نحن أهل السنة والجماعة ، نحن نفرق الامة عندما نقول : أتركوا هذه الخرافات لكن هم الذين يفرقونها فماذا يكون جوابهم عن وجود قطبين فى وقت واحد ؟ الله أعلم .

المهم أن بعضهم ايضاً يدعى أنه اعلى من درجة القطبية مثلاً :

أحمد الرفاعى مؤسسة الرفاعية يدعى ذلك فقد نقل عنه الشعرانى انه قال له أحد تلاميذه : ياسيدى أنت القطب ، فقال نزه شيخك عن القطبية . فقال أنت الغوث فقال : نزه شيخك عن الغوثية !! ويعلق الشعرانى على هذا قائلا: قلت وفى هذه دليل على أنه تعدى المقامات والاطوار لأن القطبية والغوثية مقام معلوم ومن كان مع الله وبالله فلا يعلم له مقام وان كان له فى كل مقام مقام والله أعلم .

يقول أن الصوفية متفقون على أنه ليس بعد القطبية الا الالوهية وفيما أعلم انه ليس هناك عندهم خلاف بهذا ، أعلم أن درجة القطب ليس هناك درجة أعلى وليس هناك مقام أعلى من مقام القطبية .

إذا فهذا يتفق مع دعواهم الاتحاد بالله سبحانه وتعالى أو حلول الله فيهم أو وحدة الوجود أى أنه ليس بعد درجة القطبية إلا أن يكون درجة الالوهية ليتحد بالله ،

فكأنه هو الله ، وليس هذا غريباً بعد أن سمعنا وعلمنا جميعاً ماصرحوا به من قولهم : أنا الله ومافى الجبة غير الله !

العبد رب والرب عبد فهذا كله جائز الموارد ,

بقى أن نتحدث عن بعض أعمال القطب الاعظم غير تصرفهم فى الكون وانقاذه الملهوفين واغاثتهم مما سيأتى ذكره فى الكرامات , هناك أمر خطير جداً وهو كما قلنا يتعلق بمنهج الصوفية فى التلقى الذى هو أصل موضوعنا هنا .

من أعمال القطب الاعظم التشريع وهو من أعظم أعماله ، يشرع لهم الاذكار والاوراد والادعية ثم يستعملونها وهى كما يزعمون ترفع المريدين الى الملا الاعلى ، توصله الى العرش ، للقوة الروحانية كافى الكتاب المطبوع (أوراد الرفاعية ) وأيضاً ( الاوراد الشاذلية ) كتب الاوراد تقرأ فيها أن لهذا الذكر قوة روحانية عظمى دافعة الى آخره ، هذه القوة الروحانية فى زعمهم تجعل الذاكر المريد يرى الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة بل تجعله يرى الله تعالى بزعمهم!! ونختار من هذه التشريعات قضيتين كانتا مما نوقشا وجعجع حولها الرفاعى وتعرض لها أصحابه أيضاً ، وهى قضية صلاة الفاتح ، والقضية الثانية قضية التوحيد والوحدة .

صلاة الفاتح ذكر نصها الرفاعى فى صفحة (67) من رده وهى اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق وناصر الحق بالحق والهادى الى صراصك المستقيم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه حق قدره ومقداره العظيم ، وأعرف ممن هداهم الله سبحانه وتعالى ممن كان فى جانبهم واحضرها لى ، وذكر لى أنه يقولها مرات وماذا يحصل نتيجة هذه القراءات وأيضاً هناك مصدر وثيق موجود وهو كتاب "التيجانية " فقد ذكر هذه الصلاة وتعرض لها .

والذى يهمنا هنا قضية القطب أو أنها من أعمال القطب قول الرفاعى :

أن هذه الصلاة نقلها القسطلانى – يقول هذه انفاس رحمانية وعوارف صمدانية كأنها من أنفاس الرحمن ومن عوارف الصمد سبحانه وتعالى . لقطب دائرة الوجود وبذ أساتذة الشهود تاج العارفين سيدنا وأستاذنا ومولانا الشيخ محمد بن الحسن البكرى الى آخره – يعنى مادام أن هذا القطب البكرى هو الذى وضعها

وهو الذى كتبها فهى أنفاس رحمانية وعوارف صمدانية ولايحق لاحد أن يعترض عليها على الاطلاق وأخذوه التيجانية مادامت على هذا القطب وعلى أى حال ماذا يقول عنها التيجانية :

يقول مؤلف التيجانية صفحة (116) قال مؤلف جواهر المعانى التيجانية :

ثم أمرنى بالرجوع صلى الله عليه وسلم الى صلاة الفاتح لما أغلق ، فلما أمرنى بالرجوع اليها سـألته صلى الله عليه وسلم عن فضلها فأخبرنى أولاً بأن المرة الواحدة منها تعادل من القرآن ستة مرات – يعنا الذى يقرأ هذه الصلاة مرة واحدة كأنه قرأ القرآن ست مرات - ! أو رأيتم ولاحظتم من الذى يزدرى بكتاب الله ويحتقره وبالتالى يحتقر رسول الله ويكرهه ولايحبه . ثم اخبرنى ثانيا أن المرة الواحدة منها تعادل كل تسبيح وقع فى الكون ومن كل ذكرٍ ومن كل دعاء كير أو صغير ومن القرآن ستة الاف مرة لانه من الاذكار أى القرآن .

ثم يذكر أيضاً فى صفحة (117) أنهم يعتقدون أنها من كلام الله وفى ذلك يقول مؤلف الرماح ان من شروط هذه الصلاة أن يعتقد انهم من كلام الله وهاشم الرفاعى نفسه فى رده ينقل انها أنفاس رحمانيه من أنفاس الرحمن نسبة للرحمن .

إذا هذا يؤيد ماقلناه من أن القطب عندهم له درجة الالوهية حتى أنه يشرع هذه الاشياء ويقول أنها من الله وأن على الذاكر أن يعتقد أنه من كلام الله ، ويقول أيضاً "مؤلف التيجانية" وقال مؤلف "بغية المستفيد" مع اعتقاد المصلى أنها ليست من تأليف البكرى ولا غيره وأنها وردت من الحضرة القدسية مكتوبة بقلم القدرة فى صحيفة نورانية .

هذه هى صلاة الفاتح وهذه قيمتها عندهم داعية من كلام الله عند الصوفية ولها هذه المنزلة .

وفى صفحة (110) من الذخائر يذكر محمد علوى مالكى هذه الصلاة ويشرحها . أنظروا كيف ! هذا رفاعى وهذا تيجانى وأظن أن المالكى طريقته الطريقه الحسينية العربية لدين الله فى مصر .

المهم الطرق تختلف لكنهم يتفقون على هذه الصلاة التى يقولون أن من ذكرها ، من قرأ بها أفضل من القرآن ستة الاف مرة ، أنظروا بعد ذلك أى كفر وأى شرك فوق هذا ، أقول هذا فيما يتعلق بقضية صلاة الفاتح القضية الاخرى التى من تشريعات الاقطاب أو من كلام الاقطاب قضية